انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «السيدة زينب بنت علي عليها السلام»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Ali110110
طلا ملخص تعديل
imported>Sayedisphahani
لا ملخص تعديل
سطر ٢٧: سطر ٢٧:
'''اسمها'''
'''اسمها'''


المعروف أن اسمها زينب، وفي معنى كلمة زينب هناك أقوال، أهمها: اسم شجر حَسَنُ المَنْظَر ، طَيِّبُ الرائحة.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 1، ص 453؛ الزبيدي، تاج العروس، ج 2، ص 60.</ref> وقد ورد أيضا أن أصلها زين أب.<ref>الزبيدي، تاج العروس، ج 2، ص 60.</ref>
المعروف أن اسمها زينب، وفي معنى كلمة زينب أقوال، أهمها: اسم شجر حَسَنُ المَنْظَر ، طَيِّبُ الرائحة.<ref>ابن منظور، لسان العرب، ج 1، ص 453؛ الزبيدي، تاج العروس، ج 2، ص 60.</ref> وقد ورد أيضا أن أصلها زين أب.<ref>الزبيدي، تاج العروس، ج 2، ص 60.</ref>


ورد في بعض المصادر المعاصرة أنه لمّا ولدت {{عليها السلام}} جاءت بها أمّها [[السيدة الزهراء عليها السلام|الزهراء]] {{عليها السلام}} إلى [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}}، وقالت له: سم هذه المولودة؟ فقال {{عليه السلام}} ما كنت لأسبق [[رسول الله]] {{صل}} وكان في سفر له، ولمّا جاء النبي {{صل}}، وسأله عن اسمها، فقال: ما كنت لأسبق ربّي [[الله|تعالى]]، فهبط [[جبرائيل عليه السلام|جبرائيل]] يقرأ على النبي {{صل}} السلام من [[الله]] الجليل، وقال له: سم هذه المولودة (زينب)؛ فقد اختار الله لها هذا الاسم.<ref>باقر شريف القرشي، السيدة زينب، ص 39؛ حسن الهي، زينب الكبرى عقيله بني هاشم، طهران، آفرينه، 1375، ص 29.</ref>
ورد في بعض المصادر المعاصرة أنه لمّا ولدت {{عليها السلام}} جاءت بها أمّها [[السيدة الزهراء عليها السلام|الزهراء]] {{عليها السلام}} إلى [[أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}}، وقالت له: سم هذه المولودة؟ فقال {{عليه السلام}} ما كنت لأسبق [[رسول الله]] {{صل}} وكان في سفر له، ولمّا جاء النبي {{صل}} سأله أمير المؤمنين ان یسمیها، فقال: ما كنت لأسبق ربّي [[الله|تعالى]]، فهبط [[جبرائيل عليه السلام|جبرائيل]] يقرأ على النبي {{صل}} السلام من [[الله]] الجليل، وقال له: سم هذه المولودة (زينب)؛ فقد اختار الله لها هذا الاسم.<ref>باقر شريف القرشي، السيدة زينب، ص 39؛ حسن الهي، زينب الكبرى عقيله بني هاشم، طهران، آفرينه، 1375، ص 29.</ref>


وقيل:‌ لمّا ولدت زينب {{عليها السلام}} أخذها جدّها المصطفى {{صل}} فقبلها، ثم أمر بإكرامها ورعايتها لشبهها بجدتها [[خديجة الكبرى عليها السلام|خديجة]] {{عليها السلام}}.<ref>ابو القاسم الديباجي، زينب الكبرى بطلة الحرّية، ط. الثانية، بيروت، البلاغ، 1417، ص 15 / السيد نور الدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 44.</ref>
وقيل:‌ لمّا ولدت زينب {{عليها السلام}} أخذها جدّها المصطفى {{صل}} فقبلها، ثم أمر بإكرامها ورعايتها لشبهها بجدتها [[خديجة الكبرى عليها السلام|خديجة]] {{عليها السلام}}.<ref>ابو القاسم الديباجي، زينب الكبرى بطلة الحرّية، ط. الثانية، بيروت، البلاغ، 1417، ص 15 / السيد نور الدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 44.</ref>
سطر ٥٦: سطر ٥٦:
ويشهد بذلك وبتبحرها في [[الآية|آيات]] [[القرآن الكريم|الذكر الحكيم]] خطبها وكلماتها في [[الكوفة]] وفي مجلس [[عبيد الله بن زياد]] وفي قصر [[يزيد بن معاوية]] في [[الشام]]، مضافاً إلى الأحاديث التي روتها عن أبيها أمير المؤمنين {{عليه السلام}} وأمّها فاطمة الزهراء (ع).<ref>ابن عساكر، أعلام النساء، ص 189.</ref> وكانت (عليها السلام) تعقد مجالس التفسير وبيان معاني القرآن للنساء في الكوفة إبّان حكم أبيها.<ref>دلايل الامامة، الطبري، ج 3؛ ذبيح اللّه محلّاتي، رياحين الشريعة، ص 57.</ref>
ويشهد بذلك وبتبحرها في [[الآية|آيات]] [[القرآن الكريم|الذكر الحكيم]] خطبها وكلماتها في [[الكوفة]] وفي مجلس [[عبيد الله بن زياد]] وفي قصر [[يزيد بن معاوية]] في [[الشام]]، مضافاً إلى الأحاديث التي روتها عن أبيها أمير المؤمنين {{عليه السلام}} وأمّها فاطمة الزهراء (ع).<ref>ابن عساكر، أعلام النساء، ص 189.</ref> وكانت (عليها السلام) تعقد مجالس التفسير وبيان معاني القرآن للنساء في الكوفة إبّان حكم أبيها.<ref>دلايل الامامة، الطبري، ج 3؛ ذبيح اللّه محلّاتي، رياحين الشريعة، ص 57.</ref>


روى عنها الحديث كل من [[محمد بن عمرو]]، و[[عطاء بن السائب]] و[[فاطمة بنت الحسين]] وغيرهم.<ref>نهج البلاغة ابن أبي الحديد، ج 16، ص 210؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 13 و14 وبحار الأنوار، ج 6، ص 107.</ref> وروت هي عن [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]] (ع) وفي موضوعات مختلفة منها: منزلة ومكانة [[الشيعة]]، ومحبي [[آل محمد]]، وقضية [[فدك]]، وحقوق الجار و[[البعثة]] وغيرها.
روى عنها الحديث كل من [[محمد بن عمرو]]، و[[عطاء بن السائب]] و[[فاطمة بنت الحسين]] وغيرهم.<ref>نهج البلاغة ابن أبي الحديد، ج 16، ص 210؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 13 و14 وبحار الأنوار، ج 6، ص 107.</ref> وروت هي عن [[المعصومون الأربعة عشر|المعصومين]] (ع) وفي موضوعات مختلفة منها: منزلة ومكانة [[الشيعة]] ومحبي [[آل محمد]]، قضية [[فدك]]، حقوق الجار، [[البعثة]] وغيرها.


بل كانت على معرفة بالوقائع والأحداث التي جرت عليها في المستقبل، وقد أخبرها بذلك أبوها  أمير المؤمنين {{عليه السلام}}.<ref>ذبيح اللّه محلّاتي، رياحين الشريعة، ج 3، ص 56 و73.</ref>
بل كانت على معرفة بالوقائع والأحداث التي جرت عليها في المستقبل، وقد أخبرها بذلك أبوها  أمير المؤمنين {{عليه السلام}}.<ref>ذبيح اللّه محلّاتي، رياحين الشريعة، ج 3، ص 56 و73.</ref>
سطر ٦٨: سطر ٦٨:


===عفافها===
===عفافها===
ورد فّ بعض المصادر التي تعرضت لحياة السيدة زينب {{عليها السلام}} نماذج من عفافها وحجابها، فكانت إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدّها [[رسول الله]] {{صل}} خرج معها أبوها الإمام [[أمير المؤمنين]] (ع) وأخواها الحسنان، الحسن (عليه السلام) عن يمينها والحسين (عليه السلام) عن شمالها، ويبادر الإمام أمير المؤمنين {{عليه السلام}} إلى إخماد ضوء القناديل التي على المرقد المعظّم، فسأله الإمام الحسن {{عليه السلام}} عن ذلك، فقال له: «أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك الحوراء».<ref>سيد عبدالحسين دستغيب، زندكاني حضرت زينب (حياة السيدة زينب)، طهران، كاوه، ص 19.</ref>
وردت فی بعض المصادر التي تعرضت لحياة السيدة زينب {{عليها السلام}} نماذج من عفافها وحجابها، فكانت إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدّها [[رسول الله]] {{صل}} خرج معها أبوها الإمام [[أمير المؤمنين]] (ع) وأخواها الحسنان، الحسن (عليه السلام) عن يمينها والحسين (عليه السلام) عن شمالها، ويبادر الإمام أمير المؤمنين {{عليه السلام}} إلى إخماد ضوء القناديل التي على المرقد المعظّم، فسأله الإمام الحسن {{عليه السلام}} عن ذلك، فقال له: «أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك الحوراء».<ref>سيد عبدالحسين دستغيب، زندكاني حضرت زينب (حياة السيدة زينب)، طهران، كاوه، ص 19.</ref>


وحدّث [[يحيى المازني]] قال: «كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) في [[المدينة]] مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً».<ref>محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 99.</ref>
وحدّث [[يحيى المازني]] قال: «كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) في [[المدينة]] مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً».<ref>محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 99.</ref>
سطر ٨٣: سطر ٨٣:


===فصاحتها وبلاغتها===
===فصاحتها وبلاغتها===
بلغت السيدة زينب {{عليها السلام}} الذروة في الفصاحة والبلاغة، حتى وصف البعض ممن سمعها تخطب في [[الكوفة]] مدى الأثر البالغ الذي أحدثته العقيلة في خطابها، حينما قال: «لم أر - والله - خفرة أنطق منها، كأنّما تفرغ عن لسان الإمام أمير المؤمنين (ع)».<ref>أحمد بهشتي، زنان نامدار در قرآن وحديث (أعلام النساء في القرآن والحديث)، ص 51.</ref> وكانت فصاحتها وبلاغتها في مجلس [[عبيد الله بن زياد|عبيد الله]] في الكوفة ومجلس [[يزيد بن معاوية|يزيد]] في [[الشام]] كفصاحة أبيها أمير المؤمنين (ع) وبلاغة أمّها في [[الخطبة الفدكية|خطبتها الفدكية]].<ref>سيد كاظم ارفع، حضرت زينب (عليها السلام) سيره عملي اهل بيت (السيدة زينب (ع)، سيرة أهل البيت العملية)، ص 88.</ref>
بلغت السيدة زينب {{عليها السلام}} الذروة في الفصاحة والبلاغة، حتى وصف البعض ممن سمعها تخطب في [[الكوفة]] مدى الأثر البالغ الذي أحدثته العقيلة في خطابها، حينما قال: «لم أر - والله - خفرة أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان الإمام أمير المؤمنين (ع)».<ref>أحمد بهشتي، زنان نامدار در قرآن وحديث (أعلام النساء في القرآن والحديث)، ص 51.</ref> وكانت فصاحتها وبلاغتها في مجلس [[عبيد الله بن زياد|عبيد الله]] في الكوفة ومجلس [[يزيد بن معاوية|يزيد]] في [[الشام]] كفصاحة أبيها أمير المؤمنين (ع) وبلاغة أمّها في [[الخطبة الفدكية|خطبتها الفدكية]].<ref>سيد كاظم ارفع، حضرت زينب (عليها السلام) سيره عملي اهل بيت (السيدة زينب (ع)، سيرة أهل البيت العملية)، ص 88.</ref>


وقال من شهد خطبتها ومدى تأثر الناس بها: «فو الله لقد رأيت الناس- يومئذ- حَيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأمي!! كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى».<ref>السيد بن طاووس، اللهوف، ص 179؛ محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 110.</ref>
وقال من شهد خطبتها ومدى تأثر الناس بها: «فو الله لقد رأيت الناس- يومئذ- حَيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأمي!! كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى».<ref>السيد بن طاووس، اللهوف، ص 179؛ محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 110.</ref>


==زينب (ع) في واقعة عاشوراء==
==زينب (ع) في واقعة عاشوراء==
كان هدف السبط الشهيد أن يكون من أبناء الأمّة رجالاً يدافعون عن الحق أمام [[يزيد]] وطغيانه، ويستعدون للشهادة في سبيل الله، بل يجعلون هذه [[الشهادة]] هدفهم الأوّل، فكانت السيدة زينب {{عليها السلام}} الشاهدة على نهضة السبط الشهيد والحاملة لرسالتها إلى الآفاق، ولأن النهضة أساساً كانت تهدف بعث زلزال في الضمائر. فإن دم الشهداء كان سيذهب سدى من دون دور الشاهدة العظيمة زينب (ع)، ودور الشاهدين الآخرين معها.<ref>انظر: مقال: محمد تقي المدرسي، الصديقة زينب، 7 / 1 / 1416 هـ، طهران.</ref>
كان هدف السبط الشهيد أن يكوّن من أبناء الأمّة رجالاً يدافعون عن الحق أمام [[يزيد]] وطغيانه، ويستعدون للشهادة في سبيل الله، بل يجعلون هذه [[الشهادة]] هدفهم الأوّل، فكانت السيدة زينب {{عليها السلام}} الشاهدة على نهضة السبط الشهيد والحاملة لرسالتها إلى الآفاق، ولأن النهضة أساساً كانت تهدف بعث زلزال في الضمائر. فإن دم الشهداء كان سيذهب سدى من دون دور الشاهدة العظيمة زينب (ع)، ودور الشاهدين الآخرين معها.<ref>انظر: مقال: محمد تقي المدرسي، الصديقة زينب، 7 / 1 / 1416 هـ، طهران.</ref>


وكانت باكورة ذلك لما سقط [[الإمام الحسين]] {{عليه السلام}} على الأرض في عصر [[العاشر من المحرم]] حيث خرجت (ع) من باب الخيمة نحو الميدان، ثم وجهت كلامها إلى [[عمر بن سعد]]، وقالت: «يا بن سعد! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!» فلم يجبها عمر بشيء.<ref>علي نظري منفرد، قصّه كربلا، ص 371.</ref>
وكانت باكورة ذلك لما سقط [[الإمام الحسين]] {{عليه السلام}} على الأرض في عصر [[العاشر من المحرم]] حيث خرجت (ع) من باب الخيمة نحو الميدان، ثم وجهت كلامها إلى [[عمر بن سعد]]، وقالت: «يا بن سعد! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!» فلم يجبها عمر بشيء.<ref>علي نظري منفرد، قصّه كربلا، ص 371.</ref>
سطر ٩٩: سطر ٩٩:


===موقفها حين قتل الحسين (ع)===
===موقفها حين قتل الحسين (ع)===
ذكر أرباب المقاتل والتاريخ أنها {{عليها السلام}} حينما جلست بالقرب من جسد أخيها توجهت نحو [[المدينة المنورة]]، وندبت أهلها قائلة: «وا محمّداه! بَناتُكَ سَبايا وذرّيتُك مُقَتّله، تسفي عليهم رِيحُ الصّبا، وهذا حُسينٌ محزوزُ الَّرأسِ مِنَ القَفا، مَسلُوبُ العمامِةِ والرِّداء...».<ref>ابومخنف، وقعة الطف، ص 259 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.</ref>
ذكر أرباب المقاتل والتاريخ أنها {{عليها السلام}} حينما جلست بالقرب من جسد أخيها توجهت نحو [[المدينة المنورة]]، وندبت قائلة: «وا محمّداه! بَناتُكَ سَبايا وذرّيتُك مُقَتّله، تسفي عليهم رِيحُ الصّبا، وهذا حُسينٌ محزوزُ الَّرأسِ مِنَ القَفا، مَسلُوبُ العمامةِ والرِّداء...».<ref>ابومخنف، وقعة الطف، ص 259 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.</ref><br />
 
وفي بعض الأخبار أنها قالت: بأبي من عسكره في يوم الإثنين نهبا، بأبي من فسطاطه مقطع العرى، بأبي من لا هو غائب فيرتجى، ولا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدماء.<ref>محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.</ref> فأبكت والله كلّ عدو وصديق.<ref>ابومخنف، وقعة الطف، ص 295 / محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الامم والملوك، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1358، ج 5، ص 348ـ349 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.</ref>
بأبي من عسكره في يوم الإثنين نهبا، بأبي من فسطاطه مقطع العرى، بأبي من لا هو غائب فيرتجى، ولا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدماء.<ref>محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.</ref> فأبكت والله كلّ عدو وصديق.<ref>ابومخنف، وقعة الطف، ص 295 / محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الامم والملوك، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1358، ج 5، ص 348ـ349 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.</ref>


===السيدة زينب (س) في الكوفة===
===السيدة زينب (س) في الكوفة===
لما وضعت الحرب أوزارها سيق من بقي من النساء والأطفال والعيال [[أسارى كربلاء|أسارى]] إلى [[الكوفة]] وهم في حالة يرزى لها، وما إن وصلوا إلى الكوفة حتى خطبت السيدة زينب {{عليها السلام}} في أهل الكوفة [[خطبة السيدة زينب (ع) في الكوفة|خطبة عظيمة]] وصفها [[بشير بن خزيم الأسدي|بشير بن خُزيم الأسدي]] بقوله: «ونظرت إلى زينب بنت علي (ع) يومئذ، ولم أر خفرة - والله - أنطق منها كأنها تفرع من لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس».<ref>احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي (زينب البطلة بنت علي)، ص 227ـ228.</ref>، ثم قالت: «الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة...».
لما وضعت الحرب أوزارها سيق من بقي من النساء والأطفال والعيال [[أسارى كربلاء|أسارى]] إلى [[الكوفة]] وهم في حالة يرزى لها، وما إن وصلوا إلى الكوفة حتى خطبت السيدة زينب {{عليها السلام}} في أهل الكوفة [[خطبة السيدة زينب (ع) في الكوفة|خطبة عظيمة]] وصفها [[بشير بن خزيم الأسدي|بشير بن خُزيم الأسدي]] بقوله: «ونظرت إلى زينب بنت علي (ع) يومئذ، ولم أر خفرة - والله - أنطق منها كأنها تفرع من لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس».<ref>احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي (زينب البطلة بنت علي)، ص 227ـ228.</ref>، ثم قالت: «الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة...».


قال بشير: «فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، وضج الناس بالبكاء والنوح، ونشر النساء شعورهنن ووضعن التراب على رؤسهن، وخمشن وجوههن، وضربن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال، ونتّفوا لحاهم، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم».
قال بشير: «فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، وضج الناس بالبكاء والنوح، ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤسهن، وخمشن وجوههن، وضربن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال، ونتفوا لحاهم، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم».
{{Quote box
{{Quote box
  |class = <!-- Advanced users only.  See the "Custom classes" section below. -->
  |class = <!-- Advanced users only.  See the "Custom classes" section below. -->
سطر ١٣٤: سطر ١٣٣:
فأدخلت السيدة زينب {{عليها السلام}} وسائر الأسرى إلى دار الإمارة إلا أنها (ع) لم تسكت، بل واجهت ابن زياد وهو في مجلس بكلام أدحض حجته وبين سفه رأيه.<ref>ابومخنف، وقعة الطف، ص 299و 300/ الشيخ المفيد، الارشاد، قم، مؤتمر الشيخ المفيد، 1413، ص 353 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 117.</ref>
فأدخلت السيدة زينب {{عليها السلام}} وسائر الأسرى إلى دار الإمارة إلا أنها (ع) لم تسكت، بل واجهت ابن زياد وهو في مجلس بكلام أدحض حجته وبين سفه رأيه.<ref>ابومخنف، وقعة الطف، ص 299و 300/ الشيخ المفيد، الارشاد، قم، مؤتمر الشيخ المفيد، 1413، ص 353 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 117.</ref>


وكان لكلام كل من السيدة زينب {{عليها السلام}} و[[الإمام السجاد عليه السلام|الامام السجّاد]] {{عليه السلام}} و[[أم كلثوم بنت الإمام علي عليه السلام|أمّ كلثوم]] و[[فاطمة بنت الحسين]] في [[الكوفة]] وفي [[دار الإمارة]]، بالإضافة إلى اعتراض كل من [[عبد الله بن عفيف الأزدي]] و[[زيد بن أرقم]]، الأثر الكبير في تغيير الرأي العام وندم الكوفيين على ما اقترفوه مما جعلهم يفكرون في الثأر للشهداء والانتقام من قتلتهم، وبهذا تشكلت النواة الأولى للمعارضة، وتمهدت الأرضية ل[[ثورة المختار]] والالتفاف حول حركتة.
وكان لكلام كل من السيدة زينب {{عليها السلام}} و[[الإمام السجاد عليه السلام|الامام السجّاد]] {{عليه السلام}} و[[أم كلثوم بنت الإمام علي عليه السلام|أمّ كلثوم]] و[[فاطمة بنت الحسين]] في [[الكوفة]] وفي [[دار الإمارة]]، بالإضافة إلى اعتراض كل من [[عبد الله بن عفيف الأزدي]] و[[زيد بن أرقم]]، الأثر الكبير في تغيير الرأي العام وندم الكوفيين على ما اقترفوه مما جعلهم يفكرون في الثأر للشهداء والانتقام من قتلتهم، وبهذا تشكلت النواة الأولى للمعارضة، وتمهدت الأرضية ل[[ثورة المختار]] والالتفاف حول حركته.


===مع قافلة الأسارى إلى الشام===
===مع قافلة الأسارى إلى الشام===
سطر ١٤١: سطر ١٤٠:
فبعث الرؤوس مع زجر بن قيس، وأرسل السبايا أثر الرؤوس مع [[مخفر بن ثعلبة العائذي]] و[[شمر بن ذي الجوشن]].<ref>سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت، ص 326؛ وانظر: صالح بن ابراهيم بن صالح الشهرستاني، تَاريخُ النِّياحَة على الإمام الشهيد الحسين بن علي (ع)، ص 71.</ref>
فبعث الرؤوس مع زجر بن قيس، وأرسل السبايا أثر الرؤوس مع [[مخفر بن ثعلبة العائذي]] و[[شمر بن ذي الجوشن]].<ref>سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت، ص 326؛ وانظر: صالح بن ابراهيم بن صالح الشهرستاني، تَاريخُ النِّياحَة على الإمام الشهيد الحسين بن علي (ع)، ص 71.</ref>


وكان معاوية قد رسخ جذور الحكم [[بني أمية|الأموي]] في الشام، وكانت الأمور متسقة أمام يزيد بن معاوية بسبب الماكنة الإعلامية القوية التي سخرها آل [[أبي سفيان]] لتضليل الجماهير وإظهار [[بنو أمية|الأمويين]] بمظهر الوريث الشرعي [[النبي محمد|للنبي الأكرم]] {{صل}}, فكان الوضع السياسي والأمني مطمئنا ولا يشوبه ما يكدر حياة يزيد السياسية؛ وقد وصف الصحابي [[سهل بن سعد الساعدي]] حالة الفرح والإبتهاج في الوسط الشامي قبيل قدوم السبايا بقوله: «خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار، كثيرة الأشجار، قد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول...».<ref>محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 327ـ328.</ref>
وكان معاوية قد رسخ جذور الحكم [[بني أمية|الأموي]] في الشام، وكانت الأمور متسقة أمام يزيد بن معاوية بسبب الماكنة الإعلامية القوية التي سخرها آل [[أبي سفيان]] لتضليل الجماهير وإظهار [[بنو أمية|الأمويين]] بمظهر الوريث الشرعي [[النبي محمد|للنبي الأكرم]] {{صل}}, فكان الوضع السياسي والأمني مطمئنا لا يشوبه ما يكدر حياة يزيد السياسية؛ وقد وصف الصحابي [[سهل بن سعد الساعدي]] حالة الفرح والإبتهاج في الوسط الشامي قبيل قدوم السبايا بقوله: «خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار، كثيرة الأشجار، قد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول...».<ref>محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 327ـ328.</ref>


ولكن سرعان ما انقلبت الأمور على عقب بمجرد دخول ركب السبايا إلى [[الشام]] وسماعهم خطب [[الإمام السجاد عليه السلام|الإمام السجّاد]] {{عليه السلام}} و[[خطبة السيدة زينب (ع) في الشام|خطبة عمّته زينب (ع)]] التي فضحت البيت الأموي، وبينت عظم الجريمة التي اقترفها الأموييون من جهة، وخففت من غلواء العداء الشامي ل[[أهل البيت]] (عليهم السلام) وحولته إلى حالة من الحبّ والتعاطف معهم.
ولكن سرعان ما انقلبت الأمور على عقب بمجرد دخول ركب السبايا إلى [[الشام]] وسماعهم خطب [[الإمام السجاد عليه السلام|الإمام السجّاد]] {{عليه السلام}} و[[خطبة السيدة زينب (ع) في الشام|خطبة عمّته زينب (ع)]] التي فضحت البيت الأموي، وبينت عظم الجريمة التي اقترفها الأموييون من جهة، وخففت من غلواء العداء الشامي ل[[أهل البيت]] (عليهم السلام) وحولته إلى حالة من الحبّ والتعاطف معهم.
في تلك الأجواء عقد [[يزيد بن معاوية]] مجلساً لم يعقد من قبله حضره الرؤساء والحكام والقادة و....<ref>سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت، ص 330.</ref> وتحت تأثير نشوة الانتصار نطق بكلمة [[الشرك]] و[[الكفر]].<ref>محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 248.</ref>
في تلك الأجواء عقد [[يزيد بن معاوية]] مجلساً لم يعقد من قبله حضره الرؤساء والحكام والقادة و....<ref>سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت، ص 330.</ref> وتحت تأثير نشوة الانتصار نطق بكلمة [[الشرك]] و[[الكفر]].<ref>محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 248.</ref>


وجيء برأس [[الإمام الحسين|الحسين]] {{عليه السلام}} ووضع بين يديه في طشت وجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده.<ref>حسن الهي، زينب كبري عقيله بني هاشم، ص 208.</ref> مظهراً ما كتمه من عداء وبغض ل[[رسول الله]] {{صل}} والرسالة المحمدية، وأخذ يردد أبيات ابن الزبعري المشرك:
وجيء برأس [[الإمام الحسين|الحسين]] {{عليه السلام}} ووضع بين يديه في طشت وجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده.<ref>حسن الهي، زينب كبري عقيله بني هاشم، ص 208.</ref> مظهراً ما كتمه من عداء وبغض ل[[رسول الله]] {{صل}} والرسالة المحمدية، وأخذ یتمثل بقول ابن الزبعري المشرك و زاد علیها أبیات أخر:
{{بداية قصيدة}}
{{بداية قصيدة}}
{{بيت|ليــت أشيـــاخي بـبدر شهدوا|جزع الخزرج من وقع الأسل}}
{{بيت|ليــت أشيـــاخي بـبدر شهدوا|جزع الخزرج من وقع الأسل}}
سطر ١٥٣: سطر ١٥٢:
{{نهاية قصيدة}}
{{نهاية قصيدة}}
 
 
وبينما هو يكرر تلك الأبيات منتشياً وإذا بالصاعقة الزينيبة تبدد عليه نشوته، وتفسد عليه أحلامه، وترجعه خاسئاً حسيراً قد فقد المبادرة على الحركة التي تعيد له ولسلطانه هيبته وسطوته، وأزاحت الستار عن عيون المغفلين وعقولهم، وأعادت الحق إلى نصابه، وبيّنت لهم من هم الشهداء الذين يتفرجون على رؤوسهم، ومن هم هؤلاء الأسرى الذين ينظرون إليهم.<ref>محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 135 / السيد بن طاووس، اللهوف، ص 221.</ref>
وبينما هو يكرر تلك الأبيات منتشياً وإذا بالصاعقة الزينيبة تبدد عليه نشوته، وتفسد عليه أحلامه، وترجعه خاسئاً حسيراً قد فقد المبادرة على الحركة التي تعيّد له ولسلطانه وسطوته، وأزاحت الستار عن عيون المغفلين وعقولهم، وأعادت الحق إلى نصابه، وبيّنت لهم من هم الشهداء الذين يتفرجون على رؤوسهم، ومن هم هؤلاء الأسرى الذين ينظرون إليهم.<ref>محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 135 / السيد بن طاووس، اللهوف، ص 221.</ref>




سطر ١٨٥: سطر ١٨٤:
==قبرها==
==قبرها==
{{مفصلة|حرم السيدة زينب (ع)}}
{{مفصلة|حرم السيدة زينب (ع)}}
ذكرت ثلاثة أقول حول قبرها ومدفنها:  
ذكرت ثلاثة أقوال حول قبرها ومدفنها:  


*[[الشام]]: المشهور أن قبر السيدة زينب (ع) يقع في جنوب العاصمة [[سوريا|السورية]] ''[[دمشق]]'' حيث سميت المنطقة التي دفنت فيها بـ "الزينبة".<ref>القرشي، السيدة زينب بطلة التاريخ...، ص 298 - 303.</ref>
*[[الشام]]: المشهور أن قبر السيدة زينب (ع) يقع في جنوب العاصمة [[سوريا|السورية]] ''[[دمشق]]'' حيث سميت المنطقة التي دفنت فيها بـ "الزينبية".<ref>القرشي، السيدة زينب بطلة التاريخ...، ص 298 - 303.</ref>
* [[مصر]]: أورد بعض المؤرخين أن قبر زينب (ع) في [[القاهرة]] وتحديدا في منطقة السيدة الزينب حيث تم إعادة بناها لعدة مرات، فهذه البقعة معروفة ب[[مقام السيدة الزينب]] أو مسجد السيدة زيبب وهو مزار يقصده المصريون وسائر المسلمين.
* [[مصر]]: أورد بعض المؤرخين أن قبر زينب (ع) في [[القاهرة]] وتحديدا في منطقة السيدة الزينب حيث تم إعادة بناها لعدة مرات، فهذه البقعة معروفة ب[[مقام السيدة زينب]] أو مسجد السيدة زينب وهو مزار يقصده المصريون وسائر المسلمين.
* [[مقبرة البقيع]]: هناك من المؤرخين يعتقد أن قبرها في مقبرة البقيع ب[[المدينة]]، ومن مؤيدي هذا الرأي هو [[السيد محسن الأمين]]، ويرجحه، ويفند القولين الآخرين.<ref>الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 140 - 141.</ref>
* [[مقبرة البقيع]]: هناك من المؤرخين يعتقد أن قبرها في مقبرة البقيع ب[[المدينة]]، ومن مؤيدي هذا الرأي هو [[السيد محسن الأمين]].<ref>الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 140 - 141.</ref>


==بحوث ذات صلة==
==بحوث ذات صلة==
مستخدم مجهول