مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الخطبة الفدكية»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Alkazale |
imported>Alkazale لا ملخص تعديل |
||
سطر ١٤: | سطر ١٤: | ||
==الرسول (ص) يهب فدكاً لفاطمة (ع)== | ==الرسول (ص) يهب فدكاً لفاطمة (ع)== | ||
اتفقت كلمة الباحثين من مؤرخين ومحدثين على أن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|الرسول الأكرم]] (ص) وهب فدكاً لابنته [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] (ع)، وهذا ما أجمع عليه الكتب التفسيرية والحديثية والكلامية وكتب اللغة، وقد بلغت الروايات هنا حداً لا تبقي مجالا للشك والريبة.<ref>السيد جعفر شهيدي، زندگاني [حياة] فاطمة الـ زهراء، | اتفقت كلمة الباحثين من مؤرخين ومحدثين على أن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|الرسول الأكرم]] (ص) وهب فدكاً لابنته [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة]] (ع)، وهذا ما أجمع عليه الكتب التفسيرية والحديثية والكلامية وكتب اللغة، وقد بلغت الروايات هنا حداً لا تبقي مجالا للشك والريبة.<ref>السيد جعفر شهيدي، زندگاني [حياة] فاطمة الـ زهراء، ص 97 و 114.</ref> وبالجملة كون فدك نحلة لفاطمة (ع) من أبيها بيّن الحال وواضح بلا إشكال. | ||
==دراسة موضع النزاع== | ==دراسة موضع النزاع== | ||
سطر ٤١: | سطر ٤١: | ||
فقال : هاتي بيّنتك. | فقال : هاتي بيّنتك. | ||
فجاءت ب[[الإمام علي عليه السلام|عليّ بن أبي طالب]] (ع) و[[أم أيمن|أُم أيمن]]، فشهدا: أنّ فدكاً قد أورثها الرّسول لفاطمة (ع)، ولكنّ أبا بكر لم يعترف بهذه الشّهادة ، مدّعياً أنّ نصابها غير كامل، فطالب بامرأة أُخرى أو رجل آخر.<ref>فتوح البلدان، أبو الحسن البلاذري، | فجاءت ب[[الإمام علي عليه السلام|عليّ بن أبي طالب]] (ع) و[[أم أيمن|أُم أيمن]]، فشهدا: أنّ فدكاً قد أورثها الرّسول لفاطمة (ع)، ولكنّ أبا بكر لم يعترف بهذه الشّهادة ، مدّعياً أنّ نصابها غير كامل، فطالب بامرأة أُخرى أو رجل آخر.<ref>فتوح البلدان، أبو الحسن البلاذري، ص 36؛ أنساب الأشراف، ص51 9.</ref> وبهذا انتقلت فدك الى بيت المال رغم إصرار السيدة فاطمة (ع) على حقها وعدم إذعانها بما رواه أبو بكر عن أبيها. | ||
==حديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث== | ==حديث نحن معاشر الأنبياء لا نورث== | ||
انفرد –كما يقول علماء [[أهل السنة|العامّة]]- أبو بكر بنقل هذا [[الحديث]] عن [[النبي (ص)]]<ref>تاريخ الخلفاء (السيوطي)، ص86؛ الصواعق المحرقة (ابن حجر)، | انفرد –كما يقول علماء [[أهل السنة|العامّة]]- أبو بكر بنقل هذا [[الحديث]] عن [[النبي (ص)]]<ref>تاريخ الخلفاء (السيوطي)، ص86؛ الصواعق المحرقة (ابن حجر)، ص 19؛ شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد شافعي، ج 16، ص 227 و ص 245.</ref> وقد رُدّت هذه الدعوى من قبل البعض وعلى رأسهم [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] (ع) مشككين بصدور الحديث عن النبي (ص)،<ref>طبقات ابن سعد، ج 2، ص 315؛ مسند فاطمة (السيوطي)، ص33 (طبعة الكتب الثقافية)؛ كنز العمال، ج 5، ص 365.</ref> بل جاء عن [[عمر بن الخطاب|عمر]] نفسه في كلام له مع [[العباس بن عبد المطلب|العباس]] و[[الإمام علي عليه السلام|علي بن أبي طالب]] (ع) أنّهما كانا يعتقدان بأن أبا بكر [[الكذب|كاذب]] عندما خاطبهما [[عمر بن خطاب|عمر]] بقوله: فرأيتماه –يعني أبا بكر- كاذباً آثماً غادراً خائناً.<ref>صحيح مسلم (الجهاد و السير)، ج 5، ص 151_153.</ref> ومن النافين لصدور الحديث عن النبي (ص) العباس وعلي (ع) وكذا بعض [[زوجات النبي]] (ص).<ref>انساب الأشراف، ج 1، ص 520؛ فتوح البلدان، ج 1، ص 347.</ref> | ||
وممن نقض كلام أبي بكر بعض مفسري العامّة كالفخر الرازي وجار الله الزمخشري والطبري والبيضاوي في تفسيرهم [[الآيات|للآيات]] التي تتعرض لميراث الأنبياء [[داوود النبي|كداود]] و[[زكريا النبي|زكريا]] و[[يحيى النبي|يحيى]] و[[سليمان النبي|سليمان]] حيث أكدوا أنّ [[الآيات]] ناظرة الى [[الإرث|الموروث]] المادي لا المعنوي.<ref>تفسير الجامع لأحكام القرآن(قرطبي)، | وممن نقض كلام أبي بكر بعض مفسري العامّة كالفخر الرازي وجار الله الزمخشري والطبري والبيضاوي في تفسيرهم [[الآيات|للآيات]] التي تتعرض لميراث الأنبياء [[داوود النبي|كداود]] و[[زكريا النبي|زكريا]] و[[يحيى النبي|يحيى]] و[[سليمان النبي|سليمان]] حيث أكدوا أنّ [[الآيات]] ناظرة الى [[الإرث|الموروث]] المادي لا المعنوي.<ref>تفسير الجامع لأحكام القرآن(قرطبي)، ج 11، ص 78؛ تفسير كبير، ج 24، ص 186؛ تفسير الكشاف الزمخشري، ج 4، ص 91 (طبعة دار الكتاب العربي، لبنان)؛ ربيع الأبرار الزمخشري، باب 29؛ أنوار التنزيل، ج 2، ص 309؛ تفسير الطبري، ج 8، ص 308.</ref> | ||
==نص الخطبة== | ==نص الخطبة== | ||
سطر ٥٧: | سطر ٥٧: | ||
أقدم مصدر نقل لنا الخطبة الفدكيّة هو كتاب ''[[بلاغات النساء (كتاب)|بلاغات النساء]]'' لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر المعروف با ابن طيفور، حيث وقعت الخطبة في التسلسل رقم 2 من الكتاب وبعد نقله لكلام [[عائشة]] بنت أبي بكر. | أقدم مصدر نقل لنا الخطبة الفدكيّة هو كتاب ''[[بلاغات النساء (كتاب)|بلاغات النساء]]'' لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر المعروف با ابن طيفور، حيث وقعت الخطبة في التسلسل رقم 2 من الكتاب وبعد نقله لكلام [[عائشة]] بنت أبي بكر. | ||
ونقل [[العلامة المجلسي]] الخطبة في الجزء الثامن من [[بحار الأنوار]] مع شرح لمفرداتها وبيان لمضامينها،<ref>مجلسي،بحار الأنوار، ج 8، ص 114.</ref> ونقلها أيضا – كما عن السيد جعفر شهيدي- ابن أبي الحديد والنقيب البصري، وهما من أعلام [[المعتزلة]]، وليسوا بمتهمين بجعلها ووضعها؛ إذ لا مصلحة لهم وراء ذلك، مما يعد مؤشراً جيداً على صحة صدورها من [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|الزهراء]] (ع).<ref>السيد جعفر شهيدي، زندگاني [حياة] فاطمة الـ زهراء عليها | ونقل [[العلامة المجلسي]] الخطبة في الجزء الثامن من [[بحار الأنوار]] مع شرح لمفرداتها وبيان لمضامينها،<ref>مجلسي،بحار الأنوار، ج 8، ص 114.</ref> ونقلها أيضا – كما عن السيد جعفر شهيدي- ابن أبي الحديد والنقيب البصري، وهما من أعلام [[المعتزلة]]، وليسوا بمتهمين بجعلها ووضعها؛ إذ لا مصلحة لهم وراء ذلك، مما يعد مؤشراً جيداً على صحة صدورها من [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|الزهراء]] (ع).<ref>السيد جعفر شهيدي، زندگاني [حياة] فاطمة الـ زهراء عليها السلام، ص 19.</ref> | ||
===تقييم الخطبة=== | ===تقييم الخطبة=== | ||
قال [[الإربلي]] عن الخطبة الفدكية: إنها من محاسن الخطب وبدائعها، عليها مسحة من نور [[النبوة]]، وفيها عبقة من أرَج الرسالة، وقد أوردها المؤالف والمخالف.<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 201.</ref> | قال [[الإربلي]] عن الخطبة الفدكية: إنها من محاسن الخطب وبدائعها، عليها مسحة من نور [[النبوة]]، وفيها عبقة من أرَج الرسالة، وقد أوردها المؤالف والمخالف.<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 201.</ref> | ||
==الحوار بين علي (ع) وفاطمة (ع) بعد الخطبة== | ==الحوار بين علي (ع) وفاطمة (ع) بعد الخطبة== | ||
نقل صاحب البحار و[[ابن شهر آشوب]] في المناقب أنه لما رجعت عليها السلام - واستقرت بها الدار، قالت: يا ابن أبي طالب (ع) اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، ونقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل، ... فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب وافترشت التراب، ما كففت قائلا، ولا أغنيت طائلا، ولا خيار لي، ليتني مت قبل هينتي، ودون زلتي، عذيري الله منه عاديا، ومنك حاميا، ويلاي في كل شارق وغارب، مات العمد، ووهت العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربّي. فقال لها [[الإمام علي عليه السلام|أمير المؤمنين]] (ع): لا ويل لك بل الويل لشانئك، ثم نهنهي عن وجدك يابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري.<ref>ابن شهر آشوب، مناقب، | نقل صاحب البحار و[[ابن شهر آشوب]] في المناقب أنه لما رجعت عليها السلام - واستقرت بها الدار، قالت: يا ابن أبي طالب (ع) اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، ونقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل، ... فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب وافترشت التراب، ما كففت قائلا، ولا أغنيت طائلا، ولا خيار لي، ليتني مت قبل هينتي، ودون زلتي، عذيري الله منه عاديا، ومنك حاميا، ويلاي في كل شارق وغارب، مات العمد، ووهت العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربّي. فقال لها [[الإمام علي عليه السلام|أمير المؤمنين]] (ع): لا ويل لك بل الويل لشانئك، ثم نهنهي عن وجدك يابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري.<ref>ابن شهر آشوب، مناقب، ج 2، ص 208.</ref><ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 43، ص 148.</ref> | ||
==موقف أهل السنة== | ==موقف أهل السنة== | ||
حاول الباحثون من [[أهل السنة]] الدفاع عن [[أبي بكر|الخليفة الأول]] مدعين بأنّه لم يقصد الإساءة إلى [[السيدة فاطمة (ع)]]، بل كان –حسب زعمهم- على استعداد لتسليم [[فدك]] إلى فاطمة (ع) شريطة أن تأتي بمن يشهد لها بذلك. | حاول الباحثون من [[أهل السنة]] الدفاع عن [[أبي بكر|الخليفة الأول]] مدعين بأنّه لم يقصد الإساءة إلى [[السيدة فاطمة (ع)]]، بل كان –حسب زعمهم- على استعداد لتسليم [[فدك]] إلى فاطمة (ع) شريطة أن تأتي بمن يشهد لها بذلك. | ||
ويعتقدون | ويعتقدون أيضاً بأنّ أبا بكر حكم في القضية بحسب الظاهر كحاكم ومدافع عن حريم [[الإسلام]] وشريعته وإنّ ما وقع من قبيل التعارض بين أمر انتزاعي أصولي وبين أمر واقعي خارجي.<ref>أبو بكر الرفيعي، بذرهاي اختلاف، ترجمة: محمد فاروقي، ص 151.</ref> | ||
ومن الوجوه التي دافع بها أهل السنة عن موقف الخليفة أنّه لو كانت [[فدك]] من الميراث لكان [[زوجات النبي|لزوجات النبي]] (ص) نصيب فيها، والحال | ومن الوجوه التي دافع بها أهل السنة عن موقف الخليفة أنّه لو كانت [[فدك]] من الميراث لكان [[زوجات النبي|لزوجات النبي]] (ص) نصيب فيها، والحال أنّ أبا بكر لم يسهم لأحد من زوجات النبي (ص) حتى ابنته [[عائشة]] منها. ونسبوا إلى النبي (ص) أنه قال: «لا نورث ما تركنا فهو صدقة»<ref>مسند احمد ج 2 ص 462؛ صحيح مسلم، كتاب الجهاد حديث 49.</ref> وقد انفرد أبو بكر بنقل هذا [[الحديث]]، ولم ينقله غيره من [[الصحابة]]<ref>تاريخ الخلفاء (السيوطي)، ص 86؛ الصواعق المحرقة (ابن حجر)، ص 19؛شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد شافعي، ج 16، صص 227 و 245.</ref> | ||
كذلك حاول بعضهم الدفاع عن انتزاع فدك وذلك بوضعها تحت مقولة اجتهاد [[الخليفة]]، وأن ذلك من صلاحيات الخليفة. وهذا ما يرفضه علماء [[الشيعة]] لتفرّد الخليفة الأول بهذا الغصب هذا فضلا عن أنواع البذل والعطاء الذي كان يمارس لترسيخ قواعد حكومته، يضاف إلى ذلك أنّ إغضاب فاطمة (ع) من [[الكبائر]] التي ينبغي الاجتناب عنها، فقد جاء في النبوي الشريف «فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها فقد أغضبني، ومن أغضبني فقد أغضب الله».<ref>هادي عالم زاده، أبو بكر، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، | كذلك حاول بعضهم الدفاع عن انتزاع فدك وذلك بوضعها تحت مقولة اجتهاد [[الخليفة]]، وأن ذلك من صلاحيات الخليفة. وهذا ما يرفضه علماء [[الشيعة]] لتفرّد الخليفة الأول بهذا الغصب هذا فضلا عن أنواع البذل والعطاء الذي كان يمارس لترسيخ قواعد حكومته، يضاف إلى ذلك أنّ إغضاب فاطمة (ع) من [[الكبائر]] التي ينبغي الاجتناب عنها، فقد جاء في النبوي الشريف «فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها فقد أغضبني، ومن أغضبني فقد أغضب الله».<ref>هادي عالم زاده، أبو بكر، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ج 5، ص 232.</ref> | ||
==إعادة فدك إلى ورثة فاطمة== | ==إعادة فدك إلى ورثة فاطمة== |