انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العشرة المبشرة»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Alsaffi
لا ملخص تعديل
imported>Alsaffi
لا ملخص تعديل
سطر ٣: سطر ٣:
'''العشرة المبشّرة'''، مصطلح معروف لدى [[المحدث (توضيح)|محدثي]] [[أهل السنة]] ومؤرخيهم مأخوذ من [[الحديث|حديث]] منسوب إلى [[النبي الأكرم صلى الله عليه وآله|النبي]] (ص) يشير إلى أن عشرة  أشخاص من [[الصحابة|أصحاب النبي الأكرم]] {{صل}} مبشرون بالجنة، وأنهم في كل الأحوال سيدخلون الجنة، وهم بحسب عقيدة أهل السنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة]]، [[عمر بن الخطاب]]، [[عثمان بن عفان]]، [[علي بن أبي طالب]]، [[طلحة بن عبيد الله]]، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]]، [[سعد بن أبي وقاص]] أو [[سعد بن مالك]]، [[وسعيد بن زيد]]، [[ابو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] أو [[عبد الله بن مسعود]]، [[عبد الرحمن بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]].  
'''العشرة المبشّرة'''، مصطلح معروف لدى [[المحدث (توضيح)|محدثي]] [[أهل السنة]] ومؤرخيهم مأخوذ من [[الحديث|حديث]] منسوب إلى [[النبي الأكرم صلى الله عليه وآله|النبي]] (ص) يشير إلى أن عشرة  أشخاص من [[الصحابة|أصحاب النبي الأكرم]] {{صل}} مبشرون بالجنة، وأنهم في كل الأحوال سيدخلون الجنة، وهم بحسب عقيدة أهل السنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة]]، [[عمر بن الخطاب]]، [[عثمان بن عفان]]، [[علي بن أبي طالب]]، [[طلحة بن عبيد الله]]، [[الزبير بن العوام|والزبير بن العوام]]، [[سعد بن أبي وقاص]] أو [[سعد بن مالك]]، [[وسعيد بن زيد]]، [[ابو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] أو [[عبد الله بن مسعود]]، [[عبد الرحمن بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]].  


وقد روي هذا الحديث عن كل من [[عبد الرحمن بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} في كل من مسند [[أحمد بن حنبل]]، وسنن [[الترمذي]]، و[[أبي داوود]]، و[[ابن ماجة]]، ولكنه لم يذكر في أهم مصادر الحديث لديهم، وهما [[صحيح البخاري (كتاب)|صحيحا البخاري]] [[صحيح مسلم (كتاب)|ومسلم]]. وقد نقد علماء [[الاثنا عشرية|الشيعة]] [[السند|سند]] [[المتن|ومتن]] هذا [[الخبر]]، ورأيهم أنه لا أصل له ولا صحة، بل أنه مختلق قد وضع في زمان متأخر على عهد [[بنو أمية|بني أميّة]].
وقد روي هذا الحديث عن كل من [[عبد الرحمن بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} في كل من مسند [[أحمد بن حنبل]]، وسنن [[الترمذي]]، و[[أبي داوود]]، و[[ابن ماجة]]، ولكنه لم يذكر في أهم مصادر الحديث لديهم، وهما [[صحيح البخاري (كتاب)|صحيحا البخاري]] [[صحيح مسلم (كتاب)|ومسلم]]. وقد نقد علماء [[الاثنا عشرية|الشيعة]] [[السند|سند]] [[المتن|ومتن]] هذا [[الخبر]]، ورأيهم أنه لا أصل له ولا [[حديث صحيح|صحة]]، بل أنه مختلق قد وضع في زمان متأخر على عهد [[بنو أمية|بني أميّة]].


==بيان مفردات المقالة==
==بيان مفردات المقالة==
سطر ١٥: سطر ١٥:
ونص [[الحديث]] بحسب رواية:
ونص [[الحديث]] بحسب رواية:


1- أحمد في مسنده والترمذي في سننه والنسائي في " فضائل الصحابة ".: عن [[عبد الرحمن بن عوف]]: قال: قال [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|رسول الله]] {{صل}}: "[[أبو بكر]] في [[الجنة]]، [[عمر بن الخطاب|وعمر]] في الجنة، [[عثمان|وعثمان]] في الجنة، [[علي(ع)|وعلي]] في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله التيمي|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزّبير]] في الجنة، [[عبد الرحمان بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]] في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] في الجنة".<ref>أحمد بن حنبل، المسند، ج1، ص 193؛ سنن الترمذي، كتاب المناقب. باب مناقب عبد الرحمن بن عوف، ج5، ص647؛النسائي، فضائل الصحابة، 28.</ref>
1- أحمد في مسنده والترمذي في سننه والنسائي في " فضائل الصحابة ".: عن [[عبد الرحمن بن عوف]]: قال: قال [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|رسول الله]] {{صل}}: "[[أبو بكر]] في [[الجنة]]، [[عمر بن الخطاب|وعمر]] في الجنة، [[عثمان|وعثمان]] في الجنة، [[علي(ع)|وعلي]] في الجنة، [[طلحة بن عبيد الله التيمي|وطلحة]] في الجنة، [[الزبير بن العوام|والزّبير]] في الجنة، [[عبد الرحمان بن عوف|وعبد الرحمن بن عوف]] في الجنة، وسعد في الجنة، [[سعيد بن زيد|وسعيد]] في الجنة، [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة بن الجراح]] في الجنة".<ref>أحمد بن حنبل، المسند، ج1، ص 193؛ سنن الترمذي، كتاب المناقب. باب مناقب عبد الرحمن بن عوف، ج5، ص647؛النسائي، فضائل الصحابة، 28.</ref>


2- أبو داوود في سننه: عن [[عبد الرحمان بن عوف|عبد الرحمان]]: "إنه كان في المسجد فذكرَ رجل [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|عليا]] {{عليه السلام}}، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله أني سمعته يقول عشرة في الجنة، النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزّبير في الجنة، [[سعد بن مالك بن سنان|وسعد بن مالك]] في الجنة، وعبد الرحمان بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر في الجنة، فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو [[سعيد بن زيد]]".<ref>سنن أبي داوود، ج4، ص 225، كتاب السنة . </ref>
2- أبو داوود في سننه: عن [[عبد الرحمان بن عوف|عبد الرحمان]]: "إنه كان في المسجد فذكرَ رجل [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|عليا]] {{عليه السلام}}، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله أني سمعته يقول عشرة في الجنة، النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزّبير في الجنة، [[سعد بن مالك بن سنان|وسعد بن مالك]] في الجنة، وعبد الرحمان بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر في الجنة، فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو [[سعيد بن زيد]]".<ref>سنن أبي داوود، ج4، ص 225، كتاب السنة . </ref>
سطر ٢٨: سطر ٢٨:


==رأي علماء السنة بالحديث==
==رأي علماء السنة بالحديث==
وهو من [[الحديث المشهور|الأخبار المشهورة]] والمعروفة عندهم حتى عدوا القول به من جملة الأمور الاعتقادية، قال [[أحمد بن حنبل]] في كتابه إلى [[مسدد بن مسرهد]]: "وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] [[عمر بن الخطاب|وعمر]] [[عثمان|وعثمان]]، [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|وعلي]] [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] [[الزبير بن العوام|والزبير]] وسعد وسعيد [[عبد الرحمان|وعبد الرحمان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة]]، فمن شهد له النبي {{صل}} بالجنة شهدنا له بالجنة، ولا يتأتى أن تقول: فلان في الجنة، وفلان في النار، إلا العشرة الذين شهد لهم النبي {{صل}} بالجنة"<ref>المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة، تحقيق: عبد الإله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ج1، ص402</ref> .   
وهو من [[الحديث المشهور|الأخبار المشهورة]] والمعروفة عندهم حتى عدوا القول به من جملة الأمور الاعتقادية، قال [[أحمد بن حنبل]] في كتابه إلى [[مسدد بن مسرهد]]: "وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة: [[أبو بكر بن أبي قحافة|أبو بكر]] [[عمر بن الخطاب|وعمر]] [[عثمان|وعثمان]]، [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|وعلي]] [[طلحة بن عبيد الله|وطلحة]] [[الزبير بن العوام|والزبير]] وسعد وسعيد [[عبد الرحمان|وعبد الرحمان]] [[أبو عبيدة بن الجراح|وأبو عبيدة]]، فمن شهد له النبي {{صل}} بالجنة شهدنا له بالجنة، ولا يتأتى أن تقول: فلان في [[الجنة]]، وفلان في النار، إلا العشرة الذين شهد لهم النبي {{صل}} بالجنة"<ref>المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة، تحقيق: عبد الإله بن سلمان بن سالم الأحمدي، ج1، ص402</ref> .   


وقد ألفت وأفردت كتب في العشرة المبشرة من قبيل:  
وقد ألفت وأفردت كتب في العشرة المبشرة من قبيل:  
سطر ٥٠: سطر ٥٠:
ثانيا- إن هذا الحديث بكافة طرقه وأسانيده ينتهي إلى [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] ولم يروه أو يسمعه عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} أي شخص غيرهما. والبخاري ومسلم لم يذكرا شيئا في باب الفضائل والمناقب عنهما رغم أنهما من العشرة الذين اتفق [[أهل السنة]] على تعظيمهم وتكريمهم.  
ثانيا- إن هذا الحديث بكافة طرقه وأسانيده ينتهي إلى [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] ولم يروه أو يسمعه عن [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|النبي]] {{صل}} أي شخص غيرهما. والبخاري ومسلم لم يذكرا شيئا في باب الفضائل والمناقب عنهما رغم أنهما من العشرة الذين اتفق [[أهل السنة]] على تعظيمهم وتكريمهم.  


ثالثا- إن من روى حديث العشرة المبشرة عن النبي {{صل}} هما: [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] وكلاهما من العشرة! فيكون ذكرهما له من باب من زكى غيره بتزكية نفسه. ومن المعلوم في الشرع الإسلامي أن من شهد بشهادة له كفل فيها ولا تقبل شهادته فيها [[الاجماع|إجماعا]] وقولا واحدا. وهذا ما يثير الشك في [[الحديث الصحيح|صحة هذه الرواية]]، من حيث إرادة الراوي جر النار إلى قرصه.<ref>المفيد، الإفصاح في الإمامة، ص 71؛ الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص241. </ref>
ثالثا- إن من روى حديث العشرة المبشرة عن النبي {{صل}} هما: [[عبد الرحمان بن عوف]] [[سعيد بن زيد|وسعيد بن زيد]] وكلاهما من العشرة! فيكون ذكرهما له من باب من زكى غيره بتزكية نفسه. ومن المعلوم في الشرع الإسلامي أن من شهد [[الشهادة|بشهادة]] له كفل فيها ولا تقبل شهادته فيها [[الاجماع|إجماعا]] وقولا واحدا. وهذا ما يثير الشك في [[الحديث الصحيح|صحة هذه الرواية]]، من حيث إرادة الراوي جر النار إلى قرصه.<ref>المفيد، الإفصاح في الإمامة، ص 71؛ الطوسي، تلخيص الشافي، ج3، ص241. </ref>


رابعا- إن هذا الحديث - العشرة المبشرة - نقل بعدة طرق وفي سلسلة أسانيده بعض الرواة الذين هم بحسب عقيدة أهل السنة أنفسهم غير موثقين ومعتبرين ولا يمكن الاعتماد على على رواياتهم؛ ومن جملتهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي والذي ذكره [[أبو حاتم]]، وبين أنه لا يحتج به.<ref>الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 2، ص634. </ref>
رابعا- إن هذا الحديث - العشرة المبشرة - نقل بعدة طرق وفي سلسلة أسانيده بعض الرواة الذين هم بحسب عقيدة أهل السنة أنفسهم غير موثقين ومعتبرين ولا يمكن الاعتماد على على رواياتهم؛ ومن جملتهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي والذي ذكره [[أبو حاتم]]، وبين أنه لا يحتج به.<ref>الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 2، ص634. </ref>
سطر ٧٤: سطر ٧٤:
1- إنّ رواية سعيد بن زيد - وهو ابن عم  [[عمر بن الخطاب]]- لم تظهر وتُعرف إلاّ في أيام حكم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] - والشاهد على ظهورها في عهده صدر الرواية نفسها، ففي بعضها: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلانا خطيبا، فأخذ بيدي [[سعيد بن زيد]]، فقال : ألا ترى إلى هذا الظالم - وذلك حين سمعه يسب [[علي(ع)|عليا]] {{عليه السلام}} - فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم)، قلت: ومن العاشر ؟ فتلكأ هنيئة ، ثم قال: أنا.  
1- إنّ رواية سعيد بن زيد - وهو ابن عم  [[عمر بن الخطاب]]- لم تظهر وتُعرف إلاّ في أيام حكم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] - والشاهد على ظهورها في عهده صدر الرواية نفسها، ففي بعضها: لما قدم فلان [[الكوفة]] أقام فلانا خطيبا، فأخذ بيدي [[سعيد بن زيد]]، فقال : ألا ترى إلى هذا الظالم - وذلك حين سمعه يسب [[علي(ع)|عليا]] {{عليه السلام}} - فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم)، قلت: ومن العاشر ؟ فتلكأ هنيئة ، ثم قال: أنا.  


وجاء في رواية أخرى، أن سعيد بن زيد  كان في المسجد - في الكوفة - فذكر رجل عليا فقام، الحديث.  
وجاء في رواية أخرى، أن سعيد بن زيد  كان في المسجد - في [[الكوفة]] - فذكر رجل عليا فقام، الحديث.  


هكذا ظهرت هذه الرواية لأول مرة في الكوفة بعد وفاة النبي {{صل}} بثلاثين سنة! ولم يسمع بها أحد من قبل !
هكذا ظهرت هذه الرواية لأول مرة في الكوفة بعد وفاة النبي {{صل}} بثلاثين سنة! ولم يسمع بها أحد من قبل !


وهذا ما يثير الريب، فما هو سر إرجاء روايته هذه إلى زمان إمارة [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] وعدم ذكرها في عهد [[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الأربعة]] والجو يلائم نشرها، بل كانوا في حاجة لمثلها آنذاك في مواضع عديدة لتدعيم منصب [[الخلافة]]، فكأنها أوحيت إلى سعيد بن زيد فحسب يوم تسنم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] عرش الملك العضوض.
وهذا ما يثير الريب، فما هو سر إرجاء روايته هذه إلى زمان إمارة [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] وعدم ذكرها في عهد [[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الأربعة]] والجو يلائم نشرها، بل كانوا في حاجة لمثلها آنذاك في مواضع عديدة لتدعيم منصب [[الخلافة]]، فكأنها أوحيت إلى [[سعيد بن زيد]] فحسب يوم تسنم [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] عرش الملك العضوض.


2- إن هذه الرواية عن سعيد بن زيد مع أنها أكثر طرق حديث التبشير تنتهي إليها لا يوجد في طرقها إسناد يصحّ الاحتجاج به، لمحل الخدش في الرواة؛ لأنها رويت مرة من طريق عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد، وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأخنس عن سعيد بن زيد.  
2- إن هذه الرواية عن سعيد بن زيد مع أنها أكثر طرق حديث التبشير تنتهي إليها لا يوجد في طرقها إسناد يصحّ الاحتجاج به، لمحل الخدش في الرواة؛ لأنها رويت مرة من طريق عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد، وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأخنس عن سعيد بن زيد.  
سطر ١٥٢: سطر ١٥٢:
وأخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب [[عمر بن الخطاب]] عن [[ابن عباس]] أنه قال: (دخلت على عمر لما طعن فرأيته جزعاً فزعاً، فقلت لا بأس عليك يا أمير المؤمنين، فقال يا ابن عباس لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن اراه).<ref>صحيح البخاري، ج2، ص194. صحيح البخاري حديث رقم: 3416.</ref>
وأخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب [[عمر بن الخطاب]] عن [[ابن عباس]] أنه قال: (دخلت على عمر لما طعن فرأيته جزعاً فزعاً، فقلت لا بأس عليك يا أمير المؤمنين، فقال يا ابن عباس لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن اراه).<ref>صحيح البخاري، ج2، ص194. صحيح البخاري حديث رقم: 3416.</ref>


فهل يقول هذا الكلام من له علم بحديث البشارة بالجنة؟ وهذه التمنيات من هؤلاء الصحابة صريحة في بطلان حديث البشارة لهم بالجنة، قال عز من قائل: (ألا أن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ...).<ref>سورة يونس، الآية (62).</ref>
فهل يقول هذا الكلام من له علم بحديث البشارة بالجنة؟ وهذه التمنيات من هؤلاء [[الصحابة]] صريحة في بطلان حديث البشارة لهم بالجنة، قال عز من قائل: (ألا أن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ...).<ref>سورة يونس، الآية (62).</ref>


* السادس: إن حديث العشرة المبشرة بالجنة لا ينسجم حتى مع عقيدة القائلين به، والقائلة [[عدالة الصحابة|بعدالة كل الصحابة]] لجملة من الأحاديث من قبيل حديث: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم أهتديتم).<ref>ابن عبد البر ، جامع بيان العلم وفضله، ص895.</ref>
* السادس: إن حديث العشرة المبشرة بالجنة لا ينسجم حتى مع عقيدة القائلين به، والقائلة [[عدالة الصحابة|بعدالة كل الصحابة]] لجملة من الأحاديث من قبيل حديث: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم أهتديتم).<ref>ابن عبد البر ، جامع بيان العلم وفضله، ص895.</ref>
سطر ١٧٠: سطر ١٧٠:
*الثامن: أن رواية العشرة المبشّرة لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت في بعض أسانيدها إلى أحد عشر، فقد ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة بصفة حميدة، وروى عن [[ابن عباس| ابن عباس]] (رضي الله عنهما) [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|عن رسول الله]]: "... ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: [[معاوية بن أبي سفيان]]، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك ".<ref>المحب الطبري، أحمد بن عبد الله، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ص17.</ref>
*الثامن: أن رواية العشرة المبشّرة لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت في بعض أسانيدها إلى أحد عشر، فقد ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة بصفة حميدة، وروى عن [[ابن عباس| ابن عباس]] (رضي الله عنهما) [[محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله|عن رسول الله]]: "... ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: [[معاوية بن أبي سفيان]]، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك ".<ref>المحب الطبري، أحمد بن عبد الله، الرياض النضرة في مناقب العشرة، ص17.</ref>


و هذا ما يدل على أن هذه الرواية ومثيلاتها هي من صنع [[بنو أمية|الأمويين]] ، وأساطيرهم الكثيرة خدمة لدولتهم التي لا تقوم إلا على مثل هذا ؟ !
و هذا ما يدل على أن هذه الرواية ومثيلاتها هي من صنع [[بنو أمية|الأمويين]] ، خدمة لشرعية دولتهم واستمرار بقاءها.


* التاسع: إن مقتضى دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال، ومن ليس بمعصوم من الزلل والضلال، فلا يجوز أن يعلم [[الله|الله تعالى]] مكلّفاً كهذا بأن عاقبته الجنة؛ لانّ ذلك سيغريه بالقبيح،<ref>المفيد، الإفصاح، ص73 ، الطوسي، تلخيص الشافي، ص3، ص241 .</ref> ولا خلاف أن تسعة من المبشرة غير [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي (ع)]] لم يكونوا [[العصمة|معصومين]] من الذنوب بشهادة أنفسهم، [[الإجماع|وإجماع الأمة الإسلامية]] على عدم عصمتهم سوى أمير المؤمنين [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}} لما تذهب إليه معاشر [[الإمامية]] من [[العصمة|عصمته]] بآية " ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".<ref>سورة الأحزاب، الآية (33).</ref>
* التاسع: إن مقتضى دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال، ومن ليس [[المعصوم|بمعصوم]] من الزلل والضلال، فلا يجوز أن يعلم [[الله|الله تعالى]] مكلّفاً كهذا بأن عاقبته الجنة؛ لانّ ذلك سيغريه بالقبيح،<ref>المفيد، الإفصاح، ص73 ، الطوسي، تلخيص الشافي، ص3، ص241 .</ref> ولا خلاف أن تسعة من المبشرة غير [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|الإمام علي (ع)]] لم يكونوا [[العصمة|معصومين]] من الذنوب بشهادة أنفسهم، [[الإجماع|وإجماع الأمة الإسلامية]] على عدم عصمتهم سوى أمير المؤمنين [[الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام|علي بن أبي طالب]] {{عليه السلام}} لما تذهب إليه معاشر [[الإمامية]] من [[العصمة|عصمته]] بآية " ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".<ref>سورة الأحزاب، الآية (33).</ref>


نعم هذا لا يمنع من تبشير النبي {{صل}} بعض المسلمين بالجنة، لبيان مرجعيتهم ومقامهم والتأسي بهم في الأمة. فقد صح عن النبي {{صل}} قوله في حق [[آل ياسر]] بأن موعدهم الجنة.<ref>مجمع الزوائد، ج9، ص293</ref> [[القرآن الكريم|والقرآن]] أيضا يبشر كل من آمن وعمل صالحا ثم اهتدى بالجنة، قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ)<ref>سورة طه، الآية (82). </ref>.  
نعم هذا لا يمنع من تبشير النبي {{صل}} بعض [[المسلمين]] بالجنة، لبيان مرجعيتهم ومقامهم والتأسي بهم في الأمة. فقد صح عن النبي {{صل}} قوله في حق [[آل ياسر]] بأن موعدهم الجنة.<ref>مجمع الزوائد، ج9، ص293</ref> [[القرآن الكريم|والقرآن]] أيضا يبشر كل من آمن وعمل صالحا ثم اهتدى بالجنة، قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ)<ref>سورة طه، الآية (82). </ref>.  


ومن المعروف والمقطوع به أنّ [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة الزهراء]] (عليها السلام) من المبشّرات بالجنّة، فهي سيّدة نساء أهل الجنّة.<ref>صحيح البخاري 4 : 183، سنن الترمذي 5 : 326، مسند أحمد 5 : 391 - 392.</ref>  
ومن المعروف والمقطوع به أنّ [[السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام|فاطمة الزهراء]] (عليها السلام) من المبشّرات بالجنّة، فهي [[سيدة نساء العالمين|سيّدة نساء أهل الجنّة]].<ref>صحيح البخاري 4 : 183، سنن الترمذي 5 : 326، مسند أحمد 5 : 391 - 392.</ref>  


وما رواه الفريقان عن النبي {{صل}}: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"".<ref>سنن الترمذي، ج5، ص321، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص167، ؛ علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب المناقب، ح 15085</ref> فمن كان من أهل الجنة كان [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] [[الإمام الحسين بن علي عليه السلام|والحسين]] سيدين له، فكيف لم يذكرا في حديث العشرة المبشرة؟  
وما رواه الفريقان عن النبي {{صل}}: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"".<ref>سنن الترمذي، ج5، ص321، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص167، ؛ علي بن أبي بكر الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب المناقب، ح 15085</ref> فمن كان من أهل الجنة كان [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الحسن]] [[الإمام الحسين بن علي عليه السلام|والحسين]] سيدين له، فكيف لم يذكرا في حديث العشرة المبشرة؟  
مستخدم مجهول