نص:حوار المأمون والرضا (ع) حول ولاية العهد

من ويكي شيعة
حوار المأمون والرضا (ع) حول ولاية العهد

روى أبو الصلت الهروي:

إن المأمون قال للرضا علي بن موسى (ع) يابن رسول الله قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة مني،

فقال الرضا (ع) بالعبودية للّه عز وجل أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله تعالى،

فقال له المأمون: إنّى قد رأيت أنّ أعزك نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك!

فقال له الرّضا إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز لك أن تخلع لباساً ألبسكه الله وتجعله لغيرك وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك تجعل لي ما ليس لك

فقال له المأمون يابن رسول الله لابُد لك من قبول هذا الأمر

فقال لست أفعل ذلك طايعاً أبداً

فما زال يجهد به أياماً حتى يَئس من قبوله له فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي

فقال الرضا (ع) والله لقد حدّثنى أبى عن آبائه عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّى أخرج من الدنيا قبلك مقتولاً بالسّم مظلوماً تبكي عليّ ملائكة السماء وملائكة الأرض وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد

فبكى المأمون ثم قال له يابن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حيّ

قال الرّضا (ع) أمّا انّي لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت

فقال المأمون يابن رسول الله إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ليقول الناس إنّك زاهدٌ في الدنيا

فقال الرضا (ع) والله ما كذبت منذ خلقني ربّى تعالى وما زهدتُ في الدنيا للدنيا وانّى لأعلم ما تريد

قال المأمون وما أريد؟

قال الأمان على الصدق

قال لك الأمان

قال تريد بذلك أن يقول الناسُ إنّ علي بن موسى الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة

فغضب المأمون ثم قال إنك تتلقاني أبداً بما أكرهه وقد آمنت سطوتي فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلاّ أجبرتك على ذلك فإن فعلت وإلا ضربتُ عنقك،

فقال الرضا (ع) قد نهاني الله عزّ وجل أن ألقى بيدي إلى التهلكة فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك وأنا أقبل ذلك على أن لا أولي أحداً ولا أعزل أحداً ولا أنقض رسماً ولا سنة وأكون في الأمر بعيداً مشيراً فرضى منه بذلك

(القول لأبي الصلت): وجعله ولي عهده على كراهة منه (ع) لذلك.[١]

الهوامش

  1. الصدوق، علل الشرائع ج1 ص237؛ الصدوق، الأمالي ج1 ص126؛ الصدوق، عيون أخبار الرضا (ع) ج1 ص152 ح3؛ الفتال النيسابوري ، روضة الواعظين ج1 ص223؛ حرّ العاملي، وسائل الشيعة ج17 ص204