انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «واقعة سقيفة بني ساعدة»

لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل
سطر ٣٢: سطر ٣٢:
'''السقيفة'''؛ صفّة؛ ذات سقف. ويقصد منها المكان الذي يقع في جانب من [[المدينة]]، وله سقف ممتدّ، ويعود لبني ساعدة بن كعب الخزرجي، ولذلك عرف [[سقيفة بني ساعدة|بسقيفة بني ساعدة]]. وكان [[الأنصار]] يجتمعون فيه للمشورة وحلّ قضاياهم.<ref>تاري، حقائق السقيفة، ج 1، ص 7.</ref> وتقع سقيفة بني ساعدة في الجهة الشمالية الغربية من [[المسجد النبوي]] بين مساكن قبيلة بني ساعدة بن كعب بن خزرج، جنب بئر بضاعة. وكان سَعد بن عُبادة -مرشح الأنصار لتولي منصب [[الخلافة]]- يسكن قريباً من هذا المكان.<ref>الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 229.</ref>
'''السقيفة'''؛ صفّة؛ ذات سقف. ويقصد منها المكان الذي يقع في جانب من [[المدينة]]، وله سقف ممتدّ، ويعود لبني ساعدة بن كعب الخزرجي، ولذلك عرف [[سقيفة بني ساعدة|بسقيفة بني ساعدة]]. وكان [[الأنصار]] يجتمعون فيه للمشورة وحلّ قضاياهم.<ref>تاري، حقائق السقيفة، ج 1، ص 7.</ref> وتقع سقيفة بني ساعدة في الجهة الشمالية الغربية من [[المسجد النبوي]] بين مساكن قبيلة بني ساعدة بن كعب بن خزرج، جنب بئر بضاعة. وكان سَعد بن عُبادة -مرشح الأنصار لتولي منصب [[الخلافة]]- يسكن قريباً من هذا المكان.<ref>الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 229.</ref>


==فترة تجهيز النبي==
==أرضية السقيفة==
تذكر المصادر التاريخية أحداثاً ذات أهمية للأمة في الفترة التي تقع ما بين [[وفاة النبي (ص)|وفاة النبي]] ومواراته الثرى.
تذكر المصادر التاريخية أحداثاً ذات أهمية للأمة في الفترة التي تقع ما بين [[وفاة النبي (ص)|وفاة النبي{{صل}}]] ومواراته الثرى، إذ أنه وفي اليوم الّذي توفي فيه [[رسول الله]]{{صل}} وهو [[12 ربيع الأول]] [[سنة 11 للهجرة]]، كانت الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة للتحدث في أمر الخلافة ونصبت لها سعد بن عبادة، ودارت بين [[المهاجرين]] والأنصار ممن حضر في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، بينما [[علي ابن أبي طالب|علي]] {{و}}[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] وبعض من [[الصحابة]] مشتغلين بتجهيز النبي{{صل}}،<ref>المسعودي، التنبيه والإشراف، ص 247.</ref>


يقول [[المسعودي]]: في اليوم الّذي توفي فيه [[رسول الله]]{{صل}} وهو [[12 ربيع الأول]] سنة [[11 من الهجرة]]، وقد كانت الأنصار نصبت للبيعة [[سعد بن عبادة]] فكانت بينه وبين من حضر من [[المهاجرين]] في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، {{و}}[[علي ابن أبي طالب|علي]] {{و}}[[العباس بن عبد المطلب|العباس]] وغيرهم [من [[الصحابة]]] مشتغلين بتجهيز النبي{{صل}}، وكان ذلك أول خلاف حدث في [[الإسلام]] بعد النبي{{صل}}.<ref>المسعودي، التنبيه والإشراف، ص 247.</ref>
ولم يرى علي{{عليه السلام}} ما يستدعي التأخير في مواراة النبي، وهذا ما يفهم من خلال بعض الروايات مثل: قوله{{عليه السلام}}: «أفكنت أدع رسول الله{{صل}} في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه!» وقول [[فاطمة الزهراء (س)|فاطمة]]: «ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم».<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 30.</ref>
 
في الوقت الذي كان البعض يتناقشون في السقيفة لملئ الفراغ الناتج عن فقدان النبي، كان [[علي بن أبي طالب]] مهتماً بتجهيز الرسول، ولا يرى ما يستدعي التأخير، وهذا ما يفهم من خلال الروايات:
 
من قوله(ع): "أفكنت أدع رسول الله{{صل}} في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟"
وقول [[فاطمة الزهراء (س)|فاطمة]]: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 30.</ref>
فبما أن الاعتقاد السائد على أنه لا رغبة لـ[[بني هاشم]] بمن يمثلهم علي{{ع}} في التصدي لأمر الخلافة كان يطغى على المجتمع [[المدينة|المدني]] حينذاك بحسب القرائن، فبعد احتجاج علي (ع) على ما جرى، قال له بعض من الأنصار: لو كان هذا الكلام سمعَته منك الأنصار يا علي قبل بيعتها لـ[[أبي بكر]]، ما اختلف عليك اثنان،
فأجاب: أكنت أترك رسول الله ميتاً في بيته لا اُجهّزه، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه؟<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 124.</ref>


==مجريات السقيفة==
==مجريات السقيفة==
يبدو أن غالبية الروايات التي أشارت إلى الواقعة تصل إلى [[عبد الله بن العباس]] نقلاً عن عمر بن الخطاب في زمن خلافته وهو على المنبر، خلال [[موسم الحج]]. وجميع الروايات الأخرى قد أخذت من رواية ابن عباس أو تأثرت منها. فقد ذكرها ابن هشام، الطبري، عبد الرزاق بن همّام، [[البخاري]] {{و}}[[أحمد بن حنبل|ابن حنبل]]، مع اختلاف يسير في سلسلة الرواة.<ref>Madelung, Wilfred, The Succession To Muhammad, p 28></ref>
وفقاً لمدلونغ وهو مستشرق ألمانيولد عام 1930م فإن غالبية الروايات التي نقلت الواقعة تصل إلى [[عبد الله بن العباس]] نقلاً عن عمر بن الخطاب في زمن خلافته وهو على المنبر، خلال [[موسم الحج]]. وجميع الروايات الأخرى قد أخذت من رواية ابن عباس، ونقلها ابن هشام، والطبري، وعبد الرزاق بن همّام، و<nowiki/>[[البخاري]]، {{و}}[[أحمد بن حنبل|ابن حنبل]]، مع اختلاف يسير في سلسلة الرواة.<ref>Madelung, Wilfred, The Succession To Muhammad, p 28></ref>
 
يمكن تقسيم الأحداث التي وقعت في السقيفة هذه إلى مرحلتين؛
قبل إلتحاق [[الشيخين]] بالأنصار، وبعد إلتحاقهما وبرفقة [[أبو عبيدة بن الجراح]].
 
'''قبل التحاق الشيخين'''


ما جرى في السقيفة كما يرويه الطبري: "حينما قبض النبي {{صل}} كانت الأنصار اجتمعت في سقيفة بني ساعدة ليولّون [[سعد بن عبادة]]، الأمر بعد النبي{{صل}} وأخرجوه وهو مريض، فشخص آخر يتكلم بكلامه ويسمع الناس. بعد ما ذكر للأنصار من فضائل لم يتّسم بها قبيلة من [[العرب]]، إلى أن ينتهي ويدعوهم بالإستئثار بالحكم،<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 12-15.</ref> فيؤيده القوم ويصفوه بـ[[صالح المؤمنين]] لتولي الأمر، ثم يتردّد فيما بينهم".
يمكن تقسيم الأحداث التي وقعت في السقيفة إلى مرحلتين؛ قبل إلتحاق [[الشيخين]] بالأنصار، وبعد إلتحاقهما وبرفقة [[أبو عبيدة بن الجراح]].
جاء على رواية [[أبي مخنف]]، الذي ذكره الطبري في تاريخه:<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 455-456.</ref>


فيوعز سعد إليهم أن يأخذوا بزمام المبادرة، غير مكترثين بآراء الناس بهذه العبارة: "استبدوا بهذا الأمر دون الناس".<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref>
'''قبل التحاق المهاجرين'''
فيجيبوه بأجمعهم: "وُفقت في الرأى وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضى ثم إنهم ترادّوا الكلام بينهم" في ما لو أبت مهاجرة قريش فقالت: "نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ونحن عشيرته وأولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعده"؟
فاقترحت طائفة منهم أن يجيبوهم: "منّا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا الأمر أبداً" فقال سعد بن عبادة حين سمعها هذا أول الوهن.
وهكذا تداول حشد الأنصار الأمر فيما بينهم قبل أن يلتحق بهم أعلام المهاجرين.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455 - 459.</ref>


'''بعد التحاق الشيخين'''
في البداية اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليولّوا [[سعد بن عبادة]] الأمر بعد النبي{{صل}} وقد خرج وهو مريض، وكان ولده يتكلم بكلامه ويسمع الناس. وقد ذكر للأنصار فضائلاً لم تتّسم بها قبيلة من العرب، إلى أن انتهى بدعوتهم للإستئثار بالحكم،<ref>ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 12-15.</ref> فأيّده القوم ووصفوه بخير المؤمنين لتولي الأمر.<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 455-456.</ref> فيوعز سعد إليهم أن يأخذوا بزمام المبادرة، غير مكترثين بآراء الناس بقوله: "استبدوا بهذا الأمر دون الناس".<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.</ref> فيجيبوه بأجمعهم: "وُفقت في الرأى وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضى" ثم إنهم تبادلوا الكلام بينهم عن ما لو رفض المهاجرون ذلك، فاقترح بعضهم أن يجيبوهم باقتسام الأمر بأن يكون للأمة خليفتان أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرين، فأجابهم سعد بن عبادة حين سمع ذلك بأن هذا أول ضعف المسلمين. وهكذا تداول حشد الأنصار الأمر فيما بينهم قبل أن يلتحق بهم المهاجرون.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455 - 459.</ref>


جاء في الطبري نقلاً عن أبي مخنف: أتى [[عمر بن الخطاب|عمر]] الخبر (إشارة إلى إجتماع السقيفة) فأقبل إلى منزل النبي فأرسل إلى أبى بكر {{و}}[[أبوبكر بن أبي قحافة]] في الدار -[[علي بن أبي طالب|وعلي بن أبي طالب]] دائب في جهاز رسول الله-<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.</ref> مما یدل على عدم حضورهما عند جثمان الرسول بعد وفاته وقبل دفنه.
'''بعد التحاق المهاجرين'''
فيرسل عمر إلى أبي بكر يطلبه أن أخرج إليه، فيردّ أبو بكر بأنه مشتغل، فيرسل إليه ثانية بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، ثم يخرج إليه، فيقول: "أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولّوا هذا الأمر سعد بن عبادة وأحسنهم مقالة من يقول منا أمير ومن قريش أمير".
وهكذا يصف إبن إسحاق الحدث - بعد أن احتشدت الأنصار وجاء الخبر إلى الشيخين -: لما قبض رسول الله{{صل}} انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة... فأتى آتٍ إلى أبي بكر وعمر فقال: إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة وقد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله{{صل}} في بيته لم يفرغ من أمره، قد أغلق دونه الباب أهله. فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء حتى ننظر ما هم عليه.


فيسرعون نحو السقيفة، فيلتقون بأبي عبيدة بن الجراح، يمشون إليهم ثلاثتهم ثم يلتقون بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فيخبروهم عن مجريات السقيفة والاجتماع وينصحوهم بالرجوع لعدم سير الأمور على ما يتمنونه، إلا أنهم لا يأخذون بالنصيحة، فيأتون والأنصار مجتمعين، فيقول عمر بن الخطاب: "أتيناهم - وقد كنت زويت أو زوّرت<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 40.</ref> كلاماً أردت أن أقوم به فيهم - فلما أن دفعت إليهم ذهبت لأبتدأ المنطق، فقال لي أبو بكر: رويداً حتى أتكلم ثم انطلق بعد بما أحببت، فنطق، فقال عمر: فما شيء كنت أردت أن أقوله إلاَّ وقد أتى به أو زاد عليه..."<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.</ref>
بعد أن وصل خبر السقيفة إلى [[عمر بن الخطاب]] أرسل إلى [[أبوبكر بن أبي قحافة|أبي بكر بن أبي قحافة]] وهو في داره بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، وعندما خرج إليه، أخبره بأمر الأنصار واجتماعهم في السقيفة ليولّوا سعد بن عبادة أمور الخلافة. فانطلقا إلى الأنصار ليروا ما هم عليه.<ref>الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.</ref> وفي طريقهم التقوا بأبي عبيدة بن الجراح، ثم بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فأخبروهم عن مجريات السقيفة ونصحوهم بالرجوع، إلا أنهم لم يأخذوا بالنصيحة، فوصلوا والأنصار مجتمعين،<ref>تاري، حقائق السقيفة، ص 40.</ref> فأراد عمر البدء بالكلام فاستأذنه أبو بكر ليتكلم أولاً وبدأ الكلام ببيان فضل المهاجرين على الأنصار وأولوية قريش في الخلافة، ولكن قوبل كلامه بالقبول والرفض وأشار بعض الحاضرين إلى أحقية علي بالخلافة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.</ref>


===الصحابة تتنازع===
===نقاشات السقيفة ===
سجّلت المصادر التاريخية النقاشات التي درات في السقيفة بين جهة وأخرى وعلى لسان أشخاص محدّدين وبحذافيرها، مما آل إلى مشادات كلامية مشينة وأوشكت أن تؤدي إلى العنف والاعتداء.
سجّلت المصادر التاريخية النقاشات التي درات في السقيفة بين جهة وأخرى وعلى لسان أشخاص محدّدين وبحذافيرها، مما آل إلى مشادات كلامية مشينة وأوشكت أن تؤدي إلى العنف والاعتداء.


٩٧٥

تعديل