انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الحجاج بن يوسف الثقفي»

imported>Foad
imported>Foad
سطر ١٣٩: سطر ١٣٩:


==إبان حكم عبد الملك بن مروان==
==إبان حكم عبد الملك بن مروان==
 
في فترة حكم [[عبد الملك بن مروان]]، كان الحجاج رئيس شرطة '''أبان بن مروان'''، شقيق عبد الملك ووالي [[فلسطين]]،<ref>الدينوري، المعارف، ص 354-396.</ref> ومن ثمّ صار أحد رجال شرطة [[روح بن زنباع الجذامي]]، ـ وزير الخليفة والأقرب إليه ـ. وكانت الشرطة آنذاك في حالة سيئة؛ فقرر عبد الملك أن يصحح مجراها، وأشار عليه روح بن زنباغ بتعيين الحجاج عليهم، فقبل عبد الملك الاقتراح، فجدّ واجتهد الحجاج في عمله حتى قربه عبد الملك من نفسه.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 5، ص 14.</ref>
في فترة حكم [[عبد الملك بن مروان]]، كان الحجاج رئيس شرطة '''أبان بن مروان'''، شقيق عبد الملك ووالي [[فلسطين]]،<ref>الدينوري، المعارف، ص354-396</ref> ومن ثمّ صار أحد رجال شرطة [[روح بن زنباع الجذامي]]، ـ وزير الخليفة والأقرب إليه ـ. وكانت الشرطة آنذاك في حالة سيئة؛ فقرر عبد الملك أن يصحح مجراها، وأشار عليه روح بن زنباغ بتعيين الحجاج عليهم، فقبل عبد الملك الاقتراح، فجدّ واجتهد الحجاج في عمله حتى قربه عبد الملك من نفسه.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج5، ص14</ref>


عندما أثار [[زفر بن حارث الكلابي]] الشغب في [[قرقيسيا]] بالقرب من '''جزيرة ابن عمر''' ضد عبد الملك وطالت محاصرة زفر، أرسل عبد الملك وفدا بقيادة '''رجاء بن حيوه الكندي''' للمفاوضات والصلح، وكان الحجاج أحد أعضاء هذا الوفد.
عندما أثار [[زفر بن حارث الكلابي]] الشغب في [[قرقيسيا]] بالقرب من '''جزيرة ابن عمر''' ضد عبد الملك وطالت محاصرة زفر، أرسل عبد الملك وفدا بقيادة '''رجاء بن حيوه الكندي''' للمفاوضات والصلح، وكان الحجاج أحد أعضاء هذا الوفد.


صلّى جميع أعضاء الوفد خلف زفر بن حارث إلاّ الحجاج حيث قال بأنه لا يصلي خلف منافق رفض طاعة الخليفة الأموي. وهذا الأمر علّى من شأنه ومكانته عند عبد الملك، فقرر أن يعيّنه والياّ على مدينة صغيرة تسمى "تبالة" ولكن عندما ذهب الحجاج إليها ورأى صغر حجمها وقلة شأنها، عاد إلى عبد الملك واعتذر من تولي هذه الأمارة.<ref>ابن نباتة، سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، ص173</ref>
صلّى جميع أعضاء الوفد خلف زفر بن حارث إلاّ الحجاج حيث قال بأنه لا يصلي خلف منافق رفض طاعة الخليفة الأموي. وهذا الأمر علّى من شأنه ومكانته عند عبد الملك، فقرر أن يعيّنه والياّ على مدينة صغيرة تسمى "تبالة" ولكن عندما ذهب الحجاج إليها ورأى صغر حجمها وقلة شأنها، عاد إلى عبد الملك واعتذر من تولي هذه الأمارة.<ref>ابن نباتة، سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، ص 173.</ref>


===حربه مع مصعب بن الزبير===
===حربه مع مصعب بن الزبير===
{{مفصلة|مصعب بن الزبير}}
{{مفصلة|مصعب بن الزبير}}
كان للحجاج دور مهم في تعبئة الشاميين عام 72 للذهاب إلى [[العراق]] والحرب مع [[مصعب بن زبير]]، وكان وقتها أحد قادة جيش [[عبد الملك بن مروان]]. وقُتل مصعب في هذه الحرب وأصبحت العراق تحت راية [[الخلافة الأموية]].<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 90 - 94.</ref>


كان للحجاج دور مهم في تعبئة الشاميين عام 72 للذهاب إلى [[العراق]] والحرب مع [[مصعب بن زبير]]، وكان وقتها أحد قادة جيش [[عبد الملك بن مروان]]. وقُتل مصعب في هذه الحرب وأصبحت العراق تحت راية [[الخلافة الأموية]].<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص90-94</ref>
بعد أن استولى عبد الملك على [[الكوفة]] أرسل الحجاج على رأس جيش كان أكثرهم من الشاميين لقمع [[عبد الله بن الزبير]] في [[الحجاز]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 204، 212، 242.</ref> وبالغ بعض المؤرخين في عدد جيش الحجاج وقالوا أنه تجاوز العشرين ألفا بل ذكر بعضهم أن العدد كان أربعين ألفا بين فارس وراجل،<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص185</ref> ولكن هناك من تطرق لعدد أكثر مقبولية وذكروا عدد الجيش إضافة للقوات المساعدة التي لحقت بهم فيما بعد، بما يقارب سبعة آلاف شخص.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 220.</ref>
 
بعد أن استولى عبد الملك على [[الكوفة]] أرسل الحجاج على رأس جيش كان أكثرهم من الشاميين لقمع [[عبد الله بن الزبير]] في [[الحجاز]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص204،212،242</ref> وبالغ بعض المؤرخين في عدد جيش الحجاج وقالوا أنه تجاوز العشرين ألفا بل ذكر بعضهم أن العدد كان أربعين ألفا بين فارس وراجل،<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص185</ref> ولكن هناك من تطرق لعدد أكثر مقبولية وذكروا عدد الجيش إضافة للقوات المساعدة التي لحقت بهم فيما بعد، بما يقارب سبعة آلاف شخص.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص220</ref>
===حربه مع عبد الله بن الزبير===
===حربه مع عبد الله بن الزبير===
في [[جمادى الأولى]] من سنة [[72 هـ|72هـ]]، خرج الحجاج من [[الكوفة]] وفي [[شعبان]] من السنة نفسها وصل [[الطائف]]، وعسكر هناك.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص174-175</ref> تنقل بعض الأخبار أن سبب استقراره في الطائف هو أنه لم يؤمر في بادئ الأمر بالتعرض [[مكة|لمكة]] و[[المسجد الحرام]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص220</ref>
في [[جمادى الأولى]] من سنة [[72 هـ|72هـ]]، خرج الحجاج من [[الكوفة]] وفي [[شعبان]] من السنة نفسها وصل [[الطائف]]، وعسكر هناك.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص174-175</ref> تنقل بعض الأخبار أن سبب استقراره في الطائف هو أنه لم يؤمر في بادئ الأمر بالتعرض [[مكة|لمكة]] و[[المسجد الحرام]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 220.</ref>


ولكن بعد مُضيّ شهرين من إقامته في الطائف وبعض الاشتباكات البسيطة بين جيشه وجيش ابن الزبير في [[عرفات]] وبعد وصول التعزيزات المطلوبة إضافة إلى أمر الخليفة الأموي، توجّه في الأول من [[ذي القعدة]] [[سنة 72 هـ]] إلى مكة المكرمة وحاصرها لمدة سبعة أو تسعة أشهر ومن ثم رجم [[الكعبة]] بالمنجنيق وبعد معارك عديدة قتل [[عبد الله بن الزبير]] في 17 جمادى الأولى أو [[جمادى الآخر]] [[سنة 73 هـ]] واحتل [[مكة]] وضم [[الحجاز]] إلى الحكم الأموي.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص220-224</ref>
ولكن بعد مُضيّ شهرين من إقامته في الطائف وبعض الاشتباكات البسيطة بين جيشه وجيش ابن الزبير في [[عرفات]] وبعد وصول التعزيزات المطلوبة إضافة إلى أمر الخليفة الأموي، توجّه في الأول من [[ذي القعدة]] [[سنة 72 هـ]] إلى مكة المكرمة وحاصرها لمدة سبعة أو تسعة أشهر ومن ثم رجم [[الكعبة]] بالمنجنيق وبعد معارك عديدة قتل [[عبد الله بن الزبير]] في 17 جمادى الأولى أو [[جمادى الآخر]] [[سنة 73 هـ]] واحتل [[مكة]] وضم [[الحجاز]] إلى الحكم الأموي.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص220 - 224.</ref>


===حاكم الحجاز===
===حاكم الحجاز===
تقديرا لخدمات الحجاج وإخلاصه وجهده لتقوية الدولة الأموية ولّى [[عبد الملك بن مروان]] الحجاج على مكة، فترة قصيرة ثمّ ولّاه على [[المدينة]] و[[الطائف]]، ثمّ [[اليمن]] و'''اليمامة'''.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 98.</ref>


تقديرا لخدمات الحجاج وإخلاصه وجهده لتقوية الدولة الأموية ولّى [[عبد الملك بن مروان]] الحجاج على مكة، فترة قصيرة ثمّ ولّاه على [[المدينة]] و[[الطائف]]، ثمّ [[اليمن]] و'''اليمامة'''.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج3، ص98</ref>
وفي أول خطواته طهّر الحجاج [[المسجد الحرام]] من آثار الحرب، وفي أوائل سنة 74هـ  ذهب إلى المدينة المنورة وأقام فيها شهرين، ومن ثم عاد إلى مكة ليعيد بناء [[الكعبة]] بأمر من الخليفة الأموي،<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 240.</ref> وفي أثناء مكوثه في المدينة عامل أهلها وخاصة صحابة [[الرسول الأكرم]]، بأبشع وأسوء معاملة.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 240.</ref>
 
وفي أول خطواته طهّر الحجاج [[المسجد الحرام]] من آثار الحرب، وفي أوائل سنة 74هـ  ذهب إلى المدينة المنورة وأقام فيها شهرين، ومن ثم عاد إلى مكة ليعيد بناء [[الكعبة]] بأمر من الخليفة الأموي،<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص240</ref> وفي أثناء مكوثه في المدينة عامل أهلها وخاصة صحابة [[الرسول الأكرم]]، بأبشع وأسوء معاملة.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص240</ref>


ومن ثم سافر الحجاج برفقة عدد من أشراف [[الحجاز]] إلى [[الشام]] للقاء الخليفة الأموي.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص241</ref>
ومن ثم سافر الحجاج برفقة عدد من أشراف [[الحجاز]] إلى [[الشام]] للقاء الخليفة الأموي.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 241.</ref>


===حاكم العراق===
===حاكم العراق===
{{مفصلة|العراق}}
{{مفصلة|العراق}}
بعد حكم الحجاج على [[الحجاز]] لمدة سنتين (أو ثلاث سنوات بحسب بعض الروايات) أقاله [[عبد الملك بن مروان]] من منصبه، وفي [[شهر رجب]] المرجب ـ ويقال في [[شهر رمضان المبارك]] ـ من [[سنة 75 للهجرة|سنة 75]] عيّنه واليا على العراق وبخيارات واسعة وشاملة وكاملة، ويذكر المؤرخون عدة أسباب لهذه الإقالة والتعيين، منها: أن عدداً من أشراف الحجاز طلبوا من عبد الملك أن يقيل الحجاج من إمارة الحجاز، وفضلاً عن ذلك يُقال السبب هو موت حاكم العراق '''بشير بن مروان بن الحكم'''، مما سبب اضطرابات في العراق إضافة لخطر إثارة الشغب من قبل [[الخوارج]].<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص202-209</ref>
بعد حكم الحجاج على [[الحجاز]] لمدة سنتين (أو ثلاث سنوات بحسب بعض الروايات) أقاله [[عبد الملك بن مروان]] من منصبه، وفي [[شهر رجب]] المرجب ـ ويقال في [[شهر رمضان المبارك]] ـ من [[سنة 75 للهجرة|سنة 75]] عيّنه واليا على العراق وبخيارات واسعة وشاملة وكاملة، ويذكر المؤرخون عدة أسباب لهذه الإقالة والتعيين، منها: أن عدداً من أشراف الحجاز طلبوا من عبد الملك أن يقيل الحجاج من إمارة الحجاز، وفضلاً عن ذلك يُقال السبب هو موت حاكم العراق '''بشير بن مروان بن الحكم'''، مما سبب اضطرابات في العراق إضافة لخطر إثارة الشغب من قبل [[الخوارج]].<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 202-209.</ref>


وهكذا تحققت نبوءة [[الإمام علي (ع)]] عندما قال لأهل [[الكوفة]]: "أما والله، ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتكم ويذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة".<ref>الإمام علي، نهج البلاغة، الخطبة 116</ref>
وهكذا تحققت نبوءة [[الإمام علي (ع)]] عندما قال لأهل [[الكوفة]]: "أما والله، ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتكم ويذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة".<ref>الإمام علي، نهج البلاغة، الخطبة 116.</ref>


بعد أن وصل للحجاج أمر الإمارة الجديدة، أسرع نحو العراق ودخل الكوفة يوم الجمعة ملثّماً وبرفقة اثني عشر فارساً، فدخل [[مسجد الكوفة]] وألقى خطابه الشهير الذي أمهل فيه مَن هرب من جيش [[المهلب بن أبي صفرة]] قائد جيوش بشر بن مروان ـ الذي كان يريد الحرب مع [[خوارج الحرورية]] ـ  أن يلتحق للجيش خلال ثلاثة أيام أو يلاقي مصير الموت.<ref>الجاحظ، البيان والتبيين، ج2، ص307-310</ref>
بعد أن وصل للحجاج أمر الإمارة الجديدة، أسرع نحو العراق ودخل الكوفة يوم الجمعة ملثّماً وبرفقة اثني عشر فارساً، فدخل [[مسجد الكوفة]] وألقى خطابه الشهير الذي أمهل فيه مَن هرب من جيش [[المهلب بن أبي صفرة]] قائد جيوش بشر بن مروان ـ الذي كان يريد الحرب مع [[خوارج الحرورية]] ـ  أن يلتحق للجيش خلال ثلاثة أيام أو يلاقي مصير الموت.<ref>الجاحظ، البيان والتبيين، ج 2، ص307-310.</ref>


وبعد خطبته هذه وسيطرته على الكوفة ذهب الحجاج إلى [[البصرة]] وألقى فيها خطبة مثل التي قام بها في أهل الكوفة، وتوعدهم مثل وعيده إياهم، ومن ثم ذهب إلى '''رستقباذ''' لتعزيز معنويات المهلب في حربه ضد الخوارج.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص210</ref>
وبعد خطبته هذه وسيطرته على الكوفة ذهب الحجاج إلى [[البصرة]] وألقى فيها خطبة مثل التي قام بها في أهل الكوفة، وتوعدهم مثل وعيده إياهم، ومن ثم ذهب إلى '''رستقباذ''' لتعزيز معنويات المهلب في حربه ضد الخوارج.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 210.</ref>


====ثورة ابن الجارود====
====ثورة ابن الجارود====
عندما كان الحجاج في رستقباذ ثار الناس عليه بقيادة [[عبد الله بن الجارود]]، ويقال أن سبب هذه الثورة هو تهديدات الحجاج بشأن البقاء في ساحات القتال وصولاً إلى النصر الكامل، وأيضا تخفيض مائة درهم من رواتب المقاتلين. كانت هذه الثورة أو الاحتجاج في ربيع الآخر من سنة 76، ونهب أهل العراق فيها الأموال ومخازن الأسلحة. فحاربهم الحجاج بعد استشارة أصحابه ووصول التعزيزات، وقَتَل ابن الجارود، وفرّق أنصاره.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص397-405</ref>
عندما كان الحجاج في رستقباذ ثار الناس عليه بقيادة [[عبد الله بن الجارود]]، ويقال أن سبب هذه الثورة هو تهديدات الحجاج بشأن البقاء في ساحات القتال وصولاً إلى النصر الكامل، وأيضا تخفيض مائة درهم من رواتب المقاتلين. كانت هذه الثورة أو الاحتجاج في ربيع الآخر من سنة 76، ونهب أهل العراق فيها الأموال ومخازن الأسلحة. فحاربهم الحجاج بعد استشارة أصحابه ووصول التعزيزات، وقَتَل ابن الجارود، وفرّق أنصاره.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 397-405.</ref>


====ثورة الزنوج====
====ثورة الزنوج====
تزامنا مع أمر ابن الجارود اجتمع خلق كثير من الزنج بالقرب من نهر الفرات وجعلوا عليهم رجلاً منهم اسمه '''رباح''' ويلقب [[شير زنجي]] ـ يعني أسد الزنج ـ واحتلوا بعض القرى والمناطق المحاذية للبصرة، فأرسل إليهم الحجاج جيشاً، فهزم الزنج وقتلهم في سهل دورق ـ الواقعة في [[خوزستان]] ـ.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص414-415</ref>
تزامنا مع أمر ابن الجارود اجتمع خلق كثير من الزنج بالقرب من نهر الفرات وجعلوا عليهم رجلاً منهم اسمه '''رباح''' ويلقب [[شير زنجي]] ـ يعني أسد الزنج ـ واحتلوا بعض القرى والمناطق المحاذية للبصرة، فأرسل إليهم الحجاج جيشاً، فهزم الزنج وقتلهم في سهل دورق ـ الواقعة في [[خوزستان]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 414-415.</ref>


====حروب الخوارج====
====حروب الخوارج====
في أواخر رمضان 75، أرسل الحجاج جيشاً بقيادة '''المهلب''' و'''عبد الرحمن بن مخنف''' لقمع [[خوارج الأزارقة]] بقيادة قطري بن فجاترة، ودارت بينهما حروب، واستمرت إلى بدايات سنة 78، وتم قمعهم بعد خلاف ظهر بين الخوارج مما أدى إلى تشتتهم وقمعهم في نهاية المطاف.<ref>الدينوري، المعارف، ص411</ref>
في أواخر رمضان 75، أرسل الحجاج جيشاً بقيادة '''المهلب''' و'''عبد الرحمن بن مخنف''' لقمع [[خوارج الأزارقة]] بقيادة قطري بن فجاترة، ودارت بينهما حروب، واستمرت إلى بدايات سنة 78، وتم قمعهم بعد خلاف ظهر بين الخوارج مما أدى إلى تشتتهم وقمعهم في نهاية المطاف.<ref>الدينوري، المعارف، ص 411.</ref>


وفي عامي 76و77 ثار [[الخوارج]] ضد الحجاج بقيادة '''شبيب بن يزيد الشيباني'''، ووقعت عدة معارك بين الجيشين في [[العراق]] وكان النصر يحالف جيش '''شبيب''' دائما، حتى استطاع الحجاج أخيراً أن يهزم الشيباني، ويُلحق الخسارة بجيشه.<ref>الدينوري، المعارف، ص411</ref>
وفي عامي 76و77 ثار [[الخوارج]] ضد الحجاج بقيادة '''شبيب بن يزيد الشيباني'''، ووقعت عدة معارك بين الجيشين في [[العراق]] وكان النصر يحالف جيش '''شبيب''' دائما، حتى استطاع الحجاج أخيراً أن يهزم الشيباني، ويُلحق الخسارة بجيشه.<ref>الدينوري، المعارف، ص 411.</ref>


====ثورة مطرف بن المغيرة بن شعبة====
====ثورة مطرف بن المغيرة بن شعبة====
كان '''مطرف بن المغيرة بن شعبة''' والياً للحجاج على [[المدائن]]، وقام ضد الحجاج و[[الخلافة الأموية|الحكم الأموي]]، فخلع عبد الملك وأحلّ دم الحجاج، ومن جهة أخرى سجن الحجاج "حمزة" ـ شقيق مطرف وأحد مواليه ـ في [[همدان]] وأرسل جيشاً لقتال ابن المغيرة وفي معركة حاسمة قمع ثورتهم وقتل مطرف بالقرب من مدينة [[اصفهان]].<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص 284 - 298</ref>
كان '''مطرف بن المغيرة بن شعبة''' والياً للحجاج على [[المدائن]]، وقام ضد الحجاج و[[الخلافة الأموية|الحكم الأموي]]، فخلع عبد الملك وأحلّ دم الحجاج، ومن جهة أخرى سجن الحجاج "حمزة" ـ شقيق مطرف وأحد مواليه ـ في [[همدان]] وأرسل جيشاً لقتال ابن المغيرة وفي معركة حاسمة قمع ثورتهم وقتل مطرف بالقرب من مدينة [[اصفهان]].<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 284 - 298.</ref>


====الحرب مع ابن الأشعث====
====الحرب مع ابن الأشعث====
أعنف وأشد تمرد واجهه الحجاج كان ثورة '''عبد الرحمن بن الأشعث الكندي''' والتي طالت من سنة 81 ولغاية 84 للهجرة.<ref>العمد، الحجاج بن يوسف الثقفي، ص259</ref>
أعنف وأشد تمرد واجهه الحجاج كان ثورة '''عبد الرحمن بن الأشعث الكندي''' والتي طالت من سنة 81 ولغاية 84 للهجرة.<ref>العمد، الحجاج بن يوسف الثقفي، ص 259.</ref>


بعد هزيمة الجيش الأموي [[سنة 79 للهجرة|سنة 79]] في مطاف جيش '''رتبيل''' (حاكم سجستان) وآلاف الضحايا من المسلمين،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص322-324</ref> أعد الحجاج في نهايات سنة 79 وبدايات [[سنة 80 هـ]]، جيش '''الطواويس''' لقتال رتبيل، وجعل فيه من أهل [[الكوفة]] عشرين ألفا ومن أهل [[البصرة]] عشرين ألفا، وبعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، وكان الجيش يسمى الطواويس لحسنه.
بعد هزيمة الجيش الأموي [[سنة 79 للهجرة|سنة 79]] في مطاف جيش '''رتبيل''' (حاكم سجستان) وآلاف الضحايا من المسلمين،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص322-324</ref> أعد الحجاج في نهايات سنة 79 وبدايات [[سنة 80 هـ]]، جيش '''الطواويس''' لقتال رتبيل، وجعل فيه من أهل [[الكوفة]] عشرين ألفا ومن أهل [[البصرة]] عشرين ألفا، وبعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، وكان الجيش يسمى الطواويس لحسنه.


وبعد نجاحات عدة حققها عبد الرحمن، قرر أن يكتفي من التوغل إلى بلاد '''السند'''؛ وذلك بسبب بداية الشتاء فلذا كتب إلى الحجاج يعرّفه بذلك، مطالباً إياه توقف الحرب حتى قدوم الربيع وتحسن الطقس، ولكن الحجاج لم يقبل بذلك وأرسل له كتاباً يعيب فيه رأي الكندي، وأمَره بالوغول في أرض العدو، هذا الأمر إضافة لخلاف سابق كان بين الحجاج وابن الأشعث سبب عصيان وثورة عبد الرحمن بن الأشعث، فثار بعد أن بايعه أكثر من سبعين ألفا، فخلع الحجاج وتصالح مع رتبيل وسار نحو [[العراق]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص431-436</ref>
وبعد نجاحات عدة حققها عبد الرحمن، قرر أن يكتفي من التوغل إلى بلاد '''السند'''؛ وذلك بسبب بداية الشتاء فلذا كتب إلى الحجاج يعرّفه بذلك، مطالباً إياه توقف الحرب حتى قدوم الربيع وتحسن الطقس، ولكن الحجاج لم يقبل بذلك وأرسل له كتاباً يعيب فيه رأي الكندي، وأمَره بالوغول في أرض العدو، هذا الأمر إضافة لخلاف سابق كان بين الحجاج وابن الأشعث سبب عصيان وثورة عبد الرحمن بن الأشعث، فثار بعد أن بايعه أكثر من سبعين ألفا، فخلع الحجاج وتصالح مع رتبيل وسار نحو [[العراق]].<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 431-436.</ref>


بعد وصول التعزيزات العسكرية المرسلة من قبل [[عبد الملك بن مروان]]، اتجه الحجاج نحو البصرة وواجه ابن الأشعث، وفي أول حرب بين الجيشين في منطقة [[الدجيل]] انتصر الحجاج، ولكن في معركتهم الثانية التي كانت في [[تستر]] قد انهزم الحجاج هزيمة عظمى وقتل من قتل من جيشه وكانت معركة تستر في [[عيد الأضحى]] من [[سنة 81 للهجرة|سنة 81 هـ]]، فلما أتى خبر الهزيمة إلى الحجاج رجع إلى البصرة. وجمع جيوشه، وأعاد تنظيمها، وقرّر الهجوم على جيوش ابن الأشعث في البصرة، وبالفعل في محرم الحرام [[سنة 82 هـ]] اصطدم الجيشان في الزاوية (بالقرب من البصرة) وتمكن الحجاج من هزيمة جيش عبد الرحمن، واستعاد البصرة وعفى عن أهلها.
بعد وصول التعزيزات العسكرية المرسلة من قبل [[عبد الملك بن مروان]]، اتجه الحجاج نحو البصرة وواجه ابن الأشعث، وفي أول حرب بين الجيشين في منطقة [[الدجيل]] انتصر الحجاج، ولكن في معركتهم الثانية التي كانت في [[تستر]] قد انهزم الحجاج هزيمة عظمى وقتل من قتل من جيشه وكانت معركة تستر في [[عيد الأضحى]] من [[سنة 81 للهجرة|سنة 81 هـ]]، فلما أتى خبر الهزيمة إلى الحجاج رجع إلى البصرة. وجمع جيوشه، وأعاد تنظيمها، وقرّر الهجوم على جيوش ابن الأشعث في البصرة، وبالفعل في محرم الحرام [[سنة 82 هـ]] اصطدم الجيشان في الزاوية (بالقرب من البصرة) وتمكن الحجاج من هزيمة جيش عبد الرحمن، واستعاد البصرة وعفى عن أهلها.


بعد هزيمة عبد الرحمن في معركة الزاوية نزل '''دير الجماجم''' (التي تقع على بعد سبعة فراسخ من شمال الكوفة) واجتمع إليه مئتي ألف مقاتل ممن يبغضون الحجاج، وحين وصل خبرهم إلى الحجاج اتجه لقتالهم وبعد مئة يوم وأكثر من ثمانين معركة بين الطرفين والتي بدأت منذ الأول من ربيع الثاني واستمرت لغاية [[14 جمادي الآخرة]]، انهزم جيش ابن الأشعث هزيمة نكراء. ويُذكر أن الحجاج قد قطع رأس أغلب الأسرى في هذه المعارك.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج6، ص452-460-480</ref>
بعد هزيمة عبد الرحمن في معركة الزاوية نزل '''دير الجماجم''' (التي تقع على بعد سبعة فراسخ من شمال الكوفة) واجتمع إليه مئتي ألف مقاتل ممن يبغضون الحجاج، وحين وصل خبرهم إلى الحجاج اتجه لقتالهم وبعد مئة يوم وأكثر من ثمانين معركة بين الطرفين والتي بدأت منذ الأول من ربيع الثاني واستمرت لغاية [[14 جمادي الآخرة]]، انهزم جيش ابن الأشعث هزيمة نكراء. ويُذكر أن الحجاج قد قطع رأس أغلب الأسرى في هذه المعارك.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 6، ص 452-460-480.</ref>


وفي شعبان [[سنة 83 للهجرة|سنة 83]] التقى جيش ابن الأشعث مع جيش الحجاج، وهُزم جيش ابن الأشعث في معركة مسكن، وهرب الكندي إلى [[سيستان]] ولجأ عند رتبيل، فتصالح الحجاج مع رتبيل وطلب منه أن يسلمه ابن الأشعث، فقبل رتبيل وأرسل له عبد الرحمن ولكن انتحر الكندي في الطريق.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج12، ص425-472-480</ref>
وفي شعبان [[سنة 83 للهجرة|سنة 83]] التقى جيش ابن الأشعث مع جيش الحجاج، وهُزم جيش ابن الأشعث في معركة مسكن، وهرب الكندي إلى [[سيستان]] ولجأ عند رتبيل، فتصالح الحجاج مع رتبيل وطلب منه أن يسلمه ابن الأشعث، فقبل رتبيل وأرسل له عبد الرحمن ولكن انتحر الكندي في الطريق.<ref>البلاذري، أنساب الشرف، ج 12، ص 425-472-480.</ref>


====فتوحات في شبه القارة الهندية====
====فتوحات في شبه القارة الهندية====
بعد ما تمكن الحجاج من قمع جميع معارضي [[الخلافة الأموية|الحكومة الأموية]]، أمر '''قتيبة بن مسلم الباهلي''' (والي خراسان) أن يستمر في فتوحاته، ولبّى قتيبة الأمر، وفتح كثير من مدن وبلدان ما وارء النهر وآسيا الوسطى<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج6، ص424-445</ref> ومن جهة أخرى فتح '''محمد بن قاسم الثقفي''' مناطق من السند و[[شبه القارة الهندية]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص212-213</ref>
بعد ما تمكن الحجاج من قمع جميع معارضي [[الخلافة الأموية|الحكومة الأموية]]، أمر '''قتيبة بن مسلم الباهلي''' (والي خراسان) أن يستمر في فتوحاته، ولبّى قتيبة الأمر، وفتح كثير من مدن وبلدان ما وارء النهر وآسيا الوسطى<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 6، ص 424-445.</ref> ومن جهة أخرى فتح '''محمد بن قاسم الثقفي''' مناطق من السند و[[شبه القارة الهندية]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 212-213.</ref>


==وفاؤه لآل أمية==
==وفاؤه لآل أمية==
مستخدم مجهول