انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «زواج النبي من خديجة»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Raghdan
لا ملخص تعديل
imported>Raghdan
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
{{تطوير مقال}}
{{تطوير مقال}}
زواج النبي الأعظم {{صل}} من خديجة بنت خويلد يعتبر خطوة مباركة، وحدث هامّ في التاريخ الإسلامي؛ حيث اجتاز (ص) تجربته في الزواج الأوّل، وكانت تجربة ناجحة، لعبت دوراً كبيراً في حياته الشخصية والرسالية، قبل البعثة وبعدها على السواء.
زواج النبي الأعظم {{صل}} من خديجة بنت خويلد (رض) يعتبر خطوة مباركة، وحدث هامّ في التاريخ الإسلامي؛ حيث اجتاز (ص) تجربته في الزواج الأوّل، وكانت تجربة ناجحة، لعبت دوراً كبيراً في حياته الشخصية والرساليّة، قبل البعثة وبعدها على السواء.


هذا الزواج  - اضافة الى أنه زواج ميمون واقتران غامر بالمودّة والمحبّة - يصبّ في صالح الرسالة الإسلامية وتثبيتها والدفاع عنها، فقد وقفت خديجة (رض) مع النبي سنداً وعوناً في ظروف عصيبة وقاسية، وبذلت ثروتها الكبيرة في سبيل إنجاح دعوته المباركة.
هذا الزواج  - اضافة الى أنه زواج ميمون واقتران غامر بالمودّة والمحبّة - يصبّ في صالح الرسالة الإسلامية وتثبيتها والدفاع عنها، فقد كانت خديجة (رض) سنداً وعوناً للنبي {{صل}} في أشدّ الظروف وأقساها، فبذلت جميع ما تملك من أموال في سبيل إنجاح الرسالة الإسلامية المباركة.


ومن مميزاته أنه كان مبتنياً على القيم الإلهية والأسس الأخلاقية، وأهمّها صدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الخلق.
لقد أسس هذا الزواج المبارك على القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، وأهمّها صدق الحديث وأداء الأمانة وحسن الخلق.


==قصّة الزواج المبارك==
==قصّة الزواج المبارك==
ذكرت روايتان في قصّة زواج النبي الأكرم {{صل}} بخديجة:
ذكرت روايتان في قصّة زواج النبي الأكرم {{صل}} بخديجة:


الرواية الأولى: كانت خديجة بنت خويلد امرأة ذات شرف ومال تستأجر له الرجال أو تضاربهم بشئ تجعله لهم منه فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشأم مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في مالها إلى الشأم فرآه راهب اسمه نسطور فأخبر ميسرة أنه نبي هذه الأمة ثمّ باع رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترى ما أراد ثمّ أقبل قابلا فلمّا قدم مكة على خديجة بمالها باعته فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى قد رغبت فيك لقرابتك منّى وشرفك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك وعرضت عليه نفسها فخطبها وتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونش والأوقية أربعون درهماً.<ref>أسد الغابة، ج1، ص 16</ref>
الرواية الأولى: كانت السيدة خديجة بنت خويلد امرأة ذات شرف ومال، تستأجر له الرجال أو تضاربهم بشئ تجعله لهم منه، فلما بلغها عن رسول الله {{صل}} ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشأم مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله منها رسول الله {{صل}} وخرج في مالها إلى الشأم، فرآه راهب اسمه نسطور فأخبر ميسرة أنه نبيّ هذه الأمة، ثمّ باع رسول الله {{صل}} واشترى ما أراد، ثمّ أقبل قابلاً فلمّا قدم مكّة على خديجة بمالها باعته فأضعف أو قريباً، وحدثها ميسرة عن قول الراهب، فأرسلت إلى رسول الله {{صل}} أنى قد رغبت فيك لقرابتك منّى وشرفك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك وعرضت عليه نفسها، فخطبها وتزوجها على اثنتي عشرة أوقية ونش، والأوقية أربعون درهماً.<ref>أسد الغابة، ج1، ص 16</ref>


الرواية الثانية: نقل اليعقوبي في تاريخه رواية عن عمّار بن ياسر أنّه قال: أنا أعلم الناس بتزويج رسول الله خديجة بنت خويلد: كنت صديقاً له، فإنا لنمشي يوماً بين الصفا والمروة إذا بخديجة بنت خويلد وأختها هالة. فلما رأت رسول الله جاءتني هالة أختها فقالت: يا عمار! ما لصاحبك حاجة في خديجة؟ قلت: والله ما أدري. فرجعت فذكرت ذلك له، فقال: ارجع فواضعها وعدها يوماً نأتيها فيه، ففعلت. فلمّا كان ذلك اليوم أرسلت إلى عمرو بن أسد وسقته ذلك اليوم ودهنت لحيته بدهن أصفر، وطرحت عليه حبراً. ثمّ جاء رسول الله في نفر من أعمامه تقدمهم أبو طالب فخطب أبو طالب، فقال: الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وجعل لنا بيتا محجوجاً وحرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس وبارك لنا في بلدنا الذي نحن به، ثم إن ابن أخي محمد بن عبد الله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح ولا يقاس بأحد إلا عظم عنه، وإن كان في المال قل فإن المال رزق حائل وظل زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة وصداق ما سألتموه عاجله من مالي، وله والله خطب عظيم ونبأ شائع. فتزوجها وانصرف.<ref>تاريخ اليعقوبي، ج 7، ص 20</ref> وهذه الرواية اليتيمة لا تصمد أمام الرواية الأولى التي اعتمدها أغلب المؤرخون.<ref>انظر: الأعلام للزركلي، ج 2، ص 307؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج 1، ص 97؛ تاريخ الطبري، ج 2، ص 34 - 35؛ شرح الأخبار، ص 15 - 16</ref>
الرواية الثانية: نقل اليعقوبي في تاريخه رواية عن عمّار بن ياسر أنّه قال: أنا أعلم الناس بتزويج رسول الله {{صل}} خديجة بنت خويلد: كنت صديقاً له، فإنّا لنمشي يوماً بين الصفا والمروة إذا بخديجة بنت خويلد وأختها هالة، فلما رأت رسول الله {{صل}} جاءتني هالة أختها فقالت: يا عمار! ما لصاحبك حاجة في خديجة؟ قلت: والله ما أدري، فرجعت فذكرت ذلك له، فقال: ارجع فواضعها وعدها يوماً نأتيها فيه، ففعلت. فلمّا كان ذلك اليوم... جاء رسول الله في نفر من أعمامه، تقدمهم أبو طالب، فخطب أبو طالب، فقال: الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم، وذرية إسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجاً، وحرما آمنا، وجعلنا الحكّام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن به، ثمّ إن ابن أخي محمد بن عبدالله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح، ولا يقاس بأحد إلا عظم عنه، وإن كان في المال قلّ فإن المال رزق حائل وظل زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وصداق ما سألتموه عاجله من مالي، وله والله خطب عظيم ونبأ شائع، فتزوجها وانصرف.<ref>تاريخ اليعقوبي، ج 7، ص 20</ref> وهذه الرواية اليتيمة لا تصمد أمام الرواية الأولى التي اعتمدها أغلب المؤرخون.<ref>انظر: الأعلام للزركلي، ج 2، ص 307؛ أنساب الأشراف للبلاذري، ج 1، ص 97؛ تاريخ الطبري، ج 2، ص 34 - 35؛ شرح الأخبار، ص 15 - 16</ref>


==عمر النبي الأكرم {{صل}} عند الزواج بخديجة==
==عمر النبي الأكرم {{صل}} عند الزواج بخديجة==
واختلف المؤرخون في تحديد عمر النبي الأكرم {{صل}} وقت زواجه بخديجة، ففي رواية الزهريكان عمر رسول الله {{صل}} يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة، وقيل خمساًوعشرين سنة، زمان بنيت الكعبة. وقال الواقدي: ولها خمس وأربعون سنة.<ref>ابن کثير، البداية والنهاية، ج5، ص314.</ref>
اختلف المؤرخون في تحديد عمر النبي الأكرم {{صل}} وقت زواجه بخديجة، ففي رواية الزهري: كان عمر رسول الله {{صل}} يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة، وقيل: خمساًوعشرين سنة، زمان بنيت الكعبة.<ref>ابن کثير، البداية والنهاية، ج5، ص314.</ref>
وفي الاستيعاب لابن عبد البر أن عمر النبي {{صل}} عند الزواج بخديجة خمس وعشرون سنة<ref>ابن عبدالبر، الاستيعاب، ج‏۱، ص۳۵.</ref>.ونقل ابن الأثير أقوالاً مختلفة في تعيين عمر النبي {{صل}} وقت زواجه بخديجة، تتراوح بين: (۲۱، ۲۲، ۲۵، ۲۸، ۳۰، ۳۷)سنة.<ref>ابن کثير، البدايةوالنهاية، ج‏۵،ص ۲۹۳.</ref>
وفي الاستيعاب لابن عبد البر أنّ عمر النبي {{صل}} عند الزواج بخديجة خمس وعشرون سنة<ref>ابن عبدالبر، الاستيعاب، ج‏۱، ص۳۵.</ref>.ونقل ابن الأثير أقوالاً مختلفة في ذلك وهي: (۲۱، ۲۲، ۲۵، ۲۸، ۳۰، ۳۷)سنة.<ref>ابن کثير، البدايةوالنهاية، ج‏۵،ص ۲۹۳.</ref>


==عمر خديجة يوم زواجها من النبي==
==عمر السيدة خديجة يوم زواجها من النبي {{صل}}==
كذلك اختلفت كلمة الباحثين والمؤرخين في سن خديجة حينما تزوجها الرسول {{صل}} والتي ترددت بين الخامسة والعشرين، والسادسة والأربعين،إلاّ أن الأكثر ذكروا أنها كانت في سنّ الأربعين.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص39؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8،ص174؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج1، ص23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج1،ص98 وج9،ص459 ؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2،ص280.</ref>
كذلك اختلف في تحديد عمر السيدة خديجة عند زواجها من رسول الله {{صل}}، وذكرت في ذلك أقوالاً تتراوح بين الخامسة والعشرين، والسادسة والأربعين،إلاّ أن الأكثر ذكروا أنها كانت في سنّ الأربعين.<ref>انظر: ابن اثير، الكامل، ج2، ص39؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8،ص174؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج1، ص23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج1،ص98 وج9،ص459؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2،ص280.</ref>
ونقل المسعودي غير تلك التحديدات.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج2، ص 287:"وفي سنة ست وعشرين كان تزويجة بخديجة بنت خويلد، وهي يومئذ بنت أربعين، وقيل في سنها غير هذا".</ref> ومنهم من حدّد ذلك بالخامسة والعشرين<ref>البيهقي، دلائل النبوة، ج2، ص71؛ السيرة الحلبية، ج1، ص140؛ البداية والنهاية، ج2، ص 294: " وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين وقيلً خمساً وعشرين سنة"؛ البلاذري أنساب الأشراف، ج1، ص 98.</ref> ومنهم من قال عمرها ثمانية وعشرين عاماً<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج1، ص98: «وتزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهي ابنة أربعين سنة".</ref> و30عاماً<ref>جعفر مرتضى العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص)، ج2، ص115. نقلاً عن السيرة الحلبية، ج1، ص140؛ تهذيب تاريخ دمشق، ج1، ص 303؛ تاريخ الخميس، ج1، ص264.</ref> و35عاما<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص295 ؛ ابن كثير، السيرة النبوية، ج1، ص 265.</ref> و44عاما<ref>الواقدي، مختصر تاريخ دمشق، ج1، ص303.</ref> و45عاما<ref>الواقدي، مختصر تاريخ دمشق، ج2، ص275؛ تهذيب الأسماء، ج2، ص342.</ref> و46 عاما.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج1، ص98: "يقال إنه تزوّجها وهي ابنة ست وأربعين سنة".</ref>


==اولاد النبي {{صل}} من خديجة ==
==اولاد النبي {{صل}} من السيدة خديجة==
كانت ثمرة ذلك الزواج سبعة أو ثمانية أولاد وقيل ستة. فقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق وابن هشام اسماء سبعة من أولاده من خديجة (ع) وان جميع ولده (ص) هم من خديجة الا إبراهيم.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> ونقل عن يونس بن بكير أسماء ستة من أبناء خديجة<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref>، ونقل ابن الاثير عن الزبير بن بكار قوله: إنما لقب ولداه بالطيب والطاهر لولادتها بعد البعثة.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص307.</ref> وقد أكدت سائر المصادر التأريخية أنّه لم ينجب له (ص) الا من خديجة ومن مارية ولده إبراهيم.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص 307؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص 306.</ref>
كانت ثمرة ذلك الزواج المبارك سبعة أو ثمانية أولاد، وقيل ستة. فقد نقل ابن كثير عن ابن إسحاق وابن هشام اسماء سبعة من أولاده من خديجة، وأن جميع ولده {{صل}} هم من خديجة إلا إبراهيم.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> ونقل عن يونس بن بكير أسماء ستة من أبناء خديجة<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص294.</ref> ونقل ابن الاثير عن الزبير بن بكار قوله: إنما لقب ولداه بالطيّب والطاهر لولادتها بعد البعثة.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص307.</ref> وقد أكدت سائر المصادر التأريخية أنّه لم يولد له إلا من خديجة، ومن مارية ولده إبراهيم.<ref>ابن اثير، الكامل، ج2، ص 307؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص 306.</ref>


==زواجها قبل النبي {{صل}} ==
==زواجها قبل النبي {{صل}} ==
وقعت مسألة زواجها (عليها السلام)  قبل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]]  {{صل}}  موضع نقاش وجدال بين الباحثين الاسلاميين فذهب أكثر المؤرخين والباحثين من العامّة الى القول بأنها تزوجت قبل زواجها بالنبي  {{صل}}  مرتين وأنها انجبت من تلك الزيجات، وهذا ما ينفيه فريق من الباحثين [[الشيعة]]، ومن تلك المصادر التاريخية التي تشير الى زواجها السابق:
وقعت مسألة زواجها قبل [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|النبي الأكرم]]  {{صل}}  موضع نقاش وجدال بين الباحثين الاسلاميين فذهب أكثر المؤرخين والباحثين من العامّة الى القول بأنّها تزوجت قبل زواجها بالنبي  {{صل}}  مرّتين، وأنّها انجبت من تلك الزيجات، وهذا ما ينفيه فريق من الباحثين [[الشيعة]]، ومن تلك المصادر التاريخية التي تشير الى زواجها السابق:


# ذكر البلاذري في أنساب الاشراف أن خديجة (عليها السلام)  كانت قبل [[رسول الله]]  {{صل}} عند [[أبي هالة]] هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمّي باسم أبيه.<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج15، ص 65.</ref>
# ذكر البلاذري في أنساب الاشراف أن خديجة كانت قبل [[رسول الله]]  {{صل}} عند [[أبي هالة]] هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمّي باسم أبيه.<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج15، ص 65.</ref>
# وقال البلاذري أيضاً: ثم خلف عليها بعده – أي بعد أبي هالة- عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي  {{صل}}. وكانت خديجة  {{عليه السلام}}  ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند تزوجها صيفي بن أمية بن عابد.<ref>ابن حبيب، المنمّق، ص247.</ref>
# وقال البلاذري أيضاً: ثم خلف عليها بعده – أي بعد أبي هالة- عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي  {{صل}}. وكانت خديجة  {{عليه السلام}}  ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند تزوجها صيفي بن أمية بن عابد.<ref>ابن حبيب، المنمّق، ص247.</ref>
# وقال ابن حبيب صاحب كتاب ''المنمّق'' في معرض حديثه عن [[النباش]]: النباش أبو هالة زوج خديحة بنت خويلد  (عليها السلام)  قبل رسول الله  {{صل}}  فولدت له هالة وهنداً وهما رجلان.<ref>ابن حبيب، المحبّر، ص452.</ref>
# وقال ابن حبيب صاحب كتاب ''المنمّق'' في معرض حديثه عن [[النباش]]: النباش أبو هالة زوج خديحة بنت خويلد  (عليها السلام)  قبل رسول الله  {{صل}}  فولدت له هالة وهنداً وهما رجلان.<ref>ابن حبيب، المحبّر، ص452.</ref>
# وقال ابن حبيب أيضا في كتابه ''المحبّر'' الذي ألفه بعد ''المنمّق'' في من تزوج ثلاث مرّات: كانت خديجة  (عليها السلام)  قبله  {{صل}}  عند أبي هالة هند بن النباش؛ ثم عند [[عتيق بن عائذ]] بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
# وقال ابن حبيب أيضا في كتابه ''المحبّر'' الذي ألفه بعد ''المنمّق'' في من تزوج ثلاث مرّات: كانت خديجة  (عليها السلام)  قبله  {{صل}}  عند أبي هالة هند بن النباش؛ ثم عند [[عتيق بن عائذ]] بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.


في المقابل نجد الباحثين والمؤرخين [[الشيعة]] – وبعد دراسات معمقة لزوايا الموضوع-  يشككون في تلك الزيجات السابقة على النبي  {{صل}}  ويؤكدون أنها (سلام الله عليها) لم تتزوج قبل رسول  {{صل}}  من أحد قط. ومن القرائن والأدلة التي تدعم ذلك:
في المقابل نجد الباحثين والمؤرخين [[الشيعة]] – وبعد دراسات معمّقة لزوايا الموضوع-  يشككون في تلك الزيجات السابقة على النبي  {{صل}}  ويؤكدون أنها (سلام الله عليها) لم تتزوج قبل رسول  {{صل}}  من أحد قط. ومن القرائن والأدلّة التي تدعم ذلك:


# قال [[ابن شهر آشوب]]: وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، و[[السيد المرتضى|المرتضى]] في ''الشافي''، و[[الشيخ الطوسي|أبو جعفر الطوسي]] في ''التلخيص'': إن النبي  {{صل}}  تزوج بها وكانت عذراء. يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي [[هالة]] أخت خديجة  (عليها السلام) .<ref>ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج1، ص 159.</ref> ومن الواضح أن ذيل كلامه لا يخلو من اشكال فإنّ المصادر التأريخية تؤكد بان رقية وزينب هن بنات الرسول  {{صل}}  من خديجة.<ref>ابن اثيرالجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج4، ص641.</ref>
# قال [[ابن شهر آشوب]]: وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، و[[السيد المرتضى|المرتضى]] في ''الشافي''، و[[الشيخ الطوسي|أبو جعفر الطوسي]] في ''التلخيص'': أنّ النبي  {{صل}}  تزوج بها وكانت عذراء. يؤكّد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي [[هالة]] أخت خديجة  (عليها السلام) .<ref>ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج1، ص 159.</ref> ومن الواضح أن ذيل كلامه لا يخلو من اشكال فإنّ المصادر التأريخية تؤكد بأن رقية وزينب هن بنات الرسول  {{صل}}  من خديجة.<ref>ابن اثيرالجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج4، ص641.</ref>
# قال أبو القاسم الكوفي: إن [[الإجماع]] من الخاص والعام، من أهل الآثار ونقلة الأخبار، على أنّه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم، إلا من خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة، يتزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر: أنّه من أبين المحال، وافظع المقال.<ref>جعفر مرتضي العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم  {{صل}}، ج2، ص123.نقلاً عن: (الاستغاثة، ج1، ص70.)</ref>
# قال أبو القاسم الكوفي: إن [[الإجماع]] من الخاص والعام، من أهل الآثار ونقلة الأخبار، على أنّه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم، إلا من خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة، يتزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر: أنّه من أبين المحال، وافظع المقال.<ref>جعفر مرتضي العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم  {{صل}}، ج2، ص123.نقلاً عن: (الاستغاثة، ج1، ص70.)</ref>
# لقد روي أنه كانت لخديجة  {{عليه السلام}}  أخت إسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثم خلف عليها- أي على هالة الأولى- رجل تميمي يقال له: أبو هند، فأولدها ولدا إسمه هند. وكان لهذا التميمي إمرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية، فماتت، ومات التميمي، فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الاخرى؟ فضمتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوجت بالرسول  {{صل}}  ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول  {{صل}}. وكان العرب يزعمون: أن الربيبة بنت، ولاجل ذلك نسبتا إليه  {{صل}}، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أخت خديجة  (عليها السلام).<ref>جعفر مرتضى العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم  {{صل}}، ج2، ص 125.</ref>
# لقد روي أنه كانت لخديجة  {{عليه السلام}}  أخت إسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثم خلف عليها- أي على هالة الأولى- رجل تميمي يقال له: أبو هند، فأولدها ولدا إسمه هند. وكان لهذا التميمي إمرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية، فماتت، ومات التميمي، فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الاخرى؟ فضمتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوجت بالرسول  {{صل}}  ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول  {{صل}}. وكان العرب يزعمون: أن الربيبة بنت، ولاجل ذلك نسبتا إليه  {{صل}}، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أخت خديجة  (عليها السلام).<ref>جعفر مرتضى العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم  {{صل}}، ج2، ص 125.</ref>


== عدد زوجات النبي {{صل}} ==
== السيدة خديجة هي أولى زوجات النبي {{صل}} ==
جاء في الخصال، عن الإمام الصادق {{ع}}: "تزوج رسول الله {{صل}} بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة منهن، وقبض عن تسع، فأمّا اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسني، وأما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن فأولهن خديجة بنت خويلد.
جاء في الخصال، عن الإمام الصادق {{ع}}: "تزوج رسول الله {{صل}} بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة منهن، وقبض عن تسع، فأمّا اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسني، وأما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن فأولهن خديجة بنت خويلد.


وفي البداية والنهاية: أنه عليه السلام توفي عن تسع وهن ، عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية ، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وأم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وسودة بنت زمعة العامرية ، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية ، وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية الإسرائيلية الهارونية ، رضي الله عنهم وأرضاهن . وكانت له سريتان وهما ، مارية بنت شمعون القبطية المصرية من كورة أنصنا وهي أم ولده إبراهيم عليه السلام ، وريحانة بنت ( 1 ) شمعون القرظية<ref>ابن کثير، البداية و النهاية، ج5، ص312-313.</ref>
وفي البداية والنهاية: أنه عليه السلام توفي عن تسع وهن: عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية، وزينب بنت جحش الأسدية، وأم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وسودة بنت زمعة العامرية، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية الإسرائيلية الهارونية، رضي الله عنهم وأرضاهن. وكانت له سريتان وهما، مارية بنت شمعون القبطية المصرية من كورة أنصنا وهي أم ولده إبراهيم عليه السلام، وريحانة بنت شمعون القرظية.<ref>ابن کثير، البداية و النهاية، ج5، ص312-313.</ref>


اتفقت المصادر التاريخية على أنّ أول زوجات النبي الأكرم {{صل}} هي السيدة خديجة بنت خويلد، وانه {{صل}} لم يتزوج غيرها في حياتها.<ref>ابن عبدالبر ، الاستيعاب، ج‏1، ص25.</ref>
وقد اتفقت المصادر التاريخية على أنّ أوّل زوجات النبي الأكرم {{صل}} هي السيدة خديجة بنت خويلد، وانه {{صل}} لم يتزوج غيرها في حياتها.<ref>ابن عبدالبر ، الاستيعاب، ج‏1، ص25.</ref>


==منزلة خديجة في الإسلام ==
==منزلة وفضل خديجة في الإسلام==
أجمعت المصادر التاريخية على أنّ أوّل امرأة آمنت بالنبي الأكرم {{صل}}، وصدّقت برسالته هي زوجته خديجة بنت خويلد. وفي رواية ابن عباس أنّ أوّل من آمن به وصلّى خلفه ابن عمّه عليّ {{عليه السلام}}، وزوجته خديجة بنت خويلد<ref>انظر: أسد الغابة، ج3، ص 414 - 415؛ تهذيب الكمال، ج20، ص185؛ سير أعلام النبلاء، ج1، ص 463؛ تاريخ اليعقوبي، ج2، ص23؛ </ref>
أجمعت المصادر التاريخية على أنّ أوّل امرأة آمنت بالنبي الأكرم {{صل}}، وصدّقت برسالته هي زوجته خديجة بنت خويلد. وفي رواية ابن عباس أنّ أوّل من آمن به وصلّى خلفه ابن عمّه عليّ {{عليه السلام}}، وزوجته خديجة بنت خويلد<ref>انظر: أسد الغابة، ج3، ص 414 - 415؛ تهذيب الكمال، ج20، ص185؛ سير أعلام النبلاء، ج1، ص 463؛ تاريخ اليعقوبي، ج2، ص23؛ </ref>


وعن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وآله أربع خطط في الأرض وقال: أتدرون ما هذا: قلنا الله ورسوله أعلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل نساء [ أهل ]الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون).<ref>الخصال، ص206؛ تهذيب الكمال، ج35، ص 249 – 250؛ سير أعلام النبلاء، ج2، ص126؛ </ref>.
وعن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وآله أربع خطط في الأرض وقال: أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله {{صل}}: أفضل نساء [أهل]الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون).<ref>الخصال، ص206؛ تهذيب الكمال، ج35، ص 249 – 250؛ سير أعلام النبلاء، ج2، ص126؛ </ref>.


==مكانة خديجة عند النبي {{صل}}==
==مكانة خديجة عند النبي {{صل}}==
حظيت السيدة خديجة من بين زوجات النبي {{صل}} بمكانة خاصة ومنزلة رفيعة لديه {{صل}ْ} وقد أكدت الوثائق التأريخية هذه الحقيقة، بل بقي {{صل}} طيلة حياته يذكرها بخير ويؤكد على مكانتها في قلبه الشريف وكان يثني عليها ولايرى من يوازيها في تلك المنزلة الرفعية، فعن [[عائشة]] قالت: كان رسول الله {{صل}} إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السنّ، قالت: فرأيت رسول الله {{صل}} غضب غضباً شديداً،  ثم قال: والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس وصدقتني إذ كذبني النّاس، ورزقت منّي حيث حرمتموه.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1824.</ref>
حظيت السيدة خديجة من بين زوجات النبي {{صل}} بمكانة رفيعة ومنزلة خاصّة عنده{{صل}ْ}، فقد أكّدت الوثائق التأريخية أنّه{{صل}} بقي طيلة حياته يذكرها بخير، ويؤكد على مكانتها في قلبه الشريف، وكان يثني عليها ولا يرى من يوازيها في تلك المنزلة الرفعية.


وذكر البلاذري رواية عن عائشة أنها قالت: دخلت امرأة سوداء على رسول الله {{صل}}، فأقبل عليها واستبشر بها. فقلت: يا رسول الله، أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تدخل على خديجة كثيراً، وأنّ حسن العهد من الإيمان.
عن [[عائشة]] قالت: كان رسول الله {{صل}} إذا ذكر خديجة لم يسأم من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السنّ، قالت: فرأيت رسول الله {{صل}} غضب غضباً شديداً،  ثم قال: والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس وصدقتني إذ كذبني النّاس، ورزقت منّي حيث حرمتموه.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج4، ص1824.</ref>


لقد كانت خديجة شريكة النبيِّ {{صل}} في كلّ آلامه وآماله، والمسلّية له بما أصابه من أذىِ، بل كانت المعينة له على مكاره قريش؛ ومن هنا لم يتزوج {{صل}} في حياتها غيرها.<ref>ابن العمراني، الأنباء في تاريخ الخلفا، ص46.</ref> بل وصفت بعض الوثائق تلك العلاقة الحميمة بين الرسول وبينها بالقول: وكانت خديجة له {{صل}} وزير صدق بنفسها ومالها رضى الله عنها وأرضاها.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص 61 ؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج‏1، ص26.</ref>
وقالت أيضاً: دخلت امرأة سوداء على رسول الله {{صل}}، فأقبل عليها واستبشر بها. فقلت: يا رسول الله، أقبلت على هذه السوداء هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تدخل على خديجة كثيراً، وأنّ حسن العهد من الإيمان.


==وقوفها إلى جانب النبي {{صل}} في تبليغ رسالته==
==وقوفها إلى جانب النبي {{صل}} في تبليغ رسالته==
مزجت السيدة خديجة (ع) بين الإيمان والعمل فكانت المصداق البارز للحديث الشريف "الايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان"<ref>الكليني، أصول الكافي، ج2، ص 27.</ref> ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات الذكر الحكيم بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة فلم يبق من مالها شيء الا وقد وضعته تحت تصرف الرسول (ص) وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بانها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لايدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد (ص) في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل والعطاء.
كانت السيدة خديجة شريكة للنبي {{صل}} بكل ما للكلمة من معنى، فقد كانت تشاركه آلامه وآماله، وتسليه على ما يصيبه من مشقة وأذىً في تبليغ رسالته.<ref>ابن العمراني، الأنباء في تاريخ الخلفا، ص46.</ref> بل وصفت بعض الوثائق تلك العلاقة الحميمة بين الرسول وبينها بالقول: وكانت خديجة له {{صل}} وزير صدق بنفسها ومالها رضى الله عنها وأرضاها.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج2، ص 61 ؛ ابن اثير الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج‏1، ص26.</ref>


وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول (ص) والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه (ص): «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى»<ref>الضحى/ 8.</ref> وكان (ص) يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج19، ص 63.</ref> وكان (ص) يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في [[شعب أبي طالب]] وعند المحاصرة مال خديجة (ع) ومال [[أبو طالب|أبي طالب]] حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب وخديجة جميع مالهما»<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج19، ص 16: "وانفق أبو طالب وخديجه جميع مالها.</ref> ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي [[حكيم بن حزام]] بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله (ص)، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أ تذهب بالطعام إلى [[بني هاشم]]؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك ب[[مكة]]. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.<ref>ابن هشام، سيرة النبي، ترجمة: رسولي محلاتي، ج1، ص 221.</ref>
مزجت السيدة خديجة بين الإيمان والعمل فكانت المصداق البارز للحديث الشريف "الايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان"<ref>الكليني، أصول الكافي، ج2، ص 27.</ref> ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات الذكر الحكيم بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة فلم يبق من مالها شيء الا وقد وضعته تحت تصرف الرسول {{صل}} وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بانها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لايدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد {{صل}} في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل والعطاء.
فقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الخلال الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول (ص) ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم محمد بن عبد الله (ص).<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج35، ص 425؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل ابي طالب، ج3، ص 320.</ref> وكان الرسول (ص) لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.<ref>ابن عبدالبر، الاستيعاب، ج‏4، ص 1817.</ref>
 
لقد عاضدت السيدة خديجة (ع) رسول الانسانية في حركته منذ الساعات الأولى للبعثة وحتى رحيلها عن هذه الدنيا، وكان لمساندتها الدور البارز في تقوية واستحكام الجبهة الداخلية للجماعة المؤمنة فكانت المثل الاعلى للمؤمن الرسالي الثابت القدم الراسخ العقيدة، ومن هنا نالت وبجدارة كبيرة لقب [[الطاهرة]] و[[الصديقة]] و[[سيدة نساء قريش]] و[[خير النساء]] و[[أم المؤمنين|أمّ المؤمنين]]، وغير ذلك من الألقاب الكبيرة.
وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول {{صل}} والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه (ص): «وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى»<ref>الضحى/ 8.</ref> وكان {{صل}} يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج19، ص 63.</ref> وكان {{صل}} يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في [[شعب أبي طالب]] وعند المحاصرة مال خديجة {{صل}} ومال [[أبو طالب|أبي طالب]] حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب وخديجة جميع مالهما»<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج19، ص 16: "وانفق أبو طالب وخديجه جميع مالها.</ref> ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي [[حكيم بن حزام]] بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله {{صل}}، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أ تذهب بالطعام إلى [[بني هاشم]]؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك ب[[مكة]]. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.<ref>ابن هشام، سيرة النبي، ترجمة: رسولي محلاتي، ج1، ص 221.</ref>
فقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الخلال الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول {{صل}} ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم محمد بن عبدالله {{صل}}.<ref>المجلسي، بحارالانوار، ج35، ص 425؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل ابي طالب، ج3، ص 320.</ref> وكان الرسول {{صل}} لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.<ref>ابن عبدالبر، الاستيعاب، ج‏4، ص 1817.</ref>
لقد عاضدت السيدة خديجة رسول الانسانية في حركته منذ الساعات الأولى للبعثة وحتى رحيلها عن هذه الدنيا، وكان لمساندتها الدور البارز في تقوية واستحكام الجبهة الداخلية للجماعة المؤمنة فكانت المثل الاعلى للمؤمن الرسالي الثابت القدم الراسخ العقيدة، ومن هنا نالت وبجدارة كبيرة لقب [[الطاهرة]] و[[الصديقة]] و[[سيدة نساء قريش]] و[[خير النساء]] و[[أم المؤمنين|أمّ المؤمنين]]، وغير ذلك من الألقاب الكبيرة.


==المصادر==
==المصادر==
* ابن بكار، الزبير بن عبد الله القرشي، المنتخب من أزواج النبي {{صل}} تحقيق: سكينة الشهابي، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1403هـ.
*
 
==هامش==
==هامش==
{{مراجع}}
{{مراجع}}
مستخدم مجهول