انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أولو العزم»

من ويكي شيعة
imported>Esmati
طلا ملخص تعديل
imported>Esmati
طلا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
أولوا العزم هي بمعنى أصحاب العزم، ويطلق على عدد من [[الأنبياء]] الإلهيين لفظ (أولوا العزم). وقد ذُكِرت كلمة العزم بمعاني متعددة، منها: التصميم، الإرادة، والعهد. وجاء تعبير أولوا العزم في [[القرآن الكريم]] للمرة الأولى في [[سورة الأحقاف]]: (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).<ref>الأحقاف، الآية، 35</ref>
أولوا العزم هي بمعنى أصحاب العزم، ويطلق على عدد من [[الأنبياء]] الإلهيين لفظ (أولوا العزم). وقد ذُكِرت كلمة العزم بمعاني متعددة، منها: التصميم، الإرادة، والعهد. وجاء تعبير أولوا العزم في [[القرآن الكريم]] للمرة الأولى في [[سورة الأحقاف]]: (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).<ref>الأحقاف، الآية، 35</ref>


لقد اختلفت وجهات النظر في  أن من هم أصحاب أولوا العزم؟ وهل لديهم رسالة سماوية عالمية، أو أن رسالتهم كانت محدودة؟ و[[الرأي المشهور]] هو أن الأنبياء الخمسة أصحاب الشرائع السماوية: [[نوح]]، [[إبراهيم]]، [[موسى]]، [[عيسى]]، و[[محمد]] عليهم السلام هم المقصودون بهذا الاصطلاح.
لقد اختلفت وجهات النظر في  أن من هم أصحاب أولوا العزم؟ وهل لديهم رسالة سماوية عالمية، أو أن رسالتهم كانت محدودة؟ والرأي المشهور هو أن الأنبياء الخمسة أصحاب الشرائع السماوية: [[نوح]]، [[إبراهيم]]، [[موسى]]، [[عيسى]]، و[[محمد]] عليهم السلام هم المقصودون بهذا الاصطلاح.


== المقصود من أولوا العزم ==
== المقصود من أولوا العزم ==


كلمة (أولوا) تأتي بمعنى [[الأصحاب]]، وجاءت كلمة (العزم) في اللغة بمعنى الإرادة القوية المستقرة. يقول [[الراغب]] في كتابه المفردات: (كلمة العزم تعني: اتخاذ القرار للقيام بعملٍ ما)<ref>مفردات الراغب، كلمة عزم.</ref> . وفي اللغة الفارسية المكتوبة فإن الألفين في لفظ (أولوا العزم) تكتب ألف واحدة فقط (اولو) <ref>القاموس الإملائي للخط الفارسي، ص 79.</ref>.
كلمة (أولوا) تأتي بمعنى [[الأصحاب]]، وجاءت كلمة (العزم) في اللغة بمعنى الإرادة القوية المستقرة. يقول [[الراغب]] في [[مفردات الراغب|كتابه المفردات]]: (كلمة العزم تعني: اتخاذ القرار للقيام بعملٍ ما)<ref>مفردات الراغب، كلمة عزم.</ref> . وفي اللغة الفارسية المكتوبة فإن الألفين في لفظ (أولوا العزم) تكتب ألف واحدة فقط (اولو) <ref>القاموس الإملائي للخط الفارسي، ص 79.</ref>.


أما فيما يخص بالمقصود من (أولوا العزم) ومن هم أنبياء أولوا العزم، فإنه يوجد لدينا ثلاثة نظريات مختلفة في هذا الأمر:
أما فيما يخص بالمقصود من (أولوا العزم) ومن هم أنبياء أولوا العزم، فإنه يوجد لدينا ثلاثة نظريات مختلفة في هذا الأمر:
=== أصحاب الصبر ===
=== أصحاب الصبر ===
يعتقد البعض أن كلمة العزم تأتي بمعنى [[الصبر]]، وفسروا ذلك بأن أنبياء أولوا العزم كان لديهم الكثير من التحمل والصبر في مواجهة المشكلات والصعوبات التي واجهتهم أثناء نشرهم للأحكام الإلهية بين الناس. ومرّد ذلك إلى آية أولوا العزم، والتي أتت فيها صفة الصبر إحدى الصفات التي تمتع بها أنبياء أولوا العزم<ref>تفسير العاملي، ج7، ص523 - تفسير آيات الأحكام، ص 680 - تفسير المراغي، ج21، ص 123 - التحرير والتنوير، ج 26، ص 57.</ref> .
يعتقد البعض أن كلمة العزم تأتي بمعنى [[الصبر]]، وفسروا ذلك بأن أنبياء أولوا العزم كان لديهم الكثير من التحمل والصبر في مواجهة المشكلات والصعوبات التي واجهتهم أثناء نشرهم للأحكام الإلهية بين الناس. ومرّد ذلك إلى آية أولوا العزم، والتي أتت فيها صفة الصبر إحدى الصفات التي تمتع بها أنبياء أولوا العزم.<ref>تفسير العاملي، ج7، ص523 - تفسير آيات الأحكام، ص 680 - تفسير المراغي، ج21، ص 123 - التحرير والتنوير، ج 26، ص 57.</ref>
=== أصحاب العهد ===
=== أصحاب العهد ===
استند بعض [[التفسیر|المفسرين]] إلى العديد من [[الروايات]] التي فسّرّت كلمة العزم في عبارة أولوا العزم بمعنى العهد، واستدلوا بذلك أيضاً على الآيتين (7 - 8) من [[سورة الأحزاب]] والتي أشارت إلى مسألة أخذ [[البيعة]] والعهد من الأنبياء الكبار مثل: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد عليهم السلام. وأشارت بعض الآيات الأخرى إلى اسم [[النبي]] [[آدم]] عليه السلام والذي لم يوفق في الالتزام بالعهد الإلهي، وعُبرّ عن هذا الأمر بخسارة العزم. (طه: 115).
استند بعض [[التفسیر|المفسرين]] إلى العديد من [[الروايات]] التي فسّرّت كلمة العزم في عبارة أولوا العزم بمعنى العهد، واستدلوا بذلك أيضاً على الآيتين (7 - 8) من [[سورة الأحزاب]] والتي أشارت إلى مسألة أخذ [[البيعة]] والعهد من الأنبياء الكبار مثل: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد عليهم السلام. وأشارت بعض الآيات الأخرى إلى اسم [[النبي]] [[آدم]] عليه السلام والذي لم يوفق في الالتزام بالعهد الإلهي، وعُبرّ عن هذا الأمر بخسارة العزم.<ref>طه، 115</ref>


وبناءً على هذا، فإن كلمة العزم تأتي بمعنى العهد<ref>تفسير القرآن العظيم، ج6، ص 342 - وكنز الدقائق، ج8، ص360.</ref> ، وتطلق على الأنبياء الإلهيين الذين أقرّوا بالعبودية والطاعة التامة لله سبحانه وتعالى<ref>بحار الأنوار، ج11، ص35 - وتفسير القرآن الكريم، ج6، ص342.</ref> ، أو الذين اعترفوا بالولاية الإلهية لخاتم الأنبياء محمد وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام<ref>بحار الأنوار، ج11، ص 35 - تفسير القرآن الكريم، ج6، ص 342.</ref> .
وبناءً على هذا، فإن كلمة العزم تأتي بمعنى العهد<ref>تفسير القرآن العظيم، ج6، ص 342 - وكنز الدقائق، ج8، ص360.</ref> ، وتطلق على الأنبياء الإلهيين الذين أقرّوا بالعبودية والطاعة التامة لله سبحانه وتعالى<ref>بحار الأنوار، ج11، ص35 - وتفسير القرآن الكريم، ج6، ص342.</ref> ، أو الذين اعترفوا بالولاية الإلهية لخاتم الأنبياء محمد وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام<ref>بحار الأنوار، ج11، ص 35 - تفسير القرآن الكريم، ج6، ص 342.</ref> .


=== أصحاب الشريعة ===
=== أصحاب الشريعة ===
وبالاستناد إلى بعض الروايات، فسّرّ عدد آخر من المفسرين مصطلح أولوا العزم أنهم الأنبياء الذين نزلت عليهم الرسائل والكتب الإلهية<ref>الميزان، ج2، ص 213 - جوامع الجوامع، ج6، ص27 و29 - روح البيان، ج8، 495 - كنز الدقائق، ج 12، ص 203، تفسير المبين، ص 550.</ref> .
وبالاستناد إلى بعض الروايات، فسّرّ عدد آخر من المفسرين مصطلح أولوا العزم أنهم الأنبياء الذين نزلت عليهم الرسائل والكتب الإلهية.<ref>الميزان، ج2، ص 213 - جوامع الجوامع، ج6، ص27 و29 - روح البيان، ج8، 495 - كنز الدقائق، ج 12، ص 203، تفسير المبين، ص 550.</ref>


فعلى سبيل المثال، رواية عن [[الإمام]] [[علي الرضا]] عليه السلام سُئِل فيها: (لماذا يطلق على بعض الأنبياء لفظ أولوا العزم؟ فقال الإمام عليه السلام: لأن نوح عليه السلام بُعث حاملاً كتاباً وشريعةً إلهية، وكل نبي أتى بعده عَمل وفقاً لكتابه وشريعته وأسلوبه، حتى جاء إبراهيم عليه السلام بكتابٍ وصحفٍ جديدة، وكل نبي أتى بعده عمل طبقاً لسنة إبراهيم عليه السلام، ثم جاء سيدنا موسى عليه السلام بكتابٍ وشريعة جديدة، وبعده أيضاً سيدنا عيسى عليه السلام أتى بالإنجيل والذي كان شريعةً جديدة، وكان كل النّاس يعملون وفقاً لشريعة سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام إلى عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله. والذي قَدِمّ بالقرآن الكريم وشريعة جديدة سيبقى حلالها وحرامها على ما هي عليه إلى يوم القيامة) <ref>البرهان في تفسير القرآن، ج5، ص51 - تفسير الصافي، ج5، ص19 - كنز الدقائق، ج12، ص 206 - تفسير البرهان، ج4، ص80 - وعيون أخبار الرضا، ج2، ص 178.</ref>.
فعلى سبيل المثال، رواية عن [[الإمام]] [[علي الرضا]] عليه السلام سُئِل فيها: (لماذا يطلق على بعض الأنبياء لفظ أولوا العزم؟ فقال الإمام عليه السلام: لأن نوح عليه السلام بُعث حاملاً كتاباً وشريعةً إلهية، وكل نبي أتى بعده عَمل وفقاً لكتابه وشريعته وأسلوبه، حتى جاء إبراهيم عليه السلام بكتابٍ وصحفٍ جديدة، وكل نبي أتى بعده عمل طبقاً لسنة إبراهيم عليه السلام، ثم جاء سيدنا موسى عليه السلام بكتابٍ وشريعة جديدة، وبعده أيضاً سيدنا عيسى عليه السلام أتى بالإنجيل والذي كان شريعةً جديدة، وكان كل النّاس يعملون وفقاً لشريعة سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام إلى عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله. والذي قَدِمّ بالقرآن الكريم وشريعة جديدة سيبقى حلالها وحرامها على ما هي عليه إلى يوم القيامة) <ref>البرهان في تفسير القرآن، ج5، ص51 - تفسير الصافي، ج5، ص19 - كنز الدقائق، ج12، ص 206 - تفسير البرهان، ج4، ص80 - وعيون أخبار الرضا، ج2، ص 178.</ref>.

مراجعة ١٧:٠١، ١٩ يناير ٢٠١٧

أولوا العزم هي بمعنى أصحاب العزم، ويطلق على عدد من الأنبياء الإلهيين لفظ (أولوا العزم). وقد ذُكِرت كلمة العزم بمعاني متعددة، منها: التصميم، الإرادة، والعهد. وجاء تعبير أولوا العزم في القرآن الكريم للمرة الأولى في سورة الأحقاف: (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).[١]

لقد اختلفت وجهات النظر في أن من هم أصحاب أولوا العزم؟ وهل لديهم رسالة سماوية عالمية، أو أن رسالتهم كانت محدودة؟ والرأي المشهور هو أن الأنبياء الخمسة أصحاب الشرائع السماوية: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، ومحمد عليهم السلام هم المقصودون بهذا الاصطلاح.

المقصود من أولوا العزم

كلمة (أولوا) تأتي بمعنى الأصحاب، وجاءت كلمة (العزم) في اللغة بمعنى الإرادة القوية المستقرة. يقول الراغب في كتابه المفردات: (كلمة العزم تعني: اتخاذ القرار للقيام بعملٍ ما)[٢] . وفي اللغة الفارسية المكتوبة فإن الألفين في لفظ (أولوا العزم) تكتب ألف واحدة فقط (اولو) [٣].

أما فيما يخص بالمقصود من (أولوا العزم) ومن هم أنبياء أولوا العزم، فإنه يوجد لدينا ثلاثة نظريات مختلفة في هذا الأمر:

أصحاب الصبر

يعتقد البعض أن كلمة العزم تأتي بمعنى الصبر، وفسروا ذلك بأن أنبياء أولوا العزم كان لديهم الكثير من التحمل والصبر في مواجهة المشكلات والصعوبات التي واجهتهم أثناء نشرهم للأحكام الإلهية بين الناس. ومرّد ذلك إلى آية أولوا العزم، والتي أتت فيها صفة الصبر إحدى الصفات التي تمتع بها أنبياء أولوا العزم.[٤]

أصحاب العهد

استند بعض المفسرين إلى العديد من الروايات التي فسّرّت كلمة العزم في عبارة أولوا العزم بمعنى العهد، واستدلوا بذلك أيضاً على الآيتين (7 - 8) من سورة الأحزاب والتي أشارت إلى مسألة أخذ البيعة والعهد من الأنبياء الكبار مثل: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد عليهم السلام. وأشارت بعض الآيات الأخرى إلى اسم النبي آدم عليه السلام والذي لم يوفق في الالتزام بالعهد الإلهي، وعُبرّ عن هذا الأمر بخسارة العزم.[٥]

وبناءً على هذا، فإن كلمة العزم تأتي بمعنى العهد[٦] ، وتطلق على الأنبياء الإلهيين الذين أقرّوا بالعبودية والطاعة التامة لله سبحانه وتعالى[٧] ، أو الذين اعترفوا بالولاية الإلهية لخاتم الأنبياء محمد وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام[٨] .

أصحاب الشريعة

وبالاستناد إلى بعض الروايات، فسّرّ عدد آخر من المفسرين مصطلح أولوا العزم أنهم الأنبياء الذين نزلت عليهم الرسائل والكتب الإلهية.[٩]

فعلى سبيل المثال، رواية عن الإمام علي الرضا عليه السلام سُئِل فيها: (لماذا يطلق على بعض الأنبياء لفظ أولوا العزم؟ فقال الإمام عليه السلام: لأن نوح عليه السلام بُعث حاملاً كتاباً وشريعةً إلهية، وكل نبي أتى بعده عَمل وفقاً لكتابه وشريعته وأسلوبه، حتى جاء إبراهيم عليه السلام بكتابٍ وصحفٍ جديدة، وكل نبي أتى بعده عمل طبقاً لسنة إبراهيم عليه السلام، ثم جاء سيدنا موسى عليه السلام بكتابٍ وشريعة جديدة، وبعده أيضاً سيدنا عيسى عليه السلام أتى بالإنجيل والذي كان شريعةً جديدة، وكان كل النّاس يعملون وفقاً لشريعة سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام إلى عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله. والذي قَدِمّ بالقرآن الكريم وشريعة جديدة سيبقى حلالها وحرامها على ما هي عليه إلى يوم القيامة) [١٠].

كان بعض الأنبياء الإلهيين أصحاب كتبٍ سماوية، ولكن كتبهم لم تكن كتب أحكام وشريعة مستقلة وجديدة، وهكذا بالنسبة لسيدنا آدم، شيث، ادريس، وداوود عليهم السلام كانوا أصحاب كتبٍ سماوية إلا أنهم لم يكونوا من أنبياء أولي العزم[١١] .

عدد أنبياء أولوا العزم

يوجد اختلافٌ واضحٌ بين المفسرين في عدد أنبياء أولوا العزم:

كل الرسل الإلهيين

يعتقد فريق من المفسرين أن نوع حرف الجر (من) في الآية المباركة: (أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) تعبيري (أي أنه يوضح ما قبله) ويأخذ معنى حالة الاستقرار والصبر على الاختبار الإلهي، وهي من مميزات كل الأنبياء الإلهيين[١٢] . ومن الضروري هنا التمييز بين الرسول والنبي.

بعض الرسل الإلهيين

لقد اعتقد أغلب المفسرين أن حرف الجر (من) في الآية السابقة قد أتى بمعنى التمييز والتبعيض، وبناءً على هذا فإن الآية تختص بفئة واحدة من رسل أولوا العزم فقط[١٣] .

والبعض الآخر قال أن أولو العزم يشمل ثمانية عشر رسولاً أتت أسمائهم من الآية 82 إلى الآية 90 من سورة الأنعام. وقال الله سبحانه وتعالى بعد ذكر أسماء هؤلاء الأنبياء: (فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ). والبعض منهم استند إلى العديد من الروايات ليثبت أن أنبياء أولوا العزم كانوا 9. والبعض الآخر ذكر أيضاً أن عددهم 6 أو 7 أنبياء[١٤] .

يرى العلامة الطباطبائي وعددٌ من المفسرين أن أولوا العزم هم الأنبياء الخمسة: (نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، ومحمد) عليهم السلام وكانوا من أصحاب الشرائع السماوية[١٥] ، ويعتقدون أن روايات أهل البيت عليهم السلام قد استفاضت في التأكيد على هذا الأمر[١٦] . وبالمقابل، يعتقد البعض الآخر أن هذه الروايات لا تصل إلى حد التواتر، وبما أنها كذلك فلا تدل على اليقين، ولا يوجد دليلٌ قطعي من آيات القرآن الكريم تدل على انحصار أصحاب الشريعة في خمسة أنبياء[١٧] [١٨] .

أنبياء أولوا العزم، وعالمية الرسالة

اتضح لنا أن المقصود من أنبياء أولوا العزم هم الرسل الذين كانوا يحملون الشرائع السماوية، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كانت تلك الرسائل السماوية عالمية، أو أن كل رسول بُعّث لقومه وكانت شريعته خاصة بهم فقط؟ بالتأكيد أنه لا يوجد أي اختلاف حول عالمية رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، ولكن الاختلاف وقع حول الأنبياء الآخرين من أولوا العزم، فظهرت لدينا ثلاث نظريات حول هذا الأمر:

عالمية الرسالة للجميع

يعتقد البعض مثل السيد الطباطبائي أن رسالات أنبياء أولوا العزم كانت عالمية. ولقد بيّن من أجل إثبات ادعائه العديد من الشواهد القرآنية[١٩] والتي وضحّت أن لأنبياء أولوا العزم وأصحاب الكتب والرسائل السماوية نوعين من الدعوة: دعوة تشمل عبادة الله الواحد ونفي الشرك عنه، والأخرى تشمل الأحكام والشرائع الخاصة. فالدعوة الأولى عالمية، على عكس الدعوة الثانية والتي كانت خاصة بقوم دون غيرهم والذين كُلفوا بالعمل بأحكامها.

عالمية الرسالة للبعض

إن رسائل أنبياء أولوا العزم لم تكن عالمية. ومثال ذلك: لقد أُرسل نبيّ الله موسى ونبيّ الله عيسى عليهما السلام إلى بني إسرائيل، وكانت دعوتهما مختصة بهؤلاء القوم فقط. والظاهر من بعض آيات القرآن الكريم تؤيد هذا الادعاء، مثل: (ورسولاً إلى بني إسرائيل) (آل عمران: 49)، وظاهر آيات أخرى مثل: الصف: 6، الإسراء: 101، طه: 47، الشعراء: 17، وغافر: 53، وبناءً على هذا لا يوجد أي تلازم في أن يكون النبي من أنبياء أولوا العزم وأن تكون رسالته عالمية.

التفاصيل

النظرية الثالثة تقول: إذا كان المعنى الشامل للعالمية هنا، أنه يجب على النبي أن يوصل رسالته وشريعته إلى كل العالم، وألا يحصرها في قومه فقط، فرسائل الكثير من الأنبياء ومنهم موسى وعيسى عليهما السلام لم تكن عالمية، وأما إذا أخذنا المعنى الشامل للعالمية هنا، هو لزوم ابلاغ الرسالة ومواجهة الأقوام الأخرى بها لكي يتعرفوا ويدخلوا في الدين الجديد، فإن رسائل كل الأنبياء كانت عالمية. ونستنتج على هذا الأساس معنيين للعالمية: الأول: أن رسالة الكثير من الأنبياء لم تكن عالمية. والثاني: أن رسالة كل الأنبياء عالمية[٢٠] .

يُقال أن موضوع أنبياء أولوا العزم وصِلّتِهم بولاية أهل البيت عليهم السلام قد خضع للبحث في عدد من الروايات . بيّن الأئمة عليهم السلام من خلالها فضائل ومعجزات أنبياء أولوا العزم ولقّبّوهم بورثة العلم فيها[٢١] .

الهوامش

  1. الأحقاف، الآية، 35
  2. مفردات الراغب، كلمة عزم.
  3. القاموس الإملائي للخط الفارسي، ص 79.
  4. تفسير العاملي، ج7، ص523 - تفسير آيات الأحكام، ص 680 - تفسير المراغي، ج21، ص 123 - التحرير والتنوير، ج 26، ص 57.
  5. طه، 115
  6. تفسير القرآن العظيم، ج6، ص 342 - وكنز الدقائق، ج8، ص360.
  7. بحار الأنوار، ج11، ص35 - وتفسير القرآن الكريم، ج6، ص342.
  8. بحار الأنوار، ج11، ص 35 - تفسير القرآن الكريم، ج6، ص 342.
  9. الميزان، ج2، ص 213 - جوامع الجوامع، ج6، ص27 و29 - روح البيان، ج8، 495 - كنز الدقائق، ج 12، ص 203، تفسير المبين، ص 550.
  10. البرهان في تفسير القرآن، ج5، ص51 - تفسير الصافي، ج5، ص19 - كنز الدقائق، ج12، ص 206 - تفسير البرهان، ج4، ص80 - وعيون أخبار الرضا، ج2، ص 178.
  11. الميزان، ج2، ص142.
  12. التحرير والتنوير، 426 - الشيخ الطوسي، ج9، ص287 - الزمخشري، ج4، ص 313 - فخر الدين، ج27، ص35.
  13. التحرير والتنوير، 426 - الشيخ الطوسي، ج9، ص287 - الزمخشري، ج4، ص 313 - فخر الدين، ج27، ص35
  14. الميزان، ج18، ص 333 - روح المعاني، ج26، ص34 و 35.
  15. الميزان، ج2، ص 213 - البرهان، ج3، ص 776 - تفسير المراغي، ج21، ص 132، وج26، ص 29.
  16. الميزان، ج2، ص 145 و 146، و ج18، ص 220.
  17. روح المعاني، ج18، ص 333.
  18. راه وراهنماشناسي، ج5، ص 329.
  19. الميزان، ج2، ص 141 و 142.
  20. راه وراهنماشناسي، ج5، ص 46.
  21. بحار الأنوار، ج2، ص 205.

المصادر والمراجع

  • بحار الأنوار، المجلسي، محمد باقر، طهران، المكتبة الإسلامية.
  • البرهان في تفسير القرآن، البحراني، السيد هاشم، قم، دار الكتب العلمية، 1339 هجرية شمسية.
  • التحرير والتنوير، ابن عاشور، محمد بن طاهر، (ليس محدداً).
  • تفسير آيات الأحكام، السايس، محمد علي، (ليس محدداً).
  • تفسير الصافي، الفيض الكاشاني، الملا محسن، منشورات الصدر، طهران، 1415 هجري قمري.
  • تفسير القرآن العظيم، ابن الكثير، إسماعيل، بيروت، دار الأندلس، 1416 هجري قمري.
  • تفسير المبين، مغنية، محمد جواد، مؤسسة البعثة، قم.
  • تفسير العاملي، العاملي، إبراهيم، طهران، منشورات الصدوق، 1360 هجرية شمسية.
  • تفسير القمي، القمي، علي بن إبراهيم، قم، دار الكتاب، 1367 هجري قمري.
  • تفسير المراغي، المراغي، أحمد بن مصطفى، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • تفسير القرآن الكريم، ابن القيم الجوزي، محمد بن أبو بكر، بيروت، مكتبة الهلال.
  • جوامع الجوامع، الطبرسي، فضل بن حسن، جامعة طهران، طهران، 1377 هجرية شمسية.
  • راه وراهنما شناسي، مصباح اليزدي، محمد تقي، مركز إدارة الحوزة العلمية في قم، 1376 هجرية شمسية.
  • روح البيان، حقي برسوي، إسماعيل، دار الفكر، بيروت، (ليس محدداً).
  • روح المعاني، الألوسي، السيد محمود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415 هجري قمري.
  • عيون أخبار الرضا، الصدوق، محمد بن علي، طهران، العالمية للنشر.
  • القاموس الإملائي للخط الفارسي، صادقي، علي أشرف، أكاديمية اللغة والأدب الفارسي، الطبعة الرابعة، 1391 هجرية شمسية.
  • كنز الدقائق، القمي المشهدي، محمد بن محمد رضا، وزارة الثقافة الإسلامية، طهران، 1368 هجرية شمسية.