انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الشلمغاني»

أُضيف ٣٨٩ بايت ،  ٢٠ يناير ٢٠١٦
تصحيح أخطاء إملائية وإضافة وصلات ،صياغة عبارة
imported>Ali110110
imported>Ya zainab
(تصحيح أخطاء إملائية وإضافة وصلات ،صياغة عبارة)
سطر ٧٨: سطر ٧٨:
|عرض صندوق    =
|عرض صندوق    =
}}
}}
'''محمد بن علي بن أبي العَزاقِر المعروف بالشلمغاني،''' من أصحاب [[الإمام الحسن العسكري (ع)]] ومن [[المحدث (توضيح)|محدثي]] ''[[الشيعة]]'' الذين عاشوا في عصر [[الغيبة الصغرى]] ''[[بغداد|ببغداد]]''. تصدى لأمور الشيعة في غياب نائب [[الإمام المهدي]] {{عج}} [[الحسين بن روح]]، ولكن حمله الحسد على ابن روح حتى ترك المذهب [[الإمامية]]، كما أنه لم يعتني بأوامر الإمام العصر (عج)، واتبع الفرق الأخرى، واعتقد أن [[الله|لله]] حلول وأنّه سبحانه يتجسد في الأنبياء والأوصياء؛ فسمّى نفسه [[روح القدس]]، وعاقبته أن ظهر توقيع من الإمام الحجة (عج) بلعنه، ثم قتله الحاكم [[بني العباس|العباسي]].
'''محمد بن علي بن أبي العَزاقِر المعروف بالشلمغاني،''' من أصحاب [[الإمام الحسن العسكري (ع)]] ومن [[المحدث (توضيح)|محدثي]] ''[[الشيعة]]'' الذين عاشوا في عصر [[الغيبة الصغرى]] ''[[بغداد|ببغداد]]''. تصدى لأمور الشيعة في غياب نائب [[الإمام المهدي]] {{عج}} [[الحسين بن روح]]، ولكن حمله الحسد على [[الحسين بن روح النوبختي|ابن روح]] على ترك المذهب [[الإمامية]]، كما أنّه لم يعتني بأوامر [[إمام العصر والزمان|إمام العصر (]]عج)، واتّبع الفرق الأخرى، واعتقد أنّ [[الله|لله]] حلول وأنّه سبحانه يتجسد في الأنبياء والأوصياء؛ فسمّى نفسه [[روح القدس]]، وعاقبته أن ظهر توقيع من [[الإمام الحجة]] (عج) بلعنه، ثم قتله الحاكم [[بني العباس|العباسي]].


==مختصر عن حياته==
==مختصر عن حياته==
ولد الشلمغاني في قرية [[شلمغان]] التابعة لنواحي [[واسط (محافظة)|واسط]] [[العراق|العراقية]]، وكان من قراء [[القرآن]] في قريته،<ref>جاسم حسين، التاريخ السياسي لغيبة الإمام الثاني عشر، ص:201. </ref>غادر مسقط رأسه، والتحق بالبلاط [[دولة بني العباس|العباسي]]، وعمل ككاتب لهم.<ref>الحموي، ياقوت، معجم البلدان ج 5  ص 288.</ref> كان الشلمغاني يعتبر من [[الفقه|الفقهاء]] الإمامية، وله مؤلفات متعددة في عقائد الشيعة وفقهها، وقبل أن يترك مذهب التشيع كانت مؤلفاته تحظى بمكانة مرموقة عند الإمامية.<ref>الطوسي؛الغيبة، ص 212 و 263.</ref>
ولد الشلمغاني في قرية [[شلمغان]] التابعة لنواحي [[واسط (محافظة)|واسط]] [[العراق|العراقية]]، وكان من قراء [[القرآن]] في قريته،<ref>جاسم حسين، التاريخ السياسي لغيبة الإمام الثاني عشر، ص:201. </ref>غادر مسقط رأسه، والتحق بالبلاط [[دولة بني العباس|العباسي]]، وعمل ككاتب لهم.<ref>الحموي، ياقوت، معجم البلدان ج 5  ص 288.</ref> كان الشلمغاني يعتبر من [[الفقه|فقهاء]] الإمامية، وله مؤلّفات متعددة في عقائد [[الشيعة]] و[[الفقه|فقههم]]، وقبل أن يترك مذهب [[التشيع]] كانت مؤلفاته تحظى بمكانة مرموقة عند [[الإمامية]].<ref>الطوسي؛الغيبة، ص 212 و 263.</ref>


==في فترة سفارة ابن روح==
==في فترة سفارة ابن روح==
استناداً إلى بعض الأخبار الواردة أن الحسين بن روح عندما عُيّن نائب الإمام الحجة {{عج}}، أوصى الشلمغاني أن يتصدى لأمور الشيعة في بغداد خصوصاً يتولى شؤون [[بنو بسطام|بني بسطام]]، ويشرف على أعمال وكيلي الكوفة [[الزجوزجي |الزجوزجي]] و[[الرازي (توضيح)|الرازي]].<ref>الطوسي، الغيبة، ص 212 و 263.</ref> وهناك ورد عن [[الشيخ الطوسي]] رواية عن أبي علي [[محمد بن همام]] ما يعارض هذه الأخبار، وأن الشلمغاني لم يكن واسطة بينه وبين الشيعة أبداً، ولم يعينه ابن روح لشؤونهم، ومن ادعى ذلك؛ فقد سلك طريق الباطل.<ref>الطوسي، الغيبة، ص409.</ref>
استناداً إلى بعض الأخبار الواردة أنّ [[الحسين بن روح]] عندما عُيّن نائب [[الإمام الحجة|للإمام الحجة]] {{عج}}، أوصى الشلمغاني أن يتصدى لأمور [[الشيعة]] في بغداد خصوصاً شؤون [[بنو بسطام|بني بسطام]]، ويشرف على أعمال وكيلي الكوفة [[الزجوزجي |الزجوزجي]] و[[الرازي (توضيح)|الرازي]].<ref>الطوسي، الغيبة، ص 212 و 263.</ref> وهناك ورد عن [[الشيخ الطوسي]] رواية عن أبي علي [[محمد بن همام]] ما يعارض هذه الأخبار، وأنّ الشلمغاني لم يكن واسطة بينه وبين [[الشيعة]] أبداً، ولم يعيّنه ابن روح لتولي شؤونهم، ومن ادعى ذلك؛ فقد سلك طريق الباطل.<ref>الطوسي، الغيبة، ص409.</ref>


سواء كانت الأقوال الواردة حول تعيينه من قبل الحسين بن روح صحيحة أم خاطئة، فإن الشلمغاني كان يحظى بمكانة رفيعة في بغداد كما كان يرشد الإمامية في [[بغداد]] و''[[الكوفة]]'' بفترة ليست بقصيرة، لكن نقض [[البيعة|بيعة]] الحسين بن روح وخالفه، وصار ينشر عقائده حتى ضل الطريق وأصبح من الغلات.
سواء كانت الأقوال الواردة حول تعيينه من قبل [[الحسين بن روح]] صحيحة أم خاطئة، فإنّ [[الشلمغاني]] كان يحظى بمكانة رفيعة في بغداد كما كان يرشد [[الإمامية]] في [[بغداد]] و''[[الكوفة]]'' بفترة ليست بقصيرة، لكنه نقض [[البيعة|بيعة]] الحسين بن روح وخالفه، وصار ينشر عقائده حتى ضل الطريق وأصبح من الغلات.
===اطلاع ابن روح على انحرافه===
===اطلاع ابن روح على انحرافه===
إن الشلمغاني لم يترك عقائد الإمامية بعد زلته، ولم يعلن عن حلول الله في جسده. وهناك أخبار كثيرة تتحدث عن استغلال الشلمغاني لمنصبه كنائب لابن الروح كي يتمكن من خلاله أن يقوم بتعليم وكلائه الذين يرعاهم لتقبل عقائده [[الإلحاد|الإلحادية]]، كما طلب منهم كتمان سره حتى عندما كان ينشر  بينهم عقائده الحلولية؛ لأنها بزعمه عقائد حقة.<ref>ينظر:المجلسي، بحار الأنوار، ج 51، ص 372.</ref>
إنّ الشلمغاني لم يترك عقائد [[الإمامية]] بعد زلّته، ولم يعلن عن حلول [[الله]] في جسده. وهناك أخبار كثيرة تتحدث عن استغلال الشلمغاني لمنصبه كنائب لابن الروح كي يتمكن من خلاله أن يقوم بتعليم وكلائه الذين يرعاهم لتقبل عقائده [[الإلحاد|الإلحادية]]، كما طلب منهم كتمان سره ، حتى عندما كان ينشر  بينهم عقائده الحلولية؛ لأنّها بزعمه عقائد حقة.<ref>ينظر:المجلسي، بحار الأنوار، ج 51، ص 372.</ref>


ويبدو أن ابن روح اطلع على انحراف الشلمغاني عن طريق أم كلثوم وهي إحدى النساء المبلغات الشيعية التي تتصدى لهذا الأمر بين نساء بني بسطام، فأمرها ابن روح أن تقطع علاقاتها بهذه العائلة، ولا تختلف عليهم، كما لم يسجل زمان وقوع هذه الأحداث بالتحديد. لكن يقول [[ابن الأثير]]: ظهرت بداية انحراف الشلمغاني في فترة وزارة حامد بن العباس أي سنة 311 – 306/923 – 918،<ref>ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج8، ص218.</ref> ويروي الشيخ الطوسي عن انحراف الشلمغاني وأنها كانت قبل سنة 312ه/924م وهذا مطابق تماماً مع ما تحدث عنه ابن الأثير.<ref>الطوسي، الغيبة، ص268.</ref>
ويبدو أن ابن روح اطلع على انحراف الشلمغاني عن طريق أم كلثوم وهي إحدى النساء المبلغات الشيعية التي تتصدى لهذا الأمر بين نساء بني بسطام، فأمرها ابن روح أن تقطع علاقاتها بهذه العائلة، ولا تختلف عليهم، كما لم يُسجّل زمان وقوع هذه الأحداث بالتحديد. لكن يقول [[ابن الأثير]]: ظهرت بداية انحراف الشلمغاني في فترة وزارة حامد بن العباس أي سنة 311 – 306/923 – 918،<ref>ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج8، ص218.</ref> ويروي [[الشيخ الطوسي]] عن انحراف الشلمغاني أنّها كانت قبل سنة 312ه/924م وهذا مطابق تماماً مع ما تحدّث عنه ابن الأثير.<ref>الطوسي، الغيبة، ص268.</ref>


===تصدي ابن روح  للشلمغاني===
===تصدي ابن روح  للشلمغاني===
بعد أن اتضحت لابن روح عقائد الشلمغاني الإلحادية عزله عن منصبه، وقام بإخبار عقائده في كل مكان ابتداءًا من النوبختيين، ومن ثم بقية أتباع أهل البيت (ع)،<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص158 و221.</ref> كما طلب ابن روح من وكلائه أن يوّطدوا علاقاتهم به. ويبدو أن [[محمد بن أحمد الزجوزجي]] نفذ أوامر ابن روح؛ لأنّه - واستناداً على ما يرويه الشيخ الطوسي -  اعتبر الزجوزجي من كان عنده كتاب الشلمغاني أنه من الغلات،<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص253.</ref> لكن وكلاء بني بسطام الذين كانوا يسكنون في بغداد لم يأخذوا بأوامر ابن روح، واتبعوا الشلمغاني في شؤونهم، فعلى هذا فإن ابن روح بيّن موقف الشلمغاني لجميع الإمامية، وقام بإبعاد من يطيع أوامر الشلمغاني عن نفسه.<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص254.</ref>
بعد أن اتضحت لابن روح عقائد الشلمغاني الإلحادية عزله عن منصبه، وقام بإخبار عقائده في كل مكان ابتداءًا من النوبختيين، ومن ثم بقية أتباع [[أهل البيت |أهل البيت ]](ع)،<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص158 و221.</ref> كما طلب ابن روح من وكلائه أن يوّطدوا علاقاتهم به. ويبدو أنّ [[محمد بن أحمد الزجوزجي]] نفّذ أوامر ابن روح؛ لأنّه - واستناداً على ما يرويه الشيخ الطوسي -  اعتبر الزجوزجي من كان عنده كتاب الشلمغاني أنّه من الغلات،<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص253.</ref> لكن وكلاء [[بنو بسطام|بني بسطام]] الذين كانوا يسكنون في [[بغداد]] لم يأخذوا بأوامر ابن روح، واتبعوا الشلمغاني في شؤونهم، فعلى هذا فإنّ ابن روح بيّن موقف الشلمغاني لجميع [[الإمامية]]، وقام بإبعاد من يطيع أوامر الشلمغاني عن نفسه.<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص254.</ref>


ويتضح مما ورد عن ابن روح أن معظم وكلاء بغداد وكذلك عامة المؤمنين تأثروا بالشلمغاني.
ويتضح مما ورد عن ابن روح أنّ معظم وكلاء بغداد وكذلك عامة المؤمنين تأثروا بالشلمغاني.


بعد أن طرد الشلمغاني من بين الشيعة بدأ بنشر مدعاه على أنه هو نائب الخاص للإمام الحجة (ع) وليس ابن روح،<ref>ينظر: ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج8، ص218.</ref>  فحاول من خلال معتقداته وأنّ [[الله]] له حلول في أجساد الأنبياء والأئمة أن يخصص لنفسه مكانة سياسية واقتصادية.
بعد أن طرد [[الشلمغاني]] من بين [[الشيعة]] بدأ بنشر مدعاه على أنه هو نائب الخاص [[الإمام الحجة|للإمام الحجة]] (ع) وليس ابن روح،<ref>ينظر: ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج8، ص218.</ref>  فحاول من خلال معتقداته بأنّ [[الله]] له حلول في أجساد الأنبياء و[[الأئمة]] أن يخصص لنفسه مكانة سياسية واقتصادية.


==عقائد الشلمغاني==
==عقائد الشلمغاني==
يظهر في الكلمات التي نقلت عن الشلمغاني بأنه كان من الغلات، وأن لله حلول في الإنسان، فكان يعتقد الشلمغاني أن الله تعالى على مدى التاريخ كان يتجسد بصورة الإنسان، أي: هناك حلول إلهي في جسد النبي آدم (ع)، ثم تجسد الباري تبارك وتعالى في أجساد سائر الأنبياء (ع)، وبعد أن تجسد في خاتمهم النبي محمد (ص) انتقل إلى أجساد الأئمة (ع) إلى أن وصل ذلك الحلول إلى الإمام الثاني عشر (ع)، بعدها انتقل ذلك الحلول إلى الشلمغاني، كما أن هناك حلول آخر وأن الله خلق عدوه إبليس وأن له (أي: إبليس) حلول في البشر على مدى التاريخ أيضاً يتجسد فيهم، وحسب اعتقاد الشلمغاني أن غاية الله من هذا الحلول والتجسد هو إثبات ذاته وعلو شأنه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج8، ص 9-218.</ref>
يظهر في الكلمات التي نقلت عن الشلمغاني بأنّه كان من الغلات، فقد كان يعتقد أنّ الله تعالى على مدى التاريخ كان يتجسد بصورة الإنسان، أي: هناك حلول إلهي في جسد النبي [[آدم (ع)]]، ثم تجسد الباري تبارك وتعالى في أجساد سائر الأنبياء (ع)، وبعد أن تجسد في خاتمهم النبي [[محمد (ص)]] انتقل إلى أجساد [[الأئمة |الأئمة (ع)]] إلى أن وصل ذلك الحلول إلى [[الإمام الثاني عشر]] (ع)، بعدها انتقل ذلك الحلول إلى الشلمغاني، كما أنّ هناك حلول آخر وأن الله خلق عدوه [[إبليس]] وأن له (أي: إبليس) حلول في البشر على مدى التاريخ أيضاً يتجسد فيهم، وحسب اعتقاد الشلمغاني أنّ غاية [[الله]] من هذا الحلول والتجسد هو إثبات ذاته وعلو شأنه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج8، ص 9-218.</ref>


وقال الصفواني: سمعت أبا علي بن همام يقول: سمعت محمد بن علي العزاقري الشلمغاني يقول: الحق واحد وإنما تختلف قمصه (شكله) فيوم يكون في أبيض ويوم يكون في أحمر، ويوم يكون في أزرق. قال ابن همام: فهذا أول ما أنكرته من قوله لأنه قول أصحاب الحلول. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص374.</ref> وتقول رواية أخرى: إن الشلمغاني حاول أن يقنع وكلائه من الإمامية وعوائلهم خصوصاً بني بسطام بقبول عقائد الحلولية وتناسخ الأرواح.
وقال الصفواني: سمعت أبا علي بن همام يقول: سمعت محمد بن علي العزاقري الشلمغاني يقول: الحق واحد وإنما تختلف قمصه (شكله) فيوم يكون في أبيض ويوم يكون في أحمر، ويوم يكون في أزرق. قال ابن همام: فهذا أول ما أنكرته من قوله لأنّه قول أصحاب الحلول. <ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص374.</ref> وتقول رواية أخرى: إنّ الشلمغاني حاول أن يقنع وكلائه من [[الإمامية]] وعوائلهم خصوصاً بني بسطام بقبول عقائد الحلولية وتناسخ الأرواح.


مما ادعاه الشلمغاني:  إن روح [[رسول الله (ص)]] انتقلت إلى نائب الإمام الحجة (ع) الثاني أبي جعفر [[محمد بن عثمان العمري|محمد بن عثمان]] رضي الله عنه، وروح [[أمير المؤمنين علي عليه السلام]] انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم [[الحسين بن روح]]، وروح [[السيدة فاطمة عليها السلام]] انتقلت إلى أم كلثوم بنت السفير الثاني  محمد بن عثمان، كما أوصى وكلائه أن يكتموا هذه المعتقدات؛ لأنها عقائد حقة. <ref>ينظر: المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص372.</ref>
ومما ادّعاه الشلمغاني:  أنّ روح [[رسول الله (ص)]] انتقلت إلى نائب [[الإمام الحجة]] (ع) الثاني أبي جعفر [[محمد بن عثمان العمري|محمد بن عثمان]] رضي الله عنه، وروح [[أمير المؤمنين علي عليه السلام]] انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم [[الحسين بن روح]]، وروح [[السيدة فاطمة عليها السلام]] انتقلت إلى أم كلثوم بنت السفير الثاني  محمد بن عثمان، كما أوصى وكلائه أن يكتموا هذه المعتقدات؛ لأنّها عقائد حقة. <ref>ينظر: المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص372.</ref>


==الباعث==
==الباعث==
أراد الشلمغاني من خلال نشر عقائده أن يستجذب الناس ويمهدهم لظهور الإمام الموعود، والأمر الآخر أنه أكد على تبليغ عقائده بين أصحاب المناصب العليا من الجهاز الإداري وجيش دولة بني العباس ليجد لنفسه أنصار منهم، فتبعه على ذلك [[أحمد بن عبدوس]] و''[[إبراهيم بن أبي العون]]'' مصنف كتاب [[التشبيهات (كتاب)|التشبيهات]] و''[[ابن شبيب الزيات]]'' و[[أبو جعفر بن بسطام]] و''[[أبو علي بن بسطام]]'' وجميعهم كانوا يعملون كتّاباً في الحكومة.<ref>ينظر: ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ص290 وما يليها.</ref>
أراد الشلمغاني من خلال نشر عقائده أن يستجذب الناس ويمهّدهم لظهور [[الإمام الموعود]]، والأمر الآخر أنه أكد على تبليغ عقائده بين أصحاب المناصب العليا من الجهاز الإداري وجيش دولة بني العباس ليجد لنفسه أنصار منهم، فتبعه على ذلك [[أحمد بن عبدوس]] و''[[إبراهيم بن أبي العون]]'' مصنّف كتاب [[التشبيهات (كتاب)|التشبيهات]] و''[[ابن شبيب الزيات]]'' و[[أبو جعفر بن بسطام]] و''[[أبو علي بن بسطام]]'' وجميعهم كانوا يعملون كتّاباً في الحكومة.<ref>ينظر: ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ص290 وما يليها.</ref>


وفي سنة 312ه/924م التحق به [[الحسن ابن فرات]]، ابن الوزير العباسي مما جعله أن يتوغل وأتباعه في إدارة بني العباس، كما يُعتبر [[الحسين بن قاسم بن عبيد الله بن وهب]] ـ الذي كان يتولى منصب الوزارة خلال فترة 320-329ه/ 932-931م – من أتباع الشلمغاني ومؤيديه.<ref>ينظر:جاسم حسين، ص204.</ref>
وفي سنة 312ه/924م التحق به [[الحسن بن فرات]]، ابن الوزير العباسي مما جعله يتوغل وأتباعه في إدارة بني العباس، كما يُعتبر [[الحسين بن قاسم بن عبيد الله بن وهب]] ـ الذي كان يتولى منصب الوزارة خلال فترة 320-329ه/ 932-931م – من أتباع الشلمغاني ومؤيديه.<ref>ينظر:جاسم حسين، ص204.</ref>


==توقيع الإمام العصر(ع)==
==توقيع الإمام العصر(ع)==


وقد ورد  في توقيع الإمام العصر {{عج}} حول الشلمغاني:
وقد ورد  في توقيع [[إمام العصر]] {{عج}} حول الشلمغاني:
{{اقتباس2|
{{اقتباس2|
إن محمّد بن علي المعروف بالشلمغاني - وهو ممن عجّل الله له النقمة ولا أمهله - قد ارتد عن [[الإسلام]] وفارقه، وألحد في دين الله، وادّعى ما كفر معه بالخالق جلَّ وتعالى وافترى كذباً وزوراً وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، كذب العادلون بالله وضلّوا ضلالًا بعيداً وخسروا خسراناً مبيناً. وإننا قد برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله - صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم - بمنّه ولعنّاه، عليه لعائن الله تترى في الظاهر منّا والباطن في السرّ والجهر، وفي كل وقت وعلى كل حال وعلى من شايعه وبايعه أو بلغه هذا القول منّا وأقام على توليه بعده.
'''إن محمّد بن علي المعروف بالشلمغاني - وهو ممن عجّل الله له النقمة ولا أمهله - قد ارتد عن [[الإسلام]] وفارقه، وألحد في دين الله، وادّعى ما كفر معه بالخالق جلَّ وتعالى وافترى كذباً وزوراً وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، كذب العادلون بالله وضلّوا ضلالًا بعيداً وخسروا خسراناً مبيناً. وإننا قد برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله - صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم - بمنّه ولعنّاه، عليه لعائن الله تترى في الظاهر منّا والباطن في السرّ والجهر، وفي كل وقت وعلى كل حال وعلى من شايعه وبايعه أو بلغه هذا القول منّا وأقام على توليه بعده.


وأعلمهم تولّاكم الله أنّا من التوقي والمحاذرة منه على ما كنّا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم وعادة الله جلَّ ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق وإيّاه نستعين وهو حسبنا في كل أمورنا ونعم الوكيل.<ref>الطبرسي، الاحتجاج، ج2، ص475-474؛ الطوسي، الغيبة، ص410.</ref>}}
وأعلمهم تولّاكم الله أنّا من التوقي والمحاذرة منه على ما كنّا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم وعادة الله جلَّ ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق وإيّاه نستعين وهو حسبنا في كل أمورنا ونعم الوكيل'''.<ref>الطبرسي، الاحتجاج، ج2، ص475-474؛ الطوسي، الغيبة، ص410.</ref>}}


واستناداً على ما يرويه الشيخ الطوسي فإن [[محمد بن همام]] الوكيل هو الذي تسلّم هذا التوقيع من الحسين بن روح، وذلك عندما كان سجيناً في دار [[المقتدر العباسي|المقتدر]]. ثم قام بنشره بين وكلاء [[بغداد]] كما أرسله إلى وكلاء المدن الأخرى ليعرفوا الإمامة على التوقيع الصادر.<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص410,</ref>
واستناداً على ما يرويه [[الشيخ الطوسي]] فإنّ [[محمد بن همام]] الوكيل هو الذي تسلّم هذا التوقيع من [[الحسين بن روح]]، وذلك عندما كان سجيناً في دار [[المقتدر العباسي|المقتدر]]. ثم قام بنشره بين وكلاء [[بغداد]] كما أرسله إلى وكلاء المدن الأخرى ليعرفوا [[الإمامة]] على التوقيع الصادر.<ref>ينظر: الطوسي، الغيبة، ص410,</ref>


==آثار تصدي ابن الروح==
==آثار تصدي ابن الروح==
روى [[ابن الأثير]]: إن ابن روح أفشى أخبار الشلمغاني وعقائده حتى عند [[بني العباس]]، فكان نتيجته أن الخاقاني الوزير حاول القبض على الشلمغاني،<ref>ابن الأثير؛ الكامل، ج 8، ص 218. </ref> الأمر الذي تسبب باعتقال الشلمغاني وعدد كبير من جماعته الذين يرون رأيه وينتهجون مسلكه.
روى [[ابن الأثير]]: إنّ ابن روح أفشى أخبار الشلمغاني وعقائده حتى عند [[بني العباس]]، فكان من نتيجته أنّ الخاقاني الوزير حاول القبض على الشلمغاني،<ref>ابن الأثير؛ الكامل، ج 8، ص 218. </ref> الأمر الذي تسبب باعتقال الشلمغاني وعدد كبير من جماعته الذين يرون رأيه وينتهجون مسلكه.


لكن اختفى الشلمغاني، وهرب إلى [[الموصل]] والتجأ هناك بحاكمه نضر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، وسكن في قرية تسمى [[معلثايا|بمعلثايا]] بالقرب من مدينة الموصل.
لكن اختفى الشلمغاني، وهرب إلى [[الموصل]] والتجأ هناك بحاكمه نضر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، وسكن في قرية تسمى [[معلثايا|بمعلثايا]] بالقرب من مدينة الموصل.


وعندما كان الشلمغاني مختفياً في قرية معلثايا قام بنشر عقائده من خلال رجل يسمى [[أبو عبد الله الشيباني|بأبي عبد الله الشيباني]]، وكان هذا الرجل من [[الحديث|محدثي]] الإمامية يعيش في قرية النوبختية ببغداد، <ref>نجاشي،رجال،ج2ص289. </ref> لكنه بعد مدة انحرف عن مدرسة [[أهل البيت (ع)]].
وعندما كان الشلمغاني مختفياً في قرية معلثايا قام بنشر عقائده من خلال رجل يسمى [[أبو عبد الله الشيباني|بأبي عبد الله الشيباني]]، وكان هذا الرجل من [[الحديث|محدثي]] [[الإمامية]] يعيش في قرية النوبختية [[بغداد|ببغداد]]، <ref>نجاشي،رجال،ج2ص289. </ref> لكنه بعد مدة انحرف عن مدرسة [[أهل البيت (ع)]].


==تأثير الشلمغاني على بني العباس==
==تأثير الشلمغاني على بني العباس==
في سنة 316ه/928م رجع الشلمغاني متخفياً إلى بغداد<ref>صدر؛الغيبه،ج1ص521. </ref> ليتصل بأتباعه مباشرة، كما نشر نشاطاته بين سلطات الدولة العباسية، ويبدو أن هذا التطور بمثابة علامة لتمكنه من القدرة.
في سنة 316ه/928م رجع الشلمغاني متخفياً إلى بغداد<ref>صدر؛الغيبه،ج1ص521. </ref> ليتصل بأتباعه مباشرة، كما نشر نشاطاته بين سلطات الدولة العباسية، ويبدو أنّ هذا التطور بمثابة علامة لتمكنه من القدرة.


وفي سنة 319ه/931م أصبح [[الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن وهب]] - والذي كان من أتباع الشلمغاني وخواصه– وزيراً في الحكومة، وإلى جانب اسم الخليفة تم ضرب اسمه على السكة،<ref>ابن مسكويه، تجارب الأمم، ج1،ص27.</ref> فاستطاع ابن وهب من خلال منصبه يرفع جماعته إلى مناصب عالية في الدولة العباسية، لكن لم ييقى في هذا المنصب إلا سنة ثم عزل، وبما أنه كان لديه صلة قريبة من الشلمغاني قام الخليفة القاهر العباسي (320-322ه/932-934م) بنفيه إلى [[الرقة]] في [[سوريا]].
وفي سنة 319ه/931م أصبح [[الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن وهب]] - والذي كان من أتباع الشلمغاني وخواصه– وزيراً في الحكومة، وإلى جانب اسم الخليفة تم ضرب اسمه على السكة،<ref>ابن مسكويه، تجارب الأمم، ج1،ص27.</ref> فاستطاع ابن وهب من خلال منصبه أن يرفع جماعته إلى مناصب عالية في الدولة العباسية، لكن لم ييق في هذا المنصب إلا سنة ثم عزل، وبما أنّه كان لديه صلة قريبة من الشلمغاني قام الخليفة القاهر العباسي (320-322ه/932-934م) بنفيه إلى [[الرقة]] في [[سوريا]].


==وفاته==
==وفاته==
قام الخليفة القاهر باعتقال أتباع الشلمغاني خصوصاً بني بسطام ومصادرة أموالهم،<ref>ابن مسكويه، تجارب الأمم، ج1،ص27.</ref>  واستمر هذه الاعتقالات حتى عام 323ه/ 934م وفي هذه السنة قبض على يد الشلمغاني، وتم تعذيبه مع مجموعة من قادة حركته كابن أبي عون، وقتلوا، وأحرقوا أجسادهم في دار الشرطة الواقعة في غربي بغداد. <ref>ابن الأثير؛ الكامل، ج 8، ص 218.</ref>
قام الخليفة القاهر باعتقال أتباع الشلمغاني خصوصاً بني بسطام ومصادرة أموالهم،<ref>ابن مسكويه، تجارب الأمم، ج1،ص27.</ref>  واستمرت هذه الاعتقالات حتى عام 323ه/ 934م وفي هذه السنة قبض على يد الشلمغاني، وتم تعذيبه مع مجموعة من قادة حركته كابن أبي عون، وقتلوا، وأحرقت أجسادهم في دار الشرطة الواقعة في غربي [[بغداد]]. <ref>ابن الأثير؛ الكامل، ج 8، ص 218.</ref>


==مؤلفاته==
==مؤلفاته==
وأشار النجاشي إلى كتبه قائلاً: «وله كتب، منها:
وأشار [[النجاشي]] إلى كتبه قائلاً: «وله كتب، منها:
{{Div col|3}}
{{Div col|3}}
*كتاب التكليف
*كتاب التكليف
سطر ١٥٧: سطر ١٥٧:
*كتاب الإمامة الصغير».<ref>النجاشي، الرجال، ص379.</ref>
*كتاب الإمامة الصغير».<ref>النجاشي، الرجال، ص379.</ref>
{{Div col end}}
{{Div col end}}
وله أيضاً كتاب التأديب، وذكر أنّ الحسين بن روح أرسل هذا الكتاب إلى [[قم]]، وكتب إلى جماعة [[الفقه|الفقهاء]] بها وقال لهم: أنظروا في هذا الكتاب وانظروا فيه شئ يخالفكم ؟. فكتبوا إليه: إنه كله صحيح، وما فيه شئ يخالف إلا قوله:  في الصاع في [[الفطرة]] نصف صاع من طعام، والطعام عندنا مثل [[الشعير]] من كل واحد صاع. <ref>الطوسي، الغيبة، ص 390.</ref>
وله أيضاً كتاب التأديب، وذكر أنّ [[الحسين بن روح]] أرسل هذا الكتاب إلى [[قم]]، وكتب إلى جماعة [[الفقه|الفقهاء]] فيها وقال لهم: انظروا في هذا الكتاب وانظروا فيه شئ يخالفكم ؟. فكتبوا إليه: إنه كله صحيح، وما فيه شئ يخالف إلا قوله:  في الصاع في [[الفطرة]] نصف صاع من طعام، والطعام عندنا مثل [[الشعير]] من كل واحد صاع. <ref>الطوسي، الغيبة، ص 390.</ref>


ومن مؤلفاته «الحاسة السادسة» التي يدرك بها وجود الله وهو الذي يظهر في الانسان كغريزة لتوليد المثل على ما نقله البغدادي في " أصول الدين " والأشعري في " المقالات " مع كلام بذئ على قائليه من [[الفلسفة|الفلاسفة]].<ref>آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج24، ص220.</ref>
ومن مؤلفاته «الحاسة السادسة» التي يدرك بها وجود [[الله]] وهو الذي يظهر في الانسان كغريزة لتوليد المثل على ما نقله البغدادي في " أصول الدين " والأشعري في " المقالات " مع كلام بذيء على قائليه من [[الفلسفة|الفلاسفة]].<ref>آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج24، ص220.</ref>


وكان له خبرة في صناعة الكيمياء. <ref>ابن النديم، الفهرست، ص425.</ref>
وكان له خبرة في صناعة الكيمياء. <ref>ابن النديم، الفهرست، ص425.</ref>
مستخدم مجهول