مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «زواج النبي من خديجة»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ahmadnazem لا ملخص تعديل |
imported>Ahmadnazem لا ملخص تعديل |
||
سطر ٢٩: | سطر ٢٩: | ||
|sstyle = | |sstyle = | ||
}} | }} | ||
ذكرت روايتان في قصّة [[زواج]] النبي الأكرم {{صل}} بخديجة: | ذكرت روايتان في قصّة [[زواج]] النبي الأكرم {{صل}} بخديجة: | ||
الرواية الأولى: كانت السيدة [[خديجة بنت خويلد]] امرأة ذات شرف ومال، تستأجر له الرجال أو تضاربهم بشيء تجعله لهم منه، فلمّا بلغها عن رسول الله | الرواية الأولى: كانت السيدة [[خديجة بنت خويلد]] امرأة ذات شرف ومال، تستأجر له الرجال أو تضاربهم بشيء تجعله لهم منه، فلمّا بلغها عن رسول الله ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله منها رسول الله وخرج في مالها إلى الشأم، فرآه راهب اسمه (نسطور) فأخبر ميسرة أنّه نبيّ هذه الأمّة، ثمّ باع رسول الله واشترى ما أراد، ثمّ أقبل قابلاً فلمّا قدم مكّة على خديجة بمالها باعته فأضعف أو قريباً، وحدثها ميسرة عن قول الراهب، فأرسلت إلى رسول الله {{صل}} أنى قد رغبت فيك لقرابتك منّى وشرفك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك وعرضت عليه نفسها، فخطبها وتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونش، والأوقية أربعون درهماً.<ref>أسد الغابة، ج1، ص 16</ref> | ||
الرواية الثانية: نقل اليعقوبي في تاريخه رواية عن [[عمار بن ياسر|عمّار بن ياسر]] أنّه قال: أنا أعلم الناس بتزويج رسول الله {{صل}} خديجة بنت خويلد: كنت صديقاً له، فإنّا لنمشي يوماً بين الصفا والمروة إذا بخديجة بنت خويلد وأختها هالة، فلما رأت رسول الله {{صل}} جاءتني هالة أختها فقالت: يا عمار! ما لصاحبك حاجة في خديجة؟ قلت: والله ما أدري، فرجعت فذكرت ذلك له، فقال: ارجع فواضعها وعدها يوماً نأتيها فيه، ففعلت. فلمّا كان ذلك اليوم... جاء رسول الله في نفر من أعمامه، تقدمهم أبو طالب، فخطب أبو طالب، فقال: الحمد لله الذي جعلنا من زرع [[إبراهيم النبي|إبراهيم]]، وذريّة إسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجاً، وحرما آمنا، وجعلنا الحكّام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن به، ثمّ إنّ ابن أخي محمد بن عبدالله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح، ولا يقاس بأحد إلا عظم عنه، وإن كان في المال قلّ فإن المال رزق حائل وظل زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وصداق ما سألتموه عاجله من مالي، وله والله خطب عظيم ونبأ شائع، فتزوجها وانصرف.<ref>تاريخ اليعقوبي، ج 7، ص 20</ref> وهذه الرواية اليتيمة لا تصمد أمام الرواية الأولى التي اعتمدها أغلب المؤرخون.<ref>انظر: الأعلام للزركلي، ج 2، ص 307؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج 1، ص 97؛ تاريخ الطبري، ج 2، ص 34 - 35؛ شرح الأخبار، ص 15 - 16</ref> | الرواية الثانية: نقل اليعقوبي في تاريخه رواية عن [[عمار بن ياسر|عمّار بن ياسر]] أنّه قال: أنا أعلم الناس بتزويج رسول الله {{صل}} خديجة بنت خويلد: كنت صديقاً له، فإنّا لنمشي يوماً بين الصفا والمروة إذا بخديجة بنت خويلد وأختها هالة، فلما رأت رسول الله {{صل}} جاءتني هالة أختها فقالت: يا عمار! ما لصاحبك حاجة في خديجة؟ قلت: والله ما أدري، فرجعت فذكرت ذلك له، فقال: ارجع فواضعها وعدها يوماً نأتيها فيه، ففعلت. فلمّا كان ذلك اليوم... جاء رسول الله في نفر من أعمامه، تقدمهم أبو طالب، فخطب أبو طالب، فقال: الحمد لله الذي جعلنا من زرع [[إبراهيم النبي|إبراهيم]]، وذريّة إسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجاً، وحرما آمنا، وجعلنا الحكّام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن به، ثمّ إنّ ابن أخي محمد بن عبدالله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح، ولا يقاس بأحد إلا عظم عنه، وإن كان في المال قلّ فإن المال رزق حائل وظل زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وصداق ما سألتموه عاجله من مالي، وله والله خطب عظيم ونبأ شائع، فتزوجها وانصرف.<ref>تاريخ اليعقوبي، ج 7، ص 20</ref> وهذه الرواية اليتيمة لا تصمد أمام الرواية الأولى التي اعتمدها أغلب المؤرخون.<ref>انظر: الأعلام للزركلي، ج 2، ص 307؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج 1، ص 97؛ تاريخ الطبري، ج 2، ص 34 - 35؛ شرح الأخبار، ص 15 - 16</ref> | ||
==عمر النبي الأكرم | ==عمر النبي الأكرم عند الزواج بخديجة == | ||
اختلف المؤرخون في تحديد عمر النبي الأكرم {{صل}} حين زواجه بخديجة، ففي رواية الزهري: كان عمر رسول الله | اختلف المؤرخون في تحديد عمر النبي الأكرم {{صل}} حين زواجه بخديجة، ففي رواية الزهري: كان عمر رسول الله إحدى وعشرين سنة، وقيل: خمساًوعشرين سنة، زمان بنيت الكعبة.<ref>ابن کثير، البداية والنهاية، ج5، ص314.</ref> | ||
وفي الاستيعاب لابن عبد البر أنّ عمر النبي | وفي الاستيعاب لابن عبد البر أنّ عمر النبي عند الزواج بخديجة خمس وعشرون سنة<ref>ابن عبدالبر، الاستيعاب، ج۱، ص۳۵.</ref>.ونقل ابن الأثير أقوالاً مختلفة في ذلك وهي: (۲۱، ۲۲، ۲۵، ۲۸، ۳۰، ۳۷)سنة.<ref>ابن کثير، البدايةوالنهاية، ج۵،ص ۲۹۳.</ref> | ||
==عمر السيدة خديجة عند زواجها من النبي | ==عمر السيدة خديجة عند زواجها من النبي== | ||
كذلك اختلف في تحديد عمر السيدة خديجة (س) عند زواجها من رسول الله {{صل}}، فذكرت في ذلك أقوالاً تتراوح بين الخامسة والعشرين، والسادسة والأربعين،إلاّ أن الأكثر ذكروا أنها كانت في سنّ الأربعين.<ref>انظر: ابن اثير، الكامل، ج2، ص39؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8،ص174؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج1، ص23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج1،ص98 وج9،ص459؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2،ص280.</ref> | كذلك اختلف في تحديد عمر السيدة خديجة (س) عند زواجها من رسول الله {{صل}}، فذكرت في ذلك أقوالاً تتراوح بين الخامسة والعشرين، والسادسة والأربعين،إلاّ أن الأكثر ذكروا أنها كانت في سنّ الأربعين.<ref>انظر: ابن اثير، الكامل، ج2، ص39؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8،ص174؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج1، ص23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج1،ص98 وج9،ص459؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2،ص280.</ref> | ||
سطر ٤٦: | سطر ٤٥: | ||
كانت ثمرة ذلك الزواج المبارك سبعة أو ثمانية أولاد، وقيل ستة. فقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق وابن هشام اسماء سبعة من أولاده من خديجة، وأن جميع ولده {{صل}} هم من خديجة إلا إبراهيم.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> ونقل عن يونس بن بكير أسماء ستة من أبناء خديجة<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> وقد أكّدت سائر المصادر التأريخيّة أنّه لم يولد له إلا من خديجة، ومن مارية ولده إبراهيم.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص 307؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص 306.</ref> | كانت ثمرة ذلك الزواج المبارك سبعة أو ثمانية أولاد، وقيل ستة. فقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق وابن هشام اسماء سبعة من أولاده من خديجة، وأن جميع ولده {{صل}} هم من خديجة إلا إبراهيم.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> ونقل عن يونس بن بكير أسماء ستة من أبناء خديجة<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> وقد أكّدت سائر المصادر التأريخيّة أنّه لم يولد له إلا من خديجة، ومن مارية ولده إبراهيم.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص 307؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص 306.</ref> | ||
==زواجها قبل النبي | ==زواجها قبل النبي == | ||
وقعت مسألة زواجها قبل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] {{صل}} موضع نقاش وجدال بين الباحثين الاسلاميين فذهب أكثر المؤرخين والباحثين من العامّة الى القول بأنّها تزوجت قبل زواجها بالنبي | وقعت مسألة زواجها قبل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] {{صل}} موضع نقاش وجدال بين الباحثين الاسلاميين فذهب أكثر المؤرخين والباحثين من العامّة الى القول بأنّها تزوجت قبل زواجها بالنبي مرّتين، وأنّها أنجبت من تلك الزيجات، وهذا ما ينفيه فريق من الباحثين [[الشيعة]]، ومن تلك المصادر التاريخية التي تشير إلى زواجها السابق: | ||
# ذكر البلاذري في أنساب الاشراف أنّ خديجة كانت قبل رسول الله {{صل}} عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمّي باسم أبيه.<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج15، ص 65.</ref> | # ذكر البلاذري في أنساب الاشراف أنّ خديجة كانت قبل رسول الله {{صل}} عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمّي باسم أبيه.<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج15، ص 65.</ref> | ||
# وقال البلاذري أيضاً: ثم خلف عليها بعده – أي بعد أبي هالة- عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي | # وقال البلاذري أيضاً: ثم خلف عليها بعده – أي بعد أبي هالة- عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي. وكانت خديجة ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند تزوجها صيفي بن أميّة بن عابد.<ref>ابن حبيب، المنمّق، ص247.</ref> | ||
# وقال ابن حبيب صاحب كتاب ''المنمّق'' في معرض حديثه عن النباش: النباش أبو هالة زوج خديحة بنت خويلد قبل رسول الله {{صل}} فولدت له هالة وهنداً وهما رجلان.<ref>ابن حبيب، المحبّر، ص452.</ref> | # وقال ابن حبيب صاحب كتاب ''المنمّق'' في معرض حديثه عن النباش: النباش أبو هالة زوج خديحة بنت خويلد قبل رسول الله {{صل}} فولدت له هالة وهنداً وهما رجلان.<ref>ابن حبيب، المحبّر، ص452.</ref> | ||
# وقال ابن حبيب أيضاً في كتابه ''المحبّر'' الذي ألّفه بعد ''المنمّق'' في مَن تزوج ثلاث مرّات: كانت خديجة قبله | # وقال ابن حبيب أيضاً في كتابه ''المحبّر'' الذي ألّفه بعد ''المنمّق'' في مَن تزوج ثلاث مرّات: كانت خديجة قبله عند أبي هالة هند بن النباش، ثم عند عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. | ||
في المقابل نجد الباحثين والمؤرخين [[الشيعة]] – وبعد دراسات معمّقة لزوايا الموضوع- يشككون في تلك الزيجات السابقة على النبي | في المقابل نجد الباحثين والمؤرخين [[الشيعة]] – وبعد دراسات معمّقة لزوايا الموضوع- يشككون في تلك الزيجات السابقة على النبي ويؤكدون أنّ خديجة (س) لم تتزوج قبل رسول من أحد قط. ومن القرائن والأدلّة التي تدعم ذلك: | ||
# قال [[ابن شهر آشوب]]: وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، و[[السيد المرتضى|المرتضى]] في [[كتاب الشافي|الشافي]]، و[[الشيخ الطوسي|أبو جعفر الطوسي]] في [[كتاب التلخيص|التلخيص]]: أنّ النبي {{صل}} تزوج بها وكانت عذراء. يؤكّد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أنّ رقيّة وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة (س).<ref>ابن شهر آشوب، [[مناقب آل أبي طالب (كتاب)|مناقب آل أبي طالب]]، ج1، ص 159.</ref> ومن الواضح أن ذيل كلامه لا يخلو من اشكال فإنّ المصادر التأريخية تؤكد بأنّ رقية وزينب هنّ بنات الرسول | # قال [[ابن شهر آشوب]]: وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، و[[السيد المرتضى|المرتضى]] في [[كتاب الشافي|الشافي]]، و[[الشيخ الطوسي|أبو جعفر الطوسي]] في [[كتاب التلخيص|التلخيص]]: أنّ النبي {{صل}} تزوج بها وكانت عذراء. يؤكّد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أنّ رقيّة وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة (س).<ref>ابن شهر آشوب، [[مناقب آل أبي طالب (كتاب)|مناقب آل أبي طالب]]، ج1، ص 159.</ref> ومن الواضح أن ذيل كلامه لا يخلو من اشكال فإنّ المصادر التأريخية تؤكد بأنّ رقية وزينب هنّ بنات الرسول من خديجة.<ref>ابن اثيرالجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج4، ص641.</ref> | ||
# قال أبو القاسم الكوفي: إنّ [[الإجماع]] من الخاص والعام، من أهل الآثار ونقلة الأخبار، على أنّه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم، إلا مَن خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة قد تزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذووا التمييز والنظر: أنّه من أبين المحال، وافظع المقال.<ref>جعفر مرتضي العاملي، [[الصحيح من سيرة النبي الأعظم (كتاب)|الصحيح من سيرة النبي الأعظم]] {{صل}}، ج2، ص123.نقلاً عن: (الاستغاثة، ج1، ص70.)</ref> | # قال أبو القاسم الكوفي: إنّ [[الإجماع]] من الخاص والعام، من أهل الآثار ونقلة الأخبار، على أنّه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم، إلا مَن خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة قد تزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذووا التمييز والنظر: أنّه من أبين المحال، وافظع المقال.<ref>جعفر مرتضي العاملي، [[الصحيح من سيرة النبي الأعظم (كتاب)|الصحيح من سيرة النبي الأعظم]] {{صل}}، ج2، ص123.نقلاً عن: (الاستغاثة، ج1، ص70.)</ref> | ||
# لقد روي أنّه كانت لخديجة (س) أخت إسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثم خلف عليها- أي على هالة الأولى- رجل تميمي يقال له: أبو هند، فأولدها ولداً اسمه هند. وكان لهذا التميمي إمرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقيّة، فماتت، ومات التميمي، فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الاخرى؟ فضمتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوجت بالرسول {{صل}} ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول | # لقد روي أنّه كانت لخديجة (س) أخت إسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثم خلف عليها- أي على هالة الأولى- رجل تميمي يقال له: أبو هند، فأولدها ولداً اسمه هند. وكان لهذا التميمي إمرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقيّة، فماتت، ومات التميمي، فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الاخرى؟ فضمتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوجت بالرسول {{صل}} ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول. وكان العرب يزعمون: أن الربيبة بنت، ولاجل ذلك نسبتا إليه، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أخت خديجة.<ref>جعفر مرتضى العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج2، ص 125.</ref> | ||
== السيدة خديجة هي أولى زوجات النبي | == السيدة خديجة هي أولى زوجات النبي== | ||
جاء في [[كتاب الخصال|الخصال]]، عن [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}}: "تزوج رسول الله {{صل}} بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة منهن، وقبض عن تسع، فأمّا اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسني، وأما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن فأولهن خديجة بنت خويلد<ref>الخصال [[الشيخ الصدوق|للصدوق]]، ص 419.</ref> | جاء في [[كتاب الخصال|الخصال]]، عن [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}}: "تزوج رسول الله {{صل}} بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة منهن، وقبض عن تسع، فأمّا اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسني، وأما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن فأولهن خديجة بنت خويلد<ref>الخصال [[الشيخ الصدوق|للصدوق]]، ص 419.</ref> | ||
وفي البداية والنهاية: أنّه {{عليه السلام}} توفي عن تسع وهنّ: عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية، وزينب بنت جحش الأسدية، وأم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وسودة بنت زمعة العامرية، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية الإسرائيلية الهارونية، رضي الله عنهم وأرضاهن. وكانت له سريتان وهما، مارية بنت شمعون القبطية المصرية من كورة أنصنا وهي أم ولده إبراهيم عليه السلام، وريحانة بنت شمعون القرظية.<ref>ابن کثير، البداية و النهاية، ج5، ص312-313.</ref> | وفي البداية والنهاية: أنّه {{عليه السلام}} توفي عن تسع وهنّ: عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية، وزينب بنت جحش الأسدية، وأم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وسودة بنت زمعة العامرية، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية الإسرائيلية الهارونية، رضي الله عنهم وأرضاهن. وكانت له سريتان وهما، مارية بنت شمعون القبطية المصرية من كورة أنصنا وهي أم ولده إبراهيم عليه السلام، وريحانة بنت شمعون القرظية.<ref>ابن کثير، البداية و النهاية، ج5، ص312-313.</ref> | ||
وقد اتفقت المصادر التاريخية على أنّ أوّل زوجات النبي الأكرم | وقد اتفقت المصادر التاريخية على أنّ أوّل زوجات النبي الأكرم هي السيدة خديجة بنت خويلد، وانه لم يتزوج غيرها في حياتها.<ref>ابن عبدالبر ، الاستيعاب، ج1، ص25.</ref> | ||
==مكانة خديجة عند النبي الأكرم | ==مكانة خديجة عند النبي الأكرم == | ||
أجمعت المصادر التاريخية على أنّ أوّل امرأة آمنت بالنبي الأكرم {{صل}}، وصدّقت برسالته هي زوجته [[خديجة بنت خويلد]]. وفي رواية [[ابن عباس]] أنّ أوّل مَن آمن به وصلّى خلفه ابن عمّه [[الإمام علي بن أبي طالب|عليّ]] {{عليه السلام}}، وزوجته خديجة بنت خويلد<ref>انظر: أسد الغابة، ج3، ص 414 - 415؛ تهذيب الكمال، ج20، ص185؛ سير أعلام النبلاء، ج1، ص 463؛ تاريخ اليعقوبي، ج2، ص23؛ </ref> | أجمعت المصادر التاريخية على أنّ أوّل امرأة آمنت بالنبي الأكرم {{صل}}، وصدّقت برسالته هي زوجته [[خديجة بنت خويلد]]. وفي رواية [[ابن عباس]] أنّ أوّل مَن آمن به وصلّى خلفه ابن عمّه [[الإمام علي بن أبي طالب|عليّ]] {{عليه السلام}}، وزوجته خديجة بنت خويلد<ref>انظر: أسد الغابة، ج3، ص 414 - 415؛ تهذيب الكمال، ج20، ص185؛ سير أعلام النبلاء، ج1، ص 463؛ تاريخ اليعقوبي، ج2، ص23؛ </ref> | ||
حظيت السيدة خديجة من بين زوجات النبي | حظيت السيدة خديجة من بين [[زوجات النبي]] بمكانة رفيعة ومنزلة خاصّة عنده، فقد أكّدت الوثائق التأريخية أنّه بقي طيلة حياته يذكرها بخير، ويؤكد على مكانتها في قلبه الشريف، وكان يثني عليها ولا يرى من يوازيها في تلك المنزلة الرفعية. | ||
عن [[عائشة]] قالت: كان رسول الله {{صل}} إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السنّ، قالت: فرأيت رسول الله {{صل}} غضب غضباً شديداً، ثم قال: والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس وصدقتني إذ كذبني النّاس، ورزقت منّي حيث حرمتموه.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1824.</ref> | عن [[عائشة]] قالت: كان رسول الله {{صل}} إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السنّ، قالت: فرأيت رسول الله {{صل}} غضب غضباً شديداً، ثم قال: والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس وصدقتني إذ كذبني النّاس، ورزقت منّي حيث حرمتموه.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1824.</ref> | ||
سطر ٧٦: | سطر ٧٥: | ||
وقالت أيضاً: دخلت امرأة سوداء على رسول الله {{صل}}، فأقبل عليها واستبشر بها. فقلت: يا رسول الله، أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تدخل على خديجة كثيراً، وأنّ حسن العهد من الإيمان. | وقالت أيضاً: دخلت امرأة سوداء على رسول الله {{صل}}، فأقبل عليها واستبشر بها. فقلت: يا رسول الله، أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تدخل على خديجة كثيراً، وأنّ حسن العهد من الإيمان. | ||
==وقوف خديجة (س) إلى جانب النبي | ==وقوف خديجة (س) إلى جانب النبي في تبليغ رسالته== | ||
وفقت السيّدة خديجة الى جانب النبي {{صل}} تشاركه آلامه وآماله، وتسليه على ما يصيبه من مشاقّ ومصاعب في سبيل الدفاع عن رسالته.<ref>ابن العمراني، الأنباء في تاريخ الخلفا، ص46.</ref> بل وصفت بعض المصادر التاريخية خديجة بأنّها كانت لرسول الله {{صل}} وزير صدق بنفسها ومالها رضى الله عنها وأرضاها.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص 61 ؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج1، ص26.</ref> | وفقت السيّدة خديجة الى جانب النبي {{صل}} تشاركه آلامه وآماله، وتسليه على ما يصيبه من مشاقّ ومصاعب في سبيل الدفاع عن رسالته.<ref>ابن العمراني، الأنباء في تاريخ الخلفا، ص46.</ref> بل وصفت بعض المصادر التاريخية خديجة بأنّها كانت لرسول الله {{صل}} وزير صدق بنفسها ومالها رضى الله عنها وأرضاها.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص 61 ؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج1، ص26.</ref> | ||
وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول | وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه: «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى»<ref>الضحى/ 8.</ref> وكان يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلاً: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج19، ص 63.</ref> وكان يعتق بمالها الرقيق ويؤدّي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في [[شعب أبي طالب]] وعند المحاصرة مال خديجة ومال [[أبو طالب|أبي طالب]]، حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة: «فأنفق أبوطالب وخديجة جميع مالهما»<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج19، ص 16.</ref> | ||
ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي [[حكيم بن حزام]] بن خويلد ابن أسد، ومعه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله {{صل}}، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أ تذهب بالطعام إلى [[بني هاشم]]؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك ب[[مكة]]. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها!.<ref>ابن هشام، سيرة النبي، ترجمة: رسولي محلاتي، ج1، ص 221.</ref> | ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي [[حكيم بن حزام]] بن خويلد ابن أسد، ومعه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله {{صل}}، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أ تذهب بالطعام إلى [[بني هاشم]]؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك ب[[مكة]]. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها!.<ref>ابن هشام، سيرة النبي، ترجمة: رسولي محلاتي، ج1، ص 221.</ref> | ||
فقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الخلال الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول | فقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الخلال الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم محمد بن عبدالله {{صل}}.<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج35، ص 425؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل ابي طالب، ج3، ص 320.</ref> وكان الرسول لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.<ref>ابن عبدالبر، الاستيعاب، ج4، ص 1817.</ref> | ||
==هامش== | ==هامش== |