انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أسطوانة التوبة»

سطر ١٠: سطر ١٠:


== سبب توبة أبي لبابة ==
== سبب توبة أبي لبابة ==
وقع الاختلاف بين المؤرّخين و[[المحدث|المحدّثين]] حول معصية أبي لبابة، حيث يعتقد بعضهم أنه أحس بالذنب إثر تخلّفه عن المشاركة في غزوة تبوك،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> بينما يرى آخرون أنه بسبب نقله خبراً إلى يهود بني قريظة.<ref>المُهري، أحسن القصص، 1391ش، ص469.</ref>
وقع الاختلاف بين المؤرّخين و[[المحدث|المحدّثين]] حول معصية [[أبي لبابة]]، حيث يعتقد بعضهم أنه أحس بالذنب إثر تخلّفه عن المشاركة في [[غزوة تبوك]]،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> بينما يرى آخرون أنه بسبب نقله خبراً إلى يهود [[بني قريظة]].<ref>المُهري، أحسن القصص، 1391ش، ص469.</ref>
=== إخبار بني قريظة ===
=== إخبار بني قريظة ===
يعتقد البعض أن قصّة ذنب أبي لبابة كانت بسبب إخباره ليهود بني قريظة عن حال المسلمين بعد [[غزوة الخندق]] في [[السنة الخامسة للهجرة]]، فما أن انتهت المعركة حتى توجّه [[النبي (توضيح)|النبي]] (ص) إلى بني قريظة وحاصرهم في حصونهم، وأرسل أبا لبابة نيابة عنه ليتحدّث إليهم، فأخبرهم غفلة منه أنّ الموت بانتظارهم بسبب نقضهم الميثاق،<ref>الخیاري، تاریخ معالم المدینة المنورة قدیماً و حدیثاً، 1419ق، ص94.</ref> ما كان سيؤدي إلى تحصّن بني قريظة وعدم استسلامهم. وعندما انتبه أبو لبابة إلى خطأه خرج من [[حصن بني قريظة]] مباشرة إلى مسجد النبي وربط نفسه بإحدى أعمدة المسجد وشرع بالبكاء والصلاة.<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> ثم جاء الخبر بأنّ الله سبحانه قد قبل توبة أبي لبابة. وبسبب هذه الرواية باتت هذه الأسطوانة تُعرف بأسطوانة التوبة.<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> وقد أكّد [[ابن هشام]] و[[ابن إسحاق]] هذه الرواية،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> كما بيّنها [[الواقدي]] في [[المغازي]] بتفاصيلها.<ref>الواقدي، المغازي، 1409ق، ج2، ص508.</ref>
يعتقد البعض أن قصّة ذنب أبي لبابة كانت بسبب إخباره ليهود بني قريظة عن حال المسلمين بعد [[غزوة الخندق]] في [[السنة الخامسة للهجرة]]، فما أن انتهت المعركة حتى توجّه [[النبي (ص)|النبي]] (ص) إلى بني قريظة وحاصرهم في حصونهم، وأرسل أبا لبابة نيابة عنه ليتحدّث إليهم، فأخبرهم غفلة منه أنّ الموت بانتظارهم بسبب نقضهم الميثاق،<ref>الخیاري، تاریخ معالم المدینة المنورة قدیماً و حدیثاً، 1419ق، ص94.</ref> ما كان سيؤدي إلى تحصّن بني قريظة وعدم استسلامهم. وعندما انتبه أبو لبابة إلى خطأه خرج من حصن بني قريظة مباشرة إلى [[مسجد النبي]] وربط نفسه بإحدى أعمدة المسجد وشرع بالبكاء والصلاة.<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> ثم جاء الخبر بأنّ الله سبحانه قد قبل توبة أبي لبابة. وبسبب هذه الرواية باتت هذه الأسطوانة تُعرف بأسطوانة التوبة.<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> وقد أكّد [[ابن هشام]] و<nowiki/>[[ابن إسحاق]] هذه الرواية،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> كما بيّنها [[الواقدي]] في [[المغازي]] بتفاصيلها.<ref>الواقدي، المغازي، 1409ق، ج2، ص508.</ref>
يقال أنّ سبب نزول الآية 27 من سورة الأنفال هو توبة أبي لبابة،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref> حيث جاء في سبب نزولها أنّ أبا لبابة خان النبي (ص) في قصة يهود بني قريظة.<ref>القرائتي، تفسیر نور، 1388ش، ج3، ص: 300.
يقال أنّ سبب نزول [[الآية 27 من سورة الأنفال]] هو [[توبة]] أبي لبابة،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref> حيث جاء في سبب نزولها أنّ أبا لبابة خان النبي (ص) في قصة يهود بني قريظة.<ref>القرائتي، تفسیر نور، 1388ش، ج3، ص: 300.
</ref> وقد نقلت كتب السيَر والتاريخ أنّ الآية 27 من [[سورة الأنفال]] والتي يأمر الله فيها المسلمين بألا يخونوا الله ورسوله إنما نزلت في أبي لبابة. غير أنّ هناك تشكيكاً في هذا الشأن، لأنّ سورة الأنفال مرتبطة [[غزوة بدر|بغزوة بدر]] و[[السنة الثانية للهجرة|السنة الثانية من الهجرة]].<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref>
</ref> وقد نقلت كتب السيَر والتاريخ أنّ الآية 27 من [[سورة الأنفال]] والتي يأمر الله فيها المسلمين بأن لا يخونوا الله ورسوله إنما نزلت في أبي لبابة. غير أنّ هناك تشكيكاً في هذا الشأن، لأنّ سورة الأنفال مرتبطة [[غزوة بدر|بغزوة بدر]] و<nowiki/>[[السنة الثانية للهجرة|السنة الثانية من الهجرة]].<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref>


انظر أيضاً: [[غزوة بني قريظة]]
انظر أيضاً: [[غزوة بني قريظة]]


=== الامتناع عن المشاركة في غزوة تبوك ===
=== الامتناع عن المشاركة في غزوة تبوك ===
يعتقد البعض أنّ قصة أبي لبابة وقعت في [[غزوة تبوك]] حين تخلّف عن أمر النبي (ص)، وتقول الرواية أن أبا لبابة ندم على ذلك، وقام بربط نفسه بحبل إلى عمود المسجد، وأقسم ألا يأكل ولا يشرب حتى يقبل الله توبته أو يلقى حتفه. وروي أن الله عفا عنه بعد سبعة أيام، وقام النبي بفكّ وثاقه عن ذلك العمود، وبشّره بأنّ الله قد عفا عنه.<ref>الگلپایگاني، آداب و أحکام الحج، 1413ق، 559 تا 561.</ref> وقالوا بأن شأن نزول الآية 102 من [[سورة التوبة]] كان في الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وكان أبو لبابة أحدهم.<ref>المیبدي، کشف الأسرار و عدة الأبرار، 1371ش، ج4، ص207.
يعتقد البعض أنّ قصة أبي لبابة وقعت في [[غزوة تبوك]] حين تخلّف عن أمر [[النبي (ص)]]، وتقول الرواية أن أبا لبابة ندم على ذلك، وقام بربط نفسه بحبل إلى عمود المسجد، وأقسم ألا يأكل ولا يشرب حتى يقبل الله توبته أو يلقى حتفه. وروي أن الله عفا عنه بعد سبعة أيام، وقام النبي بفكّ وثاقه عن ذلك العمود، وبشّره بأنّ الله قد عفا عنه.<ref>الگلپایگاني، آداب و أحکام الحج، 1413ق، 559 تا 561.</ref> وقالوا بأن شأن نزول [[الآية 102 من سورة التوبة]] كان في الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وكان أبو لبابة أحدهم.<ref>المیبدي، کشف الأسرار و عدة الأبرار، 1371ش، ج4، ص207.
</ref>
</ref>
يعتقد بعض المفسرين أنّ شأن نزول الآية 102 من سورة التوبة كان في قصة أبي لبابة الأنصاري. يقول [[أبو حمزة الثمالي]] أنّ ثلاثة نفر من [[الأنصار]] وهم [[أبو لبابة الأنصاري|أبو لبابة بن عبد المنذر]] و[[ثعلبة بن وديعة]] و[[أوس بن حذام]] امتنعوا عن مرافقة النبي (ص) في غزوة تبوك وتخلّفوا عنه، وعند سماعهم للآيات التي نزلت في حق المتخلفين عنه ندموا وقاموا بربط أنفسهم بأعمدة مسجد المدينة. وقد روي عن [[الإمام الباقر]] (ع) نزول هذه الآية في أبي لبابة. كما أنّ [[الزهري]] – وهو فقيه ومحدّث من [[القرن الثاني الهجري]] – قال أيضاً بأن هذه الآية نزلت في خصوص أبي لبابة الذي امتنع عن المشاركة مع النبي في غزوة تبوك.<ref>الطبرسي، مجمع البیان فی تفسیر القرآن، 1372ش، ج5، ص101.
يعتقد بعض المفسرين أنّ شأن نزول الآية 102 من سورة التوبة كان في قصة أبي لبابة الأنصاري. يقول [[أبو حمزة الثمالي]] أنّ ثلاثة نفر من [[الأنصار]] وهم [[أبو لبابة الأنصاري|أبو لبابة بن عبد المنذر]] و<nowiki/>[[ثعلبة بن وديعة]] و<nowiki/>[[أوس بن حذام]] امتنعوا عن مرافقة النبي (ص) في غزوة تبوك وتخلّفوا عنه، وعند سماعهم للآيات التي نزلت في حق المتخلفين عنه ندموا وقاموا بربط أنفسهم بأعمدة مسجد المدينة. وقد روي عن [[الإمام الباقر]] (ع) نزول هذه الآية في أبي لبابة. كما أنّ [[الزهري]] – وهو [[فقيه]] ومحدّث من [[القرن الثاني الهجري]] – قال أيضاً بأن هذه الآية نزلت في خصوص أبي لبابة الذي امتنع عن المشاركة مع النبي في غزوة تبوك.<ref>الطبرسي، مجمع البیان فی تفسیر القرآن، 1372ش، ج5، ص101.
</ref>
</ref>


== فضيلتها وأعمالها ==
== فضيلتها وأعمالها ==
من الأعمال التي ورد في الأحاديث الحث عليها هي [[صلاة]] ركعتين عند أسطوانة التوبة، وقراءة [[الدعاء|دعاء]] خاص هناك وطلب الحاجة و[[الاستغفار]].<ref>الگلپایگاني، آداب و أحکام الحج، 1413ق، 559 تا 561.</ref> وفي الرواية أنّ النبي كان يصلي أكثر [[النوافل (توضيح)|نوافله]] إلى جانب أسطوانة التوبة، وكان بعد [[صلاة الفجر]] يجلس بجانبها ويجتمع إليه الفقراء و المساكين و من لا ملجأ له إلا المسجد، و كان يحدّثهم حتى طلوع الشمس و يتلو عليهم [[آية (قرآن)|الآيات]] التي نزلت عليه في الليلة السابقة.<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref>
من الأعمال التي ورد في الأحاديث الحث عليها هي [[صلاة]] ركعتين عند أسطوانة التوبة، وقراءة [[الدعاء|دعاء]] خاص هناك وطلب الحاجة و[[الاستغفار]].<ref>الگلپایگاني، آداب و أحکام الحج، 1413ق، 559 تا 561.</ref> وفي الرواية أنّ النبي كان يصلي أكثر [[النوافل (توضيح)|نوافله]] إلى جانب أسطوانة التوبة، وكان بعد [[صلاة الفجر]] يجلس بجانبها ويجتمع إليه الفقراء و المساكين و من لا ملجأ له إلا [[المسجد]]، و كان يحدّثهم حتى طلوع الشمس و يتلو عليهم [[آية (قرآن)|الآيات]] التي نزلت عليه في الليلة السابقة.<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref>
ويستحب للمسافر من أجل قضاء حاجته أن [[الاعتكاف|يعتكف]] في مسجد النبي ثلاثة أيام بأن يصوم أيام الأربعاء والخميس والجمعة، وأن يقضي ليلة الأربعاء ويومه قرب أسطوانة التوبة، وليلة الخميس ويومه بجانب الأسطوانة في الجهة المقابلة لمقام الرسول (ص)، وليلة الجمعة ويومه قرب أسطوانة أخرى إلى جانب [[محراب]] ومصلى النبي، وأن يأتي بصلاته هناك.<ref>هاشمي الشاهرودي، فرهنگ فقه فارسی، ج4، ص390. 1382ش؛ البروجردي، جامع أحادیث الشیعة، 1373ش، ج12، ص279.</ref> وقد روي عن [[الإمام جعفر الصادق عليه السلام|الإمام الصادق]] (ع) أنّ المسافر في أول يوم له في المدينة يصوم الأربعاء ويصلي ليلته بجانب أسطوانة التوبة ويجلس بجانبها ذلك النهار.<ref>محمدي الريشهري، الحج و العمرة في الكتاب والسنة، 1376ش، ص318.</ref>
ويستحب للمسافر من أجل قضاء حاجته أن [[الاعتكاف|يعتكف]] في مسجد النبي ثلاثة أيام بأن [[الصوم|يصوم]] أيام الأربعاء والخميس والجمعة، وأن يقضي ليلة الأربعاء ويومه قرب أسطوانة التوبة، وليلة الخميس ويومه بجانب الأسطوانة في الجهة المقابلة لمقام الرسول (ص)، وليلة الجمعة ويومه قرب أسطوانة أخرى إلى جانب محراب ومصلى النبي، وأن يأتي بصلاته هناك.<ref>هاشمي الشاهرودي، فرهنگ فقه فارسی، ج4، ص390. 1382ش؛ البروجردي، جامع أحادیث الشیعة، 1373ش، ج12، ص279.</ref> وقد روي عن [[الإمام جعفر الصادق عليه السلام|الإمام الصادق]] (ع) أنّ المسافر في أول يوم له في [[المدينة]] يصوم الأربعاء ويصلي ليلته بجانب أسطوانة التوبة ويجلس بجانبها ذلك النهار.<ref>محمدي الريشهري، الحج و العمرة في الكتاب والسنة، 1376ش، ص318.</ref>
==الهوامش==
==الهوامش==
{{مراجع}}
{{مراجع}}
١٢٬٢٠٨

تعديل