الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المأمون العباسي»
←حياته
M.fakhreddin (نقاش | مساهمات) (←حياته) |
|||
سطر ٣٣: | سطر ٣٣: | ||
== حياته == | == حياته == | ||
هو عبد الله بن هارون، أبو العباس المأمون بالله بن [[هارون العباسي|الرشيد]] بن [[المهدي العباسي|المهدي]] بن [[المنصور العباسي|المنصور]] [[بنو هاشم|الهاشمي]] [[قريش|القرشي]].<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق:حمدي الدمرداش محمدالمنصورة، ص225.</ref> وأمّه أمّ ولد [[بلاد فارس|فارسية]] يقال لها مراجل{{ملاحظة|وهي خادمة كانت تعمل في مطبخ الرشيد، وتوفيت بعد ولادتها للمأمون بأيام قليلة، (السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص225).}} الباذغيسية{{ملاحظة|تقع بادغيس شمال غرب أفغانستان.}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ص460.</ref> ولد في [[بغداد]] منتصف شهر ربيع الأول [[170هـ|سنة 170 للهجرة]].<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق:حمدي الدمرداش محمدالمنصورة، ص225.</ref><br> | هو عبد الله بن هارون، أبو العباس المأمون بالله بن [[هارون العباسي|الرشيد]] بن [[المهدي العباسي|المهدي]] بن [[المنصور العباسي|المنصور]] [[بنو هاشم|الهاشمي]] [[قريش|القرشي]].<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق:حمدي الدمرداش محمدالمنصورة، ص225.</ref> وأمّه أمّ ولد [[بلاد فارس|فارسية]] يقال لها مراجل{{ملاحظة|وهي خادمة كانت تعمل في مطبخ الرشيد، وتوفيت بعد ولادتها للمأمون بأيام قليلة، (السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص225).}} الباذغيسية{{ملاحظة|تقع بادغيس شمال غرب أفغانستان.}}.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ص460.</ref> ولد في [[بغداد]] منتصف شهر ربيع الأول [[170هـ|سنة 170 للهجرة]].<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، تحقيق:حمدي الدمرداش محمدالمنصورة، ص225.</ref><br> | ||
امتازت حياة المأمون بالجد والنشاط، كما عُرف بالتقشف، على العكس من أخيه [[الأمين العباسي|الأمين]]، الذي نشأ في كنف أمّه [[الزبيدة]] ذات النسب القرشي الهاشمي، فقد كانت حياة الأمين حياة نعمة وترف، يميل إلى اللعب والبطالة، أكثر منه إلى الجد والحزم، ويظهر ذلك لكل من راجع تاريخ حياة الأخوين.<ref>العاملي، جعفر، الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام، ص150.</ref> ويرى بعض الباحثين | امتازت حياة المأمون بالجد والنشاط، كما عُرف بالتقشف، على العكس من أخيه [[الأمين العباسي|الأمين]]، الذي نشأ في كنف أمّه [[الزبيدة]] ذات النسب القرشي الهاشمي، فقد كانت حياة الأمين حياة نعمة وترف، يميل إلى اللعب والبطالة، أكثر منه إلى الجد والحزم، ويظهر ذلك لكل من راجع تاريخ حياة الأخوين.<ref>العاملي، جعفر، الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام، ص150.</ref> ويرى بعض الباحثين سبب ذلك يعود إلى أن المأمون لم يشعر بضمان مستقبله كأخيه، بل كان يقطع بعدم رضا [[العباسيين]] به خليفة وحاكماً؛ ولهذا بدأ يخطط لمستقبله حين أدرك المميزات التي كان يتمتع بها أخوه الأمين عليه.<ref>العاملي، جعفر، الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام، ص150.</ref><br>توفي المأمون بالبدندون خارج [[طرسوس]] أثناء مسيره لغزو [[الروم]] في [[11 رجب]] سنة [[218 للهجرة]]، وحُمل إلى طرسوس، وصلّى عليه أخوه [[المعتصم العباسي|أبو إسحاق المعتصم]]، ودفن هناك، وكان عمره يوم مات ثمان وأربعون سنة وثلاثة أشهر.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص472-489؛ طقوش، محمد سهيل، تاريخ الدولة العباسية، ص137، 2009م.</ref> ويقع قبره حالياً في المسجد الجامع لمدينة طرسوس في محافظة مرسين جنوب [[تركيا]] وعلى الحدود مع [[سوريا]].<ref>[https://www.turkpress.co/node/34199 أولو جامع.. الجامع الحجري في طرسوس]، موقع ترك برس.</ref> | ||
توفي المأمون بالبدندون خارج [[طرسوس]] أثناء مسيره لغزو [[الروم]] في [[11 رجب]] سنة [[218 للهجرة]]، وحُمل إلى طرسوس، وصلّى عليه أخوه [[المعتصم العباسي|أبو إسحاق المعتصم]]، ودفن هناك، وكان عمره يوم مات ثمان وأربعون سنة وثلاثة أشهر.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص472-489؛ طقوش، محمد سهيل، تاريخ الدولة العباسية، ص137، 2009م.</ref> ويقع قبره حالياً في المسجد الجامع لمدينة طرسوس في محافظة مرسين جنوب [[تركيا]] وعلى الحدود مع [[سوريا]].<ref>[https://www.turkpress.co/node/34199 أولو جامع.. الجامع الحجري في طرسوس]، موقع ترك برس.</ref> | |||
== خلافته == | == خلافته == | ||
سطر ٤٠: | سطر ٣٩: | ||
المأمون هو الخليفة السابع من خلفاء [[بني العباس]]، وبويع بالخلافة بشكل رسمي بعد انتصاره على أخيه [[الأمين العباسي]] في الصراع الذي كان دائراً بينهما على السلطة.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 460.</ref> | المأمون هو الخليفة السابع من خلفاء [[بني العباس]]، وبويع بالخلافة بشكل رسمي بعد انتصاره على أخيه [[الأمين العباسي]] في الصراع الذي كان دائراً بينهما على السلطة.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 460.</ref> | ||
=== سبب الصراع بين الأمين والمأمون === | === سبب الصراع بين الأمين والمأمون === | ||
كانت ولاية عهد [[هارون العباسي]] أحد أهم أسباب الخلاف بين ولديه الأمين والمأمون. ففي بداية الأمر جعل هارون ولاية العهد لولده الأمين الأخ الأصغر للمأمون، وجعل المأمون ولي عهد الأمين ووالياً على خراسان.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص240-286.</ref> فبدأت إرهاصات الخلاف تدبّ بين الأخوين ممّا أثار حفيظة هارون وخشيته من وقوع نزاع بينهما من بعده، فأمر على إثر ذلك بعقد ميثاق بين الأخوين في [[مكة]] ينصّ على أن يكون كلّ منهما ولي عهد الآخر، وألا يتدخل أي منهما في شؤون حكومة أخيه، وأمر بتعليق الميثاق في [[الكعبة]] بغية الحفاظ على قدسيته والالتزام بما فيه.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص240-286.</ref><br> | كانت ولاية عهد [[هارون العباسي]] أحد أهم أسباب الخلاف بين ولديه الأمين والمأمون. ففي بداية الأمر جعل هارون ولاية العهد لولده الأمين الأخ الأصغر للمأمون، وجعل المأمون ولي عهد الأمين ووالياً على خراسان.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص240-286.</ref> فبدأت إرهاصات الخلاف تدبّ بين الأخوين ممّا أثار حفيظة هارون وخشيته من وقوع نزاع بينهما من بعده، فأمر على إثر ذلك بعقد ميثاق بين الأخوين في [[مكة]] ينصّ على أن يكون كلّ منهما ولي عهد الآخر، وألا يتدخل أي منهما في شؤون حكومة أخيه، وأمر بتعليق الميثاق في [[الكعبة]] بغية الحفاظ على قدسيته والالتزام بما فيه.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص240-286.</ref><br>وبعد موت هارون واستخلاف الأمين؛ بدر من الأمين عدة تصرّفات مخالفة لميثاق والده. فكان ممّا قام به أنْ سعى لضمّ أراضٍ تقع تحت نفوذ سلطة أخويه المأمون و[[المؤتمن العباسي|المؤتمن]]، كما جعل ابنه موسى وليّاً للعهد، وقام بإحراق الميثاق المعلق في الكعبة كخرق علني وصريح للميثاق.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص387 و 389؛الجهشياري، کتاب الوزارء والکتاب، 1938م، ص189.</ref> | ||
وبعد موت هارون واستخلاف الأمين؛ بدر من الأمين عدة تصرّفات مخالفة لميثاق والده. فكان ممّا قام به أنْ سعى لضمّ أراضٍ تقع تحت نفوذ سلطة أخويه المأمون و[[المؤتمن العباسي|المؤتمن]]، كما جعل ابنه موسى وليّاً للعهد، وقام بإحراق الميثاق المعلق في الكعبة كخرق علني وصريح للميثاق.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1960م، ج8، ص387 و 389؛الجهشياري، کتاب الوزارء والکتاب، 1938م، ص189.</ref> | |||
=== وصول المأمون لسدّة الحكم === | === وصول المأمون لسدّة الحكم === | ||
كان للمأمون وزير [[بلاد فارس|فارسي]] يُدعى [[الفضل بن سهل]]، وكان قد دخل إلى بلاط حكم [[هارون العباسي|الرشيد]] زمن نفوذ [[البرامكة]]، فبدأ يعمل مربّياً للمأمون، ثمّ سرعان ما صار مستشاراً له فوزيراً أيام حكمه، وهو الذي أشار على المأمون لاحقاً بنقل عاصمة الخلافة إلى [[مرو]]، ومن أجل تحقيق ذلك كان يسعى جاهداً كي يصل المأمون إلى الحكم.<ref>شريف، العالم الإسلامي في العصر العباسي، 1966م، ص110.</ref> وفي الجهة المقابلة كان وزير الأمين وهو [[الفضل بن الربيع]] – والذي كان وزير هارون من قبل – يكنّ الضغينة للبرامكة، وسعى جهده لتقوية التيّار العربي في بلاط الحكم وتضعيف التيار الفارسي، فتوسّع الخلاف ليحمل صفة شبه شعبية، جذبت العرب إلى صفّ الأمين، والفرس إلى جانب المأمون ذي الأمّ والزوجة الفارسيتين،<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص113-115.</ref> ممّا أدى في النهاية إلى وقوع الحرب بين الطرفين.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص118-119.</ref><br> | كان للمأمون وزير [[بلاد فارس|فارسي]] يُدعى [[الفضل بن سهل]]، وكان قد دخل إلى بلاط حكم [[هارون العباسي|الرشيد]] زمن نفوذ [[البرامكة]]، فبدأ يعمل مربّياً للمأمون، ثمّ سرعان ما صار مستشاراً له فوزيراً أيام حكمه، وهو الذي أشار على المأمون لاحقاً بنقل عاصمة الخلافة إلى [[مرو]]، ومن أجل تحقيق ذلك كان يسعى جاهداً كي يصل المأمون إلى الحكم.<ref>شريف، العالم الإسلامي في العصر العباسي، 1966م، ص110.</ref> وفي الجهة المقابلة كان وزير الأمين وهو [[الفضل بن الربيع]] – والذي كان وزير هارون من قبل – يكنّ الضغينة للبرامكة، وسعى جهده لتقوية التيّار العربي في بلاط الحكم وتضعيف التيار الفارسي، فتوسّع الخلاف ليحمل صفة شبه شعبية، جذبت العرب إلى صفّ الأمين، والفرس إلى جانب المأمون ذي الأمّ والزوجة الفارسيتين،<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص113-115.</ref> ممّا أدى في النهاية إلى وقوع الحرب بين الطرفين.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص118-119.</ref><br>أرسل المأمون – بتدبير الفضل بن سهل – جيشاً بقيادة [[الطاهر بن الحسين]] الملقّب بذي اليمينين لمواجهة علي بن عيسى قائد جيش الأمين في الري، فتغلّب عليه سنة 195هـ، وتمكّن عام 198هـ من السيطرة على [[بغداد]] بعد معارك شديدة، وسُجن الأمين ثم قُتل، وأعلن المأمون خلافته رسمياً وبسط سلطانه على جميع أراضي الدولة الإسلامية في ذلك العام، كما عيّن الفضل بن سهل وزيراً له.<ref>الطبري، تاريخ الأمم و الملوك، 1960م، ج8، ص472-489؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ص460.</ref> | ||
أرسل المأمون – بتدبير الفضل بن سهل – جيشاً بقيادة [[الطاهر بن الحسين]] الملقّب بذي اليمينين لمواجهة علي بن عيسى قائد جيش الأمين في الري، فتغلّب عليه سنة 195هـ، وتمكّن عام 198هـ من السيطرة على [[بغداد]] بعد معارك شديدة، وسُجن الأمين ثم قُتل، وأعلن المأمون خلافته رسمياً وبسط سلطانه على جميع أراضي الدولة الإسلامية في ذلك العام، كما عيّن الفضل بن سهل وزيراً له.<ref>الطبري، تاريخ الأمم و الملوك، 1960م، ج8، ص472-489؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، 1378ش، ص460.</ref> | |||
== العلاقة بين المأمون والعلويين == | == العلاقة بين المأمون والعلويين == | ||
سطر ٥٣: | سطر ٥٠: | ||
[[ملف:سکه ولایتعهدی امام رضا.jpg|تصغير|النقود المضروبة بمناسبة ولاية عهد الإمام الرضا (ع)]] | [[ملف:سکه ولایتعهدی امام رضا.jpg|تصغير|النقود المضروبة بمناسبة ولاية عهد الإمام الرضا (ع)]] | ||
سعى المأمون لإظهار نفسه كمحب ل<nowiki/>[[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]]{{اختصار/عليهم}} بغية التخلص من خطر ثورات العلويين، لما علمه من تعلق أهل [[خراسان الكبيرة|خراسان]] بأهل بيت النبي{{اختصار/ص}}.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الحياة السياسية للإمام الرضا (ع)، ص 192.</ref> فقام بدعوة الإمام الرضا وإحضاره من [[المدينة]] إلى [[مرو]]، وأعلن أنّه سيتخلى عن [[الخلافة]] ويسلّمها لخير آل علي وهو الإمام علي بن موسى الرضا. ولمّا رفض الإمام ذلك ألزمه بقبول [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]]. | سعى المأمون لإظهار نفسه كمحب ل<nowiki/>[[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]]{{اختصار/عليهم}} بغية التخلص من خطر ثورات العلويين، لما علمه من تعلق أهل [[خراسان الكبيرة|خراسان]] بأهل بيت النبي{{اختصار/ص}}.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الحياة السياسية للإمام الرضا (ع)، ص 192.</ref> فقام بدعوة الإمام الرضا وإحضاره من [[المدينة]] إلى [[مرو]]، وأعلن أنّه سيتخلى عن [[الخلافة]] ويسلّمها لخير آل علي وهو الإمام علي بن موسى الرضا. ولمّا رفض الإمام ذلك ألزمه بقبول [[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]]. | ||
ويعتقد بعض المحققين أنّ المأمون لم يكن يريد تسليم الخلافة للإمام الرضا، بل كان يسعى لجعله الحاكم الظاهر بينما يدير هو كل شيء خلف الكواليس.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الحياة السياسية للإمام الرضا (ع)، ص 192.</ref> وبعد أن أُجبر الإمام على القبول بولاية العهد [[201هـ|عام 201هـ]]، بايعه الناس،<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص448.</ref> وأمر المأمون بإطلاق لقب "الرضا" عليه، وضُربت النقود باسمه.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص448.</ref><br> | |||
وكان من بين آثار هذه المسألة هو هجرة العلويين إلى خراسان، فبحسب بعض المحققين فإنّ العديد من العلويين كانوا يأتون إلى خراسان لملاقاة الإمام،<ref>اصغری، نگرشی بر حکومت مأمون با تأکید بر مسائل شرق ایران، 1381ش، ص218.</ref> كما مهدت هذه الهجرات لترويج فكر [[التشيّع]] في [[إيران]].<ref>قرشی، خاندان وحی، 1386ش، ص585-586.</ref> | ويعتقد بعض المحققين أنّ المأمون لم يكن يريد تسليم الخلافة للإمام الرضا، بل كان يسعى لجعله الحاكم الظاهر بينما يدير هو كل شيء خلف الكواليس.<ref>العاملي، جعفر مرتضى، الحياة السياسية للإمام الرضا (ع)، ص 192.</ref> وبعد أن أُجبر الإمام على القبول بولاية العهد [[201هـ|عام 201هـ]]، بايعه الناس،<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص448.</ref> وأمر المأمون بإطلاق لقب "الرضا" عليه، وضُربت النقود باسمه.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، دار صادر، ج2، ص448.</ref><br>وكان من بين آثار هذه المسألة هو هجرة العلويين إلى خراسان، فبحسب بعض المحققين فإنّ العديد من العلويين كانوا يأتون إلى خراسان لملاقاة الإمام،<ref>اصغری، نگرشی بر حکومت مأمون با تأکید بر مسائل شرق ایران، 1381ش، ص218.</ref> كما مهدت هذه الهجرات لترويج فكر [[التشيّع]] في [[إيران]].<ref>قرشی، خاندان وحی، 1386ش، ص585-586.</ref> | ||
== أهم إجراءات المأمون بعد استقرار الخلافة == | == أهم إجراءات المأمون بعد استقرار الخلافة == | ||
سطر ٦٨: | سطر ٦٥: | ||
=== المأمون والتشيّع === | === المأمون والتشيّع === | ||
وقع اختلاف بين المؤرخين [[أهل السنة والجماعة|السنّة]] و<nowiki/>[[التشيع|الشيعة]] وحتى المستشرقين حول حقيقة اعتقاد المأمون، ففي حين ردّ العديد من علماء الشيعة تشيّع المأمون بالمعنى الحقيقي للتشيّع؛<ref>اللهاکبری، روابط علویان و عباسیان، تاریخ اسلام در آینه پژوهش، پاییز 1381ش، ص27.</ref> صرّح الكثير من علماء السنة في مصادرهم المعتبرة بنسبته إلى التشيّع ك<nowiki/>[[الذهبي]] و<nowiki/>[[ابن كثير]] و<nowiki/>[[ابن خلدون]] وغيرهم.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، 1414هـ، ج11، ص236؛ ابنکثير، البداية والنهاية، 1978م، ج10، ص275-279.</ref><br> | وقع اختلاف بين المؤرخين [[أهل السنة والجماعة|السنّة]] و<nowiki/>[[التشيع|الشيعة]] وحتى المستشرقين حول حقيقة اعتقاد المأمون، ففي حين ردّ العديد من علماء الشيعة تشيّع المأمون بالمعنى الحقيقي للتشيّع؛<ref>اللهاکبری، روابط علویان و عباسیان، تاریخ اسلام در آینه پژوهش، پاییز 1381ش، ص27.</ref> صرّح الكثير من علماء السنة في مصادرهم المعتبرة بنسبته إلى التشيّع ك<nowiki/>[[الذهبي]] و<nowiki/>[[ابن كثير]] و<nowiki/>[[ابن خلدون]] وغيرهم.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، 1414هـ، ج11، ص236؛ ابنکثير، البداية والنهاية، 1978م، ج10، ص275-279.</ref><br>وردت في المصادر التاريخية عدّة أسباب دفعت بالعلماء إلى الاعتقاد بتشيّع المأمون وكان من أبرزها عرضه [[الخلافة]] و<nowiki/>[[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]] على [[الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}}،<ref>ابن الطقطقي، التاريخ الفخري، 1360ش، ص217؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، 1997م، ص363.</ref> وإعادته [[فدك|أرض فدك]] للعلويين،<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، 1995م، ج4، ص240؛ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 1939م، ج7، ص156.</ref> وقوله بجواز [[زواج المتعة]] لمدّة من الزمن ثمّ تراجعه عن ذلك،<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج4، ص199؛ ناظمیانفرد، «مأمون و محنت»، 1388ش، ص71؛ موسوی، «متعه در نگاه فقیهان مسلمان»، 1387ش، ص135.</ref> وإعلانه لأفضلية [[الإمام علي]]{{اختصار/ع}} على بقية [[الصحابة]] و<nowiki/>[[الخلفاء الثلاثة|الخلفاء]]،<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، 1987م؛ ج5، ص349-359؛ الکنتوري، عبقات الأنوار، 1366ش، ج11، ص953-957.</ref> واستنكاره لمدح [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] ومعاقبته على [[سب علي|سبّ الإمام علي]]،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، 1997م، ص364.</ref> وإعلان المأمون لتشيّعه وتشيّع أبيه [[هارون العباسي|هارون]] وفق بعض الروايات.<ref>الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج1، ص84.</ref> <br>وفي المقابل يعتقد بعض المحقّقين بأنّ الميول [[الشيعية]] لدى المأمون كانت نابعة من توجهاته [[المعتزلة|الاعتزالية]]، ففي زمن المأمون كان المعتزلة قريبين من الشيعة والعلويين.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص123.</ref> بينما يراه البعض نوعاً من التشيّع العام، في مقابل التشيّع الاصطلاحي الاثني عشري المعروف، والتشيع العام هو مجرّد الاعتقاد بخلافة الإمام علي بلا فصل من غير الالتزام بالاعتقادات الأخرى.<ref>الکنتوري، عبقات الأنوار، 1366ش، ج4، ص109-113.</ref> | ||
وردت في المصادر التاريخية عدّة أسباب دفعت بالعلماء إلى الاعتقاد بتشيّع المأمون وكان من أبرزها عرضه [[الخلافة]] و<nowiki/>[[ولاية العهد للإمام الرضا (ع)|ولاية العهد]] على [[الإمام الرضا]]{{اختصار/ع}}،<ref>ابن الطقطقي، التاريخ الفخري، 1360ش، ص217؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، 1997م، ص363.</ref> وإعادته [[فدك|أرض فدك]] للعلويين،<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، 1995م، ج4، ص240؛ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 1939م، ج7، ص156.</ref> وقوله بجواز [[زواج المتعة]] لمدّة من الزمن ثمّ تراجعه عن ذلك،<ref>الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج4، ص199؛ ناظمیانفرد، «مأمون و محنت»، 1388ش، ص71؛ موسوی، «متعه در نگاه فقیهان مسلمان»، 1387ش، ص135.</ref> وإعلانه لأفضلية [[الإمام علي]]{{اختصار/ع}} على بقية [[الصحابة]] و<nowiki/>[[الخلفاء الثلاثة|الخلفاء]]،<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، 1987م؛ ج5، ص349-359؛ الکنتوري، عبقات الأنوار، 1366ش، ج11، ص953-957.</ref> واستنكاره لمدح [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] ومعاقبته على [[سب علي|سبّ الإمام علي]]،<ref>السيوطي، تاريخ الخلفاء، 1997م، ص364.</ref> وإعلان المأمون لتشيّعه وتشيّع أبيه [[هارون العباسي|هارون]] وفق بعض الروايات.<ref>الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج1، ص84.</ref> <br> | |||
وفي المقابل يعتقد بعض المحقّقين بأنّ الميول [[الشيعية]] لدى المأمون كانت نابعة من توجهاته [[المعتزلة|الاعتزالية]]، ففي زمن المأمون كان المعتزلة قريبين من الشيعة والعلويين.<ref>طقوش، تاريخ الدولة العباسية، 2009م، ص123.</ref> بينما يراه البعض نوعاً من التشيّع العام، في مقابل التشيّع الاصطلاحي الاثني عشري المعروف، والتشيع العام هو مجرّد الاعتقاد بخلافة الإمام علي بلا فصل من غير الالتزام بالاعتقادات الأخرى.<ref>الکنتوري، عبقات الأنوار، 1366ش، ج4، ص109-113.</ref> | |||
==الهوامش== | ==الهوامش== |