انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التوحيد (كتاب)»

أُضيف ١٬٢٦٥ بايت ،  ٢٠ أبريل ٢٠٢٣
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Foad
imported>Ahmadnazem
لا ملخص تعديل
سطر ٢٦: سطر ٢٦:
'''كتاب التوحيد'''، كتاب [[الحديث|حديثي]] في عقائد [[الشيعة]]، من تأليف [[الشيخ الصدوق]] من أشهر المحدثين الشيعة في القرن الرابع [[الهجري]]، والموضوع الرئيس للكتاب هو [[التوحيد]] من وجهة نظر الشيعة، وقد تم طرح جملة من المسائل فيه، منها: مسألة [[الصفات الثبوتية]]، والسلبية، والذاتية، والفعلية، وبيان نسبة هذه الصفات مع الذات الإلهية، وكذلك مسألة [[الحدوث والقدم]]، و<nowiki/>[[القضاء والقدر]]، و<nowiki/>[[الجبر والتفويض]].
'''كتاب التوحيد'''، كتاب [[الحديث|حديثي]] في عقائد [[الشيعة]]، من تأليف [[الشيخ الصدوق]] من أشهر المحدثين الشيعة في القرن الرابع [[الهجري]]، والموضوع الرئيس للكتاب هو [[التوحيد]] من وجهة نظر الشيعة، وقد تم طرح جملة من المسائل فيه، منها: مسألة [[الصفات الثبوتية]]، والسلبية، والذاتية، والفعلية، وبيان نسبة هذه الصفات مع الذات الإلهية، وكذلك مسألة [[الحدوث والقدم]]، و<nowiki/>[[القضاء والقدر]]، و<nowiki/>[[الجبر والتفويض]].


وذكر الصدوق أنّ دافعه من تأليف هذا الكتاب هو الردّ على الاتهامات التي تمسك بها مخالفو الشيعة فيما يخص المعتقدات الشيعية. ويعدّ كتاب التوحيد من أكثر المصادر الحديثية الشيعية اعتباراً، وقد اهتم به علماء الشيعة واستندوا برواياته في المصادر اللاحقة.
وذكر الصدوق أنّ دافعه من تأليف هذا الكتاب هو الردّ على الاتهامات التي تمسك بها مخالفو الشيعة فيما يخص المعتقدات الشيعية. ويعدّ كتاب التوحيد من أكثر المصادر [[الحديثية]] الشيعية اعتباراً، وقد اهتم به علماء الشيعة واستندوا برواياته في المصادر اللاحقة.


== المؤلف ==
== المؤلف ==
سطر ٣٦: سطر ٣٦:
==دافع التأليف==
==دافع التأليف==
ذكر [[الشيخ الصدوق]] في مطلع كتابه: «إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا: أني وجدت قوماً من المخالفين لنا ينسبون إلى عصابتنا (الشيعة) القول ب[[التشبيه]] و<nowiki/>[[الجبر]].<ref>الصدوق، التوحيد، ص17.</ref>
ذكر [[الشيخ الصدوق]] في مطلع كتابه: «إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا: أني وجدت قوماً من المخالفين لنا ينسبون إلى عصابتنا (الشيعة) القول ب[[التشبيه]] و<nowiki/>[[الجبر]].<ref>الصدوق، التوحيد، ص17.</ref>
وكان أحد أسباب هذا الاتهام هو أنّ [[الغلات|الغُلات]] وضعوا أحاديث تدلّ على الجبر والتشبيه.<ref>صدوق، 1357ش، ص 364، حديث عن الإمام الرضا (ع).</ref> وهذه التهمة للشيعة جاءت عن طريق [[المعتزلة]]، كما أورد ذلك الخياط في كتابه الانتصار عدّة مرات.<ref>خياط، الانتصار،‌ ص 13، 104ـ 105.</ref>
وكان أحد أسباب هذا الاتهام هو أنّ [[الغلات|الغُلات]] وضعوا أحاديث تدلّ على الجبر والتشبيه.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 364، حديث عن الإمام الرضا (ع).</ref> وهذه التهمة للشيعة جاءت عن طريق [[المعتزلة]]، كما أورد ذلك الخياط في كتابه الانتصار عدّة مرات.<ref>خياط، الانتصار،‌ ص 13، 104ـ 105.</ref>
كما أنّ بعض [[المتكلمين|متكلمي]] الشيعة كانوا يطرحون أيضاً هذه التهمة في تخطئة التيار الحديثي في [[قم (مدينة)|قم]].<ref>براي نمونه رجوع كنيد به علم الهدي، ج 3، ص 310.</ref>
كما أنّ بعض [[المتكلمين|متكلمي]] الشيعة كانوا يطرحون أيضاً هذه التهمة في تخطئة التيار الحديثي في [[قم (مدينة)|قم]].<ref>على سبيل المثال انظر: السيد المرتضى، رسائل الشريف المرتضى، ج 3، ص 310.</ref>


وقد اتهم أبو الحسن الأشعري (في بدايات القرن الرابع الهجري) [[الشيعة]] بالتجسيم والتشبيه،<ref> رجوع كنيد به ص 31ـ 35.</ref> وحتى أهل الحديث عند [[أهل السنة]] أيضا كانوا يتهمون الشيعة بالتشبيه والإفراط في إثبات الصفات لله، رغم أنّهم أيضا كانوا متّهمين بها.<ref>ابن خزيمه، ج 1، ص 21.</ref>
وقد اتهم أبو الحسن الأشعري (في بدايات القرن الرابع الهجري) [[الشيعة]] بالتجسيم والتشبيه،<ref>الأشعري، مقالات الإسلاميين، ص 31ـ 35.</ref> وحتى أهل الحديث عند [[أهل السنة]] أيضا كانوا يتهمون الشيعة بالتشبيه والإفراط في إثبات الصفات لله، رغم أنّهم أيضا كانوا متّهمين بها.<ref>ابن خزيمة، التوحيد وإثبات صفات الربّ، ج 1، ص 21.</ref>


==أهمية الكتاب==
==أهمية الكتاب==
في القرون الإسلامية الأولى كان العلماء [[المسلمون]] يبادرون بتأليف كتب بعنوان «كتاب التوحيد»، ويعبّرون فيها عن آراء المدارس الإسلامية في العقائد.<ref>براي نمونه: ابن نديم، ص 233،234؛نجاشي، ص 261،334، 433.</ref>
في القرون الإسلامية الأولى كان العلماء [[المسلمون]] يبادرون بتأليف كتب بعنوان «كتاب التوحيد»، ويعبّرون فيها عن آراء المدارس الإسلامية في العقائد.<ref>ابن النديم، الفهرست، ص 233-234؛النجاشي، رجال النجاشي، ص 261،334، 433.</ref>
وبعد ضعف [[المعتزلة]] في القرن الرابع الهجري اهتمّت التيارات [[الحديث|الحديثية]] ببيان المسائل العقدية، ومنهم [[الشيخ الصدوق]] (وهو من أبرز علماء التيار الحديثي في قم)، حيث قام بتأليف كتاب التوحيد.
وبعد ضعف [[المعتزلة]] في القرن الرابع الهجري اهتمّت التيارات [[الحديث|الحديثية]] ببيان المسائل العقدية، ومنهم [[الشيخ الصدوق]] (وهو من أبرز علماء التيار الحديثي في قم)، حيث قام بتأليف كتاب التوحيد.


سطر ٥٦: سطر ٥٦:
وموضوع الكتاب هو التوحيد بمعناه العام، حيث إنّه إضافة إلى [[التوحيد|وحدانية]] ذات الله، وبيان [[الصفات الإلهية]]، ومسألة [[الحدوث والقدم]]، تطرق أيضا لمباحث [[القضاء والقدر]] و<nowiki/>[[الجبر والتفويض]] والمسائل المرتبطة بمسألة [[الجبر والاختيار]].
وموضوع الكتاب هو التوحيد بمعناه العام، حيث إنّه إضافة إلى [[التوحيد|وحدانية]] ذات الله، وبيان [[الصفات الإلهية]]، ومسألة [[الحدوث والقدم]]، تطرق أيضا لمباحث [[القضاء والقدر]] و<nowiki/>[[الجبر والتفويض]] والمسائل المرتبطة بمسألة [[الجبر والاختيار]].


عنوان الباب الأول من أبواب الكتاب هو «باب ثواب الموحدين والعارفين»، ومطلعه حديث عن [[رسول الله]]{{اختصار/ص}}: «ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل [[لا إله إلا الله]].»<ref>الصدوق، التوحيد، 1398ق، ج 1، ص 18.</ref>
عنوان الباب الأول من أبواب الكتاب هو «باب ثواب الموحدين والعارفين»، ومطلعه حديث عن [[رسول الله]]{{اختصار/ص}}: «ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل [[لا إله إلا الله]].»<ref>الصدوق، التوحيد، ج 1، ص 18.</ref>
وعنوان الباب الأخير هو «باب النهي عن الكلام والجدال والمراء في الله عزوجل» ويتضمن 35 حديثاً. <ref>الصدوق، التوحيد، 1398ق، ج 1، ص 454.</ref>
وعنوان الباب الأخير هو «باب النهي عن الكلام والجدال والمراء في الله عزوجل» ويتضمن 35 حديثاً. <ref>الصدوق، التوحيد، ص 454.</ref>
والحديث الأخير من الباب هو عن الإمام الصادق{{اختصار/ع}}: لا يُخاصم إلّا مَن قد ضاق بما في صدره. <ref>الصدوق، التوحيد، 1398ق، ج1، ص461.</ref>
والحديث الأخير من الباب هو عن الإمام الصادق{{اختصار/ع}}: لا يُخاصم إلّا مَن قد ضاق بما في صدره. <ref>الصدوق، التوحيد، ص461.</ref>


:'''مخالفة بعض آراء المعتزلة وموافقة بعضها'''
:'''مخالفة بعض آراء المعتزلة وموافقة بعضها'''
وافق [[الصدوق]] في كتاب التوحيد [[المعتزلة]] في بعض معتقداتهم، مثل عينية الصفات مع الذات، ونفي الزيادة على الذات،<ref>ص 131، 140، 148، 223.</ref> ونفي [[التشبيه]]<ref>ص 3182: «باب التوحيد ونفي التشبيه».</ref> و[[خلق القرآن|حدوث كلام الله والقرآن]]،<ref>ص 225226.</ref>، إلّا أنه خلفهم في بعض معتقداتهم، مثل نفي معنى [[التفويض]]،<ref>ص 337، 362،364.</ref> وعدم قدرة [[العقل]] في معرفة الكثير من الحِكَم وفي معرفة [[الحسن والقبح|الحسن الذاتي للأفعال]]،<ref>ص 395،397.</ref> وأنّه لا يجب على الله أن يعمل بوعيده،<ref>ص 406.</ref> وأنّه يجوز له غفران الكبائر.<ref>ص 395،397.</ref>
وافق [[الصدوق]] في كتاب التوحيد [[المعتزلة]] في بعض معتقداتهم، مثل عينية الصفات مع الذات، ونفي الزيادة على الذات،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 131، 140، 148، 223.</ref> ونفي [[التشبيه]]<ref>الصدوق، التوحيد، ص 31-82: «باب التوحيد ونفي التشبيه».</ref> و[[خلق القرآن|حدوث كلام الله والقرآن]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 225-226.</ref>، إلّا أنه خلفهم في بعض معتقداتهم، مثل نفي معنى [[التفويض]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 337، 362، 364.</ref> وعدم قدرة [[العقل]] في معرفة الكثير من الحِكَم وفي معرفة [[الحسن والقبح|الحسن الذاتي للأفعال]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 395، 397.</ref> وأنّه لا يجب على الله أن يعمل بوعيده،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 406.</ref> وأنّه يجوز له غفران الكبائر.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 395، 397.</ref>


وقد أكّد الصدوق في كتابه على محدودية الإنسان في التفكر في ذات [[الله]] وأسمائه، وأنّه يمكن له التفكر في عظمة الله وما دون العرش فقط،<ref>ص 454ـ 455.</ref> وعارض المعتزلة في اعتمادهم الأقصى على العقل، لأنّ العقل بوحده لا يكفي لمعرفة الله.<ref>ص 285 ـ291.</ref>
وقد أكّد الصدوق في كتابه على محدودية الإنسان في التفكر في ذات [[الله]] وأسمائه، وأنّه يمكن له التفكر في عظمة الله وما دون العرش فقط،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 454ـ 455.</ref> وعارض المعتزلة في اعتمادهم الأقصى على العقل، لأنّ العقل بوحده لا يكفي لمعرفة الله.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 285 ـ291.</ref>


:'''مخالفته للكلام والمتكلمين'''
:'''مخالفته للكلام والمتكلمين'''
تصدى الصدوق في كتابه لنقد [[الكلام]] والمتكلمين، لكن بشكل عام يمكن القول بأنّ مخالفته للكلام، واعتبار المتكلمين في عداد أصحاب [[البدعة|البدع]] و<nowiki/>[[المشركين]]<ref>ص 419، 440.</ref> يعود إلى تخطئة [[المعتزلة]] و<nowiki/>[[الجهمية]]، حيث أنّه منذ عصر [[الإمام الباقر]]{{اختصار/ع}} حتى عصر [[الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}} لم تظهر مدرسه كلامية غيرهما. وبالرغم من ذلك اعتمد المؤلف عند التطرق للمباحث العقلية وتبيين محتوى الأحاديث،<ref>مانند ص 84، 134، 137، 225227، 269، 298299.</ref> على المنهج الكلامي واستفاد من أسلوب المتكلمين ومصطلحاتهم.
تصدى الصدوق في كتابه لنقد [[الكلام]] والمتكلمين، لكن بشكل عام يمكن القول بأنّ مخالفته للكلام، واعتبار المتكلمين في عداد أصحاب [[البدعة|البدع]] و<nowiki/>[[المشركين]]<ref>الصدوق، التوحيد، ص 419، 440.</ref> يعود إلى تخطئة [[المعتزلة]] و<nowiki/>[[الجهمية]]، حيث أنّه منذ عصر [[الإمام الباقر]]{{اختصار/ع}} حتى عصر [[الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}} لم تظهر مدرسه كلامية غيرهما. وبالرغم من ذلك اعتمد المؤلف عند التطرق للمباحث العقلية وتبيين محتوى الأحاديث،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 84، 134، 137، 225227، 269، 298-299.</ref> على المنهج الكلامي واستفاد من أسلوب المتكلمين ومصطلحاتهم.


ويعتبر كتاب التوحيد مصدرا قيّما للتعرف على الاختلافات العقدية في المجتمع الشيعي في القرون الإسلامية الأولى، مثل نظرية التشبيه المنسوبة ل[[هشام بن سالم الجواليقي]]،<ref>ص 97-99.</ref> و<nowiki/>[[علي بن إسماعيل الميثمي|الميثمي]] و<nowiki/>[[مؤمن الطاق]]،<ref>ص 113ـ 115.</ref> والنظريات التجسيمية لبعض الأصحاب،<ref>ص 100-101.</ref> والقول بزيادة الصفات على الذات الإلهية،<ref>ص 144.</ref> واختلاف أصحاب [[الإمام الباقر]]{{اختصار/ع}} حول علم الله قبل الخلق،<ref>ص 145.</ref> ومسألة [[خلق القرآن|خلق القرآن أو حدوثه]]،<ref>ص 226.</ref> والاختلاف في مسألة [[الجبر والتفويض]].<ref>ص 363.</ref>
ويعتبر كتاب التوحيد مصدرا قيّما للتعرف على الاختلافات العقدية في المجتمع الشيعي في القرون الإسلامية الأولى، مثل نظرية التشبيه المنسوبة ل[[هشام بن سالم الجواليقي]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 97-99.</ref> و<nowiki/>[[علي بن إسماعيل الميثمي|الميثمي]] و<nowiki/>[[مؤمن الطاق]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 113ـ 115.</ref> والنظريات التجسيمية لبعض الأصحاب،<ref>ص 100-101.</ref> والقول بزيادة الصفات على الذات الإلهية،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 144.</ref> واختلاف أصحاب [[الإمام الباقر]]{{اختصار/ع}} حول علم الله قبل الخلق،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 145.</ref> ومسألة [[خلق القرآن|خلق القرآن أو حدوثه]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 226.</ref> والاختلاف في مسألة [[الجبر والتفويض]].<ref>الصدوق، التوحيد، ص 363.</ref>


===منهج الصدوق في الكتاب===
===منهج الصدوق في الكتاب===
اتخذ الصدوق في تأليف كتاب التوحيد منهجاً خاصا، فهو نقل روايات عن بعض [[الصحابة]]، مثل [[عبد الله بن عمر]]،<ref>ص 340.</ref> و<nowiki/>[[أبو هريرة|أبي هريرة]]<ref>ص 26، 219، 400.</ref> و<nowiki/>[[عثمان بن عفان]]<ref>ص 29.</ref> ودقّق الصدوق كثيرا في اختيار الروايات، بحيث لا يوجد أدنى تعارض أو تكرار في هذا الكتاب، وفي موارد قليلة حيث يبدو أنّ هناك عدم الاتساق بين الروايات، فيذكر الصدوق توضيحا لدفع التعارض الظاهري.<ref>مانند ص345-347.</ref>
اتخذ الصدوق في تأليف كتاب التوحيد منهجاً خاصا، فهو نقل روايات عن بعض [[الصحابة]]، مثل [[عبد الله بن عمر]]،<ref>الصدوق، التوحيد، ص 340.</ref> و<nowiki/>[[أبو هريرة|أبي هريرة]]<ref>الصدوق، التوحيد، ص 26، 219، 400.</ref> و<nowiki/>[[عثمان بن عفان]]<ref>الصدوق، التوحيد، ص 29.</ref> ودقّق الصدوق كثيرا في اختيار الروايات، بحيث لا يوجد أدنى تعارض أو تكرار في هذا الكتاب، وفي موارد قليلة حيث يبدو أنّ هناك عدم الاتساق بين الروايات، فيذكر الصدوق توضيحا لدفع التعارض الظاهري.<ref>الصدوق، التوحيد، ص345-347.</ref>


وبالمقارنة بين الكتاب مع ما شابهه من مصادر [[أهل السنة]] في موضوع [[التوحيد]] يظهر أنّ كتاب الصدوق يتمتّع بالكثير من العقلانية وينطبق على المعايير المنطقية.
وبالمقارنة بين الكتاب مع ما شابهه من مصادر [[أهل السنة]] في موضوع [[التوحيد]] يظهر أنّ كتاب الصدوق يتمتّع بالكثير من العقلانية وينطبق على المعايير المنطقية.


ومن خصائص الكتاب الأخرى التمييز بين [[صفات الذات]] (السمع، والبصر، والعلم، والقدرة، و...) وبين [[صفات الفعل]] (الكلام، والإرادة، والخلق، و...)، حيث يرى المؤلف أنّ صفات الذات لها معنى سلبي (العلم يعني عدم الجهل)، لكن صفات الفعل لها معنى إيجابي.<ref>ص 139149.</ref>
ومن خصائص الكتاب الأخرى التمييز بين [[صفات الذات]] (السمع، والبصر، والعلم، والقدرة، و...) وبين [[صفات الفعل]] (الكلام، والإرادة، والخلق، و...)، حيث يرى المؤلف أنّ صفات الذات لها معنى سلبي (العلم يعني عدم الجهل)، لكن صفات الفعل لها معنى إيجابي.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 139149.</ref>


وإضافة إلى ذلك قام الصدوق بتفسير بعض الآيات [[القرآنية]] التي ظاهرها يوحي بالتشبيه والتجسيم، فحاول رفع تعارضها الظاهري مع رؤية [[الشيعة]] في مجال التوحيد، وذلك بالاعتماد على [[الروايات]]، وقد استعان في إثبات ذلك ببعض التعابير القرآنية مثل [[سبحان الله]]<ref>ص 311-312.</ref> و<nowiki/>[[الله اكبر]]<ref>ص 312-313.</ref> كما استند بالآية {{قرآن|فِطْرَتَ الله اَلَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيها}}<ref>سورة الروم، الآية 30.</ref> للتأكيد على أنّ التوحيد أمر فطري.<ref>ص 328-331.</ref>
وإضافة إلى ذلك قام الصدوق بتفسير بعض الآيات [[القرآنية]] التي ظاهرها يوحي بالتشبيه والتجسيم، فحاول رفع تعارضها الظاهري مع رؤية [[الشيعة]] في مجال التوحيد، وذلك بالاعتماد على [[الروايات]]، وقد استعان في إثبات ذلك ببعض التعابير القرآنية مثل [[سبحان الله]]<ref>الصدوق، التوحيد، ص 311-312.</ref> و<nowiki/>[[الله اكبر]]<ref>الصدوق، التوحيد، ص 312-313.</ref> كما استند بالآية {{قرآن|فِطْرَتَ الله اَلَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيها}}<ref>سورة الروم، الآية 30.</ref> للتأكيد على أنّ التوحيد أمر فطري.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 328-331.</ref>


==النُسخ والإصدار==
==النُسخ والإصدار==
لكتاب التوحيد نسخ خطية متعددة في المكتبات الإيرانية، حيث ذكر بعض الباحثين حوالي 92 نسخة خطية للكتاب.<ref>تفضلي، ص 59 ـ70؛ نيز رجوع كنيد به دانش پژوه ومنزوي، بخش 3، ص 523 ـ524.</ref>
لكتاب التوحيد نسخ خطية متعددة في المكتبات الإيرانية، حيث ذكر بعض الباحثين حوالي 92 نسخة خطية للكتاب.<ref>تفضلي، كتابشناسي نسخه‌هاي خطي آثار شيخ صدوق در ايران، ص 59 ـ70؛ دانش پژوه ومنزوي، فهرست كتابخانه سپهسالار، القسم 3، ص 523 ـ524.</ref>
وقد صدر عدّة مرات بشكل طبعة حجرية في [[طهران]]، وتبريز، ومومبايِ، كما صدر عدّة مرات بالطبعة الحديثة، منها في طهران، عام [[1398هـ]]، وقد صحّحها وعلّق عليها السيد هاشم الحسيني الطهراني، وفي [[النجف]] عام [[1386هـ]]، وفي [[بيروت]] عام [[1387هـ]]، وفي [[قم]] عام [[1415هـ]].
وقد صدر عدّة مرات بشكل طبعة حجرية في [[طهران]]، وتبريز، ومومبايِ، كما صدر عدّة مرات بالطبعة الحديثة، منها في طهران، عام [[1398هـ]]، وقد صحّحها وعلّق عليها السيد هاشم الحسيني الطهراني، وفي [[النجف]] عام [[1386هـ]]، وفي [[بيروت]] عام [[1387هـ]]، وفي [[قم]] عام [[1415هـ]].


==الشرح والترجمة==
==الشرح والترجمة==
كتب العديد من العلماء [[الشيعة]] شروحا على كتاب التوحيد، مما يدلّ على مكانته الكلامية والاعتقادية، ومن هذه الشروح:
كتب العديد من العلماء [[الشيعة]] شروحا على كتاب التوحيد، مما يدلّ على مكانته الكلامية والاعتقادية، ومن هذه الشروح:
*شرح السيد محمد خليل بن ركن الدين الحسيني الكاشي من تلامذة [[الملا محسن الفيض الكاشاني]] (وفاة [[1083هـ]]). فهذا الشرح المختصر له اتجاه كلامي - فلسفي.<ref>حسيني اشكوري، ج 4، ص 14 به نقل از [[آيت اللّه مرعشي نجفي]].</ref>
*شرح السيد محمد خليل بن ركن الدين الحسيني الكاشي من تلامذة [[الملا محسن الفيض الكاشاني]] (وفاة [[1083هـ]]). فهذا الشرح المختصر له اتجاه كلامي - فلسفي.<ref>الحسيني الإشكوري، فهرست نسخه‌هاي خطي كتابخانه عمومي حضرت آيت اللّه مرعشي نجفي، ج 4، ص 14، نقلاً عن [[آيت اللّه مرعشي نجفي]].</ref>
*شرح [[محمد باقر السبزواري|المحقق السبزواري]] (وفاة [[1090هـ]]) بالفارسية.
*شرح [[محمد باقر السبزواري|المحقق السبزواري]] (وفاة [[1090هـ]]) بالفارسية.
*شرح [[السيد نعمت الله الجزائري]] (وفاة [[1112هـ]])، وقد اشتهر باسمين: «نور البراهين في بيان اخبار السادة الطاهرين» و«أنيس الوحيد في شرح التوحيد».<ref>جزايري، ج 1، مقدمه رجايي ، ص 32ـ 33.</ref> وقد طبع عام 1417هـ في قم في مجلدين.
*شرح [[السيد نعمت الله الجزائري]] (وفاة [[1112هـ]])، وقد اشتهر باسمين: «نور البراهين في بيان اخبار السادة الطاهرين» و«أنيس الوحيد في شرح التوحيد».<ref>رجائي، مقدمة كتاب نور البراهين، ج 1، ص 32ـ 33.</ref> وقد طبع عام 1417هـ في قم في مجلدين.
وتمّ تدوين أربعة معاجم وفهارس لأحاديث كتاب التوحديد.<ref>برازش ، ص 14ـ 15.</ref>
وتمّ تدوين أربعة معاجم وفهارس لأحاديث كتاب التوحديد.<ref>برازش، المعجم المفهرس لالفاظ احاديث كتاب التوحيد للشيخ الصدوق، ص 14ـ 15.</ref>
وترجم الكتاب إلى الإنجليزية «علي آدام»، وتمّ اصداره عن مؤسسة المهدي في بيرمنغهام.
وترجم الكتاب إلى الإنجليزية «علي آدام»، وتمّ اصداره عن مؤسسة المهدي في بيرمنغهام.


مستخدم مجهول