مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «صلح الإمام الحسن عليه السلام»
←مبررات صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية
imported>Abo baker |
imported>Abo baker |
||
سطر ١٣٥: | سطر ١٣٥: | ||
==مبررات صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية== | ==مبررات صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية== | ||
المتابع لشأن الصلح والظروف الموضوعية التي دعت له وشروطه التي اشترطها [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] (عليه السلام) يرى | المتابع لشأن الصلح والظروف الموضوعية التي دعت له وشروطه التي اشترطها [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] (عليه السلام) يرى أنّه يكمن وراء الصلح مجموعة من الغايات والمبررات، هي: | ||
===حفظ حياة الإمام (عليه السلام) وشيعته=== | ===حفظ حياة الإمام (عليه السلام) وشيعته=== | ||
أخذت الحروب التي شنّت ضد حكومة الإمام علي (عليه السلام) الكثير من | أخذت الحروب التي شنّت ضد حكومة الإمام علي (عليه السلام) الكثير من خلّص شيعته والموالين له كما في [[معركة الجمل|الجمل]] و[[معركة صفين|صفين]] و[[معركة النهروان|النهروان]] وبقي هناك مجموعة قليلة من هؤلاء، ولاريب أنّ اختلال توازن القوى بين الفريقين [[الشام|الشامي]] و[[العراق|العراقي]] (جيش الإمام) كان سيقضي على البقية الباقية فيما لو اندلعت الحرب بين المعسكرين؛ لأنّ معاوية سيستغل اختلاف توازن القوى هذا بين الفريقين لانزال أكبر هزيمة بشيعة الإمام (عليه السلام). | ||
وهذا ما أشار إليه [[أبو سعيد عقيصا]] حيث قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا ابن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|رسول الله]](صلى الله عليه وآله) لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت | وهذا ما أشار إليه [[أبو سعيد عقيصا]] حيث قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): يا ابن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|رسول الله]](صلى الله عليه وآله) لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه وأنّ معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبني ضمرة و بني أشجع و لأهل مكة حين انصرف من الحديبية ... و لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل.<ref>الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج1، ص: 211.</ref> | ||
وحينما خوطب الإمام الحسن (عليه السلام) بـ «يا مذل المؤمنين»! قال (عليه السلام): ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معزّ المؤمنين، | وحينما خوطب الإمام الحسن (عليه السلام) بـ «يا مذل المؤمنين»! قال (عليه السلام): ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معزّ المؤمنين، إنّي لما رأيتكم ليس بكم عليهم قوة سلمت الأمر لأبقى أنا وأنتم بين أظهرهم كما عاب العالم السفينة لتبقى لأصحابها وكذلك نفسي وأنتم لنبقى بينهم.<ref>المجلسي، البحار، ج75 ص 287.</ref> | ||
سطر ١٥٢: | سطر ١٥١: | ||
وجاء في رواية أخرى ذكرها [[السيد المرتضى]] بلا سند أنً [[حجر بن | وجاء في رواية أخرى ذكرها [[السيد المرتضى]] بلا سند أنً [[حجر بن عديّ الكندي]] قال له (عليه السلام): سوّدت وجوه المؤمنين. فقال (عليه السلام): ما كل أحد يحبّ ما تحبّ ولا رأيه كرأيك وإنما فعلت ما فعلت إبقاء عليكم.<ref>شريف مرتضى، تنزيه الأنبياء، ص: 170.</ref> | ||
===نكول وتخاذل الجماهير عن مساندة الإمام (عليه السلام)=== | ===نكول وتخاذل الجماهير عن مساندة الإمام (عليه السلام)=== | ||
سطر ١٧٦: | سطر ١٧٥: | ||
والمُلاحظ في هذه الرواية كونها تنافي ما ذكر سابقا من تخاذل رؤساء العرب وعدم استجابتهم للإمام (عليه السلام) يضاف إلى ذلك أنّ الرواية بأكثر من سبب منها أنها مرفوعة ومعارضتها لكثير من الروايات التي تشير إلى تخاذل الناس وتراجعهم وقال (عليه السلام) في جواب [[سليمان بن صرد الخزاعي]] وجماعة من المعترضين على الصلح: لكنِّي أَرى غيرَ ما رأَيْتُمْ وما أَردتُ بما فعلْتُ إِلَّا حَقْنَ الدِّمَاء.<ref>الراوندي، تنزيه الأنبياء، ص 172.</ref> | |||
سطر ١٨٥: | سطر ١٨٤: | ||
===حفظ الدين=== | ===حفظ الدين=== | ||
من المبررات التي دعت إلى الصلح والغايات التي تكمن في ذلك «حفظ [[الدين]]»؛ وذلك | من المبررات التي دعت إلى الصلح والغايات التي تكمن في ذلك «حفظ [[الدين]]»؛ وذلك لأنّ الحالة العامة للمجتمع الاسلامي إبّان تلك الفترة كانت توحي بأنّ أصل الدين الإسلامي في خطر فيما إذا دارت الحرب بين الجانبين وأنّ الحرب ليست بصالح الكوفيين والشاميين على حد سواء بل تنجر إلى ضعف الجبهة الاسلامية مما يوفر الارضية المناسبة للرومان لمهاجمة بلاد المسلمين، ويؤيد ذلك ما سجّله [[اليعقوبي]] في تاريخه حيث قال: ورجع معاوية إلى الشام سنة 41هـ ق، وبلغه أنّ طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عمّا يحتاج إلى تدبيره وإحكامه، فوجّه إليه، فصالحه على مائة ألف دينار. وكان معاوية أوّل من صالح الروم.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 144 و 145.</ref> | ||
| | ||
يضاف إلى ذلك | يضاف إلى ذلك أنّ الوضع الثقافي والوعي الديني للمجتمع الإسلامي كان بنحو لا يؤمن معه عدم تأثر المسلمين سلباً وتراجعهم عن قيم الدين ومقدساته فيما إذا سالت الدماء بين المسلمين؛ ولعلّ ذلك هو الذي جعل الإمام الحسن (عليه السلام) يبرر صلحه بحفظ الدين وخشيته أن يجتثّ المسلمون عن وجه الأرض.<ref>القرشي، حياة الحسن، ص 35.</ref> | ||
===تململ الجماهير من الحرب=== | ===تململ الجماهير من الحرب=== | ||
لا | لا يشكُّ المتابع لتاريخ المسلمين منذ [[الهجرة النبوية]] إلى [[المدنية المنورة]] مروراً بعهد [[الخلفاء]] أنّهم عاشوا الكثير من [[الغزوة|الغزوات]] والحروب التي طال أمد بعضها كالحروب مع الرومان والفرس وبعض الأقوام والشعوب المجاورة كما في [[الجزيرة العربية]] يضاف إلى ذلك الحروب الثلاثة التي أثيرت بوجه حكومة [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] (عليه السلام)، كل ذلك كانت له انعكاسات سلبية على روحية المسلمين عامة والمقاتلين خاصّة، وهذا ما أشار إليه [[الشيخ المفيد]] حينما سجّل لنا شهادة تاريخية تكشف عن تلك الحقيقة قائلا: «وسار [[معاوية]] نحو [[العراق]] ليغلب عليه فلما بلغ جسر منبج تحرك الحسن (عليه السلام) وبعث حجر بن عدي فأمر العمال بالمسير واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ثم خف معه أخلاط من الناس...».<ref>المفيد، الإرشاد ج2، ص 6.</ref> | ||
يضاف إلى ذلك | يضاف إلى ذلك أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) عندما بويع للخلافة بعد أبيه (عليه السلام) عرض عليه الكثير من الناس ولائه ومبدين استعدادهم للقتال تحت رايته فأراد أن يختبر نوايا القوم قال لهم: «إن كنتم صادقين فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن فوافوني هناك». | ||
سطر ٢١٢: | سطر ٢١١: | ||
===عدم توازن القوى=== | ===عدم توازن القوى=== | ||
ذكر [[الشيخ المفيد]] في [[الإرشاد|''الإرشاد'']] | ذكر [[الشيخ المفيد]] في [[الإرشاد|''الإرشاد'']] أنّه خرج مع [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]](عليه السلام) أخلاط من الناس بعضهم [[الشيعة|شيعة]] له ولأبيه (عليه السلام) وبعضهم محكمة– خوارج- يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة وبعضهم أصحاب فتن و طمع في الغنائم وبعضهم شكاك وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين...<ref>راضي آل ياسين، صلح الحسن، ص 170.</ref> | ||
ولا ريب | ولا ريب أنّ جيشا يتكون من هكذا خليط غير متجانس لم يؤمن منه التمرد على قائده والانهيار أمام أبسط التحدّيات وأضعف الضربات التي توجه إليه، فالخوارج - على سبيل المثال- لم يلتحقوا بجيش الإمام الحسن (عليه السلام) إيمانا بقيادته واعترافا بشرعيته وإنّما خرجوا ابتغاء الفتنة والإفساد.<ref>راضي آل ياسين، صلح الحسن، ص 177.</ref> | ||
سطر ٢٢١: | سطر ٢٢٠: | ||
وحينما فشل الكوفيون في الاختبار الذي أعدّه الإمام الحسن (عليه السلام) وما بدر منهم من ردود فعل تكشف عن عدم ولائهم الحقيقي للإمام الحسن (عليه السلام) وحينما كتبوا إلى معاوية مبدين استعدادهم لتسليم الحسن (عليه السلام) له متى شاء. وعندما خانه [[عبيد الله بن العباس]] والتحق بمعاوية مقابل حفنة من المال، | وحينما فشل الكوفيون في الاختبار الذي أعدّه الإمام الحسن (عليه السلام) وما بدر منهم من ردود فعل تكشف عن عدم ولائهم الحقيقي للإمام الحسن (عليه السلام) وحينما كتبوا إلى معاوية مبدين استعدادهم لتسليم الحسن (عليه السلام) له متى شاء. وعندما خانه [[عبيد الله بن العباس]] والتحق بمعاوية مقابل حفنة من المال، ازدادت بصيرته (عليه السلام) بخذلان القوم له وفساد نيّات المحكّمة– الخوارج- فيه بما أظهروه له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله ولم يبق معه من يأمن غوائله إلا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام.<ref>المفيد،الإرشاد، ج2، ص 10.</ref> | ||
وكان قد كتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر | وكان قد كتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر واستحثّوه على السير نحوهم وضمنوا له تسليم الحسن (عليه السلام) إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به وبلغ الحسن (عليه السلام) ذلك.<ref>المفيد، الإرشاد، ج2، ص 9.</ref> | ||
| | ||
وعن [[زيد بن وهب الجهني]] | وعن [[زيد بن وهب الجهني]] أنّه قال: لما طعن الحسن بن علي (عليه السلام) بالمدائن أتيته وهو متوجّع فقلت: ما ترى يا ابن [[رسول الله]] (صلى الله عليه وآله) فإن الناس متحيرون؟ فقال: أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي....<ref>الطبرسي، الاحتجاج، ج2 ص 290.</ref> | ||
==نتيجة معاهدة الصلح== | ==نتيجة معاهدة الصلح== |