انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «بنو هاشم»

أُزيل ١٣٠ بايت ،  ١٨ سبتمبر ٢٠١٦
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Nabavi
imported>Nabavi
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
{{تاريخ صدر الإسلام}}
{{تاريخ صدر الإسلام}}
'''بنو هاشم''' بطن من بطون قبيلة [[قريش]]، ينتهون إلى [[هاشم بن عبد المناف|هاشم]] (عمرو) بن عبد مناف بن ‌قصَيّ بن ‌كلاب. وينحدر [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] (ص) من هذا البطن خاصة، ويعدّ الهاشميون من كبار القبائل العربية وساداتها، وكان لبني هاشم دور بارز خصوصا إبّان تصدي [[أبو طالب (ع)|أبو طالب (ع)]] لزعامتهم- في نصرة النبي (ص) والدفاع عن الرسالة، وهكذا كان لهم الدور الفاعل في إسناد [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] من [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] (ع) والوقوف إلى جانبهم. ويرجع [[بني العباس|بنو العباس]] الذين حكموا العالم الاسلامي عدة قرون إلى هذا البطن من قريش، ولم يقتصر الأمر على بني العباس بل تمكن عدد من رجال البيت الهاشمي وعلى مرّ التأريخ من التصدّي للحكم وتشكيل حكومات إسلامية هنا وهناك. ويحظى بنو هاشم بمنزلة خاصّة ومكانة مرموقة في الوسط الاسلامي؛ لصلتهم بالنبي الأكرم (ص).
'''بنو هاشم''' بطن من بطون قبيلة [[قريش]]، ينتهون إلى [[هاشم بن عبد المناف|هاشم]] (عمرو) بن عبد مناف بن ‌قصَيّ بن ‌كلاب. وينحدر [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] (ص) من هذا البطن خاصة، ويعدّ الهاشميون من كبار القبائل العربية وساداتها، وكان لبني هاشم دور بارز - خصوصا إبّان تصدي [[أبو طالب (ع)|أبو طالب (ع)]] لزعامتهم - في نصرة النبي (ص) والدفاع عن الرسالة، وهكذا كان لهم الدور الفاعل في إسناد [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]] من [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] (ع) والوقوف إلى جانبهم. ويرجع [[بني العباس|بنو العباس]] الذين حكموا العالم الاسلامي عدة قرون إلى هذا البطن من قريش، ولم يقتصر الأمر على بني العباس بل تمكن عدد من رجال البيت الهاشمي وعلى مرّ التأريخ من التصدّي للحكم وتشكيل حكومات إسلامية هنا وهناك. ويحظى بنو هاشم بمنزلة خاصّة ومكانة مرموقة في الوسط الاسلامي لصلتهم بالنبي الأكرم (ص).




==نسب بني هاشم==


==بنو هاشم قبل الإسلام==
يرجع نسب قصي بن كلاب إلى النبي [[النبي إسماعيل عليه السلام|إسماعيل]] (ع)، وقد ولد قصي قبل [[بعثة النبي (ص)|البعثة]] بقرن من الزمن تقريبا ولسموّ شخصيته تصدّى لسيادة قريش وتقلّد المناصب المهمة  [[الكعبة|لبيت الله]] (الكعبة المشرفة)، ولما توفي قصي بن كلاب قام بنوه بتحمل تلك المهام الكبيرة، وما أن توفي ولداه عبد مناف وعبد الدار، حتى وقع النزاع حول مناصب الكعبة بين [[هاشم بن عبد المناف|هاشم]] وإخوته (بني عبد مناف) من جهة وبين بني عمّهم (بني عبد الدار) مما انجر إلى تشكيل حلفين، عرف الأول منهما بـ[[حلف المطيّبين]] والآخر بـ[[حلف الأحلاف]] أو لعقة الدم، واشتدت الخصومة بين الحلفين، وفي نهاية المطاف تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف بن قصي [[السقاية]] و[[الرفادة]] وتكون [[الحجابة]] و[[اللواء]] و[[دار الندوة]] إلى بني عبد الدار.
 
يرجع نسب قصي بن كلاب إلى النبي [[النبي إسماعيل عليه السلام|إسماعيل]] (ع)، وقد ولد قصي قبل [[بعثة النبي (ص)|البعثة]] بقرن من الزمن تقريبا ولسمو شخصيته تصدى لسيادة قريش وتعهد بالمناصب المهمة  [[الكعبة|لبيت الله]] (الكعبة المشرفة)، ولما توفي قصي بن كلاب قام بنوه بتحمل تلك المهام الكبيرة، وما أن توفي ولداه عبد مناف وعبد الدار، حتى وقع النزاع حول مناصب الكعبة بين [[هاشم بن عبد المناف|هاشم]] وإخوته (بني عبد مناف) من جهة وبين بني عمّهم (بني عبد الدار) مما انجر إلى تشكيل حلفين، عرف الأول منهما ب[[حلف المطيبين]] والآخر ب[[حلف الأحلاف]] أو لعقة الدم، واشتدت الخصومة بين الحلفين، وفي نهاية المطاف تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف بن قصي [[السقاية]] و[[الرفادة]] وتكون [[الحجابة]] و[[اللواء]] و[[دار الندوة]] إلى بني عبد الدار.


===هاشم===
===هاشم===
سطر ١٢: سطر ١١:
{{مفصلة|هاشم بن ‌عبد مناف}}
{{مفصلة|هاشم بن ‌عبد مناف}}


لما ولي هاشم بن عبد مَناف بن قصي السقاية والرفادة، وكان رجلا موسراً، عمد إلى توفير الراحة للحجيج فكان إذا حضر الحج قام في [[قريش]] فقال: يا معشر قريش إنكم جيران الله، وأهل بيته، وإنّه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته فهم ضيف الله فأكرموا ضيفه. فكانت قريش ترافد على ذلك. حتى إن بعضهم كانوا يرسلون بالشي‏ء اليسير على قدرهم.
لما ولي هاشم بن عبد مَناف بن قصي السقاية والرفادة، وكان رجلا موسراً، عمد إلى توفير الراحة للحجيج فكان إذا حضر الحج قام في [[قريش]] فقال: يا معشر قريش إنكم جيران الله، وأهل بيته، وأنّه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته فهم ضيف الله فأكرموا ضيفه. فكانت قريش ترافد على ذلك، حتى إن بعضهم كانوا يرسلون بالشي‏ء اليسير على قدرهم.


وكان هاشم بن عبد مناف بن قصي يخرج في كل عام مالاً كثيراً.<ref>ابن‌ سعد،‌ الطبقات، ج1، ص 63-64.</ref> وكان يأمر بحياض من أدم، فتجعل في موضع [[زمزم]]، ثم يسقى فيها من الآبار التي بمكة، فيشرب منها الحاج، وكان يطعمهم بمكة ومنى وعرفة .<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج1، ص 84.</ref> وكان أول من سن الرحلتين التجاريتين لقريش: رحلة الشتاء إلى [[الشام]] ورحلة الصيف إلى [[اليمن]] ، وذلك أن تجارة قريش كانت لا تتجاوز مكة، فكانوا في ضيق، حتى ركب هاشم إلى الشام، فنزل بقيصر فعقد معه اتفاقية تجارية حسب المصطلح المعاصر.<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 312؛ ابن‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 62.</ref>
وكان هاشم بن عبد مناف بن قصي يخرج في كل عام مالاً كثيراً.<ref>ابن‌ سعد،‌ الطبقات، ج1، ص 63-64.</ref>وكان يأمر بحياض من أدم، فتجعل في موضع [[زمزم]]، ثم يسقى فيها من الآبار التي بمكة، فيشرب منها الحاج، وكان يطعمهم بمكة ومنى وعرفة.<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج1، ص 84</ref>وكان أول من سن الرحلتين التجاريتين لقريش: رحلة الشتاء إلى [[الشام]] ورحلة الصيف إلى [[اليمن]]، وذلك أن تجارة قريش كانت لا تتجاوز مكة، فكانوا في ضيق، حتى ركب هاشم إلى الشام، فنزل بقيصر فعقد معه اتفاقية تجارية حسب المصطلح المعاصر.<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 312؛ ابن‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 62</ref>


وولد هاشم بن عبد مناف أربعة من الذكور وخمس نسوة، والذكور هم: شيبة الحمد وهو عبد المطلب‏؛ أبو صيفي بن هاشم. واسمه عمرو وهو أكبرهم؛‏ وأسد بن هاشم؛  ونضلة بن هاشم.<ref>ابن ‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 65؛ ابن‌ كثير، البداية و النهاية، ج 2، ص 201 ـ 202.</ref>
وولد هاشم بن عبد مناف أربعة من الذكور وخمس نسوة، والذكور هم: شيبة الحمد وهو عبد المطلب‏؛ أبو صيفي بن هاشم. واسمه عمرو وهو أكبرهم؛‏ وأسد بن هاشم؛  ونضلة بن هاشم.<ref>ابن ‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 65؛ ابن‌ كثير، البداية و النهاية، ج 2، ص 201 ـ 202</ref>


===عبد المطلب===
===عبد المطلب===
سطر ٢٢: سطر ٢١:
{{مفصلة|عبدالمطلب‎}}
{{مفصلة|عبدالمطلب‎}}


‏‏بعد وفاة هاشم تصدى لمناصبه أخوه المطلب بن عبد مَناف ثم آلت الأمور إلى عبد المطلب بعد موت عمه المطلب بن عبد مناف،<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 251، 253.</ref>
‏‏بعد وفاة هاشم تصدّى لمناصبه أخوه المطلب بن عبد مناف ثم آلت الأمور إلى عبد المطلب بعد موت عمّه المطلب بن عبد مناف،<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 251، 253.</ref>
 
حيث تصدى لما كان يتسنمه من كان قبله من بني عبد مناف من أمر السقاية والرفادة، وشرف في قومه‏. وعظم فيهم خطره، فلم يكن يعدل به منهم أحداً، وهو الذي كشف عن [[زمزم]].‏<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص75</ref>وكان بنو هاشم يفتخرون بذلك. وهو الذي رفض عبادة الأصنام ووحد الله، عزّ وجل، ووفى بالنذر وسنّ سننا نزل [[القرآن الكريم|القرآن]] بأكثرها، وجاءت السنة من [[رسول الله]] بها، ونهى عن [[قتل الموءودة]]، وتحريم الخمر، وتحريم [[الزنا]]، والحدّ عليه، وألا يطوف أحد بالبيت عريانا، وإضافة الضيف، وألا ينفقوا إذا حجوا إلا من طيب أموالهم، وتعظيم [[الأشهر الحرم]]، ونفى [[ذوات الرايات]].
حيث تصدى لما كان يتسنمه من كان قبله من بني عبد مناف من أمر السقاية والرفادة، وشرف في قومه‏. وعظم فيهم خطره، فلم يكن يعدل به منهم أحداً، وهو الذي كشف عن [[زمزم]].‏<ref>ابن‌ هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص75.</ref> وكان بنو هاشم يفتخرون بذلك. وهو الذي رفض عبادة الأصنام ووحد الله، عزّ وجل، ووفى بالنذر وسنّ سننا نزل [[القرآن الكريم|القرآن]] بأكثرها ، وجاءت السنة من رسول الله بها، ونهى عن قتل الموءودة ، وتحريم الخمر ، وتحريم الزنا ، والحدّ عليه ، وألا يطوف أحد بالبيت عريانا ، وإضافة الضيف ، وألا ينفقوا إذا حجوا إلا من طيب أموالهم، وتعظيم الأشهر الحرم ، ونفى ذوات الرايات.
ومن الحوادث المهمّة في حياة عبد المطلب والتي بيّنت عظم مكانة الرجل، أنه لما قدم [[أبرهة]] ملك الحبشة صاحب الفيل ليهدم [[الكعبة]] تهاربت قريش في رؤوس الجبال، فقال عبد المطلب: والله لا أخرج من حرم الله وأبتغي العزّ في غيره. فجلس بفناء البيت ثم قال:
ومن الحوادث المهمّة في حياة عبد المطلب والتي بيّنت عظم مكانة الرجل ، أنه لما قدم [[أبرهة]] ملك الحبشة صاحب الفيل ليهدم [[الكعبة]] تهاربت قريش في رؤوس الجبال ، فقال عبد المطلب: والله لا أخرج من حرم الله وأبتغي العز في غيره. فجلس بفناء البيت ثم قال:


:لهم إن تعف فإنهم عيالك ... ... إلا فشيء ما بدا لك
:لهم إن تعف فإنهم عيالك ... ... إلا فشيء ما بدا لك


فكانت قريش تقول: عبد المطلب '''إبراهيم الثاني'''<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 364.</ref> وكانت نهاية أبرهة بتلك الصورة التي قصها لنا [[القرآن الكريم]]. وذهب بعض الباحثين والأعلام إلى أن هاشماً لم يعقب إلا من عبد المطلب.<ref>ابن ‌حبيب، المنمّق، ص 21؛ الشيخ الطوسي، التبيان، ج 5، ص 123؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 836.</ref> ولكن ذكر في بعض المصادر إنه قد عقب من كل من إبنيه نضلة وعمرو.<ref>دائرة معارف القرآن الكريم، «بنو ‌هاشم»، المجلد 6، ص 330.</ref>
فكانت قريش تقول: عبد المطلب '''إبراهيم الثاني'''<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 364.</ref>وكانت نهاية أبرهة بتلك الصورة التي قصها لنا [[القرآن الكريم]]. وذهب بعض الباحثين والأعلام إلى أن هاشماً لم يعقب إلا من عبد المطلب.<ref>ابن ‌حبيب، المنمّق، ص 21؛ الشيخ الطوسي، التبيان، ج 5، ص 123؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 836</ref>ولكن ذكر في بعض المصادر إنه قد عقب من كل من إبنيه نضلة وعمرو.<ref>دائرة معارف القرآن الكريم، «بنو ‌هاشم»، المجلد 6، ص 330</ref>


===العلاقة بين بني هاشم وبين سائر البطون===
===العلاقة بين بني هاشم وبين سائر البطون===


لما كانت لقريش منزلة خاصة ومكانة رفيعة في أوساط القبائل العربية من هنا برز النزاع والخصام بين بطون قريش نفسها حيث سعى كل بطن من البطون للإنفراد بتلك المنزلة والتصدّي لرئاسة القبيلة.
برز النزاع والخصام بين بطون قريش نفسها، لما كانت لقريش منزلة خاصة ومكانة رفيعة في أوساط القبائل العربية، حيث سعى كل بطن من البطون للإنفراد بتلك المنزلة والتصدّي لرئاسة القبيلة.


وتعود جذور الصراع  بين [[بني أمية]] وبني هاشم إلى هذا العامل والصراع القبلي، وإن نسبها البعض إلى حوادث تاريخية لا يمكن الركون إليها.<ref>دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ذيل «بنو ‌هاشم»؛ منتظر قائم، تاريخ صدر الإسلام، ص 95.</ref> فقد أرجع البعض ذلك النزاع إلى عامل الحسد بين [[أمية بن عبد شمس]] الذي كان قد أكل الحسد قلبه وبين ابن أخيه هاشم.<ref>ابن‌ سعد، الطبقات، ج1، ص62؛ الطبري، تاريخ، ج3، ص 252.</ref> ومنهم من أرجعها إلى قضية «المنافرة» – التفاخر بالحسب والنسب- بين حرب بن أمية وبين عبد المطلب.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 253.</ref> بل هناك بعض الروايات التاريخية ترجع الأمر إلى أبعد من ذلك حيث قالت: كان هاشم وعبد شمس ولدا توأمين، وإن أحدهما ولد قبل صاحبه وأصبح جبهة أحدهما ملتصقة بجبهة صاحبه، فنحِّيت عنها، فسال من ذلك دم، فتُطِير من ذلك. فقيل: يكون بينهما دم.<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 311.</ref> (((انظر موضوع: [[هاشم بن ‌عبد مناف]].)))
وتعود جذور الصراع  بين [[بني أمية]] وبني هاشم إلى هذا العامل والصراع القبلي، وإن نسبها البعض إلى حوادث تاريخية لا يمكن الركون إليها.<ref>دائرة المعارف الإسلامية الكبرى، ذيل «بنو ‌هاشم»؛ منتظر قائم، تاريخ صدر الإسلام، ص 95</ref>فقد أرجع البعض ذلك النزاع إلى عامل الحسد بين [[أمية بن عبد شمس]] الذي كان قد أكل الحسد قلبه وبين ابن أخيه هاشم.<ref>ابن‌ سعد، الطبقات، ج1، ص62؛ الطبري، تاريخ، ج3، ص 252</ref>ومنهم من أرجعها إلى قضية «المنافرة» – التفاخر بالحسب والنسب- بين حرب بن أمية وبين عبد المطلب.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 253</ref>بل هناك بعض الروايات التاريخية ترجع الأمر إلى أبعد من ذلك حيث قالت: كان هاشم وعبد شمس ولدا توأمين، وإن أحدهما ولد قبل صاحبه وأصبح جبهة أحدهما ملتصقة بجبهة صاحبه، فنحِّيت عنها، فسال من ذلك دم، فتطير من ذلك. فقيل: يكون بينهما دم.<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 311</ref>


وبعد أن توفي عميد الأسرة الهاشمية عبد المطلب وتعرض بنو هاشم لازمة مالية شديدة أفل نجمهم إلى أن عاد مجدداً بعد [[بعثة النبي (ص)|بعثة]] [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] (ص) وببعثته الشريفة عاد الصراع من جديد بين بني هاشم وبين كل من بني مخزوم وأمية، حيث كان هؤلاء يرون أن بعثة نبي من بني هاشم لا يخرج عن كونه أحدى حلقات الصراع القبلي، وأنه – حسب زعمهم- لعبة ابتكرها بنو هاشم للتصدي والرئاسة مرة أخرى.<ref>المقريزي، النزاع والتخاصم، ص 56؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، ج 6، ص 360 ـ 365.</ref> من هنا بذلوا كلَّ ما بوسعهم لتكذيب الدعوة والتصدي لها لإيصاد الباب أمام بني هاشم.
وبعد أن توفي عميد الأسرة الهاشمية، عبد المطلب وتعرض بنو هاشم لأزمة مالية شديدة، أفل نجمهم إلى أن عاد مجدداً بعد [[بعثة النبي (ص)|بعثة]] [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] (ص) وببعثته الشريفة عاد الصراع من جديد بين بني هاشم وبين كل من بني مخزوم وأمية، حيث كان هؤلاء يرون أن بعثة نبي من بني هاشم لا يخرج عن كونه أحدى حلقات الصراع القبلي، وأنه – حسب زعمهم- لعبة ابتكرها بنو هاشم للتصدي والرئاسة مرة أخرى.<ref>المقريزي، النزاع والتخاصم، ص 56؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، ج 6، ص 360 ـ 365</ref>من هنا بذلوا كلَّ ما بوسعهم لتكذيب الدعوة والتصدّي لها لإيصاد الباب أمام بني هاشم.


وقد أشارت المصادر التاريخية إلى نماذج من المنافسة والصراع بين بني عبد الدار وبني مخزوم من جهة وبين بني هاشم من جهة أخرى، حيث عقد بنو عبد الدار بعد أوّل صراع حصل بين الطرفين حلفاً سمّي ب[[حلف الأحلاف]] صار فيه مع بني عبد الدار بنو مخزوم و سهم و جمح و بنو عدي بن كعب.<ref>ابن‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 63.</ref> و<ref>تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 372.</ref> وتصدّت بنو مخزوم برئيسهم أبي جهل للدعوة الإسلامية ظنّاً منها أن الصراع يدور حول رئاسة مكة، فبعثة نبي من بني هاشم تعدّ خطراً يزعزع مكانتهم وسلطانهم.
وقد أشارت المصادر التاريخية إلى نماذج من المنافسة والصراع بين بني عبد الدار وبني مخزوم من جهة وبين بني هاشم من جهة أخرى، حيث عقد بنو عبد الدار بعد أوّل صراع حصل بين الطرفين حلفاً سمّي بـ[[حلف الأحلاف]] صار فيه مع بني عبد الدار بنو مخزوم و سهم و جمح و بنو عدي بن كعب.<ref>ابن‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 63</ref> و<ref>تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 372</ref>وتصدّت بنو مخزوم برئيسهم أبي جهل للدعوة الإسلامية ظنّاً منها أن الصراع يدور حول رئاسة مكة، فبعثة نبي من بني هاشم تعدّ خطراً يزعزع مكانتهم وسلطانهم.


في المقابل عقد بنو عبد مناف حلفا سمي ب[[حلف المطيبين|المطيبين]] ضم بني عبد مناف بن قصي، وبني أسد بن عبد العزّى بن قصي وبني زهرة بن كلاب وبني تيم بن مرة وبني الحارث بن فهر.<ref>ابن‌حبيب، المنمق، ص 189 ـ 190.</ref> ثم تشكّل بعد ذلك [[حلف الفضول]] بقيادة الزبير بن عبد المطلب لحماية المظلومين كان بنو هاشم من أقطابه الأساسيين.<ref>ابن‌ سعد، الطبقات، ج 1، ص 103؛ ابن ‌حبيب، المنمّق، ص 53.</ref>
في المقابل عقد بنو عبد مناف حلفا سمي بـ[[حلف المطيبين|المطيبين]] ضم بني عبد مناف بن قصي، وبني أسد بن عبد العزّى بن قصي وبني زهرة بن كلاب وبني تيم بن مرة وبني الحارث بن فهر.<ref>ابن‌حبيب، المنمق، ص 189 ـ 190</ref>ثم تشكّل بعد ذلك [[حلف الفضول]] بقيادة الزبير بن عبد المطلب لحماية المظلومين كان بنو هاشم من أقطابه الأساسيين.<ref>ابن‌ سعد، الطبقات، ج 1، ص 103؛ ابن ‌حبيب، المنمّق، ص 53</ref>


وقد وقف بنو المطلب إلى جانب بني هاشم بعد بعثة النبي الأكرم (ص) حيث شاركوهم في جميع المحن والمشاكل التي واجهتم كالحصار في شعب أبي طالب مما يكشف عن عمق العلاقة بين الأسرتين.<ref>ابن‌ سعد، الطبقات، ج 1، ص 163 ـ 164؛ اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 389.</ref>
وقد وقف بنو المطلب إلى جانب بني هاشم بعد بعثة النبي الأكرم (ص) حيث شاركوهم في جميع المحن والمشاكل التي واجهتم كالحصار في شعب أبي طالب مما يكشف عن عمق العلاقة بين الأسرتين.<ref>ابن‌ سعد، الطبقات، ج 1، ص 163 ـ 164؛ اليعقوبي، تاريخ، ج 1، ص 389</ref>


ومن المتحالفين مع بني هاشم، بنو خزاعة كما ذكر ذلك الطبري وغيره.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 248.</ref>
ومن المتحالفين مع بني هاشم، بنو خزاعة كما ذكر ذلك الطبري وغيره.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 248</ref>


==بعد ظهور الإسلام==
==بعد ظهور الإسلام==
[[ملف:شعب ابی طالب.jpg|لاإطار|يسار]]
[[ملف:شعب ابی طالب.jpg|لاإطار|يسار]]
تحدثنا المصادر التاريخية أن أوّل عمل قام به [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] (ص) بعد أن أمره الله بإبلاغ دعوته هو أنّه جمع بني عبد المطلب (وهم عمدة بني هاشم والمقربون منه (ص)) في اجتماع عرف فيما بعد بـــ[[يوم الإنذار]] ، يدعوهم فيه إلى اعتناق الإسلام والإيمان برسالة السماء.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 319.</ref> فكانت ردّة فعلهم أمام الدعوة متفاوتة بين من أعلن إيمانه في الحال وبين من آمن ولم يعلنه كـ[[أبو طالب(ع)|أبي طالب]] (ع)- لمصلحة في الإخفاء- والذي بقي ملازماً [[النبي (ص)|للنبي (ص)]] ومدافعا عنه حتى الساعات الأخيرة من حياته.<ref>دائره‌المعارف الإسلامية الكبرى، مدخل أبو طالب، ج5، ص 619.</ref> (((انظر: [[إيمان أبي طالب (ع)|إيمان أبي طالب]])))
تحدثنا المصادر التاريخية أن أوّل عمل قام به [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]] (ص) بعد أن أمره الله بإبلاغ دعوته هو أنّه جمع بني عبد المطلب (وهم عمدة بني هاشم والمقربون منه (ص)) في اجتماع عرف فيما بعد بـــ[[يوم الإنذار]] ، يدعوهم فيه إلى اعتناق الإسلام والإيمان برسالة السماء.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 319</ref>فكانت ردّة فعلهم أمام الدعوة متفاوتة بين من أعلن إيمانه في الحال وبين من آمن ولم يعلنه كـ[[أبو طالب(ع)|أبي طالب]] (ع)- لمصلحة في الإخفاء- والذي بقي ملازماً [[النبي (ص)|للنبي (ص)]] ومدافعا عنه حتى الساعات الأخيرة من حياته.<ref>دائره‌المعارف الإسلامية الكبرى، مدخل أبو طالب، ج5، ص 619</ref>(((انظر: [[إيمان أبي طالب (ع)|إيمان أبي طالب]])))


ومنهم من تصدى للنبي (ص) مشهراً العداوة ولم يألوا جهداً في الخصام والعداء كعمه أبي لهب<ref>أبن ‌حبيب، المنمّق، ص 386؛ ابن ‌هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 235.</ref> وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الذي كان يهجو النبي (ص).<ref>محمد بن‌ سيد الناس، عيون الأثر، ج 2، ص 74.</ref>
ومنهم من تصدى للنبي (ص) مشهراً العداوة ولم يألوا جهداً في الخصام والعداء كعمه أبي لهب<ref>أبن ‌حبيب، المنمّق، ص 386؛ ابن ‌هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 235</ref>وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الذي كان يهجو النبي (ص).<ref>محمد بن‌ سيد الناس، عيون الأثر، ج 2، ص 74</ref>


ومنهم من بقي على حاله ولم يسلم الّا بعد [[فتح مكة]]. إلّا أنّ الجميع مع ذلك- وقفوا مدافعين عن الرسول ومتصدين للعداء القرشي، وكان لموقف [[أبو طالب |أبي طالب (ع)]]- عميد البيت الهاشمي- الدور البارز في حثهم على مناصرة النبي (ص) والوقوف إلى جانبه.<ref>وكمثال على ذلك راجع: الطبري، تاريخ، ج 3، ص 321-324.</ref>
ومنهم من بقي على حاله ولم يسلم الّا بعد [[فتح مكة]]. إلّا أنّ الجميع - مع ذلك- وقفوا مدافعين عن الرسول ومتصدين للعداء القرشي، وكان لموقف [[أبو طالب |أبي طالب (ع)]]- عميد البيت الهاشمي- الدور البارز في حثهم على مناصرة النبي (ص) والوقوف إلى جانبه.<ref>وكمثال على ذلك راجع: الطبري، تاريخ، ج 3، ص 321-324.</ref>
حتى أنه لما قرر قادة قريش محاصرة [[بني هاشم]] في الشعب اجتمع بنو هاشم – وبأمر من أبي طالب (ع) - قاطبة مؤمنهم وكافرهم الا [[أبو لهب|أبا لهب]]<ref>ابن ‌هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 235؛ ابن ‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 163؛ ابن ‌شهر آشوب، المناقب، ج 1، ص 94.</ref> وأبا سفيان بن الحارث،<ref>الواقدي، المغازي، ص 617؛ ابن ‌شهر آشوب، المناقب، ج 1، ص 94.</ref> في الشعب وتحمّلوا ثلاث سنين من الحصار الاقتصادي والاجتماعي.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 336-339.</ref>
حتى أنه لما قرر قادة قريش محاصرة [[بني هاشم]] في الشعب اجتمع بنو هاشم – وبأمر من أبي طالب (ع) - قاطبة مؤمنهم وكافرهم الا [[أبو لهب|أبا لهب]]<ref>ابن ‌هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 235؛ ابن ‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 163؛ ابن ‌شهر آشوب، المناقب، ج 1، ص 94</ref> وأبا سفيان بن الحارث،<ref>الواقدي، المغازي، ص 617؛ ابن ‌شهر آشوب، المناقب، ج 1، ص 94</ref>في الشعب وتحمّلوا ثلاث سنين من الحصار الاقتصادي والاجتماعي.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 336-339</ref>


بعد أن توفي أبو طالب صارت رئاسة [[بني هاشم]] إلى أبي لهب<ref>دائرة ‌المعارف الإسلامية الكبرى، مدخل ابو لهب.</ref> فخف الدعم الهاشمي للرسول (ص) حتى اضطر (ص) عند عودته من [[الطائف]] للدخول تحت حماية [[مطعم بن عدي]] من أبناء نوفل بن عبد مناف في مكة.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 348؛ ابن ‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 165.</ref>
بعد أن توفي أبو طالب صارت رئاسة [[بني هاشم]] إلى أبي لهب<ref>دائرة ‌المعارف الإسلامية الكبرى، مدخل ابو لهب.</ref> فخف الدعم الهاشمي للرسول (ص) حتى اضطر (ص) عند عودته من [[الطائف]] للدخول تحت حماية [[مطعم بن عدي]] من أبناء نوفل بن عبد مناف في مكة.<ref>الطبري، تاريخ، ج 3، ص 348؛ ابن ‌سعد، الطبقات، ج 1، ص 165</ref>


ولما هاجر النبي (ص) إلى [[المدينة]] هاجر معه بعض بني هاشم كـ[[حمزة بن عبد المطلب|الحمزة]] و[[الإمام علي عليه السلام|علي]] (ع) فيما فضل أكثر بنو هاشم البقاء في [[مكة]]، ولم يمنعهم بقاؤهم هذا من التصدي لأكثر المؤامرات التي كانت تحاك ضد النبي (ص) ولم يشترك في ذلك الّا البعض منهم حيث اضطروه للخروج في [[معركة بدر]] فوقع أسيراً بيد المسلمين.<ref>محمد بن ‌سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 333.</ref> ولما وضعت الحرب أوزارها وفدي الأسارى بقي بعضهم في المدينة فترة من الزمن ثم عادوا إلى مكة.<ref>ابن‌هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 29؛ ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 4، ص 196.</ref>
ولما هاجر النبي (ص) إلى [[المدينة]] هاجر معه بعض بني هاشم كـ[[حمزة بن عبد المطلب|الحمزة]] و[[الإمام علي عليه السلام|علي]] (ع) فيما فضل أكثر بنو هاشم البقاء في [[مكة]]، ولم يمنعهم بقاؤهم هذا من التصدي لأكثر المؤامرات التي كانت تحاك ضد النبي (ص) ولم يشترك في ذلك الّا البعض منهم حيث اضطروه للخروج في [[معركة بدر]] فوقع أسيراً بيد المسلمين.<ref>محمد بن ‌سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 333</ref> ولما وضعت الحرب أوزارها وفدي الأسارى بقي بعضهم في المدينة فترة من الزمن ثم عادوا إلى مكة.<ref>ابن‌هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 29؛ ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 4، ص 196</ref>


وقد سجلت الوثائق التاريخية إيمان بعض بني هاشم في فترات مختلفة، فمنهم من آمن قبل [[الحديبية]] كـ[[عقيل بن أبي طالب]]<ref>الطبري، ذخائر العقبى، ص 222.</ref> ومنهم بعد [[فتح مكة]] [[أبو سفيان بن الحارث|كأبي سفيان بن الحارث]]<ref>الطبري، ذخائر العقبى، ص 241.</ref> وأما [[العباس بن عبد المطلب]] فقد اختلفت فيه كلمة المؤرخين فذهب البعض إلى القول بإسلامه قبل [[معركة بدر]] ومنهم من حددها بما قبل [[فتح مكة]].<ref>الطبري، ذخائرالعقبى، ص 191.</ref> وهناك من بني هاشم مَن مات على الكفر وهو [[أبو لهب]].<ref>ابن‌هشام، السيرة النبوية، ج2، ص45.</ref>
وقد سجلت الوثائق التاريخية إيمان بعض بني هاشم في فترات مختلفة، فمنهم من آمن قبل [[الحديبية]] كـ[[عقيل بن أبي طالب]]<ref>الطبري، ذخائر العقبى، ص 222</ref> ومنهم بعد [[فتح مكة]] [[أبو سفيان بن الحارث|كأبي سفيان بن الحارث]]<ref>الطبري، ذخائر العقبى، ص 241</ref>وأما [[العباس بن عبد المطلب]] فقد اختلفت فيه كلمة المؤرخين فذهب البعض إلى القول بإسلامه قبل [[معركة بدر]] ومنهم من حددها بما قبل [[فتح مكة]].<ref>الطبري، ذخائرالعقبى، ص 191</ref> وهناك من بني هاشم من مات على الكفر وهو [[أبو لهب]].<ref>ابن‌هشام، السيرة النبوية، ج2، ص45.</ref>


==عصر الأئمة عليهم السلام==
==عصر الأئمة عليهم السلام==
بعد رحيل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]] (ص) عاد الصراع القبلي على حاله حتى شمل بعض [[الصحابة]] أنفسهم حيث تصدّوا ل[[الإمام علي عليه السلام|علي]] (ع) معتقدين بان خلافته (ع) تعني رئاسة بني هاشم وتصدرهم للمجتمع الإسلامي، وقد عبّر [[عمر بن الخطاب]] عن هذه القضية بالحوار الذي جرى بينه وبين علي (ع) تارة وبينه وبين ابن عباس تارة أخرى، حيث خاطب ابن عباس قائلا: يا ابن عباس ما منع قومكم منكم؟ قال ابن عباس: لا أدري. قال: لكني أدري ، يكرهون أن تجتمع فيكم [[النبوة]] و[[الخلافة]].<ref>تاريخ الطبري، ج 5، ص 223؛ ابن ‌أبي ‌الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 147.</ref> وفي المقابل نرى أمير المؤمنين عليا (ع) يصرح بانّ: الأَئمَّةَ من قريش غُرسُوا في هذا البطن من هاشم لا تصلحُ على سواهم ولا تصلحُ الوُلاةُ من غيرهم.<ref>نهج البلاغة، الخطبة 144.</ref>
بعد رحيل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي]] (ص) عاد الصراع القبلي على حاله حتى شمل بعض [[الصحابة]] أنفسهم حيث تصدّوا ل[[الإمام علي عليه السلام|علي]] (ع) معتقدين بان خلافته (ع) تعني رئاسة بني هاشم وتصدرهم للمجتمع الإسلامي، وقد عبّر [[عمر بن الخطاب]] عن هذه القضية بالحوار الذي جرى بينه وبين علي (ع) تارة وبينه وبين ابن عباس تارة أخرى، حيث خاطب ابن عباس قائلا: يا ابن عباس ما منع قومكم منكم؟ قال ابن عباس: لا أدري. قال: لكني أدري ، يكرهون أن تجتمع فيكم [[النبوة]] و[[الخلافة]].<ref>تاريخ الطبري، ج 5، ص 223؛ ابن ‌أبي ‌الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 147</ref>وفي المقابل نرى أمير المؤمنين عليا (ع) يصرح بانّ: الأَئمَّةَ من قريش غُرسُوا في هذا البطن من هاشم لا تصلحُ على سواهم ولا تصلحُ الوُلاةُ من غيرهم.<ref>نهج البلاغة، الخطبة 144</ref>
 
وهذا هو العامل الذي جرّ الكثير من بطون قريش  لمخالفة [[بني هاشم]] خشية من خروج الرئاسة منهم وبقائها في هذا البطن خاصة.<ref>الطبري، تاريخ، ج 5، ص 233.</ref> وهو نفس العامل الذي أدى إلى اجتماع بعض [[الصحابة]] في [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] وعقد الخلافة للخليفة الأول من دون مشورة بني هاشم، مع كل التأكيدات والوصايا النبوية بكون علي (ع) هو الخليفة من بعده (ص). وبهذا بدأ الصراع من جديد بعد رحيله (ص).


ورغم ذلك كله بقي بنو هاشم محافظين على مكانتهم الاجتماعية، ويشهد لذلك أنّ الديوان الذي أعدّه عمر بن الخطاب، كان موضوعا على تقديم بني هاشم، ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة.<ref>البلاذري، فتوح البلدان، 627-628؛ الطبري، تاريخ، ج5، ص 209.</ref>
وهذا هو العامل الذي جرّ الكثير من بطون قريش  لمخالفة [[بني هاشم]] خشية من خروج الرئاسة منهم وبقائها في هذا البطن خاصة.<ref>الطبري، تاريخ، ج 5، ص 233</ref>وهو نفس العامل الذي أدى إلى اجتماع بعض [[الصحابة]] في [[سقيفة بني ساعدة|السقيفة]] وعقد الخلافة للخليفة الأول من دون مشورة بني هاشم، مع كل التأكيدات والوصايا النبوية بكون علي (ع) هو الخليفة من بعده (ص). وبهذا بدأ الصراع من جديد بعد رحيله (ص).


وبعد أن تصدّى عثمان للخلافة عاد الصراع بين [[بني أمية]] وبين هاشم، حيث تمكن الأمويون من تسنّم مفاصل السلطة ورأوا في ذلك فرصة لإحياء النعرات السابقة، حتى أنّ أبا سفيان عبّر عما يجيش في نفسه قائلا: تلقفوها يا [[بني أمية|بني أميَّة]] تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نار‏.<ref>ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 6، ص 371؛ المقريزي، النزاع والتخاصم، ص 59.</ref> في المقابل نرى [[الإمام علي(ع)|الإمام عليا (ع)]] يضع معايير موضوعية لتفضيل بني هاشم على بني أمية، بقوله: لا المهاجرُ كالطليقِ ولا الصَّرِيحُ كاللَّصيق ولا المحقُّ كالمبطل ولا المؤمنُ كالمدغل.<ref>نهج البلاغة، الرسالة 17.</ref>
ورغم ذلك كله بقي بنو هاشم محافظين على مكانتهم الاجتماعية، ويشهد لذلك أنّ الديوان الذي أعدّه عمر بن الخطاب، كان موضوعا على تقديم بني هاشم، ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة.<ref>البلاذري، فتوح البلدان، 627-628؛ الطبري، تاريخ، ج5، ص 209</ref>


والجدير بالذكر هنا أن [[بني هاشم]] وعلى رأسهم [[الإمام علي عليه السلام|أمير المؤمنين]] (ع) لعبوا خلال فترة الخلفاء الثلاثة دورا بارزا في إدارة الدولة وحل المعضلات التي واجهت السلطة، حتى اختير منهم [[الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب]] واليا على المدينة في زمن الخلفاء الثلاثة.<ref>الطبري، ذخائرالعقبي، ص 244؛ ابن ‌سعد، الطبقات، ج 4، ص 42.</ref> ‏ومع عودة [[الخلافة]] إلى [[أمير المؤمنين (ع)]] ما بين (35 و40هـ . ق) وقف بنو هاشم إلى جانب الإمام (ع) مشاركين له في جميع الوقائع التي خاضها، حتى أنه (ع) لما نقل مركز الحكومة من [[المدينة]] إلى [[الكوفة]] انتقل معه جمع منهم، وتصدّى البعض منهم لولاية بعض البلدان الإسلامية.<ref>ابن‌ أبي ‌الحديد، شرح نهج البلاغة، ج ص 265.</ref> وكذلك وقفوا إلى جانب [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] (ع) في فترة خلافته القصيرة إلا أن [[عبيد الله بن العباس |عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب]] التحق بركب معاوية بعد أن كان قائداً لجيش [[الامام الحسن المجتبى (ع)|الإمام الحسن]] {{ع}}، وبسبب هذه الخيانة اضطر الإمام للصلح مع [[معاوية]].<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 2، ص 141؛ ابو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 42.</ref>
وبعد أن تصدّى عثمان للخلافة عاد الصراع بين [[بني أمية]] وبين هاشم، حيث تمكن الأمويون من تسنّم مفاصل السلطة ورأوا في ذلك فرصة لإحياء النعرات السابقة، حتى أنّ أبا سفيان عبّر عما يجيش في نفسه قائلا: تلقفوها يا [[بني أمية|بني أميَّة]] تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نار‏.<ref>ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج ص 371؛ المقريزي، النزاع والتخاصم، ص 59</ref>في المقابل نرى [[الإمام علي(ع)|الإمام عليا (ع)]] يضع معايير موضوعية لتفضيل بني هاشم على بني أمية، بقوله: لا المهاجرُ كالطليقِ ولا الصَّرِيحُ كاللَّصيق ولا المحقُّ كالمبطل ولا المؤمنُ كالمدغل.<ref>نهج البلاغة، الرسالة 17</ref>


وبعد أن تصدّى معاوية لزمام الأمور، راجت قضية الصراع القبلي كثيراً حتى أن معاوية كان يرى جيش [[الكوفة]] جيشا لبني هاشم خاصة.<ref>ابن‌ أعثم، الفتوح، ج 3، ص153.</ref> وقد استمر الموقف على حاله فيمن وليّ الأمر بعد معاوية حيث حاولوا تفريغ القضية من بعدها العقائدي وإلباسها لباس الصراع القبلي والنزاعات المصلحية الآنية، نموذج ذلك ما باح به يزيد بن معاوية بعد [[واقعة عاشوراء]] حينما قال:
والجدير بالذكر هنا أن [[بني هاشم]] وعلى رأسهم [[الإمام علي عليه السلام|أمير المؤمنين]] (ع) لعبوا خلال فترة الخلفاء الثلاثة دورا بارزا في إدارة الدولة وحلّ المعضلات التي واجهت السلطة، حتى اختير منهم [[الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب]] واليا على المدينة في زمن الخلفاء الثلاثة.<ref>الطبري، ذخائرالعقبي، ص 244؛ ابن ‌سعد، الطبقات، ج 4، ص 42</ref>‏ومع عودة [[الخلافة]] إلى [[أمير المؤمنين (ع)]] ما بين (35 و40هـ . ق) وقف بنو هاشم إلى جانب الإمام (ع) مشاركين له في جميع الوقائع التي خاضها، حتى أنه (ع) لما نقل مركز الحكومة من [[المدينة]] إلى [[الكوفة]] انتقل معه جمع منهم، وتصدّى البعض منهم لولاية بعض البلدان الإسلامية.<ref>ابن‌ أبي ‌الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 265</ref>وكذلك وقفوا إلى جانب [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] (ع) في فترة خلافته القصيرة إلا أن [[عبيد الله بن العباس |عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب]] التحق بركب معاوية بعد أن كان قائداً لجيش [[الامام الحسن المجتبى (ع)|الإمام الحسن]] {{ع}}، وبسبب هذه الخيانة اضطر الإمام للصلح مع [[معاوية]].<ref>اليعقوبي، تاريخ، ج 2، ص 141؛ ابو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 42</ref>


وبعد أن تصدّى معاوية لزمام الأمور، راجت قضية الصراع القبلي كثيراً حتى أن معاوية كان يرى جيش [[الكوفة]] جيشا لبني هاشم خاصة.<ref>ابن‌ أعثم، الفتوح، ج 3، ص153</ref>وقد استمرّ الموقف على حاله فيمن ولي الأمر بعد معاوية حيث حاولوا تفريغ القضية من بعدها العقائدي وإلباسها لباس الصراع القبلي والنزاعات المصلحية الآنية، نموذج ذلك ما باح به يزيد بن معاوية بعد [[واقعة عاشوراء]] حينما قال:


:ليت أشياخي ببدر شهدوا  
:ليت أشياخي ببدر شهدوا  
: جزع الخزرج من وقع الأسل
:جزع الخزرج من وقع الأسل
:لعبت هاشم بالملك فلا
:لعبت هاشم بالملك فلا
:خبر جاء و لا وحي نزل‏<ref>الشيخ عباس القمي، نفس المهموم، ص 443.</ref>
:خبر جاء و لا وحي نزل‏<ref>الشيخ عباس القمي، نفس المهموم، ص 443</ref>


ولما امتنع [[الإمام الحسين عليه السلام|الإمام الحسين]] (ع) عن مبايعة يزيد في [[المدينة]] وقف إلى جنبه بنو هاشم<ref>الشيخ عباس القمي، نفس المهموم، ص 68.</ref> وكان في ركبه يوم [[عاشوراء]] رجال من آل عقيل وآل علي.<ref>ابو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 52، 60 ـ 61.</ref>
ولما امتنع [[الإمام الحسين عليه السلام|الإمام الحسين]] (ع) عن مبايعة يزيد في [[المدينة]] وقف إلى جنبه بنو هاشم،<ref>الشيخ عباس القمي، نفس المهموم، ص 68</ref> وكان في ركبه يوم [[عاشوراء]] رجال من آل عقيل وآل علي.<ref>ابو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 52، 60 ـ 61</ref>


ومن المواقف المشرفة التي وقفها بنو هاشم رغم قساوة البيت الأموي وشدة عدائه لهم أنهم رفضوا الاصطفاف إلى جانب [[عبد الله بن الزبير]] حين استولى على [[المدينة]] عام 63هجرية، حتى أن ابن الزبير أبعد كلا من [[محمد بن الحنفية]] و[[عبد الله بن عباس]] من المدينة وقيل أودعهم السجن.<ref>ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 9، ص 21؛ اليعقوبي، تاريخ، ج 2، ص 205.</ref> ولما سقطت حكومة ابن الزبير وعاد الأمر إلى الأمويين عادوا إلى عدائهم السابق حتى أن [[هشام بن عبد الملك]] أمر بقطع لسان ويد [[الكميت بن زيد الأسدي]] لا لشيء غير أنه رثى [[زيد بن علي بن الحسين]].<ref>ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 17، ص 6.</ref>
ومن المواقف المشرفة التي وقفها بنو هاشم رغم قساوة البيت الأموي وشدة عدائه لهم أنهم رفضوا الاصطفاف إلى جانب [[عبد الله بن الزبير]] حين استولى على [[المدينة]] [[عام 63 للهجرة]]، حتى أن ابن الزبير أبعد كلا من [[محمد بن الحنفية]] و[[عبد الله بن عباس]] من المدينة وقيل أودعهم السجن.<ref>ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 9، ص 21؛ اليعقوبي، تاريخ، ج 2، ص 205.</ref> ولما سقطت حكومة ابن الزبير وعاد الأمر إلى الأمويين عادوا إلى عدائهم السابق حتى أن [[هشام بن عبد الملك]] أمر بقطع لسان ويد [[الكميت بن زيد الأسدي]] لا لشيء غير أنه رثى [[زيد بن علي بن الحسين]].<ref>ابو الفرج الإصفهاني، الأغاني، ج 17، ص 6</ref>


ومع كل هذا التضييق الذي مارسه الأمويون ضد الهاشميين بقي نفوذ بني هاشم ومكانتهم في الوسط الاجتماعي على حاله، حتى عد من أسباب سقوط [[عبد الله بن الزبير]] موقفه المتصلب من بني هاشم.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 4(1)/317.</ref> وحتى أنه لما قدم ابن هبيرة ولى [[الكوفة]] زياد بن صالح الحارثي، فلم يزل عليها حتى أقبل قحطبة فسود محمد بن خالد بن عبد الله القسري وأخرج زياد بن صالح و دعا إلى بني هاشم.<ref>خياط بن‌ خليفة، تاريخ، ج 2، ص 616.</ref> وكذلك دعا الثائرون ضد بني أمية في نواحي خراسان الناس إلى حكومة بني هاشم.<ref>اليعقوبي، ج 2، ص 317، 319، 322.</ref>
ومع كل هذا التضييق الذي مارسه الأمويون ضد الهاشميين بقي نفوذ بني هاشم ومكانتهم في الوسط الاجتماعي على حاله، حتى عدّ من أسباب سقوط [[عبد الله بن الزبير]] موقفه المتصلب من بني هاشم.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 4(1)/317</ref>وحتى أنه لما قدم ابن هبيرة ولى [[الكوفة]] زياد بن صالح الحارثي، فلم يزل عليها حتى أقبل قحطبة فسود محمد بن خالد بن عبد الله القسري وأخرج زياد بن صالح و دعا إلى بني هاشم.<ref>خياط بن‌ خليفة، تاريخ، ج 2، ص 616</ref>وكذلك دعا الثائرون ضد بني أمية في نواحي خراسان الناس إلى حكومة بني هاشم.<ref>اليعقوبي، ج 2، ص 317، 319، 322</ref>


===بنو العباس===
===بنو العباس===
مستخدم مجهول