انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عثمان بن عفان»

imported>Alkazale
imported>Alkazale
سطر ١٥١: سطر ١٥١:
قام مجموعة من [[الصحابة]]، وبعض [[المسلمين]] بالثورة عليه بعد أن نقموا عليه بسبب بعض أعماله، ودارت أحداث كثير فيها وكانت [[سنة 35 هـ]]، وهي:
قام مجموعة من [[الصحابة]]، وبعض [[المسلمين]] بالثورة عليه بعد أن نقموا عليه بسبب بعض أعماله، ودارت أحداث كثير فيها وكانت [[سنة 35 هـ]]، وهي:
===أسباب الثورة===
===أسباب الثورة===
قال [[اليعقوبي |اليعقوبي]]: ونقم الناس على عثمان بعد ولايته بست سنين، وتكلّم فيه من تكلّم، وقالوا: آثر القرباء، وحمى الحمى، وبنى الدار، واتخذ الضياع والأموال بمال [[الله]] و[[المسلمين]]، ونفى [[أبو ذر الغفاري|أبا ذر]] صاحب [[رسول الله]]{{صل}}، و[[عبد الرحمن بن حنبل |عبد الرحمن بن حنبل]]، وآوى [[الحكم بن أبي العاص]]، و[[عبد الله بن سعد بن أبي سرح]] [[طريدي]] رسول الله{{صل}}، وأهدر دم [[الهرمزان]]، ولم يقتل [[عبيد الله بن عمر]] به، وولى [[الوليد بن عقبة]] [[الكوفة]]، فأحدث في [[الصلاة]] ما أحدث، فلم يمنعه ذلك من إعادته إياه، وأجاز [[الرجم]]، وذلك أنه كان رجم امرأة من [[جهينة]] دخلت على زوجها، فولدت لستة أشهر، فأمر عثمان برجمها، فلما أخرجت دخل إليه [[علي بن أبي طالب]]، فقال: إن [[الله]] {{عز وجل}} يقول: {{قرآن| '''وحمله وفصاله ثلاثون شهراً'''}}، وقال في رضاعه {{قرآن| '''حولين كاملين'''}}، فأرسل عثمان في أثر المرأة، فوجدت قد رجمت وماتت، واعترف الرجل بالولد.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص176.</ref>
قال [[اليعقوبي |اليعقوبي]]: ونقم الناس على عثمان بعد ولايته بست سنين، وتكلّم فيه من تكلّم، وقالوا: آثر القرباء، وحمى الحمى، وبنى الدار، واتخذ الضياع والأموال بمال [[الله]] و[[المسلمين]]، ونفى [[أبو ذر الغفاري|أبا ذر]] صاحب [[رسول الله]]{{صل}}، و[[عبد الرحمن بن حنبل |عبد الرحمن بن حنبل]]، وآوى [[الحكم بن أبي العاص]]، و[[عبد الله بن سعد بن أبي سرح]] [[طريدي]] رسول الله{{صل}}، وأهدر دم [[الهرمزان]]، ولم يقتل [[عبيد الله بن عمر]] به، وولى [[الوليد بن عقبة]] [[الكوفة]]، فأحدث في [[الصلاة]] ما أحدث، فلم يمنعه ذلك من إعادته إياه، وأجاز [[الرجم]]، وذلك أنه كان رجم امرأة من [[جهينة]] دخلت على زوجها، فولدت لستة أشهر، فأمر عثمان برجمها، فلما أخرجت دخل إليه [[علي بن أبي طالب]]، فقال: إن [[الله]] {{عز وجل}} يقول: {{قرآن| '''وحمله وفصاله ثلاثون شهراً'''}}، وقال في رضاعه {{قرآن| '''حولين كاملين'''}}، فأرسل عثمان في أثر المرأة، فوجدت قد رجمت وماتت، واعترف الرجل بالولد.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص 176.</ref>


===المعترضون والمحرضون عليه===
===المعترضون والمحرضون عليه===
*'''جمع من [[الصحابة]]''': لقد كتب جمع من أهل [[المدينة]] من الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق منهم: إن أردتم [[الجهاد]] فهلمُّوا إليه فإنَّ دين [[محمد (ص)|محمد]]{{صل}} قد أفسده خليفتكم فأقيموه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص537.</ref>
*'''جمع من [[الصحابة]]''': لقد كتب جمع من أهل [[المدينة]] من الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق منهم: إن أردتم [[الجهاد]] فهلمُّوا إليه فإنَّ دين [[محمد (ص)|محمد]]{{صل}} قد أفسده خليفتكم فأقيموه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 537.</ref>
*'''[[عبد الرحمن بن عوف]]''': لقد كان عبد الرحمن بن عوف من المعترضين كثيراً على عثمان وأعماله، فقد روي عن [[أبي إسحاق |أبي إسحاق]]: أن الناس ضجوا في يوم حين صلوا الفجر في أيام حكم عثمان، فنادوا ب[[عبد الرحمن بن عوف]]، فحوّل وجهه واستدبر [[القبلة]]، ثم خلع قميصه، فقال: يا معشر أصحاب [[محمد (ص)|محمد]]، يا معشر [[المسلمين]]، أُشهد الله وأُشهدكم أني قد خلعت عثمان من [[الخلافة]] كما خلعت سربالي هذا، فأجابه [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{ع}} بقوله تعالى: {{قرآن| '''آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ'''}}.<ref>قرآن كريم، يونس، الأية91.</ref> <ref>أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص281.</ref>  
*'''[[عبد الرحمن بن عوف]]''': لقد كان عبد الرحمن بن عوف من المعترضين كثيراً على عثمان وأعماله، فقد روي عن [[أبي إسحاق |أبي إسحاق]]: أن الناس ضجوا في يوم حين صلوا الفجر في أيام حكم عثمان، فنادوا ب[[عبد الرحمن بن عوف]]، فحوّل وجهه واستدبر [[القبلة]]، ثم خلع قميصه، فقال: يا معشر أصحاب [[محمد (ص)|محمد]]، يا معشر [[المسلمين]]، أُشهد الله وأُشهدكم أني قد خلعت عثمان من [[الخلافة]] كما خلعت سربالي هذا، فأجابه [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{ع}} بقوله تعالى: {{قرآن| '''آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ'''}}.<ref>قرآن كريم، يونس، الأية91.</ref> <ref>أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص 281.</ref>  
*'''[[عمرو بن العاص]]''': لما عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن ولاية [[مصر]] انتقل إِلى [[المدينة]] وفي نفسه من عثمان أمر عظيم، وشر كبير، فكلَّمه فيما كان من أَمره بِنَفسٍ، وتقاولا في ذلك، وافتخر عمرو بن العاص بأَبيه على أَبي عثمان، وأَنَّهُ كان أَعزَّ منهُ، فقال لهُ عثمان: دع هذا فإِنه من أمر [[الجاهلية|الجاهليَّة]]، وجعل عمرو بن العاص [[يُؤلبُ]] الناس على [[عثمان بن عفان|عثمان]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج10، ص270-271.</ref>
*'''[[عمرو بن العاص]]''': لما عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن ولاية [[مصر]] انتقل إِلى [[المدينة]] وفي نفسه من عثمان أمر عظيم، وشر كبير، فكلَّمه فيما كان من أَمره بِنَفسٍ، وتقاولا في ذلك، وافتخر عمرو بن العاص بأَبيه على أَبي عثمان، وأَنَّهُ كان أَعزَّ منهُ، فقال لهُ عثمان: دع هذا فإِنه من أمر [[الجاهلية|الجاهليَّة]]، وجعل عمرو بن العاص [[يُؤلبُ]] الناس على [[عثمان بن عفان|عثمان]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 10، ص 270-271.</ref>
*'''[[عمار بن ياسر]]''': عاتب [[سعد بن أبي وقاص]] [[عمار بن ياسر]] بعد قتل عثمان بقوله: لقد كنت عندنا من أفاضل [[الصحابة|أصحاب محمد]]{{صل}}، حتى إذا لم يبق من عمرك إلا ظمىء الحمار فعلت وفعلت - يعرض له بقتل عثمان -، فقال عمار: أي شيء أحب إليك: مودة على دخل أو هجر جميل، فقال: هجر جميل، قال: فلله عليَّ أن لا أكلّمك أبدا.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص 46.</ref>
*'''[[عمار بن ياسر]]''': عاتب [[سعد بن أبي وقاص]] [[عمار بن ياسر]] بعد قتل عثمان بقوله: لقد كنت عندنا من أفاضل [[الصحابة|أصحاب محمد]]{{صل}}، حتى إذا لم يبق من عمرك إلا ظمىء الحمار فعلت وفعلت - يعرض له بقتل عثمان -، فقال عمار: أي شيء أحب إليك: مودة على دخل أو هجر جميل، فقال: هجر جميل، قال: فلله عليَّ أن لا أكلّمك أبدا.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 46.</ref>
*'''[[طلحة بن عبيد الله]]''': روي عن [[عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة]] أنه دخل على عثمان بن عفان وقت حصاره في بيته من قبل الثوار، فسمع كلام الثوار فمرَّ عليهم [[طلحة بن عبيد الله]] ودعى [[عبد الرحمن بن عديس البلوي|ابن عديس]] وناجاه، ثم رجع ابن عديس وقال لأصحابه: لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل، ولا يخرج من عنده، فقال عثمان: هذا ما أمر به طلحة بن عبيد الله، ثم قال عثمان: اللهم اكفني طلحة بن عبيد اللَّه، فإنه حمل عليّ هؤلاء وألبهم، واللَّه إني لأرجو أن يكون منها صِفرًا، وأن يُسفَكَ دَمه، إنَّه انتهكَ مني ما لا يحلُّ لهُ.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص378 - 379.</ref>
*'''[[طلحة بن عبيد الله]]''': روي عن [[عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة]] أنه دخل على عثمان بن عفان وقت حصاره في بيته من قبل الثوار، فسمع كلام الثوار فمرَّ عليهم [[طلحة بن عبيد الله]] ودعى [[عبد الرحمن بن عديس البلوي|ابن عديس]] وناجاه، ثم رجع ابن عديس وقال لأصحابه: لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل، ولا يخرج من عنده، فقال عثمان: هذا ما أمر به طلحة بن عبيد الله، ثم قال عثمان: اللهم اكفني طلحة بن عبيد اللَّه، فإنه حمل عليّ هؤلاء وألبهم، واللَّه إني لأرجو أن يكون منها صِفرًا، وأن يُسفَكَ دَمه، إنَّه انتهكَ مني ما لا يحلُّ لهُ.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 378 - 379.</ref>
*'''[[الزبير بن العوام]]''': قال اليعقوبي: وحصر [[ابن عديس البلوي |ابن عديس البلوي]] عثمان في داره، فناشدهم الله، ثم نشد مفاتيح الخزائن، فأتوا بها إلى طلحة بن عبيد الله، وعثمان محصور في داره، وكان أكثر من يؤلّب عليه [[طلحة ابن عبيدالله|طلحة]] و[[الزبير بن العوام|الزبير]] و[[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص176.</ref>
*'''[[الزبير بن العوام]]''': قال اليعقوبي: وحصر [[ابن عديس البلوي |ابن عديس البلوي]] عثمان في داره، فناشدهم الله، ثم نشد مفاتيح الخزائن، فأتوا بها إلى طلحة بن عبيد الله، وعثمان محصور في داره، وكان أكثر من يؤلّب عليه [[طلحة ابن عبيدالله|طلحة]] و[[الزبير بن العوام|الزبير]] و[[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص 176.</ref>
*'''[[عائشة بنت أبي بكر]]''': دخل [[المغيرة بن شعبة]] على عائشة، فقالت: يا أبا عبد الله لو رأيتني [[معركة الجمل|يوم الجمل]] قد نفذت النصال هودجي، حتى وصل بعضها إلى جلدي، فقال لها المغيرة: وددت والله أن بعضها كان قتلك، فقالت: يرحمك الله، ولم تقول هذا؟ قال: لعلها تكون كفّارة في سعيك على عثمان، فقالت: أما والله لئن قلت ذلك لما علم الله أني أردت قتله، ولكن علم الله أني أردتُ أن يُقاتل فَقوتلتْ، وأردتُ أن يُرمى فرُميتْ، وأردتُ أن يُعصى فعُصيتْ؛ ولو عَلِمَ مني أني أردت قتله لقُتلت.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص46.</ref>
*'''[[عائشة بنت أبي بكر]]''': دخل [[المغيرة بن شعبة]] على عائشة، فقالت: يا أبا عبد الله لو رأيتني [[معركة الجمل|يوم الجمل]] قد نفذت النصال هودجي، حتى وصل بعضها إلى جلدي، فقال لها المغيرة: وددت والله أن بعضها كان قتلك، فقالت: يرحمك الله، ولم تقول هذا؟ قال: لعلها تكون كفّارة في سعيك على عثمان، فقالت: أما والله لئن قلت ذلك لما علم الله أني أردت قتله، ولكن علم الله أني أردتُ أن يُقاتل فَقوتلتْ، وأردتُ أن يُرمى فرُميتْ، وأردتُ أن يُعصى فعُصيتْ؛ ولو عَلِمَ مني أني أردت قتله لقُتلت.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 46.</ref>


===الثوار والقبائل الثائرة===
===الثوار والقبائل الثائرة===
لقد ذكر المؤرخون أن عثمان بن عفان قام بعدة أعمال أيام توليه الحكم جعلت [[صحابة الرسول (ص)|صحابة النبي الأكرم]]{{صل}} و[[المسلمون]] ينقمون عليه، فكتب صحابة [[النبي]]{{صل}} للمسلمين بالأمصار بكتاب قالوا فيه: إن أردتم [[الجهاد]] فهلمُّوا إليه فإنَّ دين محمد {{صل}} قد أفسده خليفتكم فأقيموه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص537.</ref>
لقد ذكر المؤرخون أن عثمان بن عفان قام بعدة أعمال أيام توليه الحكم جعلت [[صحابة الرسول (ص)|صحابة النبي الأكرم]]{{صل}} و[[المسلمون]] ينقمون عليه، فكتب صحابة [[النبي]]{{صل}} للمسلمين بالأمصار بكتاب قالوا فيه: إن أردتم [[الجهاد]] فهلمُّوا إليه فإنَّ دين محمد {{صل}} قد أفسده خليفتكم فأقيموه.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 537.</ref>


:::وكان أشد الناس عليه نقمة أهل [[مصر]] وكان منهم من أبناء [[الصحابة]] ك[[محمد بن أبي بكر]]  و[[محمد بن أبي حذيفة]]، فاستدعا نحواً من ستمائة راكب يذهبون [[المدينة المنورة|للمدينة]] في صفة [[العمرة|معتمرين]] في [[شهر رجب]]، ليُنكروا على عثمان، فكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يُعلمه بقدوم هؤلاء إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين.
:::وكان أشد الناس عليه نقمة أهل [[مصر]] وكان منهم من أبناء [[الصحابة]] ك[[محمد بن أبي بكر]]  و[[محمد بن أبي حذيفة]]، فاستدعا نحواً من ستمائة راكب يذهبون [[المدينة المنورة|للمدينة]] في صفة [[العمرة|معتمرين]] في [[شهر رجب]]، ليُنكروا على عثمان، فكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يُعلمه بقدوم هؤلاء إلى المدينة منكرين عليه في صفة معتمرين.
سطر ١٧١: سطر ١٧١:
:::ولما رجع عثمان إلى بيته جاءه [[مروان بن الحكم]] ولامه على إظهاره [[التوبة]]، وحثه على نكث عهده، وقد تجمّع الناس على باب عثمان، فقال عثمان: إذهب أنت وتكلّم مع الناس فإني استحي أن أكلمهم، فخرج مروان وأغلظ بالكلام على الناس، ونقض كل ما قاله عثمان بإعلان توبته، فرجع بعض الناس ل[[علي]]{{ع}} وأخبروه بالخبر فخرج {{ع}} غاضباً حتى دخل على عثمان وقال له: أما رضيتَ من مروان ولا رضي منك إِلَّا بتحْويلك عن دينك وعقلك، وإِنَّ مثلك مثل جمل الظَّعينة سار حيثُ يسار به، واللَّه ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيمُ اللَّه إِنِّي لأراهُ سيُوردُكَ، ثُم لا يُصدرُكِ، وما أَنَا بعائد بعد مقامِي هذا لمعاتبتك، أَذهبتَ شرفكَ، وغُلبتَ على أَمرِكَ.
:::ولما رجع عثمان إلى بيته جاءه [[مروان بن الحكم]] ولامه على إظهاره [[التوبة]]، وحثه على نكث عهده، وقد تجمّع الناس على باب عثمان، فقال عثمان: إذهب أنت وتكلّم مع الناس فإني استحي أن أكلمهم، فخرج مروان وأغلظ بالكلام على الناس، ونقض كل ما قاله عثمان بإعلان توبته، فرجع بعض الناس ل[[علي]]{{ع}} وأخبروه بالخبر فخرج {{ع}} غاضباً حتى دخل على عثمان وقال له: أما رضيتَ من مروان ولا رضي منك إِلَّا بتحْويلك عن دينك وعقلك، وإِنَّ مثلك مثل جمل الظَّعينة سار حيثُ يسار به، واللَّه ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيمُ اللَّه إِنِّي لأراهُ سيُوردُكَ، ثُم لا يُصدرُكِ، وما أَنَا بعائد بعد مقامِي هذا لمعاتبتك، أَذهبتَ شرفكَ، وغُلبتَ على أَمرِكَ.


:::بعد ان رأى الثوار ما وصلت إليه الأمور ونكث عثمان لوعده وعدم تغيّر شئ وغضب [[علي(ع)|علي]] {{ع}} على [[عثمان بن عفان|عثمان]] تكاتب أهل [[مصر]] وأهل [[الكوفة]] وأهل [[البصرة]] وتراسلوا واتفقوا على السير [[المدينة المنورة|للمدينة]] في سنة [[35 هـ]] في [[شوال]] فسار أهل مصر في أربعة رفاق وأهل الكوفة والبصرة كذلك.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج10، ص270-280.</ref>     
:::بعد ان رأى الثوار ما وصلت إليه الأمور ونكث عثمان لوعده وعدم تغيّر شئ وغضب [[علي(ع)|علي]] {{ع}} على [[عثمان بن عفان|عثمان]] تكاتب أهل [[مصر]] وأهل [[الكوفة]] وأهل [[البصرة]] وتراسلوا واتفقوا على السير [[المدينة المنورة|للمدينة]] في سنة [[35 هـ]] في [[شوال]] فسار أهل مصر في أربعة رفاق وأهل الكوفة والبصرة كذلك.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 10، ص 270-280.</ref>     


فخرج المصريون وفيهم [[عبد الرحمن بن عديس البلوي|عبد الرحمن بن عُديس البلوي]] في خمسمائة، وقيل: في ألف، وفيهم [[كنانة بن بشر الليثي|كنانة بن بشر اللَّيثي]]، و[[سودان بن حمران السكوني]]، و[[قتيرة بن فلان السكوني]]، وعليهم جميعاً [[الغافقي بن حرب العكي|الغافقي بن حرب العَكِّي]]، وخرج أهل [[الكوفة]] وفيهم [[زيد بن صوحان العبدي|زيد بن صُوحان العبدي]]، و[[مالك الأشتر النخعي|الأشتر النخعي]]، و[[زياد بن النضر الحارثي]]، و[[عبد اللَّه بن الأصم العامري]]، وهم في عداد أهل [[مصر]]، وخرج أهل البصرة فيهم [[حكيم بن جبلة العبدي|حُكيم بن جبلة العَبدي]]، وذُريح بن عبَّاد، و[[بشر بن شريح القيسي|بشْر بن شريح القيسي]]، وابن المُحترش، وهم بعداد أهل مصر، وأميرهم [[حرقوص بن زهير|حُرقوص بن زهير السعدي]]، فخرجوا جميعاً في شوال وأظهروا أنهم يريدون [[الحج]].<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص529.</ref>
فخرج المصريون وفيهم [[عبد الرحمن بن عديس البلوي|عبد الرحمن بن عُديس البلوي]] في خمسمائة، وقيل: في ألف، وفيهم [[كنانة بن بشر الليثي|كنانة بن بشر اللَّيثي]]، و[[سودان بن حمران السكوني]]، و[[قتيرة بن فلان السكوني]]، وعليهم جميعاً [[الغافقي بن حرب العكي|الغافقي بن حرب العَكِّي]]، وخرج أهل [[الكوفة]] وفيهم [[زيد بن صوحان العبدي|زيد بن صُوحان العبدي]]، و[[مالك الأشتر النخعي|الأشتر النخعي]]، و[[زياد بن النضر الحارثي]]، و[[عبد اللَّه بن الأصم العامري]]، وهم في عداد أهل [[مصر]]، وخرج أهل البصرة فيهم [[حكيم بن جبلة العبدي|حُكيم بن جبلة العَبدي]]، وذُريح بن عبَّاد، و[[بشر بن شريح القيسي|بشْر بن شريح القيسي]]، وابن المُحترش، وهم بعداد أهل مصر، وأميرهم [[حرقوص بن زهير|حُرقوص بن زهير السعدي]]، فخرجوا جميعاً في شوال وأظهروا أنهم يريدون [[الحج]].<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 529.</ref>


وكان معهم من القبائل: [[خزاعة |خزاعة]]، و[[سعد بن بكر |سعد بن بكر]]، و[[هذيل |هذيل]]، وطوائف من [[جهينة]] و[[مزينة]] و[[أنباط]] [[يثرب]]؛ فهؤلاء كانوا أشدّ الناس عليه.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص51.</ref>
وكان معهم من القبائل: [[خزاعة |خزاعة]]، و[[سعد بن بكر |سعد بن بكر]]، و[[هذيل |هذيل]]، وطوائف من [[جهينة]] و[[مزينة]] و[[أنباط]] [[يثرب]]؛ فهؤلاء كانوا أشدّ الناس عليه.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 51.</ref>


لما وصل الثوار قريب من [[المدينة]] تقدّم أهل [[البصرة]] فنزلوا [[ذا خشب]]، وأهل [[الكوفة]] نزلوا [[الأعوص]]، وأهل [[مصر]] نزلوا ب[[ذي المروة]]،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص349.</ref> فخرج إِليهم [[علي(ع)|علي]]{{ع}} و[[محمد بن مسلمة]] فكلمهم فعادوا ثم رجعوا.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص537.</ref>
لما وصل الثوار قريب من [[المدينة]] تقدّم أهل [[البصرة]] فنزلوا [[ذا خشب]]، وأهل [[الكوفة]] نزلوا [[الأعوص]]، وأهل [[مصر]] نزلوا ب[[ذي المروة]]،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 349.</ref> فخرج إِليهم [[علي(ع)|علي]]{{ع}} و[[محمد بن مسلمة]] فكلمهم فعادوا ثم رجعوا.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 537.</ref>


====كتاب عثمان لواليه في مصر====
====كتاب عثمان لواليه في مصر====
لما رجع الثوار بعد انصرافهم، بسبب كتاب أرسله عثمان إلى واليه على [[مصر]] وجدوه مع غلام عثمان كان في أنبوبة رصاص، وكان الغلام على بعير من إبل الصدقة يأمر فيه عثمان بجلد [[عبد الرحمن بن عديس|عبد الرحمن بن عُديس]]، و[[عمرو بن الحمق]]، و[[عروة بن البيَّاع |عروة بن البيَّاع]]، وحبسهم وحلق رؤوسهم ولحاهم وصلب بعضهم، وعاد الكوفيون والبصريون.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص537.</ref>
لما رجع الثوار بعد انصرافهم، بسبب كتاب أرسله عثمان إلى واليه على [[مصر]] وجدوه مع غلام عثمان كان في أنبوبة رصاص، وكان الغلام على بعير من إبل الصدقة يأمر فيه عثمان بجلد [[عبد الرحمن بن عديس|عبد الرحمن بن عُديس]]، و[[عمرو بن الحمق]]، و[[عروة بن البيَّاع |عروة بن البيَّاع]]، وحبسهم وحلق رؤوسهم ولحاهم وصلب بعضهم، وعاد الكوفيون والبصريون.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 537.</ref>


جمعوا [[علي(ع)|علياً]]{{ع}} و[[طلحة ابن عبيد الله|طلحة]] و[[الزبير بن العوام|الزبير]] و[[سعد بن أبي وقاص|سعد]] ومن كان من [[الصحابة|أصحاب رسول الله]]{{صل}}، ثم فكّوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام، وأقرءوهم الكتاب فلم يبق أحد في [[المدينة]] إلا غضب على عثمان، وازداد من كان منهم غاضباً [[عبد الله بن مسعود|لابن مسعود]] و[[أبو ذر الغفاري|أبي ذر]] و[[عمار بن ياسر]]، غضباً وحنقاً؛ وقام [[أصحاب النبي |أصحاب النبي]]{{صل}} فلحقوا منازلهم، ما منهم أحد إلا وهو مغتمّ بما قرءوا في الكتاب، وحاصر الناس عثمان، وأجلب عليه [[محمد بن أبي بكر]] [[بني تيم |بني تيم]] وغيرهم، وأعانه [[طلحة بن عبيد الله]] على ذلك، وكانت [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] تحرّضه كثيراً، فلما رأى ذلك [[الإمام علي]]{{ع}} بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار، ونفر من أصحاب رسول الله {{صل}}، كلّهم [[بدري |بدري]]؛ ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير، وقال له علي {{ع}}: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. والبعير بعيرك؟ قال: نعم والخاتم خاتمك؟ قال: نعم. قال: فأنت كتبت الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله: ما كتبت الكتاب، ولا أمرت به، ولا وجهت الغلام إلى مصر قطّ، وأما الخط فعرفوا أنه خط [[مروان بن الحكم|مروان]]، فشكّوا في أمر عثمان، وسألوه أن يدفع إليهم مروان، فأبى، وكان مروان عنده في الدار، فخرج [[الصحابة]] من عنده غضابين.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص40-41.</ref>
جمعوا [[علي(ع)|علياً]]{{ع}} و[[طلحة ابن عبيد الله|طلحة]] و[[الزبير بن العوام|الزبير]] و[[سعد بن أبي وقاص|سعد]] ومن كان من [[الصحابة|أصحاب رسول الله]]{{صل}}، ثم فكّوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام، وأقرءوهم الكتاب فلم يبق أحد في [[المدينة]] إلا غضب على عثمان، وازداد من كان منهم غاضباً [[عبد الله بن مسعود|لابن مسعود]] و[[أبو ذر الغفاري|أبي ذر]] و[[عمار بن ياسر]]، غضباً وحنقاً؛ وقام [[أصحاب النبي |أصحاب النبي]]{{صل}} فلحقوا منازلهم، ما منهم أحد إلا وهو مغتمّ بما قرءوا في الكتاب، وحاصر الناس عثمان، وأجلب عليه [[محمد بن أبي بكر]] [[بني تيم |بني تيم]] وغيرهم، وأعانه [[طلحة بن عبيد الله]] على ذلك، وكانت [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] تحرّضه كثيراً، فلما رأى ذلك [[الإمام علي]]{{ع}} بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار، ونفر من أصحاب رسول الله {{صل}}، كلّهم [[بدري |بدري]]؛ ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير، وقال له علي {{ع}}: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. والبعير بعيرك؟ قال: نعم والخاتم خاتمك؟ قال: نعم. قال: فأنت كتبت الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله: ما كتبت الكتاب، ولا أمرت به، ولا وجهت الغلام إلى مصر قطّ، وأما الخط فعرفوا أنه خط [[مروان بن الحكم|مروان]]، فشكّوا في أمر عثمان، وسألوه أن يدفع إليهم مروان، فأبى، وكان مروان عنده في الدار، فخرج [[الصحابة]] من عنده غضابين.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 40-41.</ref>


===حصار بيته===
===حصار بيته===
لما انصرف [[أصحاب النبي]]{{صل}} من عند عثمان بن عفان غضابين، جاء الثوار وحاصروا بيت عثمان وحاصره معهم قوم من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]]،<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص38.</ref> واستمرت مدة الحصار لبيت عثمان أربعين يوماً،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص531.</ref> وكانوا يدخلون على عثمان وهو محصور، فيقولون: انزع لنا، فيقول: لا أنزع سربالاً سربلنيه اللَّه، ولكن أنزعُ عمَّا تكرهون.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج3، ص48-49.</ref>
لما انصرف [[أصحاب النبي]]{{صل}} من عند عثمان بن عفان غضابين، جاء الثوار وحاصروا بيت عثمان وحاصره معهم قوم من [[المهاجرين]] و[[الأنصار]]،<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 38.</ref> واستمرت مدة الحصار لبيت عثمان أربعين يوماً،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 531.</ref> وكانوا يدخلون على عثمان وهو محصور، فيقولون: انزع لنا، فيقول: لا أنزع سربالاً سربلنيه اللَّه، ولكن أنزعُ عمَّا تكرهون.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 3، ص 48-49.</ref>
====اقتحام دار عثمان وسببه====
====اقتحام دار عثمان وسببه====
أثناء فترة حصار بيت عثمان بن عفان قام رجل من أسلم وهو [[نياز بن عياض]]، وكان من [[الصحابة]]، فنادى عثمان، فبينما هو يُناشده أن يعتزلهم إذ رماه [[كثير بن الصلت الكندي]] بسهم فقتله، فقالوا لعثمان: إدفع إلينا قاتلهُ لنقتلهُ به، فقال: لم أكن لأقتل رجلاً نصرني وأنتم تريدون قتلي، فلما رأوا ذلك ثاروا إِلى الباب، فلم يمنعهم أحد منه، والباب مغلق لا يقدرون على الدخول منه، فجاءوا بنار فأحرقوه والسقيفة التي على الباب، وثار أهل الدار، وحصل قتال بين الطرفين حتى اقتحم الناسُ الدار من الدور التي حولها، ودخلوها من دار [[عمرو بن حزم |عمرو بن حزم]] إلى دار عثمان حتى ملؤُها ولا يشعر من بالباب، وغلب الناس على عثمان.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص541-543.</ref>
أثناء فترة حصار بيت عثمان بن عفان قام رجل من أسلم وهو [[نياز بن عياض]]، وكان من [[الصحابة]]، فنادى عثمان، فبينما هو يُناشده أن يعتزلهم إذ رماه [[كثير بن الصلت الكندي]] بسهم فقتله، فقالوا لعثمان: إدفع إلينا قاتلهُ لنقتلهُ به، فقال: لم أكن لأقتل رجلاً نصرني وأنتم تريدون قتلي، فلما رأوا ذلك ثاروا إِلى الباب، فلم يمنعهم أحد منه، والباب مغلق لا يقدرون على الدخول منه، فجاءوا بنار فأحرقوه والسقيفة التي على الباب، وثار أهل الدار، وحصل قتال بين الطرفين حتى اقتحم الناسُ الدار من الدور التي حولها، ودخلوها من دار [[عمرو بن حزم |عمرو بن حزم]] إلى دار عثمان حتى ملؤُها ولا يشعر من بالباب، وغلب الناس على عثمان.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 541-543.</ref>


===قتله ودفنه===
===قتله ودفنه===
لقد روى المؤرخون تفاصيل كثيرة في قضية قتل عثمان بن عفان وأسماء الذين قتلوه، ومنها:
لقد روى المؤرخون تفاصيل كثيرة في قضية قتل عثمان بن عفان وأسماء الذين قتلوه، ومنها:


إنَّ [[محمد بن أبي بكر]] دخل على عثمان، فأخذ بلحيته قال: قد أخزاك الله يانعثل، ما أغنى عنك [[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] وفلان وفلان، فقال عثمان: يا ابن أخي فما كان أبوك ليقبض عليها، فقال محمد: لو رآك أبي تعملُ هذه الأعمال أنكرها عليك، والذي أريد بك أشدُّ من قبضي عليها، فقال عثمان: أستنصر اللَّه عليك وأستعين به، فتركه وخرج، وقيل: بل طعن جبينه ب[[مشقص]] كان في يده.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص544.</ref>
إنَّ [[محمد بن أبي بكر]] دخل على عثمان، فأخذ بلحيته قال: قد أخزاك الله يانعثل، ما أغنى عنك [[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] وفلان وفلان، فقال عثمان: يا ابن أخي فما كان أبوك ليقبض عليها، فقال محمد: لو رآك أبي تعملُ هذه الأعمال أنكرها عليك، والذي أريد بك أشدُّ من قبضي عليها، فقال عثمان: أستنصر اللَّه عليك وأستعين به، فتركه وخرج، وقيل: بل طعن جبينه ب[[مشقص]] كان في يده.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 544.</ref>


ودخل عليه رجل يقال له الموت الأسود قال: فخنقهُ، ثم خرج، فقال: واللَّه ما رأيتُ شيئًا قطُّ ألين من حلقه، واللَّه لقد خنقته حتى رأيت نفسه يتردد في جسده كنفس الجانّ. وخرج من عنده،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص384.</ref>ووثب [[عمرو بن الحمق]] على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص545.</ref>
ودخل عليه رجل يقال له الموت الأسود قال: فخنقهُ، ثم خرج، فقال: واللَّه ما رأيتُ شيئًا قطُّ ألين من حلقه، واللَّه لقد خنقته حتى رأيت نفسه يتردد في جسده كنفس الجانّ. وخرج من عنده،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 384.</ref>ووثب [[عمرو بن الحمق]] على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 545.</ref>


وبعد ذلك دخل عليه قتيرة وسودان ابن حُمران السكُونيان والغافقي، فضربه الغافقي بحديدة معه، وجاء سُودان بن حُمران وضرب عثمان فقتله.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص391.</ref>
وبعد ذلك دخل عليه قتيرة وسودان ابن حُمران السكُونيان والغافقي، فضربه الغافقي بحديدة معه، وجاء سُودان بن حُمران وضرب عثمان فقتله.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 391.</ref>


قتل عثمان [[يوم الجمعة]] قبل غروب الشمس لثماني عشرة من [[ذي الحجة]] [[سنة 35 هـ]].<ref>الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ج5، ص55.</ref>
قتل عثمان [[يوم الجمعة]] قبل غروب الشمس لثماني عشرة من [[ذي الحجة]] [[سنة 35 هـ]].<ref>الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ج 5، ص 55.</ref>


بقي عثمان ثلاثة أيام بلا دفن، فذهب كل من [[حكيم بن حزام القرشي]]، و[[جبير بن مطعم]] [[علي(ع)|لعلي]]{{ع}} وكلماه في أن يأذن في دفنه، فأذن لهما،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص545.</ref> فوضعوه على باب صغير، وخرجوا به إلى [[البقيع]]، ومعهم [[نائلة بنت الفرافصة]] بيدها السراج، فلما بلغوا به البقيع منعهم من دفنه فيه رجال من بني ساعدة، فردّوه إلى حشّ كوكب، فدفنوه فيه.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص38.</ref>
بقي عثمان ثلاثة أيام بلا دفن، فذهب كل من [[حكيم بن حزام القرشي]]، و[[جبير بن مطعم]] [[علي(ع)|لعلي]]{{ع}} وكلماه في أن يأذن في دفنه، فأذن لهما،<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص545.</ref> فوضعوه على باب صغير، وخرجوا به إلى [[البقيع]]، ومعهم [[نائلة بنت الفرافصة]] بيدها السراج، فلما بلغوا به البقيع منعهم من دفنه فيه رجال من بني ساعدة، فردّوه إلى حشّ كوكب، فدفنوه فيه.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 38.</ref>


===دور معاوية في قتله===
===دور معاوية في قتله===
لما رأى عثمان بن عفان ما حل به من حصار الثوار له كتب إلى [[معاوية بن أبي سفيان]] وهو ب[[الشام]]: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أما بعد، فإن أهل [[المدينة]] قد كفروا وأخلفوا الطاعة، ونكثوا [[البيعة]]، فابعث إِليَّ من قبلك من مُقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص368.</ref> فتوجه معاوية إليه في اثني عشر ألفاً، ثم قال: كونوا بمكانكم في أوائل الشام، حتى آتي أمير المؤمنين لأعرف صحة أمره، فأتى عثمان، فسأله عن المدة، فقال: قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم فأجيئك بهم. قال: لا والله، ولكنك أردت أن أقتل، فتقول: أنا ولي الثأر. إرجع، فجئني بالناس، فرجع، فلم يعد إليه حتى قُتِلَ.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص176.</ref>
لما رأى عثمان بن عفان ما حل به من حصار الثوار له كتب إلى [[معاوية بن أبي سفيان]] وهو ب[[الشام]]: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، أما بعد، فإن أهل [[المدينة]] قد كفروا وأخلفوا الطاعة، ونكثوا [[البيعة]]، فابعث إِليَّ من قبلك من مُقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 368.</ref> فتوجه معاوية إليه في اثني عشر ألفاً، ثم قال: كونوا بمكانكم في أوائل الشام، حتى آتي أمير المؤمنين لأعرف صحة أمره، فأتى عثمان، فسأله عن المدة، فقال: قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم فأجيئك بهم. قال: لا والله، ولكنك أردت أن أقتل، فتقول: أنا ولي الثأر. إرجع، فجئني بالناس، فرجع، فلم يعد إليه حتى قُتِلَ.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص 176.</ref>


===موقف أمير المؤمنين{{ع}} من قتله===
===موقف أمير المؤمنين{{ع}} من قتله===
لقد اتهم [[الأمويون]] [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين علي]]{{ع}} بقتل عثمان وطالبوه بدمه،<ref>مزاحم، وقعة صفين‏، ص46.</ref> وفي يوم أشرف علي{{ع}} من قصر له ب[[الكوفة]]، فنظر إلى سفينة في [[نهر دجلة|دجلة]]، فقال: والذي أرسلها في بحره مسخرة بأمره، ما بدأت في أمر عثمان بشيء، ولئن شاءت [[بنو أمية]] لأباهلنّهم عند [[الكعبة]] خمسين يميناً ما بدأت في حق عثمان بشيء، فبلغ هذا الحديث [[عبد الملك بن مروان]]، فقال: إني لأحسبه صادقاً.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص52.</ref>
لقد اتهم [[الأمويون]] [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين علي]]{{ع}} بقتل عثمان وطالبوه بدمه،<ref>مزاحم، وقعة صفين‏، ص 46.</ref> وفي يوم أشرف علي{{ع}} من قصر له ب[[الكوفة]]، فنظر إلى سفينة في [[نهر دجلة|دجلة]]، فقال: والذي أرسلها في بحره مسخرة بأمره، ما بدأت في أمر عثمان بشيء، ولئن شاءت [[بنو أمية]] لأباهلنّهم عند [[الكعبة]] خمسين يميناً ما بدأت في حق عثمان بشيء، فبلغ هذا الحديث [[عبد الملك بن مروان]]، فقال: إني لأحسبه صادقاً.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 52.</ref>


==أحداث ما بعد قتل عثمان==
==أحداث ما بعد قتل عثمان==
مستخدم مجهول