مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «رزية يوم الخميس»
ط
←تأويلات حول سبب المعارضة
imported>Bassam |
imported>Bassam |
||
سطر ٥٢: | سطر ٥٢: | ||
:::#«لعل النبي {{صل}} حين أمرهم بإحضار الدواة والبياض لم يكن قاصدا لكتابة شيء من الأشياء، وإنما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غير، فهدى الله [[عمر بن الخطاب|عمر]] لذلك دون غيره من الصحابة فمنعهم من إحضارهما، فيجب - على هذا - تُعدَّ تلك الممانعة في جملة موافقاته لربه تعالى وتكون من كراماته»، ثم أجاب بنفسه عن هذا القول: «لكن الإنصاف إن قوله {{صل}}: لا تضلوا بعده يأبى ذلك، لأنه جواب ثانٍ للأمر، فمعناه أنكم إن أتيتم بالدواة والبياض وكتبتُ لكم ذلك الكتاب لا تضلوا بعده، ولا يخفى أن الإخبار بمثل هذا الخبر لمجرد الاختبار إنما هو من نوع الكذب الواضح الذي يجب تنزيه كلام [[النبوة|الأنبياء]] عنه، ولا سيّما في موضع يكون ترك إحضار الدواة والبياض أولى من احضارهما». | :::#«لعل النبي {{صل}} حين أمرهم بإحضار الدواة والبياض لم يكن قاصدا لكتابة شيء من الأشياء، وإنما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غير، فهدى الله [[عمر بن الخطاب|عمر]] لذلك دون غيره من الصحابة فمنعهم من إحضارهما، فيجب - على هذا - تُعدَّ تلك الممانعة في جملة موافقاته لربه تعالى وتكون من كراماته»، ثم أجاب بنفسه عن هذا القول: «لكن الإنصاف إن قوله {{صل}}: لا تضلوا بعده يأبى ذلك، لأنه جواب ثانٍ للأمر، فمعناه أنكم إن أتيتم بالدواة والبياض وكتبتُ لكم ذلك الكتاب لا تضلوا بعده، ولا يخفى أن الإخبار بمثل هذا الخبر لمجرد الاختبار إنما هو من نوع الكذب الواضح الذي يجب تنزيه كلام [[النبوة|الأنبياء]] عنه، ولا سيّما في موضع يكون ترك إحضار الدواة والبياض أولى من احضارهما». | ||
:::#إن الأمر لم يكن أمر عزيمة وإيجاب حتى لا تجوز مراجعته ويصير المراجع عاصيا، بل كان أمر مشورة، وكانوا يراجعونه {{صل}} في بعض تلك الأوامر ولا سيّما [[عمر بن الخطاب|عمر]] فإنه كان يعلم من نفسه أنه موفق للصواب في إدراك المصالح، وكان صاحب إلهام من الله تعالى وقد أراد التخفيف عن النبي{{صل}} إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض والوجع وقد رأى - عمر - أن ترك إحضار الدواة والبياض أولى. | :::#إن الأمر لم يكن أمر عزيمة وإيجاب حتى لا تجوز مراجعته ويصير المراجع عاصيا، بل كان أمر مشورة، وكانوا يراجعونه {{صل}} في بعض تلك الأوامر ولا سيّما [[عمر بن الخطاب|عمر]] فإنه كان يعلم من نفسه أنه موفق للصواب في إدراك المصالح، وكان صاحب إلهام من الله تعالى وقد أراد التخفيف عن النبي{{صل}} إشفاقا عليه من التعب الذي يلحقه بسبب إملاء الكتاب في حال المرض والوجع وقد رأى - عمر - أن ترك إحضار الدواة والبياض أولى. | ||
#وربما خشي - [[عمر بن الخطاب|عمر]] - أن يكتب [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بسبب ذلك، لأنها تكون منصوصة لا سبيل إلى الاجتهاد فيها. | :::#وربما خشي - [[عمر بن الخطاب|عمر]] - أن يكتب [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بسبب ذلك، لأنها تكون منصوصة لا سبيل إلى الاجتهاد فيها. | ||
:::#ولعله - [[عمر بن الخطاب|عمر]] - خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب. لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة، فقال: حسبنا كتاب الله لقوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شئ)<ref>الانعام: 38.</ref>، وقوله : (اليوم أكملت لكم دينكم)<ref>المائدة: 3.</ref> وكأنه -[[عمر بن الخطاب|عمر]] - أمن من ضلال الأمة، حيث أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة. | :::#ولعله - [[عمر بن الخطاب|عمر]] - خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب. لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة، فقال: حسبنا كتاب الله لقوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شئ)<ref>الانعام: 38.</ref>، وقوله : (اليوم أكملت لكم دينكم)<ref>المائدة: 3.</ref> وكأنه -[[عمر بن الخطاب|عمر]] - أمن من ضلال الأمة، حيث أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة. | ||
:::#وربما اعتذر بعضهم بأن [[عمر بن الخطاب|عمر]] ومن قالوا يومئذ بقوله لم يفهموا من الحديث أن ذلك الكتاب سيكون سببا لحفظ كل فرد من أفراد الأمة من الضلال على سبيل الاستقصاء، بحيث لا يضل بعده منهم أحد أصلا، وإنما فهموا من قوله (لا تضلوا) أنكم لا تجتمعون على الضلال بقضكم وقضيضكم، ولا تتسرى الضلالة بعد كتابة الكتاب إلى كل فرد من أفرادكم، وكانوا (رضي الله عنهم) يعلمون أن اجتماعهم بأسرهم على الضلال مما لا يكون أبدا وبسبب ذلك لم يجدوا أثرا لكتابته، وظنوا أن مراد النبي ليس إلا زيادة الاحتياط في الأمر لما جُبِلَ عليه من وفور الرحمة، فعارضوه تلك المعارضة، بناء منهم أن الأمر ليس للايجاب وأنه إنما هو أمر عطف ومرحمة ليس إلا، فأرادوا التخفيف عن [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} بتركه. إشفاقا منهم عليه{{صل}} . | :::#وربما اعتذر بعضهم بأن [[عمر بن الخطاب|عمر]] ومن قالوا يومئذ بقوله لم يفهموا من الحديث أن ذلك الكتاب سيكون سببا لحفظ كل فرد من أفراد الأمة من الضلال على سبيل الاستقصاء، بحيث لا يضل بعده منهم أحد أصلا، وإنما فهموا من قوله (لا تضلوا) أنكم لا تجتمعون على الضلال بقضكم وقضيضكم، ولا تتسرى الضلالة بعد كتابة الكتاب إلى كل فرد من أفرادكم، وكانوا (رضي الله عنهم) يعلمون أن اجتماعهم بأسرهم على الضلال مما لا يكون أبدا وبسبب ذلك لم يجدوا أثرا لكتابته، وظنوا أن مراد النبي ليس إلا زيادة الاحتياط في الأمر لما جُبِلَ عليه من وفور الرحمة، فعارضوه تلك المعارضة، بناء منهم أن الأمر ليس للايجاب وأنه إنما هو أمر عطف ومرحمة ليس إلا، فأرادوا التخفيف عن [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} بتركه. إشفاقا منهم عليه{{صل}} . | ||
سطر ٥٨: | سطر ٥٨: | ||
هذا كل ما قيل في الاعتذار عن هذه البادرة، لكن من أمعن النظر فيه جزم ببعده عن الصواب لأن قوله {{صل}}: (لا تضلوا) يفيد أن الأمر للايجاب كما ذكرنا واستياؤه منهم دليل على أنهم تركوا أمرا من الواجبات عليهم، وأمره إياهم بالقيام مع سعة ذرعه وعظيم تحمله، دليل على أنهم إنما تركوا من الواجبات ما هو أوجبها وأشدها نفعا، كما هو معلوم من خلقه العظيم. | هذا كل ما قيل في الاعتذار عن هذه البادرة، لكن من أمعن النظر فيه جزم ببعده عن الصواب لأن قوله {{صل}}: (لا تضلوا) يفيد أن الأمر للايجاب كما ذكرنا واستياؤه منهم دليل على أنهم تركوا أمرا من الواجبات عليهم، وأمره إياهم بالقيام مع سعة ذرعه وعظيم تحمله، دليل على أنهم إنما تركوا من الواجبات ما هو أوجبها وأشدها نفعا، كما هو معلوم من خلقه العظيم. | ||
:::6 | :::6. ثم قال الشيخ البشري معتذرا لهم: هذه قضية في واقعة كانت منهم على خلاف سيرتهم كفرطة سبقت، وفلتة ندرت، لا نعرف وجه الصحة فيها على سبيل التفصيل، والله الهادي إلى سواء السبيل.<ref>الموسوي، الاجتهاد في مقابل النص، ص156-159.</ref> | ||
==مباحث ذات صلة== | ==مباحث ذات صلة== |