انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الكوفة»

أُزيل ١٣١ بايت ،  ٥ يونيو ٢٠١٨
ط
تعديل في العناوين
imported>Foad
لا ملخص تعديل
imported>Nabavi
ط (تعديل في العناوين)
سطر ٣٢: سطر ٣٢:
}}
}}


'''الكوفة''' إحدى المدن [[العراق|العراقية]] التي تقع في الشمال الشرقي من مدينة [[النجف]] ولا يفصلها عنها سوى عشرة كيلومترات، وهي ثاني مدينة شيّدها [[المسلمون]]، وقد اتخذها [[الإمام علي عليه السلام|الإمام علي بن أبي طالب]]{{عليه السلام}} عاصمة لحكومته بعد الانتقال من [[المدينة]] إليها، و[[الشهادة|استشهد]] الإمام علي{{عليه السلام}} في [[مسجد الكوفة|مسجدها]].
'''الكوفة''' إحدى المدن [[العراق|العراقية]] التي تقع في اتجاه الشرق إلى الشمال من مدينة [[النجف]] ولا يفصلها عنها سوى عشرة كيلومترات، وتعتبر ثاني مدينة شيّدها [[المسلمون]] بعد البصرة، وقد اتخذها [[الإمام علي عليه السلام|الإمام علي بن أبي طالب]]{{عليه السلام}} عاصمة لحكومته بعد الانتقال إليها من [[المدينة]]، وأخيراً [[الشهادة|استشهد]] الإمام علي{{عليه السلام}} في [[مسجد الكوفة|مسجدها]].


كانت الكوفة تمثل المركز الرئيسي للتشيع و[[الشيعة]] في أيام [[خلافة]] أمير المؤمنين{{ع}}.
كانت الكوفة تمثل المركز الرئيسي للتشيع و[[الشيعة]] في أيام [[خلافة]] أمير المؤمنين{{ع}}.
سطر ٧٤: سطر ٧٤:
*لم تكن الكوفة في بداية تأسيسها ذات مدرسة فكرية أو عقائدية خاصّة تجذب من خلالها سائر [[المسلمين]] إليها.<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص 138.</ref>
*لم تكن الكوفة في بداية تأسيسها ذات مدرسة فكرية أو عقائدية خاصّة تجذب من خلالها سائر [[المسلمين]] إليها.<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص 138.</ref>


==مسجد الكوفة==
{{مفصلة|مسجد الكوفة}}
يعد مسجد الكوفة أوّل بناء أختطه [[سعد بن أبي وقاص]] في الكوفة وكان يعد المركز والمنطلق لقضاء أمير المؤمنين عليه السلام ومنبراً يلقي عليه خطبه وكلماته التي يوجهها إلى الجماهير، وكانت شهادته عليه السلام فيه حينما ضربه [[ابن ملجم]] وهو في محراب صلاته.


ويعد [[مسجد الكوفة]] أفضل المساجد بعد المسجدين الحرام و[[المسجد النبوي|النبوي]].<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص 142.</ref> وسيكون مركزاً لحكم [[الإمام المهدي]] {{عج}} بعد [[ظهور الإمام|ظهوره]].<ref>الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى، ص 201.</ref> وقد أفتى [[الفقهاء]] بأن المسافر مخيّر فيه بين إن يقصر [[الصلاة]] وبين الاتيان بها تامّة.<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 53، ص 11.</ref>


==دار الإمارة==
==دار الإمارة==
سطر ٩٠: سطر ٨٦:
==مساجد الكوفة==
==مساجد الكوفة==
[[ملف:تصویر مسجد کوفه.jpg|450px|تصغير|[[مسجد الكوفة]]]]
[[ملف:تصویر مسجد کوفه.jpg|450px|تصغير|[[مسجد الكوفة]]]]
احتوت الكوفة مجموعة من [[المسجد|المساجد]] بالإضافة إلى مسجد الكوفة وغالباً ما تكون تلك المساجد منسوبة إلى القبائل القاطنة فيها، والملاحظ أن [[الروايات]] قسمت مساجد الكوفة إلى ثلاثة طوائف، هي:
احتوت الكوفة مجموعة من [[المسجد|المساجد]] بالإضافة إلى مسجد الكوفة وغالباً ما تكون تلك المساجد منسوبة إلى القبائل القاطنة فيها.
===مسجد الكوفة===
{{مفصلة|مسجد الكوفة}}
يعد مسجد الكوفة أوّل بناء أختطه [[سعد بن أبي وقاص]] في الكوفة وكان يعد المركز والمنطلق لقضاء أمير المؤمنين عليه السلام ومنبراً يلقي عليه خطبه وكلماته التي يوجهها إلى الجماهير، وكانت شهادته عليه السلام فيه حينما ضربه [[ابن ملجم]] وهو في محراب صلاته.
 
ويعد [[مسجد الكوفة]] أفضل المساجد بعد المسجدين الحرام و[[المسجد النبوي|النبوي]].<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص 142.</ref> وسيكون مركزاً لحكم [[الإمام المهدي]] {{عج}} بعد [[ظهور الإمام|ظهوره]].<ref>الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى، ص 201.</ref> وقد أفتى [[الفقهاء]] بأن المسافر مخيّر فيه بين إن يقصر [[الصلاة]] وبين الاتيان بها تامّة.<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 53، ص 11.</ref>
 
الملاحظ أن [[الروايات]] قسمت مساجد الكوفة إلى ثلاثة طوائف، هي:
*المساجد الممدوحة والمباركة التي شيدت من رجال صالحين ولغايات نبيلة.
*المساجد الممدوحة والمباركة التي شيدت من رجال صالحين ولغايات نبيلة.
*المساجد الملعونة وهي على العكس من الطائفة السابقة.
*المساجد الملعونة وهي على العكس من الطائفة السابقة.
سطر ١١٧: سطر ١٢٠:
{{Div col end}}
{{Div col end}}


==حكّام الكوفة وأمراؤها من التأسيس حتى ثورة المختار==
==حكّام الكوفة وأمراؤها حتى ثورة المختار==
1. [[سعد بن أبي وقاص]]: هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو الذي شيد الكوفة في [[خلافة]] [[عمر ابن الخطاب|عمر]] [[سنة 15 هـ|سنة 15]] وقيل [[سنة 17 هـ|17 هجرية]] وبقي أميراً عليها الى [[سنة 21 هـ|سنة 21 هجرية]] حيث عزله [[عمر بن الخطاب]] وعين مكانه [[عمار بن ياسر]]، ثم أعيد تعيينه أميراً على الكوفة مرّة ثانية [[سنة 24 هـ|سنة 24 هجرية]] من قبل [[عثمان بن عفان]] بعد عزل أميرها [[المغيرة بن شعبة]].
1. [[سعد بن أبي وقاص]]: هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو الذي شيد الكوفة في [[خلافة]] [[عمر ابن الخطاب|عمر]] [[سنة 15 هـ|سنة 15]] وقيل [[سنة 17 هـ|17 هجرية]] وبقي أميراً عليها الى [[سنة 21 هـ|سنة 21 هجرية]] حيث عزله [[عمر بن الخطاب]] وعين مكانه [[عمار بن ياسر]]، ثم أعيد تعيينه أميراً على الكوفة مرّة ثانية [[سنة 24 هـ|سنة 24 هجرية]] من قبل [[عثمان بن عفان]] بعد عزل أميرها [[المغيرة بن شعبة]].


سطر ١٩٤: سطر ١٩٧:
*عن الصَّادق{{عليه السلام}} أَنَّهُ قال: تُربةٌ تُحِبُّنَا ونُحِبُّهَا.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج ‏57، ص 210.</ref> وعن [[حسان بن مهران|حسَّان بن مهران]] قال: سمعتُ أَبا عبد اللَّه الصادق{{عليه السلام}} يقول: قال أَميرُ المؤمنين{{ع}} مكَّةُ حرمُ اللَّه والمدينةُ حرمُ رسول اللَّه {{صل}} والكوفةُ حرمي لا يُريدُهَا جبَّارٌ بحادثةٍ إِلَّا قصَمَهُ اللَّهُ.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج ‏57، ص 210.</ref> ورُوي عن عدَّةٍ من أَهل الرَّيِّ أَنَّهُمْ دخلُوا على أَبي عبد اللَّه الصادق{{عليه السلام}} فقال: إِنَّ للَّه حرماً وهو مكَّةُ وإِنَّ للرَّسول حرماً وهو المدينةُ وإِنَّ لأَميرِ المؤمنينَ حرماً وهو الكوفةُ وإِنَّ لنا حرماً وهو بلدةُ [[قم،قُم]].<ref>الكليني، الكافي، ج ‏9، ص 281.</ref>
*عن الصَّادق{{عليه السلام}} أَنَّهُ قال: تُربةٌ تُحِبُّنَا ونُحِبُّهَا.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج ‏57، ص 210.</ref> وعن [[حسان بن مهران|حسَّان بن مهران]] قال: سمعتُ أَبا عبد اللَّه الصادق{{عليه السلام}} يقول: قال أَميرُ المؤمنين{{ع}} مكَّةُ حرمُ اللَّه والمدينةُ حرمُ رسول اللَّه {{صل}} والكوفةُ حرمي لا يُريدُهَا جبَّارٌ بحادثةٍ إِلَّا قصَمَهُ اللَّهُ.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج ‏57، ص 210.</ref> ورُوي عن عدَّةٍ من أَهل الرَّيِّ أَنَّهُمْ دخلُوا على أَبي عبد اللَّه الصادق{{عليه السلام}} فقال: إِنَّ للَّه حرماً وهو مكَّةُ وإِنَّ للرَّسول حرماً وهو المدينةُ وإِنَّ لأَميرِ المؤمنينَ حرماً وهو الكوفةُ وإِنَّ لنا حرماً وهو بلدةُ [[قم،قُم]].<ref>الكليني، الكافي، ج ‏9، ص 281.</ref>


==الكوفة إبّان حكم أمير المؤمنين (عليه السلام)==
==الكوفة إبّان حكم أمير المؤمنين (ع)==
كان وفد الكوفيين بقيادة [[مالك الأشتر]] أوّل من [[البيعة|بايع]] أمير المؤمنين{{عليه السلام}}.<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج‏ 57، ص 216.</ref> وقد تحرك أمير المؤمنين عليه السلام بمعية ألف رجل من أهل [[المدينة]] قاصداً الكوفة وانضم إليه منهم اثنا عشر ألف مقاتل.<ref>ابن قتيبة، الامامة والسياسة، ج 1، ص 47.</ref>وكان أكثر جيشه {{عليه السلام}} في [[معركة الجمل|الجمل]] من الكوفيين.<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص 107.</ref> وقد اتخذها عليه السلام عاصمة لحكومته.
كان وفد الكوفيين بقيادة [[مالك الأشتر]] أوّل من [[البيعة|بايع]] أمير المؤمنين{{عليه السلام}}.<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج‏ 57، ص 216.</ref> وقد تحرك أمير المؤمنين عليه السلام بمعية ألف رجل من أهل [[المدينة]] قاصداً الكوفة وانضم إليه منهم اثنا عشر ألف مقاتل.<ref>ابن قتيبة، الامامة والسياسة، ج 1، ص 47.</ref>وكان أكثر جيشه {{عليه السلام}} في [[معركة الجمل|الجمل]] من الكوفيين.<ref>جعفري، تشيع در مسير تاريخ، ص 107.</ref> وقد اتخذها عليه السلام عاصمة لحكومته.


==السبب في اختيار الكوفة عاصمة لحكومة الإمام عليه السلام==
==السبب في اختيار الإمام الكوفة عاصمة لحكومته==
هناك مجموعة من العوامل التي دعت [[الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} للإنتقال من [[المدينة المنورة]] إلى الكوفة واتخاذها عاصمة لحكمه، منها:
هناك مجموعة من العوامل التي دعت [[الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} للإنتقال من [[المدينة المنورة]] إلى الكوفة واتخاذها عاصمة لحكمه، منها:


سطر ٢٢٣: سطر ٢٢٦:
وبعد أن فرغ من قتال [[الخوارج]] بعد قتلهم الصحابي الجليل [[عبد الله بن خباب]] وبقر بطن زوجه وهي حامل مقرب دون مبرر، عزم{{عليه السلام}} على الرد على معاوية الذي راح يشن الغارات على [[المسلمين]] لتنفيذ سياسة الإرعاب بقيادة مجموعة من القادة ممن لا سابقة لهم في [[الإسلام]]، وممن يحملون البغض للإسلام، لم ير عليه السلام من الكوفيين ذلك الإندفاع للحرب بل تسلسل البعض منهم ملتحقاً بمعاوية مقابل حفنة من المال وكانت بعض المناطق قد سقطت بيد الشاميين.<ref>رفتارشناسي مردم كوفه در نهضت حسيني، علي شيخان، حكومت اسلامي: شتاء سنة 1381ش، العدد 26.</ref>
وبعد أن فرغ من قتال [[الخوارج]] بعد قتلهم الصحابي الجليل [[عبد الله بن خباب]] وبقر بطن زوجه وهي حامل مقرب دون مبرر، عزم{{عليه السلام}} على الرد على معاوية الذي راح يشن الغارات على [[المسلمين]] لتنفيذ سياسة الإرعاب بقيادة مجموعة من القادة ممن لا سابقة لهم في [[الإسلام]]، وممن يحملون البغض للإسلام، لم ير عليه السلام من الكوفيين ذلك الإندفاع للحرب بل تسلسل البعض منهم ملتحقاً بمعاوية مقابل حفنة من المال وكانت بعض المناطق قد سقطت بيد الشاميين.<ref>رفتارشناسي مردم كوفه در نهضت حسيني، علي شيخان، حكومت اسلامي: شتاء سنة 1381ش، العدد 26.</ref>


==الكوفة إبّان حكم الإمام الحسن{{عليه السلام}}==
==الكوفة إبّان حكم الإمام الحسن (ع)==
[[البيعة|بايع]] [[الإمام الحسن المجتبى|الحسن]]{{عليه السلام}} بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام أربعون ألفاً من الكوفيين، إلا أنهم كانوا في السرّ يعملون خلاف ذلك. وقد أشار المسعودي إلى هذه الظاهرة الخطيرة بقوله: فكاتب أكثر أهل الكوفة معاوية سراً في أمورهم، واتخذوا عنده الأيادي.<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين اسلامي، ص 203 تا273.</ref>
[[البيعة|بايع]] [[الإمام الحسن المجتبى|الحسن]]{{عليه السلام}} بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام أربعون ألفاً من الكوفيين، إلا أنهم كانوا في السرّ يعملون خلاف ذلك. وقد أشار المسعودي إلى هذه الظاهرة الخطيرة بقوله: فكاتب أكثر أهل الكوفة معاوية سراً في أمورهم، واتخذوا عنده الأيادي.<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين اسلامي، ص 203 تا273.</ref>


سطر ٢٣٣: سطر ٢٣٦:
ووجه معاوية إلى الحسن جماعة أتوه، و هو بالمدائن نازل في مضاربه، ثم خرجوا من عنده، وهم يقولون ويسمعون الناس: «إن الله قد حقن بابن رسول الله الدماء، وسكن به الفتنة وأجاب إلى الصلح، فاضطرب العسكر ولم يشكك الناس في صدقهم، فوثبوا بالحسن فانتهبوا مضاربه وما فيها«.<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين اسلامي، ص 284 ــ 295.</ref>
ووجه معاوية إلى الحسن جماعة أتوه، و هو بالمدائن نازل في مضاربه، ثم خرجوا من عنده، وهم يقولون ويسمعون الناس: «إن الله قد حقن بابن رسول الله الدماء، وسكن به الفتنة وأجاب إلى الصلح، فاضطرب العسكر ولم يشكك الناس في صدقهم، فوثبوا بالحسن فانتهبوا مضاربه وما فيها«.<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين اسلامي، ص 284 ــ 295.</ref>


==الكوفيون بعد معاهدة الصلح مع معاوية==
==الكوفيون بعد الصلح مع معاوية==
وفي طريقه إلى الكوفة لإبرام اتفاقية الهدنة، سار معاوية من الشام حتى نزل [[النخيلة]] (معسكر الكوفة) وكان ذلك [[يوم الجمعة]]، فخطب في الناس قائلاً: «ما اختلفت أمّة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها. فتوقف معاوية قليلاً وشعر بخطورة ما قاله وكأنما كشف عن حقيقة مخططه فاستدرك قائلاً: «إلا هذه الأمّة فإنها.. وإنها.. الخ، فاختلط عليه الأمر فلم يع ما يقول، فعاود الحديث سريعاً لإستدراك الموقف فقال: إني والله ما قاتلتكم [[الصلاة|لتصلّوا]] ولا [[الصوم|لتصوموا]]، ولا [[الحج|لتحجوا]]، ولا [[الزكاة|لتزكوا]]، إنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون. ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها».
وفي طريقه إلى الكوفة لإبرام اتفاقية الهدنة، سار معاوية من الشام حتى نزل [[النخيلة]] (معسكر الكوفة) وكان ذلك [[يوم الجمعة]]، فخطب في الناس قائلاً: «ما اختلفت أمّة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها. فتوقف معاوية قليلاً وشعر بخطورة ما قاله وكأنما كشف عن حقيقة مخططه فاستدرك قائلاً: «إلا هذه الأمّة فإنها.. وإنها.. الخ، فاختلط عليه الأمر فلم يع ما يقول، فعاود الحديث سريعاً لإستدراك الموقف فقال: إني والله ما قاتلتكم [[الصلاة|لتصلّوا]] ولا [[الصوم|لتصوموا]]، ولا [[الحج|لتحجوا]]، ولا [[الزكاة|لتزكوا]]، إنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون. ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها».


ولم ينبس كبار الكوفيين ببنت شفة أمام معاوية هذا وهم الذين طالما وقفوا بوجه أمير المؤمنين والإمام الحسن عليهما السلام معترضين عليهما في أمور لا يمكن مقارنتها بما صرح به معاوية من [[الحقد|حقد]] دفين. بل الأخطر من ذلك أنهم أخذوا يبررون تقاعسهم وخضوعهم لمعاوية مضفين على مواقفهم التخاذلية هذه صفة الشرعية، بل استجابوا صاغرين لأمر معاوية [[اللعن|بلعن]] علي عليه السلام على المنابر الذي استمر إلى زمن تولي الخليفة [[عمر بن عبد العزيز]] [[الخلافة]] حيث أصدر مرسوماً بمنع ذلك.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص 142.</ref>
ولم ينبس كبار الكوفيين ببنت شفة أمام معاوية هذا وهم الذين طالما وقفوا بوجه أمير المؤمنين والإمام الحسن عليهما السلام معترضين عليهما في أمور لا يمكن مقارنتها بما صرح به معاوية من [[الحقد|حقد]] دفين. بل الأخطر من ذلك أنهم أخذوا يبررون تقاعسهم وخضوعهم لمعاوية مضفين على مواقفهم التخاذلية هذه صفة الشرعية، بل استجابوا صاغرين لأمر معاوية [[اللعن|بلعن]] علي عليه السلام على المنابر الذي استمر إلى زمن تولي الخليفة [[عمر بن عبد العزيز]] [[الخلافة]] حيث أصدر مرسوماً بمنع ذلك.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ص 142.</ref>


==الكوفة إبّان إمامة الحسين{{ع}}==
==الكوفة إبّان إمامة الحسين (ع)==
اجتمع بعد هلاك معاوية كبار الكوفيين وشيوخهم ك[[سليمان بن صرد الخزاعي]] و[[المسيب بن نجبة]] و[[رفاعة بن شداد]] و[[حبيب بن مظاهر]] و[[عبد الله بن وائل]] وغيرهم وكتبوا إلى [[الإمام الحسين|الحسين]]{{عليه السلام}} يطالبونه بالقدوم إليهم، وقد بلغ عدد الكتب الواصلة إليه 12000 كتاب يحثونه فيها على الثورة على [[يزيد بن معاوية|يزيد]]، فأرسل إليهم ابن عمّه [[مسلم بن عقيل]] وكتب معه: «منَ الحُسين بن علي إلى الملأ المؤمنين، أمّا بعد: فقد قدِمَتْ عَلَيّ رُسلكم وفهِمْتُ ما ذكرْتُم من محبّتكم لقدومي، وأنا باعثٌ إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل». فنزل مسلم دار [[المختار]] وأخذ [[الشيعة]] يختلفون إليه حتى بلغ عدد المبايعين له 18000 ألف، فكتب الى الإمام الحسين{{عليه السلام}}، يخبره بذلك ويطلب منه القدوم.
اجتمع بعد هلاك معاوية كبار الكوفيين وشيوخهم ك[[سليمان بن صرد الخزاعي]] و[[المسيب بن نجبة]] و[[رفاعة بن شداد]] و[[حبيب بن مظاهر]] و[[عبد الله بن وائل]] وغيرهم وكتبوا إلى [[الإمام الحسين|الحسين]]{{عليه السلام}} يطالبونه بالقدوم إليهم، وقد بلغ عدد الكتب الواصلة إليه 12000 كتاب يحثونه فيها على الثورة على [[يزيد بن معاوية|يزيد]]، فأرسل إليهم ابن عمّه [[مسلم بن عقيل]] وكتب معه: «منَ الحُسين بن علي إلى الملأ المؤمنين، أمّا بعد: فقد قدِمَتْ عَلَيّ رُسلكم وفهِمْتُ ما ذكرْتُم من محبّتكم لقدومي، وأنا باعثٌ إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل». فنزل مسلم دار [[المختار]] وأخذ [[الشيعة]] يختلفون إليه حتى بلغ عدد المبايعين له 18000 ألف، فكتب الى الإمام الحسين{{عليه السلام}}، يخبره بذلك ويطلب منه القدوم.


سطر ٢٧٨: سطر ٢٨١:
وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل، ابن طباطبا، بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ثار في الكوفة [[سنة 199 هـ]] وفشلت ثورته في بدايات القرن الثالث الهجري وكانت قيادة الثورة معقودة لشخص يسمى بأبي السرايا.<ref>موقع حوزه نت، ائمه {{هم}} و قيامهاي شيعي</ref>
وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل، ابن طباطبا، بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ثار في الكوفة [[سنة 199 هـ]] وفشلت ثورته في بدايات القرن الثالث الهجري وكانت قيادة الثورة معقودة لشخص يسمى بأبي السرايا.<ref>موقع حوزه نت، ائمه {{هم}} و قيامهاي شيعي</ref>


==الأئمة والشيعة في الكوفة إبّان العصر العباسي==
==الشيعة في الكوفة إبّان العصر العباسي==
اتخذت [[الدولة العباسية]] بقيادة [[أبي العباس السفاح]] الكوفة عاصمة [[الحكم العباسي|للحكم العباسي]] إلا أنها سرعان ما قررت الانتقال منها لعدم الركون إلى المجتمع الكوفي.<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبين، ج 2، ص 175.</ref> ومع ابتعاد [[الخليفة]] ورجال السلطة عن الكوفة وضعف الخلفاء العباسيين المتأخرين وظهور دويلات على أطراف الدولة العباسية، سنحت الفرصة [[المذهب الإمامي|للمذهب الشيعي]] عن الإعلان عن وجوده بقوة.<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين، ص 459.</ref>
اتخذت [[الدولة العباسية]] بقيادة [[أبي العباس السفاح]] الكوفة عاصمة [[الحكم العباسي|للحكم العباسي]] إلا أنها سرعان ما قررت الانتقال منها لعدم الركون إلى المجتمع الكوفي.<ref>الأصفهاني، مقاتل الطالبين، ج 2، ص 175.</ref> ومع ابتعاد [[الخليفة]] ورجال السلطة عن الكوفة وضعف الخلفاء العباسيين المتأخرين وظهور دويلات على أطراف الدولة العباسية، سنحت الفرصة [[المذهب الإمامي|للمذهب الشيعي]] عن الإعلان عن وجوده بقوة.<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين، ص 459.</ref>


سطر ٣٢٤: سطر ٣٢٧:
ظهرت في الكوفة مجموعة من الفرق والمذاهب منها: [[الخوارج]]، [[الكيسانية]] و[[الزيدية]].<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين، ص 475-486.</ref>
ظهرت في الكوفة مجموعة من الفرق والمذاهب منها: [[الخوارج]]، [[الكيسانية]] و[[الزيدية]].<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين، ص 475-486.</ref>


==الكوفة إبّان ظهور الإمام المهدي {{عج}}==
==الكوفة إبّان ظهور الحجة (ع)==
تؤكد [[الروايات]] الشيعية أن الكوفة هي المدينة التي سيتخذها [[الإمام المهدي]] {{عج}} وأنها ستكون المنطقة التي تستقطب أنظار العالم حينها، فقد أخرج [[العلامة المجلسي|المجلسي]] {{قدس سره}} في [[بحار الأنوار|البحار]] حديثاً طويلاّ عن [[المفضل بن عمر]]، عن [[الإمام جعفر الصادق]]{{عليه السلام}} وفيه: «قال المفضل: قلت: ياسيدي فأين تكون دار المهدي، ومجتمع [[المؤمنين]]؟ قال: دار ملكه: الكوفة، ومجلس حكمه: جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم [[المسلمين]]: [[مسجد السهلة]]، وموضع خلواته: الذكوات البيض من الغريين».<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين، ص 497.</ref>
تؤكد [[الروايات]] الشيعية أن الكوفة هي المدينة التي سيتخذها [[الإمام المهدي]] {{عج}} وأنها ستكون المنطقة التي تستقطب أنظار العالم حينها، فقد أخرج [[العلامة المجلسي|المجلسي]] {{قدس سره}} في [[بحار الأنوار|البحار]] حديثاً طويلاّ عن [[المفضل بن عمر]]، عن [[الإمام جعفر الصادق]]{{عليه السلام}} وفيه: «قال المفضل: قلت: ياسيدي فأين تكون دار المهدي، ومجتمع [[المؤمنين]]؟ قال: دار ملكه: الكوفة، ومجلس حكمه: جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم [[المسلمين]]: [[مسجد السهلة]]، وموضع خلواته: الذكوات البيض من الغريين».<ref>رجبي، كوفه و نقش آن در قرون نخستين، ص 497.</ref>


سطر ٣٣٠: سطر ٣٣٣:
وروي عن أمير المؤمنين{{عليه السلام}} أنّه قال: ثم يقبل- يعني الإمام المهدي- إلى الكوفة فيكون منزله بها.<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 385.</ref>
وروي عن أمير المؤمنين{{عليه السلام}} أنّه قال: ثم يقبل- يعني الإمام المهدي- إلى الكوفة فيكون منزله بها.<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 385.</ref>


==التوسع الجغرافي والسكاني للكوفة بعد الظهور==
==التوسع للكوفة بعد الظهور==
ورد في رواية طويلة ذكرها [[العلامة المجلسي|صاحب البحار]] أن الإمام المهدي {{عج}} يقيم حكومته على أساس قواعد [[العدل]] والحرية ويتخذ من الكوفة عاصمة لدولته ولَيَصِيرَنَّ الكوفة أَربعةً وخمسينَ ميلًا ولَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُها [[كربلاء]].<ref>العياشي، تفسير العياشي: ج1، ص165.</ref>
ورد في رواية طويلة ذكرها [[العلامة المجلسي|صاحب البحار]] أن الإمام المهدي {{عج}} يقيم حكومته على أساس قواعد [[العدل]] والحرية ويتخذ من الكوفة عاصمة لدولته ولَيَصِيرَنَّ الكوفة أَربعةً وخمسينَ ميلًا ولَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُها [[كربلاء]].<ref>العياشي، تفسير العياشي: ج1، ص165.</ref>
ونقل [[الشيخ المفيد]] في [[الإرشاد]] عن [[الإمام الصادق]]{{ع}} أنّه قال: «إذا قام قائم آل محمد{{ع}} بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب واتصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 53، ص 12.</ref>
ونقل [[الشيخ المفيد]] في [[الإرشاد]] عن [[الإمام الصادق]]{{ع}} أنّه قال: «إذا قام قائم آل محمد{{ع}} بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب واتصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء».<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 53، ص 12.</ref>
سطر ٣٤٥: سطر ٣٤٨:
*روى [[العلامة المجلسي|المجلسي]] في البحار أن جيش [[السفياني|السُّفْيَانِيِّ]] يدخل إِلَى الْكُوفَةِ فلا يدعونَ أَحداً إِلَّا قتلُوه‏.<ref>المفيد، الارشاد، ج 2، ص 374.</ref> وعن المجلسي أيضاً: و يظهرُ السُّفْيَانِيُّ ومَنْ معهُ حتَّى لا يكونَ لهُ هِمَّةٌ إِلَّا آلَ مُحَمَّدٍ {{صل}} وشيعتهُمْ فَيَبْعَثُ بعثاً إِلى الكوفةِ فَيُصَابُ بِأُنَاسٍ مِنْ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ بِالْكُوفَةِ قَتْلا وصَلْبا.<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 52، ص 219.</ref>
*روى [[العلامة المجلسي|المجلسي]] في البحار أن جيش [[السفياني|السُّفْيَانِيِّ]] يدخل إِلَى الْكُوفَةِ فلا يدعونَ أَحداً إِلَّا قتلُوه‏.<ref>المفيد، الارشاد، ج 2، ص 374.</ref> وعن المجلسي أيضاً: و يظهرُ السُّفْيَانِيُّ ومَنْ معهُ حتَّى لا يكونَ لهُ هِمَّةٌ إِلَّا آلَ مُحَمَّدٍ {{صل}} وشيعتهُمْ فَيَبْعَثُ بعثاً إِلى الكوفةِ فَيُصَابُ بِأُنَاسٍ مِنْ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ بِالْكُوفَةِ قَتْلا وصَلْبا.<ref>المجلسي، بحار الانوار، ج 52، ص 219.</ref>


==دور الكوفة في نشر العلوم الإسلامية==
==دور الكوفة في نشر العلوم==


===مدرسة الكوفة النحوية===
===مدرسة الكوفة النحوية===
سطر ٣٥٥: سطر ٣٥٨:
ولما كان الكوفيون على وئام مع [[الحكومة العباسية|حكام الدولة العباسية]] قبل قيام الثورة وأثنائها؛ من هنا سمح لهم العباسيون بالحركة ومدّوا لهم يد العون لنشر نتاجات المدرسة الكوفية واتخذوا من علماء النحو الكوفيين أساتذة ومربين لأبنائهم.
ولما كان الكوفيون على وئام مع [[الحكومة العباسية|حكام الدولة العباسية]] قبل قيام الثورة وأثنائها؛ من هنا سمح لهم العباسيون بالحركة ومدّوا لهم يد العون لنشر نتاجات المدرسة الكوفية واتخذوا من علماء النحو الكوفيين أساتذة ومربين لأبنائهم.


===علم الفقه في المدرسة الكوفية===
===الفقه في المدرسة الكوفية===
في أخريات حياة [[الإمام الصادق]]{{عليه السلام}} انتقلت مدرسه [[الفقه|الفقه الشيعي]] من ([[المدينة]]) إلى (الكوفة)، وبذلك بدأت حياة فقهية جديدة في الكوفة. وكانت الكوفة حين ذاك مركزاً صناعياً، وفكرياً كبيراً تقصده البعثات العلمية، والتجارية.
في أخريات حياة [[الإمام الصادق]]{{عليه السلام}} انتقلت مدرسه [[الفقه|الفقه الشيعي]] من ([[المدينة]]) إلى (الكوفة)، وبذلك بدأت حياة فقهية جديدة في الكوفة. وكانت الكوفة حين ذاك مركزاً صناعياً، وفكرياً كبيراً تقصده البعثات العلمية، والتجارية.
وقد عد البراقي في تاريخ الكوفة 148 [[الصحابة|صحابياً]] من الذين هاجروا إلى الكوفة واستقروا فيها، ما عدا [[التابعين]] و[[الفقهاء]] الذين انتقلوا إلى هذه المدينة، والذين كان يبلغ عددهم الآلاف، وما عدا الأسر العلمية التي كانت تسكن هذا القطر.
وقد عد البراقي في تاريخ الكوفة 148 [[الصحابة|صحابياً]] من الذين هاجروا إلى الكوفة واستقروا فيها، ما عدا [[التابعين]] و[[الفقهاء]] الذين انتقلوا إلى هذه المدينة، والذين كان يبلغ عددهم الآلاف، وما عدا الأسر العلمية التي كانت تسكن هذا القطر.
مستخدم مجهول