نص:مناظرة سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف

من ويكي شيعة

عندما قُبض على سعيد بن جبير واُدخل على الحجاج بن يوسف الثقفي جرت بينهما مناظرة ذكرتها المصادر:

  • الحجاج: ما اسمك؟
  • سعيد: سعيد بن جبير.
  • الحجاج: بل أنت شقي بن كسير.
  • سعيد: بل أنا سعيد بن جبير
  • الحجاج: بل أنت شقي بن كسير
  • سعيد: أمي كانت أعلم باسمي منك.
  • الحجاج: والله لاقتلنك
  • سعيد: إني إذن لسعيد كما سمتني أمي.
  • الحجاج: شقيتَ أنت، وشقيتْ أمك.
  • سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
  • الحجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى.
  • سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا.
  • الحجاج: فما قولك في محمد.
  • سعيد: نبي الرحمة، وإمام الهدى، خير من بقى وخير من مضى.
  • الحجاج: فما قولك في علي بن أبي طالب؟
  • سعيد: ابن عم رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وأول من أسلم وزوج فاطمة (سلام الله عليها) وأبو الحسن والحسين (عليهماالسلام).
  • الحجاج: أهو في الجنة أم في النار؟
  • سعيد: لو دخلتها؛ فرأيت أهلها لعرفت.
  • الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟
  • سعيد: لست عليهم بوكيل.
  • الحجاج: فأيهم أعجب إليك؟
  • سعيد: أرضاهم لخالقي.
  • الحجاج: فأيّهم أرضي للخالق؟
  • سعيد: علم ذلك عند ربّي يعلم سرهم ونجواهم.
  • الحجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي.
  • سعيد: إني لم أحب أن أكذبك.
  • الحجاج: فما تقول في معاوية؟
  • سعيد: شغلني نفسي عن تصريف هذه الأمة وتمييز أعمالها.
  • الحجاج: فما تقول فيّ؟
  • سعيد: أنت أعلم بنفسك
  • الحجاج: بت بعلمك
  • سعيد: إذن يسؤك ولا يسرك
  • الحجاج: بت بعلمك
  • سعيد: إعفني
  • الحجاج: لا عفا الله عني إن عفوتك
  • سعيد: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله تعالى، ترى لنفسك أمورا تريد بها الهيبة وهي تقحمك الهلكة وسترد غداً فتعلم.
  • الحجاج: أنا أحبّ الى الله منك
  • سعيد: لا يقدم أحد على ربّه حتى يعرف منزلته منه، والله بالغيب أعلم.
  • الحجاج: كيف لا أقدم علي ربّي في مقامي هذا وأنا مع إمام الجماعة وانت مع إمام الفرقة والفتنة!
  • سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة، ولا أنا براض عن الفتنة...
  • الحجاج: والله لأقتلنك قتلةلم أقتلها أحداً قبلك، ولا أقتلها أحداً بعدك.
  • سعيد: إذن تفسد عليّ دنياي وأفسد عليك آخرتك
  • الحجاج: فما بالك لم تضحك؟
  • سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار؟!
  • الحجاج: فما بالنا نضحك؟
  • سعيد: لم تستوِ القلوب
  • الحجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟
  • سعيد: لم أرَ

ثم أمر الحجاج بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ فوضعت بين يدي سعيد.

  • سعيد: إن كنت جمعت هذا لتفتدي به من فزع يوم القيامة فصالح والا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ولا خير في شيء جمع للدنيا الا ما طاب وزكا.
  • الحجاج: ويلك يا سعيد
  • سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار.
  • الحجاج: فاختر أيَّ قتله أقتلك.
  • سعيد: اختر لنفسك ـ يا حجَّاج ـ فوالله، ما تقتلني قتله إلاَّ قتلك الله مثلها في الآخرة.
  • الحجاج: أفتُريد أنْ أعفو عنك؟
  • سعيد: إنْ كان العفو فمِن الله. وأمَّا أنت فلا براءة لك ولا عذر.
  • الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه.

فلمَّا خرج من الباب ضحك. فأُخبر الحجَّاج بذلك فأمر بردِّه وقال: ما أضحكك؟!

  • عجبت مِن جُرأتك على الله وحِلم الله عنك.

فأمر الحجَّاج بالنطع فبًسط ، فقال: أقتلوه. قال سعيد: "وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مُسلماً وما أنا مِن المُشركين".[١][٢] قال الحجاج: شدُّوا به لغير القبلة! قال سعيد: ﴿فأينما تولُّوا فثمَّ وجه الله.[٣]

قال: كبُّوه على وجهه. قال سعيد: ﴿منها خلقناكم وفيها نُعيدكم ومنها نُخرجكم تارة أُخرى.[٤]

قال الحجَّاج: اذبحوه. قال سعيد: أمَّا أنَّي أَشهد وأحاجُّ أنْ لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله. خُذْها منِّي حتَّى تلقاني يوم القيامة. ثمَّ دعا سعيد الله فقال: اللَّهمَّ لا تُسلِّطه على أحد يقتله بعدي، فذبح على النطع رحمه الله. ولم يعش الحجَّاج بعده طويلا، وظلَّ يُنادي فيها: "مالي ولسعيد بن جبير كلَّما أردت النوم أخذ برجلي".[٥]

الهوامش

  1. قاموس الرجال، ج 5، ص 86
  2. وفيات الأعيان، ج 2، ص 374
  3. الأنعام / 79
  4. طه/ 55
  5. السعدي، القرآني الفقيه سعيد بن جبير، ص236-241

المصادر والمراجع

  • التستري، محمد تقي، قاموس الرجال، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1417 هـ.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 2، 1413 هـ/ 1993 م.
  • السعدي، أحمد القرآني، الفقيه سعيد بن جبير، د.م، نشر الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة، ط 1، د.ت.