سورة الفرقان هي السورة الخامسة والعشرون ضمن الجزء (18 و 19) من القرآن الكريم، وهي من السور المكية، واسمها مأخوذ من الآية الأولى. تتضمن هذه السورة أبحاث في العقائد كالتوحيد والنبوة والمعاد، كما أنّها تتحدث عن الأوثان، وفي نهايتها ذكرت خصائص المؤمنين.

سورة الفرقان
سورة الفرقان
رقم السورة25
الجزء18 - 19
النزول
ترتیب النزول42
مكية/مدنيةمكية
الإحصاءات
عدد الآيات77
عدد الكلمات896
عدد الحروف3786

ومن آياتها المشهورة قوله تعالى في الآية (30): ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا، وقوله تعالى في الآية (53): ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا، وقوله تعالى في الآية (59): ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ.

ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة، منها ما رويَ عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة الفرقان بعث يوم القيامة وهو يؤمن أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، دخل الجنة بغير حساب.

تسميتها وآياتها

سُميت هذه السورة بـــ (الفرقان)؛ لذكر الفرقان في أول آية من قوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا،[١] وتُعتبر من سور المثاني، أي: السور التي لا تبلغ آياتها المئة، وسُميت بالمثاني؛ لأنها تُثنّى، أي: تُكرّر قراءتها أكثر مما تقرأ غيرها من الطوال والمئين.[٢]

ترتيب نزولها

سورة الفرقان من السور المكية،[٣] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي (ص) بالتسلسل (42)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء (18 - 19) بالتسلسل (25) من سور القرآن.[٤] وآياتها (77)، تتألف من (897) كلمة في (3877) حرف.[٥]

معاني مفرداتها

 
الآية (60) من سورة غافر، والآية (186) من سورة البقرة، والآية (77) من سورة الفرقان بخط الثلث.

أهم المعاني لمفردات السورة:

(الْفُرْقَانَ): مصدر فرق الشيء عن الشيء، والفرقان: ما يفرق بين الحق والباطل، وسمي القرآن فرقاناً لذلك.
(أَسَاطِيرُ ): جمع أسطورة، وهو الخبر الخرافي الذي لا أساس له.
(تَغَيُّظًا): شدة الغضب، والمقصود هنا هو الهيجان والغليان.
(ثُبُورًا): هلاكاً ودماراً.
(بُورًا): هلكى، وهو مأخوذ من البوار، وهو الهلاك.
(هَوْنًا): التذلل، والمراد هنا بمعنى التواضع.[٦]

محتواها

تتألف هذه السورة في مجملها من ثلاثة أقسام:

  • القسم الأوّل: يدحض منطق المشركين بشدّة، ويستعرض ذرائعهم، ويردُّ عليها، ويخوّفهم من عذاب الله، وحساب يوم القيامة، وعقوبات جهنم الأليمة، ويذكرّهم بمقاطع من قصص الأقوام الماضية الذين افترستهم - على أثر مخالفتهم لدعوة الأنبياء - الشّدائد والبلايا والعقوبات، وذلك على سبيل الدّرس والعبرة لهؤلاء المشركين المعاندين.
  • في القسم الثانى: تبحث الآيات بعض دلائل التوحيد ومظاهر عظمة الله في الأكوان، بدءاً من ضياء الشّمس إلى ظلمة وعتمة اللّيل، وهبوب الرّياح، ونزول الأمطار، وإحياء الأراضي الموات، وخلق السماوات والأرضين في ستّة أيّام، وخلق الشّمس والقمر، وسيرهما المنظم في الأفلاك السّماوية، وما شابه ذلك.

فالقسم الأوّل في الحقيقة - يحدد مفهوم (لا إله)، والقسم الثّاني يحدد مفهوم (إلاّ الله).

  • القسم الثالث: جامع لصفات المؤمنين الحقيقيّين (عباد الرّحمن) وعباد الله المخلصين، في مقايسة مع الكفار المتعصّبين الذين ذكروا في القسم الأوّل، فتتحدد منزلة كلّ من الفريقين تماماً. كما أنّنا سنرى أنّ هذه الصفات مجموعة من الاعتقادات والأعمال الصالحة ومكافحة الشهوات، وامتلاك الوعي الكافي، والإحساس والإلتزام بالمسؤوليّة الاجتماعيّة.[٧]

شأن نزولها

في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ...،[٨] جاء في كتب التفسير: في رواية عن الإمام الحسن العسكري  ، أنّه قال: قلت لأبي علي بن محمد  : هل كان رسول اللّه   يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجّهم؟ قال: مراراً كثيرة وذلك أنّ رسول اللّه كان قاعداً ذات يوم بفناء الكعبة، فابتدأ عبد اللّه بن أبي أمية المخزومي، فقال: يا محمد لقد ادّعيت دعوى عظيمة، وقلت مقالاً هائلاً، زعمت أنّك رسول ربّ العالمين، وما ينبغي لربّ العالمين‏ وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشراً مثلنا، تأكل كما نأكل وتمشي في الأسواق كما نمشي، فقال رسول اللّه: اللّهمّ أنت السامع لكل صوت، والعالم بكلّ شي‏ء، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل اللّه عليه الآية.[٩]

آياتها المشهورة

  • قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا،[١٠] هذا قول الرسول   وشكواه، وهما مستمران إلى هذا اليوم من فئة من المسلمين، يشكو بين يدي اللّه أنّهم دفنوا القرآن بيد النسيان، وهو رمز ووسيلة النجاة، والممتلئ ببرامج الحياة، فهجروه وأصبح الكثير منهم يستخدمونه في زخرفة المساجد بعنوان الفن المعماري، ولافتتاح منزل جديد، أو لحفظ مسافر، وشفاء مريض، وعلى الأكثر للتلاوة من أجل الثواب ليس أكثر.[١١]
  • قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا،[١٢] المراد بهما نوعان من الماء: أحدهما عذب، وثانيهما مالح، والمعنى أن الله  جعل الماء المالح في أرض منخفضة يركد فيها الماء، وجعل مجاري الماء العذب كالأنهار والجداول في أرض مرتفعة عن سطح البحر، بحيث يصب الماء العذب في الماء المالح، فيبقى العذب على عذوبته، والمالح على ملوحته، وليس هذا من باب الصدفة، بل هو بتقدير حكيم عليم‏.[١٣]
  • قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ...،[١٤] قال المفسرون: كان ابتداء الخلق يوم الأحد، وانتهاؤه يوم الجمعة،[١٥] وقيل: إنها ستة أيام من أيام الآخرة عند الله واليوم عنده بألف سنة،[١٦] وقيل: إنّ «اليوم» في مسألة خلق عالم الوجود بمعنى «المرحلة»، أو الفترة الزمنية، وهذه الفترة من الممكن أن تستغرق ملايين أو مليارات السنين، وشواهد هذا المعنى في الأدب العربي وغيره كثيرة.[١٧]

تفسير بعض الآيات

الخطيئة تذهب بالحسنات

جاء في تفسير البرهان عن رسولِ اللَّه : «إِنَّ قَوْماً يَجِيئُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُوراً، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ». فَقَالَ سَلْمَانُ: صِفْهُمْ‏ لَنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ، وَيَأْخُذُونَ أُهْبَةً مِنَ اللَّيْلِ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا عَرَضَ لَهُمْ شَيْ‏ءٌ مِنَ الْحَرَامِ وَثَبُوا إِلَيْهِ».[١٨]

قبول الأعمال يتوقف على موالاة أهل البيت (ع)

جاء في تفسير البرهان عن رسول اللَّه  : «مَا بَالُ أَقْوَامٍ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُمْ آلُ إِبْرَاهِيمَ   فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا، وَإِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُمْ آلُ مُحَمَّدٍ   اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُهُمْ؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ عَبْداً جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيّاً، مَا قَبِلَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يَلْقَاهُ بِوَلَايَتِي وَ وَلَايَةِ أَهْلِ بَيْتِي».[١٩]

آیات الاحکام

قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا،[٢٠] من جملة الأحكام التي يذكرها الفقهاء للماء كونه طاهراً في نفسه، ومطهرّاً لغيره، ويستدلون على ذلك بالآية الكريمة، وقد جاءت هذه الآية في سياق استعراض جملة من النِعم الإلهية التي امتنّ بها سبحانه على عباده، فهو الذي أرسل الرياح المبشّرة برحمته (وهي المطر).[٢١]

فضيلتها وخواصها

وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:

  • ابن بابويه في ثواب الأعمال: عن أبي الحسن  ، قال: «يا بن عمّار، لا تَدَعْ قِراءة سورة (تبارك الذي نزّل الفُرقان على عَبْدهِ) فإنّ من قرَأها في كلّ ليلة، لم يُعذِّبهُ الله أبداً، ولم يُحاسبه، وكان منزله في الفردوس الأعلى».[٢٢]

وردت خواص كثيرة لهذه السورة، منها:

  • الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْكَفْعَمِيُّ فِي الْجُنَّةِ، فِي خَوَاصِّ سُورَةِ الْفُرْقَانِ قَالَ مَنْ كَتَبَ مِنْهَا قَوْلَهُ: "رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً" مَنْ كَانَ عَزَباً، وَأَرَادَ التَّزْوِيجَ، فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَيَقْرَأُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ أَخْذِ مَضْجَعِهِ الْآيَاتِ‏ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مَرَّةً، وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْإِجَابَةَ. يَقُولُ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُسَهِّلُ لَهُ التَّزْوِيجَ.[٢٥]
قبلها
سورة النور
سورة الفرقان

بعدها
سورة الشعراء

الهوامش

  1. الموسوي، الواضح في التفسير، ج 11، ص 199.
  2. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
  3. الطوسي، تفسير التبيان، ج 9، ص 242؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 24، ص 39.
  4. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 169.
  5. الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1244.
  6. الموسوي، الواضح في التفسير، ج 11، ص 201 - 267.
  7. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 11، ص 121.
  8. سورة الفرقان: 7.
  9. الحويزي، نور الثقلين، ج 5، ص 190.
  10. سورة الفرقان: 30.
  11. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 11، ص 158.
  12. سورة الفرقان: 53.
  13. مغنية، تفسير الكاشف، ج 5، ص 476.
  14. سورة الفرقان: 59.
  15. الطوسي، تفسير التبيان، ج 9، ص 274.
  16. موسوي، الواضح في التفسير، ج 11، ص 264.
  17. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 11، ص 190.
  18. البحراني، تفسیر البرهان، ج 7، ص 90 - 91.
  19. البحراني، تفسیر البرهان، ج 7، ص 94.
  20. سورة الفرقان: 48.
  21. الأيرواني، دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام، ج 1، ص 41.
  22. الصدوق، ثواب الأعمال وعقابها، ص 109.
  23. الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 159؛ النوري، مستدرك وسائل الشيعة، ج 4، ص 345.
  24. النوري، مستدرك وسائل الشيعة، ج 4، ص 345.
  25. النوري، مستدرك الوسائل، ج 14، ص17 ــ 18.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الأيرواني، باقر، دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام، قم-إيران، دار الفقه، ط 3، 1428 هـ.
  • الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، بيروت-لبنان، مؤسسة التاريخ العربي، ط 1، د. ت.
  • الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
  • الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، طهران-إيران، دار الأسوة، ط 1، 1426 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
  • الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
  • معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
  • مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
  • البحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن، قم، مؤسسة إسماعيليان، ط 3، د.ت.
  • الصدوق، علي بن الحسين، ثواب الأعمال وعقابها، قم، انتشارات الشريف الرضي، 1364 ش.
  • النوري، الميرزا حسين، مستدرك وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيت ، 1408 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت، مؤسسة البعثة، ط 1، 1413 هـ/ 1992 م.

وصلات خارجية