مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإمام علي الهادي عليه السلام»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Maytham لا ملخص تعديل |
imported>Sayedisphahani لا ملخص تعديل |
||
سطر ٣٠: | سطر ٣٠: | ||
يلقب {{عليه السلام}} وابنه الحسن بـ[[العسكريين]]، وإنّما لقّبا بذلك لفرض [[بني العباس|السلطة العباسية]] الإقامة الجبرية عليهما في [[سامراء]] التي كانت يومها معسكراً للجند.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج2 ص 492 .</ref> | يلقب {{عليه السلام}} وابنه الحسن بـ[[العسكريين]]، وإنّما لقّبا بذلك لفرض [[بني العباس|السلطة العباسية]] الإقامة الجبرية عليهما في [[سامراء]] التي كانت يومها معسكراً للجند.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج2 ص 492 .</ref> | ||
ومن ألقابه {{عليه السلام}} التي تعبّر عن محياه الكريم وسيرته | ومن ألقابه {{عليه السلام}} التي تعبّر عن محياه الكريم وسيرته الزكيّة؛ النجيب والمرتضى والهادي والنقي والعالم والفقيه والأمين والمؤتمن والطيب والمتوكل.<ref>الإربلي، مناقب، ج 4، ص 432.</ref> يكنى بأبي الحسن الثالث <ref>الإربلي، مناقب، ج 4، ص 432.</ref>، وأبي الحسن الأخير تمييزاً له عن [[الإمام الكاظم]] {{عليه السلام}} المكنى بأبي الحسن الأوّل وعن [[الإمام الرضا]] {{عليه السلام}} المكنى بأبي الحسن الثاني. | ||
وكان نقش خاتمه: «الله ربّي وهو عصمتي من خلقه».<ref>الدخيل، أئمتنا، ج 2، ص 209.</ref> | وكان نقش خاتمه: «الله ربّي وهو عصمتي من خلقه».<ref>الدخيل، أئمتنا، ج 2، ص 209.</ref> | ||
سطر ٣٨: | سطر ٣٨: | ||
ولد الإمام {{عليه السلام}} حسب رواية كل من [[الشيخ الكليني |الكليني]] و[[الشيخ المفيد]] و[[الشيخ الطوسي]] و[[ابن الأثير]] بـ[[صريا|صُريا]] - قرية أسسها [[الإمام موسى الكاظم عليه السلام|الإمام موسى بن جعفر]] {{عليه السلام}} - على ثلاثة أميال من [[المدينة]]، للنصف من [[ذي الحجة|ذي الحجّة]] سنة 212 هـ.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 635.</ref> | ولد الإمام {{عليه السلام}} حسب رواية كل من [[الشيخ الكليني |الكليني]] و[[الشيخ المفيد]] و[[الشيخ الطوسي]] و[[ابن الأثير]] بـ[[صريا|صُريا]] - قرية أسسها [[الإمام موسى الكاظم عليه السلام|الإمام موسى بن جعفر]] {{عليه السلام}} - على ثلاثة أميال من [[المدينة]]، للنصف من [[ذي الحجة|ذي الحجّة]] سنة 212 هـ.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 635.</ref> | ||
وتوفى - كما نقل الشيخ المفيد وغيره - بسرّ من رأى في [[رجب]] سنة أربع وخمسين ومأتين، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر، وكانت مدة إقامته في [[سامراء]] عشرين سنة وتسعة أشهر.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 649.</ref> | وتوفى - كما نقل الشيخ المفيد وغيره - بسرّ من رأى في [[رجب]] سنة أربع وخمسين ومأتين، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر، وكانت مدة إقامته في [[سامراء]] عشرين سنة وتسعة أشهر.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 649.</ref> وحدّدت بعض المصادر الثالث من شهر رجب تاريخاً لشهادته {{عليه السلام}}.<ref>النوبختي، فرق الشيعة، ص 134.</ref> وهناك من أثبتها في الخامس والعشرين أو السادس والعشرين من [[جمادى الثانية]].<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 4، ص 7.</ref> وكانت شهادته في عصر [[الخليفة]] [[بني العباس|العباسي]] الثالث عشر [[المعتز العباسي]]. | ||
==زوجاته وأولاده== | ==زوجاته وأولاده== | ||
سطر ٧٠: | سطر ٧٠: | ||
|sstyle = | |sstyle = | ||
}} | }} | ||
تسنم الإمام الهادي {{عليه السلام}} منصب [[الإمامة]] بعد شهادة أبيه [[الإمام الجواد عليه السلام|الجواد]] {{عليه السلام}} سنة 220 هجرية، وقد أجمع كبار [[الشيعة]] | تسنم الإمام الهادي {{عليه السلام}} منصب [[الإمامة]] بعد شهادة أبيه [[الإمام الجواد عليه السلام|الجواد]] {{عليه السلام}} سنة 220 هجرية، وقد أجمع كبار [[الشيعة]] على إمامته {{عليه السلام}}، وقد أشار [[الشيخ المفيد]] إلى ذلك بقوله: كان الإمام بعد أبي جعفر {{عليه السلام}} ابنه أبا الحسن علي بن محمد لاجتماع خصال الإمامة فيه وتكامل فضله وأنّه لا وارث لمقام أبيه سواه وثبوت النص عليه بالإمامة والإشارة إليه من أبيه بالخلافة.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 638.</ref> | ||
نعم، ذهب البعض إلى إمامة أخيه [[موسى المبرقع|موسى بن محمد]] المعروف بموسى المبرقع المتوفى 296 هـ، لكن سرعان ما عادوا للقول بإمامة الهادي {{عليه السلام}}.<ref>النوبختي، فرق الشيعة، ص 134.</ref> وقد علّل سعد بن عبد الله عودة هؤلاء إلى القول بإمامة الهادي {{عليه السلام}} لتنفر موسى المبرقع - نفسه - من هؤلاء القوم وطرده لهم.<ref>الأشعري القمي، المقالات والفرق، ص 99 .</ref> | نعم، ذهب البعض إلى إمامة أخيه [[موسى المبرقع|موسى بن محمد]] المعروف بموسى المبرقع المتوفى 296 هـ، لكن سرعان ما عادوا للقول بإمامة الهادي {{عليه السلام}}.<ref>النوبختي، فرق الشيعة، ص 134.</ref> وقد علّل سعد بن عبد الله عودة هؤلاء إلى القول بإمامة الهادي {{عليه السلام}} لتنفر موسى المبرقع - نفسه - من هؤلاء القوم وطرده لهم.<ref>الأشعري القمي، المقالات والفرق، ص 99 .</ref> | ||
سطر ٩٣: | سطر ٩٣: | ||
==موقف المتوكل من الإمام (عليه السلام)== | ==موقف المتوكل من الإمام (عليه السلام)== | ||
كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي [[المتوكل]] لسدة [[الخلافة]] قائمة على تأييد [[المعتزلة]] ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها [[المأمون العباسي]] من قبلُ في مقابل التضييق على [[أهل الحديث]]، مما | كانت السياسة المعتمدة في البلاط العباسي قبل تولي [[المتوكل]] لسدة [[الخلافة]] قائمة على تأييد [[المعتزلة]] ودعم رجالاتها وهي عين السياسة التي اعتمدها [[المأمون العباسي]] من قبلُ في مقابل التضييق على [[أهل الحديث]]، مما وفّر الأرضية المناسبة لتحرك [[العلوية|العلويين]] سياسياً، إلاّ أنّ تسنم المتوكل لمسند الخلافة قلب الأمور على عقب، وعادت السطحية في التفكير والتضييق على المفكرين والمبدعين مرة أخرى حيث قرب المتوكل إليه أهل الحديث، وأقصى الاتجاه المعاكس لهم المتمثل بالمعتزلة و[[الشيعة]] مع التضييق عليهم بشدة. | ||
{{Quote box | {{Quote box | ||
|class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | |class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | ||
سطر ١١٥: | سطر ١١٥: | ||
|sstyle = | |sstyle = | ||
}} | }} | ||
وقد أشار [[أبو الفرج الأصفهاني]] إلى موقف المتوكل هذا ووزيره [[عبيد الله بن يحيى بن خاقان]] بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على [[آل أبي طالب]]، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، | وقد أشار [[أبو الفرج الأصفهاني]] إلى موقف المتوكل هذا ووزيره [[عبيد الله بن يحيى بن خاقان]] بقوله: وكان المتوكل شديد الوطأة على [[آل أبي طالب]]، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، واتفق له ان عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأى فيهم، فحسّن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء [[بني العباس]] قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين {{عليه السلام}} وعفى أثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له، لا يجدون أحداً زاره إلاّ أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة.<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 478 .</ref> وما ذلك إلاّ للمنزلة الكبيرة التي حظي بها مرقد الإمام الحسين {{عليه السلام}} في قلوب المؤمنين حتى أنّه يمثل الرمز العاطفي للربط بين الشيعة و[[أئمة الشيعة|أئمتهم]] (ع). | ||
===استدعاء الإمام (عليه السلام) إلى سامراء=== | ===استدعاء الإمام (عليه السلام) إلى سامراء=== | ||
سار [[المتوكل]] على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة [[أهل البيت]] (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى دار [[الخلافة]] في [[سامراء]] وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه {{عليه السلام}}.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج 2، ص 493.</ref> | سار [[المتوكل]] على نهج من سبقوه في التعامل مع أئمة [[أهل البيت]] (ع)، بل زاد على ذلك باستدعائه الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى دار [[الخلافة]] في [[سامراء]] وعزله عن أوساط الأمة، إنطلاقاً من التقارير التي وصلت إليه من قبل الوشاة والتي تحكي عن ميل الناس إليه {{عليه السلام}}.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج 2، ص 493.</ref> | ||
ولمّا بلغ أبا الحسن {{عليه السلام}} سعاية عبد الله بن محمد به، كتب إلى المتوكل يذكر تحامل الرجل عليه ويكذّبه فيما سعى به. فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه - بمكر تام - ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول – مدعياً - أنّه عارف بقدر الإمام {{عليه السلام}} وراع لقرابته... «وإن أمير المؤمنين | ولمّا بلغ أبا الحسن {{عليه السلام}} سعاية عبد الله بن محمد به، كتب إلى المتوكل يذكر تحامل الرجل عليه ويكذّبه فيما سعى به. فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه - بمكر تام - ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول – مدعياً - أنّه عارف بقدر الإمام {{عليه السلام}} وراع لقرابته... «وإن أمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إليك».<ref>المفيد، الإرشاد، ص 644.</ref> وقد ذكر كلٌ من [[الشيخ الكليني]] و[[الشيخ المفيد]] نص رسالة المتوكل للإمام {{عليه السلام}}.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 644.</ref> | ||
علماً أنّ المتوكل بذل قصارى جهده في استدعاء الإمام {{عليه السلام}} بطريقة لا تثير مشاعر أتباعه | علماً أنّ المتوكل بذل قصارى جهده في استدعاء الإمام {{عليه السلام}} بطريقة لا تثير مشاعر أتباعه وردّة فعل الجماهير وتأمين طريق وصوله إلى سامراء، إلاّ أنّ أهداف حركة المتوكل لم تكن خافية على أهل [[المدينة]] منذ بداياتها. | ||
فقد نقل [[ابن الجوزي]] عن [[يحيى بن هرثمة]] - الذي | فقد نقل [[ابن الجوزي]] عن [[يحيى بن هرثمة]] - الذي تولّى جلب الإمام {{عليه السلام}} إلى سامراء - قوله: «وعندما أرسلني المتوكل إلى المدينة لإشخاص الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى سامراء، ودخلت المدينة، ضج أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على الإمام {{عليه السلام}}»، وأضاف يحيى: «وقامت الدنيا على ساق؛ لأنّه كان محسناً إليهم ملازماً».<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج 2، ص 492.</ref> | ||
وتعرض [[الخطيب البغدادي]] (المتوفى سنة 463 ق) لإشخاص [[المتوكل]] له {{عليه السلام}} بالقول: «أشخصه جعفر المتوكل من مدينة [[رسول الله]] {{صل}} إلى [[بغداد]]، ثمّ إلى [[سر من رأى|سامراء]]، فقدمها، وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن توفي، ودفن بها في أيام [[المعتز العباسي]].<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 12، ص 56.</ref> | وتعرض [[الخطيب البغدادي]] (المتوفى سنة 463 ق) لإشخاص [[المتوكل]] له {{عليه السلام}} بالقول: «أشخصه جعفر المتوكل من مدينة [[رسول الله]] {{صل}} إلى [[بغداد]]، ثمّ إلى [[سر من رأى|سامراء]]، فقدمها، وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن توفي، ودفن بها في أيام [[المعتز العباسي]].<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 12، ص 56.</ref> | ||
سطر ١٦٣: | سطر ١٦٣: | ||
كان للحركة الانحرافية التي قام بها [[الغلاة]] من [[الشيعة]] الدور المهم في إثارة شبهة تحريف [[القرآن]] وتوجيه أصابع الاتهام للشيعة من قبل أتباع سائر الفرق الإسلامية بأنهم لا يهتمون بشأن [[القرآن الكريم]]، ويؤمنون بتحريفه وعدم حجيته؛ ومن هنا انبرى الإمام الهادي {{عليه السلام}} لتفنيد هذه الشبهة وبيان مكانة القرآن في الفكر المدرسة [[الإمامية]]، وأنّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للمسلمين والحجة في جميع التشريعات والمواقف التي يعتمدها الشيعة، وأنّ الروايات المخالفة للقرآن الكريم تعدّ من زخرف القول الذي يضرب به عرض الجدار. | كان للحركة الانحرافية التي قام بها [[الغلاة]] من [[الشيعة]] الدور المهم في إثارة شبهة تحريف [[القرآن]] وتوجيه أصابع الاتهام للشيعة من قبل أتباع سائر الفرق الإسلامية بأنهم لا يهتمون بشأن [[القرآن الكريم]]، ويؤمنون بتحريفه وعدم حجيته؛ ومن هنا انبرى الإمام الهادي {{عليه السلام}} لتفنيد هذه الشبهة وبيان مكانة القرآن في الفكر المدرسة [[الإمامية]]، وأنّ القرآن الكريم هو المصدر الأول للمسلمين والحجة في جميع التشريعات والمواقف التي يعتمدها الشيعة، وأنّ الروايات المخالفة للقرآن الكريم تعدّ من زخرف القول الذي يضرب به عرض الجدار. | ||
وقد بيّن الإمام {{عليه السلام}} ذلك مفصلاّ في الرواية التي نقلها [[ابن شعبة الحراني|ابن شعبة الحرّاني]] التي جاء فيها: «اعلموا - رحمكم [[الله]] - إنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله عزوجل لا تخلو من معنيين: إمّا حق فيتبع، وإمّا باطل فيجتنب. وقد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن [[القرآن]] حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه، مصيبون، مهتدون... والقرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه: فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقة وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب، | وقد بيّن الإمام {{عليه السلام}} ذلك مفصلاّ في الرواية التي نقلها [[ابن شعبة الحراني|ابن شعبة الحرّاني]] التي جاء فيها: «اعلموا - رحمكم [[الله]] - إنّا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممن يعقل عن الله عزوجل لا تخلو من معنيين: إمّا حق فيتبع، وإمّا باطل فيجتنب. وقد اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم أن [[القرآن]] حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق، وفي حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب وتحقيقه، مصيبون، مهتدون... والقرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه: فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقة وأنكر الخبر طائفة من الأمّة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب، فإن هي جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملة».<ref>الحرّاني، تحف العقول، ص 458-459.</ref> | ||
وروى هذا المعنى [[العياشي]] في تفسيره عن الإمامين [[الإمام الباقر عليه السلام|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه {{صل}}».<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 2 ، ص 244.</ref> | وروى هذا المعنى [[العياشي]] في تفسيره عن الإمامين [[الإمام الباقر عليه السلام|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، قالا: «لا تُصَدِّقْ علينا إِلا بما يوافق كتابَ اللَّه وسُنَّةَ نبيه {{صل}}».<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 2 ، ص 244.</ref> | ||
سطر ١٧١: | سطر ١٧١: | ||
من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها [[الإسلام|المسلمون]] في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة [[خلق القرآن]]، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين. | من المسائل الرهيبة التي ابتلي بها [[الإسلام|المسلمون]] في حياتهم الدينية، وامتحنوا بها كأشد ما يكون الامتحان هي مسألة [[خلق القرآن]]، فقد ابتدعها الحكم العباسي في بدايات القرن الثالث الهجري، وأثاروها للقضاء على خصومهم، وقد قتل خلق كثيرون من جرائها، وانتشرت الأحقاد والأضغان بين المسلمين. | ||
ومن هنا حذّر الإمام {{عليه السلام}} شيعته من النزول إلى تلك المعركة التي ضلّ فيها | ومن هنا حذّر الإمام {{عليه السلام}} شيعته من النزول إلى تلك المعركة التي ضلّ فيها الجدليّون ضلالاً كبيراً، فلم يشترك الشيعة في ذلك النزاع حول صنع الله عزّ وجلّ وحول كلامه الكريم، وبيّن لهم الموقف في رسالته التي جاء فيها: «عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة، وإن لا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل والمجيب، فيتعاطى السائل ما ليس له، ويتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله عز وجل، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين».<ref>الصدوق، الأمالي، ص 438 .</ref> وبهذا وضع {{عليه السلام}} النقاط على الحروف في هذه المسألة الحساسة وجنّب شيعته الوقوع في فتنة كبيرة وفخّ خطير كادت دماؤهم أن تراق بسببه. | ||
===كلام الله=== | ===كلام الله=== | ||
كان للمواقف التي يتخذها بعض علماء [[الشيعة]] وطوائفهم - بسبب تباعد مواطنهم وعدم وجود قنوات اتصال سريعة بينهم - الدور الكبير في تعقيد عمل [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (ع) في بيان الحقيقة وهداية الناس، يضاف إلى ذلك ما يقوم به خصوم الشيعة من المبالغة في ذلك وتشطير الفرق الشيعية بطريقة غريبة جداً حتى عدوا منها - كما يقول الكشي - الزرارية والعمّارية واليعفورية و... ناسبين ذلك إلى كبار أصحاب [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}}: [[زرارة بن أعين]]، و[[عمار الساباطي|عمّار الساباطي]] و[[ابن أبي يعفور]].<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 265 .</ref> | كان للمواقف التي يتخذها بعض علماء [[الشيعة]] وطوائفهم - بسبب تباعد مواطنهم وعدم وجود قنوات اتصال سريعة بينهم - الدور الكبير في تعقيد عمل [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (ع) في بيان الحقيقة وهداية الناس، يضاف إلى ذلك ما يقوم به خصوم الشيعة من المبالغة في ذلك وتشطير الفرق الشيعية بطريقة غريبة جداً حتى عدوا منها - كما يقول الكشي - الزرارية والعمّارية واليعفورية و... ناسبين ذلك إلى كبار أصحاب [[الإمام الصادق]] {{عليه السلام}}: [[زرارة بن أعين]]، و[[عمار الساباطي|عمّار الساباطي]] و[[ابن أبي يعفور]].<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 265 .</ref> | ||
وقد يواجه الأئمة (ع) – أحياناً- بعض الأسئلة الناشئة من ذلك الاختلاف في المواقف والرؤى في الوسط الشيعي، منها قضية [[التشبية]] و[[التنزيه]]، حيث يظهر من كلام [[هشام بن الحكم]] و[[هشام بن سالم]] اختلافهما في هذه القضية الحساسة، ومن هنا تصدى الأئمة لمعالجة هذه القضية التي روي فيها أكثر من عشرين | وقد يواجه الأئمة (ع) – أحياناً- بعض الأسئلة الناشئة من ذلك الاختلاف في المواقف والرؤى في الوسط الشيعي، منها قضية [[التشبية]] و[[التنزيه]]، حيث يظهر من كلام [[هشام بن الحكم]] و[[هشام بن سالم]] اختلافهما في هذه القضية الحساسة، ومن هنا تصدى الأئمة لمعالجة هذه القضية التي روي فيها أكثر من عشرين رواية، بين رواية مختصرة ومفصّلة تؤكد كلّها على تبنّي فكرة التنزيه والدفاع عنها من قبل الأئمة (ع)، ومن بينها ما روي عن الإمام الهادي {{عليه السلام}} في تأكيد التنزيه.<ref>العطاردي، مسند الإمام الهادي عليه السلام، ص 94 -84 .</ref> | ||
ومن جملة المسائل الهامة التي ثار الجدل حولها – أيضاً - في ذلك العصر، وكثر الأخذ والردّ مسألة [[الجبر والتفويض]] التي أدّت إلى انقسام المسلمين انقساماً كان ذا خطرٍ دخل في صميم العقيدة، إذ نسبت فئة منهم، وقوع الذنب من العبد، إلى الله - والعياذ بالله من ذلك - محتجّة بأنّ الذنب يقع بعلمه تعالى وتقديره، وبإقدار العبد على ذلك بما خلق له من آلاتٍ يباشر الذنب بواسطتها، وبأنّ العبد لا اختيار له في تجنّب الذنب؛ لأنّه محمول عليه قد كتبه الله تعالى وقضى به عليه!. ثم أنكرت فئة أخرى ذلك، وقالت بأنّ للعبد أن يختار، وهو الذي يرتكب الذنب بتمام إرادته، وبكامل اختياره، وبواسطة الآلات الّتي منحه الله تعالى إيّاها لطاعته لا لمعصيته. | ومن جملة المسائل الهامة التي ثار الجدل حولها – أيضاً - في ذلك العصر، وكثر الأخذ والردّ مسألة [[الجبر والتفويض]] التي أدّت إلى انقسام المسلمين انقساماً كان ذا خطرٍ دخل في صميم العقيدة، إذ نسبت فئة منهم، وقوع الذنب من العبد، إلى الله - والعياذ بالله من ذلك - محتجّة بأنّ الذنب يقع بعلمه تعالى وتقديره، وبإقدار العبد على ذلك بما خلق له من آلاتٍ يباشر الذنب بواسطتها، وبأنّ العبد لا اختيار له في تجنّب الذنب؛ لأنّه محمول عليه قد كتبه الله تعالى وقضى به عليه!. ثم أنكرت فئة أخرى ذلك، وقالت بأنّ للعبد أن يختار، وهو الذي يرتكب الذنب بتمام إرادته، وبكامل اختياره، وبواسطة الآلات الّتي منحه الله تعالى إيّاها لطاعته لا لمعصيته. | ||
وقد تكلّم إمامنا {{عليه السلام}} في هذا الموضوع الهامّ | وقد تكلّم إمامنا {{عليه السلام}} في هذا الموضوع الهامّ كما تكلّم آباؤه جميعاً - وجدّاه [[الإمام الصادق|الصادق]] و[[الإمام الرضا|الرّضا]](ع) بالخصوص- لئلاّ يقع شيعته في فخّ الكفر وزخرف القول. ثم تكلّم {{عليه السلام}} في [[الجبر والاختيار]] كلاماً بليغاً يقطع كلّ جدلٍ ونقاش، مبيّناً رفضه للجبر والتفويض معاً وموضحاً أن هناك حالة وسطية هي الأمثل وهي: «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين».<ref>العطاردي، مسند الامام الهادي عليه السلام، ص 213 - 198؛ كامل سليمان، الإمام علي الهادي (عليه السلام) مع مروق القصر وقضاة العصر، سيرة، وبحث، وتحليل، ص 246.</ref> | ||
علماً أنّ أكثر الروايات الاحتجاجية الواردة عن الإمام الهادي {{عليه السلام}} منصبة على مسألة الجبر والتفويض.<ref>العطاردي، مسند الامام الهادي ص 227 - 198 .</ref> | علماً أنّ أكثر الروايات الاحتجاجية الواردة عن الإمام الهادي {{عليه السلام}} منصبة على مسألة الجبر والتفويض.<ref>العطاردي، مسند الامام الهادي ص 227 - 198 .</ref> | ||
سطر ١٩٦: | سطر ١٩٦: | ||
===نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي (عليه السلام)=== | ===نظام الوكلاء في زمن الإمام الهادي (عليه السلام)=== | ||
رغم التشديد والحصار الذي فرض على [[الشيعة]] في آخريات عصر [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (ع) والمتثمل بموقف خلفاء [[بني العباس]] من أتباع مدرسة [[أهل البيت]] (ع)، عمل الإمام الهادي {{عليه السلام}} على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة ك[[ | رغم التشديد والحصار الذي فرض على [[الشيعة]] في آخريات عصر [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] (ع) والمتثمل بموقف خلفاء [[بني العباس]] من أتباع مدرسة [[أهل البيت]] (ع)، عمل الإمام الهادي {{عليه السلام}} على اتّخاذ الوكلاء وتأسيس شبكة الممثلين له في شتى البلدان التي يقطنها الشيعة ك[[إيران]] و[[مصر]] و[[اليمن]] و[[العراق]]، حيث عمد إلى اتخاذ وكلاء يوثّقهم ويمدحهم ليكونوا الواسطة بينه وبين الشيعة في التواصل المعرفي ومعالجة المعضلات [[الكلام|الكلامية]] و[[الفقه|الفقهية]] و[[التفسير|التفسيرية]] و... بالإضافة إلى استلام الحقوق الشرعية وإيصالها إلى الإمام {{عليه السلام}}، وربط الشيعة بالإمام الفعلي وتوجيههم إلى الإمام اللاحق عند رحيل السابق. | ||
وقد قسّم الوكلاء -حسب ما ذكره [[الدكتور جاسم حسين]]- المناطق الآهلة بأكثر عدد من [[أتباع أهل البيت]] (ع) إلی أربع مناطق: | وقد قسّم الوكلاء -حسب ما ذكره [[الدكتور جاسم حسين]]- المناطق الآهلة بأكثر عدد من [[أتباع أهل البيت]] (ع) إلی أربع مناطق: | ||
سطر ٢١٥: | سطر ٢١٥: | ||
===الإمام الهادي (عليه السلام) والشيعة في ايران=== | ===الإمام الهادي (عليه السلام) والشيعة في ايران=== | ||
كان العنصر [[الكوفة|الكوفي]] هو الغالب على [[الشيعة]] في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب [[قم|القمي]] في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة | كان العنصر [[الكوفة|الكوفي]] هو الغالب على [[الشيعة]] في القرن الأوّل، وهذا ما تكشف عنه كثرة الملقبين بالكوفي من أصحاب الأئمة (ع)، ثمّ بدأ يظهر لقب [[قم|القمي]] في أوساط الرواة وأصحاب الأئمة (ع) وخاصة منذ عصر الإمامين [[الإمام الباقر|الباقر]] و[[الإمام الصادق|الصادق]] (ع)، ويرجع الكثير منهم إلى العرب الأشعرية الذين هاجروا إلى مدينة قم. ورويداً رويداً أخذ انتشار [[التشيع]] في الوسط [[ايران|الايراني]] عامّة والقمّي خاصة يزداد حتى تحولت قم في عهد الإمام الهادي {{عليه السلام}} إلى مركز رئيسي من مراكز التشيع التي تربطها بالأئمة علاقات وثيقة، وكان الطابع العام للتشيع القمّي الاعتدال والوسطية في النظرة إلى الأئمة خلافاً للمدرسة الكوفية التي انتشر فيها الغلو. | ||
ولم ينحصر التشيع في مدينة قم، بل تعدّاه إلى كل من مدينة [[آبه]] أو [[آوة]] و[[كاشان]]، وقد تكرّر ذكر [[محمد بن علي الكاشاني]] في الكثير من الروايات المنقولة عنه والأسئلة التي يوجهها إلى الإمام الهادي {{عليه السلام}} حول [[التوحيد]] ومسائله.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 101.</ref> | ولم ينحصر التشيع في مدينة قم، بل تعدّاه إلى كل من مدينة [[آبه]] أو [[آوة]] و[[كاشان]]، وقد تكرّر ذكر [[محمد بن علي الكاشاني]] في الكثير من الروايات المنقولة عنه والأسئلة التي يوجهها إلى الإمام الهادي {{عليه السلام}} حول [[التوحيد]] ومسائله.<ref>الصدوق، التوحيد، ص 101.</ref> | ||
سطر ٢٢٥: | سطر ٢٢٥: | ||
وكان لغير القميين من الشيعة - مع كونهم الأقلية بسبب السياسات [[بني أمية|الأموية]] و[[بني العباس|العباسية]] - علاقات وثيقة وأواصر قوية مع أئمة [[أهل البيت]] (ع). | وكان لغير القميين من الشيعة - مع كونهم الأقلية بسبب السياسات [[بني أمية|الأموية]] و[[بني العباس|العباسية]] - علاقات وثيقة وأواصر قوية مع أئمة [[أهل البيت]] (ع). | ||
وقد صَنَّف صالح [[أبو مقاتل الديلمي|أبو مقاتل الدَيْلَميُّ]] من أصحاب الإمام الهادي {{عليه السلام}} كتاباً في الإمامة | وقد صَنَّف صالح [[أبو مقاتل الديلمي|أبو مقاتل الدَيْلَميُّ]] من أصحاب الإمام الهادي {{عليه السلام}} كتاباً في الإمامة كبيراً، حديثاً وكلاماً، وسمّاه كتابَ ''الإحتجاج''.''(مسند الإمام الهادي عليه السلام، ص 317 .)'' و[[الديلم]] منطقة تقع إلى الشرق من [[جيلان]] الإيرانية، وكانت قد احتضنت في أواخر القرن الثاني الهجري الكثير من [[الشيعة الإمامية]] بالإضافة إلى من هاجر من سكّانها إلى [[العراق]]، واعتنق المذهب الإمامي هناك. | ||
وقد كشفت ألقاب أصحاب الإمام الهادي {{عليه السلام}} عن مناطق سكناهم من قبيل: [[بشر بن بشار النيشابوري]] و[[فتح بن يزيد الجرجاني]] و[[أحمد بن إسحاق الرازي]] و[[حسين بن سعيد الأهوازي]] و[[حمدان بن إسحاق الخراساني]] و[[علي بن إبراهیم الطالقاني]]، وقد تحولت كل من مدينتي [[جرجان]] و[[نيسابور]] إلى مراكز شيعية فاعلة في القرن الرابع الهجري. | وقد كشفت ألقاب أصحاب الإمام الهادي {{عليه السلام}} عن مناطق سكناهم من قبيل: [[بشر بن بشار النيشابوري]] و[[فتح بن يزيد الجرجاني]] و[[أحمد بن إسحاق الرازي]] و[[حسين بن سعيد الأهوازي]] و[[حمدان بن إسحاق الخراساني]] و[[علي بن إبراهیم الطالقاني]]، وقد تحولت كل من مدينتي [[جرجان]] و[[نيسابور]] إلى مراكز شيعية فاعلة في القرن الرابع الهجري. | ||
سطر ٢٥١: | سطر ٢٥١: | ||
==شهادة الإمام (عليه السلام)== | ==شهادة الإمام (عليه السلام)== | ||
قبض {{عليه السلام}} مسموما بـ[[سامراء|سر من رأى]] في يوم الاثنين المصادف الثالث من [[رجب]] سنة 254 ه، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من [[جمادى الآخرة]] سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، و[[الشيخ إبراهيم الكفعمي]] في [[مصباح الكفعمي (كتاب)|''المصباح'']] وغيرهم، ونص الأخير على أن الذي | قبض {{عليه السلام}} مسموما بـ[[سامراء|سر من رأى]] في يوم الاثنين المصادف الثالث من [[رجب]] سنة 254 ه، وقيل: يوم الاثنين الخامس والعشرون من [[جمادى الآخرة]] سنة 254 هـ. والتأريخ الأول أشهر، حيث نص عليه أغلب أعلام الطائفة ومحدثيهم ومؤرخيهم. وممن نص على أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً أو نقل القول في ذلك: الشبلنجي وابن الصباغ المالكي والشيخ أبو جعفر الطبري، و[[الشيخ إبراهيم الكفعمي]] في [[مصباح الكفعمي (كتاب)|''المصباح'']] وغيرهم، ونص الأخير على أن الذي سمّه هو المعتز. وجاء عن ابن بابويه أنّه {{عليه السلام}} مات مسموماً، وسمّه [[المعتمد العباسي]]،<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 50 ، ص 114.</ref> وإذا صحّ ذلك فإنّه لا بد أن يكون قد سمّه المعتز بالله؛ لأنّه مات في عهده سنة 254 ه، والمعتمد العباسي بويع بالخلافة سنة 256 هـ في النصف من رجب، أو أن المعتز قد أوعز إلى المعتمد بدسّ السم إلى الإمام {{عليه السلام}}، فيكون ذلك جمعاً بين قول [[الشيخ الصدوق]] والشيخ الكفعمي، والله أعلم بحقيقة الحال.<ref>الشاكري، سيرة الإمام الهادي، ص 22- 23.</ref> | ||
وخرجت الجنازة، وخرج [[الإمام الحسن العسكري عليه السلام|الإمام الحسن العسكري]] {{عليه السلام}} يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار [[موسى بن بغا]]. وقد كان الإمام أبو محمد العسكري {{عليه السلام}} قد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره. | وخرجت الجنازة، وخرج [[الإمام الحسن العسكري عليه السلام|الإمام الحسن العسكري]] {{عليه السلام}} يمشي حتى أخرج بها إلى الشارع الذي إزاء دار [[موسى بن بغا]]. وقد كان الإمام أبو محمد العسكري {{عليه السلام}} قد صلّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، ودفن في بيتٍ من دوره. | ||
سطر ٢٩٢: | سطر ٢٩٢: | ||
==تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع)== | ==تفجير ضريح الإمامين العسكريين (ع)== | ||
قامت في السنين الأخيرة مجموعة من [[السلفية|السلفيين]] من [[تكفير أهل القبلة|التكفيريين]] المتطرفين بالتعرض لضريح [[الإمامين العسكريين عليهما السلام|العسكريين]] {{ع}} في أكثر من محاولة، وكان من | قامت في السنين الأخيرة مجموعة من [[السلفية|السلفيين]] من [[تكفير أهل القبلة|التكفيريين]] المتطرفين بالتعرض لضريح [[الإمامين العسكريين عليهما السلام|العسكريين]] {{ع}} في أكثر من محاولة، وكان من أبشع تلك الحملات ما قاموا به في صباح يوم الأربعاء 22 فبراير 2006 م من اقتحام للمرقد، وقاموا بزرع عبوات ناسفة تحتوي على 200 كغم من المواد المتفجرة تحت قبة الضريح، وفجّروها بعد ذلك مما أدى إلى انهيار القبة الخاصة بالضريح وتصدّع المنائر الذهبية المحيطة بها.<ref>[http://www.hamshahrionline.ir/hamnews/1384/841206/news/kharj.htm الهجوم على مرقد الإمامين العسكريين.]</ref> وفي صباح يوم الأربعاء 13 يونيو 2007 م حدثت عملية تفجيرية أخرى استهدفت مأذنتي المرقد الذهبيّتين، ودمرتهما بالكامل، وكان التفجير بواسطة عبوة ناسفة.<ref>[http://ebtekarnews.com/Ebtekar/News.aspx?NID=15206 الهجوم الثاني على مرقد الإمامين العسكريين.]</ref> وفي يوم الخميس 05-06-2014م قامت مجموعة كبيرة من التكفيريين ينتمون إلى [[تنظيم داعش الإرهابي|تنظيم داعش]] بشن هجوم واسع النطاق على مدينة [[سامراء]] للسيطرة عليها وتدمير الضريح المبارك إلاّ أنّه جوبهوا بمقاومة شديدة من قبل حماية الحرم والقوات الأمنية وجموع المؤمنين المتطوعين وأجبرتهم على التقهقر والخروج من المدينة.<ref>[http://www.ettelaat.com/new/index.asp?fname=2014%5C06%5C06-06%5C22-32-02.htm&storytitle=%C7%D1%CA%D4%20%DA%D1%C7%DE%20%CA%D1%E6%D1%ED%D3%CA%9D%E5%C7%ED%20%E3%E5%C7%CC%E3%20%C8%E5%20%D3%C7%E3%D1%C7%20%D1%C7%20%CA%C7%D1%E6%E3%C7%D1%20%DF%D1%CF الهجوم على سامراء ومرقد الإمامين العسكريين.]</ref> | ||
==إعادة إعمار الروضة العسكرية== | ==إعادة إعمار الروضة العسكرية== |