انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حب الوطن من الإيمان»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٢: سطر ٢:
'''حُبّ الوطن من الإيمان''' جملة مشهورة تنسب إلى [[النبي محمد]] {{اختصار/ص}}. ويرى بعض الخبراء كـ<nowiki/>[[الشيخ مكارم الشيرازي]] أنّها لم ترد في المصادر [[الحديث|الحديثية]] الرئيسية، ويعتقد بعض آخر أنّها موضوعة ومختلقة. وقد ذكر [[أبو الفتوح الرازي]] من [[تفسير القرآن الكريم|مفسري]] القرن السادس في كتابه [[روض الجنان]] هذه الجملة،‌ ونسبها للنبي {{ص}}، حيث قالها لدى مغادرته [[مكة|مكة،]] وهو [[هجرة النبي صلى الله عليه وآله|يهاجر إلى المدينة]]، فكان قصده من الوطن مكة.
'''حُبّ الوطن من الإيمان''' جملة مشهورة تنسب إلى [[النبي محمد]] {{اختصار/ص}}. ويرى بعض الخبراء كـ<nowiki/>[[الشيخ مكارم الشيرازي]] أنّها لم ترد في المصادر [[الحديث|الحديثية]] الرئيسية، ويعتقد بعض آخر أنّها موضوعة ومختلقة. وقد ذكر [[أبو الفتوح الرازي]] من [[تفسير القرآن الكريم|مفسري]] القرن السادس في كتابه [[روض الجنان]] هذه الجملة،‌ ونسبها للنبي {{ص}}، حيث قالها لدى مغادرته [[مكة|مكة،]] وهو [[هجرة النبي صلى الله عليه وآله|يهاجر إلى المدينة]]، فكان قصده من الوطن مكة.


لم يقبل بعض الباحثين التأثير المتبادل بين حب الوطن الجغرافي والإيمان في عبارة "حب الوطن من الأيمان" وقاموا بتأويل كلمة "الوطن". وقد اعتبر البعض معنى الوطن على أنه الوطن الإسلامي الكبير، والبعض الآخر على أنه الجنة. يرى العرفاء المسلمون ومن خلال تطوير معنى الوطن إلى المكان الذي يحصل الإنسان فيه على الهدوء والسكينة؛ أن الوطن الحقيقي هو العالم العلوي ومقام القرب الإلهي.
لم يقبل بعض الباحثين التأثير المتبادل بين حب الوطن الجغرافي و<nowiki/>[[الإيمان]] في عبارة "حب الوطن من الأيمان" وقاموا بتأويل كلمة "الوطن". وقد اعتبر البعض معنى الوطن على أنه الوطن الإسلامي الكبير، والبعض الآخر على أنه [[الجنة|الجنّة]]. ويرى [[العرفان|العرفاء]] المسلمون ومن خلال تطوير معنى الوطن إلى المكان الذي يحصل الإنسان فيه على الهدوء والسكينة؛ أن الوطن الحقيقي هو العالم العلوي، ومقام القرب الإلهي.


==الترديد في كونه حديثاً==
==الترديد في كونه حديثاً==
اشتهرت جملة «''حبّ الوطن من الإيمان»'' على أنّها حديث مشهور،<ref>مكارم الشيرازي، نفحات الولاية، ج2، ص145.</ref> ونسبت إلى النبي محمد {{اختصار/ص}}.<ref>أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج17، ص299.</ref> ويرى بعض الباحثين كالشيخ مكارم الشيرازي أنّ هذه الجملة لم ترد في المصادر الحديثية الرئيسية للشيعة.<ref>مكارم الشيرازي، پيام إمام امير المؤمنين، ج15، ص509؛ شهيدي، شرح مثنوي، 1373ش، ج3، ص512؛ رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص219.</ref> ويعتقد البعض الآخر أنها موضوعة ومختلقة.<ref>مكارم الشيرازي، پيام إمام امير المؤمنين، ج15، ص509</ref> وقد وردت هذه الجملة في الترجمة العربية لكتاب «مرزبان نامه» من تأليف مرزبان بن رستم (وفاة 302هـ).<ref>مرزبان بن رستم، مرزبان نامه، ص178.</ref> وبحسب الباحث الشيعي مرتضى رحيمي إنّه أقدم مصدر ذكر هذه الجملة باعتبارها حديث نبوي.<ref>رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص220.</ref>
اشتهرت جملة "''حبّ الوطن من الإيمان"'' على أنّها [[حديث]] مشهور،<ref>مكارم الشيرازي، نفحات الولاية، ج2، ص145.</ref> ونسبت إلى [[النبي محمد]] {{اختصار/ص}}.<ref>أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج17، ص299.</ref> ويرى بعض الباحثين كـ<nowiki/>[[الشيخ مكارم الشيرازي]] أنّ هذه الجملة لم ترد في المصادر الحديثية الرئيسية [[التشيع|للشيعة]].<ref>مكارم الشيرازي، پيام إمام امير المؤمنين، ج15، ص509؛ شهيدي، شرح مثنوي، 1373ش، ج3، ص512؛ رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص219.</ref> ويعتقد البعض الآخر أنها موضوعة ومختلقة.<ref>مكارم الشيرازي، پيام إمام امير المؤمنين، ج15، ص509</ref> وقد وردت هذه الجملة في الترجمة العربية لكتاب «مرزبان نامه» من تأليف مرزبان بن رستم (وفاة 302هـ).<ref>مرزبان بن رستم، مرزبان نامه، ص178.</ref> وبحسب الباحث الشيعي مرتضى رحيمي إنّه أقدم مصدر ذكر هذه الجملة باعتبارها حديث نبوي.<ref>رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص220.</ref>


وقد وردت جملة «حبّ الوطن من الإيمان» في بعض المصادر المتأخرة للشيعة باعتبارها حديث مرسل، فذكر أبو الفتوح الرازي من مفسري القرن السادس في تفسير روض الجنان هذه الجملة ضمن حديث عن النبي أثناء مغادرته مكة وهو يهاجر إلى المدينة، وبحسب هذا الحديث فإن مراد النبي من الوطن هو مكة.<ref>أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج17، ص299.</ref> كما وردت هذه الجملة في سفينة البحار نقلاً عن مقدمة كتاب أمل الآمل للشيخ الحر العاملي.<ref>القمي، سفينة البحار، ج8، ص524.</ref> ومن الذين اعتبروا هذه الجملة حديثاً مروياً عن النبي: ابن العربي في تفسيره، والسيد محسن الأمين في أعيان الشيعة، والميرزا حبيب الله الخوئي في شرح نهج البلاغة.<ref>ابن العربي، تفسير ابن العربي، ج2، ص329؛ الأمين، أعيان الشيعة، ج1، ص296؛ الهاشمي الخوئي، منهاج البراعة، ج21، ص394.</ref> لكن هؤلاء لم يذكروا سنداً لهذا الحديث.
وقد وردت جملة "حبّ الوطن من الإيمان" في بعض المصادر المتأخرة للشيعة باعتبارها [[حديث مرسل]]، فذكر [[أبو الفتوح الرازي]] من [[تفسير القرآن الكريم|مفسري]] القرن السادس في تفسير [[روض الجنان]] هذه الجملة ضمن حديث عن [[النبي محمد|النبي]] {{ص}} أثناء مغادرته [[مكة]] وهو [[هجرة النبي صلى الله عليه وآله|يهاجر إلى المدينة]]، وبحسب هذا الحديث فإن مراد النبي من الوطن هو مكة.<ref>أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، ج17، ص299.</ref> كما وردت هذه الجملة في كتاب [[سفينة البحار]] نقلاً عن مقدمة كتاب [[أمل الآمل]] للشيخ [[الحر العاملي]].<ref>القمي، سفينة البحار، ج8، ص524.</ref> ومن الذين اعتبروا هذه الجملة حديثاً مروياً عن النبي: [[ابن العربي]] في تفسيره، و<nowiki/>[[السيد محسن الأمين]] في [[أعيان الشيعة]]، و<nowiki/>[[الميرزا حبيب الله الخوئي]] في شرحه لـ<nowiki/>[[نهج البلاغة]].<ref>ابن العربي، تفسير ابن العربي، ج2، ص329؛ الأمين، أعيان الشيعة، ج1، ص296؛ الهاشمي الخوئي، منهاج البراعة، ج21، ص394.</ref> لكن هؤلاء لم يذكروا سنداً لهذا الحديث.


وذكر أنّ العديد من علماء أهل السنّة اعتبروا هذا الحديث موضوعاً، وأوردوا عدّة إشكالات على مضمونه.<ref>رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص221 و231.</ref>
وذكر أنّ العديد من علماء [[أهل السنّة]] اعتبروا هذا الحديث موضوعاً، وأوردوا عدّة إشكالات على مضمونه.<ref>رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص221 و231.</ref>


==عدم تناسق المحتوى==
==عدم تناسق المحتوى==
وقد ناقش بعض الباحثين التأثير المتبادل بين حبّ الوطن الجغرافي والإيمان، وقاموا بتأويل كلمة الوطن. وقد قيل: لا يمكن قبول ظاهر جملة ''حبّ الوطن من الإيمان''؛ لأن [[الكافر]] و<nowiki/>[[المنافق]] أيضًا يحبون أوطانهم، وهم لا يؤمنون، فلا يمكن أن يكون هذا الحبّ علامة على إيمانهم. كما أن المؤمن إذا ولد ونشأ في بلاد الكفرّ وأحبّ وطنه، فإن الربط بين الإيمان وحب هذا الوطن ليس منطقيا.<ref>رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص222.</ref> ويرى السيد جعفر مرتضى العاملي والسيد مرتضى العسكري وهما من علماء الشيعة في مجال الحديث والسيرة أنّ الحبّ في هذا الحديث هو الحب المرتبط بأهداف [[الإسلام]] السامية، والمراد بالوطن هو الوطن الإسلامي الكبير.<ref>السيد جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ص153 ـ 154؛ العسكري، ج3، ص242 نقلاً عن: رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص223 و230.</ref>
وقد ناقش بعض الباحثين التأثير المتبادل بين حبّ الوطن الجغرافي و<nowiki/>[[الإيمان]]، وقاموا بتأويل كلمة الوطن. وقد قيل: لا يمكن قبول ظاهر جملة ''حبّ الوطن من الإيمان''؛ لأن [[الكافر]] و<nowiki/>[[المنافق]] أيضًا يحبون أوطانهم، وهم لا يؤمنون، فلا يمكن أن يكون هذا الحبّ علامة على إيمانهم. كما أن المؤمن إذا ولد ونشأ في بلاد الكفرّ وأحبّ وطنه، فإن الربط بين الإيمان وحب هذا الوطن ليس منطقيا.<ref>رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص222.</ref> ويرى السيد جعفر مرتضى العاملي والسيد مرتضى العسكري وهما من علماء الشيعة في مجال الحديث والسيرة أنّ الحبّ في هذا الحديث هو الحب المرتبط بأهداف [[الإسلام]] السامية، والمراد بالوطن هو الوطن الإسلامي الكبير.<ref>السيد جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ص153 ـ 154؛ العسكري، ج3، ص242 نقلاً عن: رحيمي، «بررسي حديث حب الوطن من الايمان»، ص223 و230.</ref>


===التأويل العرفاني للوطن===  
===التأويل العرفاني للوطن===  
١٢٬٧٠٥

تعديل