انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الصراط»

أُزيل ٤١٢ بايت ،  ٣١ مايو ٢٠١٧
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Foad
imported>Foad
لا ملخص تعديل
سطر ١٤: سطر ١٤:
فمن مشى على الصراط [[يوم القيامة]] كان من المهتدين، أمّا من انحرف عن الصراط فيُقال عنه بأنّه قد ضلّ،<ref>الحيدري، المعاد، ج 1، ص 323.</ref> ولذا قال تعالى: {{قرآن|اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}}،<ref>الفاتحة: 6.</ref> ويجعل الهداية في قِبال الضلالة: {{قرآن|غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}}.<ref>الفاتحة: 7.</ref>
فمن مشى على الصراط [[يوم القيامة]] كان من المهتدين، أمّا من انحرف عن الصراط فيُقال عنه بأنّه قد ضلّ،<ref>الحيدري، المعاد، ج 1، ص 323.</ref> ولذا قال تعالى: {{قرآن|اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}}،<ref>الفاتحة: 6.</ref> ويجعل الهداية في قِبال الضلالة: {{قرآن|غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}}.<ref>الفاتحة: 7.</ref>


==أستقامة الصراط==
==أستقامة الصراط ودقته وحدته==
اقترن صراط الحقّ بصفة الاستقامة، وهذه الصفة لها دلالة على التوسّط والاعتدال في الحركة والمسير ، فلا مَزلّة إلى يمين ولا مَضلّة إلى شمال، وله كذلك دلالة على معنى السرعة في بلوغ الغاية الكبرى؛ ذلك أنّ استقامة الخطّ تجعله أقصر مسافة بين مبدئه ومنتهاه، في حين يَسِم الاعوجاجُ الطريقَ بِسمات الطول والبطء والانحراف.
اقترن صراط الحقّ بصفة الاستقامة، وهذه الصفة لها دلالة على التوسّط والاعتدال في الحركة والمسير ، فلا مَزلّة إلى يمين ولا مَضلّة إلى شمال، وله كذلك دلالة على معنى السرعة في بلوغ الغاية الكبرى؛ ذلك أنّ استقامة الخطّ تجعله أقصر مسافة بين مبدئه ومنتهاه، في حين يَسِم الاعوجاجُ الطريقَ بِسمات الطول والبطء والانحراف.


==دقة الصراط وحدّته==
يوصف الصراط، إضافةً إلى الاستقامة، بصفتين أُخريَين تكشفان عن واقعيّة دقيقة، إذ قالت عنه [[الرواية|روايات]] [[النبي]]{{صل}} و [[أهل البيت|أهل بيته]] صلوات الله عليهم أجمعين بأنّه «أدقّ من الشَّعرة، وأحدّ من السيف». فكيف يكون صراط الله المستقيم على هذه الشاكلة من الدقّة الدقيقة والحدّة الحادّة؟ وماذا تعني هاتان الصفتان في حاضر الإنسان وفي مستقبله حين يدخل في حقائق [[القيامة]] المنكشفة.
يوصف الصراط، إضافةً إلى الاستقامة، بصفتين أُخريَين تكشفان عن واقعيّة دقيقة، إذ قالت عنه [[الرواية|روايات]] [[النبي]]{{صل}} و [[أهل البيت|أهل بيته]] صلوات الله عليهم أجمعين بأنّه «أدقّ من الشَّعرة، وأحدّ من السيف». فكيف يكون صراط الله المستقيم على هذه الشاكلة من الدقّة الدقيقة والحدّة الحادّة؟ وماذا تعني هاتان الصفتان في حاضر الإنسان وفي مستقبله حين يدخل في حقائق [[القيامة]] المنكشفة.


==الصراط صراطان==
==الصراط صراطان==
لابدّ من التنويه أوّلاً بهذه الحقيقة، وهي أنّ الصراط المستقيم صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة. يقول [[الإمام الحسن العسكري]]{{ع}} عن هذين الصراطين: «فأمّا الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قَصُر عن الغلوّ، وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يَعدِل إلى شيء من الباطل. وأمّا الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة... الذي هو مستقيم».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج24، ص9.</ref>
تؤكد [[الروايات|الروايات الشريفة]] أن [[الله|لله]] سبحانه صراطان: صراط في [[الدنيا]]، وصراط في [[الآخرة]]، يقول [[الإمام الحسن العسكري]]{{ع}} عن هذين الصراطين: «فأمّا الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قَصُر عن الغلوّ، وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يَعدِل إلى شيء من الباطل. وأمّا الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة... الذي هو مستقيم».<ref>العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 24، ص 9.</ref>
وهذا ممّا يكشف لنا سريعاً عن ارتباط الصراط بالمنهج الإلهي الذي أعدّه الله{{عز وجل}}لتتعرّف عليه البشرية وتهتدي به في الحركة الصاعدة المتقدّمة دوماً إلى الأمام، والذي كان حُجج الله من أنبياء وأوصياء سلام الله عليهم هم الداعين إليه والدالّين عليه.


==صراط الدنيا==
===صراط الدنيا===
الواقع أنّ المضمون الديني المقدس بما يتضمّن من التزام ومن رفض ينبغي أن يصبغ بصبغته الأصيلة حياة الفرد وحياة الأمة، وهو الذي يغيّبهم في نوره وسعادته إذا نَهجوا فيه.. حتّى يبلّغهم الكمال اللائق المطلوب، فإذا هم بشر أسوياء. وهذا هو صراطهم في الدنيا.
الواقع أنّ المضمون الديني المقدس بما يتضمّن من التزام ومن رفض ينبغي أن يصبغ بصبغته الأصيلة حياة الفرد وحياة الأمة، وهو الذي يغيّبهم في نوره وسعادته إذا نَهجوا فيه.. حتّى يبلّغهم الكمال اللائق المطلوب، فإذا هم بشر أسوياء. وهذا هو صراطهم في الدنيا.
الآيات القرآنية أبانت هذه المعانيّ، وشوّقت للسلوك في طريق الاستقامة والاستواء ــ بما يستكنّ فيه من بهجة ونور ــ في مثل قوله عزّوجل: ”وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ“.<ref>سورة آل عمران، آية101.</ref>وفي قوله تعالى على لسان أحد الأنبياء عليهم السّلام: ”إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ“.<ref>سورة آل عمران، آية51.</ref>وفي مثل خطابه المقدّس: ”وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا“.<ref> سورة الأنعام، آية 126.</ref>وقوله مخاطباً [[النبي]]{{صل}}: ”وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ“.<ref>سورة المؤمنون، آية 73.</ref>وكما تكون الهداية إلى الصراط هدايةَ إبانةٍ و كشف، تكون هداية إيصال وإبلاغ عبّر عنها قول الحقّ تعالى: ”وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ“.<ref>سورة الحج، آية24.</ref>
الآيات القرآنية أبانت هذه المعانيّ، وشوّقت للسلوك في طريق الاستقامة والاستواء ــ بما يستكنّ فيه من بهجة ونور ــ في مثل قوله عزّوجل: ”وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ“.<ref>سورة آل عمران، آية101.</ref>وفي قوله تعالى على لسان أحد الأنبياء عليهم السّلام: ”إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ“.<ref>سورة آل عمران، آية51.</ref>وفي مثل خطابه المقدّس: ”وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا“.<ref> سورة الأنعام، آية 126.</ref>وقوله مخاطباً [[النبي]]{{صل}}: ”وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ“.<ref>سورة المؤمنون، آية 73.</ref>وكما تكون الهداية إلى الصراط هدايةَ إبانةٍ و كشف، تكون هداية إيصال وإبلاغ عبّر عنها قول الحقّ تعالى: ”وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ“.<ref>سورة الحج، آية24.</ref>
   
   
===تحذير من الأنزلاق===
*'''تحذير من الأنزلاق''':
إنّ الكشف عن سبيل الحقّ والهداية إلى [[الصراط المستقيم]]  يستبطن تحذيراً من مفارقة الاستقامة، وتحذيراً من التفرّق ذات اليمين وذات الشمال فتزلّ قدم بعد ثبوتها. إحدى [[آية|آيات]] [[القرآن]] المجيد نصت على هذا التحذير الناهي عن الانزلاق من جادة الصراط والانجرافَ في تيّارات السبل الأخرى الملتوية المضلِّلة. قال تعالى: ”وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبِعُوه ولا تَتَّبِعوا السُّبُلَ فتَفَرَّقَ بكم عن سبيلهِ“<ref> سورة الأنعام، آية153.</ref>
إنّ الكشف عن سبيل الحقّ والهداية إلى [[الصراط المستقيم]]  يستبطن تحذيراً من مفارقة الاستقامة، وتحذيراً من التفرّق ذات اليمين وذات الشمال فتزلّ قدم بعد ثبوتها. إحدى [[آية|آيات]] [[القرآن]] المجيد نصت على هذا التحذير الناهي عن الانزلاق من جادة الصراط والانجرافَ في تيّارات السبل الأخرى الملتوية المضلِّلة. قال تعالى: ”وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبِعُوه ولا تَتَّبِعوا السُّبُلَ فتَفَرَّقَ بكم عن سبيلهِ“<ref> سورة الأنعام، آية153.</ref>
ولا ريب أنّ التفرّق عن سبيل الله {{عز وجل}} هو تفرّق عن الصراط المستقيم. وهذا يستتبع ـ لا محالةـ اتّباعَ السبل الأخرى.. ممّا يجعل الإنسان يهوي في انتكاسة وجوديّة مدمِّرة تنقله من حالة الإنسان المعتدل السويّ الناهج منهج الكمال الإنسانيّ، إلى حالة انقلاب الموازين واضطراب الرؤية والانكفاء عن الحقيقة الوجوديّة الأصيلة. وهذه المقارنة بين النهجين تكشف عنها آية من سورة المُلك قال تعالى: ”أفَمَن يَمشي مُكِبّاً على وجهِه أهدى أم مَن يَمشي سَويّاً على صراطٍ مستقيم“<ref>سورة الملك، آية22.</ref>
ولا ريب أنّ التفرّق عن سبيل الله {{عز وجل}} هو تفرّق عن الصراط المستقيم. وهذا يستتبع ـ لا محالةـ اتّباعَ السبل الأخرى.. ممّا يجعل الإنسان يهوي في انتكاسة وجوديّة مدمِّرة تنقله من حالة الإنسان المعتدل السويّ الناهج منهج الكمال الإنسانيّ، إلى حالة انقلاب الموازين واضطراب الرؤية والانكفاء عن الحقيقة الوجوديّة الأصيلة. وهذه المقارنة بين النهجين تكشف عنها آية من سورة المُلك قال تعالى: ”أفَمَن يَمشي مُكِبّاً على وجهِه أهدى أم مَن يَمشي سَويّاً على صراطٍ مستقيم“<ref>سورة الملك، آية22.</ref>


===لكلٌ صراط===
*'''لكلٌ صراط''':
الإنسان [[المؤمن]] يسلك خلال حياته في صراط. ولكلّ فرد صراطه الخاصّ الذي يتّخذ سَعتَه أو ضِيقه من مدى انفتاح صاحبه ظاهراً وباطناً على منهج الحقّ، ومن مدى اقترانه بالصدق. والمفروض أنّ المؤمن يحسّ بصراطه ويرى درب المسير الذي يصونه من التلفّت إلى غير منهج الله. وهو يستطيع أن يقيس سعة صراطه الخاصّ وضيقه بمقدار الحقّ فيما يعتقد، وبمقدار الصدق فيما يعمل ويمارس أي بمقدار استمساكه بعقيدة [[الولاية]] و [[البراءة]] الإلهيّة (أو الالتزام والرفض). فيُعظِّم ما عظّمَ اللهُ{{عز وجل}}، ويُهوِّن ما هوّن اللهُ{{عز وجل}}، في تفصيلات حياته، وفي دقائق سيرته اليوميّة المتجدّدة.
الإنسان [[المؤمن]] يسلك خلال حياته في صراط. ولكلّ فرد صراطه الخاصّ الذي يتّخذ سَعتَه أو ضِيقه من مدى انفتاح صاحبه ظاهراً وباطناً على منهج الحقّ، ومن مدى اقترانه بالصدق. والمفروض أنّ المؤمن يحسّ بصراطه ويرى درب المسير الذي يصونه من التلفّت إلى غير منهج الله. وهو يستطيع أن يقيس سعة صراطه الخاصّ وضيقه بمقدار الحقّ فيما يعتقد، وبمقدار الصدق فيما يعمل ويمارس أي بمقدار استمساكه بعقيدة [[الولاية]] و [[البراءة]] الإلهيّة (أو الالتزام والرفض). فيُعظِّم ما عظّمَ اللهُ{{عز وجل}}، ويُهوِّن ما هوّن اللهُ{{عز وجل}}، في تفصيلات حياته، وفي دقائق سيرته اليوميّة المتجدّدة.


==صراط الأخرة==
===صراط الآخرة===
صراط الإنسان في [[الدنيا]] هذا سوف يتجلّى يوم القيامة: جسراً ممدوداً على متن جهنّم، لابدّ للوصول إلى نعيم الجِنان من المرور عليه. معنى هذا: أنّ الصراط الأُخرويّ هو امتداد لصراط الإنسان في حياته الأرضيّة، بل هو نفسه قد تجسّد ظاهراً للعيان في [[عالم الانكشاف]] الأخرويّ المبين.
صراط الإنسان في [[الدنيا]] هذا سوف يتجلّى يوم القيامة: جسراً ممدوداً على متن جهنّم، لابدّ للوصول إلى نعيم الجِنان من المرور عليه. معنى هذا: أنّ الصراط الأُخرويّ هو امتداد لصراط الإنسان في حياته الأرضيّة، بل هو نفسه قد تجسّد ظاهراً للعيان في [[عالم الانكشاف]] الأخرويّ المبين.
وهو جسر تصفه الروايات بأنّه مظلم، يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم. ويصوّر حديث [[الإمام الصادق|للإمام الصادق]]{{ع}}  مسير الناس آنذاك على الصراط:
وهو جسر تصفه الروايات بأنّه مظلم، يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم. ويصوّر حديث [[الإمام الصادق|للإمام الصادق]]{{ع}}  مسير الناس آنذاك على الصراط:
سطر ٩٤: سطر ٩٢:
==وصلات خارجية==
==وصلات خارجية==
[http://imamreza.net/arb/imamreza.php?id=401  الصراط المستقيم شبكة الإمام الرضا (عليه السلام)]
[http://imamreza.net/arb/imamreza.php?id=401  الصراط المستقيم شبكة الإمام الرضا (عليه السلام)]
{{عقائد الشيعة}}


[[fa:صراط]]
[[fa:صراط]]
مستخدم مجهول