مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «شعب أبي طالب»
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Alkazale لا ملخص تعديل |
imported>Alkazale لا ملخص تعديل |
||
سطر ٨: | سطر ٨: | ||
==أسماءه== | ==أسماءه== | ||
كان هذا الشِعب ملكا [[بني هاشم|لبني هاشم]]، وقد سمي بأسماء مختلفة خلال الفترات المتعاقبة، مثل [[شعب أبي طالب|شعب بني هاشم]]، و[[شعب أبي طالب]]، و[[شعب أبي طالب|شعب علي بن أبي طالب]]، و[[شعب أبي طالب|شعب أبي يوسف]].<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، | كان هذا الشِعب ملكا [[بني هاشم|لبني هاشم]]، وقد سمي بأسماء مختلفة خلال الفترات المتعاقبة، مثل [[شعب أبي طالب|شعب بني هاشم]]، و[[شعب أبي طالب]]، و[[شعب أبي طالب|شعب علي بن أبي طالب]]، و[[شعب أبي طالب|شعب أبي يوسف]].<ref>ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 347.</ref> | ||
==موقعه الجغرافي== | ==موقعه الجغرافي== | ||
يقع [[شعب أبي طالب]] بالقرب من [[المسجد الحرام]] خلف [[الصفا والمروة]] بين جبل أبو قبيس وجبل حنتمة.<ref>ابن هشام، السيرة، | يقع [[شعب أبي طالب]] بالقرب من [[المسجد الحرام]] خلف [[الصفا والمروة]] بين جبل أبو قبيس وجبل حنتمة.<ref>ابن هشام، السيرة، ج 1، ص 353.</ref> ويحتوي الشِعب على فضاء واسع مرصع بالحجر المرمر وأصبح موضع استراحة الحجاج في زمان الحج.<ref>رسول جعفريان، تاريخ الآثار الإسلامي، ص 151.</ref> | ||
وقد أخطا البعض حين افترض أن مقبر الحجون ــــ التي دفن فيها [[أبوطالب]] ـــ توجد في هذا الشِعب، إذ إن الحجون كانت مقبرة أهل [[مكة]] وهي خارج المدينة.<ref> تاريخ الآثار | وقد أخطا البعض حين افترض أن مقبر الحجون ــــ التي دفن فيها [[أبوطالب]] ـــ توجد في هذا الشِعب، إذ إن الحجون كانت مقبرة أهل [[مكة]] وهي خارج المدينة.<ref> تاريخ الآثار الإسلامية، ص 151.</ref> | ||
في الوقت الحاضر أصبح جزء كبيرا من هذا الشِعب ضمن حرم [[الكعبة المشرفة]] بعد عدة توسعات على مدار التاريخ، ولم يبق منه إلا مساحة قليلة تعرف باسم سوق الليل. | في الوقت الحاضر أصبح جزء كبيرا من هذا الشِعب ضمن حرم [[الكعبة المشرفة]] بعد عدة توسعات على مدار التاريخ، ولم يبق منه إلا مساحة قليلة تعرف باسم سوق الليل. | ||
==مكانته الدينية والتاريخية== | ==مكانته الدينية والتاريخية== | ||
عندما حكم [[قصي بن كلاب]] [[مكة]]، أعطى لكل قبيلة من قريش مكانا يكون سكنا لهم. وكان هذا المكان (([[شعب أبي طالب]])) يقع مقابل [[الكعبة]]، جعله قصي له ولأولاده عبد مناف وعبد الدار.<ref>رسول جعفريان الآثار التاريخية لمكة | عندما حكم [[قصي بن كلاب]] [[مكة]]، أعطى لكل قبيلة من قريش مكانا يكون سكنا لهم. وكان هذا المكان (([[شعب أبي طالب]])) يقع مقابل [[الكعبة]]، جعله قصي له ولأولاده عبد مناف وعبد الدار.<ref>رسول جعفريان الآثار التاريخية لمكة والمدينة، ص 149.</ref> | ||
ثم أصبح هذا الشِعب فيما بعد ذلك تحت تصرف [[عبد المطلب]]، حيث قسمه على أولاده في آخر حياته، وقد حصل [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} على حصة أبيه.<ref>معجب البلدان، ياقوت | ثم أصبح هذا الشِعب فيما بعد ذلك تحت تصرف [[عبد المطلب]]، حيث قسمه على أولاده في آخر حياته، وقد حصل [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} على حصة أبيه.<ref>معجب البلدان، ياقوت الحموي،ج 3، ص 347.</ref> | ||
لقد ولد في هذا الشِعب أبر [[بني هاشم|الهاشميين]]، وعلى رأسهم [[رسول الله]] {{صل}} حيث كانت ولادته المباركة في هذا الشِعب.<ref>الكليني، كتاب الكافي، | لقد ولد في هذا الشِعب أبر [[بني هاشم|الهاشميين]]، وعلى رأسهم [[رسول الله]] {{صل}} حيث كانت ولادته المباركة في هذا الشِعب.<ref>الكليني، كتاب الكافي، ج 1، ص 439.</ref> ولهذا يقال لهذا الشِعب في بعض الأحيان شِعب المولد.<ref>تاريخ الآثار الإسلامية في مكة والمدينة، ص 114.</ref> | ||
وقد كان هذا الشِعب محل سكن [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} و[[خديجة الكبرى عليها السلام|خديجة]]{{ع}}، وقد ولدت [[فاطمة الزهراء|السيدة الزهراء]] {{ع}} في هذا الشِعب.<ref>رسول جعفريان، التاريخ واآثار الإسلامية، ص | وقد كان هذا الشِعب محل سكن [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} و[[خديجة الكبرى عليها السلام|خديجة]]{{ع}}، وقد ولدت [[فاطمة الزهراء|السيدة الزهراء]] {{ع}} في هذا الشِعب.<ref>رسول جعفريان، التاريخ واآثار الإسلامية، ص 114.</ref> | ||
كما إن [[ابن عباس]] ولد في هذا الشِعب، وعاش فيه.<ref>أخبار الدولة | كما إن [[ابن عباس]] ولد في هذا الشِعب، وعاش فيه.<ref>أخبار الدولة العباسية، ص 25.</ref> | ||
==محاصرة بني هاشم== | ==محاصرة بني هاشم== | ||
في ظل الحصار الإقتصادي والإجتماعي الذي فرضته قريش على [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} و[[بني هاشم]] لجأ بنوهاشم إلى هذا الشِعب وقضوا فيه مدة الحصار التي استمرت لمدة ثلاث سنوات تحملوا فيها أنواع المشقة وأنواع العذاب.<ref>ابن سعد، الطبقات | في ظل الحصار الإقتصادي والإجتماعي الذي فرضته قريش على [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} و[[بني هاشم]] لجأ بنوهاشم إلى هذا الشِعب وقضوا فيه مدة الحصار التي استمرت لمدة ثلاث سنوات تحملوا فيها أنواع المشقة وأنواع العذاب.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى،ج 1،ص 163.</ref> | ||
وقد تمت محاصرة [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} مع بني هاشم في السنة السادسة من البعثة المباركة، وهي أحد الوسائل التي اتخذتها قريش بعد أن عجزت عن اقناع النبي {{صل}} بالتنازل عن دعوته إلى الإسلام. كما انها حاولت تفريق المسلمين عنه لكنها لم تنفع في نهاية المطاف. | وقد تمت محاصرة [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} مع بني هاشم في السنة السادسة من البعثة المباركة، وهي أحد الوسائل التي اتخذتها قريش بعد أن عجزت عن اقناع النبي {{صل}} بالتنازل عن دعوته إلى الإسلام. كما انها حاولت تفريق المسلمين عنه لكنها لم تنفع في نهاية المطاف. | ||
سطر ٤٢: | سطر ٤٢: | ||
بعد أن أعلنت قريش هذه الوثيقة وعلقتها على جدار [[الكعبة]] دعى [[أبوطالب]] [[بني هاشم]] أن ينزلوا في [[شعب أبي طالب]] ويسكنون متقاربين كي يحموا أنفسهم ويحموا [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]]{{صل}}، وأسكنهم في بيت صغير له وسقيفة مختصرة. وجعل الشِعب تحت الحراسة الدائمة وبشكل متناوب. | بعد أن أعلنت قريش هذه الوثيقة وعلقتها على جدار [[الكعبة]] دعى [[أبوطالب]] [[بني هاشم]] أن ينزلوا في [[شعب أبي طالب]] ويسكنون متقاربين كي يحموا أنفسهم ويحموا [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]]{{صل}}، وأسكنهم في بيت صغير له وسقيفة مختصرة. وجعل الشِعب تحت الحراسة الدائمة وبشكل متناوب. | ||
وكان المسلمون وبني هاشم يستطيعون الخروج من الشعب في [[موسم الحج]] ويتعاملون مع الحجيج القادمين من خارج [[مكة]]، ولما رأت قريش هذا الشيء أصدرت أمرا مفاده: كل من يتعامل مع [[بني هاشم]] من الحجيج تصادر أمواله.<ref>الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، | وكان المسلمون وبني هاشم يستطيعون الخروج من الشعب في [[موسم الحج]] ويتعاملون مع الحجيج القادمين من خارج [[مكة]]، ولما رأت قريش هذا الشيء أصدرت أمرا مفاده: كل من يتعامل مع [[بني هاشم]] من الحجيج تصادر أمواله.<ref>الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، ص 71ــ 72.</ref> | ||
وكان [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} لا يتوانا عن دعوة الناس في موسم الحج إلى الإسلام، ولكن هذا العمل أزعج قريش ؛ ولهذا طلبوا من [[أبوطالب|أبي طالب]] أن يسلمهم [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} كي يقتلوه، ولكن [[أبوطالب|أبا طالب]] رفض طلبهم هذا ووقف حائلا دون قتل [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}}.<ref>إعلام | وكان [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} لا يتوانا عن دعوة الناس في موسم الحج إلى الإسلام، ولكن هذا العمل أزعج قريش ؛ ولهذا طلبوا من [[أبوطالب|أبي طالب]] أن يسلمهم [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}} كي يقتلوه، ولكن [[أبوطالب|أبا طالب]] رفض طلبهم هذا ووقف حائلا دون قتل [[النبي صلّى الله عليه وآله وسلم|النبي]] {{صل}}.<ref>إعلام الورى، ص 72ــ 73.</ref> | ||
وكان [[أبو طالب|أبوطالب]] يغيّر المكان الذي ينام فيه النبي {{صل}} في كل ليلة، وكان إذا نام في مكان ما جعله ينام في الوسط، ويجعل أبنائه ينامون في الأطراف؛ حفاظاً على حياته {{صل}}. | وكان [[أبو طالب|أبوطالب]] يغيّر المكان الذي ينام فيه النبي {{صل}} في كل ليلة، وكان إذا نام في مكان ما جعله ينام في الوسط، ويجعل أبنائه ينامون في الأطراف؛ حفاظاً على حياته {{صل}}. | ||
===وضع بني هاشم المحزن=== | ===وضع بني هاشم المحزن=== | ||
استمرت محاصرة بني هاشم لمدة ثلاث سنوات، ولم يستطيعوا أن ينالوا من بني هاشم وشبابها الذين صمدوا خلال هذه السنوات الثلاث ولم يتأثروا بها.<ref>رسول جعفريان، تاريخ الآثار الإسلامية في مكة | استمرت محاصرة بني هاشم لمدة ثلاث سنوات، ولم يستطيعوا أن ينالوا من بني هاشم وشبابها الذين صمدوا خلال هذه السنوات الثلاث ولم يتأثروا بها.<ref>رسول جعفريان، تاريخ الآثار الإسلامية في مكة والمدينة، ص 114.</ref> | ||
كانت قريش قد وضعت الحراس على الشِعب من أجل منع من يريد أن يقدم مساعدة لبني هاشم من أهل مكة، ولكن على الرغم من هذا، استطاع [[حكيم بن حزام]] ــــ ابن أخ [[خديجة الكبرى عليها السلام|السيدة خديجة]] ـــ أن يصل إلى الشِعب بطريقة أو بأخرى<ref>ابن هشام، السيرة، | كانت قريش قد وضعت الحراس على الشِعب من أجل منع من يريد أن يقدم مساعدة لبني هاشم من أهل مكة، ولكن على الرغم من هذا، استطاع [[حكيم بن حزام]] ــــ ابن أخ [[خديجة الكبرى عليها السلام|السيدة خديجة]] ـــ أن يصل إلى الشِعب بطريقة أو بأخرى<ref>ابن هشام، السيرة، ج 1، ص 354.</ref>، وكذلك [[أبو العاص بن ربيع]]<ref>الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى،ص:73</ref>، و[[هشام بن عمر]]، حيث كانوا يتسللون في أنصاف الليالي، ويقدمون لهم الحنطة والتمر، وكانت تسبب لهم هذه المساعدة التي يقدمونها مأزقا في بعض الأحيان.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 354.</ref> | ||
وقد أمضى [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]] {{صل}} وأصحابه وزوجته [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] وعمه [[أبو طالب]] سنوات صعبة في هذا الحصار، لكن قريش لم تستطع النيل منهم. | وقد أمضى [[النبي صلّى الله عليه وآله و سلم|النبي]] {{صل}} وأصحابه وزوجته [[خديجة بنت خويلد|خديجة]] وعمه [[أبو طالب]] سنوات صعبة في هذا الحصار، لكن قريش لم تستطع النيل منهم. | ||
===نهاية الحصار=== | ===نهاية الحصار=== | ||
وفي إحدى الليالي كان [[حكيم بن حزام]] وكعادته يأتي بالغذاء إلى من كانوا في الشعب، فصادف أن رآه أبو جهل فمنعه من الدخول إلى الشِعب، وقد تجمع عليهم جمعٌ من الناس، وأخذوا يلومون أبا جهل، ثم ندم مجموعة من أهل مكة لمحاصرتهم لبني هاشم، وقالوا أيتنعم [[بنو مخزوم]] (عشيرة أبو جهل)، وأولاد هاشم وعبد المطلب يعيشون الضيم والحصار، ثم قرروا إلغاء العهد الذي اتفقوا عليه من أجل محاصرة بني هاشم. وقد اجتمع مجموعة من الذين شاركوا في كتابة العهد، وقرروا أن يمزقوا العهد الذي كتبوه وعلقوه على [[الكعبة]]، ثم انطلقوا إلى الكعبة فوجدوا العهد المعلق على جدار الكعبة قد أكلته الإرضة، ولم يبقى منه إلا كلمة (بسمك اللهم) <ref>جعفر الشهيدي، التاريخ التحليلي للإسلام، ص | وفي إحدى الليالي كان [[حكيم بن حزام]] وكعادته يأتي بالغذاء إلى من كانوا في الشعب، فصادف أن رآه أبو جهل فمنعه من الدخول إلى الشِعب، وقد تجمع عليهم جمعٌ من الناس، وأخذوا يلومون أبا جهل، ثم ندم مجموعة من أهل مكة لمحاصرتهم لبني هاشم، وقالوا أيتنعم [[بنو مخزوم]] (عشيرة أبو جهل)، وأولاد هاشم وعبد المطلب يعيشون الضيم والحصار، ثم قرروا إلغاء العهد الذي اتفقوا عليه من أجل محاصرة بني هاشم. وقد اجتمع مجموعة من الذين شاركوا في كتابة العهد، وقرروا أن يمزقوا العهد الذي كتبوه وعلقوه على [[الكعبة]]، ثم انطلقوا إلى الكعبة فوجدوا العهد المعلق على جدار الكعبة قد أكلته الإرضة، ولم يبقى منه إلا كلمة (بسمك اللهم) <ref>جعفر الشهيدي، التاريخ التحليلي للإسلام، ص 53.</ref> | ||
في هذه الأثناء أخبر [[النبي الأكرم|النبي]] {{صل}} عمه أبا طالب أن الإرضة قد أكلت العهد المعلق على أستار الكعبة ولم يبق منه إلا كلمة (بسمك اللهم)، فذهب أبو طالب إلى قريش وأخبرهم بقوله، ثم قال لهم إن صدق ابن أخي فأرفعوا عنّا الحصار، وإن كذب فسوف أسلّمه لكم. فذهبوا إلى العهد فوجدوه كما أخبر النبي {{صل}}، وبهذا انتهت المحاصرة عن النبي {{صل}} وأصحابه وبني هاشم. | في هذه الأثناء أخبر [[النبي الأكرم|النبي]] {{صل}} عمه أبا طالب أن الإرضة قد أكلت العهد المعلق على أستار الكعبة ولم يبق منه إلا كلمة (بسمك اللهم)، فذهب أبو طالب إلى قريش وأخبرهم بقوله، ثم قال لهم إن صدق ابن أخي فأرفعوا عنّا الحصار، وإن كذب فسوف أسلّمه لكم. فذهبوا إلى العهد فوجدوه كما أخبر النبي {{صل}}، وبهذا انتهت المحاصرة عن النبي {{صل}} وأصحابه وبني هاشم. | ||