مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام»
←الطفولة والفتوة والشباب
imported>Alkazale |
imported>Alkazale |
||
سطر ٦٤: | سطر ٦٤: | ||
===مرحلة الطفولة=== | ===مرحلة الطفولة=== | ||
[[ملف:حرم العباس عليه السلام 03.jpg|تصغير|يمين|حرم العباس عليه السلام]] | [[ملف:حرم العباس عليه السلام 03.jpg|تصغير|يمين|حرم العباس عليه السلام]] | ||
عاش العباس {{ع}} في كنف أبيه [[أمير المؤمنين]] {{ع}} وأخويه [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] و[[الإمام الحسين|الحسين]] {{هما}} ينهل من نمير علمهم ويرتوي من زلال رافدهم، ولم تكن كُلِّ البصائر في أبي الفضل {{ع}} اكتسابية، بل كان مجتبلاً من طينة القداسة التي مزيجها النور الإلهي، حتّى تكوّنت في صُلّب من هو مثال الحقّ، ذلك الذي لو كشف عنه الغطاء ما ازداد يقيناً، فلم يصل أبو الفضل {{ع}} إلى عالم الوجود إلاّ وهو معدن الذكاء والفطنة، وأُذن واعية للمعارف الإلهية، ومادة قابلة لصور الفضائل كُلّها، فاحتضنه حجر العلم والعمل، حجر اليقين والإيمان، وعادت أرومته الطيّبة هيكلاً للتوحيد، يغذّيه أبوه بالمعرفة، فتشرق عليه أنوار الملكوت، وأسرار اللاهوت، وتهبّ عليه نسمات الغيب، فيستنشق منها الحقائق.<ref>المُقرّم، كتاب العباس عليه السلام، | عاش العباس {{ع}} في كنف أبيه [[أمير المؤمنين]] {{ع}} وأخويه [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] و[[الإمام الحسين|الحسين]] {{هما}} ينهل من نمير علمهم ويرتوي من زلال رافدهم، ولم تكن كُلِّ البصائر في أبي الفضل {{ع}} اكتسابية، بل كان مجتبلاً من طينة القداسة التي مزيجها النور الإلهي، حتّى تكوّنت في صُلّب من هو مثال الحقّ، ذلك الذي لو كشف عنه الغطاء ما ازداد يقيناً، فلم يصل أبو الفضل {{ع}} إلى عالم الوجود إلاّ وهو معدن الذكاء والفطنة، وأُذن واعية للمعارف الإلهية، ومادة قابلة لصور الفضائل كُلّها، فاحتضنه حجر العلم والعمل، حجر اليقين والإيمان، وعادت أرومته الطيّبة هيكلاً للتوحيد، يغذّيه أبوه بالمعرفة، فتشرق عليه أنوار الملكوت، وأسرار اللاهوت، وتهبّ عليه نسمات الغيب، فيستنشق منها الحقائق.<ref>المُقرّم، كتاب العباس عليه السلام، ص 155.</ref> | ||
وقد أشار [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} إلى سمّو مرتبة العباس {{ع}} العلمية بقوله: «إنّ ولدي العبّاس زق العلم زقاً».<ref>الهاشمي النجفي، ثمرات الأعواد، | وقد أشار [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} إلى سمّو مرتبة العباس {{ع}} العلمية بقوله: «إنّ ولدي العبّاس زق العلم زقاً».<ref>الهاشمي النجفي، ثمرات الأعواد، ج 10، ص 105. الناصري، مولد العباس بن علي(ع)، ص 62.</ref> | ||
وقد رأت [[أم البنين|أُمّ البنين]] {{ع}} في بعض الأيام أنّ أميرَ المؤمنين {{عليه السلام}} أجلس أبا الفضل {{ع}} على فخذه، وشمّر عن ساعديه، وقبلهما وبكى، فأدهشها الحال؛ لأنّها لم تكن تعهد صبيّاً بتلك الشمائل العلوية ينظر إليه أبوه ويبكي، من دون سبب، ولمّا أخبرها أمير المؤمنين {{ع}} على ما سيحدث لهذين اليدين من القطع في نصرة [[الإمام الحسين|الحسين]] {{عليه السلام}}: «بكت وأعولت وشاركها مَن في الدار في الزفرة والحسرة، غير أنّ سيّد الأوصياء بشّرها بمكانة ولدها العزيز عند اللّه جلّ شأنه، وما حباه عن يديه بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل ذلك ل[[جعفر بن أبي طالب]]».<ref>الحسني، قمر بني هاشم، | وقد رأت [[أم البنين|أُمّ البنين]] {{ع}} في بعض الأيام أنّ أميرَ المؤمنين {{عليه السلام}} أجلس أبا الفضل {{ع}} على فخذه، وشمّر عن ساعديه، وقبلهما وبكى، فأدهشها الحال؛ لأنّها لم تكن تعهد صبيّاً بتلك الشمائل العلوية ينظر إليه أبوه ويبكي، من دون سبب، ولمّا أخبرها أمير المؤمنين {{ع}} على ما سيحدث لهذين اليدين من القطع في نصرة [[الإمام الحسين|الحسين]] {{عليه السلام}}: «بكت وأعولت وشاركها مَن في الدار في الزفرة والحسرة، غير أنّ سيّد الأوصياء بشّرها بمكانة ولدها العزيز عند اللّه جلّ شأنه، وما حباه عن يديه بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل ذلك ل[[جعفر بن أبي طالب]]».<ref>الحسني، قمر بني هاشم، ص 19؛ الناصري، مولد العباس بن علي(ع)، ص 60.</ref> | ||
===مرحلة الفتوة والشباب=== | ===مرحلة الفتوة والشباب=== | ||
بذل [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} قصارى جهده في إعداد ولده وتربيته على المثل العليا والأخلاق النبيلة التي دعت إليها الشريعة المحمدية.<ref>الناصري، مولد العباس بن علي(ع)، | بذل [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} قصارى جهده في إعداد ولده وتربيته على المثل العليا والأخلاق النبيلة التي دعت إليها الشريعة المحمدية.<ref>الناصري، مولد العباس بن علي(ع)، ص 60.</ref> وقد لازم العباس بن علي (ع) أباه أمير المؤمنين {{ع}} طيلة أربع عشرة سنة يستضيئ بنور علمه،<ref>الناصري، مولد العباس بن علي(ع)، ص 63.</ref> وسار في ركابه إبّان خلافته،<ref>المظفر، بطل العلقمي، ج 2، ص 6.</ref> ولم يتخلّف عن [[معركة صفين]] سنة [[37 هـ]] مع حداثة سنّه، وقد أبلى فيها بلاءً حسناً.<ref>الزنجاني، وسيلة الدارين، ص 269. الناصري، مولد العباس بن علي (ع)، ص 64.</ref> | ||
====الحضور في صفين==== | ====الحضور في صفين==== | ||
سطر ٨٠: | سطر ٨٠: | ||
إنّ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] لمّا نزل بجيشه على الفرات إبّان [[معركة صفين]] وجعلها في حيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها. وبعث [[أمير المؤمنين]] {{ع}} [[صعصعة بن صوحان]] إلى معاوية، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء، فرجع صعصعة فأخبره {{ع}} بما كان من إصرار جيش [[الشام]] على منعهم الماء!. | إنّ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] لمّا نزل بجيشه على الفرات إبّان [[معركة صفين]] وجعلها في حيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها. وبعث [[أمير المؤمنين]] {{ع}} [[صعصعة بن صوحان]] إلى معاوية، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء، فرجع صعصعة فأخبره {{ع}} بما كان من إصرار جيش [[الشام]] على منعهم الماء!. | ||
فلمَّا سمع [[الإمام علي|عليٌّ]] {{ع}} ذلك قال: «قاتلوهم على الماء»، فأرسل كتائب من عسكره، فتقاتلوا، واشتدَّ القتال، واستبسل أصحاب الإمام {{ع}} وفيهم الإمامين [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] و[[الإمام الحسين|الحسين]] والعباس بن علي {{هم}}، أشدَّ شجاعة، حتى خلَّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ {{ع}}.<ref>الحائري المازندراني، معالي السبطين، | فلمَّا سمع [[الإمام علي|عليٌّ]] {{ع}} ذلك قال: «قاتلوهم على الماء»، فأرسل كتائب من عسكره، فتقاتلوا، واشتدَّ القتال، واستبسل أصحاب الإمام {{ع}} وفيهم الإمامين [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] و[[الإمام الحسين|الحسين]] والعباس بن علي {{هم}}، أشدَّ شجاعة، حتى خلَّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ {{ع}}.<ref>الحائري المازندراني، معالي السبطين، ج 1، ص 437.</ref> | ||
=====مقارعة الأبطال===== | =====مقارعة الأبطال===== | ||
وممّا يروى: أنّه في بعض أيّام [[صفّين]] خرج من جيش [[أمير المؤمنين]] {{ع}} شاب على وجهه نقاب، تعلوه الهيبة، وتظهر عليه الشجاعة، يقدّر عمره بالسبع عشر سنة، يطلب المبارزة، فهابه الناس، وندب [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] إليه [[أبا الشعثاء]]، فقال: إنّ أهل [[الشام]] يعدّونني بألف فارس، ولكن أرسل إليه أحد أولادي، وكانوا سبعة، وكُلّما خرج أحد منهم قتله حتّى أتى عليهم، فساء ذلك أبا الشعثاء وأغضبه، ولمّا برز إليه ألحقه بهم، فهابه الجمع ولم يجرأ أحد على مبارزته، وتعجّب أصحاب أمير المؤمنين {{ع}} من هذه البسالة التي لاتعدو [[بني هاشم|الهاشميين]]، ولم يعرفوه لمكان نقابه، ولما رجع إلى مقرّه دعا أبوه أمير المؤمنين {{ع}}، وأزال النقاب عنه، فإذا هو قمر بني هاشم ولده العبّاس {{ع}}.<ref>المقرم، العباس (عليه السلام)، ص153. البيرجندي، الكبريت الأحمر، | وممّا يروى: أنّه في بعض أيّام [[صفّين]] خرج من جيش [[أمير المؤمنين]] {{ع}} شاب على وجهه نقاب، تعلوه الهيبة، وتظهر عليه الشجاعة، يقدّر عمره بالسبع عشر سنة، يطلب المبارزة، فهابه الناس، وندب [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] إليه [[أبا الشعثاء]]، فقال: إنّ أهل [[الشام]] يعدّونني بألف فارس، ولكن أرسل إليه أحد أولادي، وكانوا سبعة، وكُلّما خرج أحد منهم قتله حتّى أتى عليهم، فساء ذلك أبا الشعثاء وأغضبه، ولمّا برز إليه ألحقه بهم، فهابه الجمع ولم يجرأ أحد على مبارزته، وتعجّب أصحاب أمير المؤمنين {{ع}} من هذه البسالة التي لاتعدو [[بني هاشم|الهاشميين]]، ولم يعرفوه لمكان نقابه، ولما رجع إلى مقرّه دعا أبوه أمير المؤمنين {{ع}}، وأزال النقاب عنه، فإذا هو قمر بني هاشم ولده العبّاس {{ع}}.<ref>المقرم، العباس (عليه السلام)، ص153. البيرجندي، الكبريت الأحمر، ص 385.</ref> | ||
==أسرته== | ==أسرته== |