مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإمام علي الهادي عليه السلام»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ahmadnazem |
imported>Ahmadnazem لا ملخص تعديل |
||
سطر ٩٢: | سطر ٩٢: | ||
وكانت شهادة الإمام {{عليه السلام}} مسموماً في آخر ملك المعتز، ودفن في داره ب[[سامراء|سر من رأى]].<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 4، ص 40.</ref> | وكانت شهادة الإمام {{عليه السلام}} مسموماً في آخر ملك المعتز، ودفن في داره ب[[سامراء|سر من رأى]].<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 4، ص 40.</ref> | ||
==موقف المتوكل | ==موقف المتوكل منه== | ||
كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي [[المتوكل]] لسدة [[الخلافة]] قائمة على تأييد [[المعتزلة]] ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها [[المأمون العباسي]] من قبلُ في مقابل التضييق على [[أهل الحديث]]، مما وفّر الأرضية المناسبة لتحرك [[العلوية|العلويين]] سياسياً، إلاّ أنّ تسنم المتوكل لمسند الخلافة قلب الأمور على عقب، وعادت السطحية في التفكير والتضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى الاتجاه المعاكس لهم المتمثل بالمعتزلة و[[الشيعة]] مع التضييق عليهم بشدة. | كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي [[المتوكل]] لسدة [[الخلافة]] قائمة على تأييد [[المعتزلة]] ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها [[المأمون العباسي]] من قبلُ في مقابل التضييق على [[أهل الحديث]]، مما وفّر الأرضية المناسبة لتحرك [[العلوية|العلويين]] سياسياً، إلاّ أنّ تسنم المتوكل لمسند الخلافة قلب الأمور على عقب، وعادت السطحية في التفكير والتضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى الاتجاه المعاكس لهم المتمثل بالمعتزلة و[[الشيعة]] مع التضييق عليهم بشدة. | ||
{{Quote box | {{Quote box | ||
سطر ١١٦: | سطر ١١٦: | ||
}} | }} | ||
وقد أشار [[أبو الفرج الأصفهاني]] إلى موقف المتوكل هذا ووزيره [[عبيد الله بن يحيى بن خاقان]] بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على [[آل أبي طالب]]، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، فحسّن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء [[بني العباس]] قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين {{عليه السلام}} وعفى أثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له، لا يجدون أحداً زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة.<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 478 .</ref> وما ذلك إلاّ للمنزلة الكبيرة التي حظي بها مرقد الإمام الحسين {{عليه السلام}} في قلوب المؤمنين حتى أنّه يمثل الرمز العاطفي للربط بين الشيعة و[[أئمة الشيعة|أئمتهم]] (ع). | وقد أشار [[أبو الفرج الأصفهاني]] إلى موقف المتوكل هذا ووزيره [[عبيد الله بن يحيى بن خاقان]] بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على [[آل أبي طالب]]، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، فحسّن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء [[بني العباس]] قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين {{عليه السلام}} وعفى أثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له، لا يجدون أحداً زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة.<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 478 .</ref> وما ذلك إلاّ للمنزلة الكبيرة التي حظي بها مرقد الإمام الحسين {{عليه السلام}} في قلوب المؤمنين حتى أنّه يمثل الرمز العاطفي للربط بين الشيعة و[[أئمة الشيعة|أئمتهم]] (ع). | ||
=== | ===استدعاؤه إلى سامراء=== | ||
سار [[المتوكل]] على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة [[أهل البيت]] (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى دار [[الخلافة]] في [[سامراء]] وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه {{عليه السلام}}.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج 2، ص 493.</ref> | سار [[المتوكل]] على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة [[أهل البيت]] (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى دار [[الخلافة]] في [[سامراء]] وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه {{عليه السلام}}.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج 2، ص 493.</ref> | ||
سطر ١٣٤: | سطر ١٣٤: | ||
وأقام أبو الحسن {{عليه السلام}} بـ[[سامراء|سر من رأى]] أكثر من عشرين سنة، وكان - كما ذكر [[الشيخ المفيد]] - مكرماً في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيله به، فلا يتمكن من ذلك.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 649.</ref> وقد تمكن الإمام {{عليه السلام}} طيلة وجوده في سامراء من النفوذ إلى قلوب الناس وانتزاع إعجاب كبار العلماء والمؤرخين من مسلمين وغيرهم على اختلاف نزعاتهم ونحلهم وميولهم من عبارات التقدير والإكبار لشخصه الكريم وشخصيته الفذة، والتي تمثل بعض صفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة، وتفوّقه على سائر المعاصرين له، فلم ير مثله في عبادته وتهجده وطاعته لربه بالإضافة إلى زهده وتقواه، وحسن سيرته، وسلوكه القويم، ورسوخ اليقين في نفسه، وعلمه الجم وحكمته، وفصاحته وبلاغته.<ref>الشاكري، كتاب الإمام علي الهادي عليه السلام، ص 455.</ref> | وأقام أبو الحسن {{عليه السلام}} بـ[[سامراء|سر من رأى]] أكثر من عشرين سنة، وكان - كما ذكر [[الشيخ المفيد]] - مكرماً في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيله به، فلا يتمكن من ذلك.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 649.</ref> وقد تمكن الإمام {{عليه السلام}} طيلة وجوده في سامراء من النفوذ إلى قلوب الناس وانتزاع إعجاب كبار العلماء والمؤرخين من مسلمين وغيرهم على اختلاف نزعاتهم ونحلهم وميولهم من عبارات التقدير والإكبار لشخصه الكريم وشخصيته الفذة، والتي تمثل بعض صفاته الرفيعة وسجاياه الحميدة، وتفوّقه على سائر المعاصرين له، فلم ير مثله في عبادته وتهجده وطاعته لربه بالإضافة إلى زهده وتقواه، وحسن سيرته، وسلوكه القويم، ورسوخ اليقين في نفسه، وعلمه الجم وحكمته، وفصاحته وبلاغته.<ref>الشاكري، كتاب الإمام علي الهادي عليه السلام، ص 455.</ref> | ||
===نماذج من حركات المتوكل ضد الإمام | ===نماذج من حركات المتوكل ضد الإمام=== | ||
إنّ [[المتوكل]] وإنْ حاول التظاهر بإكرام الإمام {{عليه السلام}} وتبجيله إلاّ أنّه بذل قصارى جهده للتقليل من مكانة الإمام {{عليه السلام}} والحطّ من منزلته بطريقة خفية في الأوساط العلمية والاجتماعية مظهراً للناس أنّه أحد رجال القصر والخادمين للسلطان، وأنّه لا يختلف عن غيره من هذه الحيثية.<ref>الطبرسي، أعلام الورى، ج 2، ص 126.</ref> | إنّ [[المتوكل]] وإنْ حاول التظاهر بإكرام الإمام {{عليه السلام}} وتبجيله إلاّ أنّه بذل قصارى جهده للتقليل من مكانة الإمام {{عليه السلام}} والحطّ من منزلته بطريقة خفية في الأوساط العلمية والاجتماعية مظهراً للناس أنّه أحد رجال القصر والخادمين للسلطان، وأنّه لا يختلف عن غيره من هذه الحيثية.<ref>الطبرسي، أعلام الورى، ج 2، ص 126.</ref> | ||
سطر ١٦٧: | سطر ١٦٧: | ||
وروى هذا المعنى [[العياشي]] في تفسيره عن الإمامين [[الإمام الباقر عليه السلام|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه {{صل}}».<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 2 ، ص 244.</ref> | وروى هذا المعنى [[العياشي]] في تفسيره عن الإمامين [[الإمام الباقر عليه السلام|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه {{صل}}».<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 2 ، ص 244.</ref> | ||
===الإمام | ===الإمام الهادي ومسألة خلق القرآن=== | ||
من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها [[الإسلام|المسلمون]] في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة [[خلق القرآن]]، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين. | من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها [[الإسلام|المسلمون]] في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة [[خلق القرآن]]، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين. | ||
سطر ١٩١: | سطر ١٩١: | ||
هذه الزيارة من أشهر زيارات [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة الطاهرين]] (ع) وأعلاها شأناً وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، فقد حظيت بأهمية خاصة بين الأدعية والزيارات المأثورة عن أئمة الهدى (ع)، وقد أقبل أتباع [[أهل البيت]] (ع) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (ع) بها؛ لأنها تشتمل على كلام فريد يزخر بالمعارف الإلهية السامية، ويبيّن حقيقة [[الإمام]] الذي يمثل الحجّة التامة للحق على جميع العالمين، والجامع لكل الخير والمحاسن، والنموذج الكامل للإنسان، وقد جاء كل ذلك في أرقى مراتب البلاغة والفصاحة.<ref>الشاكري، سيرة الإمام الهادي (ع)، ص 143.</ref> | هذه الزيارة من أشهر زيارات [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة الطاهرين]] (ع) وأعلاها شأناً وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً، فقد حظيت بأهمية خاصة بين الأدعية والزيارات المأثورة عن أئمة الهدى (ع)، وقد أقبل أتباع [[أهل البيت]] (ع) وشيعتهم على حفظها وزيارة الأئمة (ع) بها؛ لأنها تشتمل على كلام فريد يزخر بالمعارف الإلهية السامية، ويبيّن حقيقة [[الإمام]] الذي يمثل الحجّة التامة للحق على جميع العالمين، والجامع لكل الخير والمحاسن، والنموذج الكامل للإنسان، وقد جاء كل ذلك في أرقى مراتب البلاغة والفصاحة.<ref>الشاكري، سيرة الإمام الهادي (ع)، ص 143.</ref> | ||
== | ==تعامله مع الشيعة== | ||
اعتمد الإمام الهادي {{عليه السلام}} وكلاءه الموزعين على المناطق التي يقطنها أتباع مدرسة [[أهل البيت]] (ع) وخاصة في [[ايران]]، وسيلة للتواصل معهم ومواجهة [[الغلاة]] أينما كانوا. | اعتمد الإمام الهادي {{عليه السلام}} وكلاءه الموزعين على المناطق التي يقطنها أتباع مدرسة [[أهل البيت]] (ع) وخاصة في [[ايران]]، وسيلة للتواصل معهم ومواجهة [[الغلاة]] أينما كانوا. | ||
===نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي | ===نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي=== | ||
رغم التشديد والحصار الذي فرض على [[الشيعة]] في آخريات عصر [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (ع) والمتثمل بموقف خلفاء [[بني العباس]] من أتباع مدرسة [[أهل البيت]] (ع)، عمل الإمام الهادي {{عليه السلام}} على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة ك[[إيران]] و[[مصر]] و[[اليمن]] و[[العراق]]، حيث عمد إلى اتخاذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم ليكونوا الواسطة بينه وبين الشيعة في التواصل المعرفي ومعالجة المعضلات [[الكلام|الكلامية]] و[[الفقه|الفقهية]] و[[التفسير|التفسيرية]] و... بالإضافة إلى استلام الحقوق الشرعية وإيصالها إلى الإمام {{عليه السلام}}، وربط الشيعة بالإمام الفعلي وتوجيههم إلى الإمام اللاحق عند رحيل السابق. | رغم التشديد والحصار الذي فرض على [[الشيعة]] في آخريات عصر [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (ع) والمتثمل بموقف خلفاء [[بني العباس]] من أتباع مدرسة [[أهل البيت]] (ع)، عمل الإمام الهادي {{عليه السلام}} على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة ك[[إيران]] و[[مصر]] و[[اليمن]] و[[العراق]]، حيث عمد إلى اتخاذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم ليكونوا الواسطة بينه وبين الشيعة في التواصل المعرفي ومعالجة المعضلات [[الكلام|الكلامية]] و[[الفقه|الفقهية]] و[[التفسير|التفسيرية]] و... بالإضافة إلى استلام الحقوق الشرعية وإيصالها إلى الإمام {{عليه السلام}}، وربط الشيعة بالإمام الفعلي وتوجيههم إلى الإمام اللاحق عند رحيل السابق. | ||
سطر ٢١٤: | سطر ٢١٤: | ||
ويحتمل من رواية [[الكشي]] حول [[إسماعيل بن إسحاق النيشابوي]] أن [[أحمد بن إسحاق الرازي]] هو الآخر كان من وكلاء الإمام الهادي {{عليه السلام}}.<ref>العطاردي، مسند الإمام الهادي ص 320.</ref> | ويحتمل من رواية [[الكشي]] حول [[إسماعيل بن إسحاق النيشابوي]] أن [[أحمد بن إسحاق الرازي]] هو الآخر كان من وكلاء الإمام الهادي {{عليه السلام}}.<ref>العطاردي، مسند الإمام الهادي ص 320.</ref> | ||
===الإمام الهادي | ===الإمام الهادي والشيعة في ايران=== | ||
كان العنصر [[الكوفة|الكوفي]] هو الغالب على [[الشيعة]] في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب [[قم|القمي]] في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة منذ عصر الإمامين [[الإمام الباقر|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، ويرجع الكثير منهم إلى العرب الأشعرية الذين هاجروا إلى مدينة قم. ورويداً رويداً أخذ انتشار [[التشيع]] في الوسط [[ايران|الايراني]] عامّة والقمّي خاصة يزداد حتى تحولت قم في عهد الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى مركز رئيسي من مراكز التشيع التي تربطها بالأئمة علاقات وثيقة، وكان الطابع العام للتشيع القمّي الاعتدال والوسطية في النظرة إلى الأئمة خلافاً للمدرسة الكوفية التي انتشر فيها الغلو. | كان العنصر [[الكوفة|الكوفي]] هو الغالب على [[الشيعة]] في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب [[قم|القمي]] في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة منذ عصر الإمامين [[الإمام الباقر|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، ويرجع الكثير منهم إلى العرب الأشعرية الذين هاجروا إلى مدينة قم. ورويداً رويداً أخذ انتشار [[التشيع]] في الوسط [[ايران|الايراني]] عامّة والقمّي خاصة يزداد حتى تحولت قم في عهد الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى مركز رئيسي من مراكز التشيع التي تربطها بالأئمة علاقات وثيقة، وكان الطابع العام للتشيع القمّي الاعتدال والوسطية في النظرة إلى الأئمة خلافاً للمدرسة الكوفية التي انتشر فيها الغلو. | ||
سطر ٢٣٥: | سطر ٢٣٥: | ||
وهناك روايات تشير إلى وصول بعض [[الهمدان|الهمدانيين]] إلى نيل الوكالة من الإمام الهادي {{عليه السلام}}.<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 610 .</ref> | وهناك روايات تشير إلى وصول بعض [[الهمدان|الهمدانيين]] إلى نيل الوكالة من الإمام الهادي {{عليه السلام}}.<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 610 .</ref> | ||
===موقف الإمام الهادي | ===موقف الإمام الهادي من الغلاة=== | ||
اتخذ [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة الأطهار]] وشيعتهم مواقف صريحة من [[الغلو]] والغلاة.<ref>الشاكري، الإمام علي الهادي (ع)، ص 257.</ref> وكان للإمام الهادي {{عليه السلام}} موقف صارم منهم لانتشارهم في عصره، ومن الغلاة المعاصرين للإمام الهادي: {{عليه السلام}} [[علي بن حسكة]] وتلامذته [[القاسم الشعراني اليقطيني]]،<ref>العطاردي، مسند الإمام الهادي عليه السلام، ص 518.</ref> و[[القاسم بن يقطين]]، و[[الحسن بن محمد بن باب القمي]]، و[[فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني]]، و[[محمد بن نصير الفهري النميري]]، و[[محمد بن موسى الشريفي]]. | اتخذ [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة الأطهار]] وشيعتهم مواقف صريحة من [[الغلو]] والغلاة.<ref>الشاكري، الإمام علي الهادي (ع)، ص 257.</ref> وكان للإمام الهادي {{عليه السلام}} موقف صارم منهم لانتشارهم في عصره، ومن الغلاة المعاصرين للإمام الهادي: {{عليه السلام}} [[علي بن حسكة]] وتلامذته [[القاسم الشعراني اليقطيني]]،<ref>العطاردي، مسند الإمام الهادي عليه السلام، ص 518.</ref> و[[القاسم بن يقطين]]، و[[الحسن بن محمد بن باب القمي]]، و[[فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني]]، و[[محمد بن نصير الفهري النميري]]، و[[محمد بن موسى الشريفي]]. | ||
سطر ٢٥٠: | سطر ٢٥٠: | ||
ومنهم أيضاً [[حسين بن عبيدالله المحرّر]] الذي أخرج من مدينة [[قم]] لغلوه.<ref>الطوسي، تاریخ الكشي، ص 512</ref> | ومنهم أيضاً [[حسين بن عبيدالله المحرّر]] الذي أخرج من مدينة [[قم]] لغلوه.<ref>الطوسي، تاریخ الكشي، ص 512</ref> | ||
== | ==شهادته== | ||
قبض {{عليه السلام}} مسموما بـ[[سامراء|سر من رأى]] في يوم الاثنين المصادف الثالث من [[رجب]] سنة 254 ه، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من [[جمادى الآخرة]] سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، و[[الشيخ إبراهيم الكفعمي]] في [[مصباح الكفعمي (كتاب)|''المصباح'']] وغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمّه هو المعتز. وجاء عن ابن بابويه أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً، وسمّه [[المعتمد العباسي]]،<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 50 ، ص 114.</ref> وإذا صحّ ذلك فإنّه لا بد أن يكون قد سمّه المعتز بالله؛ لأنّه مات في عهده سنة 254 ه، والمعتمد العباسي بويع بالخلافة سنة 256 هـ في النصف من رجب، أو أن المعتز قد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام {{عليه السلام}}، فيكون ذلك جمعاً بين قول [[الشيخ الصدوق]] والشيخ الكفعمي، والله أعلم بحقيقة الحال.<ref>الشاكري، سيرة الإمام الهادي، ص 22- 23.</ref> | قبض {{عليه السلام}} مسموما بـ[[سامراء|سر من رأى]] في يوم الاثنين المصادف الثالث من [[رجب]] سنة 254 ه، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من [[جمادى الآخرة]] سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، و[[الشيخ إبراهيم الكفعمي]] في [[مصباح الكفعمي (كتاب)|''المصباح'']] وغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمّه هو المعتز. وجاء عن ابن بابويه أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً، وسمّه [[المعتمد العباسي]]،<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 50 ، ص 114.</ref> وإذا صحّ ذلك فإنّه لا بد أن يكون قد سمّه المعتز بالله؛ لأنّه مات في عهده سنة 254 ه، والمعتمد العباسي بويع بالخلافة سنة 256 هـ في النصف من رجب، أو أن المعتز قد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام {{عليه السلام}}، فيكون ذلك جمعاً بين قول [[الشيخ الصدوق]] والشيخ الكفعمي، والله أعلم بحقيقة الحال.<ref>الشاكري، سيرة الإمام الهادي، ص 22- 23.</ref> | ||
سطر ٢٥٨: | سطر ٢٥٨: | ||
بلغ عدد تلامذته والرواة عنه – حسب ما ذكره [[الشيخ الطوسي]]- 185 راوياً، من أبرزهم: | بلغ عدد تلامذته والرواة عنه – حسب ما ذكره [[الشيخ الطوسي]]- 185 راوياً، من أبرزهم: | ||
;[[عبد العظيم الحسني]] | |||
عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن حسن بن زيد بن حسن بن زيد بن الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، والمعروف بالسيد الكريم وشاه عبد العظيم، والمكنى بأبي القاسم وأبي الفتح. يعدّ الحسني من السادة الحسنيين ومن كبار [[المحدث|المحدثين]]، وينتهي نسبه إلى [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن المجتبى]] {{عليه السلام}} بأربع وسائط. وقد ذكره [[الشيخ الطوسي]] ضمن أصحاب الإمامين الهادي و[[الإمام الحسن العسكري عليه السلام|العسكري]] {{ع}} وهناك من أدرجه ضمن أصحاب الإمامين [[الإمام الجواد عليه السلام|الجواد]] والهادي {{ع}}. وكان محدثاً، فقيهاً، صوّاماً قوّاماً، زاهداً، جليل القدر، ذا منزلة رفيعة عند الإمامين {{ع}}. وقد عرض عبد العظيم الحسني أُصول عقيدته وما يدين به على الإمام الهادي {{عليه السلام}} فبارك له الإمام {{عليه السلام}} عقيدته. | |||
[[عبد العظيم الحسني | |||
رُوي أنّ [[أبا حماد الرازي]] قصد الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى [[سامراء]] مستفتياً، فلما أجابه {{عليه السلام}} أشار عليه بالرجوع إلى عبد العظيم الحسني إن أشكل عليه شيء وهو بـ[[الري]]. | رُوي أنّ [[أبا حماد الرازي]] قصد الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى [[سامراء]] مستفتياً، فلما أجابه {{عليه السلام}} أشار عليه بالرجوع إلى عبد العظيم الحسني إن أشكل عليه شيء وهو بـ[[الري]]. | ||
;[[عثمان بن سعيد]] | |||
عثمان بن سعيد العمري؛ يكنى أبا عمرو السمان، ويقال له: الزيات، من أصحاب الإمام الهادي والعسكري {{ع}}، جليل القدر، ثقة، خدم الإمام الهادي {{عليه السلام}}، وله إحدى عشرة سنة، وله إليه عهد معروف، وتوكل [[الإمام الحسن العسكري عليه السلام|للإمام العسكري]] {{عليه السلام}}، وكانت توقيعات [[صاحب الأمر]] {{عليه السلام}} تخرج على يديه، وكان قد حظي بمنزلة خاصة عند الإمام {{عليه السلام}} واصفاً له بـ[[الثقة]] [[الأمين]].<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 389 و401.</ref> | |||
;[[أيوب بن نوح]] | |||
أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لأبي الحسن و[[الإمام الحسن العسكري عليه السلام|أبي محمد]] {{ع}}، عظيم المنزلة عندهما مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته وكان أيوب من عباد الله الصالحين.<ref>الشيخ الطوسي، الغيبة، ج 1، ص 349.</ref> | أيوب بن نوح بن دراج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لأبي الحسن و[[الإمام الحسن العسكري عليه السلام|أبي محمد]] {{ع}}، عظيم المنزلة عندهما مأمونا، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته وكان أيوب من عباد الله الصالحين.<ref>الشيخ الطوسي، الغيبة، ج 1، ص 349.</ref> | ||
;[[الحسن بن راشد]] | |||
عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب [[الإمام الجواد عليه السلام|الجواد]] {{عليه السلام}} قائلاً: الحسن بن راشد يكنى أبا علي، مولى لآل المهلب، بغدادي، ثقة. وعدّه أيضاً من أصحاب الهادي {{عليه السلام}}. | عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب [[الإمام الجواد عليه السلام|الجواد]] {{عليه السلام}} قائلاً: الحسن بن راشد يكنى أبا علي، مولى لآل المهلب، بغدادي، ثقة. وعدّه أيضاً من أصحاب الهادي {{عليه السلام}}. | ||
وعدّه [[الشيخ المفيد]] في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ عنهم [[الحلال]] و[[الحرام]] الذين لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذم واحد منهم. وعدّه الشيخ والبرقي في رجاليهما من أصحاب الهادي {{عليه السلام}}، ويظهر من ترجمة الحسن بن راشد أنّه كان وكيلاً لأبي محمد العسكري {{عليه السلام}}.<ref>الطوسي، الغيبة، ج 1، ص 350.</ref> | وعدّه [[الشيخ المفيد]] في رسالته العددية من الفقهاء الأعلام، والرؤساء المأخوذ عنهم [[الحلال]] و[[الحرام]] الذين لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذم واحد منهم. وعدّه الشيخ والبرقي في رجاليهما من أصحاب الهادي {{عليه السلام}}، ويظهر من ترجمة الحسن بن راشد أنّه كان وكيلاً لأبي محمد العسكري {{عليه السلام}}.<ref>الطوسي، الغيبة، ج 1، ص 350.</ref> | ||
;[[الحسن بن علي الناصر]] | |||
ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب {{ع}} الناصر للحق، من أصحاب الهادي {{عليه السلام}}، كما في ''رجال'' [[الشيخ الطوسي]]. وهو والد جد [[السيد المرتضى]] من جهة أمّه <ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 385 .</ref>، قال السيد في أول كتابه ''شرح المسائل الناصريات'': «وأمّا أبومحمد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ففضله في علمه، وزهده، و[[الفقه|فقهه]]، أظهر من الشمس الباهرة، وهو الذي نشر [[الإسلام]] في [[الديلم]]، حتى اهتدوا به من الضلالة، وعدلوا بدعائه بعد الجهالة وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى».<ref>السيد المرتضى، المسائل الناصريات، ص 63.</ref> | ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب {{ع}} الناصر للحق، من أصحاب الهادي {{عليه السلام}}، كما في ''رجال'' [[الشيخ الطوسي]]. وهو والد جد [[السيد المرتضى]] من جهة أمّه <ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 385 .</ref>، قال السيد في أول كتابه ''شرح المسائل الناصريات'': «وأمّا أبومحمد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ففضله في علمه، وزهده، و[[الفقه|فقهه]]، أظهر من الشمس الباهرة، وهو الذي نشر [[الإسلام]] في [[الديلم]]، حتى اهتدوا به من الضلالة، وعدلوا بدعائه بعد الجهالة وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى».<ref>السيد المرتضى، المسائل الناصريات، ص 63.</ref> | ||