مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أسامة بن زيد»
ط
ترقيم
imported>Ali110110 ط (ترقيم) |
imported>Ali110110 ط (ترقيم) |
||
سطر ٢٨: | سطر ٢٨: | ||
==النسب والولادة والكنية== | ==النسب والولادة والكنية== | ||
ينحدر إسامة من [[قبيلة بني كلب]] بن قضاعة،<ref>ابن قتيبة، المعارف، 1375 هـ، ص144؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، 1380 هـ، | ينحدر إسامة من [[قبيلة بني كلب]] بن قضاعة،<ref>ابن قتيبة، المعارف، 1375 هـ، ص144؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، 1380 هـ، ج 1، ص75؛ ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، 1403 هـ، ص459.</ref> وكان أبوه زيد بن حارثة معتوق رسول الله ومن أوائل المسلمين، وبناء عليه يعتبر زيد وابنه أسامة من "موالي" النبي (ص)،<ref>ابن حبيب، المحبر، 1361 هـ، ص128؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج 3، ص169.</ref> كما كانت [[أم أيمن]] والدة أسامة جارية، فعتقها النبي (ص).<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج 4، ص61.</ref> | ||
كان يكنى أسامة بأبي يزيد وأبي خارجة، ويحتمل أن يكون أبو يزيد تصحيفا لأبي زيد،<ref>البخاري، التاريخ الكبير، حيدر آباد دكن ج2، ص20؛ البلاذري، أنساب الأشراف، مکتبة المثني، | كان يكنى أسامة بأبي يزيد وأبي خارجة، ويحتمل أن يكون أبو يزيد تصحيفا لأبي زيد،<ref>البخاري، التاريخ الكبير، حيدر آباد دكن ج2، ص20؛ البلاذري، أنساب الأشراف، مکتبة المثني، ج 5، ص77؛ أبو نعيم الأصفهاني ابن حبان، مشاهير علماء الأمصار، 1379 هـ، ص11؛ أبو نعيم الأصفهاني، معرفة الصحابة، 1408 هـ، ج 2، ص181.</ref> وبما أن أسامة كان يبلغ من العمر 19 سنة عند [[وفاة النبي]] (ص)، فتقدر ولادته السنة الرابعة من [[البعثة]].<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج 3، ص1125.</ref> | ||
==في عهد النبي(ص)== | ==في عهد النبي(ص)== | ||
هاجر أسامة ووالداه إلى [[المدينة]] مع من [[هجرة النبي|هاجر]] في ذلك الحدث،<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج1، ص238.</ref> ويبدو أنه كان حاضرا في [[معركة بدر]]<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1959م، ج1، | هاجر أسامة ووالداه إلى [[المدينة]] مع من [[هجرة النبي|هاجر]] في ذلك الحدث،<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج1، ص238.</ref> ويبدو أنه كان حاضرا في [[معركة بدر]]<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1959م، ج1، ص 88.</ref> و[[معركة أحد]] كما تشير إلى ذلك معظم الروايات من جملة الأشخاص الذين لم يأذن لهم النبي (ص) بالقتال بسبب صغر سنهم.<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج1، ص 216؛ ابن هشام، السيرة النبوية، دار المعرفة، ج2، ص 66؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1959 هـ، ج1، ص 316.</ref> | ||
ولكنه شارك في [[سرية بشير بن سعد]] لفتح فدك في [[شعبان]] [[سنة 7 للهجرة]]،<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج2، | ولكنه شارك في [[سرية بشير بن سعد]] لفتح فدك في [[شعبان]] [[سنة 7 للهجرة]]،<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج2، ص 723.</ref> وكذلك في سرية غالب بن [[عبد الله الليثي]] في [[صفر]] [[سنة 8 للهجرة]]،<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج2، ص 126.</ref> وكان من جملة الأشخاص الذين لم يتركوا النبي (ص) في [[غزوة حنين]]<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج2، ص 151؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج3، ص 74.</ref> | ||
وقد جاء في الروايات المعروفة بالإفك واللاتي اتهمت من خلالها [[عائشة]]، ويعود معظم أسنادها إليها أن [[النبي (ص)]] تشاور بشأن هذه التهمة مع [[علي (ع)]] وأسامة<ref>الزهري، المغازي النبوية، 1401 هـ، ص119، الواقدي، المغازي، 1966م، ج2، | وقد جاء في الروايات المعروفة بالإفك واللاتي اتهمت من خلالها [[عائشة]]، ويعود معظم أسنادها إليها أن [[النبي (ص)]] تشاور بشأن هذه التهمة مع [[علي (ع)]] وأسامة<ref>الزهري، المغازي النبوية، 1401 هـ، ص119، الواقدي، المغازي، 1966م، ج2، ص 430؛ ابن هشام، السيرة النبوية، دار المعرفة، ج2، ص 301؛ البخاري، صحيح، 1314 هـ، ج3، ص146-147؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج2، ص 615.</ref> وأن الأخير أثنى على عائشة خلافا لعلي (ع)؛ ولكن هذه الروايات نفسها تدل على أن هذه الحادثة وقعت بعد [[غزوة المريسيع]] في [[رمضان]] [[5 للهجرة]]،<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج1، ص 404.</ref> وقد كان أسامة آنذاك أصغر من أن يستشيره النبي (ص) في مثل هذا الأمر المهم. | ||
===قيادته للجيش=== | ===قيادته للجيش=== | ||
من أهم أحداث حياة أسامة هو تعيينه لقيادة جيش [[الإسلام]] من قبل [[النبي (ص)]]، فبادر (ص) بعد عودته من [[حجة الوداع]] إلى إعداد جيش ضم فيه [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] وفيهم كبار [[الصحابة]] لقتال [[الروم]] في البلقاء (منطقة في [[الأردن]]) برئاسة أسامة الذي كان عمره عشرين سنة يقول [[الواقدي]]، ولم يدع النبي من المهاجرين الأوئل إلا دعي إلى الحرب<ref>الواقدي، المغازي، ج 2، ص 1118. </ref> وهناك أخبار تتحدث أن الذين دعوا إلى الجيش هم من أهم شخصيات المهاجرين والأنصار ك[[أبي بكر]]<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج2، | من أهم أحداث حياة أسامة هو تعيينه لقيادة جيش [[الإسلام]] من قبل [[النبي (ص)]]، فبادر (ص) بعد عودته من [[حجة الوداع]] إلى إعداد جيش ضم فيه [[المهاجرين]] و[[الأنصار]] وفيهم كبار [[الصحابة]] لقتال [[الروم]] في البلقاء (منطقة في [[الأردن]]) برئاسة أسامة الذي كان عمره عشرين سنة يقول [[الواقدي]]، ولم يدع النبي من المهاجرين الأوئل إلا دعي إلى الحرب<ref>الواقدي، المغازي، ج 2، ص 1118. </ref> وهناك أخبار تتحدث أن الذين دعوا إلى الجيش هم من أهم شخصيات المهاجرين والأنصار ك[[أبي بكر]]<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج2، ص 146؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، 1414 هـ، ج2، ص 350؛ ابن عساکر، تاريخ مدينة دمشق، 1415 هـ، ج10، ص 139؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1959 هـ، ج1، ص 169 و208.</ref> و[[عمر بن الخطاب]]<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج2، ص 146؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1959 هـ، ج1، ص 169 و208؛ الواقدي، المغازي، 1966 هـ، ج3، ص 1118؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج3، ص 226.</ref> و[[عبد الرحمن بن عوف]] و[[أبو عبيدة بن الجراح]] و[[سعد ابن أبي وقاص]].<ref>ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 1415 هـ، ج2، ص 55؛ الواقدي، المغازي، 1966 هـ، ج3، ص 1118؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، دار صادر، ج2، ص 146.</ref> | ||
وقد عسكر أسامة في الجرف بالقرب من المدينة، وكان المسلمون يسارعون إليه ولكن بعض صحابة جاهروا باعتراضهم على تعيين ولد شاب لقيادة الجيش، وتباطؤوا في إرسال هذا الجيش حتى صعد رسول الله على [[المنبر]] وهو مريض وأكد على تنفيذ أوامره.<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج3، | وقد عسكر أسامة في الجرف بالقرب من المدينة، وكان المسلمون يسارعون إليه ولكن بعض صحابة جاهروا باعتراضهم على تعيين ولد شاب لقيادة الجيش، وتباطؤوا في إرسال هذا الجيش حتى صعد رسول الله على [[المنبر]] وهو مريض وأكد على تنفيذ أوامره.<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج3، ص 1117؛ ابن هشام، السيرة النبوية، دار المعرفة، ج2، ص 650.</ref> | ||
يقول الواقدي:<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج3، | يقول الواقدي:<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج3، ص 1118.</ref> إن هذا الجيش لم يتحرك حتى بعد 14 يوما من صدور أمر النبي (ص)، ويبدو أن مرض النبي كانت الذريعة على عصيان الصحابة من اللحوق به، وكانت [[أم أيمن]] والدة أسامة من الذين طالبت النبي (ص) بتأخير حركة الجيش حتى يشفى من مرضه لكن رفض النبي ذلك،<ref>الواقدي، المغازي، 1966 هـ، ج3، ص 1119؛ ابن عساکر، تاريخ مدينة دمشق، 1415 هـ، ج2، ص 56.</ref> ورغم تأكيد النبي(ص) على تنفيذ جيش أسامة،<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج4، ص 45.</ref> لكن هناك الكثير ممن دعي إلى الجيش خالف الأمر حتى توفي النبي (ص)، وعندما تولى أبو بكر الخلافة وجه في الفور أسامة لتنفيذ المهمة التي كان النبي (ص) قد كلفه بها. | ||
===حب النبي(ص) إياه=== | ===حب النبي(ص) إياه=== | ||
هناك [[رواية|روايات]] كثيرة تدل على [[الحب والبغض|الحب]] البالغ الذي كان يكنّه له النبي (ص)؛ فقد قيل أن أسامة كان مع النبي (ص) عندما دخل [[الكعبة]] أثناء [[فتح مكة]].<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج2، | هناك [[رواية|روايات]] كثيرة تدل على [[الحب والبغض|الحب]] البالغ الذي كان يكنّه له النبي (ص)؛ فقد قيل أن أسامة كان مع النبي (ص) عندما دخل [[الكعبة]] أثناء [[فتح مكة]].<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج2، ص 834؛ ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج4، ص 64؛ ابن حنبل، المسند، 1313 هـ، ج5، ص 210.</ref> وقد خص في بعض كتب الحديث أيضا بابا تحت عنوان مناقب أسامة،<ref>الترمذي، السنن، 1401 هـ، ج5، ص 678-677؛ ابن أبي شيبة، المصنف، 1403 هـ، ج12، ص 138.</ref> لكن يبدو أن مثل هذه الروايات وضعت في مقابل الروايات الدالة على حب النبي (ص) الشديد ل[[أهل البيت (ع)]]، أي [[الإمام علي (ع)]] والإمامين [[الحسن المجتبى|الحسن]] و[[الحسين (ع)]].<ref>الطبراني، المعجم الكبير، 1398 هـ، ج1، ص 121؛ ابن عبد البر، الإستيعاب، 1380 هـ، ج1، ص 76؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، 1405 هـ، ج2، ص 498.</ref> | ||
===روايته للحديث النبوي=== | ===روايته للحديث النبوي=== | ||
كان أسامة من رواة أحاديث النبي (ص)، ونقل عن أبيه بعض الأحاديث،<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج1، | كان أسامة من رواة أحاديث النبي (ص)، ونقل عن أبيه بعض الأحاديث،<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج1، ص 135و214؛ ابن أبي عاصم، الأحاد والمثاني، 1411 هـ، ج1، ص 201-199.</ref> وروى عن أسامة أشخاص مثل أبي عثمان النهدي، وعروة ابن الزبير، والبعض الآخر من التابعين.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، 1405 هـ، ج2، ص 497و507؛ المزّي، التهذيب الكمال، 1404 هـ، ج2، ص 340-338.</ref> | ||
وقد ذكرت المصادر مسنداً لأسامة ألفّه محمد بن عبد الله البغوي وهو من علماء [[أهل السنة]] في [[القرن الثالث للهجرة]]، وأشار [[ابن نديم]] إلى هذا المسند في كتابه الفهرست.<ref>ابن حنبل، المسند، 1313 هـ، ج5، | وقد ذكرت المصادر مسنداً لأسامة ألفّه محمد بن عبد الله البغوي وهو من علماء [[أهل السنة]] في [[القرن الثالث للهجرة]]، وأشار [[ابن نديم]] إلى هذا المسند في كتابه الفهرست.<ref>ابن حنبل، المسند، 1313 هـ، ج5، ص 199 ؛ الطبراني، المعجم الكبير، 1398 هـ، ج1، ص 122.</ref> | ||
==في عهد الخلفاء الثلاثة== | ==في عهد الخلفاء الثلاثة== | ||
===زمن أبي بكر=== | ===زمن أبي بكر=== | ||
عندما تولى [[أبو بكر]] [[الخلافة]] وجه في الفور أسامة لتنفيذ المهمة التي كان النبي (ص) قد كلفه بها، ولم يعر أهمية لاعتراضات الصحابة الكبار، وطلب من أسامة أن يترك عمر لمساعدة الخليفة، وشايع أسامة بنفسه ماشيا.<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج3، | عندما تولى [[أبو بكر]] [[الخلافة]] وجه في الفور أسامة لتنفيذ المهمة التي كان النبي (ص) قد كلفه بها، ولم يعر أهمية لاعتراضات الصحابة الكبار، وطلب من أسامة أن يترك عمر لمساعدة الخليفة، وشايع أسامة بنفسه ماشيا.<ref>الواقدي، المغازي، 1966م، ج3، ص 1122-1121؛ اليعقوبي، التاريخ، 1379 هـ، ج2، ص 127؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج3، ص 223 نقلا عن سيف بن عمر.</ref> انطلق أسامة بجيشه إلى منطقة البلقاء – في [[الشام]]- وهجم على قرية اُبنى، واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ويقتل قاتل أبيه كما تفيد بذلك بعض الروايات، ثم عاد إلى [[المدينة]] بعد 40، أو 60 يوما، واستقبل أهل المدينة -الذين كانوا يخشون ارتداد القبائل العربية- نبأ انتصاره بالفرح والسرور.<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج1، ص 191؛ اليعقوبي، التاريخ، 1379 هـ، ج2، ص 127؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج3، ص 227.</ref> واستخلف أبو بكر أسامة أيضا عندما خرج بنفسه من المدينة لمحاربة المرتدين في ذي القصة.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج3، ص 247-241.</ref> | ||
كما روي أن أسامة كان قائدا للجناح الأيسر في جيش [[خالد بن الوليد]] عند قتال [[مسيلمة الكذاب]]، وذلك في رواية غير مشهورة.<ref>ابن أعثم الكوفي، الفتوح، 1388 هـ، ج1، | كما روي أن أسامة كان قائدا للجناح الأيسر في جيش [[خالد بن الوليد]] عند قتال [[مسيلمة الكذاب]]، وذلك في رواية غير مشهورة.<ref>ابن أعثم الكوفي، الفتوح، 1388 هـ، ج1، ص 32-31.</ref> | ||
يبدو من بعض المصادر أن أسامة لم يكن في البدء موافقا على خلافة أبي بكر، ويبدو هذا الموضوع واضحا بشكل كامل في الجواب الشديد اللهجة الذي بعثه أسامة إليه،<ref>السدابادي، المقنع في الإمامة، 1414 هـ، | يبدو من بعض المصادر أن أسامة لم يكن في البدء موافقا على خلافة أبي بكر، ويبدو هذا الموضوع واضحا بشكل كامل في الجواب الشديد اللهجة الذي بعثه أسامة إليه،<ref>السدابادي، المقنع في الإمامة، 1414 هـ، ص 142-143؛ ابن طاووس، اليقين في امرة اميرالمؤمنين، 1369 هـ، ص 95.</ref> ولكن مع الأخذ بنظر الاعتبار بعضاً من مضامين تلك الرسالة التي يلاحظ فيها طابع المناظرات الكلامية التالية حول موضوع [[السقيفة]]، وكذلك مواقف أسامة الأخرى في تأييد الخلافة، فإن هذه الرسالة تبدو مختلقة حتى إن هناك رواية تفيد بأن أسامة كان بعد وفاة النبي (ص) ينتظر الأمر من أبي بكر.<ref>الزهري، المغازي النبوية، 1401 هـ، ص 174.</ref> | ||
===زمن عمر=== | ===زمن عمر=== | ||
لا تتوفر لدينا معلومات كثيرة عن أسامة في عهد خلافة عمر، وقصارى ما نعرفه استنادا إلى بعض الروايات أن عمر خصص له أثناء تقسيم العطايا في [[20 هـ]] خصه أكثر من الآخرين، بل أكثر من ابنه [[عبد الله بن عمر|عبد الله]]، وهذا التفضيل يعود إلى حب النبي (ص) الخاص لأسامة حسب قول [[عمر بن الخطاب|عمر]].<ref>البلاذري، فتوح البلدان، 1956م، ج3، ص551؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، 1380 هـ، ج1، | لا تتوفر لدينا معلومات كثيرة عن أسامة في عهد خلافة عمر، وقصارى ما نعرفه استنادا إلى بعض الروايات أن عمر خصص له أثناء تقسيم العطايا في [[20 هـ]] خصه أكثر من الآخرين، بل أكثر من ابنه [[عبد الله بن عمر|عبد الله]]، وهذا التفضيل يعود إلى حب النبي (ص) الخاص لأسامة حسب قول [[عمر بن الخطاب|عمر]].<ref>البلاذري، فتوح البلدان، 1956م، ج3، ص551؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، 1380 هـ، ج1، ص 76؛ أبو نعيم الأصفهاني، معرفة الصحابة، 1408 هـ، ج2، ص 182.</ref> | ||
===زمن عثمان=== | ===زمن عثمان=== | ||
وفي خلافة [[عثمان بن عفان|عثمان]] كان أسامة من ضمن الصحابة الذين منحهم [[الخليفة]] قطعة من الأرض،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1394 هـ، ج2، | وفي خلافة [[عثمان بن عفان|عثمان]] كان أسامة من ضمن الصحابة الذين منحهم [[الخليفة]] قطعة من الأرض،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1394 هـ، ج2، ص 335.</ref> وعندما ثار [[المسلمون]] على عثمان وولاته، كلف أسامة من جانبه بأن يذهب إلى [[البصرة]]، ويطلع على ما يدور في هذه المدينة من قضايا ومشاكل.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج4، ص 341، نقلا عن سيف بن عمر.</ref> | ||
وقيل إن جماهير المسلمين عندما ضيقوا الخناق على عثمان تنبأ أسامة بمقتل عثمان، وطلب من [[علي (ع)]] أن يغادر [[المدينة]] كي لا يتهم بقتل عثمان.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، مکتبة المثني، ج5، | وقيل إن جماهير المسلمين عندما ضيقوا الخناق على عثمان تنبأ أسامة بمقتل عثمان، وطلب من [[علي (ع)]] أن يغادر [[المدينة]] كي لا يتهم بقتل عثمان.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، مکتبة المثني، ج5، ص 77؛ ابن أعثم الكوفي، الفتوح، 1389 هـ، ج2، ص 227.</ref> | ||
==في عهد الإمام علي(ع)== | ==في عهد الإمام علي(ع)== | ||
كان أسامة عندما تولى الإمام علي (ع) الخلافة من ضمن [[الصحابة]] الذين امتنعوا عن مبايعة الإمام مثل سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج4، | كان أسامة عندما تولى الإمام علي (ع) الخلافة من ضمن [[الصحابة]] الذين امتنعوا عن مبايعة الإمام مثل سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم.<ref>الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 1387 هـ، ج4، ص 431؛ المسعودي، مروج الذهب، 1970م، ج3، ص 204؛ ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج3، ص 31.</ref> وقد ذكر الإمام (ع) في خطبة له تخلفهم هذا والألم يحز في نفسه.<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج1، ص 243-244.</ref> وقد تركهم الإمام لحالهم رغم إصرار عمار بن ياسر على أخذ البيعة منهم.<ref>ابن أعثم الكوفي، الفتوح، 1389 هـ، ج2، ص 256.</ref> | ||
===اعتزاله من حرب الجمل=== | ===اعتزاله من حرب الجمل=== | ||
عندما عزم [[أمير المؤمنين]] (ع) على القتال في حرب الجمل، اعتزل أسامة الحرب؛ لأنه كان قد أقسم على أن لا يقاتل أي ناطق بشهادة لا إله إلا الله،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1394 هـ، ج2، | عندما عزم [[أمير المؤمنين]] (ع) على القتال في حرب الجمل، اعتزل أسامة الحرب؛ لأنه كان قد أقسم على أن لا يقاتل أي ناطق بشهادة لا إله إلا الله،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1394 هـ، ج2، ص 208؛ الدينوري، ص 143؛ المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 96-95.</ref> بل قيل إنه كان يحذر الإمام (ع) من التسرع في بدء الحرب،<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 240.</ref> مع كل ذلك، فقد كان أسامة بناء على بعض الروايات يظهر الطاعة والحب لأمير المؤمنين (ع)، ولم يكن يخالفه إلا في الحرب.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1394 هـ، ج2، ص 208؛ المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 95.</ref> | ||
==الوفاة== | ==الوفاة== | ||
عندما مرض أسامة قبل وفاته جاء [[الإمام الحسين (ع)]] لعيادته، فكان ينادي: واغماه، فسأله الإمام عن ذلك، فرد إسامة أنه للدين الذي عليه، فقال الإمام أنا أقضي عنك دينك، فقضى (ع) عنه قبل موته.<ref>ابن شهر آشوب المازندراني، المناقب، 1379 هـ، ج4، | عندما مرض أسامة قبل وفاته جاء [[الإمام الحسين (ع)]] لعيادته، فكان ينادي: واغماه، فسأله الإمام عن ذلك، فرد إسامة أنه للدين الذي عليه، فقال الإمام أنا أقضي عنك دينك، فقضى (ع) عنه قبل موته.<ref>ابن شهر آشوب المازندراني، المناقب، 1379 هـ، ج4، ص 65.</ref> | ||
اختلف الروايات فيما يتعلق بالتاريخ الدقيق لوفاة أسامه فذكر البعض أن وفاته كانت في السنوات الأخيرة من خلافة [[معاوية]] (58 أو 59 هـ)<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج4، | اختلف الروايات فيما يتعلق بالتاريخ الدقيق لوفاة أسامه فذكر البعض أن وفاته كانت في السنوات الأخيرة من خلافة [[معاوية]] (58 أو 59 هـ)<ref>ابن سعد، الطبقات الکبري، دار صادر، ج4، ص 72؛ أبو نعيم الأصفهاني، معرفة الصحابة، 1408 هـ، ج2، ص 182؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، 1380 هـ، ج1، ص 75و77؛ ابن الأثير، أسد الغابة، 1285 هـ، ج1، ص 66.</ref> ولكن استنادا إلى ما قيل من أ نه كان يبلغ من العمر عند وفاته 60 عاما،<ref>الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، 1342 هـ، ج3، ص 596.</ref> وأنه ولد حوالي [[السنة الرابعة للبعثة]] فمن المفترض أن وفاته كانت في حدود [[سنة 52 للهجرة|سنة 52 هـ]]، ورأى ابن عبد البر<ref>الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، 1342 هـ، ج3، ص 596.</ref> أن [[سنة 54 للهجرة|سنة 54 هـ]] أكثر صحة<ref>ابن الأثير، أسد الغابة، 1285 هـ، ج1، ص 66.</ref> وذكر في رواية شاذة جدا أنه توفي بعد [[مقتل عثمان]]، وهي تتناقض مع الأخبار التاريخية الأخرى.<ref>ابن حبان، مشاهير علماء الأمصار، 1379 هـ، ص 11؛ أبو نعيم الأصفهاني، معرفة الصحابة، 1408 هـ، ج2، ص 182.</ref> | ||
روي عن [[الإمام الباقر (ع)]] أن الإمام الحسن (ع) هو الذي [[التكفين|كفن]] أسامة<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، 1427 هـ، ج1، | روي عن [[الإمام الباقر (ع)]] أن الإمام الحسن (ع) هو الذي [[التكفين|كفن]] أسامة<ref>الطوسي، اختيار معرفة الرجال، 1427 هـ، ج1، ص 164.</ref> | ||
==الأبحاث الكلامية== | ==الأبحاث الكلامية== | ||
سطر ٨٨: | سطر ٨٨: | ||
===جيش أسامة=== | ===جيش أسامة=== | ||
{{مفصلة|جيش أسامة}} | {{مفصلة|جيش أسامة}} | ||
إن موضوع "جيش أسامة" يعتبر من أهم المسائل الجدلية وكلامية في حياته، والقضية الرئيسة التي يتم مناقشتها في هذا المجال هي حضور [[أبي بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]] وكبار [[الصحابة]] الآخرين في جيش كان قد أمر النبي (ص) بأن يتولى أسامة قيادته، وأن ينطلق في أسرع وقت ممكن، وقد أدى ذلك إلى أن تشير الفرق -المختلفة خلال تناولها هذا الموضوع- إلى شخصية أسامة أيضا، وعلى سبيل المثال، فقد رأى [[الجاحظ]] –الذي كان من [[المعتزلة]]- أن توليه للقيادة دليل على فضله،<ref>الجاحظ، العثمانية، 1374 هـ، | إن موضوع "جيش أسامة" يعتبر من أهم المسائل الجدلية وكلامية في حياته، والقضية الرئيسة التي يتم مناقشتها في هذا المجال هي حضور [[أبي بكر]] و[[عمر بن الخطاب|عمر]] وكبار [[الصحابة]] الآخرين في جيش كان قد أمر النبي (ص) بأن يتولى أسامة قيادته، وأن ينطلق في أسرع وقت ممكن، وقد أدى ذلك إلى أن تشير الفرق -المختلفة خلال تناولها هذا الموضوع- إلى شخصية أسامة أيضا، وعلى سبيل المثال، فقد رأى [[الجاحظ]] –الذي كان من [[المعتزلة]]- أن توليه للقيادة دليل على فضله،<ref>الجاحظ، العثمانية، 1374 هـ، ص 147-146.</ref> وأكد بشكل خاص على تأييده للخلفاء بعد النبي (ص).<ref>الجاحظ، العثمانية، 1374 هـ، ص 168-167.</ref> كما أشير إلى إمرة أسامة وموضوع جيشه في بحث صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل،<ref>الناشئ الأكبر، مسائل الإمامة، 1971 هـ، ص 51.</ref> ولكن [[الإمامية]] الذين ينظرون إلى حادثة "إنفاذ جيش أسامة" بشكل آخر من الناحية التاريخية تحدثوا في المباحث [[علم الكلام|الكلامية]] عن أبي بكر وتخلفه عن الحضور في جيش أسامة بلهجة جادة،<ref>أبو القاسم الكوفي، الاستغاثة، 1386 هـ، ج1، ص 26-25؛ السيد المرتضى، الشافي في الإمامة، 1410 هـ، ج4، ص 144.</ref> بل إن هذا الموضوع أصبح، فضلا عن تخصيص باب مستقل عنه، موضوعا لرسالة مستقلة لأحد علماء الإمامية في القرن 11 هـ، ويدعى محمد بن الحسن الشيرواني تحت عنوان جيش أسامة.<ref>آغا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، 1403 هـ، ج5، ص 304.</ref> | ||
===امتناعه من بيعة الإمام علي(ع)=== | ===امتناعه من بيعة الإمام علي(ع)=== | ||
إن قضية تخلف أسامة عن [[مبايعة]] أمير المؤمنين [[علي (ع)]]، ثم اعتزاله لأحداث هذا العصر؛ من القضايا التي أدى إلى أن البعض يعتبر أسامة مع عدد آخر من الصحابة جزء من فرقة خاصة.<ref>الناشئ الأكبر، مسائل الإمامة، 1971 هـ، | إن قضية تخلف أسامة عن [[مبايعة]] أمير المؤمنين [[علي (ع)]]، ثم اعتزاله لأحداث هذا العصر؛ من القضايا التي أدى إلى أن البعض يعتبر أسامة مع عدد آخر من الصحابة جزء من فرقة خاصة.<ref>الناشئ الأكبر، مسائل الإمامة، 1971 هـ، ص 16؛ النوبختي، فرق الشيعة، 1931 هـ، ص 5.</ref> ويثني أهل الحديث على أسامة والصحابة الآخرين بسبب ابتعادهم عن "الفتنة"،<ref>الخياط، الانتصار، 1344 هـ، ص 143 أورد رأي أهل الحديث؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، 1380 هـ، ج1، ص 77 نقلا عن الوکيع؛ ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، 1322 هـ، ج2، ص 178.</ref> لكن علماء الإمامية وبعض المعتزلة انتقدوا بشدة هذا الموقف من أسامة والصحابة الآخرين.<ref>الإسكافي، المعيار والموازنة، 1402 هـ، ص 35-34و22و21؛ المفيد، الجمل، 1413ق، 51و94و97.</ref> ومع كل ذلك، فقد نقل في بعض مصادر الحديث عن الأئمة (ع) أن أسامة عدل عن رأيه فيما بعد؛ ولذلك يجب أن لا يذكر إلا بالخير، بل إن أمير المؤمنين (ع) استنادا إلى هذه المصادر نفسها قبل عذره في عدم تأييده له، وكتب إلى عامله في [[المدينة]] بأن يخصص لأسامة بعض العطايا.<ref>البرقي، الرجال1342 ش، ص 51-50.</ref> | ||
==الهوامش== | ==الهوامش== | ||
سطر ١٢٤: | سطر ١٢٤: | ||
* البخاري، اسماعيل، صحيح البخاري، بولاق، 1314 هـ. | * البخاري، اسماعيل، صحيح البخاري، بولاق، 1314 هـ. | ||
* البرقي، أحمد، رجال، تحقيق: جلال الدين محدث ارموي، طهران، 1342 ش. | * البرقي، أحمد، رجال، تحقيق: جلال الدين محدث ارموي، طهران، 1342 ش. | ||
* البلاذري، أحمد، أنساب الاشراف، | * البلاذري، أحمد، أنساب الاشراف، ج 1، تحقيق: محمد حميد الله، القاهرة، 1959م، ج 2، تحقيق: محمد باقر محمودي، بيروت، 1394 هـ/1974م، ج 4 (1)، تحقيق: ماكس شلوسينكر، بيت المقدس، 1971م، ج 5، بغداد، مكتبة المثنى. | ||
* البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تحقيق: صلاح الدين منجد، القاهرة، 1956 م. | * البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، تحقيق: صلاح الدين منجد، القاهرة، 1956 م. | ||
* الترمذي، محمد، سنن، تحقيق: إبراهيم عطه عرض، استانبول، 1401 هـ/1981 م. | * الترمذي، محمد، سنن، تحقيق: إبراهيم عطه عرض، استانبول، 1401 هـ/1981 م. |