مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام»
ط
تعديل عناوين
imported>Maytham (تعديل تصنيفات: نقل من تصنيف:الإسلام إلى تصنيف:إسلام) |
imported>Nabavi ط (تعديل عناوين) |
||
سطر ٦٠: | سطر ٦٠: | ||
ولد العباس (ع) في الرابع من [[شعبان]] ''[[سنة 26 للهجرة|سنة 26 هـ]]'' في [[المدينة المنورة]]، وكانت شهادته في [[كربلاء]] يوم [[يوم عاشوراء|العاشر من المحرّم]] [[سنة 61 هـ]].<ref>ابن نما الحلي، مثير الأحزان، ص٢٥٤؛ السيد محسن امين، أعيان الشيعة، ج٧، ص٤٢٩.</ref> | ولد العباس (ع) في الرابع من [[شعبان]] ''[[سنة 26 للهجرة|سنة 26 هـ]]'' في [[المدينة المنورة]]، وكانت شهادته في [[كربلاء]] يوم [[يوم عاشوراء|العاشر من المحرّم]] [[سنة 61 هـ]].<ref>ابن نما الحلي، مثير الأحزان، ص٢٥٤؛ السيد محسن امين، أعيان الشيعة، ج٧، ص٤٢٩.</ref> | ||
== | ==الطفولة والفتوة والشباب== | ||
===مرحلة الطفولة=== | ===مرحلة الطفولة=== | ||
سطر ٧٤: | سطر ٧٤: | ||
بذل [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} قصارى جهده في إعداد ولده وتربيته على المثل العليا والأخلاق النبيلة التي دعت إليها الشريعة المحمدية.<ref>مولد العباس بن علي(ع)، ص ٦٠.</ref> وقد لازم العباس بن علي (ع) أباه أمير المؤمنين (ع) طيلة أربع عشرة سنة يستضيئ بنور علمه،<ref>مولد العباس بن علي(ع)، ص٦٣.</ref> وسار في ركابه إبّان خلافته،<ref>بطل العلقمي، ج ٢، ص٦.</ref> ولم يتخلّف عن [[معركة صفين]] سنة ۳۷ ق مع حداثة سنّه، وقد أبلى فيها بلاء حسناً.<ref>وسيلة الدارين، ص٢٦٩؛ مولد العباس بن علي (ع)، ص ٦٤.</ref> | بذل [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} قصارى جهده في إعداد ولده وتربيته على المثل العليا والأخلاق النبيلة التي دعت إليها الشريعة المحمدية.<ref>مولد العباس بن علي(ع)، ص ٦٠.</ref> وقد لازم العباس بن علي (ع) أباه أمير المؤمنين (ع) طيلة أربع عشرة سنة يستضيئ بنور علمه،<ref>مولد العباس بن علي(ع)، ص٦٣.</ref> وسار في ركابه إبّان خلافته،<ref>بطل العلقمي، ج ٢، ص٦.</ref> ولم يتخلّف عن [[معركة صفين]] سنة ۳۷ ق مع حداثة سنّه، وقد أبلى فيها بلاء حسناً.<ref>وسيلة الدارين، ص٢٦٩؛ مولد العباس بن علي (ع)، ص ٦٤.</ref> | ||
==== | ====الحضور في صفين==== | ||
=====كسر حلقة الحصار | =====كسر حلقة الحصار وإباحة الماء===== | ||
[[ملف:حرم العباس 04.jpg|تصغير|حرم أبي الفضل العباس عليه السلام]] | [[ملف:حرم العباس 04.jpg|تصغير|حرم أبي الفضل العباس عليه السلام]] | ||
إنّ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] لمّا نزل بجيشه على الفرات إبّان [[معركة صفين]] وجعلها في حيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها. وبعث أمير المؤمنين (ع) [[صعصعة بن صوحان]] إلى معاوية، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء، فرجع صعصعة فأخبره (ع) بما كان من إصرار جيش [[الشام]] على منعهم الماء!. | إنّ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] لمّا نزل بجيشه على الفرات إبّان [[معركة صفين]] وجعلها في حيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها. وبعث أمير المؤمنين (ع) [[صعصعة بن صوحان]] إلى معاوية، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء، فرجع صعصعة فأخبره (ع) بما كان من إصرار جيش [[الشام]] على منعهم الماء!. | ||
سطر ٨٢: | سطر ٨٢: | ||
فلمَّا سمع عليٌّ (ع) ذلك قال: «قاتلوهم على الماء»، فأرسل كتائب من عسكره، فتقاتلوا، واشتدَّ القتال، واستبسل أصحاب الإمام (ع) وفيهم الإمامين [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] و[[الإمام الحسين|الحسين]] والعباس بن علي (ع)، أشدَّ شجاعة، حتى خلَّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ (ع).<ref>الحائري المازندراني، معالي السبطين، ج١، ص٤٣٧.</ref> | فلمَّا سمع عليٌّ (ع) ذلك قال: «قاتلوهم على الماء»، فأرسل كتائب من عسكره، فتقاتلوا، واشتدَّ القتال، واستبسل أصحاب الإمام (ع) وفيهم الإمامين [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] و[[الإمام الحسين|الحسين]] والعباس بن علي (ع)، أشدَّ شجاعة، حتى خلَّوا بينهم وبين الماء، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ (ع).<ref>الحائري المازندراني، معالي السبطين، ج١، ص٤٣٧.</ref> | ||
===== | =====مقارعة الأبطال===== | ||
وممّا يروى: أنّه في بعض أيّام صفّين خرج من جيش [[أمير المؤمنين]] (ع) شاب على وجهه نقاب، تعلوه الهيبة، وتظهر عليه الشجاعة، يقدّر عمره بالسبع عشر سنة، يطلب المبارزة، فهابه الناس، وندب [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] إليه [[أبا الشعثاء]]، فقال: إنّ أهل [[الشام]] يعدّونني بألف فارس، ولكن أرسل إليه أحد أولادي، وكانوا سبعة، وكُلّما خرج أحد منهم قتله حتّى أتى عليهم، فساء ذلك أبا الشعثاء وأغضبه، ولمّا برز إليه ألحقه بهم، فهابه الجمع ولم يجرأ أحد على مبارزته، وتعجّب أصحاب أمير المؤمنين (ع) من هذه البسالة التي لاتعدو [[بني هاشم|الهاشميين]]، ولم يعرفوه لمكان نقابه، ولما رجع إلى مقرّه دعا أبوه أمير المؤمنين (ع)، وأزال النقاب عنه، فإذا هو قمر بني هاشم ولده العبّاس (ع).<ref>العباس (عليه السلام)، ص١٥٣؛ البيرجندي، الكبريت الأحمر، طهران، كتابفروشي اسلاميه، ١٣٧٧ ق.، ص٣٨٥.</ref> | وممّا يروى: أنّه في بعض أيّام صفّين خرج من جيش [[أمير المؤمنين]] (ع) شاب على وجهه نقاب، تعلوه الهيبة، وتظهر عليه الشجاعة، يقدّر عمره بالسبع عشر سنة، يطلب المبارزة، فهابه الناس، وندب [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] إليه [[أبا الشعثاء]]، فقال: إنّ أهل [[الشام]] يعدّونني بألف فارس، ولكن أرسل إليه أحد أولادي، وكانوا سبعة، وكُلّما خرج أحد منهم قتله حتّى أتى عليهم، فساء ذلك أبا الشعثاء وأغضبه، ولمّا برز إليه ألحقه بهم، فهابه الجمع ولم يجرأ أحد على مبارزته، وتعجّب أصحاب أمير المؤمنين (ع) من هذه البسالة التي لاتعدو [[بني هاشم|الهاشميين]]، ولم يعرفوه لمكان نقابه، ولما رجع إلى مقرّه دعا أبوه أمير المؤمنين (ع)، وأزال النقاب عنه، فإذا هو قمر بني هاشم ولده العبّاس (ع).<ref>العباس (عليه السلام)، ص١٥٣؛ البيرجندي، الكبريت الأحمر، طهران، كتابفروشي اسلاميه، ١٣٧٧ ق.، ص٣٨٥.</ref> | ||
سطر ٩٢: | سطر ٩٢: | ||
فأمّا الفضل فكان لسناً متكلّماً فصيحاً، شديد الدّين، عظيم الشجاعة، محتشماً عند الخلفاء، ويقال له: (ابن الهاشمية)؛ وأمّا حمزة وإبراهيم ويُعرف بـ (جردقة) فكانا من الفقهاء الأُدباء والزهّاد؛ وأمّا عبيد اللّه بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس السقاء {{عليه السلام}}، ففيه يقول محمّد بن يوسف الجعفري: «ما رأيت أحداً أهيب، ولا أهيأ، ولا أمرأ من عبيد اللّه بن الحسن، تولّى إمارة الحرمين مكة والمدينة والقضاء بهما أيّام المأمون [[سنة 204 للهجرة|سنة ۲۰۴ للهجرة]]؛ وأما العباس فقد عرف بالفصاحة والبلاغة والخطابة».<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ص ٢٨١.</ref> وكُلّهم أعقبوا أبناء أجلّاّء فضلاء أُدباء، منهم محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله من كبار شخصيات القرن الثالث الهجري.<ref>ابي نصر، سر السلسلة العلوية، ص٩٠؛ ابن عنبه، عمدة الطالب، صص ٢٨١و٢٨٢.</ref> | فأمّا الفضل فكان لسناً متكلّماً فصيحاً، شديد الدّين، عظيم الشجاعة، محتشماً عند الخلفاء، ويقال له: (ابن الهاشمية)؛ وأمّا حمزة وإبراهيم ويُعرف بـ (جردقة) فكانا من الفقهاء الأُدباء والزهّاد؛ وأمّا عبيد اللّه بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس السقاء {{عليه السلام}}، ففيه يقول محمّد بن يوسف الجعفري: «ما رأيت أحداً أهيب، ولا أهيأ، ولا أمرأ من عبيد اللّه بن الحسن، تولّى إمارة الحرمين مكة والمدينة والقضاء بهما أيّام المأمون [[سنة 204 للهجرة|سنة ۲۰۴ للهجرة]]؛ وأما العباس فقد عرف بالفصاحة والبلاغة والخطابة».<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ص ٢٨١.</ref> وكُلّهم أعقبوا أبناء أجلّاّء فضلاء أُدباء، منهم محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله من كبار شخصيات القرن الثالث الهجري.<ref>ابي نصر، سر السلسلة العلوية، ص٩٠؛ ابن عنبه، عمدة الطالب، صص ٢٨١و٢٨٢.</ref> | ||
==خصاله | ==خصاله ومناقبه== | ||
[[ملف:مقام كف العباس 02.jpg|تصغير|يمين|مقام كف العباس عليه السلام في كربلاء]] | [[ملف:مقام كف العباس 02.jpg|تصغير|يمين|مقام كف العباس عليه السلام في كربلاء]] | ||
====العباس في ركاب الإمام الحسن (ع)==== | ====العباس في ركاب الإمام الحسن (ع)==== | ||
سطر ١٠٢: | سطر ١٠٢: | ||
ومن أفضل الشواهد الدالة على مدى ملازمته لأخيه الحسن (ع) ما شهد به [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}} في زيارته لعمّه العباس (ع) التي جاء فيها: «فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء بما صبرت، واحتسبت، وأعنت فنعم عقبى الدار ...».<ref>كامل الزياراة، ص٧٨٦.</ref> | ومن أفضل الشواهد الدالة على مدى ملازمته لأخيه الحسن (ع) ما شهد به [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}} في زيارته لعمّه العباس (ع) التي جاء فيها: «فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء بما صبرت، واحتسبت، وأعنت فنعم عقبى الدار ...».<ref>كامل الزياراة، ص٧٨٦.</ref> | ||
=====العباس في كلمات | =====العباس في كلمات السجاد (ع)===== | ||
قد أثبت [[الإمام السجاد عليه السلام|الإمام السجاد]] {{عليه السلام}} لعمه العباس (ع) منزلة كبرى لم ينلها غيره من الشهداء ساوى بها عمّه [[جعفر الطيار|الطيار]]، فقال {{عليه السلام}}: «رحم اللّه عمّي العبّاس بن علي، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله اللّه عزّوجلّ جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، إنّ للعبّاس عند اللّه تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة».<ref>خصال شيخ صدوق، ج١، ص٦٨.</ref> | قد أثبت [[الإمام السجاد عليه السلام|الإمام السجاد]] {{عليه السلام}} لعمه العباس (ع) منزلة كبرى لم ينلها غيره من الشهداء ساوى بها عمّه [[جعفر الطيار|الطيار]]، فقال {{عليه السلام}}: «رحم اللّه عمّي العبّاس بن علي، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه، فأبدله اللّه عزّوجلّ جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، إنّ للعبّاس عند اللّه تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة».<ref>خصال شيخ صدوق، ج١، ص٦٨.</ref> | ||
=====العباس في كلمات | =====العباس في كلمات الصادق (ع)===== | ||
كان [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}} وهو العقل المبدع والمفكّر في [[الإسلام]] يشيد دوماً بعمّه العبّاس (ع)، ويثني ثناءً عاطراً ونديّاً على مواقفه البطولية [[يوم الطف|يوم الطفّ]]، وكان مما قاله في حقّه: «كان عمّي العبّاس بن علي (ع) نافذ البصيرة، صُلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين (ع)، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً.... أشهد، وأُشهد الله أنّك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذابّون عن أحبّائه».<ref>ابن عنبه؛ عمدة الطالب، ص٢٨٠؛ الأمين، ص٤٣٠.</ref> | كان [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}} وهو العقل المبدع والمفكّر في [[الإسلام]] يشيد دوماً بعمّه العبّاس (ع)، ويثني ثناءً عاطراً ونديّاً على مواقفه البطولية [[يوم الطف|يوم الطفّ]]، وكان مما قاله في حقّه: «كان عمّي العبّاس بن علي (ع) نافذ البصيرة، صُلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين (ع)، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً.... أشهد، وأُشهد الله أنّك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذابّون عن أحبّائه».<ref>ابن عنبه؛ عمدة الطالب، ص٢٨٠؛ الأمين، ص٤٣٠.</ref> | ||
=====العباس في كلمات | =====العباس في كلمات المهدي (عج)===== | ||
أدلى الإمام المصلح العظيم بقيّة الله في الأرض [[الإمام المهدي|قائم آل محمد]] {{صل}} بكلمة رائعة في حقّ عمّه العبّاس {{عليه السلام}} جاء فيها: «السلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه [[يزيد بن الرقاد]]، و[[حكيم بن الطفيل الطائي]]..».<ref>بطل العلقمي، ج ٢، ص ٣١١.</ref> | أدلى الإمام المصلح العظيم بقيّة الله في الأرض [[الإمام المهدي|قائم آل محمد]] {{صل}} بكلمة رائعة في حقّ عمّه العبّاس {{عليه السلام}} جاء فيها: «السلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه [[يزيد بن الرقاد]]، و[[حكيم بن الطفيل الطائي]]..».<ref>بطل العلقمي، ج ٢، ص ٣١١.</ref> | ||
===معرفته بإمام زمانه وانقياده له=== | ===معرفته بإمام زمانه وانقياده له=== | ||
عُرف العباس بن علي {{عليه السلام}} بوعيه العميق لنظرية [[الإمامة]] وطاعته المطلقة وانقياده التام لإمام زمانه، وهناك دلائل ومؤشرات تكشف عن هذه الخصوصية عنده (ع)، منها: | عُرف العباس بن علي {{عليه السلام}} بوعيه العميق لنظرية [[الإمامة]] وطاعته المطلقة وانقياده التام لإمام زمانه، وهناك دلائل ومؤشرات تكشف عن هذه الخصوصية عنده (ع)، منها: | ||
سطر ١٤٩: | سطر ١٤٨: | ||
فقال له العبّاس (ع): «تبت يداك ولعن ما جئت به من أمانك يا عدو الله! أتامرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة (ع)، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! أتؤمننا وابن رسول الله (ص) لا أمان له؟!».<ref>ابن أعثم، الفتوح، ج٥، ص٩٤؛ الحائري، معالي السبطين، ج١، ص٤٣٣؛ أبي مخنف، وقعة الطف، صص٢٢٠و٢١٩.</ref> | فقال له العبّاس (ع): «تبت يداك ولعن ما جئت به من أمانك يا عدو الله! أتامرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة (ع)، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! أتؤمننا وابن رسول الله (ص) لا أمان له؟!».<ref>ابن أعثم، الفتوح، ج٥، ص٩٤؛ الحائري، معالي السبطين، ج١، ص٤٣٣؛ أبي مخنف، وقعة الطف، صص٢٢٠و٢١٩.</ref> | ||
==العباس (ع) | ==العباس (ع) في عاشوراء== | ||
===السقاية=== | ===السقاية=== | ||
سطر ١٦٠: | سطر ١٥٩: | ||
وقد تكرر ذلك منه (ع) يوم [[عاشوراء|العاشر من المحرم]] حيث كسر الحصار المضروب على نهر العلقمي، واقتحم النهر إلاّ أنّه (ع) وفي طريق عودته واجه مقاومة من العدو، واصيبت القربة وأريق ماؤها. | وقد تكرر ذلك منه (ع) يوم [[عاشوراء|العاشر من المحرم]] حيث كسر الحصار المضروب على نهر العلقمي، واقتحم النهر إلاّ أنّه (ع) وفي طريق عودته واجه مقاومة من العدو، واصيبت القربة وأريق ماؤها. | ||
===ممثل | ===ممثل الحسين (ع)=== | ||
[[ملف:القربة خلف حرم العباس عليه السلام.jpg|تصغير|يمين|القربة خلف حرم العباس عليه السلام]] | [[ملف:القربة خلف حرم العباس عليه السلام.jpg|تصغير|يمين|القربة خلف حرم العباس عليه السلام]] | ||
روى أرباب المقاتل أن [[عمر بن سعد]] نهض لحرب الحسين {{عليه السلام}} عشية يوم الخميس لتسع مضين من المحرم ونادى «يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري»، فركب العسكر، وزحف نحو الحسين (ع)، فقال العبّاس (ع): «يا أخي، أتاك القوم». فنهض (ع)، وأمر العبّاس (ع) بالرّكوب إليهم، وقال: «قل لهم مالكم وما بدا لكم؟» فأتاهم العبّاس (ع) في نحو من عشرين فارساً، فقال لهم: «ما بدا لكم، وما تُريدون ؟!» قالوا: «قد جاء أمر الأمير أن نَعْرض عليكم أن تنزلوا على حُكمه أو نناجزكم». | روى أرباب المقاتل أن [[عمر بن سعد]] نهض لحرب الحسين {{عليه السلام}} عشية يوم الخميس لتسع مضين من المحرم ونادى «يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري»، فركب العسكر، وزحف نحو الحسين (ع)، فقال العبّاس (ع): «يا أخي، أتاك القوم». فنهض (ع)، وأمر العبّاس (ع) بالرّكوب إليهم، وقال: «قل لهم مالكم وما بدا لكم؟» فأتاهم العبّاس (ع) في نحو من عشرين فارساً، فقال لهم: «ما بدا لكم، وما تُريدون ؟!» قالوا: «قد جاء أمر الأمير أن نَعْرض عليكم أن تنزلوا على حُكمه أو نناجزكم». | ||
سطر ١٦٦: | سطر ١٦٥: | ||
قال: «فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبدالله فأعرضَ عليه ما ذَكَرْتُم». فأقبل العبّاس {{عليه السلام}} إلى الحسين (ع)، فأخبره بما قال القوم، قال: «إرْجِعْ إليهم، فإن استطعتَ أَنْ تؤخّرهم وتدفعهم عنّا هذه العشيّة لعلّنا نُصلّي لربّنا اللّيلة وندعوه ونستغفره» فمضى العبّاس (ع) إلى القوم، وسألهم ذلك. فأمر ابن سعد مُناديه فنادى: «قد أجّلنا حسيناً وأصحابه يومهم وليلتهم».<ref>الإرشاد، ص٣٣٥؛ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج٤، ص٩٨؛ بحار الأنوار، ج٤٤، ص٣٩١؛ الطبرسي، أعلام الورى، ج١ ص٤٥٤ و٤٥٥؛ تاريخ الطبري، ج٥، ص٤١٦؛ أعيان الشيعة، ج٧، ص٤٣٠.</ref> | قال: «فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبدالله فأعرضَ عليه ما ذَكَرْتُم». فأقبل العبّاس {{عليه السلام}} إلى الحسين (ع)، فأخبره بما قال القوم، قال: «إرْجِعْ إليهم، فإن استطعتَ أَنْ تؤخّرهم وتدفعهم عنّا هذه العشيّة لعلّنا نُصلّي لربّنا اللّيلة وندعوه ونستغفره» فمضى العبّاس (ع) إلى القوم، وسألهم ذلك. فأمر ابن سعد مُناديه فنادى: «قد أجّلنا حسيناً وأصحابه يومهم وليلتهم».<ref>الإرشاد، ص٣٣٥؛ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج٤، ص٩٨؛ بحار الأنوار، ج٤٤، ص٣٩١؛ الطبرسي، أعلام الورى، ج١ ص٤٥٤ و٤٥٥؛ تاريخ الطبري، ج٥، ص٤١٦؛ أعيان الشيعة، ج٧، ص٤٣٠.</ref> | ||
=== | ===الحفاظ على المخيم=== | ||
مع أن العباس {{عليه السلام}} كان قد أخذ من القوم عهدا بتأجيل المعركة إلى الغد إلاّ أنّه بقي تلك الليلة يحرس الخيام، ويدور في وسطها.<ref>بحر العلوم، مقتل الحسين(ع)، ص٣١٤؛ معالي السبطين، ج١، ص٤٤٣.</ref> وقام [[زهير بن قين البجلي|زهير بن القين]] إلى العبّاس (ع) فحدّثه بحديث، قال فيه: «إنّ أباك [[أمير المؤمنين]] (ع) طلب من أخيه [[عقيل بن أبي طالب|عقيل]] - وكان عارفاً بأنساب العرب وأخبارها - أن يختار له امرأة ولدتها الفحولة من العرب، وذوو الشجاعة منهم، ليتزوّجها؛ فتلد غلاماً فارساً شجاعاً، ينصر [[الإمام الحسين|الحسين]] (ع) بطفّ [[كربلاء]]، وقد ادّخرك أبوك لمثل هذا اليوم، فلا تقصّر عن نصرة أخيك وحماية إخوتك». | مع أن العباس {{عليه السلام}} كان قد أخذ من القوم عهدا بتأجيل المعركة إلى الغد إلاّ أنّه بقي تلك الليلة يحرس الخيام، ويدور في وسطها.<ref>بحر العلوم، مقتل الحسين(ع)، ص٣١٤؛ معالي السبطين، ج١، ص٤٤٣.</ref> وقام [[زهير بن قين البجلي|زهير بن القين]] إلى العبّاس (ع) فحدّثه بحديث، قال فيه: «إنّ أباك [[أمير المؤمنين]] (ع) طلب من أخيه [[عقيل بن أبي طالب|عقيل]] - وكان عارفاً بأنساب العرب وأخبارها - أن يختار له امرأة ولدتها الفحولة من العرب، وذوو الشجاعة منهم، ليتزوّجها؛ فتلد غلاماً فارساً شجاعاً، ينصر [[الإمام الحسين|الحسين]] (ع) بطفّ [[كربلاء]]، وقد ادّخرك أبوك لمثل هذا اليوم، فلا تقصّر عن نصرة أخيك وحماية إخوتك». | ||
سطر ١٨٤: | سطر ١٨٣: | ||
ولما اشتدّ العطش قال الإمام لـخيه العباس {{عليه السلام}}: «لأجمع أهل بيتك، واحفروا بئراً» ففعلوا ذلك، فوجدوا فيها صخرة، ثم حفروا أخرى، فوجدوها كذلك، ثم قال له: «امض إلى الفرات، وآتينا الماء»، فقال: «سمعا وطاعة»، فضّم إليه الرجال، فمنعهم جيش [[عمر بن سعد]]، فحمل عليهم العباس (ع)، فقتل رجالاً من الأعداء حتى كشفهم عن المشرعة، ودفعهم عنها.<ref>ينابيع المودة، ج٢، ص٣٤٠؛ المقتل المحرّف المنسوب لأبي مخنف ص٥٧؛ بطل العلقمي، ج٢، ص٣٥٧.</ref> | ولما اشتدّ العطش قال الإمام لـخيه العباس {{عليه السلام}}: «لأجمع أهل بيتك، واحفروا بئراً» ففعلوا ذلك، فوجدوا فيها صخرة، ثم حفروا أخرى، فوجدوها كذلك، ثم قال له: «امض إلى الفرات، وآتينا الماء»، فقال: «سمعا وطاعة»، فضّم إليه الرجال، فمنعهم جيش [[عمر بن سعد]]، فحمل عليهم العباس (ع)، فقتل رجالاً من الأعداء حتى كشفهم عن المشرعة، ودفعهم عنها.<ref>ينابيع المودة، ج٢، ص٣٤٠؛ المقتل المحرّف المنسوب لأبي مخنف ص٥٧؛ بطل العلقمي، ج٢، ص٣٥٧.</ref> | ||
===تقديم أخوته | ===تقديم أخوته للقتال=== | ||
لقد كان من نفوذ بصيرة العبّاس (ع) أنّه لم تقنعه هاتيك التضحية المشهودة منه، والجهاد البالغ حدّه، حتّى راقه أن يفوز بتجهيز المجاهدين في ذلك المأزق الحرج، والدعوة إلى السعادة الخالدة في رضوان اللّه الأكبر، وأن يحظى بأُجور الصابرين، على ما يَلمّ به من المصاب بفقد الأحبة، فدعا أُخوته من أُمه وأبيه وهم [[عبد الله بن علي بن أبي طالب|عبد اللّه]]، و[[جعفر بن علي بن أبي طالب|جعفر]]، و[[عثمان بن علي بن أبي طالب|عثمان]] وقال لهم: «تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله. فكانوا كما شاء ظنّه الحسن بهم، حيث لم يألوا جهداً في الذبّ عن قدس الدين، حتّى قضوا كراماً متلفّعين بدم الشهادة».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج٤٥، ص٣٨؛ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص٥٤؛ الطبرسي، أعلام الورى، ج١، ص٤٦٦؛ المفيد، الإرشاد، ص ٣٤٨؛ وانظر: كتاب العباس عليه السلام، ص۱۸۲.</ref> | لقد كان من نفوذ بصيرة العبّاس (ع) أنّه لم تقنعه هاتيك التضحية المشهودة منه، والجهاد البالغ حدّه، حتّى راقه أن يفوز بتجهيز المجاهدين في ذلك المأزق الحرج، والدعوة إلى السعادة الخالدة في رضوان اللّه الأكبر، وأن يحظى بأُجور الصابرين، على ما يَلمّ به من المصاب بفقد الأحبة، فدعا أُخوته من أُمه وأبيه وهم [[عبد الله بن علي بن أبي طالب|عبد اللّه]]، و[[جعفر بن علي بن أبي طالب|جعفر]]، و[[عثمان بن علي بن أبي طالب|عثمان]] وقال لهم: «تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه ولرسوله. فكانوا كما شاء ظنّه الحسن بهم، حيث لم يألوا جهداً في الذبّ عن قدس الدين، حتّى قضوا كراماً متلفّعين بدم الشهادة».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج٤٥، ص٣٨؛ أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص٥٤؛ الطبرسي، أعلام الورى، ج١، ص٤٦٦؛ المفيد، الإرشاد، ص ٣٤٨؛ وانظر: كتاب العباس عليه السلام، ص۱۸۲.</ref> | ||
سطر ١٩٦: | سطر ١٩٥: | ||
والثالث عبد الله بن عقبة الغنوي، الذي فرّ مذعوراً عن مبارزته بعد أن كان مصراً عليها.<ref>الكبريت الأحمر، ص٣٨٧.</ref> | والثالث عبد الله بن عقبة الغنوي، الذي فرّ مذعوراً عن مبارزته بعد أن كان مصراً عليها.<ref>الكبريت الأحمر، ص٣٨٧.</ref> | ||
== | ==استشهاده== | ||
[[ملف:مقام كف العباس01.JPG|تصغير|مقام كف العباس عليه السلام في كربلاء]] | [[ملف:مقام كف العباس01.JPG|تصغير|مقام كف العباس عليه السلام في كربلاء]] | ||
سطر ٢٠٥: | سطر ٢٠٤: | ||
فيما قررها [[ابن شهر آشوب]] بقوله: «وكان العباس (ع) السقاء قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين {{عليه السلام}} وهو أكبر الأخوان، مضى يطلب الماء، فحملوا عليه وحمل عليهم حتى ضعف بدنه، فكمن له [[حكيم بن طفيل الطائي]] السنبسي، فضربه على يمينه، فأخذ السيف بشماله».<ref>المقرم، حادثه كربلا در مقتل مقرم، ص٢٦٢.</ref> | فيما قررها [[ابن شهر آشوب]] بقوله: «وكان العباس (ع) السقاء قمر بني هاشم صاحب لواء الحسين {{عليه السلام}} وهو أكبر الأخوان، مضى يطلب الماء، فحملوا عليه وحمل عليهم حتى ضعف بدنه، فكمن له [[حكيم بن طفيل الطائي]] السنبسي، فضربه على يمينه، فأخذ السيف بشماله».<ref>المقرم، حادثه كربلا در مقتل مقرم، ص٢٦٢.</ref> | ||
حمل وهو يرتجز: | |||
{{بداية قصيدة}} | {{بداية قصيدة}} | ||
{{بيت|يا نفس لا تخشي من الكفار | وأبشري برحمة الجبار}} | {{بيت|يا نفس لا تخشي من الكفار | وأبشري برحمة الجبار}} |