الفرق بين المراجعتين لصفحة: «واقعة سقيفة بني ساعدة»
←مكان الواقعة
M.fakhreddin (نقاش | مساهمات) |
M.fakhreddin (نقاش | مساهمات) |
||
سطر ٢٩: | سطر ٢٩: | ||
==مكان الواقعة== | ==مكان الواقعة== | ||
{{مفصلة|سقيفة بني ساعدة}} | {{مفصلة|سقيفة بني ساعدة}} | ||
'''السقيفة'''؛ صفّة؛ ذات سقف. ويقصد منها المكان الذي يقع في جانب من [[المدينة]]، وله سقف ممتدّ، ويعود لبني ساعدة بن كعب الخزرجي، ولذلك عرف [[سقيفة بني ساعدة|بسقيفة بني ساعدة]]. وكان [[الأنصار]] يجتمعون فيه للمشورة وحلّ قضاياهم.<ref>تاري، حقائق السقيفة، ج 1، ص 7.</ref> وتقع سقيفة بني ساعدة في الجهة الشمالية الغربية من [[المسجد النبوي]] بين مساكن قبيلة بني ساعدة بن كعب بن خزرج، جنب بئر بضاعة. وكان سَعد بن عُبادة -مرشح الأنصار لتولي منصب [[الخلافة]]- يسكن قريباً من هذا المكان.<ref>الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 229.</ref> | '''السقيفة'''؛ صفّة؛ ذات سقف. ويقصد منها المكان الذي يقع في جانب من [[المدينة]]، وله سقف ممتدّ، ويعود لبني ساعدة بن كعب الخزرجي، ولذلك عرف [[سقيفة بني ساعدة|بسقيفة بني ساعدة]]. وكان [[الأنصار]] يجتمعون فيه للمشورة وحلّ قضاياهم.<ref>تاري، حقائق السقيفة، ج 1، ص 7.</ref> وتقع سقيفة بني ساعدة في الجهة الشمالية الغربية من [[المسجد النبوي]] بين مساكن قبيلة بني ساعدة بن كعب بن خزرج، جنب بئر بضاعة. وكان سَعد بن عُبادة -مرشح الأنصار لتولي منصب [[الخلافة]]- يسكن قريباً من هذا المكان.<ref>الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 229.</ref> بعد هجرة النبي لم تعقد الاجتماعات في سقيفة بني ساعدة لمدة عشر سنوات حتى وفاة النبي، وأول اجتماع عقد فيها بعد ذلك كان لتعيين الخليفة بعد النبي. | ||
==أرضية السقيفة== | ==أرضية السقيفة== | ||
سطر ٤٩: | سطر ٤٩: | ||
بعد أن وصل خبر السقيفة إلى [[عمر بن الخطاب]] أرسل إلى [[أبوبكر بن أبي قحافة|أبي بكر بن أبي قحافة]] وهو في داره بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، وعندما خرج إليه، أخبره بأمر الأنصار واجتماعهم في السقيفة ليولّوا سعد بن عبادة أمور الخلافة. فانطلقا إلى الأنصار ليروا ما هم عليه.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.</ref> وفي طريقهم التقوا بأبي عبيدة بن الجراح، ثم بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فأخبروهم عن مجريات السقيفة ونصحوهم بالرجوع، إلا أنهم لم يأخذوا بالنصيحة، فوصلوا والأنصار مجتمعين،<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 40.</ref> فأراد عمر البدء بالكلام فاستأذنه أبو بكر ليتكلم أولاً وبدأ الكلام ببيان فضل المهاجرين على الأنصار وأولوية [[قريش]] في الخلافة، ولكن قوبل كلامه بالقبول والرفض وأشار بعض الحاضرين إلى أحقية [[الإمام علي|علي]] بالخلافة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.</ref> | بعد أن وصل خبر السقيفة إلى [[عمر بن الخطاب]] أرسل إلى [[أبوبكر بن أبي قحافة|أبي بكر بن أبي قحافة]] وهو في داره بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، وعندما خرج إليه، أخبره بأمر الأنصار واجتماعهم في السقيفة ليولّوا سعد بن عبادة أمور الخلافة. فانطلقا إلى الأنصار ليروا ما هم عليه.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.</ref> وفي طريقهم التقوا بأبي عبيدة بن الجراح، ثم بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فأخبروهم عن مجريات السقيفة ونصحوهم بالرجوع، إلا أنهم لم يأخذوا بالنصيحة، فوصلوا والأنصار مجتمعين،<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 40.</ref> فأراد عمر البدء بالكلام فاستأذنه أبو بكر ليتكلم أولاً وبدأ الكلام ببيان فضل المهاجرين على الأنصار وأولوية [[قريش]] في الخلافة، ولكن قوبل كلامه بالقبول والرفض وأشار بعض الحاضرين إلى أحقية [[الإمام علي|علي]] بالخلافة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.</ref> | ||
===نقاشات السقيفة === | ===نقاشات السقيفة=== | ||
سجّلت المصادر التاريخية النقاشات التي درات في السقيفة بين جهة وأخرى وعلى لسان أشخاص محدّدين وبحذافيرها، مما آل إلى مشادات كلامية مشينة وأوشكت أن تؤدي إلى العنف والاعتداء. | سجّلت المصادر التاريخية النقاشات التي درات في السقيفة بين جهة وأخرى وعلى لسان أشخاص محدّدين وبحذافيرها، مما آل إلى مشادات كلامية مشينة وأوشكت أن تؤدي إلى العنف والاعتداء. | ||
*فيبدأ [[أبو بكر]] بعد ما يحمد الله ويثني عليه قائلاً: "إن الله بعث [[محمد (ص)|محمداً]] رسولاً إلى خلقه وشهيداً على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور ثم يقرأ {{قرآن|ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}} ويقولون (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخصّ الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به...، إلى أن يقول: "فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم ثم يردف قائلاً: "وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله وجعل اليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تفتاتون بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور".<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref> | *فيبدأ [[أبو بكر]] بعد ما يحمد الله ويثني عليه قائلاً: "إن الله بعث [[محمد (ص)|محمداً]] رسولاً إلى خلقه وشهيداً على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور ثم يقرأ {{قرآن|ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}} ويقولون (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخصّ الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به...، إلى أن يقول: "فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم ثم يردف قائلاً: "وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله وجعل اليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تفتاتون بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور".<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref> | ||
*فهنا يقوم [[الحباب بن المنذر]] بن الجموح فيقول: "يا معشر الأنصار أملكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولوا العدد والمنعة والتجربة، ذوو البأس والنجدة، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وينتقض عليكم أمركم، أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير".<ref>الطبري، التاريخ: ج 2، ص 455-459.</ref> | *فهنا يقوم [[الحباب بن المنذر]] بن الجموح فيقول: "يا معشر الأنصار أملكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولوا العدد والمنعة والتجربة، ذوو البأس والنجدة، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وينتقض عليكم أمركم، أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير".<ref>الطبري، التاريخ: ج 2، ص 455-459.</ref> | ||
*فيقول [[عمر بن الخطاب]]: "هيهات لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة". | *فيقول [[عمر بن الخطاب]]: "هيهات لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة". | ||
*ثم يقوم الحباب بن المنذر فيقول: "يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد وتولّوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين أنا جذيلها المحكك وغذيقها المرجب، أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة". | *ثم يقوم الحباب بن المنذر فيقول: "يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد وتولّوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين أنا جذيلها المحكك وغذيقها المرجب، أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة". | ||
*فيقول له عمر: "إذاً يقتلك الله، فيرد ابن منذر: بل إياك يقتل". <ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref> | *فيقول له عمر: "إذاً يقتلك الله، فيرد ابن منذر: بل إياك يقتل". <ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref> | ||
سطر ٢٠٣: | سطر ٢٠٣: | ||
==رؤى المستشرقين== | ==رؤى المستشرقين== | ||
*هنري لمنس ونظرية القوة الثلاثية؛ في عام 1910 م، أصدر المفكر البلجيكي، هنري لمنس (1863-1937)، مقالة تحت عنوان "القوة الثلاثية؛ أبو بكر، عمر وأبو عبيدة". وادعى فيها بأن الغاية المشتركة والتعاضد الفاعل بين هؤلاء الثلاثة في حياة النبي الأعظم (ص) كان يجري على قدم وساق، ومنحهم القوة لتثبيت خلافة إبي بكر وعمر. وقد كان [[أبو عبيدة]] ينال منصب الخلافة، اذا كان يعيش بعد عمر بن الخطاب. ولو لم يتطرق لمنس في نظريته هذه إلى مؤامرة حيكت لكسب الخلافة، إلا أنه احتملها وبشكل غير مباشر عبر طرحه للنظرية.<ref>لمنس، مثلث قدرت: ابوبکر، عمر، ابو عبيده، ص126، نقلا عن مادلونغ، ويلفرد، في "جانشینی محمد"، ص 15، 1377 ش.</ref> | *هنري لمنس ونظرية القوة الثلاثية؛ في عام 1910 م، أصدر المفكر البلجيكي، هنري لمنس (1863-1937)، مقالة تحت عنوان "القوة الثلاثية؛ أبو بكر، عمر وأبو عبيدة". وادعى فيها بأن الغاية المشتركة والتعاضد الفاعل بين هؤلاء الثلاثة في حياة النبي الأعظم (ص) كان يجري على قدم وساق، ومنحهم القوة لتثبيت خلافة إبي بكر وعمر. وقد كان [[أبو عبيدة]] ينال منصب الخلافة، اذا كان يعيش بعد عمر بن الخطاب. ولو لم يتطرق لمنس في نظريته هذه إلى مؤامرة حيكت لكسب الخلافة، إلا أنه احتملها وبشكل غير مباشر عبر طرحه للنظرية.<ref>لمنس، مثلث قدرت: ابوبکر، عمر، ابو عبيده، ص126، نقلا عن مادلونغ، ويلفرد، في "جانشینی محمد"، ص 15، 1377 ش.</ref> | ||
:ويعتقد لمنس بأن ابنتا أبي بكر وعمر؛ [[عائشة]] {{و}}[[حفصة بنت عمر|حفصة]] -زوجتا الرسول (ص)- نجحتا في إطلاع أبويهما عن كل شاردة وواردة في حياة النبي، وقد توفقتا بلعب دور فاعل في حياة النبي والذي سنح لهم الاحتكام بالسلطة.<ref>لمنس، مثلث قدرت: ابوبکر، عمر، ابو عبيده، ص126، نقلا عن مادلونغ، ويلفرد، في "جانشینی محمد"، ص 15، 1377 ش.</ref> | :ويعتقد لمنس بأن ابنتا أبي بكر وعمر؛ [[عائشة]] {{و}}[[حفصة بنت عمر|حفصة]] -زوجتا الرسول (ص)- نجحتا في إطلاع أبويهما عن كل شاردة وواردة في حياة النبي، وقد توفقتا بلعب دور فاعل في حياة النبي والذي سنح لهم الاحتكام بالسلطة.<ref>لمنس، مثلث قدرت: ابوبکر، عمر، ابو عبيده، ص126، نقلا عن مادلونغ، ويلفرد، في "جانشینی محمد"، ص 15، 1377 ش.</ref> | ||
*نظرية ليون كايتاني؛ وقد يشير هذا المستشرق الإيطالي، في مقدمته لكتاب تاريخ الإسلام، إلى عمق الخلافات بين أبي بكر وبني هاشم ويبدي عن استغرابه لتنصيب أبي بكر في اجتماع الانصار في سقيفة بني ساعدة، بعيد وفاة الرسول (ص). كما يؤيد كايتاني تلميحاً إلى مدى جدية ما يدعيه علي بن أبي طالب (ع) في رفضه للروايات المشهورة التي تمسك بها أبو بكر لخلافته المزعومة، بما فيها تقدمُ حق قريش لكونهم عشيرة النبي (ص). | *نظرية ليون كايتاني؛ وقد يشير هذا المستشرق الإيطالي، في مقدمته لكتاب تاريخ الإسلام، إلى عمق الخلافات بين أبي بكر وبني هاشم ويبدي عن استغرابه لتنصيب أبي بكر في اجتماع الانصار في سقيفة بني ساعدة، بعيد وفاة الرسول (ص). كما يؤيد كايتاني تلميحاً إلى مدى جدية ما يدعيه علي بن أبي طالب (ع) في رفضه للروايات المشهورة التي تمسك بها أبو بكر لخلافته المزعومة، بما فيها تقدمُ حق قريش لكونهم عشيرة النبي (ص). | ||
:لأن الأمر يؤدي إلى ترسيخ مطالبة علي بن أبي طالب (ع) الذي يُعد من أقرب أقارب النبي. ومن وجهة نظره لو كان بإمكان النبي أن يختار أحدا، من الأرجح أنه كان يفضل أبا بكر على السائرين، ورغم ذلك يعتبر كايتاني، نظرية "القوة الثلاثية: أبو بكر، عمر، أبو عبيدة" لهنري لمنس، هي النظرية المثلى، في المجلدات اللاحقة لكتابه.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 17-18، 1377 ش.</ref> | :لأن الأمر يؤدي إلى ترسيخ مطالبة علي بن أبي طالب (ع) الذي يُعد من أقرب أقارب النبي. ومن وجهة نظره لو كان بإمكان النبي أن يختار أحدا، من الأرجح أنه كان يفضل أبا بكر على السائرين، ورغم ذلك يعتبر كايتاني، نظرية "القوة الثلاثية: أبو بكر، عمر، أبو عبيدة" لهنري لمنس، هي النظرية المثلى، في المجلدات اللاحقة لكتابه.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 17-18، 1377 ش.</ref> | ||
*ويلفرد مدلونغ؛ يقوم المستشرق الألماني والخبير في الديانة الإسلامية، بطرح الموضوع وجوانبها بإسهاب ويعتقد خلاف ما يراه أغلب المؤرخين، بأن اجتماع السقيفة لم يتكون في بادئ الأمر لتعيين [[الخليفة]] على المسلمين، وبما أن عقيدة الخلافة لتولي قيادة الأمة، لم يسبق له نظير في المجتمع الإسلامي، فالتصور بأن الأنصار كانت تطمح إلى ذلك عبر اجتماعها، مستبعد من أصله.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 51، 1377 ش.</ref> | *ويلفرد مدلونغ؛ يقوم المستشرق الألماني والخبير في الديانة الإسلامية، بطرح الموضوع وجوانبها بإسهاب ويعتقد خلاف ما يراه أغلب المؤرخين، بأن اجتماع السقيفة لم يتكون في بادئ الأمر لتعيين [[الخليفة]] على المسلمين، وبما أن عقيدة الخلافة لتولي قيادة الأمة، لم يسبق له نظير في المجتمع الإسلامي، فالتصور بأن الأنصار كانت تطمح إلى ذلك عبر اجتماعها، مستبعد من أصله.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 51، 1377 ش.</ref> | ||
:ويعتقد مدلونغ بأنه وبعد وفاة النبي (ص) مباشرة، قد تصورت الأنصار بأن [[البيعة]] مع الرسول أصبحت في خبر كان، وتوجست انهيار المجتمع الذي بُني على يد النبي، فقررت اختيار قائد من بينهم لتدبير أمور [[المدينة]]، وبناء عليه اجتمعت في السقيفة بدون استشارة المهاجرين. | :ويعتقد مدلونغ بأنه وبعد وفاة النبي (ص) مباشرة، قد تصورت الأنصار بأن [[البيعة]] مع الرسول أصبحت في خبر كان، وتوجست انهيار المجتمع الذي بُني على يد النبي، فقررت اختيار قائد من بينهم لتدبير أمور [[المدينة]]، وبناء عليه اجتمعت في السقيفة بدون استشارة المهاجرين. | ||
:فتوقعت الأنصار بأن لا وجهة لبقاء المهاجرين في المدينة، فسيعودون إلى ديارهم، ومن لم يعد فسوف يخضع للأمر الواقع تحت إمرة الأنصار. | :فتوقعت الأنصار بأن لا وجهة لبقاء المهاجرين في المدينة، فسيعودون إلى ديارهم، ومن لم يعد فسوف يخضع للأمر الواقع تحت إمرة الأنصار. | ||
:ويطرح هذه النظرية بجد؛ ألا وهي الرؤية المختصة بعمر وأبي بكر والتي تعتبر خليفة الرسول هو الحاكم على جميع العرب والمسلمين» ولايليق بهذا المنصب غیر قريش.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 51-52، 1377 ش.</ref> | :ويطرح هذه النظرية بجد؛ ألا وهي الرؤية المختصة بعمر وأبي بكر والتي تعتبر خليفة الرسول هو الحاكم على جميع العرب والمسلمين» ولايليق بهذا المنصب غیر قريش.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 51-52، 1377 ش.</ref> | ||
:کما ويعتقد أن أبا بكر كان قد اعتزم على تصدي الخلافة قبل وفاة النبي (ص)، وكان قد يحمل نية الإطاحة بمنافسيه الأقوياء، لأجل الحصول على ذلك. | :کما ويعتقد أن أبا بكر كان قد اعتزم على تصدي الخلافة قبل وفاة النبي (ص)، وكان قد يحمل نية الإطاحة بمنافسيه الأقوياء، لأجل الحصول على ذلك. | ||
:وكان على رأس المنافسين، [[أهل بيت محمد (ص)]] الذين قد فضلهم الله على سائر المسلمين.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 62، 1377 ش.</ref> | :وكان على رأس المنافسين، [[أهل بيت محمد (ص)]] الذين قد فضلهم الله على سائر المسلمين.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 62، 1377 ش.</ref> | ||
:إن مبادرة الأنصار لاجتماعهم في السقيفة هيأت الفرصة المناسبة لأبي بكر كي ينال ما كان يتوق له، فقدم في البدء عمرا وأبا عبيدة -وبصورة تمثيلية- كخيارين لخلافة للنبي (ص)، والحال أنهما لم يكونا يتمتعا بأقل قدر من الحظ في كسب الآراء، والواضح أن العرض لم يكن جاداً وقد استغله ابن أبي قحافة، لإثارة الجدل فيما بين المجتمعين، كي تصب الأمور في مصلحته في نهاية المطاف.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 62، 1377 ش.</ref> | :إن مبادرة الأنصار لاجتماعهم في السقيفة هيأت الفرصة المناسبة لأبي بكر كي ينال ما كان يتوق له، فقدم في البدء عمرا وأبا عبيدة -وبصورة تمثيلية- كخيارين لخلافة للنبي (ص)، والحال أنهما لم يكونا يتمتعا بأقل قدر من الحظ في كسب الآراء، والواضح أن العرض لم يكن جاداً وقد استغله ابن أبي قحافة، لإثارة الجدل فيما بين المجتمعين، كي تصب الأمور في مصلحته في نهاية المطاف.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 62، 1377 ش.</ref> | ||
:والأدلة المطروحة من قبل أهل السنة والباحثين في الغرب، التي ترى عدم جدية ترشيح علي بن أبي طالب، نظراً لحداثة سنه وعدم كفاءتة -مقارنة ببعض الصحابة الآخرين مثل أبي بكر وعمر- يتعارض مع واقع المجتمع -على حد تعبير مدلونغ- وهناك أمور أخرى مثارة من جانب أبي بكر أدى إلى تغافل [[المسلمين]] عن [[ابن أبي طالب]]، ومن ثم حرمانه من منصب الخلافة.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 65، 1377 ش.</ref> | :والأدلة المطروحة من قبل أهل السنة والباحثين في الغرب، التي ترى عدم جدية ترشيح علي بن أبي طالب، نظراً لحداثة سنه وعدم كفاءتة -مقارنة ببعض الصحابة الآخرين مثل أبي بكر وعمر- يتعارض مع واقع المجتمع -على حد تعبير مدلونغ- وهناك أمور أخرى مثارة من جانب أبي بكر أدى إلى تغافل [[المسلمين]] عن [[ابن أبي طالب]]، ومن ثم حرمانه من منصب الخلافة.<ref>مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 65، 1377 ش.</ref> | ||
سطر ٢٣٢: | سطر ٢٣٢: | ||
==الملاحظات== | ==الملاحظات== | ||
<references group="ملاحظة"/> | <references group="ملاحظة" /> | ||
==المصادر والمراجع== | ==المصادر والمراجع== |