جريمة سبايكر

إعدام قسم من طلبة قاعدة سبايكر في القصور الرئاسية وقسم منهم في العراء

جريمة سبايكر، هي جريمة قتل جماعي ارتكبت في يوم 12 حزيران 2014 م، بحق 1700 أو 2200 جندي عراقي من طلاب الكلية العسكرية غالبيتهم من الشيعة في قاعدة سبايكر بمحافظة صلاح الدين، على يد داعش وعناصر من حزب البعث العراقي المحظور في العراق.

فبعد تسريح الجنود من القاعدة العسكرية وهم عائدون إلى محافظاتهم أُسِروا في الطريق، ثم أطلق النار عليهم من مسافات قريبة في العراء، وجزء منهم على ضفاف نهر دجلة في القصور الرئاسية للرئيس السابق صدام، ومن ثم رُميت جثثهم في النهر أو دفنت في مقابر جماعية.

دعت شخصيات سياسية إلى تدوين الجريمة وتوثيقها واعتبارها جريمة حرب وإبادة جماعية، واعتبرت منظمة الأمم المتحدة أن الجريمة تُعد من أبشع الإبادات ضد الطائفة الشيعية في العراق. ووثّقت منظمات دولية المقابر الجماعية التي ألقي فيها جثث الشهداء، وتم ملاحقة الفاعلين من قبل الدولة العراقية، وأجريت أحكام الإعدام على بعض المدانين في الجريمة.

تفصيل الواقعة

وقعت جريمة سبايكربعد يوم واحد من سيطرة داعش على مدينة الموصل في العراق، حيث أسر نحو 1700 أو 2200 جندي عراقي من طلاب الكلية العسكرية في قاعدة سبايكر الجوية بمحافظة صلاح الدين، وقادوهم إلى القصور الرئاسية في محافظة تكريت، وقاموا بقتلهم هناك ورمي جثثهم في النهر، فيما تم دفن البعض منهم وهم أحياء.

وهؤلاء الجنود هم من المنتسبين إلى الفرقة 18 في الجيش العراقي المكلفة بواجب حماية أنبوب النفط الرابط بين بيجي ومنطقة حقول عين الجحش في الموصل.

إدانات محلية وعربية ودولية

لاقت هذه الجريمة إدانة محلية وعربية ودولية، ما دفع مجلس النواب العراقي إلى عقد جلسة طارئة خاصة في 3 أيلول 2014 م، لمناقشة تداعيات القضية بحضور القادة الأمنيين وتشكيل لجنة للتحقيق بالجريمة وإحالة الضباط المقصّرين إلى القضاء.

منظمة الأمم المتحدة وصفت مجزرة "سبايكر بعد سبع سنوات على ارتكابها،" بأنها جريمة إبادة ضد الطائفة الشيعية في العراق، وأضافت أنّ مجزرة "سبايكر" من أبشع الجرائم التي نفذتها عصابات داعش الإجرامية بحق أبناء الطائفة الشيعية، وهي جريمة حرب تمثلت في القتل والتعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الشخصية.

ودعا محسن القزويني سياسي وأستاذ جامعي بأن مجزرة سبايكر هي جريمة حرب وإبادة جماعية يستدعي طرح القضية لدى المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت حيثيات حادثة سبايكر ترقى لمستوى جرائم الإبادة الجماعية حسب المادة السادسة من وثيقة أركان الجرائم التي تبنتها المحكمة في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك عام 2002 م والتي اعتبرت في البند الثالث من هذه المادة كل من يمارس القتل فردا أو مجموعة أفراد بحق جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية كليا او جزئيا هو جريمة حرب وإبادة جماعية.

وطالب موفق الربيعي وهو نائب عراقي، إلى تدويل جريمة "مذبحة سبايكر" وتشكيل محكمة جنائية دولية بوصفها "جريمة إبادة جماعية" أو "جريمة حرب" تنطبق عليها جميع القوانين الدولية ذات الصلة. وعُقد اجتماع لمجلس الأمن لإدانة هذه الجريمة. كما طالب الربيعي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بتشريع قانون يعتبر "من يروج أو يتبنّى أو يدعو إلى فكر تكفيري أو طائفي، جريمة يعاقب عليها القانون".

وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي في بيان حول سنوية ارتكاب المجزرة، يقول فيه: إننا نؤكد أنّ مجزرة سبايكر هي جريمة إبادة جماعية ارتكبتها عصابات داعش الإرهابية ضد أكثر من (١٧٠٠) مدني على أسس طائفية. وأضاف أن رئيس فريق التحقيق الأممي أكّد في إحاطته إلى مجلس الأمن أنّ مجزرة سبايكر هي جريمة حرب ارتكبت ضد طلاب القاعدة الجوية في سبايكر كونهم من الشيعة.

ودعت المرجعية الدينية العليا في العراق إلى الإسراع بالتحقيق في جريمة قاعدة سبايكر وتطويق الأزمة حتى لا تتعدى المقصرين ومرتكبيها، فيما حثّت ذوي الضحايا على مزيد من الصبر والحكمة، مع شدة وقساوة ما هم فيه.

الفاعلون

نشرت ما تسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، صورا على موقع تويتر تظهر مسلحيها وهم يعدمون العشرات من الجنود في محافظة صلاح الدين وتبنّت عمليات الإعدام الجماعي بحق جنود قاعدة سبايكر الجوية.

وأعلن فريق تحقيق تابع للأمم المتحدة إنّه تمكّن من جمع أدلة جديدة ضد إرهابيي داعش في العراق، من بينها مليوني مكالمة توثق جرائم إرهابيي داعش في العراق ومن بينها ارتكاب مجزرة سبايكر، وذلك لإدانة التنظيم الإرهابي بارتكاب جرائم حرب.

فيما تتهم عوائل بعض ضحايا مجزرة سبايكر، عشيرة صدام حسين رئيس جمهورية العراق سابقاً بقتل جنود سبايكر، عندما اجتاح تنظيم الدولة مدينة تكريت، فيما اتهم النائب عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري ولمرات عدة في وسائل الإعلام العشيرة بـ”التورط بالمجزرة”، وأنّ داعش لم تكن قد وصلت بعد إلى المنطقة.

وبحسب وكالة أنباء براثا إنّ العشائر التي ساهمت بشكل مباشر في اعتقال الطلاب هما عشيرتي آلبو عجيل وعشيرة آل بو ناصر ( عشيرة صدام) وهناك اتفاق مسبق بين هاتين العشيرتين وإرهابيي داعش على اعتقال وتسليم الشباب الشيعة فقط للإرهابيين لتتم تصفيتهم.

وأعلنت عشيرة آلبو عجيل أنّها ستقوم بتسليم جميع الذين تثبت إدانتهم بـمجزرة سبايكر إلى القضاء العراقي، مؤكدة أنّ موقفها هو ضد الدواعش. كما طالبت إحدى النائبات في البرلمان العراقي باعتقال شيوخ العشائر الذين ذُكرت أسماؤهم في قضية جريمة سبايكر للتحقيق معهم.

وبحسب ما جاء في بيان هيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقا): أنّ رجال النظام السابق من البعثيين هم وراء جريمة قتل طلبة القاعدة الجوية المعروفة بسبايكر في محافظة صلاح الدين". إلا أنّ الشبكة الرسمية نقلت، في تقرير لها أنّ هيئة المساءلة والعدالة كشفت عن تورط 57 شخصاً ممن وصفتهم بـأزلام البعث الصدامي، وتابع بيانها أنّ "ما ذكرناه آنفاً يدل بوضوح مطلق على أنّ حزب البعث المقبور ما هو إلا حاضنة لهذه المجاميع الإرهابية.

وأكّد أحد الناجين من المجزرة أنّ رجال القبائل دخلوا القاعدة وطمأنتنا بأننا تحت حمايتها، فحثت الجنود أن تتجه نحو تكريت، وما أن وصل المجنّدون إلى جامعة تكريت، صدرت لهم الأوامر بأن يرقدوا ووجوههم إلى الأرض، ووضعت القيود في أيديهم. وأردف قائلاً إنّ رجلاً يتحدث بلهجة سعودية كان يحقق مع الجنود لتمييز أتباع أهل البيت (ع) من أبناء السنة.

توثيق المقابر الجماعية

أحد ضحايا مجزرة سبايكر خلال تقرير لبعثة الأمم المتحدة لمساعد العراق (يونامي)

قدمت يونامي التابعة لأمم المتحدة تقريراً حول استخراج ضحايا مجزرة سبايكر، حيث تم اكتشاف ما بين سنة 2015-2017 م، خمس عشرة مقبرة جماعية حول القصور الرئاسية السابقة، طبقا لدائرة الطب العدلي التي كانت تضم 1.153 ضحية وفي 21 آذار 2018 م، أكتشفت المقبرة السادسة عشرة في القصور الرئاسية حيث تم إخراج 159 جثة من ذلك الموقع. وأضافت يونامي أنّ الحكومة العراقية خصّصت موارد بشرية ومالية يُعتدّ بها للتنقيب وفتح المقابر الجماعية في معسكر سبايكر وتحديد الضحايا.

وبحسب ما جاء في التقرير فإنّ ما اكتُشف في تلك المواقع قد كوّن قاعدة للتحقيق ومحاكمة وإدانة عدد كبير من المدّعى عليهم في سَنَتي 2016 و2017 م، وقد نتج عن بعض تلك الاكتشافات إصدار ما لا يقل عن 91 حكماً بالإعدام. ويتوقع إجراء المزيد من المحاكمات على خلفية مجازر سبايكر. واكتشفت مقابر جماعية في مناطق أخرى من صلاح الدين في الفترة بين 2014- 2017 م، ولم يتم التنقيب الكثير منها.

وقال رئيس برنامج اللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) في العراق ألكسندر هوغ إنه “من الضروري مواصلة جهود الفريق الوطني كل من دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، ودائرة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة، مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، للمساءلة عن أولئك الذين ما زالوا في عداد المفقودين نتيجة للمجزرة، وتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة.”

ملاحقة الفاعلين وأحكام الإعدام بحقهم

أعلن رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي، الأربعاء 27 آب/ أغسطس 2014 م، عن تشكيل لجنة باسم "الثأر لشهداء سبايكر" لملاحقة منفذي جريمة قتل طلبة القاعدة العسكرية.

وأصدرت السلطات القضائية أحكام إعدام بحق 112 من المدانين بتنفيذ "مجزرة سبايكر" بين عامي 2016-2021، نُفذ منها 76 حكما بالإعدام، استناداً إلى إعلانات رسمية.

فيما حذر نائب في البرلمان العراقي، من تهريب مرتكبي مجزرة سبايكر إلى اليمن، داعيا سلطة الطيران المدني إلى منع هروبهم من المطارات الخاضعة لسلطتها. وشدد النائب على "ضرورة مخاطبة الشرطة الدولية (الإنتربول) لاستقدام من استطاع الهروب منهم".

وكشفت صحيفة فرنسية، عن مطالبة السلطات العراقية فرنسا بتسليمها لاجئا عراقيا متورطا بالمشاركة في تنفيذ مجزرة سبايكر وكان هذا المتهم قد منحته باريس حق الإقامة على أراضيها.

وأكد راديو أوستن الأوروبي نقلا عن مصدر رسمي في الشرطة الفنلندية، نجاحها في اعتقال إثنين من المتهمين بتنفيذ جريمة مجزرة القصور الرئاسية المشهورة بمجزرة سبايكر.

واعتقلت مركز شرطة حويجة حامد شاكر السبع البدري أحد أبرز قادة داعش المتورطين في تنفيذ مجزرة سبايكر، وقيادي متحالف مع داعش والبعث المدعو ( حامد شاكر سبع البدري ) والملقب (ابو خلدون ) داخل مدينة كركوك.

ودعا رئيس الوزراء العراقي ومسؤولين آخرين بضرورة الإسراع في تنفيذ أحكام الإعدام بحق المتهمين بتنفيذ مذبحة سبايكر، وفي المقابل أظهر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان انزعاجه البالغ إزاء إعدام محكومين في العراق فيما يتعلق بمجزرة معسكر سبايكر، وعزت ذلك إلى عدم مراعات الإجراءات القانونية وإنعدام المحاكمة العادلة.

وكذا انتقدت منظمة العفو الدولية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تنفيذ السلطات العراقية أحكام الإعدام.