مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «ثورة زيد بن علي»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Nabavi ط (تنسيق) |
imported>Nabavi طلا ملخص تعديل |
||
سطر ٧٣: | سطر ٧٣: | ||
:::فقال خالد: والله الذي لا اله الا هو مالي عنده مال قليل ولا كثير، فما أردتم بإحضاره إلاّ ظلمه.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 290.</ref> | :::فقال خالد: والله الذي لا اله الا هو مالي عنده مال قليل ولا كثير، فما أردتم بإحضاره إلاّ ظلمه.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 290.</ref> | ||
==مبايعة | ==مبايعة الكوفيين مع زيد وحيثيات الثورة== | ||
وقد اختلفت [[الشيعة]] إلى زيد وحثته على الخروج، بعد وصوله من [[الشام]] وإقامته بـ[[الكوفة]]<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 7، ص 166.</ref> وطبقاً لـ[[الشيخ المفيد|لشيخ المفيد]] بايعوه الكوفيون على الحرب،<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 173.</ref> ثم بعد أن بلغ يوسف بن عمر أن زيدا قد أزمع على الخروج، أمر أن يجمع أهل الكوفه في المسجد الأعظم، ثم نادى مناديه: من أدركناه في رحبة المسجد فقد برئت منه الذمة، ادخلوا المسجد، فأتى الناس المسجد يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم. إلا أن شيوع خبر خروجه وأمر يوسف بن عمر على جمع أهل الكوفة في مسجدها، قد أدى إلى تراجع عدد أصحابه الذين اجتمعوا في 300،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 244.</ref> وعلى نقل بل أقل.<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 134؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 244.</ref> طبقاً للمصادر أن زيداً خرج مع أصحابه في ليلة ذلك اليوم، في برد شديد، وأشعلوا النيران ورفعوا شعارهم المشهور "[[يا منصور أمت]]".<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 182.</ref> | |||
: | |||
: | وعندما أصبح زيد بن على، فكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتي رجل ونيف، استغرب وتسائل: أين الناس! فأخبروه بأنهم في المسجد الأعظم محصورون، لكنه اعتبر هذا العذر غير مبرر لتخليهم عنه.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 182.</ref> | ||
فلما رأى زيد خذلان الناس إياه، كأنه استحضر [[واقعة الطف]]، حيث استشهد جده [[سيد الشهداء]] (ع).<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 184.</ref> | |||
ولو أن أعلام من الكوفة -وفقا لما ينقل الطبري- قد أنبؤوه وحذروه من غدر الكوفيين وخذلانهم أعز منه عليهم أي [[علي بن أبي طالب]]، و[[الحسن]] و[[الحسين]][[ملف:عليهم السلام.png|25 px]]<noinclude></noinclude>.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 7، ص 167-168.</ref> | |||
طبقاً لإحصاء ديوانه قد بايعوه 15000 رجل من أهل الكوفة. فقد ذكر المؤرخون أقوالا متعددة في أعداد المبايعين ومنها: | |||
#أكثر من إثني عشر ألفاً.<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 136.</ref> | |||
#خمسة عشر ألفا.<ref>الطبري، تاريخ الامم والملوك، ج 7، ص 171.</ref> | |||
#خمسة وعشرون ألفا.<ref>المقرّم، زيد الشهيد، ص116؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 168.</ref> | |||
#أربعون ألفا.<ref>المقرّم، زيد الشهيد، ص 116.</ref> | |||
#ثمانون ألفا.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 39، ص 262.</ref> | |||
وقد بايعه أناس من وجوهها، منهم: مسلمة بن كهيل ونصر بن خزيمة العبسي ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وحجية بن الأجلج الكندي.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 167.</ref> كما كان من بين المبايعين أناس من أهل [[المدائن]] و[[البصرة]] وواسط، والموصل و[[خراسان]] و[[الري]] وجورجان.<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 132.</ref> فلو أخذنا الحديث الدائر بين زيد وسلمة بن كهيل بعين الاعتبار، يكون عدد المبايعين قد ناهز الأربعين ألفاً.<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 132؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 7، ص 168.</ref> | |||
أما فيما يرتبط بمناصريه في المعركة فقد أحصوا المؤرخون لهم عددا ما بين مائتي رجل ونيف،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 182؛الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 93.</ref> إلى ثلاثمئة،<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 168.</ref> وصولاً إلى خمسمائة رجل.<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 93.</ref> | |||
كما أن هناك أخبار تحدثت عن نصرة [[أبي حنيفة]] لزيد بن علي بالمال والعدة في المصادر التاريخية.<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 140-141.</ref> | |||
'''مبايعة العلماء لزيد الشهيد''' | |||
انبرى معظم [[الفقهاء|فقهاء]] [[الكوفة]] وعلمائها إلى مبايعة [[زيد الشهيد|زيد]]، وتحريض الجماهير على نصرته ودعم دعوته ومنهم: | انبرى معظم [[الفقهاء|فقهاء]] [[الكوفة]] وعلمائها إلى مبايعة [[زيد الشهيد|زيد]]، وتحريض الجماهير على نصرته ودعم دعوته ومنهم: | ||
{{Div col|2}} | {{Div col|2}} | ||
سطر ٩٧: | سطر ١١٣: | ||
{{Div col end}} | {{Div col end}} | ||
'''تسرب أخبار الثورة''' | |||
قد استتب لـ[[زيد بن علي]] خروجه ووعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من [[صفر المظفر|صفر]] [[سنة 122 هـ]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 181.</ref> لكنه خرج قبل الأجل،<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 132.</ref> وذلك بعد أن شاع أمر زيد وأصحابه وعلم به يوسف بن عمر والي الكوفة، استبان أمر زيد وأصحابه من رجلين، بعد ما طلب زيداً ليلا فلم يجده عندهما. وتسربت أخبار الجهتين بينهما عدة مرات إلى أن عجل زيد موعد الخروج. ثم أمر ابن عمر، أن يجمع بأهل الكوفة في المسجد وأعلنوا أن أياً من العرب والموالي لو وُجد في رحبة المسجد، فقد برئت منه الذمة. فأتى الناس [[مسجد الكوفة|المسجد]] يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم. وطلبوا زيداً في دار معاوية بن إسحاق، وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من [[المحرم]].<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 132؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 182.</ref> | قد استتب لـ[[زيد بن علي]] خروجه ووعد أصحابه ليلة الأربعاء أول ليلة من [[صفر المظفر|صفر]] [[سنة 122 هـ]].<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 181.</ref> لكنه خرج قبل الأجل،<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 132.</ref> وذلك بعد أن شاع أمر زيد وأصحابه وعلم به يوسف بن عمر والي الكوفة، استبان أمر زيد وأصحابه من رجلين، بعد ما طلب زيداً ليلا فلم يجده عندهما. وتسربت أخبار الجهتين بينهما عدة مرات إلى أن عجل زيد موعد الخروج. ثم أمر ابن عمر، أن يجمع بأهل الكوفة في المسجد وأعلنوا أن أياً من العرب والموالي لو وُجد في رحبة المسجد، فقد برئت منه الذمة. فأتى الناس [[مسجد الكوفة|المسجد]] يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بيوم. وطلبوا زيداً في دار معاوية بن إسحاق، وذلك ليلة الأربعاء لسبع بقين من [[المحرم]].<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 132؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 7، ص 182.</ref> | ||
'''مخططات زيد العسكرية''' | '''مخططات زيد العسكرية''' | ||
سطر ١٣١: | سطر ١٢٥: | ||
أخفى زيد أسماء كوادر ثورته خوفا عليهم، وقد ظهرت أسماء بعضهم بعد شهادة زيد. | أخفى زيد أسماء كوادر ثورته خوفا عليهم، وقد ظهرت أسماء بعضهم بعد شهادة زيد. | ||
:::*شموليّة الثورة | :::*شموليّة الثورة | ||
كان رأيه | كان رأيه أن الثورة تكون في جميع المناطق الإسلامية التي له دعاة فيها ليثورون في الوقت المقرر حتى لا تتمكن الدولة من إخمادها، بالإضافة إلى إلقاء الرعب في قلوب الحاكمين، كما أن الثورة تكون أقل خسائر مما إذا كانت في موطن خاص. | ||
:::*الثورة ليلاً | :::*الثورة ليلاً | ||
رأى زيد أن تكون الثورة ليلا | رأى زيد أن تكون الثورة ليلا ولا في وضح النهار، لأنها تلقي الرعب في نفوس العدو، بالإضافة إلى من لا يحب الاشتراك في العمليات العسكرية، فإنه يتخذ من الليل جملا للهروب من ساحة الحرب. | ||
وكان الخروج في غلس الليل له أهميته البالغة في التعاليم العسكرية، وقد خرج على برذون أشهب، وقد ارتدى قباءً أبيضاً، وعليه عمامة وبين يديه مصحف مشهور.<ref>ابن قتيبة الدينوري، الأخبار الطوال، ص 189.</ref> | |||
::: | :::*اضطرار [[زيد الشهيد|زيد]] | ||
كان الخروج في غير الموعد المقرّر، وهو أول يوم من صفر [[سنة 122 للهجرة|سنة 122 هـ]] لاسباب اضطرته إلى ذلك، فقد خاف من الاغتيال وغير ذلك، فخرج ليلة الأربعاء لسبع بقين من [[محرم الحرام|المحرم]] سنة 122هـ، وقد خرج في ليلة شديدة البرد. | |||
ولمّا رأى [[زيد الشهيد|زيد]] اللواء يخفق على رأسه قال: «الحمد لله الذي أكمل لي ديني، أما والله لقد كنت أستحي أن أقدم على [[محمد (ص)|محمد]]{{صل}} ولم [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر|آمر في أمته بمعروف، ولم أنه عن منكر]]»<ref>البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 58.</ref> | ولمّا رأى [[زيد الشهيد|زيد]] اللواء يخفق على رأسه قال: «الحمد لله الذي أكمل لي ديني، أما والله لقد كنت أستحي أن أقدم على [[محمد (ص)|محمد]]{{صل}} ولم [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر|آمر في أمته بمعروف، ولم أنه عن منكر]]»<ref>البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 58.</ref> | ||
سطر ١٤٧: | سطر ١٤١: | ||
:::وأضاف قائلا: «والله ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمال، ولا انتهكت محرما منذ عرفت أنّ الله تعالى يؤاخذني به».<ref>شبر، مصابيح الأنوار، ص 160.</ref> | :::وأضاف قائلا: «والله ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمال، ولا انتهكت محرما منذ عرفت أنّ الله تعالى يؤاخذني به».<ref>شبر، مصابيح الأنوار، ص 160.</ref> | ||
==استشهاد زيد بن علي== | |||
[[ملف:مقبره زید بن علی.jpg|تصغير|بقعة منسوبة إلی [[زيد بن علي]] في [[الكوفة]]]] | [[ملف:مقبره زید بن علی.jpg|تصغير|بقعة منسوبة إلی [[زيد بن علي]] في [[الكوفة]]]] | ||
وواصل [[زيد بن علي]] القتال وقد فُجع بقتل دعاته وأصحابه الذين يعرفون مقامه، وقد قَتَلَ من جيش [[الأمويين]] زهاء سبعين رجلا، فاستدعى العباس بن سعيد من يوسف بن عمر القائد العام للقوات [[الأموية]] لأن يمده بالرماة، فأخذت السهام تتوالى على أصحاب زيد كالمطر، وأصاب سهم جبين زيد، فسقط على أثره إلى الأرض، وكان الرامي له مملوك ليوسف وقيل غيره. | وواصل [[زيد بن علي]] القتال وقد فُجع بقتل دعاته وأصحابه الذين يعرفون مقامه، وقد قَتَلَ من جيش [[الأمويين]] زهاء سبعين رجلا، فاستدعى العباس بن سعيد من يوسف بن عمر القائد العام للقوات [[الأموية]] لأن يمده بالرماة، فأخذت السهام تتوالى على أصحاب زيد كالمطر، وأصاب سهم جبين زيد، فسقط على أثره إلى الأرض، وكان الرامي له مملوك ليوسف وقيل غيره. | ||
سطر ٢١٧: | سطر ٢١١: | ||
لقد ذكر المؤرخون أسبابا لثورة زيد الشهيد (ع)، ومنها: | لقد ذكر المؤرخون أسبابا لثورة زيد الشهيد (ع)، ومنها: | ||
وعلى رأي [[المفيد]] إنه ظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويطالب بثارات [[الحسين]] (ع).<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 171-172.</ref> كما أضاف إلى تلك الأسباب، تعامل [[هشام بن عبد الملك]] غير اللائق ومضايقته بحضور جماعة في قصره.<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 172.</ref> | وعلى رأي [[المفيد]] إنه ظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويطالب بثارات [[الحسين]] (ع).<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 171-172.</ref> كما أضاف إلى تلك الأسباب، تعامل [[هشام بن عبد الملك]] غير اللائق ومضايقته بحضور جماعة في قصره.<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 172.</ref>{{ملاحظة|ذكر المؤرخون أن هشام أوعز إلى عامله على [[المدينة المنورة|المدينة]] بإشخاص [[زيد بن علي]] إلى [[دمشق]] إذلالا له ووقوفا على نشاطاته الفكريّة والسياسيّة، وكان زيد عالما بقصده وكارها لمفارقة [[المدينة المنورة|مدينة]] جدّه، فقال لمن حوله: والله ما من مدينة أحبّ إلي من مدينة تضمّنت جسد جدي [[رسول الله محمد|رسول الله]]{{صل}} وما كنت أحب أن أفارقه وقتا واحدا، ولكنّه سلطان طاغية وجبّار عنيد ولا عون لي عليه ولا مانع منه لي إلاّ الله ربّ العالمين. ومكث [[زيد بن علي]] أياما في [[دمشق]] لم يأذن له هشام إذلالا واحتقارا له، ثم سمح له بعد أن أوصى حضّار مجلسه بمقابلته بالجفاء والاحتقار، وأن لا يردّوا عليه السلام، وأن لا يتركوا له مقعدا يجلس عليه، ودخل [[زيد بن علي]]، فسلّم على هشام فلم يُردّ عليه السلام، والتفت إلى الحاضرين فرأى ما دُبّر له من المكيدة، فوجّه سلاما خاصا إلى هشام قائلا له: السلام عليك يا أحول، فإنّك ترى نفسك أهلا لهذا الاسم.(الحمزي، مجموعة كتب ورسائل الإمام الأعظم زيد، ص 392-393.) | ||
::فصاح به: ما يصنع أخوك البقرة؟ فردّ عليه [[زيد الشهيد|زيد]] قائلا له: سمّاه [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} [[الباقر (ع)|الباقر]]، وأنت تسمّيه البقرة، لشدّ ما اختلفتما فيدخل الجنّة وتدخل النار. | |||
::فقال هشام: بلغني أنك تذكر [[الخلافة]] وتتمنّاها، ولست أهلا لها لأنك ابن أمة. فرد عليه [[زيد بن علي]] قائلا: إنَّ الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، لقد كانت أم إسماعيل أمة لأم إسحاق، فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله تعالى [[النبوة|نبيا]] وجعله أباً للعرب، وأخرج من صلبه خير [[النبوة|الأنبياء]] [[محمد ابن عبد الله|محمّد]]{{صل}}.(البراقي، تاريخ الكوفة، ص 381.) | |||
وفقد هشام بن الحكم صوابه، ولم يطق الردّ على [[زيد الشهيد|زيد]] سوى أن أمر شرطته بضرب زيد ثمانين سوطا.(سبط ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 333.) | |||
وخرج زيد من عند هشام بن عبد الملك، عازما على الثورة قائلا لهشام: أخرج ولا أكون إلاّ بحيث تكره.(الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 116.) وأدلى بما صمّم عليه قائلا: ما كره قوم حرّ السيوف إلاّ ذلّوا. | |||
وتميّز هشام غضبا، وراح يقول: ألستم زعمتم أنَ أهل هذا البيت -يعني البيت العلوي- قد بادوا، فلعمري ما انقرض من مثل هذا -يعني زيدا- خلفهم.(البراقي، تاريخ الكوفة، ص 382.)}} | |||
'''الاستعداد الشعبي للثورة''' | '''الاستعداد الشعبي للثورة''' | ||
لقد اعتمد [[زيد بن علي]] في قيامه المسلح في بداية حركته على قاعدة شعبية ظن أنها مخلصة في البيعة له، وانها ستواصل الوقوف معه على طول خط المواجهة مع النظام. وتؤيد هذا الأمر الأدلةُ والشواهد التاريخية التي عكست ذلك من خلال [[الروايات]] التي سجلت حركة زيد. | لقد اعتمد [[زيد بن علي]] في قيامه المسلح في بداية حركته على قاعدة شعبية ظن أنها مخلصة في البيعة له، وانها ستواصل الوقوف معه على طول خط المواجهة مع النظام. وتؤيد هذا الأمر الأدلةُ والشواهد التاريخية التي عكست ذلك من خلال [[الروايات]] التي سجلت حركة زيد. | ||
فزيد حين قام بثورته لم يتيقّن من وجود القاعدة المذهبية والسياسية الموالية لثورتة فحسب، بل بايعه الكثير من افراد الأمة على المشاركة في الثورة حتى انتشرت أخبارها وظهر المؤيدون له في [[الموصل]]، و[[جرجان]]، و[[خراسان]]، و[[البصرة]]، وغيرها من المناطق.<ref>حاتم، زيد بن علي ومشروعية الثورة عند أهل البيت (ع)، ص 59-60.</ref> | فزيد حين قام بثورته لم يتيقّن من وجود القاعدة المذهبية والسياسية الموالية لثورتة فحسب، بل بايعه الكثير من افراد الأمة على المشاركة في الثورة حتى انتشرت أخبارها وظهر المؤيدون له في [[الموصل]]، و[[جرجان]]، و[[خراسان]]، و[[البصرة]]، وغيرها من المناطق.<ref>حاتم، زيد بن علي ومشروعية الثورة عند أهل البيت (ع)، ص 59-60.</ref> | ||
سطر ٢٣٣: | سطر ٢٣١: | ||
فقد كان إصلاح أمر [[المسلمين]] من دوافع الثورة العظيمة لزيد بن علي، فقد قال: «والله لوددت أنَّ يدي ملصقة بالثريّا ثم أقع فأتقطّع قطعة قطعة ويصلح الله تعالى بذلك أمر أمّة [[محمد (ص)|محمد]]{{صل}}».<ref>أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 129.</ref> | فقد كان إصلاح أمر [[المسلمين]] من دوافع الثورة العظيمة لزيد بن علي، فقد قال: «والله لوددت أنَّ يدي ملصقة بالثريّا ثم أقع فأتقطّع قطعة قطعة ويصلح الله تعالى بذلك أمر أمّة [[محمد (ص)|محمد]]{{صل}}».<ref>أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 129.</ref> | ||
'''معاداتهم لأهل البيت''' | '''معاداتهم لأهل البيت وسب الإمام''' | ||
لقد نقل لنا التاريخ صوراً كثيرة بيّنت لنا تصريح [[الأمويين]] بعدائهم [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}} والحط من شأنهم، وتم ذلك عبر وسائل منوعة، منها: | لقد نقل لنا التاريخ صوراً كثيرة بيّنت لنا تصريح [[الأمويين]] بعدائهم [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}} والحط من شأنهم، وتم ذلك عبر وسائل منوعة، منها: | ||
روى المؤرخون أن [[معاوية بن أبي سفيان]] اتخذ سب [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} وسيلة لدعم سلطانه، وجعل ذلك سنّة من سنن [[الإسلام]]، فإنه حينما رجع إلى [[الشام]] بعد الصلح قام خطيبا بين أهل الشام، فقال: «أيها الناس إنَّ [[رسول الله(ص)|رسول الله]] قال لي: إنّك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدّسة - يعني الشام - فإن فيها الأبدال، وقد اخترتكم فالعنوا [[علي ابن ابي طالب|أبا تراب]]»فأخذ الشاميّون وغيرهم يلعنون [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام]] وينتقصونه.<ref>شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 72.</ref> وكتب إلى جميع عمّاله وولاته بلعن [[الإمام علي]]{{عليه السلام}} وسبّه، فانبرت الخطباء في كلّ كورة على كل منبر يلعنون الإمام ويبرأون منه.<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 11، ص 211.</ref> | |||
روى المؤرخون | |||
وكذلك الحال في عهد [[عبد الملك بن مروان]] فقد روى المؤرخون انه جعل طليعة مهام دولته سبّ [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام]]{{عليه السلام}} وعمّم ذلك على جميع الحواضر الإسلامية،وكان خالد القسري<ref>كان أمير العراقين من قِبل هشام بن عبد الملك، وكانت أمه نصرانية فبنى لها كنيسة تتعبد بها، عزله هشام عن العراقين لأنه أكره امرأة مسلمة على الزنا ثم قتله في أيام الوليد. ابن خلكان، وفيات الأعيان ج 5، ص 152-162.</ref> يجاهر في سبّ [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام]] ويقول: اللهم العن [[علي بن أبي طالب عليه السلام|علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم]] صهر [[رسول الله صلّى الله عليه وآله|رسول الله]]{{صل}} على [[فاطمة الزهراء (ع)|ابنته]]، وأبا [[الحسن (ع)|الحسن]] و[[الحسين (ع)|الحسين]]. ويلتفت إلى الناس فيقول لهم: هل كنّيت؟<ref>العلوي، النصائح الكافية، ص 80.</ref> | وكذلك الحال في عهد [[عبد الملك بن مروان]] فقد روى المؤرخون انه جعل طليعة مهام دولته سبّ [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام]]{{عليه السلام}} وعمّم ذلك على جميع الحواضر الإسلامية،وكان خالد القسري<ref>كان أمير العراقين من قِبل هشام بن عبد الملك، وكانت أمه نصرانية فبنى لها كنيسة تتعبد بها، عزله هشام عن العراقين لأنه أكره امرأة مسلمة على الزنا ثم قتله في أيام الوليد. ابن خلكان، وفيات الأعيان ج 5، ص 152-162.</ref> يجاهر في سبّ [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام]] ويقول: اللهم العن [[علي بن أبي طالب عليه السلام|علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم]] صهر [[رسول الله صلّى الله عليه وآله|رسول الله]]{{صل}} على [[فاطمة الزهراء (ع)|ابنته]]، وأبا [[الحسن (ع)|الحسن]] و[[الحسين (ع)|الحسين]]. ويلتفت إلى الناس فيقول لهم: هل كنّيت؟<ref>العلوي، النصائح الكافية، ص 80.</ref> | ||
''' | '''تعاملهم مع أتباع أهل البيت والعلويين''' | ||
لقد استعمل [[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] على الكوفة واليه [[زياد بن أبيه]]، فقتل الكثير من الشيعة، وقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل عيونهم، وصلبهم على جذوع النخل، وشرّدهم وطردهم بدون أي ذنب إقترفوه سوى تشيعهم.<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 17.</ref> | لقد استعمل [[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] على الكوفة واليه [[زياد بن أبيه]]، فقتل الكثير من الشيعة، وقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل عيونهم، وصلبهم على جذوع النخل، وشرّدهم وطردهم بدون أي ذنب إقترفوه سوى تشيعهم.<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 17.</ref> | ||
'''الثأر | من الأسباب المهمة التي حفّزت زيدا على إعلان الثورة على [[الأمويين]] هو ازدراء هشام بن عبد الملك لزيد واحتقاره له، ومضايقته له، فان هشام قابل زيدا بالفاظ بذيئة، فردّ عليه زيد حتى انه لم يستطع الكلام.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 392.</ref> | ||
'''الثأر لجده الحسين''' | |||
من الأهداف الرئيسية لثورة [[زيد بن علي]] هو الثأر لدم جده [[الإمام الحسين]]{{عليه السلام}} الذي قتله وأهل بيته{{عليهم السلام}} الأمويون في واقعة كربلاء فقد رفع زيد في ساحة المعركة شعار ([[يالثارات الحسين]]). يقول [[زيد الشهيد|زيد]]: «إنما خرجت على الذين قاتلوا جدّي الحسين».<ref>المفيد، الإرشاد، ص 247.</ref> | من الأهداف الرئيسية لثورة [[زيد بن علي]] هو الثأر لدم جده [[الإمام الحسين]]{{عليه السلام}} الذي قتله وأهل بيته{{عليهم السلام}} الأمويون في واقعة كربلاء فقد رفع زيد في ساحة المعركة شعار ([[يالثارات الحسين]]). يقول [[زيد الشهيد|زيد]]: «إنما خرجت على الذين قاتلوا جدّي الحسين».<ref>المفيد، الإرشاد، ص 247.</ref> | ||
كما قد أشار الطبري عن اختلاف الرؤى في سبب خروجه، منها: | كما قد أشار الطبري عن اختلاف الرؤى في سبب خروجه، منها: | ||
سطر ٢٦٢: | سطر ٢٥٦: | ||
==موقف أهل البيت== | ==موقف أهل البيت== | ||
كان [[أئمة أهل البيت]]{{عليهم السلام}} يرون أنّ خروج ثائرهم ونضاله، مطابق [[القرآن الكريم|للكتاب]] و[[السنّة]]، بمعنى أنّ الخروج حين ذاك لم يكن تكليفاً إلزامياً على [[الإمام]] ولا على غيره، ولكنه لو خرج مسلم من دون أن يدعو إلى نفسه، فعلى [[المسلمين]] مناصرته، وإجابة دعوته. وكان خروج [[زيد الشهيد|زيد]] على هذا الخط وهذا ما يستفاد من [[الروايات]] المستفيضة، منها: | |||
# | # قول [[رسول الله]] (ص) للحسين السبط: يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد يتخطا هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب.<ref>الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 226.</ref> | ||
# وقول أمير المؤمنين | # وقول [[أمير المؤمنين]] (ع) وقد وقف على موضع صلبه بالكوفة فبكى وبكى أصحابه فقالوا له: ما الذي أبكاك؟! قال: إن رجلا من ولدي يصلب في هذا الموضع، من رضي أن ينظر إلى عورته أكبه الله على وجهه في النار.<ref>السيد بن طاوس، الملاحم، ص 120.</ref> | ||
# عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن | # عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (ع)، قال: يخرج بـ[[ظهر الكوفة]] رجل يقال له زيد في أبهة والأبهة الملك، لا يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون إلاّ من عمل بمثل عمله، يخرج يوم القيامة هو وأصحابه معهم الطّوامير أو شبه الطوامير حتى يتخطوا أعناق الخلائق، تتلقاهم الملائكة فيقولون هؤلاء حلف الخلف، ودعاة الحق، ويستقبلهم رسول اللّه (ص) فيقول: «يا بني قد عملتم ما أمرتم به، فادخلوا الجنة بغير حساب» .<ref>الأصفهاني، أبو الفرج، مقاتل الطالبيين، ص 128.</ref> | ||
# | # روى [[الصدوق |الصدوق]] عن عبد اللَّه بن سيابه أنّه أتى رسول بسام الصيرفي بكتاب فيه: أمّا بعد، فإنّ [[زيد بن علي]] قد خرج يوم الأربعاء غرة صفر، ومكث الأربعاء والخميس وقتل يوم الجمعة، وقتل معه فلان وفلان، فدخلنا على [[الصادق (ع)|الصادق]]{{عليه السلام}} فدفعنا إليه الكتاب، فقرأه وبكى، فقال: «إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، عند اللَّه أحتسب عمي إنّه كان نعم العم. إنّ عمي كان رجلًا لدنيانا وآخرتنا، مضى واللَّه عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع [[رسول الله(ص)|رسول اللَّه]] و[[علي ابن ابي طالب|علي]] و[[الحسين (ع)|الحسين]] صلوات اللَّه عليهم».<ref>الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع)، ج 1، ص 249 و252.</ref> | ||
# قال [[الإمام الصادق]]{{عليه السلام}} في حديث: «أما الباكي [على زيد] فمعه في الجنّة، وأمّا الشامت فشريك في دمه».<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 423.</ref> | # قال [[الإمام الصادق]]{{عليه السلام}} في حديث: «أما الباكي [على زيد] فمعه في الجنّة، وأمّا الشامت فشريك في دمه».<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 423.</ref> | ||
# قال | # قال [[المفيد]]: لما قتل زيد بلغ ذلك من [[الصادق (ع)|أبي عبد اللَّه]]{{عليه السلام}} كل مبلغ، وحزن له حزناً عظيماً حتى بان عليه وفرّق من ماله في عيال من أُصيب معه من أصحابه ألف دينار. روى ذلك أبو خالد الواسطي قال: سلّم إليَّ [[الصادق (ع)|أبو عبد اللَّه]]{{عليه السلام}} ألف دينار أمرني أن أُقسمها في عيال من أُصيب مع زيد، فأصاب عيال [[عبد اللَّه بن الزبير]] أخي فضيل الرسان أربعة دنانير. <ref>المفيد، الإرشاد، ص 269.</ref> وهناك رواية بنفس المضمون من ابن سيابه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 170.</ref> | ||
# روى [[ابن شهر آشوب]] بلغ الصادق{{عليه السلام}} قول الحكيم بن عباس الكلبي: | |||
# روى [[ | |||
{{بداية قصيدة}} | {{بداية قصيدة}} | ||
{{بيت|صلبنا لكم زيداً على جــــذع نخلة| وقستم بعثمان علياً سفاهـــــــــة}} | {{بيت|صلبنا لكم زيداً على جــــذع نخلة| وقستم بعثمان علياً سفاهـــــــــة}} | ||
سطر ٢٧٨: | سطر ٢٧١: | ||
{{نهاية قصيدة}} | {{نهاية قصيدة}} | ||
فرفع [[الصادق (ع)|الصادق]]{{عليه السلام}} يديه إلى السماء وهما يرعشان. فقال: «اللهم إن كان عبدُك كاذباً فسلط عليه كلبك»، فبعثه [[الأموية|بنو أُمية]] إلى [[الكوفة]] فبينما هو يدور في سككها افترسه الأسد واتصل خبره بجعفر{{عليه السلام}}، فخر للَّه ساجداً، ثم قال: «الحمد للَّه الذي أنجزنا وعده» <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 192.</ref> | ::فرفع [[الصادق (ع)|الصادق]]{{عليه السلام}} يديه إلى السماء وهما يرعشان. فقال: «اللهم إن كان عبدُك كاذباً فسلط عليه كلبك»، فبعثه [[الأموية|بنو أُمية]] إلى [[الكوفة]] فبينما هو يدور في سككها افترسه الأسد واتصل خبره بجعفر{{عليه السلام}}، فخر للَّه ساجداً، ثم قال: «الحمد للَّه الذي أنجزنا وعده» <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 192.</ref> | ||
== الهوامش == | == الهوامش == |