مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العشرة المبشرة»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Alsaffi لا ملخص تعديل |
imported>Alsaffi لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''العشرة المبشّرة'''، مصطلح معروف لدى [[المحدث|محدثي]] [[أهل السنة]] ومؤرخيهم مأخوذ من [[الحديث|حديث]] منسوب إلى [[النبي الأكرم صلى الله عليه وآله|النبي]] (ص) يشير إلى أن عشرة أشخاص من [[الصحابة|أصحاب النبي الأكرم]]{{صل}} مبشرون [[الجنة|بالجنة]]، وأنهم في كل الأحوال سيدخلون الجنة، وهم بحسب عقيدة أهل السنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة]]، [[عمر بن الخطاب]]، [[عثمان بن عفان]]، [[علي بن أبي طالب]]، [[طلحة بن عبيد الله]]، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]]، [[سعد بن أبي وقاص]] أو [[سعد بن مالك]]، [[وسعيد بن زيد]]، [[ابو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] أو [[عبد الله بن مسعود]]، [[عبد الرحمن بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]]. | '''العشرة المبشّرة'''، مصطلح معروف لدى [[المحدث|محدثي]] [[أهل السنة]] ومؤرخيهم مأخوذ من [[الحديث|حديث]] منسوب إلى [[النبي الأكرم صلى الله عليه وآله|النبي]] (ص) يشير إلى أن عشرة أشخاص من [[الصحابة|أصحاب النبي الأكرم]]{{صل}} مبشرون [[الجنة|بالجنة]]، وأنهم في كل الأحوال سيدخلون الجنة، وهم بحسب عقيدة أهل السنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة]]، [[عمر بن الخطاب]]، [[عثمان بن عفان]]، [[علي بن أبي طالب]]، [[طلحة بن عبيد الله]]، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]]، [[سعد بن أبي وقاص]] أو [[سعد بن مالك]]، [[وسعيد بن زيد]]، [[ابو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] أو [[عبد الله بن مسعود]]، [[عبد الرحمن بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]]. | ||
وقد روي هذا الحديث عن كل من [[عبد الرحمن بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]]{{صل}} في كل من مسند [[أحمد بن حنبل]]، | وقد روي هذا الحديث عن كل من [[عبد الرحمن بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]]{{صل}} في كل من مسند [[أحمد بن حنبل]]، [[سنن الترمذي|وسنن الترمذي]]، و[[أبي داوود]]، و[[ابن ماجة]]، ولكنه لم يذكر في أهم مصادر الحديث لديهم، وهما [[صحيح البخاري (كتاب)|صحيحا البخاري]] [[صحيح مسلم (كتاب)|ومسلم]]. وقد نقد علماء [[الاثنا عشرية|الشيعة]] [[السند|سند]] [[المتن|ومتن]] هذا [[الخبر]]، ورأيهم أنه لا أصل له ولا [[حديث صحيح|صحة]]، بل أنه مختلق قد وضع في زمان متأخر على عهد [[بنو أمية|بني أميّة]]. | ||
==بيان مفردات المقالة== | ==بيان مفردات المقالة== | ||
سطر ٢١: | سطر ٢١: | ||
وأخرج أبو داوود أيضا في سننه الحديث بطريقين أحدهما من طريق عبد الله بن ظالم المازني، قال: "سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلان خطيبا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم؟ فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم...) قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنيئة ثم قال: أنا".<ref>سنن أبي داوود، ج 3، ص 212، ح 4648.</ref> | وأخرج أبو داوود أيضا في سننه الحديث بطريقين أحدهما من طريق عبد الله بن ظالم المازني، قال: "سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلان خطيبا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم؟ فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم...) قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنيئة ثم قال: أنا".<ref>سنن أبي داوود، ج 3، ص 212، ح 4648.</ref> | ||
وأخرج من طريق آخر عن عبد الرحمان بن الأخنس أنه كان في المسجد فذكر رجلٌ [[علي (ع)|عليّاً]]{{عليه السلام}}، فقام [[سعيد بن زيد]] فقال: "أشهد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: "عشرةٌ في الجنة: النبيُّ في الجنة، وأبو بكرٍ في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]] في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمان بن عوفٍ في الجنة" ولو شئت لسميت العاشر، قال فقالوا: من هو؟ فسكت، قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد".<ref>سنن أبي داوود، ج 3، ص 213، ح 4649.</ref> | وأخرج من طريق آخر عن عبد الرحمان بن الأخنس أنه كان في المسجد فذكر رجلٌ [[علي (ع)|عليّاً]] {{عليه السلام}}، فقام [[سعيد بن زيد]] فقال: "أشهد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: "عشرةٌ في الجنة: النبيُّ في الجنة، وأبو بكرٍ في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]] في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمان بن عوفٍ في الجنة" ولو شئت لسميت العاشر، قال فقالوا: من هو؟ فسكت، قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد".<ref>سنن أبي داوود، ج 3، ص 213، ح 4649.</ref> | ||
3- ابن ماجة في سننه: حدثنا صدقة بن المثنى، أبو المثنى النخعي، عن جده رياح بن الحارث، سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة؛ فقال أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزّبير في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمان في الجنة فقيل: من التاسع؟ قال أنا".<ref>سنن ابن ماجة، ح 133.</ref> | 3- ابن ماجة في سننه: حدثنا صدقة بن المثنى، أبو المثنى النخعي، عن جده رياح بن الحارث، سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة؛ فقال أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزّبير في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمان في الجنة فقيل: من التاسع؟ قال أنا".<ref>سنن ابن ماجة، ح 133.</ref> | ||
==رأي علماء السنة بالحديث== | ==رأي علماء السنة بالحديث== | ||
وهو من [[الحديث المشهور|الأخبار المشهورة]] والمعروفة عندهم حتى عدوا القول به من جملة الأمور الاعتقادية، قال [[أحمد بن حنبل]] في كتابه إلى [[مسدد بن مسرهد]]: "وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] [[عمر بن الخطاب|وعمر]] [[عثمان|وعثمان]]، [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|وعلي]] [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] [[الزبير بن العوام|والزبير]] وسعد وسعيد [[عبد الرحمان|وعبد الرحمان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة]]، فمن شهد له النبي{{صل}} بالجنة شهدنا له بالجنة، ولا يتأتى أن تقول: فلان في [[الجنة]]، وفلان في النار، إلا العشرة الذين شهد لهم النبي{{صل}} بالجنة".<ref>المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة، تحقيق: عبد الإله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ج 1، ص 402.</ref> | وهو من [[الحديث المشهور|الأخبار المشهورة]] والمعروفة عندهم حتى عدوا القول به من جملة الأمور الاعتقادية، قال [[أحمد بن حنبل]] في كتابه إلى [[مسدد بن مسرهد]]: "وأن نشهد للعشرة أنهم في [[الجنة]]: [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] [[عمر بن الخطاب|وعمر]] [[عثمان|وعثمان]]، [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|وعلي]] [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] [[الزبير بن العوام|والزبير]] وسعد وسعيد [[عبد الرحمان|وعبد الرحمان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة]]، فمن شهد له النبي{{صل}} بالجنة شهدنا له بالجنة، ولا يتأتى أن تقول: فلان في [[الجنة]]، وفلان في النار، إلا العشرة الذين شهد لهم النبي {{صل}} بالجنة".<ref>المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة، تحقيق: عبد الإله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ج 1، ص 402.</ref> | ||
وقد ألفت وأفردت كتب في العشرة المبشرة من قبيل: | وقد ألفت وأفردت كتب في [[حديث]] العشرة المبشرة من قبيل: | ||
*التعريف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم المبشرين بالجنة، تأليف: محمود بن عمر الزمخشري [[سنة 538 للهجرة|(ت 538هـ).]] | *التعريف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم المبشرين بالجنة، تأليف: محمود بن عمر الزمخشري [[سنة 538 للهجرة|(ت 538هـ).]] | ||
سطر ٤٤: | سطر ٤٤: | ||
حيث ذكروا جملة من النقود من أهمها: | حيث ذكروا جملة من النقود من أهمها: | ||
أولا- إن هذا المقام وتلك المنقبة التي جمعت | أولا- إن هذا المقام وتلك المنقبة التي جمعت لهؤلاء العشرة لم يرد لها أي ذكر في أهم مصادر الحديث عند [[أهل السنة]]، وهما [[صحيح البخاري (كتاب)|صحيحا البخاري]] [[صحيح مسلم (كتاب)|ومسلم،]] فلم يرد في أهم [[الصحاح الستة|الصحاح]] عندهم، وإنما ذكرت في مصادر هي أقل مرتبة وأهمية بكثير منهما حيث رواه [[سنن الترمذي|الترمذي]] [[سنن أبي داوود|وأبو داوود]] [[سنن ابي ماجة|وابن ماجة]]. | ||
ثانيا- إن هذا الحديث بكافة طرقه وأسانيده ينتهي إلى [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] ولم يروه أو يسمعه عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]]{{صل}} أي شخص غيرهما. والبخاري ومسلم لم يذكرا شيئا في باب الفضائل والمناقب عنهما رغم أنهما من العشرة الذين اتفق | ثانيا- إن هذا الحديث بكافة طرقه وأسانيده ينتهي إلى [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] ولم يروه أو يسمعه عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]]{{صل}} أي شخص غيرهما. والبخاري ومسلم لم يذكرا شيئا في باب الفضائل والمناقب عنهما رغم أنهما من العشرة الذين اتفق أهل السنة على تعظيمهم وتكريمهم. | ||
ثالثا- إن من روى حديث العشرة المبشرة عن النبي{{صل}} هما: [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] وكلاهما من العشرة! فيكون ذكرهما له من باب من زكى غيره بتزكية نفسه. ومن المعلوم في الشرع الإسلامي أن من شهد [[الشهادة|بشهادة]] له كفل فيها ولا تقبل شهادته فيها [[الاجماع|إجماعا]] وقولا واحدا. وهذا ما يثير الشك في [[الحديث الصحيح|صحة هذه الرواية]]، من حيث إرادة الراوي جر النار إلى قرصه.<ref>المفيد، الإفصاح في الإمامة، ص 71؛ الطوسي، تلخيص الشافي، ج 3، | ثالثا- إن من روى حديث العشرة المبشرة عن النبي {{صل}} هما: [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] وكلاهما من العشرة! فيكون ذكرهما له من باب من زكى غيره بتزكية نفسه. ومن المعلوم في الشرع الإسلامي أن من شهد [[الشهادة|بشهادة]] له كفل فيها ولا تقبل شهادته فيها [[الاجماع|إجماعا]] وقولا واحدا. وهذا ما يثير الشك في [[الحديث الصحيح|صحة هذه الرواية]]، من حيث إرادة الراوي جر النار إلى قرصه.<ref>المفيد، الإفصاح في الإمامة، ص 71؛ الطوسي، تلخيص الشافي، ج 3، ص 24 1. </ref> | ||
رابعا- إن هذا الحديث - العشرة المبشرة - نقل بعدة طرق وفي سلسلة أسانيده بعض الرواة الذين هم بحسب عقيدة أهل السنة أنفسهم غير موثقين ومعتبرين ولا يمكن الاعتماد على على رواياتهم؛ ومن جملتهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي والذي ذكره أبو حاتم، وبين أنه لا يحتج به.<ref>الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 2، ص 634. </ref> | رابعا- إن هذا الحديث - العشرة المبشرة - نقل بعدة طرق وفي سلسلة أسانيده بعض الرواة الذين هم بحسب عقيدة [[أهل السنة]] أنفسهم غير موثقين ومعتبرين ولا يمكن الاعتماد على على رواياتهم؛ ومن جملتهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي والذي ذكره أبو حاتم، وبين أنه لا يحتج به.<ref>الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 2، ص 634. </ref> | ||
كما ورد اسم عبد الله بن ظالم في سند بعضها كما في الحديث المنقول عن سعيد بن زيد.<ref>سنن أبو داوود، ج 3، ص 212، ح 4648.</ref> وقد رفض كل من [[صحيح البخاري (كتاب)|البخاري]] [[صحيح مسلم (كتاب)|ومسلم]] اعتماد أحاديثه، بل وصرحوا أن أحاديثه غير صحيحة.<ref>الحاكم النيشابوري، المستدرك علي الصحيحين بذيله التلخيص للذهبي، ج 3، ص 317؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب ج 5، ص 269. </ref> وقال [[ابن حجر|ابن حجر]]: لينة البخاري.<ref>ابن حجر، تقريب التهذيب، ج 1، ص 424 ، ص 394 .</ref> وفي تاريخ البخاري الكبير، قال: ليس له حديث إلا هذا - عشرة في الجنة - وبحسب أصحابي القتل!<ref>التاريخ الكبير، ج 5، ص 124، ص 368.</ref> | كما ورد اسم عبد الله بن ظالم في سند بعضها كما في الحديث المنقول عن سعيد بن زيد.<ref>سنن أبو داوود، ج 3، ص 212، ح 4648.</ref> وقد رفض كل من [[صحيح البخاري (كتاب)|البخاري]] [[صحيح مسلم (كتاب)|ومسلم]] اعتماد أحاديثه، بل وصرحوا أن أحاديثه غير صحيحة.<ref>الحاكم النيشابوري، المستدرك علي الصحيحين بذيله التلخيص للذهبي، ج 3، ص 317؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب ج 5، ص 269. </ref> وقال [[ابن حجر|ابن حجر]]: لينة البخاري.<ref>ابن حجر، تقريب التهذيب، ج 1، ص 424 ، ص 394 .</ref> وفي تاريخ البخاري الكبير، قال: ليس له حديث إلا هذا - عشرة في الجنة - وبحسب أصحابي القتل!<ref>التاريخ الكبير، ج 5، ص 124، ص 368.</ref> | ||
سطر ٧٠: | سطر ٧٠: | ||
وقد أورد نقاد الحديث من علماء الشيعة على هذا الإسناد الآتي: | وقد أورد نقاد الحديث من علماء الشيعة على هذا الإسناد الآتي: | ||
1- إنّ رواية سعيد بن زيد - وهو ابن عم [[عمر بن الخطاب]]- لم تظهر وتُعرف إلاّ في أيام حكم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] - والشاهد على ظهورها في عهده صدر الرواية نفسها، ففي بعضها: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلانا خطيبا، فأخذ بيدي [[سعيد بن زيد]]، فقال : ألا ترى إلى هذا الظالم - وذلك حين سمعه يسب [[علي(ع)|عليا]]{{عليه السلام}} - فأشهد على التسعة أنهم في [[الجنة]] (فعدهم)، قلت: ومن العاشر ؟ فتلكأ | 1- إنّ رواية سعيد بن زيد - وهو ابن عم [[عمر بن الخطاب]] - لم تظهر وتُعرف إلاّ في أيام حكم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] - والشاهد على ظهورها في عهده صدر الرواية نفسها، ففي بعضها: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلانا خطيبا، فأخذ بيدي [[سعيد بن زيد]]، فقال : ألا ترى إلى هذا الظالم - وذلك حين سمعه يسب [[علي(ع)|عليا]] {{عليه السلام}} - فأشهد على التسعة أنهم في [[الجنة]] (فعدهم)، قلت: ومن العاشر ؟ فتلكأ هنيئة، ثم قال: أنا . | ||
وجاء في رواية أخرى، أن سعيد بن زيد كان في المسجد - في [[الكوفة]] - فذكر رجل عليا فقام، الحديث. | وجاء في رواية أخرى، أن سعيد بن زيد كان في المسجد - في [[الكوفة]] - فذكر رجل عليا فقام، الحديث. | ||
هكذا ظهرت هذه الرواية لأول مرة في الكوفة بعد وفاة النبي{{صل}} بثلاثين سنة! ولم يسمع بها أحد من قبل ! | هكذا ظهرت هذه الرواية لأول مرة في الكوفة بعد وفاة النبي {{صل}} بثلاثين سنة! ولم يسمع بها أحد من قبل ! | ||
وهذا ما يثير الريب، فما هو سر إرجاء روايته هذه إلى زمان إمارة [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] وعدم ذكرها في عهد [[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الأربعة]] والجو يلائم نشرها، بل كانوا في حاجة لمثلها آنذاك في مواضع عديدة لتدعيم منصب [[الخلافة]]، فكأنها أوحيت إلى [[سعيد بن زيد]] فحسب يوم تسنم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] عرش الملك العضوض. | وهذا ما يثير الريب، فما هو سر إرجاء روايته هذه إلى زمان إمارة [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] وعدم ذكرها في عهد [[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الأربعة]] والجو يلائم نشرها، بل كانوا في حاجة لمثلها آنذاك في مواضع عديدة لتدعيم منصب [[الخلافة]]، فكأنها أوحيت إلى [[سعيد بن زيد]] فحسب يوم تسنم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] عرش الملك العضوض. | ||
سطر ١٠٧: | سطر ١٠٧: | ||
وهذه الرواية ليس فيها علي (ع) ولا ابن الجراح، وأنهم ليسوا ضمن العشرة الذين اتفق أهل السنة على تعظيمهم وتكريمهم. فهذه الرواية تؤكد أن عليا ليس من المبشرين بالجنة، وأن وضعه ضمن حديث المبشرة من باب الخطأ. | وهذه الرواية ليس فيها علي (ع) ولا ابن الجراح، وأنهم ليسوا ضمن العشرة الذين اتفق أهل السنة على تعظيمهم وتكريمهم. فهذه الرواية تؤكد أن عليا ليس من المبشرين بالجنة، وأن وضعه ضمن حديث المبشرة من باب الخطأ. | ||
كما أن عدد المبشرين ثمانية وليس عشرة، وفيهم النبي{{صل}}. وبهذا يكون المبشرون بالجنة سبعة فقط بعد إخراج النبي محمد{{صل}} من هذه الحسبة بالطبع؛ لأنه لا معنى لتبشير النبي نفسه بالجنة، وإن وضعهم النبي{{صل}} من ضمن المبشرين بالجنة أمر يؤكد الوضع والاختلاق. | كما أن عدد المبشرين ثمانية وليس عشرة، وفيهم النبي {{صل}}. وبهذا يكون المبشرون بالجنة سبعة فقط بعد إخراج النبي محمد {{صل}} من هذه الحسبة بالطبع؛ لأنه لا معنى لتبشير النبي نفسه بالجنة، وإن وضعهم النبي{{صل}} من ضمن المبشرين بالجنة أمر يؤكد الوضع والاختلاق. | ||
وفي رواية [[الحاكم النيشابوري]]، ورد | وفي رواية [[الحاكم النيشابوري]]، ورد اسم "[[عبد الله بن مسعود]]" بدلا من أسم "[[أبو عبيدة بن الجراح|أبو عبيدة]]". | ||
وفي رواية [[سنن أبي داوود]] [[سنن ابن ماجة|وسنن ابن ماجة]] لم يذكر أي واحد منهما لا أبو عبيدة ولا ابن مسعود، وذكر أسم النبي الأكرم{{صل}} بدلا منهما.<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648 </ref><ref>سنن ابن ماجه، ج 1، ص 48.</ref> | وفي رواية [[سنن أبي داوود]] [[سنن ابن ماجة|وسنن ابن ماجة]] لم يذكر أي واحد منهما لا أبو عبيدة ولا ابن مسعود، وذكر أسم النبي الأكرم{{صل}} بدلا منهما.<ref>سنن أبي داوود، ج3، ص212، ح4648 </ref><ref>سنن ابن ماجه، ج 1، ص 48.</ref> | ||
سطر ١١٥: | سطر ١١٥: | ||
إن هذا الاضطراب في متن الرواية مما يدفع للشك في أن هذه الرواية وضعت متأخرة، بل ويدفع لليقين أنها من مخترعات دولة [[بنو أمية|بني أمية]]؛ لأن المفروض إن يكون العشرة أشهر من نار على علم لا يختلف فيهم الرواة ولا تشوبهم شائبة. وحسبك إن البخاري ومسلم لم يرويا حديث المبشّرة | إن هذا الاضطراب في متن الرواية مما يدفع للشك في أن هذه الرواية وضعت متأخرة، بل ويدفع لليقين أنها من مخترعات دولة [[بنو أمية|بني أمية]]؛ لأن المفروض إن يكون العشرة أشهر من نار على علم لا يختلف فيهم الرواة ولا تشوبهم شائبة. وحسبك إن البخاري ومسلم لم يرويا حديث المبشّرة | ||
*الثالث- انّ ممّا يبيّن بطلان خبر العشرة المبشرة أنّ [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبا بكر]] لم يحتج به لنفسه، ولا احتجّ به [[عثمان بن عفان|عثمان]] لمّا حوصر وطولب بخلع نفسه وهمّوا بقتله، بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب لا أكثر، وذكر القطع بالجنة أولى منها وأحرى. فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّ{{صل}}لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان.<ref>الإفصاح، ص 73.</ref> <ref>الطوسي، تلخيص الشافي، ج 3، ص 241.</ref> | *الثالث- انّ ممّا يبيّن بطلان خبر العشرة المبشرة أنّ [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبا بكر]] لم يحتج به لنفسه، ولا احتجّ به [[عثمان بن عفان|عثمان]] لمّا حوصر وطولب بخلع نفسه وهمّوا بقتله، بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب لا أكثر، وذكر القطع بالجنة أولى منها وأحرى. فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّ{{صل}} لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان.<ref>الإفصاح، ص 73.</ref> <ref>الطوسي، تلخيص الشافي، ج 3، ص 241.</ref> | ||
*الرابع: أن هذا الحديث معارض بما هو أصح منه سندا ومتنا، وهذا مما يثبت القول ببطلان حديث العشرة المبشرة بالجنة. | *الرابع: أن هذا الحديث معارض بما هو أصح منه سندا ومتنا، وهذا مما يثبت القول ببطلان حديث العشرة المبشرة بالجنة. | ||
ومن جملة تلك | ومن جملة تلك الروايات المعارضة والنافية: | ||
1- ما أخرجه الحاكم في المستدرك عن [[سعد بن أبي وقّاص]]، أنه قال: "ما سمعت رسول الله{{صل}} يقول لحي يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا [[عبد الله بن سلام|لعبد الله بن سلام]]".<ref>الحاكم، المستدرك، ج 4، ص 468.</ref> | 1- ما أخرجه الحاكم في المستدرك عن [[سعد بن أبي وقّاص]]، أنه قال: "ما سمعت رسول الله {{صل}} يقول لحي يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا [[عبد الله بن سلام|لعبد الله بن سلام]]".<ref>الحاكم، المستدرك، ج 4، ص 468.</ref> | ||
فهذا [[سعد بن أبي وقاص|سعد بن أبي وقّاص]]– وهو أحّد العشرة المذكورين في حديث التبشير – قد شهد بأنه لم يسمع النبي{{صل}} يبشّر أحداً [[الجنة|بالجنة]] سوى [[عبد الله بن سلام|عبد الله بن سلاّم]]. وسعد بن أبي وقاص ضمن العشرة المبشّرين في الحديث، فكيف ينفي بنفسه هذا؟ وكيف غاب ذلك الحديث عنه وهو أحد العشرة، وآخرهم موتا؟ ! | فهذا [[سعد بن أبي وقاص|سعد بن أبي وقّاص]]– وهو أحّد العشرة المذكورين في حديث التبشير – قد شهد بأنه لم يسمع النبي{{صل}} يبشّر أحداً [[الجنة|بالجنة]] سوى [[عبد الله بن سلام|عبد الله بن سلاّم]]. وسعد بن أبي وقاص ضمن العشرة المبشّرين في الحديث، فكيف ينفي بنفسه هذا؟ وكيف غاب ذلك الحديث عنه وهو أحد العشرة، وآخرهم موتا؟ ! | ||
2- معارضته لحديثي رسول الله{{صل}} والذين يرويهما البخاري في صحيحه عن النبي: ( يا [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ). وقوله{{صل}}: ( من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ).صحيح البخاري، ح 3092. وقد ماتت فاطمة وهي غاضبة على بعضهم. وفي رواية أخرى فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت. فكيف يكون حديث المبشرة شاملا لهم دون غيرهم. | 2- معارضته لحديثي رسول الله {{صل}} والذين يرويهما [[البخاري]] في صحيحه عن النبي: ( يا [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ). وقوله{{صل}}: ( من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ).صحيح البخاري، ح 3092. وقد ماتت فاطمة وهي غاضبة على بعضهم. وفي رواية أخرى فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت. فكيف يكون حديث المبشرة شاملا لهم دون غيرهم. | ||
3- ما روي عن [[معاذ بن جبل]]: (سمعت رسول الله{{صل}} يقول: إنه – أي عبد الله بن سلام - عاشر عشرة في الجنة).<ref>الحاكم النيشابوري، المستدرك، ج 1، ص 98 .</ref> | 3- ما روي عن [[معاذ بن جبل]]: (سمعت رسول الله {{صل}} يقول: إنه – أي عبد الله بن سلام - عاشر عشرة في الجنة).<ref>الحاكم النيشابوري، المستدرك، ج 1، ص 98 .</ref> | ||
قال الحاكم: هذا [[حديث صحيح]] على شرط الشيخين . | قال الحاكم: هذا [[حديث صحيح]] على شرط الشيخين . | ||
سطر ١٣٢: | سطر ١٣٢: | ||
وهذه الرواية صححها الحاكم والذهبي فينبغي أن يكون "[[عبد الله بن سلام]]" أحد العشرة المبشرة، وعليه فلا بد من إخراج واحد ممن ضمهم حديث المبشرة، بل أنه ينافي هذا حديث العشرة المبشرة، لأنه لو صح حديث المبشرة لكان ابن سلام يدخل الجنة بعدهم. | وهذه الرواية صححها الحاكم والذهبي فينبغي أن يكون "[[عبد الله بن سلام]]" أحد العشرة المبشرة، وعليه فلا بد من إخراج واحد ممن ضمهم حديث المبشرة، بل أنه ينافي هذا حديث العشرة المبشرة، لأنه لو صح حديث المبشرة لكان ابن سلام يدخل الجنة بعدهم. | ||
4- ما رواه الإمام مالك في [[موطأ مالك|موطأه]]: "مرّ رسول الله{{صل}} وأبي بكر على شهداء [[غزوة أحد|أحد]]، فقال: أشهد عليهم، فقال أبو بكر: "ألسنا يارسول الله | 4- ما رواه الإمام مالك في [[موطأ مالك|موطأه]]: "مرّ رسول الله{{صل}} وأبي بكر على شهداء [[غزوة أحد|أحد]]، فقال: أشهد عليهم، فقال أبو بكر: "ألسنا يارسول الله باخوانكم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا ؟ فقال رسول الله{{صل}} بلى، ولكن لا أدري ماتحدثون بعدي !! فبكى أبو بكر ثم بكى فقال: أنا لكائنون بعدك؟!".ا<ref>بن أنس، مالك، الموطأ، كتاب الجهاد، ح 1004.</ref>فأين البشارة في هذا الحديث. | ||
5- إن هذا الحديث يتعارض مع أخبار رسول الله{{صل}} لعلي{{عليه السلام}} أنه قال: ( '''أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين''' ).<ref>الحاكم، المستدرك على الصحيحين، ح 4674، ح 4675.</ref> | 5- إن هذا الحديث يتعارض مع أخبار رسول الله{{صل}} لعلي{{عليه السلام}} أنه قال: ( '''أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين''' ).<ref>الحاكم، المستدرك على الصحيحين، ح 4674، ح 4675.</ref> | ||
سطر ١٣٨: | سطر ١٣٨: | ||
فالناكثون: هم طلحة والزبير وعائشة، فإذا علي{{عليه السلام}} مأمور بقتالهم وهو على حق وهم على باطل. | فالناكثون: هم طلحة والزبير وعائشة، فإذا علي{{عليه السلام}} مأمور بقتالهم وهو على حق وهم على باطل. | ||
وما روي في [[صحيح مسلم]] وأبي داوود والترمذي وغيرها عن عليّ{{عليه السلام}} أنّ النبيّ{{صل}} قال له: "لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".<ref>صحيح مسلم، ج1، ص61، سنن أبي داوود، ج 8، | وما روي في [[صحيح مسلم]] وأبي داوود والترمذي وغيرها عن عليّ{{عليه السلام}} أنّ النبيّ{{صل}} قال له: "لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".<ref>صحيح مسلم، ج1، ص61، سنن أبي داوود، ج 8، ص 117، سنن الترمذي، ج 5 ، ج 306، مسند أحمد، ج 1، ص 95.</ref> | ||
*الخامس- إنه لو كان خبر المبشرة صحيحاً - كما زعموا - لوجد في كلام هؤلاء المبشّرة بالجنة ما يصرح أو يشير إلى تبشيرهم، أو لا أقل لم يشكّوا بالظفر بثواب [[الله|الله عزّ وجلّ]] في حياتهم وعند احتضارهم، لثقتهم بخبر الرسول{{صل}}، لكن نجد من سيرة هؤلاء [[الصحابة]] المبشرة - ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان - ما يخالف ذلك تماما، والشواهد على وقوع الجزع والفزع من أبي بكر وعمر في حياتهما وعند احتضارهما كثيرة، ومن جملتها: | *الخامس- إنه لو كان خبر المبشرة صحيحاً - كما زعموا - لوجد في كلام هؤلاء المبشّرة بالجنة ما يصرح أو يشير إلى تبشيرهم، أو لا أقل لم يشكّوا بالظفر بثواب [[الله|الله عزّ وجلّ]] في حياتهم وعند احتضارهم، لثقتهم بخبر الرسول{{صل}}، لكن نجد من سيرة هؤلاء [[الصحابة]] المبشرة - ومنهم أبو بكر وعمر وعثمان - ما يخالف ذلك تماما، والشواهد على وقوع الجزع والفزع من أبي بكر وعمر في حياتهما وعند احتضارهما كثيرة، ومن جملتها: | ||
ما رواه [[المتقي الهندي]] في منتخب كنز العمال،<ref>المتقي الهندي، منتخب كنز العمال، ص 361.</ref> بهامش الجزء الرابع من مسند أحمد بن حنبل، وكذلك السيوطي في تاريخه،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، | ما رواه [[المتقي الهندي]] في منتخب كنز العمال،<ref>المتقي الهندي، منتخب كنز العمال، ص 361.</ref> بهامش الجزء الرابع من مسند أحمد بن حنبل، وكذلك السيوطي في تاريخه،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 41</ref>والطبري في الرياض النضرة،<ref>الطبري، الرياض النضرة، ج1، ص134</ref> عن أبي بكر أنه نظر إلى طائر على شجرة. فقال: (طوبى لك يا طائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك، ولوددتُ إني شجرة على جانب الطريق مر عليّ جمل فأكلني وأخرجني في بعرة ولم أكن من البشر)، وهذا [[ابن تيمية]] ينقل في منهاجه ويروي [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبي بكر]] أنه قال: (ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت تبنة في لبنة).<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج 3، ص 120.</ref> | ||
أمّا الخليفة [[عمر بن الخطاب]] فقد حكى عنه أبو نعيم في حلية الأولياء [[ابن تيمية|وابن تيمية]] في منهاجه، أن عمر قال: (يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت | أمّا الخليفة [[عمر بن الخطاب]] فقد حكى عنه أبو نعيم في حلية الأولياء [[ابن تيمية|وابن تيمية]] في منهاجه، أن عمر قال: (يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت كاسمن ما يكون زارهم بعض من يحبون فذبحوني لهم فجعلوا بعضي شواء وبعضه قديدا، ثم أكلوني ولم أكن بشرا).<ref>البيهقي، شعب الإيمان، الخوف من الله تعالى، ج 2، ص 227 ؛ أبو نعيم، حلية الأولياء، ج 1، ص 52. بلفظ مقارب. </ref>وقد اعترف ابن تيمية في منهاجه بصحة نسبة ذلك إليه.<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج 3، ص 131 ـ 132></ref> | ||
وروي عن [[عبد الله ابن عامر بن ربيعة]] قوله: رأيت عمر أخذ تبنة من حائط، فقال: "يا ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أخلق، يا ليت أمي لم تلدني، لم أك شيئا، يا ليتني كنت نسيا منسيا".<ref>ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد، المتمنين، تحقيق: محمد خير رمضان يوسف، ص 26. </ref> | وروي عن [[عبد الله ابن عامر بن ربيعة]] قوله: رأيت عمر أخذ تبنة من حائط، فقال: "يا ليتني كنت هذه التبنة يا ليتني لم أخلق، يا ليت أمي لم تلدني، لم أك شيئا، يا ليتني كنت نسيا منسيا".<ref>ابن أبي الدنيا، عبد الله بن محمد، المتمنين، تحقيق: محمد خير رمضان يوسف، ص 26. </ref> | ||
سطر ١٦٨: | سطر ١٦٨: | ||
*الثامن: أن رواية العشرة المبشّرة لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت في بعض أسانيدها إلى أحد عشر، فقد ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة بصفة حميدة، وروى عن [[ابن عباس| ابن عباس]] (رضي الله عنهما) [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|عن رسول الله]]: "... ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: [[معاوية بن أبي سفيان]]، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك ".<ref>المحب الطبري، أحمد بن عبد الله، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ص 17.</ref> | *الثامن: أن رواية العشرة المبشّرة لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت في بعض أسانيدها إلى أحد عشر، فقد ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة بصفة حميدة، وروى عن [[ابن عباس| ابن عباس]] (رضي الله عنهما) [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|عن رسول الله]]: "... ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: [[معاوية بن أبي سفيان]]، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك ".<ref>المحب الطبري، أحمد بن عبد الله، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ص 17.</ref> | ||
و هذا ما يدل على أن هذه الرواية ومثيلاتها هي من صنع [[بنو أمية|الأمويين]] ، خدمة لشرعية دولتهم واستمرار | و هذا ما يدل على أن هذه الرواية ومثيلاتها هي من صنع [[بنو أمية|الأمويين]] ، خدمة لشرعية دولتهم واستمرار بقائها. | ||
* التاسع: إن مقتضى دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال، ومن ليس [[المعصوم|بمعصوم]] من الزلل والضلال، فلا يجوز أن يعلم [[الله|الله تعالى]] مكلّفاً كهذا بأن عاقبته الجنة؛ لانّ ذلك سيغريه بالقبيح،<ref>المفيد، الإفصاح، ص 73 ، الطوسي، تلخيص الشافي، ص 3، ص 241.</ref> ولا خلاف أن تسعة من المبشرة غير [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي (ع)]] لم يكونوا [[العصمة|معصومين]] من الذنوب بشهادة أنفسهم، [[الإجماع|وإجماع الأمة الإسلامية]] على عدم عصمتهم سوى أمير المؤمنين [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي بن أبي طالب]]{{عليه السلام}} لما تذهب إليه معاشر [[الإمامية]] من [[العصمة|عصمته]] بآية " ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".<ref>سورة الأحزاب، الآية (33).</ref> | * التاسع: إن مقتضى دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال، ومن ليس [[المعصوم|بمعصوم]] من الزلل والضلال، فلا يجوز أن يعلم [[الله|الله تعالى]] مكلّفاً كهذا بأن عاقبته الجنة؛ لانّ ذلك سيغريه بالقبيح،<ref>المفيد، الإفصاح، ص 73 ، الطوسي، تلخيص الشافي، ص 3، ص 241.</ref> ولا خلاف أن تسعة من المبشرة غير [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي (ع)]] لم يكونوا [[العصمة|معصومين]] من الذنوب بشهادة أنفسهم، [[الإجماع|وإجماع الأمة الإسلامية]] على عدم عصمتهم سوى أمير المؤمنين [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي بن أبي طالب]]{{عليه السلام}} لما تذهب إليه معاشر [[الإمامية]] من [[العصمة|عصمته]] بآية " ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".<ref>سورة الأحزاب، الآية (33).</ref> | ||
سطر ١٧٦: | سطر ١٧٦: | ||
ومن المعروف والمقطوع به أنّ [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة الزهراء]] (عليها السلام) من المبشّرات بالجنّة، فهي [[سيدة نساء العالمين|سيّدة نساء أهل الجنّة]].<ref>صحيح البخاري 4 : 183، سنن الترمذي 5 : 326، مسند أحمد 5 : 391 - 392.</ref> | ومن المعروف والمقطوع به أنّ [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة الزهراء]] (عليها السلام) من المبشّرات بالجنّة، فهي [[سيدة نساء العالمين|سيّدة نساء أهل الجنّة]].<ref>صحيح البخاري 4 : 183، سنن الترمذي 5 : 326، مسند أحمد 5 : 391 - 392.</ref> | ||
وما رواه الفريقان عن النبي{{صل}}: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"".<ref>سنن الترمذي، ج5، ص321، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 167، ؛ علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب المناقب، ح 15085.</ref> فمن كان من أهل الجنة كان [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] [[الإمام الحسين بن علي عليه السلام|والحسين]] سيدين له، فكيف لم يذكرا في حديث العشرة المبشرة؟ | وما رواه الفريقان عن النبي {{صل}}: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"".<ref>سنن الترمذي، ج5، ص321، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 167، ؛ علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب المناقب، ح 15085.</ref> فمن كان من أهل الجنة كان [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] [[الإمام الحسين بن علي عليه السلام|والحسين]] سيدين له، فكيف لم يذكرا في حديث العشرة المبشرة؟ | ||
والخلاصة: أن العقل لا يمنع في إمكانية وقوع التبشير بالجنة لغير [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]]، وإنما المسألة هي أن العقل لا يقبل تخصيص العشرة المبشرة بهؤلاء في حديث واحد وإخراج باقي أجلاء الصحابة منه، إضافة إلى أن رواية العشرة المبشرة المدعى صدورها عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي ]]{{صل}} لم يصح سندا ومتنا. | والخلاصة: أن العقل لا يمنع في إمكانية وقوع التبشير بالجنة لغير [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]]، وإنما المسألة هي أن العقل لا يقبل تخصيص العشرة المبشرة بهؤلاء في حديث واحد وإخراج باقي أجلاء الصحابة منه، إضافة إلى أن رواية العشرة المبشرة المدعى صدورها عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي ]]{{صل}} لم يصح سندا ومتنا. | ||
سطر ١٩٢: | سطر ١٩٢: | ||
==المصادر والمراجع== | ==المصادر والمراجع== | ||
#ابن حجر، تهذيب التهذيب، دار الفكر، ط1، بيروت، | #ابن حجر، تهذيب التهذيب، دار الفكر، ط1، بيروت، 1404 ق. | ||
#الترمذي، محمد بن | #الترمذي، محمد بن عيسى، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د . ت. | ||
#الطوسي، تلخيص الشافي في الإمامة. | #الطوسي، تلخيص الشافي في الإمامة. | ||
#الذهبي، ميزان الاعتدال، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة للطباعة والنشر، ط1، بيروت، 1963م. | #الذهبي، ميزان الاعتدال، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة للطباعة والنشر، ط1، بيروت، 1963م. |