انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «غزوة بدر»

أُزيل ٣٨١ بايت ،  ٣ يونيو ٢٠١٨
ط
imported>Bassam
imported>Bassam
سطر ٨٥: سطر ٨٥:


==وقائع الغزوة==
==وقائع الغزوة==
كانت غزوة بدر من [[الغزوة|الغزوات]] القصيرة، حيث لم تستمر أكثر من نصف نهار.<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص75.</ref>
كانت غزوة بدر من [[الغزوة|الغزوات]] القصيرة، حيث لم تستمر أكثر من نصف نهار.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 75.</ref>
===اصطفاف الجيشين===
===اصطفاف الجيشين===
[[ملف:اصطفاف الجيشين في بدر.jpg|تصغير|خارطة اصطفاف الجيشين في بدر]]
[[ملف:اصطفاف الجيشين في بدر.jpg|تصغير|خارطة اصطفاف الجيشين في بدر]]
قبل بداية المعركة أرسل [[النبي محمد|النبي]] رسالة وأعلن عدم ميله للحرب مع قريش وحذرهم من المعركة. بعض المشركين من أمثال [[حكيم بن حزام]] اعتبروا رسالة الرسول منصفة وطلبوا العودة إلى [[مكة]]، ولكن تشدُد [[أبي جهل]] وغطرسته منعهم من العودة.<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص61.</ref>
قبل بداية المعركة أرسل [[النبي محمد|النبي]] رسالة وأعلن عدم ميله للحرب مع قريش وحذرهم من المعركة. بعض المشركين من أمثال [[حكيم بن حزام]] اعتبروا رسالة الرسول منصفة وطلبوا العودة إلى [[مكة]]، ولكن تشدُد [[أبي جهل]] وغطرسته منعهم من العودة.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 61.</ref>


باقتراح من [[سعد بن معاذ]] بُني لرسول الله عريش في منطقة مشرفة على مكان المعركة ويعد العريش مركز القيادة في المعركة، وكُلّف بعض الأصحاب بحماية العريش، ولكن بحسب الروايات رغم وجود العريش كان لرسول الله حضور مميز في المعركة<ref>يماني، محمد عبده، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص47 و48.</ref> فينقل [[احمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد (كتاب)|مسند]]ه عن [[الإمام علي (ع)]] قوله: "رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا".<ref>إبن حنبل، أحمد، مسند أحمد، ج2، ص81 الحديث654.</ref>  
باقتراح من [[سعد بن معاذ]] بُني لرسول الله عريش في منطقة مشرفة على مكان المعركة ويعد العريش مركز القيادة في المعركة، وكُلّف بعض الأصحاب بحماية العريش، ولكن بحسب الروايات رغم وجود العريش كان لرسول الله حضور مميز في المعركة<ref>يماني، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، صص 47  - 48.</ref> فينقل [[احمد بن حنبل]] في [[مسند أحمد (كتاب)|مسند]]ه عن [[الإمام علي (ع)]] قوله: "رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا".<ref>ابن حنبل، مسند أحمد، ج 2، ص 81 الحديث 654.</ref>  
وفي صباح يوم الغزوة عدّل النبي الأكرم صفوف أصحابه<ref>الشبراوي، عبد الله، شرح الصدر بغزوة بدر، ص19.</ref> وحينها أقبلت قريش من خلف العقنقل ـ التل المتدرج من الرمل ـ فلما رآهم الرسول (ص) قال: اللَّهمّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا، تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهمّ فَنَصْرَكَ الَّذِي وَعَدْتنِي، اللَّهمّ أَحِنْهُمْ الْغَدَاةَ.<ref>ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، ج2، ص273.</ref> بعد اصطفاف الجيشين، كانت الشمس خلف جيش الإسلام وفي وجه جيش قريش.<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص56.</ref> دفع [[رسول الله]] راية القيادة المسماة بـ"[[راية العقاب|العقاب]]"<ref>إبن أبي شيبة، أبو بكر، المصنف في الأحاديث والآثار، ج7، ص721.</ref> ـ والتي لا تُرفع الاّ من قبل كبار القوم وبعض المميزين ـ إلى علي (ع).<ref>ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، ج2، ص264.</ref>
وفي صباح يوم الغزوة عدّل النبي الأكرم صفوف أصحابه<ref>الشبراوي، شرح الصدر بغزوة بدر، ص 19.</ref> وحينها أقبلت قريش من خلف العقنقل ـ التل المتدرج من الرمل ـ فلما رآهم الرسول (ص) قال: اللَّهمّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرِهَا، تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهمّ فَنَصْرَكَ الَّذِي وَعَدْتنِي، اللَّهمّ أَحِنْهُمْ الْغَدَاةَ.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 273.</ref> بعد اصطفاف الجيشين، كانت الشمس خلف جيش الإسلام وفي وجه جيش قريش.<ref>الواقدي، كتاب المغازي،ج 1، ص 56.</ref> دفع [[رسول الله]] راية القيادة المسماة بـ"[[راية العقاب|العقاب]]"<ref>إبن أبي شيبة، المصنف في الأحاديث والآثار، ج 7، ص 721.</ref> ـ والتي لا تُرفع الاّ من قبل كبار القوم وبعض المميزين ـ إلى علي (ع).<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 264.</ref>


===بداية المعركة===
===بداية المعركة===
من أجل تحريك المشاعر، قبل بداية المعركة أمر [[أبو جهل]] عامر الحضرمي بأن يحلق راسه ويلطخه بالتراب مطالبا بدم أخيه. يُقال أن عامر كان أول من هجم على معسكر المسلمين ليفرّق صفوفهم، ولكن جيش [[الرسول (ص)|الرسول]] أثبتوا استقامتهم. ومن جهة أخرى كان أبو جهل يوبخ عتبة، وأجبره أن يبدأ بالمبارزة في حرب كان يحاول اطفاء نارها، وهكذا بارز هو وولده الوليد إضافة إلى شيبة وبدؤوا الحرب.<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص66 و67.</ref>
من أجل تحريك المشاعر، قبل بداية المعركة أمر [[أبو جهل]] عامر الحضرمي بأن يحلق راسه ويلطخه بالتراب مطالبا بدم أخيه. يُقال أن عامر كان أول من هجم على معسكر المسلمين ليفرّق صفوفهم، ولكن جيش [[الرسول (ص)|الرسول]] أثبتوا استقامتهم. ومن جهة أخرى كان أبو جهل يوبخ عتبة، وأجبره أن يبدأ بالمبارزة في حرب كان يحاول اطفاء نارها، وهكذا بارز هو وولده الوليد إضافة إلى شيبة وبدؤوا الحرب.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 66 - 67.</ref>


فأخرج لهم الرسول الأكرم، [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] والإمام [[علي (ع)]] وعبيدة بن الحارث لساحة القتال، فقتل حمزة شيبة، وقتل علي (ع) الوليد، ولكن عبيدة لم يتمكن من هزيمة عتبة فكرّ حمزة وعلي (ع) عليه وقتلاه.<ref>ابن الأثير، علي، الكامل في التاريخ، ج2، ص22.</ref>
فأخرج لهم الرسول الأكرم، [[حمزة بن عبد المطلب|حمزة]] والإمام [[علي (ع)]] وعبيدة بن الحارث لساحة القتال، فقتل حمزة شيبة، وقتل علي (ع) الوليد، ولكن عبيدة لم يتمكن من هزيمة عتبة فكرّ حمزة وعلي (ع) عليه وقتلاه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 22.</ref>


===مصير المعركة===
===مصير المعركة===
بعد مقتل عتبة وشيبة والوليد، اشتدت نيران الحرب ولكن بالامدادات الهية واستقامة المسلمين، غُلب المشركون.<ref>العاملي، جعفر، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج5، ص339.</ref> ويُذكر بأن [[الرسول (ص)]] أخذ قبضة من الحصى والتراب أثناء المعركة ورمى بها على [[قريش]] وقال: "شاهت الوجوه، اللهم أرعب قلوبهم وزلزل أقدامهم"، ثم قال لأصحابه: "شدوا" وهذا العمل لقد سبب هزيمة المشركين وفرارهم.<ref>الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، ج2، ص449.</ref> حيث تركت قريش عدتها في أرض المعركة ولاذوا بالفرار<ref>يماني، محمد عبده، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص114 و115.</ref> وانتشر خبر هزيمتهم حتى وصل إلى أهل مكة.<ref>يماني، محمد عبده، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص160.</ref>
بعد مقتل عتبة وشيبة والوليد، اشتدت نيران الحرب ولكن بالامدادات الهية واستقامة المسلمين، غُلب المشركون.<ref>العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج 5، ص 339.</ref> ويُذكر بأن [[الرسول (ص)]] أخذ قبضة من الحصى والتراب أثناء المعركة ورمى بها على [[قريش]] وقال: "شاهت الوجوه، اللهم أرعب قلوبهم وزلزل أقدامهم"، ثم قال لأصحابه: "شدوا" وهذا العمل لقد سبب هزيمة المشركين وفرارهم.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 449.</ref> حيث تركت قريش عدتها في أرض المعركة ولاذوا بالفرار<ref>يماني، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، صص 114 - 115.</ref> وانتشر خبر هزيمتهم حتى وصل إلى أهل مكة.<ref>يماني، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص 160.</ref>


وهكذا انتهت معركة بدر ب[[استشهاد]] 14 شخصا من المسلمين (6 شهداء من المهاجرين و8 من الأنصار) ومصرع 70 شخصا من المشركين إضافة إلى أسر 70 آخرين.<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص145ـ152.</ref> ويُذكر أن 21 شخصا من قتلى قريش قُتلوا علي يد [[الإمام علي (ع)]].<ref>جعفر مرتضى العاملي، الصحيح من السيرة النبي الأعظم‏، ج‏5،ص60.</ref> هذا وتفرق عدد كبير من المشركين في الصحارى والوديان، بانتظار الليل ليهربوا من قبضة المسلمين.<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص95.</ref>
وهكذا انتهت معركة بدر ب[[استشهاد]] 14 شخصا من المسلمين (6 شهداء من المهاجرين و8 من الأنصار) ومصرع 70 شخصا من المشركين إضافة إلى أسر 70 آخرين.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، صص 145 - 152.</ref> ويُذكر أن 21 شخصا من قتلى قريش قُتلوا علي يد [[الإمام علي (ع)]].<ref>العاملي، الصحيح من السيرة النبي الأعظم‏، ج 5، ص 60.</ref> هذا وتفرق عدد كبير من المشركين في الصحارى والوديان، بانتظار الليل ليهربوا من قبضة المسلمين.<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 95.</ref>


وأما [[أبو جهل]] الذي كان قائد جيش قريش فقد لحقه [[معاذ بن عمرو]] وأبني عفراء وأصابوه بجروح قاتلة، وضرب ابن مسعود عنقه في آخر رمق، وفرح [[رسول الله (ص)]] من مقتل أبي جهل وقال: "إن الله قتل فرعون هذه الأمة أبا جهل، فالحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، اللهم قد أنجزت ما وعدتني فتمم عليَّ نعمتك"، وحينما وقف على مصرع ابني عفراء قال (ص): "يرحم الله ابني عفراء فإنهما قد شاركا في قتل فرعون هذه الأمة، ورأس أئمة الكفر".<ref>يماني، محمد عبده، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص109.</ref>
وأما [[أبو جهل]] الذي كان قائد جيش قريش فقد لحقه [[معاذ بن عمرو]] وأبني عفراء وأصابوه بجروح قاتلة، وضرب ابن مسعود عنقه في آخر رمق، وفرح [[رسول الله (ص)]] من مقتل أبي جهل وقال: "إن الله قتل فرعون هذه الأمة أبا جهل، فالحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، اللهم قد أنجزت ما وعدتني فتمم عليَّ نعمتك"، وحينما وقف على مصرع ابني عفراء قال (ص): "يرحم الله ابني عفراء فإنهما قد شاركا في قتل فرعون هذه الأمة، ورأس أئمة الكفر".<ref>يماني، بدر الكبرى .. المدينة والغزوة، ص 109.</ref>


كان [[نوفل بن خويلد]] من الذين لعنهم الرسول الأكرم وقال فيه "اللهم اكفني نوفل بن خويلد" وقد قتله [[الإمام علي (ع)]] بسبب مواقفه السيئة من الرسول وتحريض المشركين على القتال، وعندما وصل خبر مقتله لرسول الله كبّر وقال: "الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه".<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص91.</ref>
كان [[نوفل بن خويلد]] من الذين لعنهم الرسول الأكرم وقال فيه "اللهم اكفني نوفل بن خويلد" وقد قتله [[الإمام علي (ع)]] بسبب مواقفه السيئة من الرسول وتحريض المشركين على القتال، وعندما وصل خبر مقتله لرسول الله كبّر وقال: "الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه".<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 91.</ref>


لم تستمر غزوة بدر سوى بضع ساعات، أي أقل من نصف نهار<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص75.</ref> ولكنها تُعد إحدى أهم حوادث [[صدر الإسلام]]، حيث قال الرسول فيها: "ما أري [[الشيطان]] يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في [[يوم عرفة]]، [...] إلا ما أري يوم بدر".<ref>الواقدي، محمد بن عمر، كتاب المغازي،ج1، ص77 و78.</ref>
لم تستمر غزوة بدر سوى بضع ساعات، أي أقل من نصف نهار<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، ص 75.</ref> ولكنها تُعد إحدى أهم حوادث [[صدر الإسلام]]، حيث قال الرسول فيها: "ما أري [[الشيطان]] يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في [[يوم عرفة]]، [...] إلا ما أري يوم بدر".<ref>الواقدي، كتاب المغازي، ج 1، صص 77 - 78.</ref>


==أحداث بعد المعركة==
==أحداث بعد المعركة==
مستخدم مجهول