مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الغلو»
←معنى الغلو
imported>Foad |
imported>Foad |
||
سطر ١٠: | سطر ١٠: | ||
== معنى الغلو == | == معنى الغلو == | ||
=== الغلو في اللغة === | === الغلو في اللغة === | ||
تدور الأحرف الأصلية لهذه الكلمة ومشتقاتها على معنى واحد يدل على مجاوزة الحد والقدر: | تدور الأحرف الأصلية لهذه الكلمة ومشتقاتها على معنى واحد يدل على مجاوزة الحد والقدر: | ||
قال [[ابن منظور]]: "غلا في [[الدين]]، والأمر يغلو غُلُواً: جاوز حده. وقال بعضهم: غلوت في الأمر غلواً إذا جاوزت فيه الحد وأفرطت فيه. وفي الحديث: إياكم والغلو في الدين أي [[التشدد]] فيه ومجاوزة الحد".<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 10، ص | قال [[ابن منظور]]: "غلا في [[الدين]]، والأمر يغلو غُلُواً: جاوز حده. وقال بعضهم: غلوت في الأمر غلواً إذا جاوزت فيه الحد وأفرطت فيه. وفي الحديث: إياكم والغلو في الدين أي [[التشدد]] فيه ومجاوزة الحد".<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 10، ص 112، مادة غلا.</ref> | ||
وقال الطريحي: "غلا في الدين غلواً من باب قعد: تصلب وتشدد حتى تجاوز الحد والمقدار".<ref>الطريحي، مجمع البحرين، ج 1، ص | وقال الطريحي: "غلا في الدين غلواً من باب قعد: تصلب وتشدد حتى تجاوز الحد والمقدار".<ref>الطريحي، مجمع البحرين، ج 1، ص 318، مادة غلا.</ref> | ||
وقال الراغب: "الغلو تجاوز الحد، يقال ذلك إذا كان في السعر غلاء".<ref>الراغب، المفردات في غريب القرآن، ص | وقال الراغب: "الغلو تجاوز الحد، يقال ذلك إذا كان في السعر غلاء".<ref>الراغب، المفردات في غريب القرآن، ص 364، مادة غلا.</ref> | ||
وقال ابن فارس: "الغين واللام والحرف المعتل أصل صحيح يدل على ارتفاع ومجاوزة قدرٍ".<ref> ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة غلوي.</ref> | وقال ابن فارس: "الغين واللام والحرف المعتل أصل صحيح يدل على ارتفاع ومجاوزة قدرٍ".<ref> ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة غلوي.</ref> | ||
ويقال غلا غلاءً فهو غالٍ، وغلا في الأمر غلواً أي جاوز حده. وغلت القدر تغلي غلياناً، وغلوت بالسهم غلواً إذا رميت به أبعد مما تقدر عليه، ويقال غلا في الدين غلواً تشدد وتصلب حتى جاوز الحد.<ref>الزبيدي، تاج العروس، مادة | ويقال غلا غلاءً فهو غالٍ، وغلا في الأمر غلواً أي جاوز حده. وغلت القدر تغلي غلياناً، وغلوت بالسهم غلواً إذا رميت به أبعد مما تقدر عليه، ويقال غلا في الدين غلواً تشدد وتصلب حتى جاوز الحد.<ref>الزبيدي، تاج العروس، مادة غلو؛الفيروزأبادي، القاموس المحيط، مادة غلو.</ref> | ||
وبهذا يتضح أن المعنى اللغوي للغلو، هو الارتفاع ومجاوزة الحد للشيء سواء أكان في المعتقدات الدينية أو غيرها. | وبهذا يتضح أن المعنى اللغوي للغلو، هو الارتفاع ومجاوزة الحد للشيء سواء أكان في المعتقدات الدينية أو غيرها. | ||
=== الغلو في الاصطلاح === | ===الغلو في الاصطلاح=== | ||
لما كان المعنى الاصطلاحي يقوم على المعنى اللغوي ويخصص عموم اطلاقه، رجعنا إلى النصوص الواردة في الغلو من [[القرآن الكريم]] و[[الروايات]] الواردة عن [[الأئمة]] عليهم السلام وأقوال العلماء. | لما كان المعنى الاصطلاحي يقوم على المعنى اللغوي ويخصص عموم اطلاقه، رجعنا إلى النصوص الواردة في الغلو من [[القرآن الكريم]] و[[الروايات]] الواردة عن [[الأئمة]] عليهم السلام وأقوال العلماء. | ||
=== الغلو في القرآن الكريم === | ===الغلو في القرآن الكريم=== | ||
ورد لفظ الغلو في [[القرآن الكريم]] في موضعين: | ورد لفظ الغلو في [[القرآن الكريم]] في موضعين: | ||
'''الأول:''' قوله تعالى: | '''الأول:''' قوله تعالى: {{قرآن|يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوْا فِيْ دِيْنِكُمْ وَلاَ تَقُوْلُوْا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيْحُ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُوْلُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوْحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوْا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُوْلُوْا ثَلاَثَةٌ انْتَهُوْا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيْلاً}}.<ref>النساء: 171.</ref> | ||
بيّن أغلب المفسرين هذه الآية ومن بينهم [[السيد الطباطبائي]] في تفسير الميزان على أن ظاهر الخطاب بقرينة ما يذكر فيه من أمر [[المسيح]] عليه السلام أنه خطاب [[النصارى|للنصارى]]، وإنما خوطبوا بأهل الكتاب -وهو لفظ مشترك- اشعاراً بأن تسميتهم [[أهل الكتاب|بأهل الكتاب]] يقتضي أن لا يتجاوزوا حدود ما أنزله [[الله]] وبيّنه في كتبه. وربما أمكن أن يكون خطاباً لليهود والنصارى جميعاً. وقوله "إنما عيسى ابن [[مريم]]" تصريح بالاسم واسم الأم ليكون أبعد عن التفسير والتأويل بأي معنى مغاير وليكون دليلاً على كونه انسان ذي أم.<ref>الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 5، ص 151.</ref> | بيّن أغلب المفسرين هذه الآية ومن بينهم [[السيد الطباطبائي]] في تفسير الميزان على أن ظاهر الخطاب بقرينة ما يذكر فيه من أمر [[المسيح]] عليه السلام أنه خطاب [[النصارى|للنصارى]]، وإنما خوطبوا بأهل الكتاب -وهو لفظ مشترك- اشعاراً بأن تسميتهم [[أهل الكتاب|بأهل الكتاب]] يقتضي أن لا يتجاوزوا حدود ما أنزله [[الله]] وبيّنه في كتبه. وربما أمكن أن يكون خطاباً لليهود والنصارى جميعاً. وقوله "إنما عيسى ابن [[مريم]]" تصريح بالاسم واسم الأم ليكون أبعد عن التفسير والتأويل بأي معنى مغاير وليكون دليلاً على كونه انسان ذي أم.<ref>الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 5، ص 151.</ref> | ||
'''الثاني:''' قوله تعالى: | '''الثاني:''' قوله تعالى: {{قرآن|قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ}}.<ref>المائدة: 77.</ref> | ||
ويظهر هنا خطاب آخر [[النبي|للنبي]] [[محمد]] صلى الله عليه وآله بأمره أن يدعو أهل الكتاب إلى عدم الغلو في دينهم. والغالي المتجاوز عن الحد بالإفراط. ويقابله الفالي في طرف التفريط.<ref>الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 6، ص 76.</ref> | ويظهر هنا خطاب آخر [[النبي|للنبي]] [[محمد]] صلى الله عليه وآله بأمره أن يدعو أهل الكتاب إلى عدم الغلو في دينهم. والغالي المتجاوز عن الحد بالإفراط. ويقابله الفالي في طرف التفريط.<ref>الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 6، ص 76.</ref> |