مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «وفاة النبي (ص)»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Nabavi لا ملخص تعديل |
imported>Nabavi لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{ | {{تطوير مقال}} | ||
{{تاريخ صدر الإسلام}}'''وفاة النبي''' (ص) كانت في السنة 11ه يوم الإثنين كما هو متفق عليه، ولكن تضاربت الآراء في تحديد ساعته وشهره. يرى [[أهل السنة]] بأن [[الرسول]] توفي في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، بينما [[الشيعة]] تعتقد أنها كانت في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر. إن فقدان الرسول يكون منعطفاٌ مصيرياً [[المسلمين|للمسلمين]] كافة، كما يُعد نقطة بداية لإنقسام المسلمين إلي فريقين أساسيين، الأول؛ المؤيدون لمن تعيّن في إجتماع السقيفة، وإلى جانبهم المبايعون والخاضعون للأمر الواقع، من يطلق عليهم عنوان [[أهل السنة والجماعة]] وهم الأغلبية، والثاني؛ الموالون [[أهل بيت النبوة|لأهل بيت النبوة]]، من سُمّوا [[شيعة علي (ع)|بشيعة علي]] وفيما بعد عرفوا [[الشيعة|بالشيعة]] وهم في الأقلية. | {{تاريخ صدر الإسلام}}'''وفاة النبي''' (ص) كانت في السنة 11ه يوم الإثنين كما هو متفق عليه، ولكن تضاربت الآراء في تحديد ساعته وشهره. يرى [[أهل السنة]] بأن [[الرسول]] توفي في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، بينما [[الشيعة]] تعتقد أنها كانت في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر. إن فقدان الرسول يكون منعطفاٌ مصيرياً [[المسلمين|للمسلمين]] كافة، كما يُعد نقطة بداية لإنقسام المسلمين إلي فريقين أساسيين، الأول؛ المؤيدون لمن تعيّن في إجتماع السقيفة، وإلى جانبهم المبايعون والخاضعون للأمر الواقع، من يطلق عليهم عنوان [[أهل السنة والجماعة]] وهم الأغلبية، والثاني؛ الموالون [[أهل بيت النبوة|لأهل بيت النبوة]]، من سُمّوا [[شيعة علي (ع)|بشيعة علي]] وفيما بعد عرفوا [[الشيعة|بالشيعة]] وهم في الأقلية. | ||
==مجريات ما قبل الوفاة== | ==مجريات ما قبل الوفاة== | ||
بحسب المصادر التاريخية ما إن ظهرت آثار المرض والسقم على رسول الله الذي توفي فيه حتى طرأت أمور لم تكن في الحسبان. فبدأت محالفات لأوامر الرسول في هذه المدة تبرز إلى العلن، والأمر يوحي وكأنه كان موضع ترقّب من قبل بعض الشخصيات منذ زمن. الكتب التاريخية والسيَر من الفريقين تروي هذه الحوادث وحيثياتها إما بإسهاب أو بإجمال. | |||
===جيش أسامة=== | ===جيش أسامة=== | ||
سطر ١٠: | سطر ١١: | ||
وذكروا بأنه (أسامة) دخل يوم الإثنين والرسول مفيقاً فلما جاءه أسامة قال له: "أغد على بركة الله" فودعه أسامة وخرج إلى المعسكر، إلا أنه فبل مغادرته أخبروه أن النبي يموت. فأقبل إلى رسول الله وهو يجود بنفسه فتوفي ذلك اليوم.<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج6،ص249.</ref> ودخل [[بريدة بن الحصيب]] باللواء فركزه عند باب رسول الله وهو مغلق، [[علي(ع)|وعلي]] وبعض [[بني هاشم]] قائمين بإعداد جهازه وغسله، فهنا قال العباس [[علي بن أبي طالب|لعلي بن أبي طالب]] وهما في الدار: أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول الله بايع ابن عمّ رسول الله فلا يختلف عليك إثنان، إلا أن الظاهر لم يكترث علي بالأمر وهومنشغل بجهاز النبي (ص).<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص161.</ref> | وذكروا بأنه (أسامة) دخل يوم الإثنين والرسول مفيقاً فلما جاءه أسامة قال له: "أغد على بركة الله" فودعه أسامة وخرج إلى المعسكر، إلا أنه فبل مغادرته أخبروه أن النبي يموت. فأقبل إلى رسول الله وهو يجود بنفسه فتوفي ذلك اليوم.<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج6،ص249.</ref> ودخل [[بريدة بن الحصيب]] باللواء فركزه عند باب رسول الله وهو مغلق، [[علي(ع)|وعلي]] وبعض [[بني هاشم]] قائمين بإعداد جهازه وغسله، فهنا قال العباس [[علي بن أبي طالب|لعلي بن أبي طالب]] وهما في الدار: أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول الله بايع ابن عمّ رسول الله فلا يختلف عليك إثنان، إلا أن الظاهر لم يكترث علي بالأمر وهومنشغل بجهاز النبي (ص).<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص161.</ref> | ||
===النبي طريح الفراش=== | ===النبي طريح الفراش=== | ||
لازم رسول الله الفراش مدة ذكروا أقصاه أسبوعين إلى أن واراه الثرى. وقد اختلف في مدة مرضه، فالأكثر على أنها ثلاثة عشر يوماٌ، وقيل اثنتي عشرة ليلة،<ref>ابن الجوزي، المنتظم، ج4،ص26.</ref> عن إبن إسحاق قال: ...إبتدئ رسول الله (ص) يشكوه الَّذي قبضه اللَّه فيه، | لازم رسول الله الفراش مدة ذكروا أقصاه أسبوعين إلى أن واراه الثرى. وقد اختلف في مدة مرضه، فالأكثر على أنها ثلاثة عشر يوماٌ، وقيل اثنتي عشرة ليلة،<ref>ابن الجوزي، المنتظم، ج4،ص26.</ref> عن إبن إسحاق قال: ...إبتدئ رسول الله (ص) يشكوه الَّذي قبضه اللَّه فيه، إلى ما أراد به من كرامته ورحمته، في ليال بقين من صفر، أو في أول شهر ربيع الأول.<ref>إبن هشام، سيرة النبي، ج2، ص642.</ref> | ||
===سبب وفاة الرسول=== | |||
=== | |||
يرى الكثير من المؤرخين بأن العلة الرئيسية لمرض النبي المودي بحياته هو تسمّمه بالسمّ الذي دسّته إمرأة من [[اليهود]] في طعامه يوم فتح خيبر إنتقاماً لذويها الذين قتلوا في تلك الحرب.<ref>الواقدي، المغازي، ج2، ص677-678؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص247 نقلاً عن الصحيح من السيرة للعاملي، ج32، ص213.</ref> | يرى الكثير من المؤرخين بأن العلة الرئيسية لمرض النبي المودي بحياته هو تسمّمه بالسمّ الذي دسّته إمرأة من [[اليهود]] في طعامه يوم فتح خيبر إنتقاماً لذويها الذين قتلوا في تلك الحرب.<ref>الواقدي، المغازي، ج2، ص677-678؛ الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص247 نقلاً عن الصحيح من السيرة للعاملي، ج32، ص213.</ref> | ||
سطر ٢١: | سطر ٢٠: | ||
===وصايا النبي والكتاب الذي لم يكتب === | ===وصايا النبي والكتاب الذي لم يكتب === | ||
إضافة إلى المرات التي سبقت وأن أوصى وأكد على كثير من الأمور في مناسبات متعددة، أوصى الرسول هذه المرة -في فترة مرضه المؤدي إلى وفاته- ببعض مما سبق بوجه خاص وحثّ على أخر مستحدثات أيضاً. | إضافة إلى المرات التي سبقت وأن أوصى وأكد على كثير من الأمور في مناسبات متعددة، أوصى الرسول هذه المرة -في فترة مرضه المؤدي إلى وفاته- ببعض مما سبق بوجه خاص وحثّ على أخر مستحدثات أيضاً. | ||
====ما أمر به | ====أهم ما أمر به ليقضى في حياته==== | ||
*تجهيز جيش أسامة وبعثه | *تجهيز جيش أسامة وبعثه | ||
*التصدق بالدنانير المتبقية عنده | *التصدق بالدنانير المتبقية عنده | ||
*الصلاة بالناس نيابة عنه | *الصلاة بالناس نيابة عنه | ||
====ما وصّى به لما بعد مماته==== | ====أهم ما وصّى به لما بعد مماته==== | ||
*وصية النبي لعلي | *وصية النبي لعلي | ||
*وصاياه حول تجهيزه ودفنه | *وصاياه حول تجهيزه ودفنه | ||
*حديث | *حديث القرطاس | ||
=====حكاية صلاة أبي بكر بالناس===== | =====حكاية صلاة أبي بكر بالناس===== | ||
شهدت الأخبار التي خصت الصلاة نيابة عن الرسول في مرضه، بعض التناقضات وأثارت التساؤلات لكثير من المؤرخين والمحدثين حيث رؤوا فيها من التجاذبات الداخلية ما يبعث على التأمل. | |||
=====حديث | {{مفصلة|صلاة أبي بكر}} | ||
=====حديث القرطاس===== | |||
{{مفصلة|حديث القرطاس}} | |||
فيما يتعلق بالوصية التي أراد النبي أن يكتبها لتبقى سنداٌ وثیقاٌ للأمة ولا تبقي مجالاً لتأويلات وقراءات مختلفة لدى أحد أو فريق من المسلمين بعده تفادياً للإستئثار بالحكم أو المكانة، ولكنها لم ترى النور كما هو مشهور لدى الجميع، يوافينا التاريخ بمعلومات وفيرة، منها: | فيما يتعلق بالوصية التي أراد النبي أن يكتبها لتبقى سنداٌ وثیقاٌ للأمة ولا تبقي مجالاً لتأويلات وقراءات مختلفة لدى أحد أو فريق من المسلمين بعده تفادياً للإستئثار بالحكم أو المكانة، ولكنها لم ترى النور كما هو مشهور لدى الجميع، يوافينا التاريخ بمعلومات وفيرة، منها: | ||
سطر ٤١: | سطر ٤٤: | ||
روى أبو يعلى بسند صحيح عن جابر أن رسول الله دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلّون بعده وفي رواية: «يكتب فيهما كتابا لأمّته لا يَظلمون ولا يُظلَمون» وكان في البيت لغط فنكل عمر فرفضها رسول الله (ص).<ref>الصاحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص248.</ref> | روى أبو يعلى بسند صحيح عن جابر أن رسول الله دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابا لا يضلّون بعده وفي رواية: «يكتب فيهما كتابا لأمّته لا يَظلمون ولا يُظلَمون» وكان في البيت لغط فنكل عمر فرفضها رسول الله (ص).<ref>الصاحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص248.</ref> | ||
روى [[الشيخان]] (البخاري | روى [[الشيخان]] (البخاري ومسلم) عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بلّ دمعه الحصى، سئل يا ابن عباس يوم الخميس وما يوم الخميس؟ قال: إشتد برسول الله وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فقال [[عمر بن الخطاب|عمر]]: أن رسول الله مدّ عليه الوجع وعندكم [[القرآن]] حسبنا [[كتاب الله]]،<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص247.</ref> وعلى بعض الروايات ومنها المروية عن أهل الجماعة أيضاً كالخفاجي، بأن عمر هو صاحب القالة الشهيرة: "إن الرجل ليهجر".<ref>الخفاجي في شرح الشفاء، ج4، ص278، نقلاً عن الصحيح للعاملي، ج32، ص220.</ref>فاختلف من حضر في البيت فحصل نقاش بين الحاضرين. | ||
يقول ابن عباس: فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم ومنهم من يقول ما قال عمر. فتنازعوا ولا ينبغي عند النبي التنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه! فذهبوا يعيدون عليه فقال رسول الله: «قوموا» لما أكثروا اللّغو والاختلاف عنده، دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. فقال: وأوصاهم عند موته بثلاث فقال: «أخرجوا [[المشركين]] من [[جزيرة العرب]]، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم قال: وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيها فقال ابن عباس إن الرّزيئة سحل الرّزيئة ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم هذا الكتاب لاختلافهم ولغطهم».<ref>الصاحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص248.</ref> | يقول ابن عباس: فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم ومنهم من يقول ما قال عمر. فتنازعوا ولا ينبغي عند النبي التنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر؟ استفهموه! فذهبوا يعيدون عليه فقال رسول الله: «قوموا» لما أكثروا اللّغو والاختلاف عنده، دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه. فقال: وأوصاهم عند موته بثلاث فقال: «أخرجوا [[المشركين]] من [[جزيرة العرب]]، وأجيزوا الوفد بنحو مما كنت أجيزهم قال: وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيها فقال ابن عباس إن الرّزيئة سحل الرّزيئة ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم هذا الكتاب لاختلافهم ولغطهم».<ref>الصاحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص248.</ref> | ||
سطر ٦٠: | سطر ٦٣: | ||
*على القول المشهور كان أبو بكر في السُّنْح خارج المدينة،<ref>الطبري، تاريخ، ج2، ص442؛ الريشهري، موسوعة الإمام علي، ج2، ص15.</ref>فذهب سالم بن عبيد فأعلمه بوفاة رسول الله .<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص244.</ref> | *على القول المشهور كان أبو بكر في السُّنْح خارج المدينة،<ref>الطبري، تاريخ، ج2، ص442؛ الريشهري، موسوعة الإمام علي، ج2، ص15.</ref>فذهب سالم بن عبيد فأعلمه بوفاة رسول الله .<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص244.</ref> | ||
بالنسبة إلى عمر بن الخطاب الظاهر أنه قد حضر عند البيت بمعية أسامة وأبوعبيدة الجراح بعدما وصلهم الخبر بأن النبي على وشك الموت قبیل أن يغادروا المعسكر، ولم يكن عمر يصدّق بأن النبي (ص) قد قبض، وكان يتوعد الناس بالقتل، حتى أنه قال: "إن رسول الله لم يمت، ولكنه عرج بروحه كما عرج بروح [[موسى |موسى]]،<ref>ابن سعد، الطبقات الكبري، ج2، ص266.</ref> ثم جاء أبوبكر وكان عمر يخاطب الناس فأمره بالصمت بعبارة: "على رسلك يا عمر" فأنصت، أو عبارة "أسكت فسكت" إبن الخطاب.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص267؛ الطبري، تاريخ، ج2، ص442</ref>ثم صعد أبو بكر فاستشهد بآي من [[القرآن الكريم]]،<ref>"إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" (الزمر:30) أو "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ" (آل عمران: 144)</ref>حتى فرغ منها ثم أردف: من كان يعبد [[محمد (ص)|محمداً]] قد مات ومن كان يعبد [[الله]] حيّ لا يموت.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص267</ref> | بالنسبة إلى عمر بن الخطاب الظاهر أنه قد حضر عند البيت بمعية أسامة وأبوعبيدة الجراح بعدما وصلهم الخبر بأن النبي على وشك الموت قبیل أن يغادروا المعسكر، ولم يكن عمر يصدّق بأن النبي (ص) قد قبض، وكان يتوعد الناس بالقتل، حتى أنه قال: "إن رسول الله لم يمت، ولكنه عرج بروحه كما عرج بروح [[موسى |موسى]]،<ref>ابن سعد، الطبقات الكبري، ج2، ص266.</ref> ثم جاء أبوبكر وكان عمر يخاطب الناس فأمره بالصمت بعبارة: "على رسلك يا عمر" فأنصت، أو عبارة "أسكت فسكت" إبن الخطاب.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص267؛ الطبري، تاريخ، ج2، ص442</ref>ثم صعد أبو بكر فاستشهد بآي من [[القرآن الكريم]]،<ref>"إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" (الزمر:30) أو "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ" (آل عمران: 144)</ref>حتى فرغ منها ثم أردف: من كان يعبد [[محمد (ص)|محمداً]] قد مات ومن كان يعبد [[الله]] حيّ لا يموت.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص267</ref> | ||
هناك روايات تدلّ على أن [[علي بن أبي طالب]] كان المصاحب الأخير للرسول وفاضت نفس النبي واضعاً رأسه في حجر [[علي]]، فهو آخر من عهد اليه النبي، ويتأكّد ذلك من خلال خطبه والروايات الدالة على مضجع النبي آنذاك وهو بيت إبنته [[فاطمة]].<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج32، ص292.</ref> | هناك روايات تدلّ على أن [[علي بن أبي طالب]] كان المصاحب الأخير للرسول وفاضت نفس النبي واضعاً رأسه في حجر [[علي]]، فهو آخر من عهد اليه النبي، ويتأكّد ذلك من خلال خطبه والروايات الدالة على مضجع النبي آنذاك وهو بيت إبنته [[فاطمة]].<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج32، ص292.</ref> | ||
==== | ====تجهيز النبي ومدفنه==== | ||
فيما يتعلق بالمكان الذي قضى رسول الله مدة مرضه ثم قبض فيه، هناك رأيان أساسيان: | فيما يتعلق بالمكان الذي قضى رسول الله مدة مرضه ثم قبض فيه، هناك رأيان أساسيان: | ||
*الرأي الذي يقول بتمريض الرسول في بيت (أو حجرة) عائشة وبالتالي | *الرأي الذي يقول بتمريض الرسول في بيت (أو حجرة) عائشة وبالتالي وفاته ودفنه هناك. | ||
إن هذا الرأي على العموم يستند إلى الروايات المنسوبة إلى عائشة، ومنها رواية عن الشيخين عن عائشة قالت: "إن من أنعم الله علي أن رسول الله (ص) توفي في بيتي وبين سحري ونحري (وفي رواية) بين حاقنتي وداقنتي وأن الله تعالى جمع بين ريقي وريقه عند الموت، فدخل عليّ عبد الرحمن وبيده سواك..."<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص261.</ref>إلا أن الجمع بينها والرواية المنسوبة إليها أيضاً يوجب رفع أحدهما حيث قالت: ما علمنا بدفن رسول الله (ص) حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص232-233.</ref>وذكره الآخرون نقلاً عن مصادر أخرى.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح، ج32، ص342.</ref> | إن هذا الرأي على العموم يستند إلى الروايات المنسوبة إلى عائشة، ومنها رواية عن الشيخين عن عائشة قالت: "إن من أنعم الله علي أن رسول الله (ص) توفي في بيتي وبين سحري ونحري (وفي رواية) بين حاقنتي وداقنتي وأن الله تعالى جمع بين ريقي وريقه عند الموت، فدخل عليّ عبد الرحمن وبيده سواك..."<ref>الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج12، ص261.</ref>إلا أن الجمع بينها والرواية المنسوبة إليها أيضاً يوجب رفع أحدهما حيث قالت: ما علمنا بدفن رسول الله (ص) حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص232-233.</ref>وذكره الآخرون نقلاً عن مصادر أخرى.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح، ج32، ص342.</ref> | ||
سطر ٧٦: | سطر ٨٠: | ||
فعليهذا الأساس لا مانع في إبتداء مرض النبي في حجرة عائشة، ومن ثم انتقاله إلى بيت فاطمة ووفاته ودفنه هناك.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج32، ص292.</ref> | فعليهذا الأساس لا مانع في إبتداء مرض النبي في حجرة عائشة، ومن ثم انتقاله إلى بيت فاطمة ووفاته ودفنه هناك.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج32، ص292.</ref> | ||
==== | ====وقائع ما بعد الوفاة==== | ||
بينما قام علي بن إبي طالب [[العباس بن عبدالمطلب|والعباس بن عبدالمطلب]] بتجهيز النبي (ص) وجوه من الصحابة كانت تتناور في [[السقيفة (توضيح)|السقيفة]] لحسم أمر [[الخلافة]] بعد [[الرسول الأعظم]]. منهم [[الشيخان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] من جانب المهاجرين [[سعد بن عبادة|وسعد بن عبادة]] وغيرهم من جانب الانصار. | بينما قام علي بن إبي طالب [[العباس بن عبدالمطلب|والعباس بن عبدالمطلب]] بتجهيز النبي (ص) وجوه من الصحابة كانت تتناور في [[السقيفة (توضيح)|السقيفة]] لحسم أمر [[الخلافة]] بعد [[الرسول الأعظم]]. منهم [[الشيخان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] من جانب المهاجرين [[سعد بن عبادة|وسعد بن عبادة]] وغيرهم من جانب الانصار. | ||
حسب الأدلة ما جرى من وقوع الخلاف ومناقشات ومجادلات وردود بين المهاجرين والأنصار في السقيفة كله قد وقع في بقية يوم الإثنين حتى الليل وشغلهم عن تجهيز رسول الله من تغسيله وتكفينه ودفنه الذي تمّ في نفس اليوم عند العتمة، وأنهم لم يعرفوا بدفنه إلا حين سمعوا صوت المساحي، فيتبين هنا بأن التجهيز لم يستغرق إلا بضع ساعات.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح، ج32، ص342.</ref>والدليل على ذلك ما روَياه ابن سعد والبيهقي، عن عائشة، التي أقرت بعدم العلم بدفن رسول الله (ص) حتى سماع صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر، أو عن الزهري قال -نقلاً عن شيوخ من الأنصار في بني غنم-: سمعنا صوت المساحي آخر الليل، ليلة الثلاثاء، أو -بحسب ابن كثير- ما رواه سيف عن هشام عن أَبيه قال: توفي رسول الله يوم الإثنين وغسّل يوم الإثنين ودفن ليلية الثلاثاء.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص232-233.</ref> | حسب الأدلة ما جرى من وقوع الخلاف ومناقشات ومجادلات وردود بين المهاجرين والأنصار في السقيفة كله قد وقع في بقية يوم الإثنين حتى الليل وشغلهم عن تجهيز رسول الله من تغسيله وتكفينه ودفنه الذي تمّ في نفس اليوم عند العتمة، وأنهم لم يعرفوا بدفنه إلا حين سمعوا صوت المساحي، فيتبين هنا بأن التجهيز لم يستغرق إلا بضع ساعات.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح، ج32، ص342.</ref>والدليل على ذلك ما روَياه ابن سعد والبيهقي، عن عائشة، التي أقرت بعدم العلم بدفن رسول الله (ص) حتى سماع صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر، أو عن الزهري قال -نقلاً عن شيوخ من الأنصار في بني غنم-: سمعنا صوت المساحي آخر الليل، ليلة الثلاثاء، أو -بحسب ابن كثير- ما رواه سيف عن هشام عن أَبيه قال: توفي رسول الله يوم الإثنين وغسّل يوم الإثنين ودفن ليلية الثلاثاء.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج2، ص232-233.</ref> |