imported>Alkazale |
imported>Alkazale |
سطر ١٣٤: |
سطر ١٣٤: |
|
| |
|
| وقد علل البعض ذلك بمصونية الملائكة وعصمتهم من الذنوب مطلقا، <ref>الطبراني، التفسير الكبير، ج 27، ص 146؛ الطهراني، الفرقان، ج 23، ص 406. </ref>فيما حمله البعض الآخر على رعاية الأدب وأن الأجدر بالعبد أن يدعو للآخرين وينسى نفسه؛<ref>الطهراني، الفرقان، ج 23، ص 406. </ref> وهذا الرأي لا ينسجم مع أمر [[الله]] تعالى في الآية المباركة: {{قرآن|واستغفر لِذَنبِكَ ولِلمُؤمِنينَ}}.<ref>محمّد: 19.</ref> فضلا عن استلزام هذه الوجه للحذف والتقدير وهو خلاف الأصل والظاهر. | | وقد علل البعض ذلك بمصونية الملائكة وعصمتهم من الذنوب مطلقا، <ref>الطبراني، التفسير الكبير، ج 27، ص 146؛ الطهراني، الفرقان، ج 23، ص 406. </ref>فيما حمله البعض الآخر على رعاية الأدب وأن الأجدر بالعبد أن يدعو للآخرين وينسى نفسه؛<ref>الطهراني، الفرقان، ج 23، ص 406. </ref> وهذا الرأي لا ينسجم مع أمر [[الله]] تعالى في الآية المباركة: {{قرآن|واستغفر لِذَنبِكَ ولِلمُؤمِنينَ}}.<ref>محمّد: 19.</ref> فضلا عن استلزام هذه الوجه للحذف والتقدير وهو خلاف الأصل والظاهر. |
|
| |
| ==المنع عن الاستغفار للمشركين==
| |
| نهى [[النبي محمد|النبي]] {{صل}} والمؤمنون عن الاستغفار للمشركين كما في قوله تعالى: {{قرآن|ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكينَ وَلَوْ كانُوا أُولي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحيمِ}}؛<ref>التوبة: 113.</ref> لأنّ هذا العمل- أي الاستغفار للمشركين- عمل لا معنى له وفي غير محله، إذ المشرك لا يمكن العفو عنه بأي وجه، ولا سبيل لنجاة من سار في طريق الشر لـقوله تعالى: {{قرآن|إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاء}}،<ref>النساء: 48 - 116) </ref> وعبثيته مع العلم بأنّهم من أصحاب الجحيم قطعاً.<ref>الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص351.</ref>
| |
|
| |
| وذهب '''الطاهر بن عاشور''' إلى توجيه ذلك بقوله:
| |
| ::لعل المسلمين لما سمعوا تخيير النبّي {{صل}} في الاستغفار للمشركين ذهبوا يستغفرون لأهليهم وأصحابهم من المشركين طمعا في إيصال النفع إليهم في الآخرة فأصبح ذلك ذريعة إلى اعتقاد مساواة المشركين للمؤمنين في المغفرة فينتفي التفاضل الباعث على الرغبة في الإيمان، فنهى اللّه النبّي {{صل}} والمؤمنين معاً عن الاستغفار للمشركين بعد أن رخصه للنبي{{صل}} خاصّة في قوله:
| |
|
| |
| {{قرآن|استغفرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}}<ref>التوبة: 80.</ref><ref>الطباطبائي، الميزان، ج 9 ، ص351.</ref>هذا فضلا عن أن طلب المغفرة نوع من إظهار المحبّة والارتباط بالمشركين، وهذا هو الأمر الذي نهى عنه القرآن مراراً وتكراراً. <ref>مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 8، ص 155.</ref>
| |
| ===سبب نزول آية المنع===
| |
| جاء في [[مجمع البيان في تفسير القرآن (كتاب)|مجمع البيان]] في سبب نزول الآيات أعلاه، أنّ جماعة من المسلمين كانوا يقولون للنّبي {{صل}}: ألا تستغفر لآبائنا الذين ماتوا في الجاهلية؟ فنزلت هذه الآيات تنذرهم بأنّ لا حقّ لأحد أن يستغفر للمشركين. <ref>الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 115؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 8، ص 155.</ref> وقد ذكرت في سبب نزول هذه الآيات أمور أخر، منها: إنّ [[الإمام علي بن أبي طالب|الإمام علياً]] {{عليه السلام}} سمع رجلاً يستغفر لأبويه المشركين فقال له: أتستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: أليس قد استغفر إبراهيم لأبويه وهما مشركان، فذكر ذلك ل[[رسول الله]] {{صل}}، فنزلت هذه الآية. <ref>الطبرسي، جامع البيان، مج 7، ج 11، ص 60؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص 209؛ العياشي، تفسير العياشي، ج 2، ص 114.</ref>
| |
|
| |
| ===رواية ضعيفة===
| |
| هناك رواية أخرى تشير إلى نزول الآية المباركة في أبي طالب <ref>الطبري، جامع البيان، ج 7، ج 11، ص 56 - 57؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص 208، القرطبي، تفسير القرطبي، ج 8، ص 173. </ref> أو أمّ [[النبي الأكرم]] {{صل}} آمنة بنت وهبت،<ref>الزمخشري، الكشاف، ج 2، ص 315؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص 208؛ السيوطي، الدر المنثور، ج 4، ص 302.</ref> وهي لا تصمد أمام النقد العلمي، من عدّة وجوه:
| |
| * الرواية ضعيفة ب'''سعيد بن المسيب''' الذي ورد ذمّه في بعض المصادر الرجالية، وتوقف البعض الآخر فيه،<ref>الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 9، ص 138 - 145.</ref>وحكم البعض الآخر برفض روايته لعدائه لأهل البيت {{عليهم السلام}}. <ref>مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 8، ص 159؛ الأميني، الغدير، ج 8، ص 56.</ref>
| |
| * المشهور بين المفسّرين والمحدثين أنّ سورة براءة نزلت في السنة التاسعة للهجرة، في حين أن المؤرخين ذكروا أن وفاة [[أبو طالب(ع)|أبي طالب]] كانت في [[مكة المكرمة|مكّة]]، وقبل هجرة النّبي {{صل}}. <ref>الزمخشري، الكشاف، ج 2، ص 315، الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص 208؛ القرطبي، تفسير القرطبي، ج 8، ص 173.</ref> ولهذا نرى التخبط والتناقض الصريح الذي وقع فيه بعض المفسرين، فإنّهم قالوا تارة: إنّ هذه الآية نزلت مرّتين! مرّة في مكّة، ومرّة في [[المدينة]] في السنة التاسعة للهجرة وظنوا أنّهم لما ادّعوا هذا الدليل رفعوا التناقض الذي سقطوا فيه.
| |
|
| |
| وقالوا تارة أخرى: إنّ من الممكن أن تكون هذه الآية نزلت حين وفاة أبي طالب، ثمّ أمر النّبي {{صل}} بوضعها في سورة التوبة. إلّا أنّ هذا الادعاء كسابقه السابق عار من الدليل.! العجيب أنّ '''الفخر الرازي'''، الذي عرف بتعصبه في أمثال هذه المسائل، لما لم يستطع إنكار أنّ هذه الآية قد نزلت- كبقية سورة التوبة- في أواخر عمر النّبي {{صل}}عمد إلى توجيه محيّر وعجيب، وهو أنّ النّبي {{صل}} استمر بعد وفاة أبي طالب في الاستغفار له حتى نزلت هذه الآية ونهته عن الاستغفار. <ref>عبده - رضا، تفسير المنار، ج 11، ص 57 - 58؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 8، ص 158. الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص 208.</ref>
| |
| * جاء في نفس رواية سبب النزول "كان آخر ما قاله أبو طالب: أنّه على دين [[عبد المطلب]]" ولاريب أنّ عبد المطلب كان من الموحدين بإجماع علماء [[الشيعة]] والكثير من علماء [[أهل السنة|السنّة]]. <ref>الشوشتري، مجالس المؤمنين، ج 1، ص 163؛ أوائل المقالات، ص 45 - 46. و 116؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 8، ص 157 - 158؛ الأميني، الغدير، ج 8، ص 1011.</ref>
| |
|
| |
| علماً أنّ [[العباس بن عبد المطلب]] كان قد صرّح بأنّ أبا طالب مات بعد أن أقّر ب[[التوحيد]] والرسالة. <ref>شرح نهج البلاغة، ج 14، ص 266. </ref> ويؤكد ذلك ما روي عنه من مقطوعات شعرية. <ref>الجزري، أسنى المطالب، ص 37؛ الأميني، الغدير، ج 7، ص 350 - 384.</ref> بل ذهب البعض إلى أن أبا طالب (رض) كان يكتم إيمانه لمصلحة تقتضيها حمايته ودفاعه عن [[الرسول]] والرسالة. <ref>الجزري، أسني المطالب، ص33. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 14، ص 274.</ref> بل ورد في روايات [[أهل البيت]] {{عليهم السلام}} تشبيهه رضوان الله عليه بالفتية من [[أصحاب الكهف]] <ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 448. </ref>ومؤمن آل فرعون.<ref>ابن البراج، جواهر الفقه، ص 249.</ref>
| |
|
| |
| وروي عن أَبان بن محمَّد قال: كتبت إلى الإِمام [[الإمام الرضا|عليِّ بنِ مُوسى]] (ع): جُعلتُ فداكَ إِنِّي شككْتُ في إِيمانِ أَبِي طالب. فكتب:... أَما إِنَّكَ إِن لمْ تُقِرَّ بِإِيمانِ أَبي طالبٍ كان مصيرُك إلى النَّار. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 35، صص 110 - 156.</ref>
| |
|
| |
| ===استغفار إبراهيم (ع) لآزر===
| |
| وبعد أن انتهى الكلام في الآية 113 من سورة التوبة الناهية عن الاستغفار للمشركين تلاها الحديث عن قضية [[النبي إبراهيم|إبراهيم]] {{عليه السلام}} في قوله تعالى: {{قرآن|وَما كانَ استغفار إِبْراهيمَ لِأَبيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهيمَ لَأَوَّاهٌ حَليمٌ}}<ref>التوبة: 114.</ref>
| |
|
| |
| ولتبرير ذلك ينبغي الانتباه أوّلا إلى أنّه يستفاد من الآية- بوضوح- أنّ إبراهيم كان يأمل أن يجذب آزر إلى الإيمان و[[التوحيد]] عن هذا الطريق، وكان استغفاره في الحقيقة هو: اللّهم اهده، وتجاوز عن ذنوبه السابقة. لكن لما ارتحل آزر وهو معاد للّه، ترك إبراهيم الاستغفار له. أمّا ما ورد في بعض الرّوايات من أنّ إبراهيم (ع) كان قد وعد آزر بالاستغفار إنْ هو أسلم- لا أنّه يستغفر له قبل إسلامه، فلمّا تبيّن له أنّه عدو للّه تنفر منه وابتعد عنه.
| |
|
| |
| وعلى هذا فإنّ وعد إبراهيم كان مشروطا، فلمّا لم يتحقق الشرط لم يستغفر له أبدا، فإنّ هذه الرّواية هذا فضلا عن كون الرواية مرسلة وضعيفة، فإنّها تخالف ظاهر أو صريح الآيات القرآنية، لأنّ ظاهر الآية التي نبحثها أنّ إبراهيم قد استغفر، وصريح الآية (86) من [[سورة الشعراء]] أن إبراهيم قد طلب المغفرة له، حيث يقول: "وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ". <ref>الحويزي، تفسير نور الثقلين، ج 2 ، ص 274؛ العياشي، تفسير العياشي، ج 2، ص 114؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 11 ، ص 77 - 88؛ المجلسي، بحار الانوار، ج 12 ، ص 15؛ مكارم الشيرازي، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 6، ص 239.</ref>
| |
|
| |
| ===عدم جدوائية الاستغفار للمنافقين===
| |
| وردت الإشارة إلى عدم جدوائية الاستغفار للمنافقين في قوله تعالى: {{قرآن|سَواءٌ عَلَيْهِمْ استغفرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقين}}<ref>سورة المنافقون، الآية 6، سورة التوبة، الآية 80 </ref> وقوله سبحانه: {{قرآن|استغفرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقينَ}}.<ref>الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص 148؛ الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 351 -352.</ref>
| |
|
| |
| فالمعنى أنّ هؤلاء المنافقين لا تنالهم مغفرة من الله ويستوي فيهم طلب المغفرة وعدمها لأنّ طلبها لهم لغو لا أثر له. وكيف يكون الاستغفار مؤثراً لإنسان مات معانداً ومصراً على الكفر والنفاق. <ref>التوبة: 80؛ آل عمران: 135.</ref> وقد ورد في بعض مصادر التفسير السنيّة أن الآية 80 من سورة التوبة نزلت عقيب استغفار النبي الأكرم {{صل}} للمنافقين. <ref>السيوطي، الدر المنثور، ج 4، ص 254؛ الطبراني، التفسير الكبير، ج 16 ، ص 147.</ref>ويسجل على ذلك مجموعة من الملاحظات:
| |
| * مما لا ريب فيه أن هذه الآيات ممّا نزلت في أواخر عهد النبي {{صل}} وقد سبقتها في النزول السور المكية عامّة وأكثر السور والآيات المدنية قطعاً، ومما لا ريب فيه لمن يتدبر كتاب الله أنّه لا رجاء في نجاة الكفار والمنافقين وهم أشدّ منهم إذا ماتوا على كفرهم ونفاقهم، ولا مطمع في شمول المغفرة الإلهية لهم فهناك آيات كثيرة مكية ومدنية صريحة قاطعة في ذلك.
| |
| * إنّ إقدامه {{صل}} على الاستغفار للمنافقين يجري مجرى إغرائهم بالإقدام على الذنب. <ref>الطبراني، التفسير الكبير، ج 16، ص۱۴۷؛ الطباطبائي، الميزان، ج 9 ، ص 354.</ref>
| |
|
| |
|
| ==الهوامش== | | ==الهوامش== |