الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المحكم والمتشابه»
عدد انگلیسی
(أنشأ الصفحة ب'{{قيد الإنشاء|user=A.yasin|date=٣١ يوليو ٢٠٢٣}} {{التفسير}} '''المحكم والمتشابه''' هما اصطلاحان من اصطلاحات علوم القرآن، بناءً على ما ذُكر في الآية السابعة من سورة آل عمران التي قسّمت آيات القرآن إلى قسمين: محكم ومتشابه. فالمحكم يُطلق على النوع من الآيات ا...') |
(عدد انگلیسی) |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{قيد الإنشاء|user=A.yasin|date= | {{قيد الإنشاء|user=A.yasin|date=31 يوليو 2023}} | ||
{{التفسير}} | {{التفسير}} | ||
'''المحكم والمتشابه''' هما اصطلاحان من اصطلاحات [[علوم القرآن]]، بناءً على ما ذُكر في الآية السابعة من [[سورة آل عمران]] التي قسّمت [[آية (قرآن)|آيات القرآن]] إلى قسمين: محكم ومتشابه. فالمحكم يُطلق على النوع من الآيات التي تعكس معناها بوضوح، لدرجة أنها لا تحتمل معنًى آخر. أما المتشابه فهو الآيات التي يحتمل ظاهر لفظها عدة معانٍ مختلفة. ويعتقد بعض [[أهل السنة والجماعة|أهل السنّة]] أنّ المتشابه ممّا استأثر [[الله]] بعلمه، بينما يعتقد أكثر [[التشيع|الشيعة]] أنّ الآيات المتشابهة يمكن فهمها من خلال إرجاعها وعرضها على الآيات المحكمة. وقد ذُكرت أسباب وعلل مختلفة لوجود الآيات المتشابهة في القرآن. | '''المحكم والمتشابه''' هما اصطلاحان من اصطلاحات [[علوم القرآن]]، بناءً على ما ذُكر في الآية السابعة من [[سورة آل عمران]] التي قسّمت [[آية (قرآن)|آيات القرآن]] إلى قسمين: محكم ومتشابه. فالمحكم يُطلق على النوع من الآيات التي تعكس معناها بوضوح، لدرجة أنها لا تحتمل معنًى آخر. أما المتشابه فهو الآيات التي يحتمل ظاهر لفظها عدة معانٍ مختلفة. ويعتقد بعض [[أهل السنة والجماعة|أهل السنّة]] أنّ المتشابه ممّا استأثر [[الله]] بعلمه، بينما يعتقد أكثر [[التشيع|الشيعة]] أنّ الآيات المتشابهة يمكن فهمها من خلال إرجاعها وعرضها على الآيات المحكمة. وقد ذُكرت أسباب وعلل مختلفة لوجود الآيات المتشابهة في القرآن. | ||
سطر ٦: | سطر ٦: | ||
يقول [[تفسير القرآن الكريم|المفسّر]] الشيعي [[ناصر مكارم الشيرازي]] في توضيح المحكم والمتشابه أنّ المراد من "آياتٌ مُحكَماتٌ" هو الآيات التي يكون مفهومها واضحاً لدرجةٍ لا يبقى مجال معها للبحث والنقاش فيها،<ref>مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص396.</ref> وأنّ المراد من متشابهات القرآن هو الآيات التي بالنظرة الأولية إليها تكون معقّدة وتحمل عدّة معانٍ ممكنة في البداية، غير أنّها بالالتفات إلى الآيات المحكمة تكون واضحة المعنى.<ref>مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص397.</ref> وعليه فإنّ من غير المتيسّر فهم [[القرآن الكريم|القرآن]] للجميع، بل يجب الرجوع إلى أهل الخبرة والمتخصصين لتوضيح وبيان المحكمات والمتشابهات.<ref>مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص405.</ref> | يقول [[تفسير القرآن الكريم|المفسّر]] الشيعي [[ناصر مكارم الشيرازي]] في توضيح المحكم والمتشابه أنّ المراد من "آياتٌ مُحكَماتٌ" هو الآيات التي يكون مفهومها واضحاً لدرجةٍ لا يبقى مجال معها للبحث والنقاش فيها،<ref>مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص396.</ref> وأنّ المراد من متشابهات القرآن هو الآيات التي بالنظرة الأولية إليها تكون معقّدة وتحمل عدّة معانٍ ممكنة في البداية، غير أنّها بالالتفات إلى الآيات المحكمة تكون واضحة المعنى.<ref>مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص397.</ref> وعليه فإنّ من غير المتيسّر فهم [[القرآن الكريم|القرآن]] للجميع، بل يجب الرجوع إلى أهل الخبرة والمتخصصين لتوضيح وبيان المحكمات والمتشابهات.<ref>مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص405.</ref> | ||
'''وتوجد آراء أخرى حول المعنى الاصطلاحي للمحكم منها:'''<ref>الزركشي، البرهان في علوم القرآن، دارالمعرفة، | '''وتوجد آراء أخرى حول المعنى الاصطلاحي للمحكم منها:'''<ref>الزركشي، البرهان في علوم القرآن، دارالمعرفة، ج2، ص79.</ref> | ||
* أنّ الآيات المحكمة هي الآيات التي تبيّن [[الحلال]] و<nowiki/>[[الحرام]] و<nowiki/>[[الأوامر والنواهي]]. | * أنّ الآيات المحكمة هي الآيات التي تبيّن [[الحلال]] و<nowiki/>[[الحرام]] و<nowiki/>[[الأوامر والنواهي]]. | ||
* أنّ الآيات المحكمة هي الآيات التي لم تتعرّض [[الناسخ والمنسوخ|للنسخ]]، في حين أنّ الآيات المتشابهة هي تلك التي نُسخت. | * أنّ الآيات المحكمة هي الآيات التي لم تتعرّض [[الناسخ والمنسوخ|للنسخ]]، في حين أنّ الآيات المتشابهة هي تلك التي نُسخت. | ||
* المحكم هو الأمر الذي يترتّب عليه [[الثواب|ثواب]] أو [[العقاب|عقاب]]. | * المحكم هو الأمر الذي يترتّب عليه [[الثواب|ثواب]] أو [[العقاب|عقاب]]. | ||
* المحكمات هي الآيات التي لم تتكرر ألفاظها. | * المحكمات هي الآيات التي لم تتكرر ألفاظها. | ||
'''وفي المعنى الاصطلاحي للمتشابه كذلك أقوال أخرى منها:'''<ref>الزرکشي، البرهان في علوم القرآن، دارالمعرفة، | '''وفي المعنى الاصطلاحي للمتشابه كذلك أقوال أخرى منها:'''<ref>الزرکشي، البرهان في علوم القرآن، دارالمعرفة، ج2، ص80.</ref> | ||
* المتشابه هو [[القصص والأمثال]]. | * المتشابه هو [[القصص والأمثال]]. | ||
* المتشابه هو ما نؤمن بمعناه [[الظاهر|الظاهري]]، ونترك معناه الحقيقي لله سبحانه. | * المتشابه هو ما نؤمن بمعناه [[الظاهر|الظاهري]]، ونترك معناه الحقيقي لله سبحانه. | ||
سطر ٢٢: | سطر ٢٢: | ||
بما أنّ الآيات المتشابهة يمكن أن تكون سبباً للفهم المغلوط للقرآن، فيُطرح هذا السؤال: ما هي علة وسبب وجود المتشابه في القرآن؟ وللإجابة عن هذا السؤال طُرحت نظريات وآراء متعددة منها:<br> | بما أنّ الآيات المتشابهة يمكن أن تكون سبباً للفهم المغلوط للقرآن، فيُطرح هذا السؤال: ما هي علة وسبب وجود المتشابه في القرآن؟ وللإجابة عن هذا السؤال طُرحت نظريات وآراء متعددة منها:<br> | ||
يعتقد بعض [[الكلام الإسلامي|المتكلمين]] أنّ وجود المتشابهات يشكل أرضية لمعرفة أدقّ وأعمق للقرآن، فعندما يتحسّس القارئ وجود التشابه بين المطالب؛ يضطر إلى إعمال العقل والرجوع إلى العلماء وأهل الخبرة في الأمر.<ref>القاضي عبد الجبار: المغني، | يعتقد بعض [[الكلام الإسلامي|المتكلمين]] أنّ وجود المتشابهات يشكل أرضية لمعرفة أدقّ وأعمق للقرآن، فعندما يتحسّس القارئ وجود التشابه بين المطالب؛ يضطر إلى إعمال العقل والرجوع إلى العلماء وأهل الخبرة في الأمر.<ref>القاضي عبد الجبار: المغني، ج16، ص371 و 372.</ref> | ||
<br> | <br> | ||
ويعتقد بعض [[العرفاء]] أنّه بما أنّ مراتب ودرجات وأحوال السالكين إلى الله مختلفة، فإنّ البعض قد هجر [[مقام الطبع]] ووصل إلى [[مقام النفس]]، والبعض ارتقوا عن مقام النفس إلى [[مرتبة العقل]] وأمثالها، وكذلك الآيات القرآنية قد نزلت متناسبة مع درجات معرفة العباد ومراحلهم السلوكية.<ref>نقلاً عن آشتياني: متشابهات القرآن، | ويعتقد بعض [[العرفاء]] أنّه بما أنّ مراتب ودرجات وأحوال السالكين إلى الله مختلفة، فإنّ البعض قد هجر [[مقام الطبع]] ووصل إلى [[مقام النفس]]، والبعض ارتقوا عن مقام النفس إلى [[مرتبة العقل]] وأمثالها، وكذلك الآيات القرآنية قد نزلت متناسبة مع درجات معرفة العباد ومراحلهم السلوكية.<ref>نقلاً عن آشتياني: متشابهات القرآن، ص160 ـ 161.</ref> | ||
<br> | <br> | ||
وقال بعض [[الفلسفة الإسلامية|الفلاسفة]] أنّ العلة هي وجود بعض المخاطبين بالقرآن من الناس ممّن هم عاجزون عن إدراك العوالم غير المادية، فتأتي في البداية آيات تنسب لله تعالى أعراضاً وصفاتٍ جسمانيّة، وتتناسب مع عالم الوهم والمخيّلة البشرية، ولكن يأتي بجانبها آيات بعنوان المحكمات، تبيّن حقيقة الأمر، وفي هذه الحالة ينتقل عوامّ الناس بالتدريج من إدراك هذا الموجود بتلك الصفات الأوّلية نحو موجود مجرّد وكامل ومُبرّأ من الصفات الإمكانية.<ref>نقلاً عن آشتياني: متشابهات القرآن، ص145.</ref> | وقال بعض [[الفلسفة الإسلامية|الفلاسفة]] أنّ العلة هي وجود بعض المخاطبين بالقرآن من الناس ممّن هم عاجزون عن إدراك العوالم غير المادية، فتأتي في البداية آيات تنسب لله تعالى أعراضاً وصفاتٍ جسمانيّة، وتتناسب مع عالم الوهم والمخيّلة البشرية، ولكن يأتي بجانبها آيات بعنوان المحكمات، تبيّن حقيقة الأمر، وفي هذه الحالة ينتقل عوامّ الناس بالتدريج من إدراك هذا الموجود بتلك الصفات الأوّلية نحو موجود مجرّد وكامل ومُبرّأ من الصفات الإمكانية.<ref>نقلاً عن آشتياني: متشابهات القرآن، ص145.</ref> | ||
<br> | <br> | ||
ويعتبر [[محمد هادي معرفة]] أنّ أقوى دليل على ضرورة وجود المتشابهات في القرآن هو عجز الألفاظ والكلمات عن الإيصال الدقيق للمفاهيم، ومن هنا فلا بدّ من استعمال أنواع [[المجاز]] و<nowiki/>[[الاستعارة]] و<nowiki/>[[الكناية]] والإشارات الدقيقة وأمثال ذلك، وهذا الذي يؤدي إلى تقريب المفاهيم إلى أذهان عوامّ الناس من جهة، وإبعادها من جهة أخرى. فالقرب من الذهن يكون بسبب الأنس بالألفاظ ووضع المفاهيم القرآنية ضمن القوالب اللفظية، والابتعاد عن الذهن يكون بسبب علوّ المطالب المتضمّنة والمخفيّة في هذه التعابير.<ref>معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، | ويعتبر [[محمد هادي معرفة]] أنّ أقوى دليل على ضرورة وجود المتشابهات في القرآن هو عجز الألفاظ والكلمات عن الإيصال الدقيق للمفاهيم، ومن هنا فلا بدّ من استعمال أنواع [[المجاز]] و<nowiki/>[[الاستعارة]] و<nowiki/>[[الكناية]] والإشارات الدقيقة وأمثال ذلك، وهذا الذي يؤدي إلى تقريب المفاهيم إلى أذهان عوامّ الناس من جهة، وإبعادها من جهة أخرى. فالقرب من الذهن يكون بسبب الأنس بالألفاظ ووضع المفاهيم القرآنية ضمن القوالب اللفظية، والابتعاد عن الذهن يكون بسبب علوّ المطالب المتضمّنة والمخفيّة في هذه التعابير.<ref>معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، ج3، ص21.</ref> | ||
== أساليب تفسير الآيات المتشابهة == | == أساليب تفسير الآيات المتشابهة == | ||
تنوعت طرق وأساليب تعامل [[تفسير القرآن الكريم|المفسرين]] مع الآيات المتشابهة، وعدّها [[الملا صدرا]] في كتابه "متشابهات القرآن" أربعة أساليب تفسيرية رائجة وهي:<ref>الملا صدرا: متشابهات القرآن، | تنوعت طرق وأساليب تعامل [[تفسير القرآن الكريم|المفسرين]] مع الآيات المتشابهة، وعدّها [[الملا صدرا]] في كتابه "متشابهات القرآن" أربعة أساليب تفسيرية رائجة وهي:<ref>الملا صدرا: متشابهات القرآن، ص76، 77، 79، 90 و 91.</ref> | ||
* طريقة [[النحو|النحويّين]] و<nowiki/>[[أصحاب الحديث|أهل الحديث]] و<nowiki/>[[الحنابلة]]: ويعتقد هذا الفريق أنّ الألفاظ المتشابهة يجب حملها على ظاهرها، ولا يجوز ترك المعنى الظاهر للفظ وإن خالف العقل والقواعد العقلية. وبحسب هذه الرؤية فإنّ أي نوع من [[التأويل]] غير مقبول. | * طريقة [[النحو|النحويّين]] و<nowiki/>[[أصحاب الحديث|أهل الحديث]] و<nowiki/>[[الحنابلة]]: ويعتقد هذا الفريق أنّ الألفاظ المتشابهة يجب حملها على ظاهرها، ولا يجوز ترك المعنى الظاهر للفظ وإن خالف العقل والقواعد العقلية. وبحسب هذه الرؤية فإنّ أي نوع من [[التأويل]] غير مقبول. | ||
* طريقة محقّقي وأكثر [[الكلام الإسلامي|متكلمّي]] [[المعتزلة]]: ويؤوّل هذا الفريق ألفاظ المتشابهات، ويحملونها على المعاني المتوافقة مع قواعد العقل، ومبناهم في ذلك تنزيه الله تعالى عن صفات الممكنات وعن أيّ نقص. | * طريقة محقّقي وأكثر [[الكلام الإسلامي|متكلمّي]] [[المعتزلة]]: ويؤوّل هذا الفريق ألفاظ المتشابهات، ويحملونها على المعاني المتوافقة مع قواعد العقل، ومبناهم في ذلك تنزيه الله تعالى عن صفات الممكنات وعن أيّ نقص. | ||
سطر ٣٧: | سطر ٣٧: | ||
* طريقة [[الراسخون في العلم|الراسخين في العلم]]: ويوضح الملا صدرا هذا المسلك بأنّ الراسخين هم الذين يدركون المراد الواقعي من المتشابهات عن طريق [[الكشف]] و[[الشهود]] و[[الإشراق|إشراق الباطن]]، وهم من خلال ذلك آمنون من التشبيه المحض والتنزيه الصرف ومن الخلط فيما بينهما، فيمكن كشف معاني المتشابهات عن طريق نورانيّة الباطن ونور [[النبوة|النبوّة]]، فلا ينساق الإنسان وراء الظواهر والتشبيه و[[تعطيل الصفات|التعطيل]]، ولا يقع كذلك في فخ التأويل. | * طريقة [[الراسخون في العلم|الراسخين في العلم]]: ويوضح الملا صدرا هذا المسلك بأنّ الراسخين هم الذين يدركون المراد الواقعي من المتشابهات عن طريق [[الكشف]] و[[الشهود]] و[[الإشراق|إشراق الباطن]]، وهم من خلال ذلك آمنون من التشبيه المحض والتنزيه الصرف ومن الخلط فيما بينهما، فيمكن كشف معاني المتشابهات عن طريق نورانيّة الباطن ونور [[النبوة|النبوّة]]، فلا ينساق الإنسان وراء الظواهر والتشبيه و[[تعطيل الصفات|التعطيل]]، ولا يقع كذلك في فخ التأويل. | ||
=== طريقة أهل البيت في تفسير المتشابهات === | === طريقة أهل البيت في تفسير المتشابهات === | ||
نُقل عن [[الإمام الرضا]] في كتاب "[[عيون أخبار الرضا عليه السلام (كتاب)|عيون أخبار الرضا]]" قوله "مَن رَدَّ مُتَشابِهَ القرآنِ إلى مُحكَمِهِ هُدِيَ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ" ثم قال {{اختصار/ع}} "إِنَّ فِي أَخْبَارِنَا مُتَشَابَهاً كَمُتَشَابَهِ الْقُرْآنِ وَمُحْكَماً كَمُحْكَمِ الْقُرْآنِ فَرُدُّوا مُتَشَابَهَهَا إِلَى مُحْكَمِهَا وَلَا تَتَّبِعُوا مُتَشَابَهَهَا دُونَ مُحْكَمِهَا فَتَضِلُّوا ".<ref>صدوق، عیون اخبار الرضا، نشر جهان، | نُقل عن [[الإمام الرضا]] في كتاب "[[عيون أخبار الرضا عليه السلام (كتاب)|عيون أخبار الرضا]]" قوله "مَن رَدَّ مُتَشابِهَ القرآنِ إلى مُحكَمِهِ هُدِيَ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ" ثم قال {{اختصار/ع}} "إِنَّ فِي أَخْبَارِنَا مُتَشَابَهاً كَمُتَشَابَهِ الْقُرْآنِ وَمُحْكَماً كَمُحْكَمِ الْقُرْآنِ فَرُدُّوا مُتَشَابَهَهَا إِلَى مُحْكَمِهَا وَلَا تَتَّبِعُوا مُتَشَابَهَهَا دُونَ مُحْكَمِهَا فَتَضِلُّوا ".<ref>صدوق، عیون اخبار الرضا، نشر جهان، ج1، ص290.</ref> فالملاحظ في كلامهم {{اختصار/عليهم}} أنّ معاني كلّ القرآن بما فيه الآيات المتشابهة قابلة للنيل والإدراك، ولكن ينبغي للمتشابهات أن تُفسّر في ظل المحكمات، بخلاف ما يعتقده أصحاب بعض المذاهب الأخرى حين خصّوا الله سبحانه بعلم المتشابه، فلا يوجد في فكر [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] توقّف أمام المتشابهات.<ref>[http://www.maarefquran.org/index.php/page,viewArticle/LinkID,5261/Pattern,%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85 قرآن در آینه پژوهش، مقاله محکم و متشابه]، البوابة الشاملة للعلوم والمعارف القرآنية.</ref> | ||
ويرى [[السيد محمد حسين الطباطبائي|العلامة الطباطبائي]] أنّ معنى كون المحكمات أمّ الكتاب هو أنّ في لفظ الأم معنًى بالرجوع الذي فيه انتشاء واشتقاق وتبعّض كما في الأمّ وابنها، فلازم اللفظ أنّ المتشابهات تحمل دلالات ترجع وتتفرّع على المحكمات، وبالتالي يلزم كون المحكمات مبيّنات للمتشابهات.<ref>الطباطبائي، محمد حسين، المیزان في تفسير القرآن، | ويرى [[السيد محمد حسين الطباطبائي|العلامة الطباطبائي]] أنّ معنى كون المحكمات أمّ الكتاب هو أنّ في لفظ الأم معنًى بالرجوع الذي فيه انتشاء واشتقاق وتبعّض كما في الأمّ وابنها، فلازم اللفظ أنّ المتشابهات تحمل دلالات ترجع وتتفرّع على المحكمات، وبالتالي يلزم كون المحكمات مبيّنات للمتشابهات.<ref>الطباطبائي، محمد حسين، المیزان في تفسير القرآن، ج3، ص43.</ref> | ||
== الراسخون في العلم == | == الراسخون في العلم == | ||
أحد المباحث التي طرحها الباحثون في [[علوم القرآن]] في مسألة المحكم والمتشابه هي الآية 7 من [[سورة آل عمران]] {{قرآن|هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}}، حيث إن كانت جملة "والراسخون في العلم" في الآية معطوفة على قوله تعالى "وما يعلم تأويله إلا الله" سيكون الراسخون في العلم مطّلعين على تأويل المتشابهات، وأمّا إن كانت جملةً استئنافيةً غير معطوفة على ما قبلها؛ فسيكون الراسخون غير عالمين بالمتشابهات، وإنّما محض مؤمنين بها ويقولون "آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا".<br> | أحد المباحث التي طرحها الباحثون في [[علوم القرآن]] في مسألة المحكم والمتشابه هي الآية 7 من [[سورة آل عمران]] {{قرآن|هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}}، حيث إن كانت جملة "والراسخون في العلم" في الآية معطوفة على قوله تعالى "وما يعلم تأويله إلا الله" سيكون الراسخون في العلم مطّلعين على تأويل المتشابهات، وأمّا إن كانت جملةً استئنافيةً غير معطوفة على ما قبلها؛ فسيكون الراسخون غير عالمين بالمتشابهات، وإنّما محض مؤمنين بها ويقولون "آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا".<br> | ||
أكثر علماء [[أهل السنة والجماعة|السنّة]] على أنّ المتشابه لا يعلمه إلا الله، ولا بدّ من التوقف عند المتشابه، والراسخون في العلم ينتهي علمهم بالتأويل إلى هذا الحد الذي يقولون فيه "آمنا به".<ref>صبحي صالح، مباحث في علوم القرآن، | أكثر علماء [[أهل السنة والجماعة|السنّة]] على أنّ المتشابه لا يعلمه إلا الله، ولا بدّ من التوقف عند المتشابه، والراسخون في العلم ينتهي علمهم بالتأويل إلى هذا الحد الذي يقولون فيه "آمنا به".<ref>صبحي صالح، مباحث في علوم القرآن، ص282.</ref><br> | ||
وأمّا أكثر علماء [[التشيع|الشيعة]] وبعض علماء السنة{{ملاحظة|مثل مجاهد (ت | وأمّا أكثر علماء [[التشيع|الشيعة]] وبعض علماء السنة{{ملاحظة|مثل مجاهد (ت 103) (قطان، مناع، مباحث في علوم القرآن، ص217) وأبي الحسن الأشعري (ت 360)، وأبي إسحاق الشيرازي (ت 476) و إمام الحرمين الجويني (ت 478). وفي القرون الأخيرة تقبل العديد من علماء أهل السنة هذا الرأي، (صبحي صالح، مباحث في علوم القرآن، ص282).}} فقد اعتبروا أنّ "الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ" معطوفة على "الله" في الآية، وأنهم يعلمون تأويل المتشابهات، واستدلّوا على ذلك بأنّهم إن كانوا كسائر الناس لا يعلمون المتشابهات فلماذا إذاً أثنى عليهم [[القرآن الكريم|القرآن]].<br> | ||
[[السيد محمد حسين الطباطبائي|العلامة الطباطبائي]] اعتبر الواو هنا للاستئناف، وقال بأنّ الآية قد قسّمت الناس إلى قسمين، قسم منهما هم الذين في قلوبهم زيغ وانحراف، ويتّبعون المتشابه لإثارة الفتنة، وقسم هم الراسخون في العلم الذين يسلّمون أمام [[آية (قرآن)|الآيات]] المتشابهة ويؤمنون بها، ولكن حتى وإن كانت هذه الآية لا تدلّ على علمهم بالمتشابه، فلا دليل فيها على نفي ذلك، ويمكن إثبات ذلك من آيات أخرى.<ref>الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، | [[السيد محمد حسين الطباطبائي|العلامة الطباطبائي]] اعتبر الواو هنا للاستئناف، وقال بأنّ الآية قد قسّمت الناس إلى قسمين، قسم منهما هم الذين في قلوبهم زيغ وانحراف، ويتّبعون المتشابه لإثارة الفتنة، وقسم هم الراسخون في العلم الذين يسلّمون أمام [[آية (قرآن)|الآيات]] المتشابهة ويؤمنون بها، ولكن حتى وإن كانت هذه الآية لا تدلّ على علمهم بالمتشابه، فلا دليل فيها على نفي ذلك، ويمكن إثبات ذلك من آيات أخرى.<ref>الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص27-28.</ref> | ||
ويرى [[التشيع|الشيعة]] اعتماداً على بعض [[الحديث|الأحاديث]] أنّ المقصود من الراسخين في العلم هم [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] {{اختصار/عليهم}} .<ref>البحراني، هاشم، تفسير البرهان، | ويرى [[التشيع|الشيعة]] اعتماداً على بعض [[الحديث|الأحاديث]] أنّ المقصود من الراسخين في العلم هم [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] {{اختصار/عليهم}} .<ref>البحراني، هاشم، تفسير البرهان، ج1، ص597-599.</ref> | ||
==الهوامش== | ==الهوامش== | ||
سطر ٦٥: | سطر ٦٥: | ||
* الشيخ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا، نشر جهان، د.ت. | * الشيخ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا، نشر جهان، د.ت. | ||
* القاضي عبد الجبار: المغني في أبواب التوحيد و العدل، الجمهورية العربية المتحدة، وزارة الثقافة، د.ت. | * القاضي عبد الجبار: المغني في أبواب التوحيد و العدل، الجمهورية العربية المتحدة، وزارة الثقافة، د.ت. | ||
* القطان، مناع، مباحث في علوم القرآن، مؤسسة الرسالة، بیروت | * القطان، مناع، مباحث في علوم القرآن، مؤسسة الرسالة، بیروت 1421هـ. | ||
* الملا صدرا: متشابهات القرآن، تصحيح الآشتياني، مشهد، جامعة فردوسي، د.ت. | * الملا صدرا: متشابهات القرآن، تصحيح الآشتياني، مشهد، جامعة فردوسي، د.ت. | ||
* صبحي صالح، مباحث في علوم القرآن، دار الشريف الرضي، قم | * صبحي صالح، مباحث في علوم القرآن، دار الشريف الرضي، قم 1372ش. | ||
* قرآن در آینه پژوهش، مقالة محکم و متشابه، البوابة الشاملة للعلوم والمعارف القرآنية. | * قرآن در آینه پژوهش، مقالة محکم و متشابه، البوابة الشاملة للعلوم والمعارف القرآنية. | ||
* مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب( ع)، قم، الطبعة الأولى، 1379 هـ ش. | * مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب( ع)، قم، الطبعة الأولى، 1379 هـ ش. | ||
{{القرآن الكريم}} | {{القرآن الكريم}} |