مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «صلح الإمام الحسن عليه السلام»
←الكوفة بعد شهادة الإمام علي (ع)
imported>Baselaldnia لا ملخص تعديل |
imported>Baselaldnia |
||
سطر ٧: | سطر ٧: | ||
وفقاً لبنود هذه المعاهدة، تعهد معاوية بن أبي سفيان عدة شروط أهمها أن لا يعيّن [[خليفة]] بعده، لكنه لم يفِ بأي من الشروط وعيّن ابنه [[يزيد بن معاوية|يزيد]] خليفة وحاول أخذ [[البيعة]] له من الناس، والذي أدى إلى [[واقعة عاشوراء|واقعة كربلاء]]. | وفقاً لبنود هذه المعاهدة، تعهد معاوية بن أبي سفيان عدة شروط أهمها أن لا يعيّن [[خليفة]] بعده، لكنه لم يفِ بأي من الشروط وعيّن ابنه [[يزيد بن معاوية|يزيد]] خليفة وحاول أخذ [[البيعة]] له من الناس، والذي أدى إلى [[واقعة عاشوراء|واقعة كربلاء]]. | ||
==الكوفة بعد شهادة الإمام علي | ==الكوفة بعد شهادة الإمام علي {{ع}}== | ||
بايع [[الكوفة|الكوفيون]] [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{ع}} خليفة [[المسلمين|للمسلمين]] بعد مواراة [[أمير المؤمنين]] {{ع}} الثرى مباشرة، إلا أنّ الوضع المضطرب في الكوفة لم يكن يبشّر بخير ولم يظهر فيه ما يدلّ على استقرار الوضع وهدوء الساحة، ومن هنا كانت المهمة الأُولى الملقاة على عاتق الإمام التفكير بمعالجة الجبهة الداخلية وتهدئة الوسط الكوفي ثم بعث الولاة إلى الولايات– باستثناء [[الشام]] التي كانت تحت حكم [[معاوية]]- كـ[[مصر]] و[[الحجاز]] و[[خراسان]] و[[آذربايجان]] وسائر المناطق [[إيران|الايرانية]] وغيرها. | بايع [[الكوفة|الكوفيون]] [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{ع}} خليفة [[المسلمين|للمسلمين]] بعد مواراة [[أمير المؤمنين]] {{ع}} الثرى مباشرة، إلا أنّ الوضع المضطرب في الكوفة لم يكن يبشّر بخير ولم يظهر فيه ما يدلّ على استقرار الوضع وهدوء الساحة، ومن هنا كانت المهمة الأُولى الملقاة على عاتق الإمام التفكير بمعالجة الجبهة الداخلية وتهدئة الوسط الكوفي ثم بعث الولاة إلى الولايات– باستثناء [[الشام]] التي كانت تحت حكم [[معاوية]]- كـ[[مصر]] و[[الحجاز]] و[[خراسان]] و[[آذربايجان]] وسائر المناطق [[إيران|الايرانية]] وغيرها. | ||
يضاف إلى ذلك المهمة الكبرى التي لا بدّ من معالجتها ووضع حدّ للتمرد الشامي والقضاء على قائد الفتنة معاوية بن أبي سفيان.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي | يضاف إلى ذلك المهمة الكبرى التي لا بدّ من معالجتها ووضع حدّ للتمرد الشامي والقضاء على قائد الفتنة معاوية بن أبي سفيان.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص158.</ref> علماً أنّ الشام لم تكن باللقمة السائغة التي يمكن ابتلاعها بيسر بل كانت عصيّة عن المعالجة إلى حد ما في زمن [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{ع}} فكيف بها بعد شهادته واضطراب الأمور وبروز معاوية على الساحة كحاكم شرعي. | ||
وعليه لا بدّ من | وعليه لا بدّ من الإستعداد التام لمثل هذه المشكلة وعلى الإمام أن يوفر من الجيش ما يكون مؤهلاً لخوض معركة كبرى مع خصم عنود قد انصاعت له الشام بالمطلق، فما هي تلك القوة التي يصول بها الإمام {{ع}} وهو يرى قبل أيّام كيف أنّ والده {{ع}} كان يحثّ الكوفيين على قتال الشاميين فلم يجد منهم التفاعل المأمول. | ||
ثم لو تجاوزنا مشكلة الشام والشاميين فهل يمتلك الإمام {{ع}} الكفاءات الكبيرة التي تستطيع إدارة سائر الولايات الكبيرة؟! فهو بحاجة إلى حاكم مؤمن بصير بشؤون الإدارة والحكم شجاع لم ينجرف مع زخارف الدنيا وزبرجها، خاصّة وأنّ الكثير من السياسيين الذين من المؤمل | ثم لو تجاوزنا مشكلة الشام والشاميين فهل يمتلك الإمام {{ع}} الكفاءات الكبيرة التي تستطيع إدارة سائر الولايات الكبيرة؟! فهو بحاجة إلى حاكم مؤمن بصير بشؤون الإدارة والحكم شجاع لم ينجرف مع زخارف الدنيا وزبرجها، خاصّة وأنّ الكثير من السياسيين الذين من المؤمل الإعتماد عليهم قد أبهرهم عطاء معاوية اللامحدود لأصحابه والمحيطين به. | ||
هؤلاء هم نفس الرجال الذي خاطبهم أبوه أمير المؤمنين {{ع}} بقوله: | هؤلاء هم نفس الرجال الذي خاطبهم أبوه أمير المؤمنين {{ع}} بقوله: '''ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان'''. بل ازداد الحال سوءاً في عصر الإمام الحسن {{ع}}. | ||
سطر ٢٢: | سطر ٢٢: | ||
وأما [[الخوارج]] فأمرهم أوضح والتعويل عليهم يعدّ | وأما [[الخوارج]] فأمرهم أوضح والتعويل عليهم يعدّ ضرباً من الخيال فإنّهم وإن رفعوا في أوائل حركتهم شعار [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]] وأظهروا الإستعداد لمساندة من يقوم بذلك إلا أنّهم تحوّلوا إلى طلاب حكم وميل للتصدي للخلافة. فلم يبق مع الإمام {{ع}} إلا [[الشيعة]] وهؤلاء أيضاً لم يكونوا على نسق واحد بل هناك طائفة كبيرة منهم متظاهرة بالولاء و[[التشيع]] لا يمكن التعويل على ولائها وإحراز مواقفها حتى اللحظة الأخيرة من المعركة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص158.</ref> | ||
وإذا كان الكوفيون قد اضطربت مواقفهم في الأيّام الأخيرة من حياة [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{ع}} فكيف ينساقون بيسر لولده من بعده؟! فلم يبق معه إلّا الخلّص من شيعته والموالين الحقيقيين له {{ع}} وهؤلاء لم يكونوا بالوعي السياسي التام الذي يحصّنهم من الوقوع بين الفينة والأخرى في شراك مكنة الدعاية المضادة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي | وإذا كان الكوفيون قد اضطربت مواقفهم في الأيّام الأخيرة من حياة [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{ع}} فكيف ينساقون بيسر لولده من بعده؟! فلم يبق معه إلّا الخلّص من شيعته والموالين الحقيقيين له {{ع}} وهؤلاء لم يكونوا بالوعي السياسي التام الذي يحصّنهم من الوقوع بين الفينة والأخرى في شراك مكنة الدعاية المضادة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص158.</ref> | ||
===مقدمات المعركة وإرهاصاتها=== | ===مقدمات المعركة وإرهاصاتها=== | ||
سطر ٣٢: | سطر ٣٢: | ||
يضاف إلى بثّ الإشاعات والأكاذيب في الوسط | يضاف إلى بثّ الإشاعات والأكاذيب في الوسط الإسلامي وخاصة في الساحة العراقية، هذا مع إرسال المجاميع المقاتلة للنهب والقتل وبثّ الرعب في المناطق الخاضعة لحكوم الإمام {{ع}}، مع إشاعة أخبار سياسة البذل اللامحدود التي اعتمدها معاوية ودهائه في إدارة شؤون الحكم في [[الشام]] والمناطق الخاضعة له. كل ذلك مثّل الأرضية المناسبة والإرهاصات التي تكشف استعداد معاوية لخوض الحرب مع الكوفة عاصمة الدولة الإسلامية.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي اسلام: ص158-159.</ref> | ||
وبعد أن | وبعد أن أنجز مرتزقة معاوية المهام الموكلة إليهم سار بجيشه نحو [[العراق]] وعسكر في منطقة [[مسكن]]، وكان [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{ع}} قد أعدّ في أواخر حياته جيشاً لمحاربة الشاميين وكان على هذا الجيش أن يواصل مهمته لكن وقع الخلاف في من يقود هذا الجيش فهل تكون القيادة لـ[[قيس بن سعد]] بن عبادة أو لـ[[عبيد الله بن عباس]]؟ | ||
وقد استعدّ قيس لمهاجمة جيش الشام وذهب [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{ع}} إلى [[المدائن]]، إلا أنّ الأحداث كانت لا تسير لصالح جيش الإمام {{ع}} حيث أُشيع قتل قيس مما أدى إلى حصول تمرّد في جيش الإمام {{ع}}.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي | وقد استعدّ قيس لمهاجمة جيش الشام وذهب [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{ع}} إلى [[المدائن]]، إلا أنّ الأحداث كانت لا تسير لصالح جيش الإمام {{ع}} حيث أُشيع قتل قيس مما أدى إلى حصول تمرّد في جيش الإمام {{ع}}.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص159.</ref> | ||
وقد أشار بعض المؤرخين إلى هذه القضية بقوله: | وقد أشار بعض المؤرخين إلى هذه القضية بقوله: بينما كان الحسن {{ع}} بالمدائن إذ نادى مناديه في عسكره: «ألا إن [[قيس بن سعد]] قد قتل!» فشدّ الناس على حجرة الحسن {{ع}} فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره !! وطعنه رجل بخنجر مسموم في إليته، فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه وانتقل – كما يقول الطبري- إلى منزل [[سعد بن مسعود الثقفي]]– عمّ [[المختار]]- وكان عامل أمير المؤمنين {{ع}} بها فأقرّه الحسن {{ع}}، فقال له المختار وهو غلام شاب: | ||
هل لك في الغنى والشرف؟ | هل لك في الغنى والشرف؟ | ||
سطر ٤٩: | سطر ٤٩: | ||
قال: توثق الحسن{{ع}}، وتستأمن به إلى معاوية! | قال: توثق الحسن{{ع}}، وتستأمن به إلى معاوية! | ||
فقال له سعد: عليك لعنة الله، أثب على ابن بنت [[رسول الله]] | فقال له سعد: عليك لعنة الله، أثب على ابن بنت [[رسول الله]] {{صل}} فاوثقه! بئس الرجل أنت!.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج7، ص2. ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص404. جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص159.</ref> | ||
والمختار هو ذلك الشخص الذي ثار بعد خمسة وعشرين عاماً لدماء الشهداء وقاد حركة [[الشيعة]] ضد الحكم [[بني أمية|الأموي]]، مما يجعلنا نشك في ما نسب إلى الرجل من كلمات قد تكون من ابتكارات خصومه [[الزبير|الزبيريين]] ( | والمختار هو ذلك الشخص الذي ثار بعد خمسة وعشرين عاماً لدماء الشهداء وقاد حركة [[الشيعة]] ضد الحكم [[بني أمية|الأموي]]، مما يجعلنا نشك في ما نسب إلى الرجل من كلمات قد تكون من ابتكارات خصومه [[الزبير|الزبيريين]] (أتباع [[عبد الله بن الزبير]])، وعلى فرض صحة ما نسب إليه فهو أمر لا غرابة فيه وممكن صدوره من شاب حدث لا خبرة لها بالسياسة وبمنازل الرجال، وسواء صحّت النسبة أم لم تصح إلا أنّ الكلام المذكور والأحداث التي وقعت تكشف لنا عن حقيقة خطرة وهي أنّ تصدي الإمام الحسن {{ع}} للحكم اقترن بوجود تيار من النفعيين الذين لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية وما تدرّه السياسة عليهم من مناصب وأموال تعزز كياناتهم الشخصية والعشائرية فقط ولا تهمهم مصالح المسلمين قطعاً.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص159.</ref> | ||
سطر ٥٨: | سطر ٥٨: | ||
وبعد أن شعر الإمام {{ع}} بخطورة موقف الأمّة على مسيرة الحركة الرسالية، وجد {{ع}} أنّ السبيل الوحيد في الحفاظ على أبناء الحركة الرسالية هو في توقيع اتفاقية هدنة مع معاوية، وبهذه | وبعد أن شعر الإمام {{ع}} بخطورة موقف الأمّة على مسيرة الحركة الرسالية، وجد {{ع}} أنّ السبيل الوحيد في الحفاظ على أبناء الحركة الرسالية هو في توقيع اتفاقية هدنة مع معاوية، وبهذه الإتفاقية يستطيع الإمام {{ع}} أن يحافظ على الميراث الرسالي ليصل إلى الأجيال القادمة، خاصة وأن الأوضاع الأمنية باتت شبه مهددة سواء من جانب معاوية وجلاوزته أو من جانب قطاع كبير من جماهير الأمّة...<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص160.</ref> | ||
==مكان الصلح وزمانه== | ==مكان الصلح وزمانه== |