الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القضاء والقدر»
imported>Ali110110 لا ملخص تعديل |
imported>Bassam طلا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''[[القضاء والقدر]]''' هما من [[الأصول الإسلامية]] الواردة في [[الكتاب]] و[[السُنّة]] ، و[[القضاء]] هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به ،و[[القدر]] بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع ،وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ،و[[القضاء]] هو الإبرام وإقامة العين .<ref>الكافي : ج1ص383</ref> | '''[[القضاء والقدر]]''' هما من [[الأصول الإسلامية]] الواردة في [[الكتاب]] و[[السُنّة]] ، و[[القضاء]] هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به ،و[[القدر]] بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع ،وقد عرّفهما [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ،و[[القضاء]] هو الإبرام وإقامة العين .<ref>الكافي : ج1ص383</ref> | ||
سطر ٤٦: | سطر ٤٥: | ||
إنَّ لكل من [[القضاء والقدر]] مراتب ،أو أقسام وهي: | إنَّ لكل من [[القضاء والقدر]] مراتب ،أو أقسام وهي: | ||
=== القضاء والقدر التشريعيان=== | === القضاء والقدر التشريعيان=== | ||
يعني ان الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في [[الكتاب]] و[[السنة]] ،وقد أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في كلامه حينما سأله الشامي عن معنى [[القضاء والقدر]] فقال : «الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ | يعني ان الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في [[الكتاب]] و[[السنة]] ،وقد أشار إليه [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في كلامه حينما سأله الشامي عن معنى [[القضاء والقدر]] فقال : «الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَتَرْكُ الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَالْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَقَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطُ الْأَعْمَالِ».<ref>عوالي اللئالي العزيزية: ج4ص108</ref> | ||
=== القضاء والقدر التكوينيان=== | === القضاء والقدر التكوينيان=== | ||
ويعني ما يرجع الى الحقائق الكونية ونظام الوجود وله أقسام وهي: | |||
==== القضاء والقدر العلميّان==== | ==== القضاء والقدر العلميّان==== | ||
وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه تعالى الأزلي ،قبل إيجاده، فهو تعالى يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة. | وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه تعالى الأزلي ،قبل إيجاده، فهو تعالى يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة. | ||
سطر ٧٣: | سطر ٧٢: | ||
==المصادر والمراجع== | ==المصادر والمراجع== | ||
*القرآن الكريم | *القرآن الكريم | ||
* ابن بابويه، محمد بن على، التوحيد( للصدوق)،الناشر: جامعة المدرسين،ط1،قم-ايران،1398 هـ. | * ابن بابويه، محمد بن على، التوحيد( للصدوق)،الناشر: جامعة المدرسين،ط1،قم-ايران،1398 هـ. | ||
*ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية،الناشر: دار سيد الشهداء{{عليه السلام}} للنشر،ط1،قم-ايران،1405 هـ. | *ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية،الناشر: دار سيد الشهداء{{عليه السلام}} للنشر،ط1،قم-ايران،1405 هـ. |
مراجعة ١٩:٠٩، ٢٦ أكتوبر ٢٠١٦
القضاء والقدر هما من الأصول الإسلامية الواردة في الكتاب والسُنّة ، والقضاء هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به ،والقدر بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع ،وقد عرّفهما الإمام الرضا بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ،والقضاء هو الإبرام وإقامة العين .[١]
تعريف القضاء و القدر
القضاء والقدر لغة
- القضاء:(قضي) القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانهِ وإنفاذه لجهته، قال الله تعالى: (فقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ في يَوْمَيْنِ)[٢]أي أحكَمَ خَلْقَهنّ والقضاء: الحُكم. قال الله سبحانه في ذكر من قال: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)[٣]أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيَّةُ قضاءً لأنَّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرهِ من الخَلْق.[٤]
- القدر :القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. فالقدر: مبلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه. وكذلك القَدَر. وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأَقْدُرُه من التقدير، وقدَّرته أُقَدِّره. والقَدْر: قضاء الله تعالى الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها، وهو القَدَرُ أيضاً.[٥]
القضاء والقدر اصطلاحا
والقضاء هو الحكم بالشئ والقطع على ما يليق به ،والقدر بمعنى تقدير الخلق وتقدير الرزق والآجال وكل ما صنع ،وقد عرّفهما الإمام الرضا بقوله :القدر هو الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ،والقضاء هو الإبرام وإقامة العين .[٦]
القضاء والقدر في القرآن الكريم
تُستعمل مادّتا القضاء والقدر لعدّة معان،ومنها في ما يخصّ البحث من مادّة القضاء:
- قضى أو يقضي بين المتخاصمين، كقوله تعالى:(إنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيـمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).[٧]
- قضى الله الأمر: أَنْبَأه به، كقوله تعالى في ما أخبر به لوطاً عن مصير قومه في سورة الحجر: (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذلِكَ الاَْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ).[٨] أي أنبأناه.
- قضى الله الشيء، وبه: أوجبه، أمر به، كقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ).[٩] أي أمر ربّك وأوجب عليكم ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه.
- قضى الله الأمر أو الشيء: تعلّقت إرادته به، قدّره، كقوله تعالى :(وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).[١٠] أي إذا أراد أمراً.
وقوله تعالى:(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِين ثُمَّ قَضَى أَجَلا).[١١] أي قدّر لكلّ انسان مدّة يحيا فيها. ومنها فيما يخصّ البحث من مادّة القدر: قدر على الشيء أو العمل: استطاع أن يفعله، يتغلّب عليه فهو قادر، والقدير: ذو القوّة، كقوله تعالى:
- (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضَ بِقَادِر عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)[١٢]
- (وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)[١٣] أيْ ذو القدرة على فعل كلّ شيء على قدر ما تقتضي الحكمة.
قَدَرَ:
- قَدَرَ الرِّزق عليه ويَقْدِر: ضيّقه، كقوله تعالى:(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ)[١٤]
- قدر الله الأمر بقدره: دبَّره أو أراد وقوعه، كقوله تعالى[١٥]:(فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ)
قدّر:
- قدّر الله الأمر: قضى به ،أو حكم بأنْ يكون، كقوله تعالى في شأن زوجة لوط:(فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ).[١٦] أي حكمنا، أو قضينا عليها بأن تكون من الهالكين.
- قَدَّرَ في الأمْرِ: تَمَهَّلَ وتروّى في إنجازه، كقوله تعالى مخاطباً داود
: (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ).[١٧] أيْ تمهّل وتروَّ في صُنعه كي تحكم عمله.
القَدَر:
- القَدَر: المقدار والكميّة، كقوله تعالى: (وَإِنْ مِن شَيْء إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَر مَعْلُوم).[١٨] أيْ بمقدار وكميّة معلومة.
- قَدَرُ الشيءِ: زمانه أو مكانه، كقوله تعالى: (أَلَمْ نَخلُقكُمْ مِنْ مَاء مَهِين * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَار مَكِين * إِلَى قَدَر مَعْلُوم).[١٩] أيْ إلى زمان محدّد معلوم.
- قَدَرُ اللهِ: قضاؤُه المحكم، أو حكمهُ المبرَم على خلقه، كقوله تعالى: (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً).[٢٠] أي قضاءً محكماً، وحُكماً مُبْرَماً.
لعلّ تعدّد معاني ما يُنسبُ إلى الله من مادَّتَي القضاء والقدر، قد أدّى إلى لبسِ معنى ما ورد منهما في القرآن والحديث، واعتقاد بعض المسلمين بأنّ الإنسان يسيّر في حياته، في كلّ ما يعمل من خير ،أو شرّ وفق ما قضى الله عليه وقدّر قبل أنْ يخلقَ.
القضاء والقدر في السُنّة الشريفة
لقد وردت الكثير من الروايات من أئمة أهل البيت في القضاء والقدر ،ومنها :
- ما ورد عن ابن عبّاس قال:«دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين
،فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين
: أجل يا شيخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر"، فقال الشيخ: عند الله أحتسبُ عنائي يا أمير المؤمنين، فقال: مهلا يا شيخ، لعلّك تظنُّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزّجر، ولسقط معنى الوعيد والوعد، ولم يكن على مُسيء لائمةٌ ولا لمحسن محمدةٌ، ولكان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من الُمحسن، تلك مقالةُ عبدةِ الأوثانِ وخُصماءِ الرحمن وقدريّة هذه الاُمّة ومجوسها. يا شيخ إنّ الله عزّ وجلّ كلّف تخييراً، ونهى تحذيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً، ولم يُطَع مُكرهاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)» [٢١]
- ما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق
:«إنّ الناس في القَدَرِ على ثلاثة أوجه: رجلٌ يزعمُ أنّ الله عزّ وجلّ أجبر الناس على المعاصي، فهذا قد ظلم الله في حُكمه فهو كافر. ورجلٌ يزعمُ أنّ الأمر مفوّضٌ إليهم، فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر. ورجل يزعمُ أنّ الله كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلِّفهم ما لا يُطيقون وإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلمٌ بالغ»[٢٢]
- ما ورد عن الإمام الرضا
قال:
- «إنّ الله عزّ وجلّ لم يُطَعْ باكراه، ولم يُعصَ بغلبة، ولم يُهمل العباد في مُلكه، هو المالك لما ملّكهم والقادرُ على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم يكن الله منها صادّاً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصيته فشاءَ أنْ يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإنْ لم يَحُلْ وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه يعني أنّ الإنسان الذي أطاع الله لم يكن مجبراً على الطاعة، والإنسان الذي عصاه لم يغلب مشيئة الله، بل الله شاء أن يكون العبد مختاراً في فعله».[٢٣]
- قال:«قال الله تبارك وتعالى:يا ابن آدم بمشيئتي كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاءُ، وبقوَّتي أدَّيتَ إليَّ فرائضي، وبنعمتي قويتَ على معصيتي، جعلتُك سميعاً بصيراً قويّاً، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيّئة فمن نفسك».[٢٤]
مراتب القضاء والقدر
إنَّ لكل من القضاء والقدر مراتب ،أو أقسام وهي:
القضاء والقدر التشريعيان
يعني ان الأوامر والنواهي الإلهية الواردة في الكتاب والسنة ،وقد أشار إليه أمير المؤمنين في كلامه حينما سأله الشامي عن معنى القضاء والقدر فقال : «الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَتَرْكُ الْمَعْصِيَةِ وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَالْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَقَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطُ الْأَعْمَالِ».[٢٥]
القضاء والقدر التكوينيان
ويعني ما يرجع الى الحقائق الكونية ونظام الوجود وله أقسام وهي:
القضاء والقدر العلميّان
وهو عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه تعالى الأزلي ،قبل إيجاده، فهو تعالى يعلم حدّ كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانيّة وغير الجسمانيّة. والمراد من القضاء العلمي هو علمه تعالى بضرورة وجود الأشياء وإبرامها عند تحقق جميع ما يتوقّف عليه وجودها من الأسباب والشرائط ورفع الموانع. فعلمه السابق بحدود الأشياء وضرورة وجودها، تقدير وقضاء علميّان، وقد أُشير إلى هذا القسم، في آيات الكتاب المجيد: قال سبحانه:«وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا»[٢٦] وقال أيضاً:«قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ»[٢٧] وقال سبحانه: «وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِى كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ»[٢٨] و قال تعالى:«ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الأَرْضِ وَ لا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ....» [٢٩]
القضاء والقدر العينيان
التقدير العيني عبارة عن الخصوصيات الّتي يكتسبها الشيء من علله عند تحقّقه وتلبّسه بالوجود الخارجي. والقضاء العيني هو ضرورة وجود الشيء عند وجود علّته التامّة ضرورةً عينيةً خارجيةً. فالتقدير والقضاء العينيان ناظران إلى التقدير والضرورة الخارجيين اللّذين يحتفّان بالشيء الخارجي، فهما مقارنان لوجود الشيء بل متّحدان معه، مع أنّ التقدير والقضاء العلميان مقدّمان على وجود الشيء.فالعالم المشهود لنا لا يخلو من تقدير وقضاء، فتقديره تحديد الأشياء الموجودة فيه من حيث وجودها، وآثار وجودها، وخصوصيات كونها بما أنّها متعلقة الوجود والآثار بموجودات أخرى، أعنى العلل والشرائط، فيختلف وجودها وأحوالها باختلاف عللها وشرائطها، فالتقدير يهدي هذا النوع من الموجودات إلى ما قدّر له في مسير وجوده، قال تعالى:«الّذى خَلَقَ فَسَوّى* وَالَّذى قَدَّرَ فَهَدى»[٣٠]أيهدى ما خلقه إلى ما قدّر له. وأما قضاؤه، فلمّا كانت الحوادث في وجودها وتحقّقها منتهية إليه سبحانه فما لم تتمّ لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها، فإنّها تبقى على حال التردّد بين الوقوع واللاوقوع، فإذا تمَّت عللها وعامّة شرائطها ولم يبق لها إلّاأن توجد، كان ذلك من اللّه قضاءً وفصلًا لها من الجانب الآخر وقطعاً للإبهام. وبذلك يظهر أنّ التقدير والقضاء العينيين من صفاته الفعلية سبحانه فإنّ مرجعهما إلى إفاضة الحدّ والضرورة على الموجودات، وإليه يشير الإمام الصادق عليه السلام في قوله:«القضاء والقدر خلقان من خلق اللّه، واللّه يزيد في الخلق ما يشاء»[٣١] ومن هنا يكشف لنا الوجه في عناية النبيّ وأهل البيت عليهم السلام بالإيمان بالقدر، وأنّ المؤمن لا يكون مؤمناً إلّابالإيمان به، فإنّ التقدير والقضاء العينيين من شعب الخلقة، وقد عرفت في أبحاث التوحيد أن من مراتب التوحيد، التوحيد في الخالقية، وقد عرفت آنفاً أنّ حدود الأشياء وخصوصياتها، وضرورة وجودها منتهية إلى إرادته سبحانه، فالإيمان بهما، من شؤون التوحيد في الخالقية. ولأجل ذلك ترى أنّه سبحانه أسند القضاء والقدر إلى نفسه، وقال: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْراً».[٣٢] وقال تعالى: «وَ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ».[٣٣] وقال سبحانه: «فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِى يَوْمَيْنِ».[٣٤] وقال تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ».[٣٥] وقال سبحانه: «وَ إِنْ مِنْ شَىْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَ ما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ».[٣٦] وغيرها من الآيات الحاكية عن قضائه سبحانه بالشيء وإبرامه على صفحة الوجود.
الهوامش
- ↑ الكافي : ج1ص383
- ↑ فصلت :12 .
- ↑ طه: 72.
- ↑ معجم مقاييس اللغة:ج5ص99.
- ↑ معجم مقاييس اللغة:ج5ص62.
- ↑ الكافي : ج1ص383
- ↑ الجاثية:17.
- ↑ الحجر:66.
- ↑ الإسراء:23.
- ↑ البقرة:117.
- ↑ الأنعام:2.
- ↑ يس:81.
- ↑ البقرة:20.
- ↑ سبأ:36.
- ↑ المرسلات:23.
- ↑ النمل:57
- ↑ سبأ:11.
- ↑ الحجر:21
- ↑ المرسلات:20-22
- ↑ الأحزاب:38
- ↑ الكافي:ج1ص377.
- ↑ كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام:ج1ص403
- ↑ روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه:ج12ص52
- ↑ الكافي:ج1ص152.
- ↑ عوالي اللئالي العزيزية: ج4ص108
- ↑ ال عمران:145.
- ↑ التوبة:51.
- ↑ فاطر:3.
- ↑ الحديد:22.
- ↑ الاعلى:2-3.
- ↑ التوحيد:الباب60 الحديث1.
- ↑ الطلاق:3.
- ↑ االبقرة:117.
- ↑ فصلت:12.
- ↑ القمر:49.
- ↑ الحجر:21.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم
- ابن بابويه، محمد بن على، التوحيد( للصدوق)،الناشر: جامعة المدرسين،ط1،قم-ايران،1398 هـ.
- ابن أبي جمهور، محمد بن زين الدين، عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية،الناشر: دار سيد الشهداء
للنشر،ط1،قم-ايران،1405 هـ.
- ابن فارس،احمد،معجم مقاييس اللغة،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- الكلبايكاني،علي،محاضرات في الالهيات،اضواءالحوزة،طبعة جديدة،بيروت-لبنان ،1431هـ-2010م.
- الكلينى، محمد بن يعقوب،اصول الكافي،الناشر: دار الحديث،ط4،طهران-ايران، 1429 هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، دار الكتب الإسلامية، ط 4، طهران - ايران،1407 ه.
- المجلسي الأول، محمد تقي، روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه، مؤسسة فرهنگى اسلامى كوشانبور،ط2، قم - ايران،1406 ه .
- الهندي، محمد بن حسن، كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام،دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم،، ط1،قم-ايران،1416هـ.