انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «القدس»

أُضيف ٤١ بايت ،  ١٥ يوليو ٢٠١٨
imported>Ahmadnazem
imported>Alkazale
سطر ٦٣: سطر ٦٣:
[[ملف:القدس.jpg|450px|تصغير|يسار|القدس]]
[[ملف:القدس.jpg|450px|تصغير|يسار|القدس]]
=== مرحلة يوشع بن نون ===
=== مرحلة يوشع بن نون ===
کان [[یوشع بن نون]] أحد [[النقيب|نقباء]] بني إسرائیل الذي کان بخدمة [[النبي]] [[موسى]]{{ع}} وأصبح بعده خلیفته وإماماً لبني إسرائیل،<ref>الصفار، بصائر الدرجات فی فضائل آل محمّد (ص): ج 1، ص99.</ref>ولم یذکر اسم یوشع في [[القرآن|القرآن الکریم]]، و لکن المفسرین اعتبروه أحد النقباء في تفسیر الآیة 12 والآیة 23 من [[سورة المائدة]].<ref> الفیض الکاشانی، البحر المحیط في التفسیر، ج 4، ص219.</ref>، وطبقوا الآیة 60 من [[سورة الکهف]] على یوشع بن نون أیضاً.<ref>محمد سبزواري، الأصفی في تفسیر القرآن: ج2، ص720.</ref>
کان [[یوشع بن نون]] أحد [[النقيب|نقباء]] بني إسرائیل الذي کان بخدمة [[النبي]] [[موسى]]{{ع}} وأصبح بعده خلیفته وإماماً لبني إسرائیل،<ref>الصفار، بصائر الدرجات فی فضائل آل محمّد (ص): ج 1، ص99.</ref>ولم یذکر اسم یوشع في [[القرآن|القرآن الکریم]]، و لکن المفسرین اعتبروه أحد النقباء في تفسیر الآیة 12 والآیة 23 من [[سورة المائدة]].<ref> الفیض الکاشانی، البحر المحیط في التفسیر، ج 4، ص219.</ref>، وطبقوا الآیة 60 من [[سورة الکهف]] على یوشع بن نون أیضاً.<ref>محمد سبزواري، الأصفی في تفسیر القرآن: ج 2، ص 720.</ref>


يعتبر دخول [[يشوع]] بلاد [[فلسطين]] بداية عهد [[اليهود]] بهذه الأرض وارتباطهم بها نظرياً.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج1، ص323.</ref>، فإنهم في زمن [[إبراهيم النبي|إبراهيم]]{{ع}} لم يكونوا أمة بعد، بل كان إبراهيم{{ع}}
يعتبر دخول [[يشوع]] بلاد [[فلسطين]] بداية عهد [[اليهود]] بهذه الأرض وارتباطهم بها نظرياً.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 1، ص 323.</ref>، فإنهم في زمن [[إبراهيم النبي|إبراهيم]]{{ع}} لم يكونوا أمة بعد، بل كان إبراهيم{{ع}}
نفسه يعيش حالة التنقل والتغرب في تلك البلاد، وكذلك الحال في [[إسحاق]]{{ع}} و[[يعقوب]]{{ع}}. ولم تستطع [[التوراة]] أن تقدم لنا صورة واضحة وصريحة حول دخولهم أرض [[فلسطين]]، فبينما يصوره [[سفر يشوع]] على أنه دخول عسكري وقهر للأمم التي كانت ساكنة في تلك الأرض واستعباد لها، وتنتهي الحرب بتملك الإسرائيليين الأرض يقول: "فأخذ يشوع كل الأرض حسب ما كلم به الرب موسى وأعطاها [[يشوع]] ملكاً [[لإسرائيل]] حسب فرقهم وأسباطهم واستراحت الأرض من الحرب".<ref>سفر يشوع: 11-23.</ref>
نفسه يعيش حالة التنقل والتغرب في تلك البلاد، وكذلك الحال في [[إسحاق]]{{ع}} و[[يعقوب]]{{ع}}. ولم تستطع [[التوراة]] أن تقدم لنا صورة واضحة وصريحة حول دخولهم أرض [[فلسطين]]، فبينما يصوره [[سفر يشوع]] على أنه دخول عسكري وقهر للأمم التي كانت ساكنة في تلك الأرض واستعباد لها، وتنتهي الحرب بتملك الإسرائيليين الأرض يقول: "فأخذ يشوع كل الأرض حسب ما كلم به الرب موسى وأعطاها [[يشوع]] ملكاً [[لإسرائيل]] حسب فرقهم وأسباطهم واستراحت الأرض من الحرب".<ref>سفر يشوع: 11-23.</ref>


سطر ٧٥: سطر ٧٥:
فبعد موت [[يوشع]] جاء عهد عرف ب"[[عهد القضاة]]" يقول صاحب تاريخ الإسرائيليين: "كانت البلاد [[فلسطين]] في عهد القضاة أشبه شيء بولايات متحدة، في كل ولاية سبط من الأسباط الإثني عشر يحكمه كبار العشائر، وهده الأسباط جميعها مرتبطة برباط واحد، وكانوا يشتركون في الحفلات الدينية الكبرى على أنهم كثيراً ما ارتدوا عن عبادى الله إلى عبادة الأصنام".  
فبعد موت [[يوشع]] جاء عهد عرف ب"[[عهد القضاة]]" يقول صاحب تاريخ الإسرائيليين: "كانت البلاد [[فلسطين]] في عهد القضاة أشبه شيء بولايات متحدة، في كل ولاية سبط من الأسباط الإثني عشر يحكمه كبار العشائر، وهده الأسباط جميعها مرتبطة برباط واحد، وكانوا يشتركون في الحفلات الدينية الكبرى على أنهم كثيراً ما ارتدوا عن عبادى الله إلى عبادة الأصنام".  


وفي [[التوراة]] جاء: "إن ذلك كان سبباً في تسلط الأجانب عليهم، فكان لهم من قضاتهم هؤلاء قواد يلمون شعثهم.<ref>المرصفي، أسطورة الوطن اليهودي، ج1، ص88.</ref>
وفي [[التوراة]] جاء: "إن ذلك كان سبباً في تسلط الأجانب عليهم، فكان لهم من قضاتهم هؤلاء قواد يلمون شعثهم.<ref>المرصفي، أسطورة الوطن اليهودي، ج 1، ص 88.</ref>


وجاء كذلك في [[سفر القضاة]] أن [[بني إسرائيل]] عاثوا فساداً في [[الأرض المقدسة]] وبالغوا في الشرك، ففي الصحاح الثاني من هذا السفر عرض اجمالي لسيرتهم في هذا العهد حيث يقول: "ونشأ جيل آخر بعدهم -أي بعد يوشع وأتباعه- جيل آخر لا يعرف الرب، ولا ما صنع [[لإسرائيل]]، ففعل [[بنو إسرائيل]] الشر في أعين الرب، وعبدوا البعليم، وتركوا الرب آله أبائهم الذي أخرجهم من مصر، وتبعوا آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأسخطوا الرب. فغضب الرب على إسرائيل فدفعهم إلى المنتهبين فاتهبوهم وباعهم إلى أيدي أعدائهم الذين حولهم، ولم يقدروا بعد أن يثبتوا في وجوه أعدائهم، فكانوا حيثما خرجوا تكون يد الرب عليهم للشر، فضاق بهم الأمر جداً".<ref>المرصفي، أسطورة الوطن اليهودي: ج1، ص88.</ref>
وجاء كذلك في [[سفر القضاة]] أن [[بني إسرائيل]] عاثوا فساداً في [[الأرض المقدسة]] وبالغوا في الشرك، ففي الصحاح الثاني من هذا السفر عرض اجمالي لسيرتهم في هذا العهد حيث يقول: "ونشأ جيل آخر بعدهم -أي بعد يوشع وأتباعه- جيل آخر لا يعرف الرب، ولا ما صنع [[لإسرائيل]]، ففعل [[بنو إسرائيل]] الشر في أعين الرب، وعبدوا البعليم، وتركوا الرب آله أبائهم الذي أخرجهم من مصر، وتبعوا آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأسخطوا الرب. فغضب الرب على إسرائيل فدفعهم إلى المنتهبين فاتهبوهم وباعهم إلى أيدي أعدائهم الذين حولهم، ولم يقدروا بعد أن يثبتوا في وجوه أعدائهم، فكانوا حيثما خرجوا تكون يد الرب عليهم للشر، فضاق بهم الأمر جداً".<ref>المرصفي، أسطورة الوطن اليهودي: ج 1، ص 88.</ref>


و جاء في [[تفسير القمي]] أن [[الإمام الباقر|أبي جعفر]]{{ع}} قال: "إن بني إسرائيل بعد موت [[موسى]]{{ع}} عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله، وعتوا عن أمر ربهم، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلن يطيعوه، فسلط عليهم الله جالوت وهو من القبط فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم، واستعبد نساءهم".<ref>الطباطبائي، تفسير الميزان: ج2، ص301.</ref>
و جاء في [[تفسير القمي]] أن [[الإمام الباقر|أبي جعفر]]{{ع}} قال: "إن بني إسرائيل بعد موت [[موسى]]{{ع}} عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله، وعتوا عن أمر ربهم، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلن يطيعوه، فسلط عليهم الله جالوت وهو من القبط فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأموالهم، واستعبد نساءهم".<ref>الطباطبائي، تفسير الميزان: ج 2، ص 301.</ref>


=== مرحلة الملوك الأولى ===
=== مرحلة الملوك الأولى ===
اختلف المؤرخون في تحديد هذه الفترة، لكنهم اتفقوا على أن هذه المرحلة، قويت فيها [[بنو إسرائيل]]، وتتلخص هذه الفترة بحسب الملوك الذين تولوا ملك بني إسرائيل على [[الأرض المقدسة]] وهم ثلاثة: الملك [[طالوت]]، [[النبي داود]]{{ع}}، [[النبي سليمان]]{{ع}}.
اختلف المؤرخون في تحديد هذه الفترة، لكنهم اتفقوا على أن هذه المرحلة، قويت فيها [[بنو إسرائيل]]، وتتلخص هذه الفترة بحسب الملوك الذين تولوا ملك بني إسرائيل على [[الأرض المقدسة]] وهم ثلاثة: الملك [[طالوت]]، [[النبي داود]]{{ع}}، [[النبي سليمان]]{{ع}}.
====  عهد الملك طالوت====
====  عهد الملك طالوت====
خلال حكمه قاد بني إسرائيل إلى الكثير من المعارك ضد أعدائهم، وكانت من أبرز الحوادث في زمنه حربه ضد الوثنيين من أهل فلسطين بقيادة [[جالوت]]، الذي ذكر اسمه [[التوراة]] وذكر طرفاً من خبر المعركة بين [[طالوت]] و[[جالوت]] على حسب الرواية اليهودية التي جاءت في [[سفر صموئيل الأول]] الفصل السابع عشر، إذ سمته الرواية بـ"جليات" كما أن [[القرآن]] قد أتى على هذه القصة. وفي هذه المعركة كان [[داود]]{{ع}} من ضمن جنود [[طالوت]] وهو من قضى على [[جالوت]] وحكمه.<ref>أسطورة الوطن اليهودي: ج1، ص95.</ref>
خلال حكمه قاد بني إسرائيل إلى الكثير من المعارك ضد أعدائهم، وكانت من أبرز الحوادث في زمنه حربه ضد الوثنيين من أهل فلسطين بقيادة [[جالوت]]، الذي ذكر اسمه [[التوراة]] وذكر طرفاً من خبر المعركة بين [[طالوت]] و[[جالوت]] على حسب الرواية اليهودية التي جاءت في [[سفر صموئيل الأول]] الفصل السابع عشر، إذ سمته الرواية بـ"جليات" كما أن [[القرآن]] قد أتى على هذه القصة. وفي هذه المعركة كان [[داود]]{{ع}} من ضمن جنود [[طالوت]] وهو من قضى على [[جالوت]] وحكمه.<ref>أسطورة الوطن اليهودي: ج 1، ص 95.</ref>
==== عهد النبي داود ====
==== عهد النبي داود ====
لم يستطع [[اليهود]] الاستيلاء على [[حصن صهيون]] إلا في عهد [[داود]]{{ع}} الذي اتخذ القدس عاصمةً له وأطلق على مدينة اليبوسيين اسم "[[مدينة داود]]". وكان أكثر سكان المدينة في عهده من [[اليبوسيين]] و[[الكنعانيين]] و[[العموريين]] والفلسطينيين. وكان ذلك في سنة 1020 ق-م.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ص175</ref>
لم يستطع [[اليهود]] الاستيلاء على [[حصن صهيون]] إلا في عهد [[داود]]{{ع}} الذي اتخذ القدس عاصمةً له وأطلق على مدينة اليبوسيين اسم "[[مدينة داود]]". وكان أكثر سكان المدينة في عهده من [[اليبوسيين]] و[[الكنعانيين]] و[[العموريين]] والفلسطينيين. وكان ذلك في سنة 1020 ق-م.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ص 175</ref>


أسس [[داود]] المملكة العبرانية المتحدة، وبعد ثمانية سنوات من حكمه فتح داود القدس وحولها إلى عاصمة لمملكته لما تتمتع به الأخيرة من ميزات استراتجية جغرافياً.
أسس [[داود]] المملكة العبرانية المتحدة، وبعد ثمانية سنوات من حكمه فتح داود القدس وحولها إلى عاصمة لمملكته لما تتمتع به الأخيرة من ميزات استراتجية جغرافياً.


بنى [[معبد ليهوه]] وضع فيه [[تابوت]] العهد مثبتاً بهذا توحيد المملكة و[[القبائل العبرانية]] وبعد تثبيت السلطة أسس جيشاً محترفاً.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ج4، ص176.</ref>
بنى [[معبد ليهوه]] وضع فيه [[تابوت]] العهد مثبتاً بهذا توحيد المملكة و[[القبائل العبرانية]] وبعد تثبيت السلطة أسس جيشاً محترفاً.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ج4، ص 176.</ref>


يعتبر عهده العهد الأقوى إذا ما ضم إلى عهد ابنه [[سليمان]]{{ع}} في تاريخ بني إسرائيل. فقد قيل إن مملكته قد بلغت أقصى اتساع لما تملكه بنو إسرائيل، فامتدت من [[جبل الكرمل]] و[[تل القاضي]] إلى [[جبل الشيخ]] شمالاً، وإلى حدود [[مصر]] ونهر الموجب جنوباً، وإلى الصحراء شرقاً.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ج4، ص175.</ref>
يعتبر عهده العهد الأقوى إذا ما ضم إلى عهد ابنه [[سليمان]]{{ع}} في تاريخ بني إسرائيل. فقد قيل إن مملكته قد بلغت أقصى اتساع لما تملكه بنو إسرائيل، فامتدت من [[جبل الكرمل]] و[[تل القاضي]] إلى [[جبل الشيخ]] شمالاً، وإلى حدود [[مصر]] ونهر الموجب جنوباً، وإلى الصحراء شرقاً.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ج 4، ص 175.</ref>


حكم النبي داود{{ع}} بشريعة [[الزبور]] المنزل عليه من الله وكان حاكماً عادلاً بين قومه. يقول [[الإمام علي]]{{ع}} وهو يخاطب [[شريح]]: "'''يا شريح والله لأحكمن فيه حكماً لم يحكمه أحد من قبلي إلا داود النبي{{ع}}'''".<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص309.</ref>
حكم النبي داود{{ع}} بشريعة [[الزبور]] المنزل عليه من الله وكان حاكماً عادلاً بين قومه. يقول [[الإمام علي]]{{ع}} وهو يخاطب [[شريح]]: "'''يا شريح والله لأحكمن فيه حكماً لم يحكمه أحد من قبلي إلا داود النبي{{ع}}'''".<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م 7، ج 14، ص 309.</ref>


كان [[داود]]{{ع}} يخرج إلى موضع بيت المقدس ليرى الملائكة تعرج منه إلى السماء وكان كثير ما يأخذ موضع الصخرة للدعاء حتى اتخذ قومه ذلك الموضع مسجداً.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص311.</ref> وفي تفسير قوله تعالى:{{قرآن| يعملون له مايشاء من محاريب}}، قيل المحاريب هي البيوت الشريفة،  وقيل: هي القصور والمساجد يتعبد فيها. وعن قتادة والجبائي قالا: "وكان مما عملوه بيت المقدس".<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص350.</ref>
كان [[داود]]{{ع}} يخرج إلى موضع بيت المقدس ليرى الملائكة تعرج منه إلى السماء وكان كثير ما يأخذ موضع الصخرة للدعاء حتى اتخذ قومه ذلك الموضع مسجداً.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص311.</ref> وفي تفسير قوله تعالى:{{قرآن| يعملون له مايشاء من محاريب}}، قيل المحاريب هي البيوت الشريفة،  وقيل: هي القصور والمساجد يتعبد فيها. وعن قتادة والجبائي قالا: "وكان مما عملوه بيت المقدس".<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م 7، ج 14، ص 350.</ref>


كان داود{{ع}} أول من بنى بيت المقدس، لقد جمع بني اسرائيل بعد أن نجاهم الله من الطاعون وطلب منهم أن يجددوا الشكر لله وبأن يتخذوا من مكان بيت المقدس الذي هو مهبط الر حمة مسجداً، ففعلوا وأخذوا في بناء بيت المقدس فكان [[داود]]{{ع}} ينقل لهم الحجارة على عاتقه في الأثناء أوحى الله إلى [[داود]]{{ع}} أن تمام بنائه سيكون على يد ابنه سليمان.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص350.</ref>
كان داود{{ع}} أول من بنى بيت المقدس، لقد جمع بني اسرائيل بعد أن نجاهم الله من الطاعون وطلب منهم أن يجددوا الشكر لله وبأن يتخذوا من مكان بيت المقدس الذي هو مهبط الر حمة مسجداً، ففعلوا وأخذوا في بناء بيت المقدس فكان [[داود]]{{ع}} ينقل لهم الحجارة على عاتقه في الأثناء أوحى الله إلى [[داود]]{{ع}} أن تمام بنائه سيكون على يد ابنه سليمان.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م 7، ج 14، ص 350.</ref>


==== عهد النبي سليمان ====
==== عهد النبي سليمان ====
لما استخلف [[النبي]] [[سليمان]]{{ع}} على بني إسرائيل، أحب إتمام بيت المقدس فجمع [[الجن]] والشياطين وقسّم عليهم الأعمال، وأمر ببناء المدينة ولما فرغ من بناء المدينة بدأ في بناء المسجد، ولما فرغ منه جمع بني إسرائيل وأعلمهم بأنه بناه لله، ولم يزل بيت المقدس في حلته البهية التي بناها عليها [[سليمان]]{{ع}} حتى غزا [[بخت نصر]] بني إسرائيل فخرّب المدينة وهدّمها ونقض [[المسجد]] وسلب ما في سقوفه من درر وذهب.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص351.</ref>
لما استخلف [[النبي]] [[سليمان]]{{ع}} على بني إسرائيل، أحب إتمام بيت المقدس فجمع [[الجن]] والشياطين وقسّم عليهم الأعمال، وأمر ببناء المدينة ولما فرغ من بناء المدينة بدأ في بناء المسجد، ولما فرغ منه جمع بني إسرائيل وأعلمهم بأنه بناه لله، ولم يزل بيت المقدس في حلته البهية التي بناها عليها [[سليمان]]{{ع}} حتى غزا [[بخت نصر]] بني إسرائيل فخرّب المدينة وهدّمها ونقض [[المسجد]] وسلب ما في سقوفه من درر وذهب.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م 7، ج 14، ص 351.</ref>


تحولت القدس في عهده إلى مدينة تجارية فانتعشت الزراعة وبنيت السدود وأصبح لديه جيش كبير جنوده من الإنس والجن. بنى أسطولاً تجارياً واستخدم السفن في نقل البضائع إلى بلاد العرب وأفريقيا.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ج4، ص177.</ref>
تحولت القدس في عهده إلى مدينة تجارية فانتعشت الزراعة وبنيت السدود وأصبح لديه جيش كبير جنوده من الإنس والجن. بنى أسطولاً تجارياً واستخدم السفن في نقل البضائع إلى بلاد العرب وأفريقيا.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ج 4، ص 177.</ref>


يعتقد أغلب الكتاب أن الدولة في عهد [[سليمان]]{{ع}} أصبحت مملكة ضخمة ثرية انتشر تأثيرها في المنطقة وحظيت بمكانة هامة كدولة وسيطة بين [[مصر]] وأسيا الصغرى، وقد تحدث [[القرآن الكريم]] على عظمة هذه المملكة. ويقول [[الإمام الباقر|أبي جعفر(ع)]]: "كان ملك سليمان ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر".<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص356.</ref>
يعتقد أغلب الكتاب أن الدولة في عهد [[سليمان]]{{ع}} أصبحت مملكة ضخمة ثرية انتشر تأثيرها في المنطقة وحظيت بمكانة هامة كدولة وسيطة بين [[مصر]] وأسيا الصغرى، وقد تحدث [[القرآن الكريم]] على عظمة هذه المملكة. ويقول [[الإمام الباقر|أبي جعفر(ع)]]: "كان ملك سليمان ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر".<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م 7، ج 14، ص 356.</ref>


علم سليمان{{ع}} شعبه الكثير من القيم كما علمهم فضل [[الشريعة]] والقانون والنظام، كما أقنعهم بنبذ الشقاق والحرب والالتفات إلى الصناعة والتجارة باعتبارهما من أهم ركائز التطور في ظل السلم والأمان الذي عم المملكة.<ref>المملكة العبرانية في عهد داود و سليمان: ص105.</ref>
علم سليمان{{ع}} شعبه الكثير من القيم كما علمهم فضل [[الشريعة]] والقانون والنظام، كما أقنعهم بنبذ الشقاق والحرب والالتفات إلى الصناعة والتجارة باعتبارهما من أهم ركائز التطور في ظل السلم والأمان الذي عم المملكة.<ref>المملكة العبرانية في عهد داود و سليمان: ص 105.</ref>


اتخذ سليمان بيت المقدس معتكفاً له حتى مات فيه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م7، ج14، ص393.</ref>
اتخذ سليمان بيت المقدس معتكفاً له حتى مات فيه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار: م 7، ج 14، ص 393.</ref>


=== مرحلة الملوك الثانية ===
=== مرحلة الملوك الثانية ===
يعتبر هذا العهد بداية انهيار [[المملكة العبرانية]] فبعد موت [[سليمان]){{ع}} انقسمت المملكة إلى مملكتين مملكة جنوبية وعاصمتها القدس مملكة يهوذا، يحكمها أحفاد داود{{ع}}، ومملكة شمالية وعاصمتها السامرة مملكة اسرائيل يحكمها يربعام.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ص179.</ref> وفي هذا العهد قام النزاع بين الدولتين ونسي اليهود تعاليم الله وعبدوا الأوثان فسلط الله عليهم جيرانهم الذين أذاقوهم العذاب وأنزلوا بهم الهزائم المتلاحقة.
يعتبر هذا العهد بداية انهيار [[المملكة العبرانية]] فبعد موت [[سليمان]){{ع}} انقسمت المملكة إلى مملكتين مملكة جنوبية وعاصمتها القدس مملكة يهوذا، يحكمها أحفاد داود{{ع}}، ومملكة شمالية وعاصمتها السامرة مملكة اسرائيل يحكمها يربعام.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ص 179.</ref> وفي هذا العهد قام النزاع بين الدولتين ونسي اليهود تعاليم الله وعبدوا الأوثان فسلط الله عليهم جيرانهم الذين أذاقوهم العذاب وأنزلوا بهم الهزائم المتلاحقة.


استطاع سرجون الثاني ملك أشور الاستيلاء على مملكة الشمال وأعمل في أهلها تنكيلاً وشتتهم خارج بلادهم سنة 720 ق.م. أما مملكة الجنوب فقد استولى عليها "نخاو" أحد ملوك مصر وضمها إلى الامبراطورية المصرية إلى أن جاء بوختنصر ملك البابليين فقضى على البقية الباقية من اليهود ودك القدس سنة 586 ق.م. وأسر البقية.
استطاع سرجون الثاني ملك أشور الاستيلاء على مملكة الشمال وأعمل في أهلها تنكيلاً وشتتهم خارج بلادهم سنة 720 ق.م. أما مملكة الجنوب فقد استولى عليها "نخاو" أحد ملوك مصر وضمها إلى الامبراطورية المصرية إلى أن جاء بوختنصر ملك البابليين فقضى على البقية الباقية من اليهود ودك القدس سنة 586 ق.م. وأسر البقية.


وبعد دخول ملك الفرس [[قورش]] [[فلسطين]] عندها بدأت رحلة العودة لليهود إلى فلسطين، تلطف الملك قورش على الأسرى من بني اسرائيل وأذن لهم في الرجوع إلى الأرض المقدسة وأعانهم على تعمير [[المسجد الأقصى]] وتجديد الأبنية.<ref>الطباطبائي، تفسير الميزان: ج13، ص44.</ref>غير أن قسماً كبيراً منهم آثروا البقاء في [[بابل]] وبعضهم بقي في [[مصر]]، وأما من عاد إلى [[فلسطين]] ظل تحت حكم الفرس، ولم يكن لهم أي دور في إدارة البلاد، واستمر حكم الفرس إلى عام 320 قبل الميلاد حيث غزا "الاسكندر" البلاد بما فيها فلسطين واحتلها وتوالت الغزوات إلى أن جاء الرومان بقيادة هيرودس وغزا فلسطين وملك على بني إسرائيل، ولكن سنة 70 ميلادية دمر تيطس ملك الرومان القدس رداً على ثورة [[اليهود]] عليه، وبعد ذلك بدأت [[المسيحية]] تنتشر في القدس.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ص182-230.</ref>
وبعد دخول ملك الفرس [[قورش]] [[فلسطين]] عندها بدأت رحلة العودة لليهود إلى فلسطين، تلطف الملك قورش على الأسرى من بني اسرائيل وأذن لهم في الرجوع إلى الأرض المقدسة وأعانهم على تعمير [[المسجد الأقصى]] وتجديد الأبنية.<ref>الطباطبائي، تفسير الميزان: ج 13، ص 44.</ref>غير أن قسماً كبيراً منهم آثروا البقاء في [[بابل]] وبعضهم بقي في [[مصر]]، وأما من عاد إلى [[فلسطين]] ظل تحت حكم الفرس، ولم يكن لهم أي دور في إدارة البلاد، واستمر حكم الفرس إلى عام 320 قبل الميلاد حيث غزا "الاسكندر" البلاد بما فيها فلسطين واحتلها وتوالت الغزوات إلى أن جاء الرومان بقيادة هيرودس وغزا فلسطين وملك على بني إسرائيل، ولكن سنة 70 ميلادية دمر تيطس ملك الرومان القدس رداً على ثورة [[اليهود]] عليه، وبعد ذلك بدأت [[المسيحية]] تنتشر في القدس.<ref>المسيري، اليهود واليهودية والصهيونية: ص 182-230.</ref>


== القدس في الفتح الاسلامي ==
== القدس في الفتح الاسلامي ==
مستخدم مجهول