انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «التوسل»

ط
لا يوجد ملخص تحرير
طلا ملخص تعديل
سطر ١٨: سطر ١٨:
يتم التوسل بشكل فردي وجامعي، ويُعتبر دعاء التوسل من ضمن الأدعية التي تتم قراءتها في كل أسبوع في ليالي الأربعاء، وبشكل جماعي عند الشيعة، سواء كان في المجالس التي تُعقد في المنازل أو في المساجد والأضرحة والحسينيات، حيث يتم فيه التوسل بالأربعة عشر معصوم.<ref>علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.</ref> في بعض الأحيان تقام مراسيم للتوسل لقضاء بعض الحاجات، فمثلا في إيران يقوم بعض الناس بوضع مائدة طعام باسم الإمام زين العابدين، من أجل شفاء مريض من مرضه أو لقضاء الحاجات الأخرى.<ref>علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.</ref> وكذلك سفرة السيدة رقية لطلب الحاجات، مثل الزواج، وطلب الأطفال، والحاجات المالية، وغيرها من الاحتياجات، وهذا أمر شائع في بعض البلدان كإيران والعراق.<ref> https://rafed.net/reyhana/article/15541، سفرة السيدة رقية عليها السلام.</ref>
يتم التوسل بشكل فردي وجامعي، ويُعتبر دعاء التوسل من ضمن الأدعية التي تتم قراءتها في كل أسبوع في ليالي الأربعاء، وبشكل جماعي عند الشيعة، سواء كان في المجالس التي تُعقد في المنازل أو في المساجد والأضرحة والحسينيات، حيث يتم فيه التوسل بالأربعة عشر معصوم.<ref>علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.</ref> في بعض الأحيان تقام مراسيم للتوسل لقضاء بعض الحاجات، فمثلا في إيران يقوم بعض الناس بوضع مائدة طعام باسم الإمام زين العابدين، من أجل شفاء مريض من مرضه أو لقضاء الحاجات الأخرى.<ref>علي زاده، «توسل در تحقق تاریخی»، ص369.</ref> وكذلك سفرة السيدة رقية لطلب الحاجات، مثل الزواج، وطلب الأطفال، والحاجات المالية، وغيرها من الاحتياجات، وهذا أمر شائع في بعض البلدان كإيران والعراق.<ref> https://rafed.net/reyhana/article/15541، سفرة السيدة رقية عليها السلام.</ref>


وقد وردت أيضًا موارد من التوسل بين أهل السنة، فعلى سبيل المثال، كان السمعاني المؤرخ والمحدث والفقيه الشافعي في القرن السادس الهجري، يزور قبر الإمام الكاظم ويتوسل به.<ref>السمعاني، الأنساب، ج12، ص479.</ref> وذكر أبو علي الخلال، أحد علماء السنة الآخرين في القرن الثالث الهجري، إنني كلما واجهتني مشكلة زرت قبر موسى بن جعفر وأتوسل به فتحل مشكلتي.<ref>البغدادي، تاريخ بغداد، ج1، ص133.</ref> كما نُقل عن محمد بن إدريس الشافعي، أحد فقهاء أهل السنة الأربعة، أنَّه وصف قبر موسى بن جعفر بأنه «الترياق المجرب»<ref>الكعبي، الإمام موسى الكاظم عليه السلام سيرة وتاريخ، ص216.</ref>
وقد وردت أيضًا موارد من التوسل بين أهل السنة، فعلى سبيل المثال، كان السمعاني المؤرخ والمحدث والفقيه الشافعي في القرن السادس الهجري، يزور قبر الإمام الكاظم ويتوسل به.<ref>السمعاني، الأنساب، ج12، ص479.</ref> وذكر أبو علي الخلال، أحد علماء السنة الآخرين في القرن الثالث الهجري، إنني كلما واجهتني مشكلة زرت قبر موسى بن جعفر وأتوسل به فتحل مشكلتي.<ref>البغدادي، تاريخ بغداد، ج1، ص133.</ref> كما نُقل عن محمد بن إدريس الشافعي، أحد فقهاء أهل السنة الأربعة، أنَّه وصف قبر موسى بن جعفر بأنَّه «الترياق المجرب»<ref>الكعبي، الإمام موسى الكاظم عليه السلام سيرة وتاريخ، ص216.</ref>
==معنى التوسل==
==مفهوم التوسل ومشروعيته==  
التوسل هو أن يجعل الإنسان واسطة ووسيلة بينه وبين الله؛ ويلجأ الإنسان إلى هذا الشيْ لأنّ الله هو الذي أمره أن يأتيه من هذا الطريق، أي: إنّ الله هو الذي أمرنا بالتوسّل، ومما يُتوسّل به إلى الله: [[النبي (ص)]]، بل كل [[الأنبياء]]، {{و}}[[القرآن الكريم|القرآن]]، {{و}}[[أهل البيت(ع)|أهل بيت النبي (ص)]].
التوسل بمعنى أن يجعل الفرد بينه وبين الله تعالى شخص أو شيء كوسيط أو وسيلة، له مكانة خاصة عند الله تعالى يُستجاب به الدعاء.<ref>الحميري، التأمل في حقيقة التوسل، ص16.</ref> والتوسل في المعنى اللغوي يشترك مع كلمة الوسيلة وهو كل ما يتقرَّب به إلى الغير.<ref>الجوهري، الصحاح‌ تاج اللغة و صحاح العربية، ج5، ص1841.</ref>


==مشروعية التوسل==
وقد ذهب البعض أن التوسل والاستغاثة مترادفان.<ref>السبكي، شفاء السقام، ص314.</ref> ويرى آخرون أن الاستغاثة غير التوسل، فالاستغاثة لا تكون إلا في حالة الشدّة، والتوسل يكون في حالة الشدّة وحالة الرخاء.<ref>عبد المنعم، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، ج1، ص150.</ref>
استدل القائلون بمشروعية التوسّل بعدة شواهد منها القرآنية، والروائية، كما استدلوا بسيرة المسلمين، ولم يكتفوا بهذه الشواهد، بل ذهبوا إلى أنّ التوسّل فطرة انسانية. وإليك أدلّتهم:
===أدلة مشروعية التوسل===
===القرآن===
وقد استدل القائلون بمشروعية التوسّل بعدة شواهد منها القرآنية، والروائية، كما استدلوا بسيرة المسلمين، والدليل العقلي:
هناك مجموعة من آيات [[القرآن الكريم]] تدلّ على مشروعية التوسّل، بل إن بعضها تحث عليه كما في سورة المائدة: {{قرآن|يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}}<ref>المائدة: 35.</ref>
*'''القرآن:''' لقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يتقربوا إليه عن طريق الوسيلة وهذا ما تم التأكيد عليه في آية الوسيلة.<ref>الطباطبائي، الميزان، ج5، ص328؛ الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج11، ص349؛ سورة المائدة، الآية 35.</ref> وفي الآية 64 من سورة النساء يوصي الله تعالى أصحاب المعاصي الذهاب إلى رسول الله ويطلبوا منه أن يستغفر لهم عند الله تعالى.<ref>السبحاني، منشورات جاويد، ج7، ص412؛ سورة النساء، الآية 64.</ref> ومن الآيات الأخرى التي تدل على مشروعية التوسل الآية 97 من سورة يوسف،<ref>مكارم الشيرازي، آيات الولاية في القرآن، ص201.</ref> التي طلب فيها أبناء النبي يعقوب من أبيهم أن يستغفر لهم.<ref>سورة يوسف، الآية 97.</ref>
 
*'''الروايات:''' هناك الكثير من الروايات وردت في المصادر الحديثية الشيعية والسنية،<ref>السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، ج4، ص196؛ الترمذي، سنن الترمذي، ج5، ص539؛ الطوسي، مصباح المتهجد، ص416؛ ابن طاووس، الإقبال، ص177؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج36، ص15 ـ 21.</ref> تُشير إلى مشروعية وجواز التوسل في الشريعة الإسلامية. <ref>مكارم الشيرازي، آيات الولاية في القرآن، ص203.</ref>
ومن الآيات التي تدل على مشروعية التوسل قوله تعالى: {{قرآن|وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}}<ref>النساء: 64.</ref> فالآية تبيّن أنّ الله{{عز وجل}} يتوب على الظالمين إذا جاءوا إلى الرسول{{صل}} واستغفروا الله ثم استغفر لهم الرسول.
*'''سيرة المسلمين:''' من الأدلة على صحة التوسّل سيرة المسلمين منذ صدر [[الإسلام]] وإلى يومنا هذا، فإنهم يتوسّلون بالصالحين، كما أن [[الصحابة]] كانوا يتوسلون إلى [[الله تعالى]] بغيره، وقد سجل لنا التاريخ مجموعة من هذه التوسلات:
 
*توسل [[عمر بن الخطاب|عمر بن الخطاب]] [[العباس بن عبد المطلب|بالعباس بن عبد المطلب]] عند الاستسقاء وطلب هطول المطر من الله تعالى.<ref>ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج3، ص166؛ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج2، ص411 -412.</ref>
كما إنّ إخوة [[يوسف الصديق|يوسف]] حين ندموا على ما فعلوه بيوسف استشفعوا بأبيهم [[النبي يعقوب|يعقوب]] إلى الله{{عز وجل}}، قال تعالى: {{قرآن|قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ}}<ref>يوسف: 97.</ref>
*توسّل [[صفية بنت عبد المطلب|صفية]] (عمّة النبي) بالنبي{{صل}} وإنشاد شعر في رثائه.<ref>الطبري، ذخائر العقبى، ص 252؛ ابن حجر الهيتمي، مجمع الزائد، ج9، ص39.</ref>
 
*توسل رجل بالنبي في عهد خلافة [[عثمان]]، حيث أرشده إلى ذلك [[عثمان بن حنيف]].<ref>الطبراني، المعجم الكبير، ج9، ص30.</ref>
===الروايات===
*توسل بلال بن الحارث بالنبي للاستسقاء وطلب المطر.<ref>الدحلان، الدرر السنية، ص18.</ref>
هناك الكثير من [[الروايات]] الواردة عن [[أهل البيت]]{{عليهم السلام}} تدل على مشروعية التوسّل، كما أنّها تدل على مصاديق ما يتوسل به، وآثار التوسل على الإنسان نذكر بعضها:
*وقد ذكر أحمد زيني دحلان في كتابه الدرر السنية في الردّ على [[الوهابية]] إنّ من تتبّع في [[الأدعية]] والأذكار التي وردت عن طريق السلف يجد أنّهم كثيرا ما كانوا يتوسّلون،<ref>دحلان، الدرر السنية، ص31.</ref> كما أن ابن حجر الهيتمي نقل أشعارًا عن [[محمد الشافعي|الشافعي]] صرّح فيها بأن [[آل النبي]] هم والوسيلة للتقرب إلى الله تعالى.<ref>دحلان، الدرر السنية، ص180.</ref> وقد ورد في رواية أن [[مالك بن أنس]] علّم [[المنصور العباسي]] كيفية [[زيارة]] النبي والتوسل به.<ref>السمهودي، وفاء الوفا، ج4، ص1376.</ref>
*عن [[فاطمة الزهراء|الزهراء(ع)]]: نحن الوسيلة والواسطة بين الله والخلق.<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 211.</ref>  
*'''الدليل العقلي:''' التوسل أو الوسيلة هي تقرب العباد إلى الله تعالى، والتقرب إلى الله تعالى هو غاية البشر ورغبتهم القصوى في عباداتهم؛ لأنَّه بدون التقرب من الله تعالى، لن يحصل الإنسان على السعادة والخلاص في الدنيا والآخرة، ومن ناحية أخرى، فإن هذا التقرب لا يمكن أن يحصل إلا بالوسيلة، وبالتالي فإن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة متوقفة على الوسيلة والتوسل.<ref>الحميري، التأمل في حقيقة التوسل، ص76.</ref>
 
*وعن [[الإمام الصادق]]{{ع}}<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 24، ص 84.</ref> :نحن الحبل الإلهي حيث يقول: {{قرآن|وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}}<ref>آل عمران: 103.</ref>
 
*ما ورد في كتب [[أهل السنة|السنة]] من أن رجلا كان فاقدا لبصره، وقد توسل إلى الله بالنبي{{صل}}، ثم عاد إليه بصره.<ref>ابن ماجة، سنن ابن ماجة، ج 1، ص 441؛ ابن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ج 4، ص 138.</ref>كما ينقل عن [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] زوج النبي{{صل}} أنها كانت تقول: إنّ [[علي ابن أبي طالب|عليا]] أقرب وسيلة لله.<ref>ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 267؛ ابن المغازي، مناقب الإمام علي، ص 79 - 566.</ref>
 
===سيرة المسلمين===
من الأدلة على صحة التوسّل سيرة المسلمين من صدر [[الإسلام]] وإلى يومنا هذا، فإنهم يتوسّلون بالصالحين، كما أن [[الصحابة]] كانوا يتوسلون إلى [[الله]] بغيره، وقد سجل لنا التاريخ مجموعة من هذه التوسلات:
* توسل [[ عمر بن الخطاب|عمر بن الخطاب]] [[العباس بن عبد المطلب|بالعباس بن عبد المطلب]] عند الاستسقاء وطلب هطول المطر من الله تعالى.<ref>ابن الأثير، الكامل في تاريخ، ج 3، ص 166؛ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج 2، ص 411 -412.</ref>
*توسّل [[صفية بنت عبد المطلب|صفية]] (عمّة النبي) بالنبي {{صل}} وإنشاد شعر في رثائه.<ref>الطبري، ذخائر العقبى، ص 252؛ ابن حجر الهيتمي، مجمع الزائد، ج 9، ص 39.</ref>
*توسل رجل بالنبي (ص) في عهد خلافة [[عثمان]]، حيث أن [[عثمان بن حنيف]] أرشده إلى ذلك.<ref>الطبراني، المعجم الكبير، ج 9، ص 30.</ref>
*توسل بلال بن الحارث بالنبي (ص) للاستسقاء وطلب المطر.<ref>الدحلان، الدرر السنية، ص 18.</ref>
*قال أحمد زيني دحلان في كتابه الدرر السنية في الردّ على [[الوهابية]] إنّ من تتبّع في [[الأدعية]] والأذكار التي وردت عن طريق السلف يجد أنّهم كثيرا ما كانوا يتوسّلون،<ref>دحلان، الدرر السنية، ص 31.</ref> كما أن ابن حجر الهيتمي نقل أشعاراً عن [[محمد الشافعي|الشافعي]] صرّح فيها بأن [[آل النبي]] هم وسيلة للتقرب إلى الله.<ref>دحلان، الدرر السنية، ص 180.</ref> وقد ورد في رواية أن [[مالك بن أنس]] علّم [[منصور العباسي]] كيفية [[زيارة]] النبي والتوسل به.<ref>السمهودي، وفاء الوفا، ج 4، ص 1376.</ref>


==شبهات الوهابية في التوسل==
==شبهات الوهابية في التوسل==
confirmed، movedable، templateeditor
٨٬٦٢٨

تعديل