الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المأمون العباسي»
لا يوجد ملخص تحرير
Ahmadnazem (نقاش | مساهمات) (←نسبه) |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ٢٠: | سطر ٢٠: | ||
| نهاية الحكم = [[218 هـ]] | | نهاية الحكم = [[218 هـ]] | ||
| التزامن مع = [[الإمام الرضا]] و[[الجواد (ع)]] | | التزامن مع = [[الإمام الرضا]] و[[الجواد (ع)]] | ||
| مركز الدولة = مرو، | | مركز الدولة = مرو، و[[بغداد]] | ||
| أهم الإجراءات = منح [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|الرضا ولاية العهد]] | | أهم الإجراءات = منح [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|الرضا ولاية العهد]] | ||
| المعالم = | | المعالم = | ||
سطر ٢٧: | سطر ٢٧: | ||
}} | }} | ||
{{الخلافة العباسية}} | {{الخلافة العباسية}} | ||
'''المأمون العباسي''' | '''المأمون العباسي''' هو عبد الله أبو العباس (170 - 218 هـ) ابن [[هارون العباسي]]، وسابع خلفاء [[الدولة العباسية]]. وصلت إليه الخلافة بعد قتل أخيه محمد الأمين [[198هـ|سنة 198هـ]]، وكانت وفاته في [[سنة 218 هـ]].<br> | ||
اتّخذ من [[مرو|مَرْو]] عاصمة لدولته عملاً بمشورة وزيره الفارسي [[الفضل بن سهل]]؛ حيث أدّى خلافه مع أخيه [[الأمين العباسي|الأمين]] وثورات [[السيد|العلويين]] المتكررة في السنوات الأولى لحكمه إلى اضطراب حكومته، فقام بخطوات لتثبيتها كدعوة [[الإمام علي الرضا عليه السلام|الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}} من [[المدينة المنورة|المدينة]] إلى مرو، كما عرض [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]] على الإمام ليُظهر مودّته للعلويين، وحين لم يقبل الإمام بها أجبره عليها. وبعد أن تمكن من القضاء على ثورات العلويين انتقل من مرو إلى [[بغداد]] بهدف إحكام قبضته على السلطة في البلاد. وأثناء طريقه إلى هناك وبسبب ازدياد شعبية الإمام الرضا بين الناس أوعز باغتياله.<br> | |||
== | اعتبره البعض ذا ميول [[شيعية]] لأسباب منها: إعلانه لأفضلية [[الإمام علي]]{{اختصار/ع}} على بقية [[الصحابة]]، واعتقاده بجواز [[زواج المتعة]]، وتعيينه للإمام الرضا كولي للعهد، وإعادة [[فدك]] إلى العلويين مرة أخرى. | ||
عبد الله بن هارون، أبو العباس المأمون بالله بن الرشيد بن المهدي بن المنصور.<ref> | وفي المقابل نسبه آخرون إلى [[المعتزلة|الاعتزال]] بسبب دعمه للمعتزلة وخصوصاً في [[خلق القرآن|مسألة خلق القرآن]]، سيّما أنه كان يأخذ من مسؤولي حكومته وقضاته وعلماء زمانه إقرارهم بأنّ القرآن مخلوق لا قديم. | ||
== حياته == | |||
هو عبد الله بن هارون، أبو العباس المأمون بالله بن [[هارون العباسي|الرشيد]] بن [[المهدي العباسي|المهدي]] بن [[المنصور العباسي|المنصور]] [[بنو هاشم|الهاشمي]] [[قريش|القرشي]].<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق:حمدي الدمرداش محمدالمنصورة، ص225.</ref> وأمّه أمّ ولد [[بلاد فارس|فارسية]] يقال لها مراجل{{ملاحظة|وهي خادمة كانت تعمل في مطبخ الرشيد، وتوفيت بعد ولادتها للمأمون بأيام قليلة، (السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص225).}} الباذغيسية{{ملاحظة|تقع بادغيس شمال غرب أفغانستان.}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ص460.</ref> ولد في [[بغداد]] منتصف شهر ربيع الأول [[170هـ|سنة 170 للهجرة]].<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق:حمدي الدمرداش محمدالمنصورة، ص225.</ref><br> | |||
امتازت حياة المأمون بالجد والنشاط، كما عُرف بالتقشف، على العكس من أخيه [[الأمين العباسي|الأمين]]، الذي نشأ في كنف أمّه [[الزبيدة]] ذات النسب القرشي الهاشمي، فقد كانت حياة الأمين حياة نعمة وترف، يميل إلى اللعب والبطالة، أكثر منه إلى الجد والحزم، ويظهر ذلك لكل من راجع تاريخ حياة الأخوين.<ref>العاملي، جعفر، الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام، ص150.</ref> ويرى بعض الباحثين أنّ السبب في ذلك يعود إلى كون المأمون لم يكن كأخيه يشعر بضمان مستقبله، بل كان يقطع بعدم رضا [[العباسيين]] به خليفة وحاكماً؛ ولهذا بدأ يخطط لمستقبله حين أدرك المميزات التي كان يتمتع بها أخوه الأمين عليه.<ref>العاملي، جعفر، الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام، ص150.</ref><br> | |||
توفي المأمون بالبدندون خارج [[طرسوس]] أثناء مسيره لغزو [[الروم]] في [[11 رجب]] سنة [[218 للهجرة]]، وحُمل إلى طرسوس، وصلّى عليه أخوه [[المعتصم العباسي|أبو إسحاق المعتصم]]، ودفن هناك، وكان عمره يوم مات ثمان وأربعون سنة وثلاثة أشهر.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص472-489؛ طقوش، محمد سهيل، تاريخ الدولة العباسية، ص137، 2009م.</ref> ويقع قبره حالياً في المسجد الجامع لمدينة طرسوس في محافظة مرسين جنوب [[تركيا]] وعلى الحدود مع [[سوريا]].<ref>[https://www.turkpress.co/node/34199 أولو جامع.. الجامع الحجري في طرسوس]، موقع ترك برس.</ref> | |||
ولد | |||
== خلافته == | |||
{{مفصلة|الخلافة العباسية}} | {{مفصلة|الخلافة العباسية}} | ||
المأمون هو الخليفة السابع من خلفاء [[بني العباس]]، وبويع بالخلافة بشكل رسمي بعد انتصاره على أخيه [[الأمين العباسي]] في الصراع الذي كان دائراً بينهما على السلطة.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 460.</ref> | |||
=== سبب الصراع بين الأمين والمأمون === | |||
كانت ولاية عهد [[هارون العباسي]] أحد أهم أسباب الخلاف بين ولديه الأمين والمأمون. ففي بداية الأمر جعل هارون ولاية العهد لولده الأمين الأخ الأصغر للمأمون، وجعل المأمون ولي عهد الأمين ووالياً على خراسان.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص240-286.</ref> فبدأت إرهاصات الخلاف تدبّ بين الأخوين ممّا أثار حفيظة هارون وخشيته من وقوع نزاع بينهما من بعده، فأمر على إثر ذلك بعقد ميثاق بين الأخوين في [[مكة]] ينصّ على أن يكون كلّ منهما ولي عهد الآخر، وألا يتدخل أي منهما في شؤون حكومة أخيه، وأمر بتعليق الميثاق في [[الكعبة]] بغية الحفاظ على قدسيته والالتزام بما فيه.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص240-286.</ref><br> | |||
وبعد موت هارون واستخلاف الأمين؛ بدر من الأمين عدة تصرّفات مخالفة لميثاق والده. فكان ممّا قام به أنْ سعى لضمّ أراضٍ تقع تحت نفوذ سلطة أخويه المأمون و[[المؤتمن العباسي|المؤتمن]]، كما جعل ابنه موسى وليّاً للعهد، وقام بإحراق الميثاق المعلق في الكعبة كخرق علني وصريح للميثاق.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص387 و 389؛الجهشياري، کتاب الوزارء والکتاب، 1938م، ص189.</ref> | |||
=== وصول المأمون لسدّة الحكم === | |||
كان للمأمون وزير [[بلاد فارس|فارسي]] يُدعى [[الفضل بن سهل]]، وكان قد دخل إلى بلاط حكم [[هارون العباسي|الرشيد]] زمن نفوذ [[البرامكة]]، فبدأ يعمل مربّياً للمأمون، ثمّ سرعان ما صار مستشاراً له فوزيراً أيام حكمه، وهو الذي أشار على المأمون لاحقاً بنقل عاصمة الخلافة إلى [[مرو]]، ومن أجل تحقيق ذلك كان يسعى جاهداً كي يصل المأمون إلى الحكم.<ref>شريف، العالم الإسلامي في العصر العباسي، 1966م، ص110.</ref> وفي الجهة المقابلة كان وزير الأمين وهو [[الفضل بن الربيع]] – والذي كان وزير هارون من قبل – يكنّ الضغينة للبرامكة، وسعى جهده لتقوية التيّار العربي في بلاط الحكم وتضعيف التيار الفارسي، فتوسّع الخلاف ليحمل صفة شبه شعبية، جذبت العرب إلى صفّ الأمين، والفرس إلى جانب المأمون ذي الأمّ والزوجة الفارسيتين،<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص113-115.</ref> ممّا أدى في النهاية إلى وقوع الحرب بين الطرفين.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص118-119.</ref><br> | |||
أرسل المأمون – بتدبير الفضل بن سهل – جيشاً بقيادة [[الطاهر بن الحسين]] الملقّب بذي اليمينين لمواجهة علي بن عيسى قائد جيش الأمين في الري، فتغلّب عليه سنة 195هـ، وتمكّن عام 198هـ من السيطرة على [[بغداد]] بعد معارك شديدة، وسُجن الأمين ثم قُتل، وأعلن المأمون خلافته رسمياً وبسط سلطانه على جميع أراضي الدولة الإسلامية في ذلك العام، كما عيّن الفضل بن سهل وزيراً له.<ref>الطبري، تاريخ الأمم و الملوك، 1960م، ج8، ص472-489؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ص460.</ref> | |||
كان [[ | == العلاقة بين المأمون والعلويين == | ||
كان قيام [[السيد|العلويين]] المتكرر في مختلف أراضي الدولة العباسية الشغل الشاغل لبال خلفاء [[بني العباس]]. فقد كان العلويون المضطهدون منذ زمان [[المنصور العباسي]] يتحيّنون الفرص للثورة على خليفة زمانهم،<ref>الله اکبری، عباسيان از بعثت تا خلافت، 1381ش، ص95-97.</ref> غير أنّ ثوراتهم كانت تتعرّض للقمع في معظم الأحيان. وكان للخلاف الذي وقع بين الأمين والمأمون بين العامين 193 و197 هـ أثر عميق على ضعف الدولة العباسية وقتها، ممّا أدى لتوسّع وازدياد الثورات العلوية في كلّ من [[الحجاز]] و<nowiki/>[[اليمن]] و<nowiki/>[[العراق]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج7، ص139 و ج8، ص574.</ref> | |||
=== ثورات العلويين في زمان المأمون === | |||
قام العلويون بعدة ثورات في زمان المأمون، وكان معظمها على يد الجناح [[الزيدية|الزيدي]] منهم. وتعدّ [[ابن طباطبا|ثورة ابن طباطبا]] التي وقعت في [[الكوفة]] عام [[199هـ]] من أهمها، حيث أنّها وبحسب بعض الباحثين وجّهت ضربة قاسية للحكومة العباسية، ممّا شجّع الكثيرين في مختلف الأماكن من الدولة على الثورة وإعلان استقلالهم عن السلطة المركزية.<ref>نقوی، تاثیر قیامهای علویان بر ولایتعهدی امام رضا(ع)، 1388ش، ص141-144.</ref> فقام على إثرها كلّ من [[زيد بن موسى الكاظم (ع)|زيد بن موسى]] الملقب بزيد النار في [[البصرة]]،<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص355.</ref> و[[إبراهيم بن موسى بن جعفر]] في [[اليمن]]، و[[الحسين بن الحسن بن علي]] المعروف بابن الأفطس في [[مكة]]،<ref>، المختار الليثي، جهاد الشيعة في العصر العباسي الأول، 1978م، ص326.</ref> و[[محمد بن جعفر الصادق]] المعروف بمحمد الديباج في [[الحجاز]]،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج7، ص125.</ref> وغيرهم. وبالرغم من أنّ هذه الثورات لم تدم طويلاً، لكنها مهّدت الأرضية لقيام دول علوية زيدية في طبرستان واليمن في السنوات اللاحقة. | |||
=== ولاية عهد الإمام الرضا{{اختصار/ع}} === | |||
[[ملف:سکه ولایتعهدی امام رضا.jpg|تصغير|النقود المضروبة بمناسبة ولاية عهد الإمام الرضا (ع)]] | |||
سعى المأمون لإظهار نفسه كمحب ل<nowiki/>[[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]]{{اختصار/عليهم}} بغية التخلص من خطر ثورات العلويين، لما علمه من تعلق أهل [[خراسان الكبيرة|خراسان]] بأهل بيت النبي{{اختصار/ص}}.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الحياة السياسية للإمام الرضا (ع)، ص 192.</ref> فقام بدعوة الإمام الرضا وإحضاره من [[المدينة]] إلى [[مرو]]، وأعلن أنّه سيتخلى عن [[الخلافة]] ويسلّمها لخير آل علي وهو الإمام علي بن موسى الرضا. ولمّا رفض الإمام ذلك ألزمه بقبول [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]]. | |||
ويعتقد بعض المحققين أنّ المأمون لم يكن يريد تسليم الخلافة للإمام الرضا، بل كان يسعى لجعله الحاكم الظاهر بينما يدير هو كل شيء خلف الكواليس.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الحياة السياسية للإمام الرضا (ع)، ص 192.</ref> وبعد أن أُجبر الإمام على القبول بولاية العهد [[201هـ|عام 201هـ]]، بايعه الناس،<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص448.</ref> وأمر المأمون بإطلاق لقب "الرضا" عليه، وضُربت النقود باسمه.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص448.</ref><br> | |||
وكان من بين آثار هذه المسألة هو هجرة العلويين إلى خراسان، فبحسب بعض المحققين فإنّ العديد من العلويين كانوا يأتون إلى خراسان لملاقاة الإمام،<ref>اصغری، نگرشی بر حکومت مأمون با تأکید بر مسائل شرق ایران، 1381ش، ص218.</ref> كما مهدت هذه الهجرات لترويج فكر [[التشيّع]] في [[إيران]].<ref>قرشی، خاندان وحی، 1386ش، ص585-586.</ref> | |||
== أهم إجراءات المأمون بعد استقرار الخلافة == | |||
=== نقل العاصمة إلى بغداد === | |||
إنّ سياسات المأمون التي كانت بحسب الظاهر تميل إلى [[بلاد فارس|الفرس]] وتخالف توجّهات [[العباسيين]] أثارت حفيظة كبار العباسيين والناس في بغداد من تصرّفات المأمون، فقام مجموعة من وجهاء العباسيين في بغداد بإعلانهم رفض خلافة المأمون وبايعوا [[إبراهيم بن المهدي]] خليفة عليهم. أدى ذلك إلى اضطراب في عاصمة العباسيين [[بغداد]] ووقوع فتن داخلية هناك.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص546.</ref> كما ازدادت الاضطرابات في كلّ من [[مصر]] و[[الجزيرة]]، وازداد خطر وقوع حرب أهلية بين أفراد البيت العباسي. كلّ ذلك حذا بالمأمون إلى التفكير بأنّ السبيل الوحيد للقضاء على تلك الاضطرابات هو تغيير سياسته ونقل عاصمته إلى بغداد عاصمة آبائه، فعزم على التوجه إلى هناك.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص124،125.</ref> | |||
=== شهادة الإمام الرضا ع === | |||
بعد أن وصل من خلال ولاية العهد إلى مبتغاه، أحسّ المأمون بأنّ بقاء [[الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}} إلى جانبه ليس من مصلحته. وكانت هواجس المأمون تنبع من عدّة أسباب منها أفضلية الإمام الرضا في المناظرات التي كانت تجري مع علماء المذاهب المختلفة،<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص124،122.</ref> وازدياد شعبية ومحبة الإمام الرضا بين الناس، وكذلك انتقاد الإمام الصريح لبعض تصرفات المأمون.<ref>الصدوق، عیون أخبار الرضا، ج2، ص241.</ref> فقام المأمون من أجل الحفاظ على سلطته بالتآمر لقتل الإمام، وبالفعل قُتل الإمام مسموماً أثناء سفر المأمون إلى بغداد سنة 203هـ.<ref>ابن الصباغ المالكي، الفصول المهمة، 1409هـ، ص350؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ج2، ص471.</ref> هذا ويعتقد بعض علماء الشيعة أنّ الإمام الرضا لم يُقتل عل يد المأمون،<ref>جعفریان، حیات فکری و سیاسی امامان شیعه(ع)، 1381ش، ص445-446.</ref> حيث نقل [[علي بن عيسى الإربلي]] صاحب كتاب [[كشف الغمة]] ذلك القول عن [[السيد ابن طاووس]] وأبدى ميله إليه.<ref>الإربلي، کشف الغمة، 1381هـ، ج2، ص282.</ref> غير أنّ آخرين ومن بينهم المؤرخ [[رسول جعفريان]] يرون أنّ هذا الاعتقاد الخاطئ ناشئ عن التظاهر والازدواجية في التعامل التي مارسها المأمون مع الإمام الرضا.<ref>جعفریان، حیات فکری و سیاسی امامان شیعه(ع)، 1381ش، ص431.</ref> | |||
== عقيدة المأمون == | |||
=== المأمون والمذهب المعتزلي === | |||
طبقاً للشواهد التاريخية؛ فإنّ المأمون كانت تربطه علاقة ببعض علماء [[المعتزلة]] ك<nowiki/>[[أبو هذيل العلاف|أبي هذيل العلاف]] و<nowiki/>[[النظام|النّظّام]]،<ref>ناظمیان فرد، مأمون و محنت، پژوهشهای تاریخی، 1388ش، ص69 و 70.</ref> كما أنّه عيّن بعض كبار شخصيات المعتزلة في مناصب حكومية. كما كان يعتقد بنظرية [[خلق القرآن]]. دفعت هذه الشواهد ببعض المؤرخين لطرح نظرية ميل المأمون إلى المعتزلة. وفي المقابل وردت أخبار تدلّ على ارتباط المأمون بشخصيات معارضة للمعتزلة، ف<nowiki/>[[يحيى بن أكثم]] الذي كان مستشاراً للمأمون يعدّ من أعداء المعتزلة.<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، دار الکتب العلمية، ج4، ص199 و 200.</ref> أدى هذا الاختلاف والتعارض بين الأخبار في المسألة إلى قول البعض بأنّ اعتقادات المأمون كانت عبارة عن مزيج من اعتقادات الفرق الكلامية المختلفة.<ref>ناظمیانفرد، مأمون و محنت، پژوهشهای تاریخی، 1388ش، ص70.</ref><br> | |||
ويُذكر أنّ المأمون في أواخر فترة خلافته كان ينصب محاكم تفتيش في العقائد ليمتحن قضاته والفقهاء المحدثين فيها. وبحسب مرسوم أصدره [[218هـ|سنة 218هـ]] فإنّه كلّف المعتزلة بتفحّص عقيدة الناس حول مسألة خلق القرآن، وعُرفت هذه المسألة في التاريخ بالمحنة.<ref>ناظمیانفرد، مأمون و محنت، پژوهشهای تاریخی، 1388ش، ص67-78.</ref> | |||
=== المأمون والتشيّع === | |||
وقع اختلاف بين المؤرخين [[أهل السنة والجماعة|السنّة]] و<nowiki/>[[التشيع|الشيعة]] وحتى المستشرقين حول حقيقة اعتقاد المأمون، ففي حين ردّ العديد من علماء الشيعة تشيّع المأمون بالمعنى الحقيقي للتشيّع؛<ref>اللهاکبری، روابط علویان و عباسیان، تاریخ اسلام در آینه پژوهش، پاییز 1381ش، ص27.</ref> صرّح الكثير من علماء السنة في مصادرهم المعتبرة بنسبته إلى التشيّع ك<nowiki/>[[الذهبي]] و<nowiki/>[[ابن كثير]] و<nowiki/>[[ابن خلدون]] وغيرهم.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، 1414هـ، ج11، ص236؛ ابنکثير، البداية والنهاية، 1978م، ج10، ص275-279.</ref><br> | |||
وردت في المصادر التاريخية عدّة أسباب دفعت بالعلماء إلى الاعتقاد بتشيّع المأمون وكان من أبرزها عرضه [[الخلافة]] و<nowiki/>[[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]] على [[الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}}،<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، 1987م، ص454؛ ابن الطقطقي، التاريخ الفخري، 1360ش، ص217؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، 1997م، ص363.</ref> وإعادته [[فدك|أرض فدك]] للعلويين،<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، 1995م، ج4، ص240؛ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 1939م، ج7، ص156.</ref> وقوله بجواز [[زواج المتعة]] لمدّة من الزمن ثمّ تراجعه عن ذلك،<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج4، ص199؛ ناظمیانفرد، «مأمون و محنت»، 1388ش، ص71؛ موسوی، «متعه در نگاه فقیهان مسلمان»، 1387ش، ص135.</ref> وإعلانه لأفضلية [[الإمام علي]]{{اختصار/ع}} على بقية [[الصحابة]] و<nowiki/>[[الخلفاء الثلاثة|الخلفاء]]،<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، 1987م؛ ج5، ص349-359؛ الکنتوري، عبقات الأنوار، 1366ش، ج11، ص953-957.</ref> واستنكاره لمدح [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] ومعاقبته على [[سب علي|سبّ الإمام علي]]،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، 1997م، ص364.</ref> وإعلان المأمون لتشيّعه وتشيّع أبيه [[هارون العباسي|هارون]] وفق بعض المصادر.<ref>المسعودي، مروج الذهب، دار الأندلس، ج4، ص5.</ref> <br> | |||
وفي المقابل يعتقد بعض المحقّقين بأنّ الميول [[الشيعية]] لدى المأمون كانت نابعة من توجهاته [[المعتزلة|الاعتزالية]]، ففي زمن المأمون كان المعتزلة قريبين من الشيعة والعلويين.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص123.</ref> بينما يراه البعض نوعاً من التشيّع العام، في مقابل التشيّع الاصطلاحي الاثني عشري المعروف، والتشيع العام هو مجرّد الاعتقاد بخلافة الإمام علي بلا فصل من غير الالتزام بالاعتقادات الأخرى.<ref>الکنتوري، عبقات الأنوار، 1366ش، ج4، ص109-113.</ref> | |||
==الهوامش== | |||
{{مراجع}} | |||
== | ==الملاحظات== | ||
{{ملاحظات}} | |||
==المصادر والمراجع== | ==المصادر والمراجع== | ||