مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «سلامة القرآن من التحريف»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Bassam ط (←المصادر) |
imported>Alkazale لا ملخص تعديل |
||
سطر ٩: | سطر ٩: | ||
==التحريف لغةً واصلاحاً== | ==التحريف لغةً واصلاحاً== | ||
*'''المعنى اللغوي''': التحريف من "''حَرَفَ''" تأتي بمعنى الانحراف عن الشيء. يُقال: انحرف عنه ينحرف انحرافاً، وحَرَفْتُه أنا عنه، أي عدلت به عنه، وذلك كتحريف الكلام وهو عدله عن جهته. قال [[الله]] تعالى: {{قرآن|يُحَرِّفُون الكَلم عن مَواضِعه}}<ref> انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، | *'''المعنى اللغوي''': التحريف من "''حَرَفَ''" تأتي بمعنى الانحراف عن الشيء. يُقال: انحرف عنه ينحرف انحرافاً، وحَرَفْتُه أنا عنه، أي عدلت به عنه، وذلك كتحريف الكلام وهو عدله عن جهته. قال [[الله]] تعالى: {{قرآن|يُحَرِّفُون الكَلم عن مَواضِعه}}<ref> انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 2، مادّة"حرف"، ص 42-43.</ref><ref>النساء: 46.</ref>. فالتحريف لغةً هو: تغيير معنى الكلمة والعدول بها عن مقصدها الحقيقي. | ||
*'''المعنى الاصطلاحي''': هو وقوع التغيير في ألفاظ القرآن وحروفه وحركاته، تبديلاً وترتيباً،ونقصاً وزيادةً<ref>راجع: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، | *'''المعنى الاصطلاحي''': هو وقوع التغيير في ألفاظ القرآن وحروفه وحركاته، تبديلاً وترتيباً،ونقصاً وزيادةً<ref>راجع: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 108، السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 198-190.</ref>. | ||
وتجدر الإشارة إلى أنّ [[القرآن الكريم]] استخدم مفهوم التحريف بمعناه اللغوي، في حين أنّ محور بحث صيانة القرآن عن التحريف يختصّ بالتحريف بمعناه الاصطلاحي فقط. | وتجدر الإشارة إلى أنّ [[القرآن الكريم]] استخدم مفهوم التحريف بمعناه اللغوي، في حين أنّ محور بحث صيانة القرآن عن التحريف يختصّ بالتحريف بمعناه الاصطلاحي فقط. | ||
سطر ١٦: | سطر ١٦: | ||
==أقسام التحريف== | ==أقسام التحريف== | ||
*'''التحريف المعنوي:''' وهو المعنى اللغوي للتحريف نفسه، ويُراد به: تفسير القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه. وهو ما أشارت إليه [[الروايات]] المأثورة عن [[أهل البيت عليهم السلام]]، فعن [[الإمام الباقر]] عليه السلام: "... وكان من نبذهم الكتاب: أن أقاموا حروفه، وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يُحزنهم تركهم للرعاية..."<ref>الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي، | *'''التحريف المعنوي:''' وهو المعنى اللغوي للتحريف نفسه، ويُراد به: تفسير القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه. وهو ما أشارت إليه [[الروايات]] المأثورة عن [[أهل البيت عليهم السلام]]، فعن [[الإمام الباقر]] عليه السلام: "... وكان من نبذهم الكتاب: أن أقاموا حروفه، وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يُحزنهم تركهم للرعاية..."<ref>الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي، ج 8، كتاب الروضة، ح 16، ص 53.</ref>. | ||
*'''التحريف اللفظي:''' وهو التغيير والقلب، وهو المعنى الاصطلاحي نفسه. وله مصاديق مختلفة. <ref>الخوئي، البيان في تفسير القرآن، | *'''التحريف اللفظي:''' وهو التغيير والقلب، وهو المعنى الاصطلاحي نفسه. وله مصاديق مختلفة. <ref>الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 197-198؛ معرفة، صيانة القرآن الكريم من التحريف، ص 13-16. </ref> | ||
وأهم مصاديقه: | وأهم مصاديقه: | ||
*تحريف القرآن بالنقص منه | *تحريف القرآن بالنقص منه | ||
سطر ٣٠: | سطر ٣٠: | ||
#إثبات [[النبوّة]] والرسالة؛ لأنّ فرض ثبوت التحريف يستلزم نفي [[الإعجاز القرآني|الإعجاز]] والتحدّي بالإتيان بمثل القرآن، وبالتالي انتفاء صفة الإعجاز عن الأمر الرئيس المُثبِت [[النبوّة|لنبوّة]] [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} وحقّانيّة رسالته. | #إثبات [[النبوّة]] والرسالة؛ لأنّ فرض ثبوت التحريف يستلزم نفي [[الإعجاز القرآني|الإعجاز]] والتحدّي بالإتيان بمثل القرآن، وبالتالي انتفاء صفة الإعجاز عن الأمر الرئيس المُثبِت [[النبوّة|لنبوّة]] [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} وحقّانيّة رسالته. | ||
#إنّ القرآن ميزان اعتبار [[الروايات]] وقد أمرنا [[أهل البيت]] عليهم السلام بعرضها على القرآن، وبثبوت تحريفه؛ لا يمكن عرض الروايات عليه؛ فيتعطّل بذلك الأخذ بها. | #إنّ القرآن ميزان اعتبار [[الروايات]] وقد أمرنا [[أهل البيت]] عليهم السلام بعرضها على القرآن، وبثبوت تحريفه؛ لا يمكن عرض الروايات عليه؛ فيتعطّل بذلك الأخذ بها. | ||
==آراء علماء الشيعة الإماميّة في المسألة== | ==آراء علماء الشيعة الإماميّة في المسألة== | ||
من المتسالم لدى علماء [[الشيعة]] [[الإماميّة]] عدم وقوع التحريف في [[القرآن]] لا بالزيادة ولا بالنقيصة، وأنّ الموجود ما بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على [[الرسول الأكرم]] {{صل}}، وقد صرّح بذلك كثير من كبار أعلام الشيعة الإماميّة، منهم: | من المتسالم لدى علماء [[الشيعة]] [[الإماميّة]] عدم وقوع التحريف في [[القرآن]] لا بالزيادة ولا بالنقيصة، وأنّ الموجود ما بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على [[الرسول الأكرم]] {{صل}}، وقد صرّح بذلك كثير من كبار أعلام الشيعة الإماميّة، منهم: | ||
*[[الشيخ الصدوق|الشيخ محمد بن بابويه الصدوق القمي]] (ت: 381هـ): "اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه [[رسول الله|محمد]] {{صل}} هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك. ومن نسب إلينا أنّا نقول: إنّه أكثر من ذلك، فهو كاذب"<ref> ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين (الصدوق): الاعتقادات في دين الإماميّة، تحقيق عصام عبد السيد، | *[[الشيخ الصدوق|الشيخ محمد بن بابويه الصدوق القمي]] (ت: 381هـ): "اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه [[رسول الله|محمد]] {{صل}} هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك. ومن نسب إلينا أنّا نقول: إنّه أكثر من ذلك، فهو كاذب"<ref> ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين (الصدوق): الاعتقادات في دين الإماميّة، تحقيق عصام عبد السيد، ط 2، بيروت، دار المفيد، 1414هـ.ق/ 1993م، ص 84.</ref>. | ||
*[[السيد المرتضى]] علم الهدى (ت: 436هـ): "إنّ العلم بصحّة نقل القرآن، كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإنّ العناية اشتدّت، والدواعي توافرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حدٍّ لم يبلغه في ما ذكرناه، لأنّ القرآن معجزة [[النبوة]]، ومأخذ العلوم الشرعية، والأحكام الدينية. وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كلّ شيء اختُلِفَ فيه،من إعرابه، وقراءته، وحروفه، وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً، مع العناية الصادقة، والضبط الشديد"<ref>الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، | *[[السيد المرتضى]] علم الهدى (ت: 436هـ): "إنّ العلم بصحّة نقل القرآن، كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإنّ العناية اشتدّت، والدواعي توافرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حدٍّ لم يبلغه في ما ذكرناه، لأنّ القرآن معجزة [[النبوة]]، ومأخذ العلوم الشرعية، والأحكام الدينية. وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كلّ شيء اختُلِفَ فيه،من إعرابه، وقراءته، وحروفه، وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً، مع العناية الصادقة، والضبط الشديد"<ref>الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 1، ص 43.</ref>. | ||
*[[الشيخ الطوسي|الشيخ محمد بن الحسن الطوسي]] (ت: 460هـ): "وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه [أي القرآن] فمّما لا يليق به أيضاً،لأنّ الزيادة فيه مُجمَع على بطلانها، والنقصان منه، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا"<ref> الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، | *[[الشيخ الطوسي|الشيخ محمد بن الحسن الطوسي]] (ت: 460هـ): "وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه [أي القرآن] فمّما لا يليق به أيضاً،لأنّ الزيادة فيه مُجمَع على بطلانها، والنقصان منه، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا"<ref> الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج 1، ص 3.</ref>. | ||
*[[الفضل بن الحسن الطبرسي|الشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي]] (ت: 548هـ): "الكلام في زيادة القرآن ونقصانه؛ فإنّه لا يليق بالتفسير. فأمّا الزيادة فيه: فمجمع على بطلانه. | *[[الفضل بن الحسن الطبرسي|الشيخ الفضل بن الحسن الطبرسي]] (ت: 548هـ): "الكلام في زيادة القرآن ونقصانه؛ فإنّه لا يليق بالتفسير. فأمّا الزيادة فيه: فمجمع على بطلانه. | ||
وأما النقصان منه: فقد روى جماعة من أصحابنا، وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً أو نقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه"<ref> الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، | وأما النقصان منه: فقد روى جماعة من أصحابنا، وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً أو نقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه"<ref> الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 1، ص 42-43.</ref>. | ||
*[[الشيخ جعفر كاشف الغطاء]] (ت: 1228هـ): "لا ريبَ في أنّه مَحفوظ من النقصان؛ بحفظ الملك الديّان؛ كما دلّ عليه صريح القرآن، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر. وما ورد من أخبار النقيصة تَمنع البديهة من العمل بظاهرها، ولا سيّما ما فيه نقص ثلث القرآن، أو كثير منه، فإنّه لو كان ذلك؛ [[الحديث المتواتر|لتواتر]] نقله لتوفّر الدواعي عليه، ولاتّخذه غير أهل الإسلام من أعظم المطاعن على الإسلام وأهله. ثمّ كيف يكون ذلك، وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه"<ref> كاشف الغطاء، جعفر: كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء، تحقيق ونشر مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، قم المقدّسة، 1422هـ.ق/ 1380هـ.ش، | *[[الشيخ جعفر كاشف الغطاء]] (ت: 1228هـ): "لا ريبَ في أنّه مَحفوظ من النقصان؛ بحفظ الملك الديّان؛ كما دلّ عليه صريح القرآن، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر. وما ورد من أخبار النقيصة تَمنع البديهة من العمل بظاهرها، ولا سيّما ما فيه نقص ثلث القرآن، أو كثير منه، فإنّه لو كان ذلك؛ [[الحديث المتواتر|لتواتر]] نقله لتوفّر الدواعي عليه، ولاتّخذه غير أهل الإسلام من أعظم المطاعن على الإسلام وأهله. ثمّ كيف يكون ذلك، وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه"<ref> كاشف الغطاء، جعفر: كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء، تحقيق ونشر مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، قم المقدّسة، 1422هـ.ق/ 1380هـ.ش، ج 3، ص 453-454.</ref>. | ||
*[[الشيخ محمد جواد البلاغي]] (ت: 1352هـ): "وممّا ألصقوه بالقرآن المجيد: ما نقله في فصل الخطاب عن كتاب [[دبستان المذاهب (كتاب)|دبستان المذاهب]] أنّه نُسِبَ إلى الشيعة أنّهم يقولون: إنّ إحراق المصاحف سبب إتلاف سور من القرآن نزلت في فضل علي عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام؛ منها: هذه السورة، وذكر كلاماً يضاهي خمساً وعشرين آية في الفواصل، قد لُفِّقَ من فقرات القرآن الكريم على أسلوب آياته، فاسمع ما في ذلك من الغلط، فضلاً عن ركاكة أسلوبه الملفَّق... فيا للعجب من صاحب (دبستان المذاهب) من أين جاء بنسبة هذه الدعوى إلى الشيعة، وفي أيّ كتاب لهم وجدها. أفهكذا يكون النقل في الكتب، ولكن لا عجب، فكم نقلوا عن الشيعة مثل هذا النقل الكاذب؛ كما في كتاب الملل للشهرستاني، ومقدّمة ابن خلدون، وغير ذلك ممّا كتبه بعض الناس في هذه السنين، والله المستعان".<ref> البلاغي، آلاء الرحمن في تفسير القرآن، | *[[الشيخ محمد جواد البلاغي]] (ت: 1352هـ): "وممّا ألصقوه بالقرآن المجيد: ما نقله في فصل الخطاب عن كتاب [[دبستان المذاهب (كتاب)|دبستان المذاهب]] أنّه نُسِبَ إلى الشيعة أنّهم يقولون: إنّ إحراق المصاحف سبب إتلاف سور من القرآن نزلت في فضل علي عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام؛ منها: هذه السورة، وذكر كلاماً يضاهي خمساً وعشرين آية في الفواصل، قد لُفِّقَ من فقرات القرآن الكريم على أسلوب آياته، فاسمع ما في ذلك من الغلط، فضلاً عن ركاكة أسلوبه الملفَّق... فيا للعجب من صاحب (دبستان المذاهب) من أين جاء بنسبة هذه الدعوى إلى الشيعة، وفي أيّ كتاب لهم وجدها. أفهكذا يكون النقل في الكتب، ولكن لا عجب، فكم نقلوا عن الشيعة مثل هذا النقل الكاذب؛ كما في كتاب الملل للشهرستاني، ومقدّمة ابن خلدون، وغير ذلك ممّا كتبه بعض الناس في هذه السنين، والله المستعان".<ref> البلاغي، آلاء الرحمن في تفسير القرآن، ج 1، ص 24-25.</ref> | ||
*[[السيد محسن الأمين|السيد محسن الأمين العاملي]] (ت: 1371هـ): "لا يقول أحد من الإمامية؛ لا قديماً ولا حديثاً: إنّ القرآن مزيد فيه قليل أو كثير، فضلاً عن كلّهم، بل كلّهم متّفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محقّقيهم متّفقون على أنّه لم ينقص منه".<ref> الأمين، محسن: أعيان الشيعة، تحقيق وتخريج حسن الأمين، لاط، بيروت، دار التعارف، لات، | *[[السيد محسن الأمين|السيد محسن الأمين العاملي]] (ت: 1371هـ): "لا يقول أحد من الإمامية؛ لا قديماً ولا حديثاً: إنّ القرآن مزيد فيه قليل أو كثير، فضلاً عن كلّهم، بل كلّهم متّفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محقّقيهم متّفقون على أنّه لم ينقص منه".<ref> الأمين، محسن: أعيان الشيعة، تحقيق وتخريج حسن الأمين، لاط، بيروت، دار التعارف، لات، ج 1، ص 41.</ref> | ||
*[[الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء]] (ت: 1373هـ): "والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذّة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإمّا أن تأوّل بنحو من الاعتبار، أو يُضرَب بها الجدار".<ref>كاشف الغطاء، محمد حسين: أصل الشيعة وأصولها، تحقيق علاء آل جعفر، ط1، مؤسّسة الإمام علي عليه السلام، مطبعة ستاره، 1415هـ.ق، | *[[الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء]] (ت: 1373هـ): "والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذّة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإمّا أن تأوّل بنحو من الاعتبار، أو يُضرَب بها الجدار".<ref>كاشف الغطاء، محمد حسين: أصل الشيعة وأصولها، تحقيق علاء آل جعفر، ط1، مؤسّسة الإمام علي عليه السلام، مطبعة ستاره، 1415هـ.ق، ص 220.</ref> | ||
*[[السيد عبد الحسين شرف الدين]] (ت: 1377هـ): "والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إنّما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، لا يزيد حرفاً، ولا ينقص حرفاً، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة، ولا لحرف بحرف، وكلّ حرف من حروفه متواتر في كلّ جيل؛ تواتراً قطعياً إلى عهد الوحي والنبوة"<ref> شرف الدين، عبد الحسين: الفصول المهمّة في تأليف الأئمّة، ط1، لام، نشر قسم الإعلام الخارجي لمؤسّسة البعثة، لات، | *[[السيد عبد الحسين شرف الدين]] (ت: 1377هـ): "والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إنّما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، لا يزيد حرفاً، ولا ينقص حرفاً، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة، ولا لحرف بحرف، وكلّ حرف من حروفه متواتر في كلّ جيل؛ تواتراً قطعياً إلى عهد الوحي والنبوة"<ref> شرف الدين، عبد الحسين: الفصول المهمّة في تأليف الأئمّة، ط1، لام، نشر قسم الإعلام الخارجي لمؤسّسة البعثة، لات، ص 175.</ref>. | ||
*[[السيد محمد حسين الطباطبائي]] (ت: 1402هـ): "من ضروريات التاريخ: أنّ النبي العربي [[رسول الله|محمّداً]] {{صل}} جاء قبل أربعة عشر قرناً تقريباً، وانتهض للدعوة، وآمن به أمّة من العرب وغيرهم، وأنّه جاء بكتاب يسمّيه القرآن، وينسبه إلى ربّه، متضمّن لجمل المعارف، وكلّيّات الشريعة التي كان يدعو إليها، وكان يتحدّى به، ويعدّه آية لنبوته، وأنّ القرآن الموجود اليوم بأيدينا هو القرآن الذي جاء به وقرأه على الناس المعاصرين له في الجملة؛ بمعنى: أنّه لم يَضِعْ مِن أصله؛ بأن يُفقَد كلّه، ثمّ يوضع كتاب آخر يشابهه في نظمه أو لا يشابهه، وينسب إليه، ويشتهر بين الناس بأنّه القرآن النازل على النبي {{صل}} . فهذه أمور لا يَرتاب في شيء منها إلا مصاب في فهمه، ولا احتمل بعض ذلك أحد من الباحثين في مسألة التحريف من المخالفين والمؤالفين"<ref> السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، | *[[السيد محمد حسين الطباطبائي]] (ت: 1402هـ): "من ضروريات التاريخ: أنّ النبي العربي [[رسول الله|محمّداً]] {{صل}} جاء قبل أربعة عشر قرناً تقريباً، وانتهض للدعوة، وآمن به أمّة من العرب وغيرهم، وأنّه جاء بكتاب يسمّيه القرآن، وينسبه إلى ربّه، متضمّن لجمل المعارف، وكلّيّات الشريعة التي كان يدعو إليها، وكان يتحدّى به، ويعدّه آية لنبوته، وأنّ القرآن الموجود اليوم بأيدينا هو القرآن الذي جاء به وقرأه على الناس المعاصرين له في الجملة؛ بمعنى: أنّه لم يَضِعْ مِن أصله؛ بأن يُفقَد كلّه، ثمّ يوضع كتاب آخر يشابهه في نظمه أو لا يشابهه، وينسب إليه، ويشتهر بين الناس بأنّه القرآن النازل على النبي {{صل}} . فهذه أمور لا يَرتاب في شيء منها إلا مصاب في فهمه، ولا احتمل بعض ذلك أحد من الباحثين في مسألة التحريف من المخالفين والمؤالفين"<ref> السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 104.</ref>. | ||
*[[الإمام الخميني]] (ت: 1410هـ): "منع وقوع التحريف فيه جدّاً (أي في القرآن)، كما هو مذهب المحقّقين من علماء العامّة والخاصّة... وبالجملة: ففساد هذا القول الفظيع(أي القول بالتحريف)، والرأي الشنيع، أوضح من أن يخفى على ذي مسكة، إلا أنّ هذا الفساد قد شاع على رغم[وجود] علماء الإسلام وحفّاظ شريعة سيد الأنام"<ref> الإمام الخميني، روح الله: أنوار الهداية، تحقيق ونشر مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدس سره، ط1، إيران، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي، 1413هـ.ق/ 1372هـ.ش، | *[[الإمام الخميني]] (ت: 1410هـ): "منع وقوع التحريف فيه جدّاً (أي في القرآن)، كما هو مذهب المحقّقين من علماء العامّة والخاصّة... وبالجملة: ففساد هذا القول الفظيع(أي القول بالتحريف)، والرأي الشنيع، أوضح من أن يخفى على ذي مسكة، إلا أنّ هذا الفساد قد شاع على رغم[وجود] علماء الإسلام وحفّاظ شريعة سيد الأنام"<ref> الإمام الخميني، روح الله: أنوار الهداية، تحقيق ونشر مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدس سره، ط1، إيران، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي، 1413هـ.ق/ 1372هـ.ش، ج 1، ص 243-247.</ref>. | ||
*[[السيد أبو القاسم الخوئي]] (ت: 1413هـ): "المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأنّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على [[رسول الله|النبي]] الأعظم {{صل}}؛ وقد صرّح بذلك كثير من الأعلام... وجملة القول: أنّ المشهور بين علماء الشيعة ومحقّقيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف... والحق، بعد هذا كلّه: أنّ التحريف بالمعنى الذي وقع النزاع فيه غير واقع في القرآن أصلاً"<ref>السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، | *[[السيد أبو القاسم الخوئي]] (ت: 1413هـ): "المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأنّ الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على [[رسول الله|النبي]] الأعظم {{صل}}؛ وقد صرّح بذلك كثير من الأعلام... وجملة القول: أنّ المشهور بين علماء الشيعة ومحقّقيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف... والحق، بعد هذا كلّه: أنّ التحريف بالمعنى الذي وقع النزاع فيه غير واقع في القرآن أصلاً"<ref>السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 200-207.</ref>. | ||
==أدلّة صيانة القرآن من التحريف== | ==أدلّة صيانة القرآن من التحريف== | ||
سطر ٦٧: | سطر ٦٠: | ||
===الدليل القرآني=== | ===الدليل القرآني=== | ||
:1. قوله تعالى: {{قرآن|إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}}<ref> سورة الحجر، الآية: 9.</ref>. من أجمع الأوصاف التي يذكرها القرآن لنفسه أنّه ذِكْر لله، فإنّه يذكِّر به تعالى، بما أنّه آية دالّة عليه، حيّة خالدة. وتفيد هذه [[الآية]] أنّ الله تعالى هو حافظ هذا القرآن في مرحلتي التنزيل والبقاء، حيث أُطلِقَ الذِكْر وأُطلِقَ الحِفظ، فالقرآن محفوظ بحفظ الله عن كلّ زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذِكريّة ويُبطِل كونه ذكراً لله سبحانه بوجه. وقد وُضِعَت كلّ عوامل التأكيد بعضها إلى جانب بعضها الآخر، لبيان هذه الحقيقة المهمّة والخالدة<ref>انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، | :1. قوله تعالى: {{قرآن|إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}}<ref> سورة الحجر، الآية: 9.</ref>. من أجمع الأوصاف التي يذكرها القرآن لنفسه أنّه ذِكْر لله، فإنّه يذكِّر به تعالى، بما أنّه آية دالّة عليه، حيّة خالدة. وتفيد هذه [[الآية]] أنّ الله تعالى هو حافظ هذا القرآن في مرحلتي التنزيل والبقاء، حيث أُطلِقَ الذِكْر وأُطلِقَ الحِفظ، فالقرآن محفوظ بحفظ الله عن كلّ زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذِكريّة ويُبطِل كونه ذكراً لله سبحانه بوجه. وقد وُضِعَت كلّ عوامل التأكيد بعضها إلى جانب بعضها الآخر، لبيان هذه الحقيقة المهمّة والخالدة<ref>انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 106، السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 207-209.</ref>. | ||
:2. قوله تعالى: {{قرآن|وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}}<ref>سورة فصّلت، الآيتان: 41-42.</ref>. العزيز: عديم النظير أو المنيع الممتنع من أن يُغلَب، والمعنى الثاني أنسب، لما يتعقّبه من قوله تعالى: {{قرآن|لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ...}}. والمدلول هو: أنّه لا تناقض في بياناته، ولا [[الكذب|كذب]] في أخباره، ولا بطلان يتطرّق إلى معارفه وحكمه وشرائعه، ولا يُعارَض ولا يُغيَّر، بإدخال ما ليس منه فيه، أو بتحريف آية من وجه إلى وجه. وكيف لا يكون كذلك؟! وهو منزَّل من حكيم متقِن في فعله، لا يشوب فعله وهن، محمود على الإطلاق. فهذه الآية تنفي أيّ احتمال للتحريف بالزيادة أو التحريف بالنقصان، وتشير إلى أنّ خاصّيّة الحفظ جاءت من داخل القرآن، بفعل تماسك بنيانه<ref>انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، | :2. قوله تعالى: {{قرآن|وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}}<ref>سورة فصّلت، الآيتان: 41-42.</ref>. العزيز: عديم النظير أو المنيع الممتنع من أن يُغلَب، والمعنى الثاني أنسب، لما يتعقّبه من قوله تعالى: {{قرآن|لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ...}}. والمدلول هو: أنّه لا تناقض في بياناته، ولا [[الكذب|كذب]] في أخباره، ولا بطلان يتطرّق إلى معارفه وحكمه وشرائعه، ولا يُعارَض ولا يُغيَّر، بإدخال ما ليس منه فيه، أو بتحريف آية من وجه إلى وجه. وكيف لا يكون كذلك؟! وهو منزَّل من حكيم متقِن في فعله، لا يشوب فعله وهن، محمود على الإطلاق. فهذه الآية تنفي أيّ احتمال للتحريف بالزيادة أو التحريف بالنقصان، وتشير إلى أنّ خاصّيّة الحفظ جاءت من داخل القرآن، بفعل تماسك بنيانه<ref>انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 17، ص 398-399، السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 210-211.</ref>. | ||
وغيرهما [[آيات]] كثيرة تدلّ على صيانة القرآن عن التحريف<ref> قوله تعالى: {{قرآن|ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}} (البقرة: 2)، {{قرآن|تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}} (السجدة: 2)، {{قرآن|وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}} (يونس: 37)، {{قرآن|إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}}(الفرقان: 30).</ref>. | وغيرهما [[آيات]] كثيرة تدلّ على صيانة القرآن عن التحريف<ref> قوله تعالى: {{قرآن|ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}} (البقرة: 2)، {{قرآن|تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}} (السجدة: 2)، {{قرآن|وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ}} (يونس: 37)، {{قرآن|إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}}(الفرقان: 30).</ref>. | ||
سطر ٨٢: | سطر ٧٥: | ||
===الدليل الروائي=== | ===الدليل الروائي=== | ||
#[[حديث الثقلين|روايات الثقلين]]<ref>تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الروايات متواترة تواتراً معنوياً بين المسلمين، وهي منقولة في كتب السنّة والشيعة. انظر: الصفّار، بصائر الدرجات، | #[[حديث الثقلين|روايات الثقلين]]<ref>تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الروايات متواترة تواتراً معنوياً بين المسلمين، وهي منقولة في كتب السنّة والشيعة. انظر: الصفّار، بصائر الدرجات، ج 8، باب 17 في قول رسول الله {{صل}} "إنّي تارك فيكم الثقلين"، ح 1-6، ص433-434، ابن حنبل، مسند أحمد، ج3، ص14، النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص148، المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج 1، ح 943-955، ص 185-187.</ref>: ومفاد هذه الروايات: "إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما، لن تضلّوا بعدي أبداً، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض". ووجه الاستدلال بها: | ||
أنّ القول بالتحريف يستلزم عدم [[وجوب]] التمسّك بالكتاب المنزل، لضياعه على الأمّة، بسبب وقوع التحريف، ولكن وجوب التمسّك بالكتاب باقٍ إلى يوم القيام، لصريح [[حديث الثقلين]]، فيكون القول بالتحريف باطلاً جزماً. وقد دلّت هذه الروايات على اقتران [[أهل البيت عليهم السلام|العترة]] بالكتاب، وعلى أنّهما باقيان في الناس إلى يوم القيامة، فلا بدّ من وجود شخص يكون قريناً للكتاب، ولا بدّ من وجود الكتاب ليكون قريناً للعترة، حتى يردا على [[رسول الله|النبي]] {{صل}} الحوض، وليكون التمسّك بهما حفظا للأمّة عن الضلال<ref> انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، | أنّ القول بالتحريف يستلزم عدم [[وجوب]] التمسّك بالكتاب المنزل، لضياعه على الأمّة، بسبب وقوع التحريف، ولكن وجوب التمسّك بالكتاب باقٍ إلى يوم القيام، لصريح [[حديث الثقلين]]، فيكون القول بالتحريف باطلاً جزماً. وقد دلّت هذه الروايات على اقتران [[أهل البيت عليهم السلام|العترة]] بالكتاب، وعلى أنّهما باقيان في الناس إلى يوم القيامة، فلا بدّ من وجود شخص يكون قريناً للكتاب، ولا بدّ من وجود الكتاب ليكون قريناً للعترة، حتى يردا على [[رسول الله|النبي]] {{صل}} الحوض، وليكون التمسّك بهما حفظا للأمّة عن الضلال<ref> انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 211، السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 107.</ref>. | ||
#روايات التمسّك بالقرآن<ref>انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب في تمثّل القرآن وشفاعته لأهله، | #روايات التمسّك بالقرآن<ref>انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب في تمثّل القرآن وشفاعته لأهله، ح 1-14، ص 598-602.</ref>: حيث توصينا هذه الروايات بالرجوع إلى القرآن عند الفتن والشدائد، وتصف القرآن بأنّه ملاذ حصين. فإذا كان الكتاب نفسه لم يسلم من فتن الزمان، فكيف يمكنه حماية الآخرين من أضرار الفتن؟ | ||
#روايات العرض على القرآن<ref>انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج1، المقدّمة، ص8، كتاب فضل العلم، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب، | #روايات العرض على القرآن<ref>انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج1، المقدّمة، ص8، كتاب فضل العلم، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب، ح 1-5، ص 69.</ref>: وردت روايات عن [[أهل البيت]] عليهم السلام جاء فيها: "إنّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه"، "كلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف"، "ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف"، "اعرضوها (أي الروايات) على كتاب الله، فما وافى كتاب الله عزّ وجلّ، فخذوه، وما خالف كتاب الله، فردّوه". | ||
ويفهم من مجموع هذه الروايات أنّ القرآن هو الميزان الحقّ الذي يعتمد عليه في كشف الحقّ من الباطل والتمييز بينهما. وعليه، فكلّ رواية تشير إلى تحريف القرآن، إذا تعذّر تأويلها وتوجيهها، تكون باطلة وموضوعة ولا اعتبار لها<ref>انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، | ويفهم من مجموع هذه الروايات أنّ القرآن هو الميزان الحقّ الذي يعتمد عليه في كشف الحقّ من الباطل والتمييز بينهما. وعليه، فكلّ رواية تشير إلى تحريف القرآن، إذا تعذّر تأويلها وتوجيهها، تكون باطلة وموضوعة ولا اعتبار لها<ref>انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 107-108.</ref>. | ||
#أمر الأئمّة عليهم السلام بقراءة سورة كاملة بعد [[سورة الفاتحة|الفاتحة]] في [[الصلاة]]: فلو كان القرآن محرّفاً، لما صحّ الأمر بالقراءة منه، ولكان الأمر بالقراءة منه لغواً وتكليفاً بغير المقدور للمكلّف. وهذا ما لا يلتزم به القائلون بالتحريف<ref> انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، | #أمر الأئمّة عليهم السلام بقراءة سورة كاملة بعد [[سورة الفاتحة|الفاتحة]] في [[الصلاة]]: فلو كان القرآن محرّفاً، لما صحّ الأمر بالقراءة منه، ولكان الأمر بالقراءة منه لغواً وتكليفاً بغير المقدور للمكلّف. وهذا ما لا يلتزم به القائلون بالتحريف<ref> انظر: السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص 214-215.</ref>. | ||
نعم، إنّ هذه الروايات لا تنهض بنفي دعوى وقوع نقص في القرآن بسورة كاملة أو أكثر من سورة. | نعم، إنّ هذه الروايات لا تنهض بنفي دعوى وقوع نقص في القرآن بسورة كاملة أو أكثر من سورة. | ||
#روايات تلاوة القرآن وفضلها وثوابها<ref> انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، | #روايات تلاوة القرآن وفضلها وثوابها<ref> انظر: الشيخ الكليني، الكافي، ج2، كتاب فضل القرآن، باب فضل حامل القرآن، ح 1-11، ص 603-606، باب من يتعلّم القرآن بمشقّة، ح 1-3، ص 606-607، باب ثواب قراءة القرآن، ح 1-7، ص 611-613، وما يليها.</ref>: إنّ مجموع هذه الروايات يفيد أنّ القرآن الموجود بين أيدينا غير محرّف، وإلا لكانت هذه الروايات لغواً، غير مقدور تحصيل ثوابها للمكلّف<ref> انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 108.</ref>. | ||
#روايات صيانة القرآن عن التحريف المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام: حيث تدلّ هذه الروايات على صيانة القرآن عن التحريف، ومنها: | #روايات صيانة القرآن عن التحريف المرويّة عن الأئمّة عليهم السلام: حيث تدلّ هذه الروايات على صيانة القرآن عن التحريف، ومنها: | ||
*ما روي عن [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}}: "ما بين الدفتين قرآن"<ref> انظر: مجموعة من المحدّثين: الأصول الستّة عشر، أصل حسين بن عثمان بن شريك العامري، ط2، قم المقدّسة، دار الشبستري للمطبوعات، مطبعة مهديه، 1405/ 1363هـ.ش، | *ما روي عن [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}}: "ما بين الدفتين قرآن"<ref> انظر: مجموعة من المحدّثين: الأصول الستّة عشر، أصل حسين بن عثمان بن شريك العامري، ط2، قم المقدّسة، دار الشبستري للمطبوعات، مطبعة مهديه، 1405/ 1363هـ.ش، ص 111.</ref>. | ||
*ما روي عن [[الإمام العسكري]] {{عليه السلام}}: "اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك: أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الإجماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون..."<ref>انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: الاحتجاج، تعليق محمد باقر الخرسان، لاط، النجف الأشرف، دار النعمان، 1386هـ.ق/ 1966م، | *ما روي عن [[الإمام العسكري]] {{عليه السلام}}: "اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك: أنّ القرآن حقّ لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الإجماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون..."<ref>انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: الاحتجاج، تعليق محمد باقر الخرسان، لاط، النجف الأشرف، دار النعمان، 1386هـ.ق/ 1966م، ج 2، ص 251.</ref>. | ||
===الدليل العقلي=== | ===الدليل العقلي=== |