مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الجزية»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Bassam (أنشأ الصفحة ب'{{مقالة فقهية وصفية}} {{الأحكام}} '''الجزية''' وهو المال المأخوذ من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الإ...') |
imported>Nabavi طلا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{مقالة فقهية وصفية}} | {{مقالة فقهية وصفية}} | ||
{{الأحكام}} | {{الأحكام}} | ||
'''الجزية''' وهو المال المأخوذ من [[أهل الكتاب]] لإقامتهم | '''الجزية''' وهو المال المأخوذ من [[أهل الكتاب]] لإقامتهم بـ[[دار الإسلام]]، الذي يؤخذ على رؤوسهم أو على أرضهم، فإنّ [[الإمام|للإمام]] {{ع}} أن يأخذ الجزية على رؤوسهم وعلى أراضيهم، وله {{ع}} تحديد مقدار الجزية حسب ما يراه من حال من تؤخذ منهم الجزية حسب غناهم وفقهرهم، وقد [[الإجماع|أجمع]] [[المسلمون]] على مشروعية أخذ الجزية. | ||
لا تؤخذ الجزية من مطلق الناس - من غير المسلمين - | لا تؤخذ الجزية من مطلق الناس - من غير المسلمين - بل تؤخذ من [[أهل الكتاب]] خاصة كـ[[اليهود]] و[[النصارى]]، ولا تؤخذ من جميع أهل الكتاب، بل قد استثني منهم طوائف كالصبي والمجنون والمرأة. | ||
إنَّ الحكمة من تشريع الجزية هي أنها تعتبر [[الاجارة|أجرة]] ومعاوضة عن حق حياتهم تحت لواء [[الإسلام]]، فقد حقن الإسلام دمائهم، ومنع من استرقاقهم، وحفظ أرواحهم من أي اعتداء حال إعطائهم للجزية. | إنَّ الحكمة من تشريع الجزية هي أنها تعتبر [[الاجارة|أجرة]] ومعاوضة عن حق حياتهم تحت لواء [[الإسلام]]، فقد حقن الإسلام دمائهم، ومنع من استرقاقهم، وحفظ أرواحهم من أي اعتداء حال إعطائهم للجزية. | ||
==تعريف الجزية== | ==تعريف الجزية== | ||
*لغة: الجزية: فِعلَةٌ من جزى يجزي، والجمع الجزي، مثل اللحية واللحى، وهي المال الذي يؤخذ من [[أهل الكتاب]] ويعقد لهم عليه الذمة؛ وتسميتها بذلك للاجتزاء بها عن حقن دمائهم، قال اللّه تعالى: {{قرآن|حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}<ref>التوبة: 29.</ref> والجزية أيضا [[الخراج|خراج]] الأرض.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 14، ص 146. </ref> | *لغة: الجزية: فِعلَةٌ من جزى يجزي، والجمع الجزي، مثل اللحية واللحى، وهي المال الذي يؤخذ من [[أهل الكتاب]] ويعقد لهم عليه الذمة؛ وتسميتها بذلك للاجتزاء بها عن حقن دمائهم، قال اللّه تعالى: {{قرآن|حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}<ref>التوبة: 29.</ref> والجزية أيضا [[الخراج|خراج]] الأرض.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 14، ص 146.</ref> | ||
*اصطلاحا: وتطلق الجزية لدى [[الفقهاء]] على المعنى اللغوي نفسه، وهو المال المأخوذ من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الإسلام وحقن دمائهم، المضروب على رؤوسهم أو على أرضهم، فإنّ [[الإمام|للإمام]] {{ع}} أن يضرب الجزية على رؤوسهم وعلى أراضيهم.<ref>المحقق الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 275. </ref> | *اصطلاحا: وتطلق الجزية لدى [[الفقهاء]] على المعنى اللغوي نفسه، وهو المال المأخوذ من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الإسلام وحقن دمائهم، المضروب على رؤوسهم أو على أرضهم، فإنّ [[الإمام|للإمام]] {{ع}} أن يضرب الجزية على رؤوسهم وعلى أراضيهم.<ref>المحقق الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 275.</ref> | ||
==ألفاظ ذات صلة== | ==ألفاظ ذات صلة== | ||
*[[الخراج]]: وهو أجرة الأرض من الأراضي المفتوحة عنوة أو صلحاً،<ref>الخوئي، مصباح الفقاهة (المكاسب)، ج 1، ص 542.</ref> والجزية ضريبة تؤخذ من [[أهل الذمة]] لإقامتهم بدار الإسلام، وتوضع على رؤوسهم أو أراضيهم،<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 227 و 249.</ref> وتسمى أرضهم أرض الجزية وأرض الذمة، فالخراج غير الجزية وإن كان قد يُعبر عن أرضهم بأرض الخراج.<ref>الأصفهاني، حاشية المكاسب، ج 3، ص 19.</ref> | *[[الخراج]]: وهو أجرة الأرض من الأراضي المفتوحة عنوة أو صلحاً،<ref>الخوئي، مصباح الفقاهة (المكاسب)، ج 1، ص 542.</ref> والجزية ضريبة تؤخذ من [[أهل الذمة]] لإقامتهم بدار الإسلام، وتوضع على رؤوسهم أو أراضيهم،<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 227 و 249.</ref> وتسمى أرضهم أرض الجزية وأرض الذمة، فالخراج غير الجزية وإن كان قد يُعبر عن أرضهم بأرض الخراج.<ref>الأصفهاني، حاشية المكاسب، ج 3، ص 19.</ref> | ||
ومن الفوارق بين الجزية والخراج أنَّ الجزية لا تؤخذ من النساء والصبيان والمجانين،<ref>أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه، ص 249. </ref> وإنَّ الخراج يؤخذ منهم، وقد ذكر [[العلامة الحلي]] أنّ الخراج يؤخذ من أراضي النساء والصبيان والمجانين.<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 333.</ref> | ومن الفوارق بين الجزية والخراج أنَّ الجزية لا تؤخذ من النساء والصبيان والمجانين،<ref>أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه، ص 249.</ref> وإنَّ الخراج يؤخذ منهم، وقد ذكر [[العلامة الحلي]] أنّ الخراج يؤخذ من أراضي النساء والصبيان والمجانين.<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 333.</ref> | ||
وإنَّ الجزية بقسميها - أي ما يُضرب على الرؤوس وما يُضرب على الأراضي - تسقط بدخول الإنسان [[الإسلام]]،<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 175.</ref> وأما الخراج الذي هو أجرة الأرض وقبالتها ففي كلمات [[الفقهاء]] أنّه لا يسقط بالإسلام.<ref>الشهيد الثاني، مسالك الأفهام، ج 3، ص 73.</ref> | وإنَّ الجزية بقسميها - أي ما يُضرب على الرؤوس وما يُضرب على الأراضي - تسقط بدخول الإنسان [[الإسلام]]،<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 175.</ref> وأما الخراج الذي هو أجرة الأرض وقبالتها ففي كلمات [[الفقهاء]] أنّه لا يسقط بالإسلام.<ref>الشهيد الثاني، مسالك الأفهام، ج 3، ص 73.</ref> | ||
سطر ٢٠: | سطر ٢٠: | ||
ويطلق العشر أيضا على ما يفرض على الحربي في مقابل دخوله دار [[الإسلام]] لتجارة لا تشتد الحاجة إليها، فيجوز أن يأذن له ويشترط عليه عشر ما معه من مال [[التجارة]]، فالفرق بينه وبين الجزية: أنّ الجزية هي ما يؤخذ من أهل الذمة لإقامتهم بدار الإسلام، والعشر: ما يؤخذ زكاة أو يوضع على أموال الحربي المعدّة للتجارة.<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 330.</ref> | ويطلق العشر أيضا على ما يفرض على الحربي في مقابل دخوله دار [[الإسلام]] لتجارة لا تشتد الحاجة إليها، فيجوز أن يأذن له ويشترط عليه عشر ما معه من مال [[التجارة]]، فالفرق بينه وبين الجزية: أنّ الجزية هي ما يؤخذ من أهل الذمة لإقامتهم بدار الإسلام، والعشر: ما يؤخذ زكاة أو يوضع على أموال الحربي المعدّة للتجارة.<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 330.</ref> | ||
*[[الفيء]]: وهو ما يؤخذ من [[الكفار]] بغير قتال، الشامل للخراج والجزايا والعشور المأخوذة من أموالهم التجارية، فالفيء أعم من الجزية <ref>الطوسي، المبسوط، ج 1، ص | *[[الفيء]]: وهو ما يؤخذ من [[الكفار]] بغير قتال، الشامل للخراج والجزايا والعشور المأخوذة من أموالهم التجارية، فالفيء أعم من الجزية <ref>الطوسي، المبسوط، ج 1، ص 617.</ref> | ||
==مشروعية أخذ الجزية== | ==مشروعية أخذ الجزية== | ||
الأصل في المشروعية قوله تعالى: {{قرآن|قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَاحَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}.<ref>التوبة : 29.</ref> | الأصل في المشروعية قوله تعالى: {{قرآن|قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَاحَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}.<ref>التوبة : 29.</ref> | ||
ولقول [[الصادق عليه السلام|أبي عبد اللّه]] {{ع}} في رواية [[مسعدة بن صدقة]]: إنّ [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} كان إذا بعث أميرا له على سرية ... يقول: ... فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون ...،<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 59. </ref> وللإجماع بين [[الفقهاء]]، بل [[الإجماع|إجماع]] [[المسلمون|الأمة الإسلامية]] عليه.<ref>العلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية، ج 2، ص 199.</ref> | ولقول [[الصادق عليه السلام|أبي عبد اللّه]] {{ع}} في رواية [[مسعدة بن صدقة]]: إنّ [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} كان إذا بعث أميرا له على سرية ... يقول: ... فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون ...،<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 59.</ref> وللإجماع بين [[الفقهاء]]، بل [[الإجماع|إجماع]] [[المسلمون|الأمة الإسلامية]] عليه.<ref>العلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية، ج 2، ص 199.</ref> | ||
==الحكمة من تشريع الجزية== | ==الحكمة من تشريع الجزية== | ||
جعل [[اللّه]] تعالى الجزية على [[أهل الكتاب]] حقناً لدمائهم، ومنعاً من استرقاقهم، ووقاية لما عداها من أموالهم،<ref>المفيد، المقنعة، ص 269.</ref> فالجزية عبارة عن أجرة ومعاوضة عن حق حياتهم تحت لواء [[الإسلام]]، ويشير إلى ذلك ما ورد في [[الحديث الصحيح|صحيحة]] [[زرارة بن أعين|زرارة]] عن [[الصادق (ع)|أبي عبد اللّه]] {{ع}} قال: ... إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا ... <ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 149. </ref> | جعل [[اللّه]] تعالى الجزية على [[أهل الكتاب]] حقناً لدمائهم، ومنعاً من استرقاقهم، ووقاية لما عداها من أموالهم،<ref>المفيد، المقنعة، ص 269.</ref> فالجزية عبارة عن أجرة ومعاوضة عن حق حياتهم تحت لواء [[الإسلام]]، ويشير إلى ذلك ما ورد في [[الحديث الصحيح|صحيحة]] [[زرارة بن أعين|زرارة]] عن [[الصادق (ع)|أبي عبد اللّه]] {{ع}} قال: ... إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا ... <ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 149.</ref> | ||
قال [[العلامة الحلي]] في مقام الجواب عن أنها عقوبة: أنّ الجزية نمنع كونها عقوبة وإن استلزمتها، بل هي معاوضة؛ لأنها وجبت لحقن الدماء والمساكنة.<ref>العلامة الحلي، منتهى المطلب، ج 15، ص72.</ref> | قال [[العلامة الحلي]] في مقام الجواب عن أنها عقوبة: أنّ الجزية نمنع كونها عقوبة وإن استلزمتها، بل هي معاوضة؛ لأنها وجبت لحقن الدماء والمساكنة.<ref>العلامة الحلي، منتهى المطلب، ج 15، ص72.</ref> | ||
سطر ٤٠: | سطر ٤٠: | ||
#[[اليهود]] و[[النصارى]]: اتفق [[الفقهاء]] على أنّ الجزية تقبل من اليهود والنصارى،<ref>الديلمي، المراسم، ص 141.</ref> وهو مما لا خلاف فيه بين المسلمين، بل لعله من [[ضروريات الدين|ضروريات المذهب أو الدين]].<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 227.</ref> | #[[اليهود]] و[[النصارى]]: اتفق [[الفقهاء]] على أنّ الجزية تقبل من اليهود والنصارى،<ref>الديلمي، المراسم، ص 141.</ref> وهو مما لا خلاف فيه بين المسلمين، بل لعله من [[ضروريات الدين|ضروريات المذهب أو الدين]].<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 227.</ref> | ||
#[[المجوس]]: المشهور بين الفقهاء أخذ الجزية من المجوس،<ref>ابن زهرة الحلبي، غنية النزوع، ص 202.</ref> بل أنه لا الخلاف فيه بين علماء [[الإسلام]]،<ref>العلامة الحلي، منتهى المطلب، ج 15، ص 17.</ref> فحكمهم حكم [[أهل الكتاب]] وإن لم يكونوا من أهل الكتاب، بل لهم شبهة كتاب، فإنّ الحكم يعم من له كتاب حقيقة ومن له شبهة كتاب.<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 429.</ref> | #[[المجوس]]: المشهور بين الفقهاء أخذ الجزية من المجوس،<ref>ابن زهرة الحلبي، غنية النزوع، ص 202.</ref> بل أنه لا الخلاف فيه بين علماء [[الإسلام]]،<ref>العلامة الحلي، منتهى المطلب، ج 15، ص 17.</ref> فحكمهم حكم [[أهل الكتاب]] وإن لم يكونوا من أهل الكتاب، بل لهم شبهة كتاب، فإنّ الحكم يعم من له كتاب حقيقة ومن له شبهة كتاب.<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 429.</ref> | ||
#[[الصابئة]]: اختلف الفقهاء في قبول الجزية من الصابئة؛ وذلك لاختلافهم في كونهم من أهل الكتاب، فذهب جماعة إلى عدم قبول الجزية منهم،<ref>المفيد، المقنعة، ص 270 - 271. </ref> وذهب بعض الفقهاء إلى جواز قبول الجزية منهم مثل [[ابن الجنيد الإسكافي|ابن الجنيد]]،<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 444.</ref> واختار [[السيد الخوئي]] أخذ الجزية منهم على الأظهر؛ لأنّهم من [[أهل الكتاب]].<ref>الخوئي، منهاج الصالحين، ج 1، ص 391.</ref> | #[[الصابئة]]: اختلف الفقهاء في قبول الجزية من الصابئة؛ وذلك لاختلافهم في كونهم من أهل الكتاب، فذهب جماعة إلى عدم قبول الجزية منهم،<ref>المفيد، المقنعة، ص 270 - 271.</ref> وذهب بعض الفقهاء إلى جواز قبول الجزية منهم مثل [[ابن الجنيد الإسكافي|ابن الجنيد]]،<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 444.</ref> واختار [[السيد الخوئي]] أخذ الجزية منهم على الأظهر؛ لأنّهم من [[أهل الكتاب]].<ref>الخوئي، منهاج الصالحين، ج 1، ص 391.</ref> | ||
*من لا تُقبل منهم الجزية | *من لا تُقبل منهم الجزية | ||
#[[المشركون]]: استدل الفقهاء على عدم قبول الجزية من المشركين ب[[آيات]] و[[الروايات|روايات]]، ومنها: وعموم قوله سبحانه وتعالى: {{قرآن|فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}}،<ref>محمد: 4.</ref> خرج منه أهل الكتاب وبقي ما عداهم تحت العموم.<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 231 - 232. </ref> | #[[المشركون]]: استدل الفقهاء على عدم قبول الجزية من المشركين ب[[آيات]] و[[الروايات|روايات]]، ومنها: وعموم قوله سبحانه وتعالى: {{قرآن|فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}}،<ref>محمد: 4.</ref> خرج منه أهل الكتاب وبقي ما عداهم تحت العموم.<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 231 - 232.</ref> | ||
#[[الالحاد|الملحدون]]: والمراد بالملحد: الدهري المنكر لأصل وجوده تعالى.<ref>الجوهري، الصحاح، ج 2، ص 662. </ref> | #[[الالحاد|الملحدون]]: والمراد بالملحد: الدهري المنكر لأصل وجوده تعالى.<ref>الجوهري، الصحاح، ج 2، ص 662.</ref> | ||
==من تسقط عنه الجزية== | ==من تسقط عنه الجزية== | ||
سطر ٥٠: | سطر ٥٠: | ||
#[[الجنون|المجنون]]: صرح [[الفقهاء]] أنَّ الجزية لا تؤخذ من المجنون المطبق من أهل الذمة.<ref>الطوسي، الخلاف، ج 5، ص 544.</ref> تؤخذ الجزية إذا كان المجنون مطبقاً، وأما إذا كان غير مطبق فقد اختلف الفقهاء في ذلك فذكر [[الشيخ الطوسي]]: أنّ الذي يجنّ في بعض الحول ويفيق في آخر يؤخذ بالحالة الغالبة فيه،<ref>الطوسي، المبسوط، ج 1، ص 587.</ref> وذكر [[السيد الخوئي]] أنّ العبرة بالصدق العرفي، فإن كان لدى العرف معتوهاً لم تجب الجزية عليه، وإلاّ وجبت.<ref>الخوئي، منهاج الصالحين، ج 1، ص 394.</ref> | #[[الجنون|المجنون]]: صرح [[الفقهاء]] أنَّ الجزية لا تؤخذ من المجنون المطبق من أهل الذمة.<ref>الطوسي، الخلاف، ج 5، ص 544.</ref> تؤخذ الجزية إذا كان المجنون مطبقاً، وأما إذا كان غير مطبق فقد اختلف الفقهاء في ذلك فذكر [[الشيخ الطوسي]]: أنّ الذي يجنّ في بعض الحول ويفيق في آخر يؤخذ بالحالة الغالبة فيه،<ref>الطوسي، المبسوط، ج 1، ص 587.</ref> وذكر [[السيد الخوئي]] أنّ العبرة بالصدق العرفي، فإن كان لدى العرف معتوهاً لم تجب الجزية عليه، وإلاّ وجبت.<ref>الخوئي، منهاج الصالحين، ج 1، ص 394.</ref> | ||
#الأبله<ref>المراد منه ضعيف العقل، أو الأحمق.</ref>: صرح كثير من الفقهاء بعدم وجوب الجزية على الأبله.<ref>ابن ادريس الحلي، السرائر، ج 1، ص 473.</ref> | #الأبله<ref>المراد منه ضعيف العقل، أو الأحمق.</ref>: صرح كثير من الفقهاء بعدم وجوب الجزية على الأبله.<ref>ابن ادريس الحلي، السرائر، ج 1، ص 473.</ref> | ||
#المرأة: صرح كثير من فقهائنا بأنّه لا تؤخذ الجزية من النساء، وادعي عليه الإجماع.<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 295. </ref> | #المرأة: صرح كثير من فقهائنا بأنّه لا تؤخذ الجزية من النساء، وادعي عليه الإجماع.<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 295.</ref> | ||
#المملوك: المشهور بين الفقهاء أنّ الجزية تسقط عن المملوك.<ref>الكركي، جامع المقاصد، ج 3، ص 441. </ref> | #المملوك: المشهور بين الفقهاء أنّ الجزية تسقط عن المملوك.<ref>الكركي، جامع المقاصد، ج 3، ص 441.</ref> | ||
#الشيخ الفاني والمقعد والأعمى: اختار مجموعة من الفقهاء سقوط الجزية عن الشيخ الفاني والمقعد والأعمى ك[[ابن الجنيد الإسكافي]]،<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 452.</ref> و[[المحقق الحلي]]،<ref>المحقق الحلي، شرائع الإسلام، ج 1، ص 298.</ref> واختاره السيد الخوئي أيضا.<ref>الخوئي، منهاج الصالحين، ج 1، ص 393. </ref> | #الشيخ الفاني والمقعد والأعمى: اختار مجموعة من الفقهاء سقوط الجزية عن الشيخ الفاني والمقعد والأعمى ك[[ابن الجنيد الإسكافي]]،<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 452.</ref> و[[المحقق الحلي]]،<ref>المحقق الحلي، شرائع الإسلام، ج 1، ص 298.</ref> واختاره السيد الخوئي أيضا.<ref>الخوئي، منهاج الصالحين، ج 1، ص 393.</ref> | ||
#الرهبان وأهل الصوامع: إنَّ المستفاد من كلام ابن الجنيد القول بسقوط الجزية عن الرهبان،<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 452.</ref> قال [[الشيخ الطوسي]]: وفي أصحابنا من قال: لا تؤخذ منهم الجزية.<ref>الطوسي، الخلاف، ج 5، ص 544. </ref> | #الرهبان وأهل الصوامع: إنَّ المستفاد من كلام ابن الجنيد القول بسقوط الجزية عن الرهبان،<ref>العلامة الحلي، مختلف الشيعة، ج 4، ص 452.</ref> قال [[الشيخ الطوسي]]: وفي أصحابنا من قال: لا تؤخذ منهم الجزية.<ref>الطوسي، الخلاف، ج 5، ص 544.</ref> | ||
#الفقير: ذهب الشيخ الطوسي إلى عدم وجوب الجزية على ما لا كسب له ولا مال،<ref>الطوسي، الخلاف، ج 5، ص 546. </ref> ونُسب ذلك إلى ابن الجنيد و[[المفيد]].<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 292. </ref> | #الفقير: ذهب الشيخ الطوسي إلى عدم وجوب الجزية على ما لا كسب له ولا مال،<ref>الطوسي، الخلاف، ج 5، ص 546.</ref> ونُسب ذلك إلى ابن الجنيد و[[المفيد]].<ref>العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 9، ص 292.</ref> | ||
==مقدار الجزية ووقت وجوبها ومدتها== | ==مقدار الجزية ووقت وجوبها ومدتها== | ||
*مقدار الجزية | *مقدار الجزية | ||
المشهور شهرة عظيمة بين [[الفقهاء]] عدم وجود حد للجزية، بل إنّ أمرها إلى [[الإمام]] {{ع}} بحسب ما يراه،<ref>الحلي، المهذب البارع، ج 2، ص 303.</ref> واستدلوا عليه ب[[الحديث الصحيح|صحيحة]] [[زرارة بن أعين|زرارة]]، قال : قلت [[الصادق (ع)|لأبي عبد اللّه]] {{ع}}: ما حد الجزية على [[أهل الكتاب]]؟ وهل عليهم في ذلك شيء موظّف لا ينبغي أن يجوز إلى غيره؟ فقال: ذلك إلى [[الإمام]] يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله ما يطيق، إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتى يسلموا؛ فإنّ اللّه قال: {{قرآن|حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}،<ref>التوبة: 29.</ref> وكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى لا يجد ذلاًّ لما اُخذ منه فيألم لذلك فيسلم.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 149. </ref> | المشهور شهرة عظيمة بين [[الفقهاء]] عدم وجود حد للجزية، بل إنّ أمرها إلى [[الإمام]] {{ع}} بحسب ما يراه،<ref>الحلي، المهذب البارع، ج 2، ص 303.</ref> واستدلوا عليه ب[[الحديث الصحيح|صحيحة]] [[زرارة بن أعين|زرارة]]، قال : قلت [[الصادق (ع)|لأبي عبد اللّه]] {{ع}}: ما حد الجزية على [[أهل الكتاب]]؟ وهل عليهم في ذلك شيء موظّف لا ينبغي أن يجوز إلى غيره؟ فقال: ذلك إلى [[الإمام]] يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله ما يطيق، إنّما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتى يسلموا؛ فإنّ اللّه قال: {{قرآن|حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}}،<ref>التوبة: 29.</ref> وكيف يكون صاغراً وهو لا يكترث لما يؤخذ منه حتى لا يجد ذلاًّ لما اُخذ منه فيألم لذلك فيسلم.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 15، ص 149.</ref> | ||
*وقت وجوب الجزية | *وقت وجوب الجزية | ||
ذكر الفقهاء أنّ وقت الالتزام بالجزية عقب عقد الذمة بين [[المسلمين]] وأهل الذمة مباشرة، نعم وقت أداء الجزية آخر الحول.<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 257 - 258.</ref> | ذكر الفقهاء أنّ وقت الالتزام بالجزية عقب عقد الذمة بين [[المسلمين]] وأهل الذمة مباشرة، نعم وقت أداء الجزية آخر الحول.<ref>النجفي، جواهر الكلام، ج 21، ص 257 - 258.</ref> | ||
سطر ٦٦: | سطر ٦٦: | ||
==مصرف الجزية== | ==مصرف الجزية== | ||
إنَّ مصرف الجزية في عصر [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} مصرف [[الغنيمة]] سواء، فهي [[الجهاد|للمجاهدين]]،<ref>المفيد، المقنعة، ص 274.</ref> أما في زماننا الحاضر، فاختلف الفقهاء فيها على أقوال: | إنَّ مصرف الجزية في عصر [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} مصرف [[الغنيمة]] سواء، فهي [[الجهاد|للمجاهدين]]،<ref>المفيد، المقنعة، ص 274.</ref> أما في زماننا الحاضر، فاختلف الفقهاء فيها على أقوال: | ||
#القول الأول: ما اختاره كثير من الفقهاء من أنَّ الجزية للمجاهدين القائمين مقام [[المهاجرين]].<ref>الطوسي، الخلاف، ج 4، ص 218. </ref> | #القول الأول: ما اختاره كثير من الفقهاء من أنَّ الجزية للمجاهدين القائمين مقام [[المهاجرين]].<ref>الطوسي، الخلاف، ج 4، ص 218.</ref> | ||
#القول الثاني: عدم انحصار مصرفها بالمجاهدين، وجواز صرفها في سائر المصالح<ref>المفيد، المقنعة، ص 274. </ref> أو [[الفقير|الفقراء]].<ref>ابن ادريس الحلي، السرائر، ج 1، ج 474. </ref> | #القول الثاني: عدم انحصار مصرفها بالمجاهدين، وجواز صرفها في سائر المصالح<ref>المفيد، المقنعة، ص 274.</ref> أو [[الفقير|الفقراء]].<ref>ابن ادريس الحلي، السرائر، ج 1، ج 474.</ref> | ||
#القول الثالث: ما اختاره بعض الفقهاء من أنَّ الجزية مختصة بطائفة خاصة من المجاهدين، وهم المعدون [[الجهاد|للجهاد]] كالقوات المسلحة في زماننا، لا من يشارك في الجهاد عند الضرورة وهو مشتغل بأعماله الشخصية.<ref>القمي، الولاية الإلهية الإسلامية، ج 2، ص 419.</ref> | #القول الثالث: ما اختاره بعض الفقهاء من أنَّ الجزية مختصة بطائفة خاصة من المجاهدين، وهم المعدون [[الجهاد|للجهاد]] كالقوات المسلحة في زماننا، لا من يشارك في الجهاد عند الضرورة وهو مشتغل بأعماله الشخصية.<ref>القمي، الولاية الإلهية الإسلامية، ج 2، ص 419.</ref> | ||