مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «صلاة التراويح»
←تخرصات للفرار من وصمة البدعة
imported>Ya zainab |
imported>Ya zainab |
||
سطر ١٩٣: | سطر ١٩٣: | ||
== تخرصات للفرار من وصمة البدعة== | == تخرصات للفرار من وصمة البدعة== | ||
[[ملف:كيفية الإستدلال للتراويح! 2.jpg|تصغير|يسار|هل هذا يعد إستدلال؟]] | [[ملف:كيفية الإستدلال للتراويح! 2.jpg|تصغير|يسار|هل هذا يعد إستدلال؟]] | ||
من كل هذا البحث يتضح | من كل هذا البحث يتضح أنّ صفة [[البدعة]] مستحكمة في صلاة التراويح، و منطبقة عليها، خاصة مع قول [[عمر بن الخطاب]]: «إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل... نعمت البدعة هذه».<ref>صحيح البخاري 2:252</ref><ref>الموطأ : 73</ref><ref>كنز العمال 8:408 ح23466</ref> | ||
و لو لم تكن هذه بدعة بالرغم من قوله: إني | و لو لم تكن هذه بدعة بالرغم من قوله: إني أرى و قوله بكل بصراحة: نعمت البدعة، فما هي البدعة إذاً ؟! | ||
و إذا لم يكن الذي أحدث التراويح لأول مرة طبقاً لقول ''ابن عبد البر'' في '' | و إذا لم يكن الذي أحدث التراويح لأول مرة طبقاً لقول ''ابن عبد البر'' في ''الاستيعاب''، و ''السيوطي'' في ''تاريخ الخلفاء''، و ''محمد بن الشحنة'' في ''روضة المناظر'' ـ كما مر آنفاً ـ مبتدعاً، فمن هو المبتدع إذاً ؟ | ||
و من هنا ظهرت محاولات لتخريج التراويح من دائرة البدعة و إدخالها في دائرة السنّة، و إعطاء تفاسير لكلمة عمر «نعمت البدعة هذه» بحيث تخالف ظاهرها و نحن نذكر بعض هذه المحاولات: | و من هنا ظهرت محاولات لتخريج التراويح من دائرة البدعة و إدخالها في دائرة السنّة، و إعطاء تفاسير لكلمة عمر «نعمت البدعة هذه» بحيث تخالف ظاهرها و نحن نذكر بعض هذه المحاولات: | ||
# محاولة [[ابن أبي الحديد]]، حيث ذكر أن لفظ البدعة يطلق على مفهومين: | |||
أحدهما: ما خالف الكتاب والسنّة، مثل صوم يوم النحر وأيام التشريق، فإنّه وإن كان صوماً إلاّ أنّه منهي عنه. | أحدهما: ما خالف الكتاب والسنّة، مثل صوم يوم النحر وأيام التشريق، فإنّه وإن كان صوماً إلاّ أنّه منهي عنه. | ||
سطر ٢٠٩: | سطر ٢٠٨: | ||
فإن أريد بكون صلاة التراويح بدعة بالمفهوم الأول فلا نسلّم أنها بدعة بهذا التفسير. و قول عمر: إنّها لبدعة خبر مروي مشهور، ولكن أراد به البدعة بالتفسير الثاني....<ref>شرح النهج 12 : 284</ref> | فإن أريد بكون صلاة التراويح بدعة بالمفهوم الأول فلا نسلّم أنها بدعة بهذا التفسير. و قول عمر: إنّها لبدعة خبر مروي مشهور، ولكن أراد به البدعة بالتفسير الثاني....<ref>شرح النهج 12 : 284</ref> | ||
و ليته أورد كلامه هذا إيراداً و لم يظهره اعتقاداً، فإنّ | و ليته أورد كلامه هذا إيراداً و لم يظهره اعتقاداً، فإنّ المعنى الأول ليس من البدعة، فإن مخالفة الكتاب و السُنّة لا تسمى بدعة و إنما تسمى اجتهاداً في مقابل النص، فيبقى معنى البدعة منحصراً بالمعنى الثاني الذي أورده، و الذي قال: إن كلمة عمر تنطبق عليه، لأن البدعة ما أحدث علي غير مثال سابق، و التراويح منها. | ||
و ليست البدعة ما أحدث | و ليست البدعة ما أحدث على نحو مخالف لمثال سابق حتى يقال بأن البدعة هي مخالفة [[القرآن الكريم|الكتاب]] و السنّة. | ||
ثم قال في الصفحة التالية: «أليس يجوز للإنسان أن يخترع من النوافل صلوات مخصوصة بكيفيات مخصوصة و أعداد ركعات مخصوصة و لا يكون ذلك مكروهاً و لا حراماً؟ فإنّه داخل تحت عموم ما ورد في فضل صلاة النافلة، ... و التراويح جائزة و مسنونة | ثم قال في الصفحة التالية: «أليس يجوز للإنسان أن يخترع من النوافل صلوات مخصوصة بكيفيات مخصوصة و أعداد ركعات مخصوصة و لا يكون ذلك مكروهاً و لا حراماً؟ فإنّه داخل تحت عموم ما ورد في فضل صلاة النافلة، ... و التراويح جائزة و مسنونة لأنّها داخلة تحت عموم ما ورد في فضل صلاة الجماعة». و لا أدري على أي مذهب فقهي يتم كلامه هذا؟! فالمعروف لدى المسلمين أن العبادات الواجبة أو المستحبة [[توقيفية]]، و أن مفهوم العبادة متوقف على وجود أمر شرعي، فإذا ثبت الأمر الشرعي على نحو الوجوب أو الاستحباب كان المأمور به عبادة، و إلاّ فلا... | ||
يقول الدكتور [[القرضاوي]] بشأن التوقيف في العبادات: | يقول الدكتور [[القرضاوي]] بشأن التوقيف في العبادات: | ||
«قال شيخ الإسلام [[ابن تيمية]]: إن تصرفات العباد من الأقوال و الأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، و عادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أنّ العبادات التي أوجبها الله، أو أحبّها، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، و أما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، و الأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه و | «قال شيخ الإسلام [[ابن تيمية]]: إن تصرفات العباد من الأقوال و الأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، و عادات يحتاجون إليها في دنياهم، فباستقراء أصول الشريعة نعلم أنّ العبادات التي أوجبها الله، أو أحبّها، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، و أما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، و الأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه و تعالى، و ذلك لأنّ الأمر و النهي هما شرع الله، و العبادة لابدّ أن تكون مأموراً بها، فما لم يثبت أنّه مأمور به كيف يحكم عليه بأنّه محظور؟ | ||
و لهذا كان أحمد و غيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: | و لهذا كان أحمد و غيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إنّ الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرّعه الله، و إلاّ دخلنا في معنى قوله تعالى : «أم لهم شُركاء شَرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللّه».<ref>الشوري : 21</ref> <ref>الحلال والحرام في الاسلام: 36</ref> | ||
و قال ''أبو يوسف'' و ''محمّد'': «لا يزيد بالليل | و قال ''أبو يوسف'' و ''محمّد'': «لا يزيد بالليل على ركعتين بتسليمة واحدة».<ref>اللباب في شرح الكتاب لعبد الغني الحنفي 1:91 ـ 92 وانظر: الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي 2:50</ref> | ||
و قال في [[المهذّب]] : «و السنّة أن يسلّم من كل ركعتين، لما روي عن ابن عمر أن النبي {{صل}} قال: «صلاة الليل | و قال في [[المهذّب]] : «و السنّة أن يسلّم من كل ركعتين، لما روي عن ابن عمر أن النبي {{صل}} قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح تداركك فأوتر بواحدة»، و إن جمع ركعات بتسليمة جاز، لما روت عائشة أنّ [[رسول الله]] {{صل}} «كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، ويوتر من ذلك بخمس، يجلس في الآخرة ويسلّم، وأنّه أوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهنّ بسلام»، وإن تطوّع بركعة جاز لما روي أنّ عمر رضي الل هعنه«مرّ بالمسجد فصلى ركعة فتبعه رجل، فقال يا أمير المؤمنين إنّما صليت ركعة، فقال: إنما هي تطوع فمن شاء زاد و من شاء نقص». | ||
وعقّب | وعقّب على ذلك النووي بالقول: | ||
«.. في مذاهب العلماء في ذلك قد ذكرنا أنّه يجوز عندنا أن يجمع ركعات كثيرة من النوافل المطلقة بتسليمة، و | «.. في مذاهب العلماء في ذلك قد ذكرنا أنّه يجوز عندنا أن يجمع ركعات كثيرة من النوافل المطلقة بتسليمة، و أنّ الأفضل في صلاة الليل و النهار أن يسلّم من كل ركعتين، و بهذا قال [[مالك]] و [[أحمد]] و [[داود]] و [[ابن المنذر]]، و حكي عن [[الحسن البصري]] و [[سعيد بن جبير]] ، و قال [[أبو حنيفة]]: التسليم من ركعتين أو أربع في صلاة النهار، سواء في الفضيلة، ولا يزيد على ذلك، و [[صلاة الليل]] ركعتان وأربع وست وثمان بتسليمة، ولا يزيد على ثمان،و كان [[ابن عمر]] يصلي بالنهار أربعاً، واختاره اسحق».<ref>المجمع من شرح المهذّب 4:49 ـ 51</ref> | ||
فكيف يمكن أن | فكيف يمكن أن يُدّعى بعد كل هذه الأقوال و الآراء أنّ أحداً لم يقل بكراهة أو حرمة صلاة ثلاثين ركعة بتسليمة واحدة، كما قال ذلك [[ابن أبي الحديد|المعتزلي]] بشكل قاطع، و أرسله إرسال المسلمات؟ | ||
و قال [[الشيخ يوسف البحراني]] في [[الحدائق الناضرة (كتاب)|الحدائق الناضرة]]: | و قال [[الشيخ يوسف البحراني]] في [[الحدائق الناضرة (كتاب)|الحدائق الناضرة]]: | ||
«لا ريب في أنّ الصلاة خير موضوع، إلاّ أنه متى اعتقد المكلف في ذلك أمراً زائداً | «لا ريب في أنّ الصلاة خير موضوع، إلاّ أنه متى اعتقد المكلف في ذلك أمراً زائداً على ما دلّت عليه هذه الأدلة، من عدد مخصوص و زمان مخصوص، أو كيفية خاصة، و نحو ذلك مما لم يقم عليه دليل في الشريعة، فإنّه يكون محرّماً وتكون عبادته بدعة، والبدعية ليست من حيث الصلاة، وإنما هي من حيث هذا التوظيف الذي اعتقده في هذا الوقت، و العدد و الكيفية من غير أن يرد عليه دليل».<ref>الحدائق الناضرة 6:80</ref> | ||
# محاولة [[القاضي عبد الجبار المعتزلي]] في كتابه [[المغني]]، حيث كتب يقول عن التراويح: «إذا كان فيه الدعاء إلى الصلاة، والتشدّد في حفظ القرآن، فما الذي يمنع أن يعمل به على وجه أنّه مسنون».<ref>لاحظ: الشريف المرتضى ، الشافي في الإمامة ج 4 ص 217</ref> | |||
و كلامه هذا يرجع في النتيجة إلى كلام [[ابن أبي الحديد]] ، و حينئذٍ فالجواب هو الجواب، فإن الصلاة عبادة و [[العبادة]] تحتاج إلى [[قصد القربة]]، و قصد القربة لا يتم إلاّ بعد إثبات وجود أمر مولوي من الشارع، و صلاة التراويح على الهيئة و الكيفية التي تقام بها لم يرد بها أمر شرعي، و حينئذٍ فإتيانها بعنوان أنّها عبادة تشريع محرّم و بدعة منكرة في الدين. | |||
# محاولة ابن تيمية التي اعتبر فيها إطلاق [[عمر بن الخطاب]] عنوان البدعة على التراويح، تسمية لغوية لا تسمية شرعية، و أنّ المسلمين قد صلّوا التراويح في زمن الرسول و أن النبي {{صل}} قد خرج معهم في ليلة أو ليلتين، ثم امتنع عن ذلك لعلّة ذكرها، و هي: «أنّه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلاّ كراهة أن يفرض عليكم، فصلّوا في بيوتكم...»، فعلم بذلك ـ و الكلام لابن تيمية ـ أ نّ المقتضى للخروج قائم، و أنّه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم «فلما كان في عهد عمر جمعهم على قارئ واحد و أسرج المسجد فصارت هذه الهيئة ـ و هي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج ـ عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعة لأنه في اللغة يسمّى بذلك، و إن لم يكن بدعة شرعية».<ref>اقتضاء الصراط المستقيم: 276 ـ 277</ref> | |||
و | ولا يهمنا أن تكون تسمية عمر شرعية أم لغوية، إنما الذي يهمّنا هو اعترافه بأنه قد أضاف إلى الشريعة أمراً لم يعرفه المسلمون من قبل، و الأمر الذي أضافه حسب عبارة ابن تيمية نفسه هو اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج، والإسراج لا يهمنا لأنه ليس دخيلاً في العبادة، و إنما الذي يهمنا هو اجتماعهم في الصلاة خلف الإمام، و لعل ابن تيمية ذكر الإسراج لإيهام القارئ بأنّ ما قام به الخليفة عمل لا يدخل في صميم العبادة، وأن الاجتماع في المسجد على إمام واحد شأنه شأن الإسراج، فكما لا يعد الإسراج بدعة لأنه لا يدخل في صميم العبادة، كذلك لا يعد الإجتماع للصلاة و أداؤها جماعة بدعة. فتكون نتيجة كلامه: أن عمر لم يبتدع في الشريعة، و إنما ابتدع في أمور من خارجها كالإسراج، و هذا تمويه و خداع. | ||
فقد اتضح من جواب المحاولة السابقة، أن أداء الصلاة جماعة أمر من صميم العبادة، و لا يمكن للعبد أن يتدخل فيه، و لابد له من أن يتبع أمر الشارع فيه، بخلاف الإسراج الذي هو خارج عن مفهوم العبادة، و لا يسمى إحداثه بدعة. | |||
أما ادعاءه أن النبي (صلى الله عليه وآله) ، قد خرج إلى التراويح ليلة أو ليلتين، ثم انقطع عنها، فقد اتضح مما سبق عدم صحته، و هو يناقض قول عمر: «نعمت البدعة هذه» فإن كلامه هذا يدل على عدم وجود التراويح من قبل، و الإتيان بعمل بعد فترة من الإنقطاع عنه لا يسمّى بدعة. | |||
# محاولة تقسيم البدع ، بحسب [[الأحكام الخمسة]]: و هي من أسوأ المحاولات و أبعدها عن الواقع و روح الشريعة الإسلامية، فقد قالوا : إنّ البدعة تنقسم إلى: بدعة محرمة، و مكروهة، و مباحة، و الواجبة، و المستحبة.<ref>فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13:253، 96 كتاب الاعتصام باب الكتاب والسنّة، باب الاقتداء بسنن النبي {{صل}} ، ذيل الحديث 7277 ، جامع الأصول في أحاديث الرسول {{صل}} ابن الأثير1:280، كتاب الاعتصام بالكتاب و السنّة، الباب الأوّل في الاستمساك بهما، ذيل الحديث 67</ref> | |||
و الجواب الواضح المختصر على هذه المحاولة : إنّ للبدعة معناً واحداً واضحاً هو: إدخال ما ليس من الدين في الدين، و قد اتفق المسلمون عليه [[أهل السنة|سنّة]] و [[شيعة|شيعة،]] و هذا المعنى لا يقبل التقسيم بحسب الأحكام الخمسة. و ليت القائلين بالتقسيم الخماسي أو الثنائي يستشهدون على كلامهم بآية أو حديث نبوي يشهد لصحة قولهم. | |||
و الجواب الواضح المختصر | |||
== خلاصة الكلام== | == خلاصة الكلام== |