انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القضاء والقدر»

ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Bassam
طلا ملخص تعديل
imported>Bassam
طلا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''[[القضاء والقدر]]''' هما من [[الأصول الإسلامية]] الواردة في [[الكتاب]] و [[السنة]] ، و [[القضاء]] هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به ،و[[القدر]] بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع ،وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ،و[[القضاء]] هو الإبرام وإقامة العين .<ref>الكافي : ج‌1ص383</ref>   
'''[[القضاء والقدر]]''' هما من [[الأصول الإسلامية]] الواردة في [[القرآن الكريم|الكتاب]] و [[السنة]]، و [[القضاء]] هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به، و[[القدر]] بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع، وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء،و[[القضاء]] هو الإبرام وإقامة العين .<ref>الكافي : ج‌1ص383</ref>   
==تعريف [[القضاء و القدر]]==
==تعريف [[القضاء و القدر]]==
===[[القضاء والقدر]] لغة===
===[[القضاء والقدر]] لغة===
سطر ٦: سطر ٦:


===[[القضاء والقدر]] اصطلاحا===
===[[القضاء والقدر]] اصطلاحا===
و[[القضاء]] هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به ،و[[القدر]] بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع ،وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ،والقضاء هو الإبرام وإقامة العين .<ref>الكافي : ج‌1ص383</ref>  
و[[القضاء]] هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به،و[[القدر]] بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع،وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء،والقضاء هو الإبرام وإقامة العين .<ref>الكافي : ج‌1ص383</ref>  
==[[القضاء والقدر]] في القرآن الكريم==
==[[القضاء والقدر]] في القرآن الكريم==
تُستعمل مادّتا [[القضاء والقدر]] لعدّة معان،ومنها في ما يخصّ البحث من مادّة [[القضاء]]:
تُستعمل مادّتا [[القضاء والقدر]] لعدّة معان،ومنها في ما يخصّ البحث من مادّة [[القضاء]]:
سطر ٢٤: سطر ٢٤:


قدّر:  
قدّر:  
*قدّر الله الأمر: قضى به ،أو حكم بأنْ يكون، كقوله تعالى في شأن زوجة [[لوط]]:(فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ).<ref> النمل:57 </ref> أي حكمنا، أو قضينا عليها بأن تكون من الهالكين.
*قدّر الله الأمر: قضى به،أو حكم بأنْ يكون، كقوله تعالى في شأن زوجة [[لوط]]:(فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ).<ref> النمل:57 </ref> أي حكمنا، أو قضينا عليها بأن تكون من الهالكين.


*قَدَّرَ في الأمْرِ: تَمَهَّلَ وتروّى في إنجازه، كقوله تعالى مخاطباً [[داود]]{{عليه السلام}}: (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ).<ref>سبأ:11.</ref> أيْ تمهّل وتروَّ في صُنعه كي تحكم عمله.
*قَدَّرَ في الأمْرِ: تَمَهَّلَ وتروّى في إنجازه، كقوله تعالى مخاطباً [[داود]]{{عليه السلام}}: (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ).<ref>سبأ:11.</ref> أيْ تمهّل وتروَّ في صُنعه كي تحكم عمله.
سطر ٣١: سطر ٣١:
*قَدَرُ الشيءِ: زمانه أو مكانه، كقوله تعالى: (أَلَمْ نَخلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَار مَكِين * إِلَى قَدَر مَعْلُوم).<ref>المرسلات:20-22</ref> أيْ إلى زمان محدّد معلوم.
*قَدَرُ الشيءِ: زمانه أو مكانه، كقوله تعالى: (أَلَمْ نَخلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَار مَكِين * إِلَى قَدَر مَعْلُوم).<ref>المرسلات:20-22</ref> أيْ إلى زمان محدّد معلوم.
*قَدَرُ اللهِ: قضاؤُه المحكم، أو حكمهُ المبرَم على خلقه، كقوله تعالى: (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً).<ref> الأحزاب:38 </ref> أي قضاءً محكماً، وحُكماً مُبْرَماً.
*قَدَرُ اللهِ: قضاؤُه المحكم، أو حكمهُ المبرَم على خلقه، كقوله تعالى: (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً).<ref> الأحزاب:38 </ref> أي قضاءً محكماً، وحُكماً مُبْرَماً.
لعلّ تعدّد معاني ما يُنسبُ إلى الله من مادَّتَي [[القضاء والقدر]]، قد أدّى إلى لبسِ معنى ما ورد منهما في [[القرآن]] و[[الحديث]]، واعتقاد بعض [[المسلمين]] بأنّ [[الإنسان]] يسيّر في حياته، في كلّ ما يعمل من خير ،أو شرّ وفق ما قضى الله عليه وقدّر قبل أنْ يخلقَ.
لعلّ تعدّد معاني ما يُنسبُ إلى الله من مادَّتَي [[القضاء والقدر]]، قد أدّى إلى لبسِ معنى ما ورد منهما في [[القرآن]] و[[الحديث]]، واعتقاد بعض [[المسلمين]] بأنّ [[الإنسان]] يسيّر في حياته، في كلّ ما يعمل من خير،أو شرّ وفق ما قضى الله عليه وقدّر قبل أنْ يخلقَ.


==[[القضاء والقدر]] في السُنّة الشريفة==
==[[القضاء والقدر]] في السُنّة الشريفة==
لقد وردت الكثير من [[الروايات]] من [[أئمة]] [[أهل البيت]] {{عليهم السلام}}في [[القضاء والقدر]] ،ومنها :
لقد وردت الكثير من [[الروايات]] من [[أئمة أهل البيت]] {{عليهم السلام}}في [[القضاء والقدر]]، ومنها :
*ما ورد عن [[ابن عبّاس]] قال:«دخل رجل من أهل [[العراق]] على [[أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} ،فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل [[الشام]] أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} : أجل يا شيخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر"، فقال الشيخ: عند الله أحتسبُ عنائي يا [[أمير المؤمنين]]، فقال: مهلا يا شيخ، لعلّك تظنُّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً، لو كان كذلك لبطل [[الثواب]] و[[العقاب]] والأمر والنهي والزّجر، ولسقط معنى [[الوعيد]] و[[الوعد]]، ولم يكن على مُسيء لائمةٌ ولا لمحسن محمدةٌ، ولكان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من الُمحسن، تلك مقالةُ عبدةِ [[الأوثانِ]] وخُصماءِ الرحمن و[[قدريّة]] هذه [[الاُمّة]] ومجوسها. يا شيخ إنّ الله عزّ وجلّ كلّف تخييراً، ونهى تحذيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُطَع مُكرهاً، ولم يخلق [[السماوات]] و[[الأرض]] وما بينهما باطلا، (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)» <ref>الكافي:ج1ص377.</ref>
*ما ورد عن [[ابن عبّاس]] قال:«دخل رجل من أهل [[العراق]] على [[أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}}،فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل [[الشام]] أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} : أجل يا شيخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر"، فقال الشيخ: عند الله أحتسبُ عنائي يا [[أمير المؤمنين]]، فقال: مهلا يا شيخ، لعلّك تظنُّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً، لو كان كذلك لبطل [[الثواب]] و[[العقاب]] والأمر والنهي والزّجر، ولسقط معنى [[الوعيد]] و[[الوعد]]، ولم يكن على مُسيء لائمةٌ ولا لمحسن محمدةٌ، ولكان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من الُمحسن، تلك مقالةُ عبدةِ [[الأوثانِ]] وخُصماءِ الرحمن و[[قدريّة]] هذه [[الاسلام|الاُمّة]] ومجوسها. يا شيخ إنّ الله عزّ وجلّ كلّف تخييراً، ونهى تحذيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُطَع مُكرهاً، ولم يخلق [[السماوات]] و[[الأرض]] وما بينهما باطلا، (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)» <ref>الكافي:ج1ص377.</ref>
* ما ورد عن [[الإمام]] [[جعفر بن محمد الصادق]] {{عليه السلام}}:«إنّ الناس في القَدَرِ على ثلاثة أوجه: رجلٌ يزعمُ أنّ الله عزّ وجلّ أجبر الناس على [[المعاصي]]، فهذا قد ظلم الله في حُكمه فهو [[كافر]]. ورجلٌ يزعمُ أنّ الأمر مفوّضٌ إليهم، فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو [[كافر]]. ورجل يزعمُ أنّ الله كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلِّفهم ما لا يُطيقون وإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلمٌ بالغ»<ref>كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام:ج‌1ص403</ref>
*ما ورد عن [[الإمام]] [[الصادق (ع)|جعفر بن محمد الصادق]] {{عليه السلام}}:«إنّ الناس في القَدَرِ على ثلاثة أوجه: رجلٌ يزعمُ أنّ الله عزّ وجلّ أجبر الناس على [[المعاصي]]، فهذا قد ظلم الله في حُكمه فهو [[كافر]]. ورجلٌ يزعمُ أنّ الأمر مفوّضٌ إليهم، فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو [[كافر]]. ورجل يزعمُ أنّ الله كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلِّفهم ما لا يُطيقون وإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلمٌ بالغ»<ref>كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام:ج‌1ص403</ref>
*ما ورد عن [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} قال:
*ما ورد عن [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} قال:
#«إنّ الله عزّ وجلّ لم يُطَعْ باكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يُهمل العباد في مُلكه، هو المالك لما ملّكهم والقادرُ على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم يكن الله منها صادّاً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاءَ أنْ يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإنْ لم يَحُلْ وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه يعني أنّ الإنسان الذي أطاع الله لم يكن مجبراً على الطاعة، والإنسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة الله، بل الله شاء أن يكون العبد مختاراً في فعله».<ref>روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه:ج‌12ص52</ref>
#«إنّ الله عزّ وجلّ لم يُطَعْ باكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يُهمل العباد في مُلكه، هو المالك لما ملّكهم والقادرُ على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم يكن الله منها صادّاً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاءَ أنْ يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإنْ لم يَحُلْ وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه يعني أنّ الإنسان الذي أطاع الله لم يكن مجبراً على الطاعة، والإنسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة الله، بل الله شاء أن يكون العبد مختاراً في فعله».<ref>روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه:ج‌12ص52</ref>
سطر ٤٢: سطر ٤٢:


==مراتب القضاء والقدر==
==مراتب القضاء والقدر==
إنَّ لكل من [[القضاء والقدر]] مراتب ،أو أقسام وهي:
إنَّ لكل من [[القضاء والقدر]] مراتب،أو أقسام وهي:
=== القضاء والقدر التشريعيان===
=== القضاء والقدر التشريعيان===
يعني ان الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في [[الكتاب]] و[[السنة]] ،وقد أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في كلامه حينما سأله الشامي عن معنى [[القضاء والقدر]] فقال : «الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَتَرْكُ الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَالْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَقَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطُ الْأَعْمَالِ».<ref>عوالي اللئالي العزيزية: ج‌4ص108</ref>
يعني ان الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في [[الكتاب]] و[[السنة]]،وقد أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في كلامه حينما سأله الشامي عن معنى [[القضاء والقدر]] فقال: «الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَتَرْكُ الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَالْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَقَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطُ الْأَعْمَالِ».<ref>عوالي اللئالي العزيزية: ج‌4ص108</ref>
=== القضاء والقدر التكوينيان===
=== القضاء والقدر التكوينيان===
ويعني ما يرجع الى الحقائق الكونية ونظام الوجود وله أقسام وهي:
ويعني ما يرجع الى الحقائق الكونية ونظام الوجود وله أقسام وهي:
==== القضاء والقدر العلميّان====
==== القضاء والقدر العلميّان====
وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه تعالى الأزلي ،قبل إيجاده، فهو تعالى يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة.
وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه تعالى الأزلي،قبل إيجاده، فهو تعالى يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة.
 
والمراد من القضاء العلمي هو علمه تعالى بضرورة وجود الأشياء وإبرامها عند تحقق جميع ما يتوقّف عليه وجودها من الأسباب والشرائط ورفع الموانع.
والمراد من القضاء العلمي هو علمه تعالى بضرورة وجود الأشياء وإبرامها عند تحقق جميع ما يتوقّف عليه وجودها من الأسباب والشرائط ورفع الموانع.
فعلمه السابق بحدود الأشياء وضرورة وجودها، تقدير وقضاء علميّان، وقد أُشير إلى هذا القسم، في آيات الكتاب المجيد:  
فعلمه السابق بحدود الأشياء وضرورة وجودها، تقدير وقضاء علميّان، وقد أُشير إلى هذا القسم، في آيات الكتاب المجيد:  
قال سبحانه:«وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا»<ref>ال عمران:145.</ref>
قال سبحانه:«وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا»<ref>ال عمران:145.</ref>
وقال أيضاً:«قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ»<ref>التوبة:51.</ref>
وقال أيضاً:«قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ»<ref>التوبة:51.</ref>
وقال سبحانه: «وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِى كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ»<ref>فاطر:3.</ref>  
وقال سبحانه: «وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِى كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ»<ref>فاطر:3.</ref>  
و قال تعالى:«ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَ لا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ....» <ref>الحديد:22.</ref>
وقال تعالى:«ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَ لا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ....» <ref>الحديد:22.</ref>
 
==== القضاء والقدر العينيان====
==== القضاء والقدر العينيان====
التقدير العيني عبارة عن الخصوصيات الّتي يكتسبها الشي‏ء من علله عند تحقّقه وتلبّسه بالوجود الخارجي. والقضاء العيني هو ضرورة وجود الشي‏ء عند وجود علّته التامّة ضرورةً عينيةً خارجيةً.
التقدير العيني عبارة عن الخصوصيات الّتي يكتسبها الشي‏ء من علله عند تحقّقه وتلبّسه بالوجود الخارجي. والقضاء العيني هو ضرورة وجود الشي‏ء عند وجود علّته التامّة ضرورةً عينيةً خارجيةً.
فالتقدير والقضاء العينيان ناظران إلى التقدير والضرورة الخارجيين اللّذين يحتفّان بالشي‏ء الخارجي، فهما مقارنان لوجود الشي‏ء بل متّحدان معه، مع أنّ التقدير والقضاء العلميان مقدّمان على وجود الشي‏ء.فالعالم المشهود لنا لا يخلو من تقدير وقضاء، فتقديره تحديد الأشياء الموجودة فيه من حيث وجودها، وآثار وجودها، وخصوصيات كونها بما أنّها متعلقة الوجود والآثار بموجودات أخرى، أعنى العلل والشرائط، فيختلف وجودها وأحوالها باختلاف عللها وشرائطها، فالتقدير يهدي هذا النوع من الموجودات إلى ما قدّر له في مسير وجوده، قال تعالى:«الّذى خَلَقَ فَسَوّى‏* وَالَّذى قَدَّرَ فَهَدى‏»<ref>الاعلى:2-3.</ref>أي‏هدى ما خلقه إلى ما قدّر له.
فالتقدير والقضاء العينيان ناظران إلى التقدير والضرورة الخارجيين اللّذين يحتفّان بالشي‏ء الخارجي، فهما مقارنان لوجود الشي‏ء بل متّحدان معه، مع أنّ التقدير والقضاء العلميان مقدّمان على وجود الشي‏ء.فالعالم المشهود لنا لا يخلو من تقدير وقضاء، فتقديره تحديد الأشياء الموجودة فيه من حيث وجودها، وآثار وجودها، وخصوصيات كونها بما أنّها متعلقة الوجود والآثار بموجودات أخرى، أعنى العلل والشرائط، فيختلف وجودها وأحوالها باختلاف عللها وشرائطها، فالتقدير يهدي هذا النوع من الموجودات إلى ما قدّر له في مسير وجوده، قال تعالى:«الّذى خَلَقَ فَسَوّى‏* وَالَّذى قَدَّرَ فَهَدى‏»<ref>الاعلى:2-3.</ref>أي‏هدى ما خلقه إلى ما قدّر له.
وأما قضاؤه، فلمّا كانت الحوادث في وجودها وتحقّقها منتهية إليه سبحانه فما لم تتمّ لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها، فإنّها تبقى على حال التردّد بين الوقوع واللاوقوع، فإذا تمَّت عللها وعامّة شرائطها ولم يبق لها إلّاأن توجد، كان ذلك من اللّه قضاءً وفصلًا لها من الجانب الآخر وقطعاً للإبهام.
وأما قضاؤه، فلمّا كانت الحوادث في وجودها وتحقّقها منتهية إليه سبحانه فما لم تتمّ لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها، فإنّها تبقى على حال التردّد بين الوقوع واللاوقوع، فإذا تمَّت عللها وعامّة شرائطها ولم يبق لها إلّاأن توجد، كان ذلك من اللّه قضاءً وفصلًا لها من الجانب الآخر وقطعاً للإبهام.
وبذلك يظهر أنّ التقدير والقضاء العينيين من صفاته الفعلية سبحانه فإنّ مرجعهما إلى إفاضة الحدّ والضرورة على الموجودات، وإليه يشير الإمام الصادق عليه السلام في قوله:«القضاء والقدر خلقان من خلق اللّه، واللّه يزيد في الخلق ما يشاء»<ref>التوحيد:الباب60 الحديث1.</ref> ومن هنا يكشف لنا الوجه في عناية النبيّ وأهل البيت عليهم السلام بالإيمان ‏بالقدر، وأنّ المؤمن لا يكون مؤمناً إلّابالإيمان به، فإنّ التقدير والقضاء العينيين من شعب الخلقة، وقد عرفت في أبحاث التوحيد أن من مراتب التوحيد، التوحيد في الخالقية، وقد عرفت آنفاً أنّ حدود الأشياء وخصوصياتها، وضرورة وجودها منتهية إلى إرادته سبحانه، فالإيمان بهما، من شؤون التوحيد في الخالقية. ولأجل ذلك ترى أنّه سبحانه أسند القضاء والقدر إلى نفسه، وقال:
 
«قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْ‏ءٍ قَدْراً».<ref>الطلاق:3.</ref>
وبذلك يظهر أنّ التقدير والقضاء العينيين من صفاته الفعلية سبحانه فإنّ مرجعهما إلى إفاضة الحدّ والضرورة على الموجودات، وإليه يشير الإمام الصادق {{عليه السلام}}في قوله:«القضاء والقدر خلقان من خلق اللّه، واللّه يزيد في الخلق ما يشاء»<ref>التوحيد:الباب60 الحديث1.</ref> ومن هنا يكشف لنا الوجه في عناية النبيّ وأهل البيت عليهم السلام بالإيمان ‏بالقدر، وأنّ المؤمن لا يكون مؤمناً إلّابالإيمان به، فإنّ التقدير والقضاء العينيين من شعب الخلقة، وقد عرفت في أبحاث التوحيد أن من مراتب التوحيد، التوحيد في الخالقية، وقد عرفت آنفاً أنّ حدود الأشياء وخصوصياتها، وضرورة وجودها منتهية إلى إرادته سبحانه، فالإيمان بهما، من شؤون التوحيد في الخالقية. ولأجل ذلك ترى أنّه سبحانه أسند القضاء والقدر إلى نفسه، وقال: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْ‏ءٍ قَدْراً».<ref>الطلاق:3.</ref>
وقال تعالى: «وَ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».<ref>االبقرة:117.</ref>
وقال تعالى: «وَ إِذا قَضى‏ أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».<ref>االبقرة:117.</ref>
وقال سبحانه: «فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِى يَوْمَيْنِ».<ref>فصلت:12.</ref>
وقال سبحانه: «فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِى يَوْمَيْنِ».<ref>فصلت:12.</ref>
سطر ٧١: سطر ٧٦:
==المصادر والمراجع==
==المصادر والمراجع==
*القرآن الكريم
*القرآن الكريم
* ابن بابويه، محمد بن على‏، التوحيد( للصدوق)،الناشر: جامعة المدرسين‏،ط1،قم-ايران،1398 هـ.
*ابن بابويه، محمد بن على‏، التوحيد( للصدوق)،الناشر: جامعة المدرسين‏،ط1،قم-ايران،1398 هـ.
*ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين‏، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية،الناشر: دار سيد الشهداء{{عليه السلام}} للنشر،ط1،قم-ايران،1405 هـ.
*ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين‏، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية،الناشر: دار سيد الشهداء{{عليه السلام}} للنشر،ط1،قم-ايران،1405 هـ.
*ابن فارس،احمد،معجم مقاييس اللغة،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
*ابن فارس،احمد،معجم مقاييس اللغة،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
*الكلبايكاني،علي،محاضرات في الالهيات،اضواءالحوزة،طبعة جديدة،بيروت-لبنان ،1431هـ-2010م.
*الكلبايكاني،علي،محاضرات في الالهيات،اضواءالحوزة،طبعة جديدة،بيروت-لبنان،1431هـ-2010م.
*الكلينى، محمد بن يعقوب‏،اصول الكافي،الناشر: دار الحديث،ط4،طهران-ايران، 1429 هـ.‏
*الكلينى، محمد بن يعقوب‏،اصول الكافي،الناشر: دار الحديث،ط4،طهران-ايران، 1429 هـ.‏
*الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلامية، ط 4، طهران - ايران،1407 ه‍.
*الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلامية، ط 4، طهران - ايران،1407 ه‍.
سطر ٨٢: سطر ٨٧:


[[fa:قضا و قدر]]
[[fa:قضا و قدر]]
[[تصنيف:عقائد الشيعة]]
مستخدم مجهول