مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الدولة الصفوية»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Maytham |
imported>Maytham لا ملخص تعديل |
||
سطر ٩: | سطر ٩: | ||
===أصلهم=== | ===أصلهم=== | ||
[[ملف:بقعه شیخ صفی الدین اردبیلی.bmp|تصغير|مرقد الشيخ صفي الدين]] | [[ملف:بقعه شیخ صفی الدین اردبیلی.bmp|تصغير|مرقد الشيخ صفي الدين]] | ||
إنَّ أصل السلالة الصفوية من [[أذربيجان]]<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، | إنَّ أصل السلالة الصفوية من [[أذربيجان]]<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 7.</ref> وهي أسرة [[إيرانية]] عريقة<ref>فلسفي، إيران وعلاقاتها الخارجية في العصر الصفوي، ز.</ref> وتنتسب إلى [[الشيخ صفي الدين اسحاق الأردبيلي]] (650_735 هـ) وكان شيخا للطريقة [[الصوفية]] وله زاوية في مدينة [[أردبيل]].<ref>فلسفي، إيران وعلاقاتها الخارجية في العصر الصفوي، ج.</ref> يعد الشيخ صفي الدين أحد تلاميذ الشيخ زاهد الكيلاني الذي فضّله على ابنه وفوّضه إرشاد مريديه، وبعد وفاة زاهد الكيلاني حظى الشيخ صفي الدين بمقام كبير.<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، ص 15.</ref> وتشير أغلب المصادر التاريخية على أنه كان [[شافعي]] المذهب، كما وتشير بعض المصادر إلى أن نسبه يعود لل[[إمام موسى الكاظم (ع)]].<ref>فلسفي، إيران وعلاقاتها الخارجية في العصر الصفوي، ج.</ref> اعتنق الخواجة علي سياه بوش الحفيد الأول لشيخ صفي الدين [[المذهب الاثني عشري]]، وعمل على بث مذهبه في الولايات المجاورة فالتفّ حوله عشرات الآلاف.<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 8 و38.</ref> | ||
===التأسيس=== | ===التأسيس=== | ||
نتيجة لضعف [[الدولة الإيلخانية]] تعرضت البلاد لموجة مغولية_تركية بقيادة تيمور لنك ولكن لم تلبث دولته حتى تفككت بسرعة بعد وفاته، فساءت الأوضاع السياسية في [[إيران]]<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 18.</ref> وكانت ظروف ظهور الدولة الصفوية نتيجة لتفتت الامبراطورية [[التيمورية]] حيث كانت إيران تعاني فوضى الانقسام بين ملوك ضعاف،<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، | نتيجة لضعف [[الدولة الإيلخانية]] تعرضت البلاد لموجة مغولية_تركية بقيادة تيمور لنك ولكن لم تلبث دولته حتى تفككت بسرعة بعد وفاته، فساءت الأوضاع السياسية في [[إيران]]<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 18.</ref> وكانت ظروف ظهور الدولة الصفوية نتيجة لتفتت الامبراطورية [[التيمورية]] حيث كانت إيران تعاني فوضى الانقسام بين ملوك ضعاف،<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 7.</ref> حيث شهدت إيران في تلك المرحلة الزمنية دويلات صغيرة في الأجزاء والولايات المختلفة، منها بقايا الأسرة الكوركانية الحاكمة في [[هرات]] ومراد ميرزا سلطان آق قويونلو في [[العراق]] وفارس، وحسن كيا الحاكم في فيروز كوه وغور و[[سمنان]] وغربي [[خراسان]]، وعلاء الدولة ذو القدر الذي كان يحكم إمارة ذي القدرية على الحدود بين [[العثمانيين]] والمماليك، وغيرهم من الأمراء الذين كانوا يحكمون مدن إيرانية أخرى.<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، ص 19 و20. </ref> | ||
وفي ظل الإرباك الذي كانت تشهده [[إيران]] استطاع [[إسماعيل بن حيدر]] أن يجمع حوله الأتباع، وأن ينتصر على أسرة "آق قويونلو" [[سنة 907 للهجرة]]، في [[أذربيجان]] والعراق،<ref>شاكر، التاريخ الإسلامي، ص 11</ref> وابتدأ اسماعيل حملاته العسكرية على أعدائه وبمحاربة مراد ميرزا آق قويونلو وتمكن من دحره قرب مدينة [[أصفهان]] في مكان يسمى أله قوقي<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، | وفي ظل الإرباك الذي كانت تشهده [[إيران]] استطاع [[إسماعيل بن حيدر]] أن يجمع حوله الأتباع، وأن ينتصر على أسرة "آق قويونلو" [[سنة 907 للهجرة]]، في [[أذربيجان]] والعراق،<ref>شاكر، التاريخ الإسلامي، ص 11</ref> وابتدأ اسماعيل حملاته العسكرية على أعدائه وبمحاربة مراد ميرزا آق قويونلو وتمكن من دحره قرب مدينة [[أصفهان]] في مكان يسمى أله قوقي<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، ص 19 و20.</ref> ثم انتقل إلى [[تبريز]] وجعلها قاعدة له، وأخضع الولاة التيمورين.<ref>شاكر، التاريخ الإسلامي، ص 11</ref> فسيطر على أصفهان و[[يزد]] وكرمان وجنوبي [[خراسان]] وضرب النقود باسمه. وكتب عليها "لا إله إلا الله، [[محمد]] رسول الله، [[علي]] ولي الله،<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 18 و55</ref> ومن ثم قضى على الأوزبك وسيطر على جميع خراسان بما فيها [[مشهد]] ومرو وهكذا أمحى فتنة كانت تهدد إيران و[[الهند]] من جانب الأتراك.<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 643.</ref> | ||
وبحلول [[سنة 914 هـ]] تمكن الشاه اسماعيل من قمع جميع مخالفيه في الداخل وسيطر على نواحي مختلفة من جملتها [[كيلان]] ومازندران و[[كرجستان]]، وبعد معركة لم تدم طويلا استولى على [[بغداد]] أيضا.<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، ص 20</ref> وانطلقت للتوسع في الشرق والغرب باتجاه خراسان و[[أفغانستان]] وأذربيجان و[[العراق]] وديار بكر، وبلاد الكرج في الشمال.<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 7.</ref> | وبحلول [[سنة 914 هـ]] تمكن الشاه اسماعيل من قمع جميع مخالفيه في الداخل وسيطر على نواحي مختلفة من جملتها [[كيلان]] ومازندران و[[كرجستان]]، وبعد معركة لم تدم طويلا استولى على [[بغداد]] أيضا.<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، ص 20</ref> وانطلقت للتوسع في الشرق والغرب باتجاه خراسان و[[أفغانستان]] وأذربيجان و[[العراق]] وديار بكر، وبلاد الكرج في الشمال.<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 7.</ref> | ||
سطر ٣٩: | سطر ٣٩: | ||
بعد [[الشاه اسماعيل]] اسلتم الحكم طهماسب الأول الذي يعد واحدا من أطول الملوك حكما (1524 _ 1576 م)<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 23.</ref> وعندما وصل إلى عرش [[إيران]] كان في العاشرة من عمره<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج 3، ص 28. </ref> ومن أبرز الأحداث التي وقعت في فترة حكم طهماسب الأول هي تمرد أخيه سام ميرزا الذي كان حاكما على [[قندهار]]، فجهز طهماسب جيشا لقمع فتنة أخيه، فهرب سام ميرزا ولجأ إلى [[الدولة العثمانية]].<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج 3، ص 30. </ref> قارنت السنين الأخيرة لشاه طهماسب وقائع مختلفة منها ضرب العصاة ودفع الأوزبك، كما أنه أصيب بمرض توفى إثره بعد حكم أربعة وخمسين عاما.<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 651.</ref> ورغم كل هذه الأحداث كانت حكومته فترة للازدهار والاستقرار في الدول الصفوية.<ref>السيد، نشوء وسقوط الدولة الصفوية، ص 54.</ref> | بعد [[الشاه اسماعيل]] اسلتم الحكم طهماسب الأول الذي يعد واحدا من أطول الملوك حكما (1524 _ 1576 م)<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 23.</ref> وعندما وصل إلى عرش [[إيران]] كان في العاشرة من عمره<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج 3، ص 28. </ref> ومن أبرز الأحداث التي وقعت في فترة حكم طهماسب الأول هي تمرد أخيه سام ميرزا الذي كان حاكما على [[قندهار]]، فجهز طهماسب جيشا لقمع فتنة أخيه، فهرب سام ميرزا ولجأ إلى [[الدولة العثمانية]].<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج 3، ص 30. </ref> قارنت السنين الأخيرة لشاه طهماسب وقائع مختلفة منها ضرب العصاة ودفع الأوزبك، كما أنه أصيب بمرض توفى إثره بعد حكم أربعة وخمسين عاما.<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 651.</ref> ورغم كل هذه الأحداث كانت حكومته فترة للازدهار والاستقرار في الدول الصفوية.<ref>السيد، نشوء وسقوط الدولة الصفوية، ص 54.</ref> | ||
تلت فترة طهماسب الأول _ثاني ملوك الصفوية_ فترة دموية مضطربة، حكم فيها ابنه اسماعيل الثاني ثم [[محمد خدا بنده]] الذي تنازل عن العرش لولده عباس.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، | تلت فترة طهماسب الأول _ثاني ملوك الصفوية_ فترة دموية مضطربة، حكم فيها ابنه اسماعيل الثاني ثم [[محمد خدا بنده]] الذي تنازل عن العرش لولده عباس.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 24.</ref> | ||
===الشاه عباس الكبير=== | ===الشاه عباس الكبير=== | ||
{{مفصلة|الشاه عباس الصفوي}} | {{مفصلة|الشاه عباس الصفوي}} | ||
[[ملف:قبر الشاه عباس.jpeg|تصغير|قبر منسوب للشاه عباس في مدينة كاشان]] | [[ملف:قبر الشاه عباس.jpeg|تصغير|قبر منسوب للشاه عباس في مدينة كاشان]] | ||
وصلت الدولة الصفوية قمة مجدها في عهد الشاه عباس، الذي لُقّب بـ"الكبير". تولى الشاه عباس الحكم في سنة 1588 للميلاد وهو لا يتجاوز السابعة عشرة من عمره، فكانت الدولة الصفوية عندما تسلم الشاه عباس زمام الأمور فيها مهددة بالخطر الماحق من الحدود الشرقية والغربية معا، فإضافة إلى خطر [[العثمانيين]] من الغرب كان هناك خطر دولة الأوزبك من الشرق، ولحل هذه الأزمة تصالح مع العثمانيين وتعهد لهم أن يسلمهم مناطق [[أذربيجان]] وجورجيا وقسما من لورستان، وتفرغ لمجابهة الأوزبك واستطاع أن ينزل بهم هزيمة كبيرة في سنة 1597، وهكذا بدأ عصر جديد، يُعتبر "عصرا ذهبيا" من تاريخ [[إيران]].<ref>علي الوردي، الصفوية التاريخ، | وصلت الدولة الصفوية قمة مجدها في عهد الشاه عباس، الذي لُقّب بـ"الكبير". تولى الشاه عباس الحكم في سنة 1588 للميلاد وهو لا يتجاوز السابعة عشرة من عمره، فكانت الدولة الصفوية عندما تسلم الشاه عباس زمام الأمور فيها مهددة بالخطر الماحق من الحدود الشرقية والغربية معا، فإضافة إلى خطر [[العثمانيين]] من الغرب كان هناك خطر دولة الأوزبك من الشرق، ولحل هذه الأزمة تصالح مع العثمانيين وتعهد لهم أن يسلمهم مناطق [[أذربيجان]] وجورجيا وقسما من لورستان، وتفرغ لمجابهة الأوزبك واستطاع أن ينزل بهم هزيمة كبيرة في سنة 1597، وهكذا بدأ عصر جديد، يُعتبر "عصرا ذهبيا" من تاريخ [[إيران]].<ref>علي الوردي، الصفوية التاريخ، ص 24 _ 26.</ref> | ||
إضافة لدفع الأوزبك، حارب الشاه عباس العثمانيين واستعاد المناطق التي قد احتلوها،<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 661.</ref> كما واستولى على البحرين،<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 659.</ref> وقشم وهرمز أيضا<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 663.</ref> وفي آخر عام من عمره أمر بمهاجمة [[البصرة]]، وهو قصد [[مازندران]] حيث توفي في طريقه إلى هناك ونقل جثمانه إلى [[كاشان]] وبعد فترة دفن في [[قم]].<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 667.</ref> | إضافة لدفع الأوزبك، حارب الشاه عباس العثمانيين واستعاد المناطق التي قد احتلوها،<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 661.</ref> كما واستولى على البحرين،<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 659.</ref> وقشم وهرمز أيضا<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 663.</ref> وفي آخر عام من عمره أمر بمهاجمة [[البصرة]]، وهو قصد [[مازندران]] حيث توفي في طريقه إلى هناك ونقل جثمانه إلى [[كاشان]] وبعد فترة دفن في [[قم]].<ref>إقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 667.</ref> | ||
سطر ٥٢: | سطر ٥٢: | ||
رغم ازدهار الدولة الصفوية وتقدمها إبان حكم [[الشاه عباس]] إلا أنها أخذت تنحو نحو الانحدار بعد وفاته<ref>علوي، الصفويون والدولة العثمانية، ص 14.</ref> فكان الشاه عباس يسيء معاملة أولاده ولم يحاول في تنشئة خلف جدير له، الأمر الذي سبب في وقوع المُلك بيد ملوك ضعاف وهكذا أخذت عظمة الدولة واحترامها يقلان.<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 675.</ref> | رغم ازدهار الدولة الصفوية وتقدمها إبان حكم [[الشاه عباس]] إلا أنها أخذت تنحو نحو الانحدار بعد وفاته<ref>علوي، الصفويون والدولة العثمانية، ص 14.</ref> فكان الشاه عباس يسيء معاملة أولاده ولم يحاول في تنشئة خلف جدير له، الأمر الذي سبب في وقوع المُلك بيد ملوك ضعاف وهكذا أخذت عظمة الدولة واحترامها يقلان.<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 675.</ref> | ||
فبعد الشاه عباس تولى حفيده الشاه صفي، ثم ابنه الشاه عباس الثاني، ثم سليمان الأول، وأخيرا الشاه حسين الأول الذي تنازل [[أفغانستان|للأفغانيين]] عن العرش بعد أن حاصروا [[أصفهان]] العاصمة، وبه تنتهي السلسلة الصفوية، ليلجس محمود الأفغان على العرش سنة 1135 للهجرة،<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 690.</ref> ومن ثم بعد حروب عدة وأحداث مختلفة استطاع [[نادر شاه أفشار]] أن يتسلم زمام الحكم.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، | فبعد الشاه عباس تولى حفيده الشاه صفي، ثم ابنه الشاه عباس الثاني، ثم سليمان الأول، وأخيرا الشاه حسين الأول الذي تنازل [[أفغانستان|للأفغانيين]] عن العرش بعد أن حاصروا [[أصفهان]] العاصمة، وبه تنتهي السلسلة الصفوية، ليلجس محمود الأفغان على العرش سنة 1135 للهجرة،<ref>اقبال، تاريخ إيران بعد الإسلام، ص 690.</ref> ومن ثم بعد حروب عدة وأحداث مختلفة استطاع [[نادر شاه أفشار]] أن يتسلم زمام الحكم.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 24.</ref> علما بأن قبيلة أفشار هي إحدى القبائل التركمانية التي ساندت اسماعيل في استقرار الدولة الصفوية.<ref>طقوش، تاريخ الدولة الصفوية، ص 50.</ref> | ||
ويعتبر بعض المؤرخين أن السبب الرئيس في انهيار الدولة الصفوية هو الشاه عباس الذي زرع بذور الضعف في الدولة الصفوية رغم دفعه ب[[إيران]] إلى التقدم، وذلك بإشاعة ثقافة الخوف على المناصب التي آلت إلى قتل بعضهم البعض إضافة إلى كثرة العداوات مع الجيران والتي كانت سببا قويا في إنهاك الدولة وإضعافها، وأيضا القهر الذي مورس على الشعب والضعف الاقتصادي الذي ألمّ بإيران نتيجة النظام الإقطاعي الذي أوجده.<ref>علوي، الصفويون والدولة العثمانية، | ويعتبر بعض المؤرخين أن السبب الرئيس في انهيار الدولة الصفوية هو الشاه عباس الذي زرع بذور الضعف في الدولة الصفوية رغم دفعه ب[[إيران]] إلى التقدم، وذلك بإشاعة ثقافة الخوف على المناصب التي آلت إلى قتل بعضهم البعض إضافة إلى كثرة العداوات مع الجيران والتي كانت سببا قويا في إنهاك الدولة وإضعافها، وأيضا القهر الذي مورس على الشعب والضعف الاقتصادي الذي ألمّ بإيران نتيجة النظام الإقطاعي الذي أوجده.<ref>علوي، الصفويون والدولة العثمانية، ص 14 و15.</ref> | ||
==مكانة الدولة الصفوية== | ==مكانة الدولة الصفوية== | ||
سطر ٦٧: | سطر ٦٧: | ||
===التشيع في إيران قبل الصفويين=== | ===التشيع في إيران قبل الصفويين=== | ||
قبل تسلم الدولة الصفوية لدفة الحكم في [[إيران]]، كان هناك 14 مكانا فقط _من أصل 64 مكانا يُذكر الانتماء الديني لسكانه_ يغلب على سكانه [[المذهب الإمامي]]. والمناطق الأساسية للمذهب الإمامي كانت [[الري]] و''[[سبزوار]]'' و[[كاشان]] و''[[قم]]''، إضافة إلى الهلال الشمالي من [[جيلان]] إلى [[مازندران]]، وكانت أغلب القرى والمدن في إيران يغلب عليها المذهبان [[الشافعي]] و''[[الحنفي]]''، مع عدم وجود مناطق خالصة لأي من المذاهب الفقهية.<ref>المستوفي، حمد الله، نزهة القلوب، نقلا عن: كولن، | قبل تسلم الدولة الصفوية لدفة الحكم في [[إيران]]، كان هناك 14 مكانا فقط _من أصل 64 مكانا يُذكر الانتماء الديني لسكانه_ يغلب على سكانه [[المذهب الإمامي]]. والمناطق الأساسية للمذهب الإمامي كانت [[الري]] و''[[سبزوار]]'' و[[كاشان]] و''[[قم]]''، إضافة إلى الهلال الشمالي من [[جيلان]] إلى [[مازندران]]، وكانت أغلب القرى والمدن في إيران يغلب عليها المذهبان [[الشافعي]] و''[[الحنفي]]''، مع عدم وجود مناطق خالصة لأي من المذاهب الفقهية.<ref>المستوفي، حمد الله، نزهة القلوب، نقلا عن: كولن، ص 99 و100</ref>. | ||
وأما ما يخص السلطة في [[إيران]] فتبنى بعض الحكام قبل الدولة الصفوية [[المذهب الإمامي]]، فمثلا إبان [[الحكم المغولي]] أصبح التشيع لبرهة زمنية قصيرة مذهبا رسميا، واستطاع [[العلامة الحلي]] أن يؤثر على السلطان المغولي آنذاك [[أولجايتو خدا بنده]]، حيث بعد مناظرة في مجلس السلطان بين الحلي وبين ممثلي المذاهب الفقهية المختلفة تمكن العلامة الحلي من اقناع السلطان لاعتناق المذهب الإمامي، الأمر الذي أدّى إلى إعلانه مذهبا رسميا للبلاد، ولكن سرعان ما تراجع السلطان عن رأيه. <ref>كولن، ص 101</ref> | وأما ما يخص السلطة في [[إيران]] فتبنى بعض الحكام قبل الدولة الصفوية [[المذهب الإمامي]]، فمثلا إبان [[الحكم المغولي]] أصبح التشيع لبرهة زمنية قصيرة مذهبا رسميا، واستطاع [[العلامة الحلي]] أن يؤثر على السلطان المغولي آنذاك [[أولجايتو خدا بنده]]، حيث بعد مناظرة في مجلس السلطان بين الحلي وبين ممثلي المذاهب الفقهية المختلفة تمكن العلامة الحلي من اقناع السلطان لاعتناق المذهب الإمامي، الأمر الذي أدّى إلى إعلانه مذهبا رسميا للبلاد، ولكن سرعان ما تراجع السلطان عن رأيه. <ref>كولن، ص 101</ref> | ||
سطر ٧٥: | سطر ٧٥: | ||
وبعد الحكم المغولي أسست [[السربدارية]] _التي بدأت كحركة شيعية_ دولة منتظرة لظهور [[الإمام المهدي]] وذلك بعد أن تحولت إلى حركة عسكرية<ref>كولن: ص 104</ref> وبعدها تبنت دولة قراقويونلو المذهب الشيعي، وكان حدود هذه الدولة من [[بغداد]] إلى [[تبريز]] ومن هناك إلى [[إصفهان]]، وتعتبر دولة قراقويونلو هي الممهدة الحقيقية لظهور الدولة الصفوية الشيعية.<ref>جعفريان، رسول، تاريخ تشيع در إيران، ص 16</ref> | وبعد الحكم المغولي أسست [[السربدارية]] _التي بدأت كحركة شيعية_ دولة منتظرة لظهور [[الإمام المهدي]] وذلك بعد أن تحولت إلى حركة عسكرية<ref>كولن: ص 104</ref> وبعدها تبنت دولة قراقويونلو المذهب الشيعي، وكان حدود هذه الدولة من [[بغداد]] إلى [[تبريز]] ومن هناك إلى [[إصفهان]]، وتعتبر دولة قراقويونلو هي الممهدة الحقيقية لظهور الدولة الصفوية الشيعية.<ref>جعفريان، رسول، تاريخ تشيع در إيران، ص 16</ref> | ||
فقبل الصفويين كان للوجود [[الشيعي]] تأثير واضح في مجريات الأحداث السياسية والاجتماعية.<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، | فقبل الصفويين كان للوجود [[الشيعي]] تأثير واضح في مجريات الأحداث السياسية والاجتماعية.<ref>الجاف، موسوعة تاريخ إيران السياسي، ج3، ص 12</ref> ولكن رغم كل ما ذُكر، بعد أن فتح [[الشاه اسماعيل]] تبريز عجز عن العثور على أي مدونة عن المبادئ العامة للإمامية ما عدا مخطوطة في [[الفقه]] للعلامة الحلي.<ref>كولن، ص 100</ref> | ||
===انتشار التشيع إبان الحكم الصفوي=== | ===انتشار التشيع إبان الحكم الصفوي=== | ||
سطر ٩٩: | سطر ٩٩: | ||
===الحركة العلمية=== | ===الحركة العلمية=== | ||
رافقت الدولة الصفوية حركة ترجمة وتأليف كبيرة، وزوّدت المكتبة [[الشيعية]] بنتاج جديد، وذلك إضافة إلى حركة الدراسة والبحث.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 181.</ref> كما ونبغ في عهد الدولة الصفوية عدد من العلماء والمفكرين، من أبرزهم: | رافقت الدولة الصفوية حركة ترجمة وتأليف كبيرة، وزوّدت المكتبة [[الشيعية]] بنتاج جديد، وذلك إضافة إلى حركة الدراسة والبحث.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 181.</ref> كما ونبغ في عهد الدولة الصفوية عدد من العلماء والمفكرين، من أبرزهم: | ||
* '''[[الشيخ علي الكركي العاملي]]''': الذي دعاه [[الشاه اسماعيل]] إلى [[إيران]] من أجل نشر مذهب الإمامية، وهو أول من قال بأن الفقهاء هم النواب العامون [[الإمام المهدي (ع)|للإمام المهدي (ع)]].<ref>تيرنر، التشيع والتحول في العصر الصفوي، | * '''[[الشيخ علي الكركي العاملي]]''': الذي دعاه [[الشاه اسماعيل]] إلى [[إيران]] من أجل نشر مذهب الإمامية، وهو أول من قال بأن الفقهاء هم النواب العامون [[الإمام المهدي (ع)|للإمام المهدي (ع)]].<ref>تيرنر، التشيع والتحول في العصر الصفوي، ص 147 و156.</ref> | ||
* '''[[كمال الدين درويش محمد بن الحسن]]''': جاء بعد الشيخ الكركي ويقال بأنه أول من نشر أحاديث الشيعة في العهد الصفوي.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 137 و138.</ref> | * '''[[كمال الدين درويش محمد بن الحسن]]''': جاء بعد الشيخ الكركي ويقال بأنه أول من نشر أحاديث الشيعة في العهد الصفوي.<ref>المهاجر، الهجرة العالمية، ص 137 و138.</ref> | ||
* '''بهاء الدين، الشيخ محمد بن الشيخ حسين العاملي الملقب بـ "[[البهائي]]"''': عاش البهائي في عصر [[الشاه عباس الكبير]]، وتولى مشيخة الإسلام، ونال لدى الشاه حظوة لم ينلها أحد غيره، وكان يميل إلى [[التصوف]] والزهد، للبهائي كتاب "[[الكشكول]]" الذي راج في [[مصر]] وإيران.<ref>الوردي، الدولة الصفوية والتشيع، ص 32 و33.</ref> | * '''بهاء الدين، الشيخ محمد بن الشيخ حسين العاملي الملقب بـ "[[البهائي]]"''': عاش البهائي في عصر [[الشاه عباس الكبير]]، وتولى مشيخة الإسلام، ونال لدى الشاه حظوة لم ينلها أحد غيره، وكان يميل إلى [[التصوف]] والزهد، للبهائي كتاب "[[الكشكول]]" الذي راج في [[مصر]] وإيران.<ref>الوردي، الدولة الصفوية والتشيع، ص 32 و33.</ref> |