انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «خديجة الكبرى عليها السلام»

ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ali110110
طلا ملخص تعديل
imported>Ali110110
طلا ملخص تعديل
سطر ٣٦: سطر ٣٦:


==حياتها قبل البعثة==
==حياتها قبل البعثة==
ليست هناك معلومات عن حياتها إبّان تلك الفترة إلا بعض الأوصاف التي سبغت عليها والتي تدل على شرفها وكرامة نفسها ورجاحة عقلها، وأنها كانت ذات ثروة طائلة، فكانت تحترف التجارة، وكانت [[المضاربة|تضاربُ]] الرجال في مالها، بشيء تجعله لهم منه أي من ذلك المال أو من ربحه.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 293.؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.</ref> بالاضافة إلى مكانتها الاجتماعية المرموقة بين قومها، وقد وصف ابن سيد الناس ذلك بقوله: خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما أراد [[الله]] بها من الكرامة والخير وهي يومئذ أوسط نساء [[قريش]] نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا.<ref>ابن سيّد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.</ref> ووصفها البلاذري بقوله: وكانت امرأة عاقلة حازمة برزة، مرغوبا فيها لشرفها و يسارها.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف ، ج 1، ص 98.</ref>
ليست هناك معلومات عن حياتها إبّان تلك الفترة إلا بعض الأوصاف التي سبغت عليها والتي تدل على شرفها وكرامة نفسها ورجاحة عقلها، وأنها كانت ذات ثروة طائلة، فكانت تحترف التجارة، وكانت [[المضاربة|تضاربُ]] الرجال في مالها، بشيء تجعله لهم منه أي من ذلك المال أو من ربحه.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 293.؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.</ref> بالاضافة إلى مكانتها الاجتماعية المرموقة بين قومها، وقد وصف ابن سيد الناس ذلك بقوله: خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما أراد [[الله]] بها من الكرامة والخير وهي يومئذ أوسط نساء [[قريش]] نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا.<ref>ابن سيّد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.</ref> ووصفها البلاذري بقوله: وكانت امرأة عاقلة حازمة برزة، مرغوبا فيها لشرفها ويسارها.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف ، ج 1، ص 98.</ref>


==زواجها==
==زواجها==
سطر ٥٣: سطر ٥٣:
أجمعت المصادر التأريخية على أنّ السيدة خديجة (عليها السلام) هي أُولى زوجات النبي (ص) تزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، هذا ما ذهب إليه ابن عبد البر في ''الاستيعاب''،<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج‏ 1، ص 25.</ref> قائلا: وتزوج رسول الله (ص) خديجة بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يوماً في عقب [[صفر]] سنة ست وعشرين وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم [[عام الفيل|الفيل]].<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏1، ص 35.</ref> ولكنه نقل عن الزهري قوله: كانت سن [[رسول الله]]  (ص) يوم تزوّج خديجة (ع) إحدى وعشرين سنة.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏1، ص 35.</ref> وذهب المسعودي أيضا إلى كون السيدة خديجة (عليها السلام) هي أولى زوجات النبي (ص).<ref>المسعودي، مروج‏ الذهب، ج ‏2، ص 282.</ref> وهذا ما أكده البسوي وغيره من المصادر.<ref>الفسوي، المعرفة والتاريخ، ج‏ 3، ص 267.</ref> وقال ابن الأثير في معرض تأكيده لذلك: وأوّل امرأة تزوجها  (ص) خديجة بنت خويلد قبل [[البعثة]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 5 ،ص 293.</ref> ونقل ابن الأثير الأقوال المختلفة في سنّه  (ص) حين تزوجها والتي ترددت بين 21، 22، 25، 28، 30، 37.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 5 ،ص 293.</ref>
أجمعت المصادر التأريخية على أنّ السيدة خديجة (عليها السلام) هي أُولى زوجات النبي (ص) تزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، هذا ما ذهب إليه ابن عبد البر في ''الاستيعاب''،<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج‏ 1، ص 25.</ref> قائلا: وتزوج رسول الله (ص) خديجة بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يوماً في عقب [[صفر]] سنة ست وعشرين وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم [[عام الفيل|الفيل]].<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏1، ص 35.</ref> ولكنه نقل عن الزهري قوله: كانت سن [[رسول الله]]  (ص) يوم تزوّج خديجة (ع) إحدى وعشرين سنة.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏1، ص 35.</ref> وذهب المسعودي أيضا إلى كون السيدة خديجة (عليها السلام) هي أولى زوجات النبي (ص).<ref>المسعودي، مروج‏ الذهب، ج ‏2، ص 282.</ref> وهذا ما أكده البسوي وغيره من المصادر.<ref>الفسوي، المعرفة والتاريخ، ج‏ 3، ص 267.</ref> وقال ابن الأثير في معرض تأكيده لذلك: وأوّل امرأة تزوجها  (ص) خديجة بنت خويلد قبل [[البعثة]].<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 5 ،ص 293.</ref> ونقل ابن الأثير الأقوال المختلفة في سنّه  (ص) حين تزوجها والتي ترددت بين 21، 22، 25، 28، 30، 37.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 5 ،ص 293.</ref>


كذلك اختلفت كلمة الباحثين والمؤرخين في سن خديجة (عليها السلام) حينما تزوجها الرسول  (ص) والتي ترددت بين الخامسة والعشرين والسادسة والأربعين  إلا أّن الأكثرية ذكروا أنّها كانا في سن الأربعين.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 639؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8 ،ص 174؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98 وج 9، ص459؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 280.</ref> ونقل المسعودي غير تلك التحديدات.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 287.</ref> ومنهم من حدد ذلك بالخامسة والعشرين<ref>البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 71؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98.</ref> ومنهم من قال عمرها ثمانية وعشرين عاما<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج 1، ص 98.</ref> و30 عاما<ref>العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم  (ص) ، ج 2، ص 200؛ الدياربكري، تاريخ الخميس، ج 1، ص 264.</ref> و35 عاما<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 295؛ ابن كثير، السيرة النبوية، ج 1، ص 265.</ref> و 44 و45 عاما.<ref>ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، ج 2، ص 275؛ النووي، تهذيب الأسماء، ج 2، ص 342.</ref> و 46 عاما.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98.</ref>
كذلك اختلفت كلمة الباحثين والمؤرخين في سن خديجة (عليها السلام) حينما تزوجها الرسول  (ص) والتي ترددت بين الخامسة والعشرين والسادسة والأربعين  إلا أّن الأكثرية ذكروا أنّها كانا في سن الأربعين.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 639؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8 ،ص 174؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98 وج 9، ص459؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 280.</ref> ونقل المسعودي غير تلك التحديدات.<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 287.</ref> ومنهم من حدد ذلك بالخامسة والعشرين<ref>البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 71؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98.</ref> ومنهم من قال عمرها ثمانية وعشرين عاما<ref>البلاذري، أنساب الاشراف، ج 1، ص 98.</ref> و30 عاما<ref>العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم  (ص) ، ج 2، ص 200؛ الدياربكري، تاريخ الخميس، ج 1، ص 264.</ref> و35 عاما<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 295؛ ابن كثير، السيرة النبوية، ج 1، ص 265.</ref> و44 و45 عاما.<ref>ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، ج 2، ص 275؛ النووي، تهذيب الأسماء، ج 2، ص 342.</ref> و46 عاما.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98.</ref>


ويلاحظ هنا: مدى الاختلاف والتفاوت في عمر السيدة خديجة (عليها السلام) حين اقترانها بالرسول الأكرم (ص).
ويلاحظ هنا: مدى الاختلاف والتفاوت في عمر السيدة خديجة (عليها السلام) حين اقترانها بالرسول الأكرم (ص).
سطر ٥٩: سطر ٥٩:
ومن الصعب الخروج بنتيجة جازمة في تحديد سنّها عند زواجها من النّبي  (ص)، ولكن لو أخذنا بعين الاعتبار مدة معايشتها للنبي  (ص) والتي بلغت خمساً وعشرين سنة، خمس عشرة سنة منها قبل [[البعثة]] والعشر الأخرى بعد البعثة<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 295؛ البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 72.</ref> هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنّ سن خديجة حين وفاتها كان 63 سنة أو 50 كما رجح ذلك البيهقي، حينئذ يتردد سن خديجة وفقا للقولين بين الأربعين والخامسة والعشرين. فإذا ذهبنا إلى ما رجّحه البيهقي وأنها توفيت في الخمسين من العمر يكون عمرها حين الزواج 25 سنة، وهذا ما رجحّه بعض الباحثين.<ref>البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 71؛ العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، ج 2، ص 201 - 202.</ref> إلا أنّ المشكلة التي تواجه هذا الاحتمال هي خلو المصادر المعتبرة منه. من هنا من الصعب الجزم به. لكن يمكن الاستناد إلى قرينة أخرى وهي وفاة [[القاسم بن محمد|القاسم]] بن الرسول (ص) فإنه لما توفي بعد البعثة<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294.</ref> كشف ذلك عن كون ولادته كانت وعمر خديجة (عليها السلام)  55 سنة وهذا أمر بعيد جداً، فإذا ضممنا ذلك إلى ما ذهب إليه بعض أعلام [[الشيعة]] من أنّ النّبي تزوجها (س) وهي باكر<ref>ابن شهر آشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 1، ص 159.</ref> من جهة ومن المستبعد أنّ امراة كخديجة {{عليه السلام}} تبقى بلا زواج إلى سن الأربعين، فمن ضم هذه القرائن نخرج بنتيجة مؤداها أنّ عمرها عند زواجها مردد بين الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين.<ref>العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، ج 2، ص 202.</ref>
ومن الصعب الخروج بنتيجة جازمة في تحديد سنّها عند زواجها من النّبي  (ص)، ولكن لو أخذنا بعين الاعتبار مدة معايشتها للنبي  (ص) والتي بلغت خمساً وعشرين سنة، خمس عشرة سنة منها قبل [[البعثة]] والعشر الأخرى بعد البعثة<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 295؛ البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 72.</ref> هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنّ سن خديجة حين وفاتها كان 63 سنة أو 50 كما رجح ذلك البيهقي، حينئذ يتردد سن خديجة وفقا للقولين بين الأربعين والخامسة والعشرين. فإذا ذهبنا إلى ما رجّحه البيهقي وأنها توفيت في الخمسين من العمر يكون عمرها حين الزواج 25 سنة، وهذا ما رجحّه بعض الباحثين.<ref>البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 71؛ العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، ج 2، ص 201 - 202.</ref> إلا أنّ المشكلة التي تواجه هذا الاحتمال هي خلو المصادر المعتبرة منه. من هنا من الصعب الجزم به. لكن يمكن الاستناد إلى قرينة أخرى وهي وفاة [[القاسم بن محمد|القاسم]] بن الرسول (ص) فإنه لما توفي بعد البعثة<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294.</ref> كشف ذلك عن كون ولادته كانت وعمر خديجة (عليها السلام)  55 سنة وهذا أمر بعيد جداً، فإذا ضممنا ذلك إلى ما ذهب إليه بعض أعلام [[الشيعة]] من أنّ النّبي تزوجها (س) وهي باكر<ref>ابن شهر آشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 1، ص 159.</ref> من جهة ومن المستبعد أنّ امراة كخديجة {{عليه السلام}} تبقى بلا زواج إلى سن الأربعين، فمن ضم هذه القرائن نخرج بنتيجة مؤداها أنّ عمرها عند زواجها مردد بين الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين.<ref>العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، ج 2، ص 202.</ref>


والجدير بالذكر هنا أنّ المعيار في الزواج الصحيح هو وحدة الفكر والهدف وسمو الأخلاق والعلاقات الزوجية الحميمة، لا العمر فإنّه يأتي بدرجة لاحقة لما مر، ولاريب أنّ هذا الزواج المقدس كان الغرض منه أمراً مقدسا وكانت المثل الإلهية العليا هي التي تدفع لتحقيق ذلك الزواج، يقول ابن اسحاق: لما بلغ خديجة عن رسول الله  (ص) ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى [[الشام]] و تعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار. مع غلام لها يقال له [[ميسرة]]، فقبله رسول الله  (ص) فخرج بذلك المال ثم أقبل قافلا إلى [[مكة]] و معه ميسرة، فكان ميسرة يحدثها عما شاهده من كرامات النبي  (ص) وأخلاقه في تلك الرحلة، وكانت خديجة (عليها السلام) امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد [[الله]] بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها بعثت إلى رسول الله  (ص) وعرضت عليه الزواج.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 293.</ref>‏‏ وقال ابن سيد الناس: إن خديجة  (عليها السلام)  لما رأت من كرامات الرسول  (ص) قالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك، ووسطتك في قومك وأمانتك، وحسن خلقك وصدق حديثك‏.<ref>ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.</ref> وقد أشار إلى هذه المثل العليا التي جرّت إلى الزواج المبارك ابن الاثير في أسد الغابة.<ref>ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 23.</ref>
والجدير بالذكر هنا أنّ المعيار في الزواج الصحيح هو وحدة الفكر والهدف وسمو الأخلاق والعلاقات الزوجية الحميمة، لا العمر فإنّه يأتي بدرجة لاحقة لما مر، ولاريب أنّ هذا الزواج المقدس كان الغرض منه أمراً مقدسا وكانت المثل الإلهية العليا هي التي تدفع لتحقيق ذلك الزواج، يقول ابن اسحاق: لما بلغ خديجة عن رسول الله  (ص) ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى [[الشام]] وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار. مع غلام لها يقال له [[ميسرة]]، فقبله رسول الله  (ص) فخرج بذلك المال ثم أقبل قافلا إلى [[مكة]] ومعه ميسرة، فكان ميسرة يحدثها عما شاهده من كرامات النبي  (ص) وأخلاقه في تلك الرحلة، وكانت خديجة (عليها السلام) امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد [[الله]] بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها بعثت إلى رسول الله  (ص) وعرضت عليه الزواج.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 293.</ref>‏‏ وقال ابن سيد الناس: إن خديجة  (عليها السلام)  لما رأت من كرامات الرسول  (ص) قالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك، ووسطتك في قومك وأمانتك، وحسن خلقك وصدق حديثك‏.<ref>ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.</ref> وقد أشار إلى هذه المثل العليا التي جرّت إلى الزواج المبارك ابن الاثير في أسد الغابة.<ref>ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 23.</ref>


===أبناؤها ===
===أبناؤها ===
سطر ٨٥: سطر ٨٥:
مزجت السيدة خديجة (عليها السلام) بين [[الإيمان]] والعمل فكانت المصداق البارز للحديث الشريف "الايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان"<ref>الكليني، الكافي، ج 2، ص 27.</ref> ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات [[القرآن|الذكر الحكيم]] بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة فلم يبق من مالها شيء إلا وقد وضعته تحت تصرف الرسول  (ص) وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بأنها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لا يدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد  (ص) في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل والعطاء.{{بحاجة لمصدر}}
مزجت السيدة خديجة (عليها السلام) بين [[الإيمان]] والعمل فكانت المصداق البارز للحديث الشريف "الايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان"<ref>الكليني، الكافي، ج 2، ص 27.</ref> ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات [[القرآن|الذكر الحكيم]] بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة فلم يبق من مالها شيء إلا وقد وضعته تحت تصرف الرسول  (ص) وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بأنها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لا يدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد  (ص) في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل والعطاء.{{بحاجة لمصدر}}


وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول  (ص) والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عُدّ ذلك من النعم التي أنعمها [[الله]] تعالى عليه  (ص): {{قرآن|وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}}<ref>الضحى: 8.</ref> وكان  (ص) يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 19، ص 63.</ref> وكان  (ص) يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في [[شعب أبي طالب]] وعند المحاصرة مال خديجة  (عليها السلام)  ومال [[أبو طالب|أبي طالب]] حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب و خديجة جميع مالهما»<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 19، ص 16.</ref> ومن الشواهد على ذلك أن [[أبا جهل]] بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي [[حكيم بن حزام]] بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله  (ص) ، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أتذهب بالطعام إلى [[بني هاشم]]؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك ب[[مكة]]. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 354.</ref>
وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول  (ص) والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عُدّ ذلك من النعم التي أنعمها [[الله]] تعالى عليه  (ص): {{قرآن|وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}}<ref>الضحى: 8.</ref> وكان  (ص) يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 19، ص 63.</ref> وكان  (ص) يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في [[شعب أبي طالب]] وعند المحاصرة مال خديجة  (عليها السلام)  ومال [[أبو طالب|أبي طالب]] حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب وخديجة جميع مالهما»<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 19، ص 16.</ref> ومن الشواهد على ذلك أن [[أبا جهل]] بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي [[حكيم بن حزام]] بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله  (ص) ، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أتذهب بالطعام إلى [[بني هاشم]]؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك ب[[مكة]]. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.<ref>ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 354.</ref>


لقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الأخلاق الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول  (ص) ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم [[محمد بن عبد الله]]  (ص).<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج35، ص 425؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 3، ص 320.</ref> وكان الرسول  (ص)  لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏4، ص 1817.</ref>
لقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الأخلاق الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول  (ص) ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم [[محمد بن عبد الله]]  (ص).<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج35، ص 425؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 3، ص 320.</ref> وكان الرسول  (ص)  لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏4، ص 1817.</ref>
سطر ٩٥: سطر ٩٥:


{{مفصلة|عام الحزن}}
{{مفصلة|عام الحزن}}
ذكرت المصادر أن السيدة خديجة توفيت في [[السنة العاشرة للبعثة]] وقبل [[الهجرة]] من [[مكة]] إلى [[المدينة]] بثلاث سنين.<ref>المسعودي، مروج‏ الذهب، ج 2، ص 282؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 151؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1817؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 14.</ref> عن عمر – حسب أكثر المصادر- ناهز الخامسة والستين.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493.</ref> وقال ابن عبد البر: إنها ماتت وعمرها 64 سنة وستة أشهر.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1818.</ref> وبعضهم قال: إنها توفيّت بعد [[أبي طالب]] بعدّة شهور.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493؛ ابن سيّد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 151.</ref> وعن ابن سعد أنها توفيت بعد أبي طالب بخمسة وثلاثين يوما.<ref>ابن سعد، الطبقات‏ الكبرى، ج‏ 1، ص 96.</ref> وقال ابن سعد نفسه وغيره من الباحثين: إنها توفيت في شهر [[رمضان]] من السنة العاشرة.<ref>ابن سعد، الطبقات‏ الكبرى، ج 8 ، ص 14.</ref> فنزل  (ص)  عند دفنها في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، في [[مقبرة المعلى]]  من [[جبل الحجون]]، و كان قد كفنها برداء له ثم برداء من الجنة.<ref>السيلاوي، الأنوار الساطعة من الغرّاء الطاهرة، ص 377.</ref>
ذكرت المصادر أن السيدة خديجة توفيت في [[السنة العاشرة للبعثة]] وقبل [[الهجرة]] من [[مكة]] إلى [[المدينة]] بثلاث سنين.<ref>المسعودي، مروج‏ الذهب، ج 2، ص 282؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 151؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1817؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 14.</ref> عن عمر – حسب أكثر المصادر- ناهز الخامسة والستين.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493.</ref> وقال ابن عبد البر: إنها ماتت وعمرها 64 سنة وستة أشهر.<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1818.</ref> وبعضهم قال: إنها توفيّت بعد [[أبي طالب]] بعدّة شهور.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493؛ ابن سيّد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 151.</ref> وعن ابن سعد أنها توفيت بعد أبي طالب بخمسة وثلاثين يوما.<ref>ابن سعد، الطبقات‏ الكبرى، ج‏ 1، ص 96.</ref> وقال ابن سعد نفسه وغيره من الباحثين: إنها توفيت في شهر [[رمضان]] من السنة العاشرة.<ref>ابن سعد، الطبقات‏ الكبرى، ج 8 ، ص 14.</ref> فنزل  (ص)  عند دفنها في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، في [[مقبرة المعلى]]  من [[جبل الحجون]]، وكان قد كفنها برداء له ثم برداء من الجنة.<ref>السيلاوي، الأنوار الساطعة من الغرّاء الطاهرة، ص 377.</ref>


و مدفنها الآن في مقبرة [[بني هاشم]] في [[مكة المكرمة]].
و مدفنها الآن في مقبرة [[بني هاشم]] في [[مكة المكرمة]].
سطر ١٥٥: سطر ١٥٥:
{{قالب:النساء من أهل البيت (ع)}}
{{قالب:النساء من أهل البيت (ع)}}


[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:مقالات ذات أولوية ألف]]
[[Category:مدفونات في حجون]]
[[Category:أمهات أهل البيت]]
[[Category:نساء قريشيات]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:مقالات ذات أولوية ألف]]
[[Category:مدفونات في حجون]]
[[Category:أمهات أهل البيت]]
[[Category:نساء قريشيات]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:مقالات ذات أولوية ألف]]
[[Category:مدفونات في حجون]]
[[Category:أمهات أهل البيت]]
[[Category:نساء قريشيات]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:مقالات ذات أولوية ألف]]
[[Category:مدفونات في حجون]]
[[Category:أمهات أهل البيت]]
[[Category:نساء قريشيات]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:مقالات ذات أولوية ألف]]
[[Category:مدفونات في حجون]]
[[Category:أمهات أهل البيت]]
[[Category:نساء قريشيات]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:مقالات ذات أولوية ألف]]
[[Category:مدفونات في حجون]]
[[Category:أمهات أهل البيت]]
[[Category:نساء قريشيات]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:نساء صدر الإسلام]]
[[Category:زوجات الرسول]]
[[Category:زوجات الرسول]]
مستخدم مجهول