مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإمام علي السجاد عليه السلام»
ط
لا يوجد ملخص تحرير
imported>Bassam |
imported>Nabavi طلا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
{{صندوق معلومات أئمة | {{{{صندوق معلومات أئمة | ||
|صورة =أئمة البقيع.jpg | |صورة =أئمة البقيع.jpg | ||
|اللقب =[[الإمام علي بن الحسين]] (ع) | |اللقب =[[الإمام علي بن الحسين]] (ع) | ||
سطر ١٤: | سطر ١٤: | ||
|الأم = [[شهربانو]] | |الأم = [[شهربانو]] | ||
|الزوج= | |الزوج= | ||
|الأولاد= [[الإمام الباقر]] {{عليه السلام}}، [[عبد الله بن علي بن الحسين|عبد الله]]، [[زيد بن علي بن الحسين|زيد]]، [[حسن بن علي بن الحسين|الحسن]]، [[حسين بن علي بن الحسين|الحسين]] | |الأولاد= [[الإمام الباقر]]{{عليه السلام}}، [[عبد الله بن علي بن الحسين|عبد الله]]، [[زيد بن علي بن الحسين|زيد]]، [[حسن بن علي بن الحسين|الحسن]]، [[حسين بن علي بن الحسين|الحسين]] | ||
}} | }} | ||
'''الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب {{عليهم السلام}}''' الشهير بالسجاد وزين العابدين، هو رابع أئمة [[أهل البيت |أهل البيت]] {{عليهم السلام}}، ولد في [[5 شعبان|الخامس من شعبان]] [[سنة 38 للهجرة]]، واستمرت [[الإمامة|إمامته]] 35 سنة. اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين {{ع}} بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ [[الإسلام|الإسلامي]]، ومنها [[واقعة كربلاء]] حيث كان {{ع}} حاضراً فيها والتي استشهد خلالها [[الإمام الحسين]] {{ع}} وأهل بيته {{عليهم السلام}}، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال على يد جيش الشام، كان الإمام السجاد {{ع}} مع موكب السبايا، وبعد أن ألقى [[خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام|خطبة مؤثّرة]] في مجلس [[يزيد بن معاوية]] بيّن من خلالها سموّ مكانة [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] وحقيقة أعدائهم إضافة إلى شرح ما جرى من رزايا في كربلاء، رجع [[سبايا كربلاء|بالسبايا]] من [[الشام]] إلى [[المدينة المنورة|المدينة]]. | '''الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب{{عليهم السلام}}''' الشهير بالسجاد وزين العابدين، هو رابع أئمة [[أهل البيت |أهل البيت]]{{عليهم السلام}}، ولد في [[5 شعبان|الخامس من شعبان]] [[سنة 38 للهجرة]]، واستمرت [[الإمامة|إمامته]] 35 سنة. اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين{{ع}} بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ [[الإسلام|الإسلامي]]، ومنها [[واقعة كربلاء]] حيث كان{{ع}} حاضراً فيها والتي استشهد خلالها [[الإمام الحسين]]{{ع}} وأهل بيته{{عليهم السلام}}، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال على يد جيش الشام، كان الإمام السجاد{{ع}} مع موكب السبايا، وبعد أن ألقى [[خطبة الإمام السجاد عليه السلام في الشام|خطبة مؤثّرة]] في مجلس [[يزيد بن معاوية]] بيّن من خلالها سموّ مكانة [[أهل البيت عليهم السلام|أهل البيت]] وحقيقة أعدائهم إضافة إلى شرح ما جرى من رزايا في كربلاء، رجع [[سبايا كربلاء|بالسبايا]] من [[الشام]] إلى [[المدينة المنورة|المدينة]]. | ||
للإمام علي بن الحسين{{ع}} ألقاب عدة، ومنها: زين العابدين، وسيد العابدين، وذو الثفنات، والسجاد، كما واتصف{{عليه السلام}} بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون مما جعل [[الإمامة|إمامته]] محل قبول أغلب [[المسلمين]] من [[الشيعة]]، و[[أهل السنة]] ومما امتاز به الإمام من سمات وأخلاق يمكن الإشارة إلى [[الحلم|الحلم]]، والشجاعة، و[[الصبر]]، وغيرها من الفضائل الأخلاقية، كما وكان يحنّ على العبيد فلم يضرب عبداً أو أمة قط، بل كان يتملك العديد منهم ويعتقهم جميعاً في [[عيد الفطر]] ويشتري مجموعة أخرى ليعتقها هي الأخرى أيضا. | للإمام علي بن الحسين{{ع}} ألقاب عدة، ومنها: زين العابدين، وسيد العابدين، وذو الثفنات، والسجاد، كما واتصف{{عليه السلام}} بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون مما جعل [[الإمامة|إمامته]] محل قبول أغلب [[المسلمين]] من [[الشيعة]]، و[[أهل السنة]] ومما امتاز به الإمام من سمات وأخلاق يمكن الإشارة إلى [[الحلم|الحلم]]، والشجاعة، و[[الصبر]]، وغيرها من الفضائل الأخلاقية، كما وكان يحنّ على العبيد فلم يضرب عبداً أو أمة قط، بل كان يتملك العديد منهم ويعتقهم جميعاً في [[عيد الفطر]] ويشتري مجموعة أخرى ليعتقها هي الأخرى أيضا. | ||
سطر ٢٢: | سطر ٢٢: | ||
من الناحية السياسية في عصر الإمام السجاد{{ع}} يذكر التاريخ قيام ثورات عدة في [[العالم الإسلامي]]، منها: ثورة أهل المدينة الشهيرة ب[[واقعة الحرة]]، و[[ثورة التوابين]]، و[[ثورة المختار الثقفي]]. | من الناحية السياسية في عصر الإمام السجاد{{ع}} يذكر التاريخ قيام ثورات عدة في [[العالم الإسلامي]]، منها: ثورة أهل المدينة الشهيرة ب[[واقعة الحرة]]، و[[ثورة التوابين]]، و[[ثورة المختار الثقفي]]. | ||
هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين {{ع}}، وهي: [[الصحيفة السجادية]]، و[[رسالة الحقوق]]، و[[المناجيات الخمس عشرة]]، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد{{ع}}، ومصحف بخطه {{ع}}. | هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين{{ع}}، وهي: [[الصحيفة السجادية]]، و[[رسالة الحقوق]]، و[[المناجيات الخمس عشرة]]، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد{{ع}}، ومصحف بخطه{{ع}}. | ||
عاصر الإمام علي بن الحسين {{ع}} عدداً من حُكّام [[بني أمية]]، منهم: [[يزيد بن معاوية]]، و[[مروان بن الحكم]]، و[[استشهاد|استشهد]] عليه السلام مسموماً بأمر من [[الوليد بن عبد الملك]]، في [[25 محرم|25 من المحرم]] [[سنة 95 للهجرة]] ودُفن ب[[مقبرة البقيع]] في المدينة المنورة إلى جوار عمّه [[الإمام الحسن (ع)|الإمام الحسن]]{{عليه السلام}}. | عاصر الإمام علي بن الحسين{{ع}} عدداً من حُكّام [[بني أمية]]، منهم: [[يزيد بن معاوية]]، و[[مروان بن الحكم]]، و[[استشهاد|استشهد]] عليه السلام مسموماً بأمر من [[الوليد بن عبد الملك]]، في [[25 محرم|25 من المحرم]] [[سنة 95 للهجرة]] ودُفن ب[[مقبرة البقيع]] في المدينة المنورة إلى جوار عمّه [[الإمام الحسن (ع)|الإمام الحسن]]{{عليه السلام}}. | ||
للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم [[زيد بن علي|زيد]] الذي استشهد بعد ما ثار ضد الحكم الأموي و[[الإمام محمد الباقر]] {{ع}} الذي تسلم [[الإمامة]] بعد استشهاد أبيه. | للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم [[زيد بن علي|زيد]] الذي استشهد بعد ما ثار ضد الحكم الأموي و[[الإمام محمد الباقر]]{{ع}} الذي تسلم [[الإمامة]] بعد استشهاد أبيه. | ||
== هويته الشخصية == | == هويته الشخصية == | ||
سطر ٣٤: | سطر ٣٤: | ||
'''أبوه''': هو [[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين بن علي]]{{ع}} سيد شباب أهل الجنة، والإمام الثالث عند الشيعة.<ref>المدرسي، الإمام زين العابدين، ص 11.</ref> | '''أبوه''': هو [[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين بن علي]]{{ع}} سيد شباب أهل الجنة، والإمام الثالث عند الشيعة.<ref>المدرسي، الإمام زين العابدين، ص 11.</ref> | ||
'''أمه''': فقد اختلف في اسم والدة الإمام السجاد {{ع}}، فقيل هي: سلامة.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.</ref> سلافة.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 464.</ref> غزالة.<ref>البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 31.</ref> سلمة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 22.</ref> سادرة.<ref>الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 49.</ref> [[شهربانويه]].<ref>النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 237.</ref> ولكن عُرفت بشاه زنان، ومعناه في اللغة العربية ملكة النساء أو سيدة النساء، وقيل بأنه ليس اسمها لها بل لقبها.<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 126.</ref> والمشهور بين الأوساط المختلفة أنّها ابنة [[يزدجرد]] آخر ملك ايراني في [[العهد الساساني]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 247.</ref> | '''أمه''': فقد اختلف في اسم والدة الإمام السجاد{{ع}}، فقيل هي: سلامة.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.</ref> سلافة.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 464.</ref> غزالة.<ref>البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 31.</ref> سلمة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 22.</ref> سادرة.<ref>الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 49.</ref> [[شهربانويه]].<ref>النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 237.</ref> ولكن عُرفت بشاه زنان، ومعناه في اللغة العربية ملكة النساء أو سيدة النساء، وقيل بأنه ليس اسمها لها بل لقبها.<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 126.</ref> والمشهور بين الأوساط المختلفة أنّها ابنة [[يزدجرد]] آخر ملك ايراني في [[العهد الساساني]].<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 247.</ref> | ||
ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد{{ع}} اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء، ولذلك، فقد بادر [[أمير المؤمنين]]{{ع}} إلى زواجها من ولده [[الإمام الحسين]]{{ع}}، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك.<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 214. </ref> | ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد{{ع}} اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء، ولذلك، فقد بادر [[أمير المؤمنين]]{{ع}} إلى زواجها من ولده [[الإمام الحسين]]{{ع}}، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك.<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 214. </ref> | ||
*'''اسمه''' | *'''اسمه''' | ||
لقد أجمعت المصادر على أن [[الرسول الأعظم]] {{صل}} قد سمى حفيده بـ "علي" ولقبه بـ"زين العابدين"، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين، وقد تظافرت [[الروايات|الأخبار]] بنقل ذلك عنه،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33 - 34.</ref> ومن هذه الأخبار: | لقد أجمعت المصادر على أن [[الرسول الأعظم]]{{صل}} قد سمى حفيده بـ "علي" ولقبه بـ"زين العابدين"، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين، وقد تظافرت [[الروايات|الأخبار]] بنقل ذلك عنه،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33 - 34.</ref> ومن هذه الأخبار: | ||
::روى [[جابر بن عبد الله الأنصاري]] قال كنت جالساً عند [[رسول الله]] {{صل}} و[[الحسين (ع)|الحسين]] في حجره، وهو يداعبه، فقال {{صل}}: يا جابر يولد له مولود اسمه "علي" إذا كان [[يوم القيامة]] نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام.<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref> | ::روى [[جابر بن عبد الله الأنصاري]] قال كنت جالساً عند [[رسول الله]]{{صل}} و[[الحسين (ع)|الحسين]] في حجره، وهو يداعبه، فقال{{صل}}: يا جابر يولد له مولود اسمه "علي" إذا كان [[يوم القيامة]] نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام.<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref> | ||
*'''ألقابه''' | *'''ألقابه''' | ||
لقد لُقب الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة من الألقاب، ومنها: | لقد لُقب الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة من الألقاب، ومنها: | ||
1- '''زين العابدين''': لقبه [[النبي الأكرم]] {{صل}} بهذا اللقب،<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref> وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.<ref>العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 3، ص 306.</ref> | 1- '''زين العابدين''': لقبه [[النبي الأكرم]]{{صل}} بهذا اللقب،<ref>الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.</ref> وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.<ref>العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 3، ص 306.</ref> | ||
وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ "زين العابدين" إنَّ [[الشيطان]] تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا ب[[الصلاة]]، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا. <ref>الفالي، موسوعة الأنوار في سيرة الأئمة الأطهار، ج 7، ص 12.</ref> | وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ "زين العابدين" إنَّ [[الشيطان]] تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا ب[[الصلاة]]، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا. <ref>الفالي، موسوعة الأنوار في سيرة الأئمة الأطهار، ج 7، ص 12.</ref> | ||
2 - '''سيد العابدين''': لُقب به لما ظهر منه من الانقياد والطاعة لله، فلم يُؤَثر عن أي أحد من [[العبادة]] مثل ما أثر منه عدا جده [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]] {{ع}}.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 36.</ref> | 2 - '''سيد العابدين''': لُقب به لما ظهر منه من الانقياد والطاعة لله، فلم يُؤَثر عن أي أحد من [[العبادة]] مثل ما أثر منه عدا جده [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}}.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 36.</ref> | ||
3- '''ذو الثفنات''': لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير،<ref>القلقشندي، صبح الأعشى، ج 1، ص 452.</ref> وذلك لكثرة سجوده، وعن [[محمد بن علي الباقر]] {{ع}} قال: كان لأبي {{ع}} في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 377.</ref> | 3- '''ذو الثفنات''': لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير،<ref>القلقشندي، صبح الأعشى، ج 1، ص 452.</ref> وذلك لكثرة سجوده، وعن [[محمد بن علي الباقر]]{{ع}} قال: كان لأبي{{ع}} في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 377.</ref> | ||
4 - '''السجّاد''': قال [[محمد بن علي الباقر|أبو جعفر محمد بن علي الباقر]] {{ع}} إن أبي علي بن الحسين {{ع}} ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ [[آية]] من [[كتاب الله]] {{عز وجل}} فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من [[صلاة]] مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 244.</ref> | 4 - '''السجّاد''': قال [[محمد بن علي الباقر|أبو جعفر محمد بن علي الباقر]]{{ع}} إن أبي علي بن الحسين{{ع}} ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ [[آية]] من [[كتاب الله]]{{عز وجل}} فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من [[صلاة]] مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 244.</ref> | ||
ونظم ابن حماد أبياتا يصف فيها كثرة سجود الإمام وعبادته، وهي: | ونظم ابن حماد أبياتا يصف فيها كثرة سجود الإمام وعبادته، وهي: | ||
سطر ٦٣: | سطر ٦٣: | ||
5 - '''الزكي''': لُقب بالزكي لأن الله زكاه و[[اية التطهير|طهّره]].<ref>الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 317.</ref> | 5 - '''الزكي''': لُقب بالزكي لأن الله زكاه و[[اية التطهير|طهّره]].<ref>الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 317.</ref> | ||
6 - '''الأمين''': ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ "الأمين"،<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> فقد روي عنه أنه قال {{ع}}: لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.<ref>الصدوق، الأمالي، ص 319.</ref> | 6 - '''الأمين''': ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ "الأمين"،<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> فقد روي عنه أنه قال{{ع}}: لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.<ref>الصدوق، الأمالي، ص 319.</ref> | ||
كما واختلفت المصادر بين كونه علي الأصغر أو الأوسط أو الأكبر، فلُقب في بعض المصادر بعلي الأصغر<ref>البكري، تاريخ الخميس، ج 2، ص 286.</ref> وفي مصادر أخرى بعلي الأوسط<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 1، ص 582.</ref> وذكره [[المفيد]] عليا الأكبر<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.</ref>. | كما واختلفت المصادر بين كونه علي الأصغر أو الأوسط أو الأكبر، فلُقب في بعض المصادر بعلي الأصغر<ref>البكري، تاريخ الخميس، ج 2، ص 286.</ref> وفي مصادر أخرى بعلي الأوسط<ref>الإربلي، كشف الغمة، ج 1، ص 582.</ref> وذكره [[المفيد]] عليا الأكبر<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 135.</ref>. | ||
*'''كُناه''' | *'''كُناه''' | ||
كُني الإمام علي بن الحسين {{ع}} بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 137.</ref> وأبي عبد الله<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.</ref> | كُني الإمام علي بن الحسين{{ع}} بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 137.</ref> وأبي عبد الله<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 237.</ref> | ||
===ولادته ونشأته=== | ===ولادته ونشأته=== | ||
'''تاريخ الولادة:''' لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدين {{ع}}، وأشهرها عند [[الإمامية]]، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> اليوم الخامس من [[شعبان المعظم|شعبان]] سنة "[[38 هـ]]"<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 212.</ref> وذلك في يوم الخميس.<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 136.</ref> وقيل بأنه ولد في يوم التاسع من شعبان،<ref>النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 222.</ref> أو النصف من [[جمادى الأولى]]،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> أو 26 [[جمادى الآخرة]].<ref>ثامر، الإمامة في الإسلام، ص 116.</ref>. | '''تاريخ الولادة:''' لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدين{{ع}}، وأشهرها عند [[الإمامية]]، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> اليوم الخامس من [[شعبان المعظم|شعبان]] سنة "[[38 هـ]]"<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 212.</ref> وذلك في يوم الخميس.<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 136.</ref> وقيل بأنه ولد في يوم التاسع من شعبان،<ref>النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 222.</ref> أو النصف من [[جمادى الأولى]]،<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 33.</ref> أو 26 [[جمادى الآخرة]].<ref>ثامر، الإمامة في الإسلام، ص 116.</ref>. | ||
'''مكان الولادة:''' هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسين {{ع}} فقد قال البعض بأنه ولد في [[الكوفة]]،<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 104.</ref> واعتبر آخرون [[يثرب]] مكانا لولادته.<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> | '''مكان الولادة:''' هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسين{{ع}} فقد قال البعض بأنه ولد في [[الكوفة]]،<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 104.</ref> واعتبر آخرون [[يثرب]] مكانا لولادته.<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 187.</ref> | ||
ونشأ الإمام زين العابدين في بيت [[النبوة]] و[[الإمامة]]، فقد عاش في كنف جده [[علي (ع)|أمير المؤمنين]]{{ع}} فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين {{ع}} تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه [[الإمام الحسن (ع)|الإمام الحسن]] {{ع}}، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده [[الإمام الحسين (ع)|الإمام الحسين]]{{ع}}.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 137.؛ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، ص 175.؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 45 - 47.</ref> | ونشأ الإمام زين العابدين في بيت [[النبوة]] و[[الإمامة]]، فقد عاش في كنف جده [[علي (ع)|أمير المؤمنين]]{{ع}} فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين{{ع}} تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه [[الإمام الحسن (ع)|الإمام الحسن]]{{ع}}، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده [[الإمام الحسين (ع)|الإمام الحسين]]{{ع}}.<ref>المفيد، الإرشاد، ص 137.؛ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، ص 175.؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 45 - 47.</ref> | ||
===استشهاده=== | ===استشهاده=== | ||
روي بأن [[الأمويين]] قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد {{ع}} وكان أشدهم خوفا منه [[الوليد بن عبد الملك]]، فقد روى [[محمد بن مسلم الزهري]] أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا".<ref>القرشي، حياة الإمام الباقر {{ع}}، ج 1، ص 57.</ref> | روي بأن [[الأمويين]] قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد{{ع}} وكان أشدهم خوفا منه [[الوليد بن عبد الملك]]، فقد روى [[محمد بن مسلم الزهري]] أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا".<ref>القرشي، حياة الإمام الباقر{{ع}}، ج 1، ص 57.</ref> | ||
وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على [[يثرب]]، وأمره أن يدسه للإمام،<ref>الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 52.</ref> وهكذا استشهد الإمام {{ع}} مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.<ref>ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، 1991، ص 189؛ الشبراوي،الإتحاف، 2002، 277.</ref> | وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على [[يثرب]]، وأمره أن يدسه للإمام،<ref>الشبراوي، الإتحاف بحب الأشراف، ص 52.</ref> وهكذا استشهد الإمام{{ع}} مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.<ref>ابن شهر آشوب، المناقب، ج 4، 1991، ص 189؛ الشبراوي،الإتحاف، 2002، 277.</ref> | ||
'''تاريخ ومكان شهادته (ع)''' | '''تاريخ ومكان شهادته (ع)''' | ||
هناك آراء عند علماء [[الشيعة]] ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين {{ع}}. فنقل [[الشيخ الكليني]]: عن [[الصادق (ع)|أبي عبد الله الصادق]] {{ع}}، قال: قُبض علي بن الحسين {{ع}} وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.<ref>الكليني، الكافي (ط: دار الحديث)، ج 2، ص 519.</ref> ووافقه [[الشيخ المفيد]] في ذلك وأضاف بأنه {{عليه السلام}} توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]].<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 137.</ref> وقال [[الكفعمي |الشيخ الكفعمي]] بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.<ref>الكفعمي، المصباح، ص 509.</ref> | هناك آراء عند علماء [[الشيعة]] ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين{{ع}}. فنقل [[الشيخ الكليني]]: عن [[الصادق (ع)|أبي عبد الله الصادق]]{{ع}}، قال: قُبض علي بن الحسين{{ع}} وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.<ref>الكليني، الكافي (ط: دار الحديث)، ج 2، ص 519.</ref> ووافقه [[الشيخ المفيد]] في ذلك وأضاف بأنه{{عليه السلام}} توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]].<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 137.</ref> وقال [[الكفعمي |الشيخ الكفعمي]] بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.<ref>الكفعمي، المصباح، ص 509.</ref> | ||
وأما [[الشيخ الطوسي]] فذكر وفاته في اليوم الخامس والعشرين من [[محرم|المحرم]] في [[المدينة المنورة]]، ولكن اعتبره في سنة أربع وتسعين.<ref>الطوسي، مصباح المتهجد، ج 2، ص 787.</ref> | وأما [[الشيخ الطوسي]] فذكر وفاته في اليوم الخامس والعشرين من [[محرم|المحرم]] في [[المدينة المنورة]]، ولكن اعتبره في سنة أربع وتسعين.<ref>الطوسي، مصباح المتهجد، ج 2، ص 787.</ref> | ||
سطر ٩٠: | سطر ٩٠: | ||
واختلف كل من [[ابن شهر آشوب]] و[[الاربلي|الأربلي]] مع المفيد والطوسي والكليني، فرغم ذكرهم وفاته في [[المدينة المنورة|المدينة]] ولكن حددوها بيوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من [[محرم الحرام|المحرم]]، أو لإثنتي عشرة ليلة، سنة أربع وتسعين أو خمس وتسعين من [[الهجرة النبوية|الهجرة]].<ref>ابن شهر آشوب، المناقب (ط - علامه)، ج 4، ص 176. الأربلي، كشف الغمة (ط - بني هاشمي)، ج 2، ص 82.</ref> | واختلف كل من [[ابن شهر آشوب]] و[[الاربلي|الأربلي]] مع المفيد والطوسي والكليني، فرغم ذكرهم وفاته في [[المدينة المنورة|المدينة]] ولكن حددوها بيوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من [[محرم الحرام|المحرم]]، أو لإثنتي عشرة ليلة، سنة أربع وتسعين أو خمس وتسعين من [[الهجرة النبوية|الهجرة]].<ref>ابن شهر آشوب، المناقب (ط - علامه)، ج 4، ص 176. الأربلي، كشف الغمة (ط - بني هاشمي)، ج 2، ص 82.</ref> | ||
ومن جهتهم فاختلف [[أهل السنة]] في وفاته {{ع}} أيضاً، فقال سبط ابن الجوزي: وفاته {{ع}} على أقوال: انه توفي سنة أربع وتسعين، أو سنة اثنتين وتسعين، أو سنة خمس وتسعين، والأول أصح، لانها تسمى سنة [[الفقهاء]]، لكثرة من مات بها من العلماء، وكان سيد الفقهاء، مات في أولها، وتتابع الناس بعده.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 298 - 299.</ref> ووافق رأيه بشأن وفاته في سنة 94 كل من الخطيب التبريزي،<ref>التبريزي، الاكمال في أسماء الرجال، ص 80.</ref> ومجد الدين بن الأثير<ref>ابن الأثير، المختار من مناقب الأخيار، ج 4، ص 50.</ref> وابن الصبّان المصري<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 286.</ref> ومحمد بن طلحة الشافعي، الذي أضاف للسنة، يوم الثامن عشر من [[محرم الحرام|المحرم]]<ref>الشافعي، مطلب السؤول، ص 275.</ref> والشبلنجي الذي اعتبره الثاني عشر من المحرم<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 286.</ref> | ومن جهتهم فاختلف [[أهل السنة]] في وفاته{{ع}} أيضاً، فقال سبط ابن الجوزي: وفاته{{ع}} على أقوال: انه توفي سنة أربع وتسعين، أو سنة اثنتين وتسعين، أو سنة خمس وتسعين، والأول أصح، لانها تسمى سنة [[الفقهاء]]، لكثرة من مات بها من العلماء، وكان سيد الفقهاء، مات في أولها، وتتابع الناس بعده.<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 298 - 299.</ref> ووافق رأيه بشأن وفاته في سنة 94 كل من الخطيب التبريزي،<ref>التبريزي، الاكمال في أسماء الرجال، ص 80.</ref> ومجد الدين بن الأثير<ref>ابن الأثير، المختار من مناقب الأخيار، ج 4، ص 50.</ref> وابن الصبّان المصري<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 286.</ref> ومحمد بن طلحة الشافعي، الذي أضاف للسنة، يوم الثامن عشر من [[محرم الحرام|المحرم]]<ref>الشافعي، مطلب السؤول، ص 275.</ref> والشبلنجي الذي اعتبره الثاني عشر من المحرم<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 286.</ref> | ||
ولكن الكنجي الشافعي فقال بأنه عليه السلام توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]] سنة خمس وتسعين، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.<ref>الشافعي، كفاية الطالب، ص 306.</ref> | ولكن الكنجي الشافعي فقال بأنه عليه السلام توفي ب[[المدينة المنورة|المدينة]] سنة خمس وتسعين، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.<ref>الشافعي، كفاية الطالب، ص 306.</ref> | ||
سطر ١١٥: | سطر ١١٥: | ||
|---||أم ولد||[[فاطمة بنت علي بن الحسين|فاطمة]]، [[علية بنت علي بن الحسين|علّية]] و[[أم كلثوم بنت علي بن الحسين|أم کلثوم]] | |---||أم ولد||[[فاطمة بنت علي بن الحسين|فاطمة]]، [[علية بنت علي بن الحسين|علّية]] و[[أم كلثوم بنت علي بن الحسين|أم کلثوم]] | ||
|} | |} | ||
إضافة للجدول أعلاه هناك مصادر ذكرت الشيبانية في عداد زوجاته وهناك زوجتين كانت إحداهما أم ولد لأخيه [[علي الأكبر]] والثانية أم ولد لعمه [[الإمام الحسن|الإمام الحسن (ع)]]، كما وعدّ البعض في أولاده القاسم وأم الحسن، وأم البنين.<ref>التستري، تواريخ أعلام الهداية، ص 123.</ref> ولقد صار أبناء الإمام السجاد {{ع}} بحكم تربيته لهم من رجال الفكر والعلم في [[الإسلام]]، فكان ولده [[الإمام محمد الباقر]] {{ع}} من أئمة [[المسلمين]]، ومن أكثرهم عطاءاً للعلم، أما ولده [[عبد الله الباهر]] فقد كان من علماء المسلمين في فضله، وقد روى عن أبيه علوماً شتى، وكتب الناس عنه ذلك،<ref>الحسيني، غاية الاختصار، ص 106.</ref> أما ولده [[زيد الشهيد|زيد]] فقد كان له إلمام في علوم مختلفة ك[[الفقه]] و[[علم الحديث|الحديث]] و[[تفسير القرآن|التفسير]] و[[علم الكلام]] وهو الذي قام ب[[ثورة زيد بن علي|ثورة]] على [[الأمويين]].<ref>البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 58 - 59.</ref> | إضافة للجدول أعلاه هناك مصادر ذكرت الشيبانية في عداد زوجاته وهناك زوجتين كانت إحداهما أم ولد لأخيه [[علي الأكبر]] والثانية أم ولد لعمه [[الإمام الحسن|الإمام الحسن (ع)]]، كما وعدّ البعض في أولاده القاسم وأم الحسن، وأم البنين.<ref>التستري، تواريخ أعلام الهداية، ص 123.</ref> ولقد صار أبناء الإمام السجاد{{ع}} بحكم تربيته لهم من رجال الفكر والعلم في [[الإسلام]]، فكان ولده [[الإمام محمد الباقر]]{{ع}} من أئمة [[المسلمين]]، ومن أكثرهم عطاءاً للعلم، أما ولده [[عبد الله الباهر]] فقد كان من علماء المسلمين في فضله، وقد روى عن أبيه علوماً شتى، وكتب الناس عنه ذلك،<ref>الحسيني، غاية الاختصار، ص 106.</ref> أما ولده [[زيد الشهيد|زيد]] فقد كان له إلمام في علوم مختلفة ك[[الفقه]] و[[علم الحديث|الحديث]] و[[تفسير القرآن|التفسير]] و[[علم الكلام]] وهو الذي قام ب[[ثورة زيد بن علي|ثورة]] على [[الأمويين]].<ref>البخاري، سر السلسلة العلوية، ص 58 - 59.</ref> | ||
سطر ١٢٢: | سطر ١٢٢: | ||
===صفاته=== | ===صفاته=== | ||
اتصف الإمام علي بن الحسين {{ع}} بمجموعة صفات، وهي: | اتصف الإمام علي بن الحسين{{ع}} بمجموعة صفات، وهي: | ||
*'''الخَلْقية''' | *'''الخَلْقية''' | ||
روى التاريخ أنه كان أسمرا، وقصيرا، ونحيفا،<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 36.</ref> ورقيقا، وجميلا.<ref>الشيخاني، الصراط السوي، ص 192.</ref> | روى التاريخ أنه كان أسمرا، وقصيرا، ونحيفا،<ref>الشبلنجي، نور الأبصار، ص 36.</ref> ورقيقا، وجميلا.<ref>الشيخاني، الصراط السوي، ص 192.</ref> | ||
ولقد وصف [[الفرزدق]] هيبة الإمام {{ع}} بقوله: | ولقد وصف [[الفرزدق]] هيبة الإمام{{ع}} بقوله: | ||
{{بداية قصيدة}} | {{بداية قصيدة}} | ||
{{بيت|يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته| فلا يُكلّمُ إلا حين يبتســــــــــــــــــــــمُ}} | {{بيت|يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته| فلا يُكلّمُ إلا حين يبتســــــــــــــــــــــمُ}} | ||
سطر ١٣٢: | سطر ١٣٢: | ||
*'''الخُلْقية''' | *'''الخُلْقية''' | ||
#'''[[الحلم]]:''' توجد صورا كثيرة تدل على حلمه {{ع}}، ومنها: انه كانت له جارية تسكب على يديه الماء، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ الله {{عز وجل}} يقول: {{قرآن|والكاظمين الغيظ}} وأسرع الإمام قائلاً: «كظمت غيظي»، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة: {{قرآن|والعافين عن الناس}} فقال الإمام{{ع}}: «عفا الله عنك»، ثمّ قالت: {{قرآن|والله يحبّ المحسنين}}<ref>ال عمران: 134.</ref> فقال {{عليه السلام}} لها: «إذهبي فأنت حرّة».<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | #'''[[الحلم]]:''' توجد صورا كثيرة تدل على حلمه{{ع}}، ومنها: انه كانت له جارية تسكب على يديه الماء، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ الله{{عز وجل}} يقول:{{قرآن|والكاظمين الغيظ}} وأسرع الإمام قائلاً: «كظمت غيظي»، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة:{{قرآن|والعافين عن الناس}} فقال الإمام{{ع}}: «عفا الله عنك»، ثمّ قالت:{{قرآن|والله يحبّ المحسنين}}<ref>ال عمران: 134.</ref> فقال{{عليه السلام}} لها: «إذهبي فأنت حرّة».<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | ||
{{Quote box | {{Quote box | ||
|class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | |class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | ||
|title = قال [[الإمام السجاد]] {{عليه السلام}}: | |title = قال [[الإمام السجاد]]{{عليه السلام}}: | ||
:«وأما حق رعيتك بملك [[النكاح]] فأن تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً، وكذلك كل واحد منكم يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله، ويكرمها ويرفق بها»..<ref>رسالة الحقوق، الحق التاسع عشر.</ref> | :«وأما حق رعيتك بملك [[النكاح]] فأن تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً، وكذلك كل واحد منكم يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله، ويكرمها ويرفق بها»..<ref>رسالة الحقوق، الحق التاسع عشر.</ref> | ||
سطر ١٥٧: | سطر ١٥٧: | ||
}} | }} | ||
#'''الشجاعة:''' ذكر [[العلامة محمد باقر المجلسي|المجلسي]] انه لما أدخل الإمام {{ع}} أسيراً على [[عبيد الله بن زياد|عبيد الله]] وقد جابهه بكلمات التشفي فأجابه الإمام بكلمات أمر ابن زياد على إثرها بقتله{{ع}}، فأجابه الإمام {{ع}}: أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 118.</ref> | #'''الشجاعة:''' ذكر [[العلامة محمد باقر المجلسي|المجلسي]] انه لما أدخل الإمام{{ع}} أسيراً على [[عبيد الله بن زياد|عبيد الله]] وقد جابهه بكلمات التشفي فأجابه الإمام بكلمات أمر ابن زياد على إثرها بقتله{{ع}}، فأجابه الإمام{{ع}}: أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 118.</ref> | ||
#'''التجرد عن الأنانية:''' روى [[الصدوق]] في [[عيون أخبار الرضا عليه السلام (كتاب)|عيون أخبار الرضا {{ع}]]}: أن الإمام علي بن الحسين {{ع}} كان إذا أراد السفر سافر مع قوم لا يعرفونه ليقوم بنفسه برعايتهم وخدماتهم ولا يخدمه أحد منهم، وسافر مرة مع قوم لا يعرفونه، فنظر إليه رجل فعرفه فصاح بالقوم: ويلكم أتعرفون من هذا ؟ فقالوا: لا ندري، فقال: هذا علي بن الحسين، وأسرع القوم نحو الإمام، وجعلوا يقبّلون يديه ورجليه قائلين: "أتريد أن تصلينا نار جهنم؟ ما الذي حملك على هذا ؟.."، فقال: "كنت قد سافرت مع قوم يعرفونني فأعطوني ب[[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} ما لا أستحق وإني أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحب إلي.<ref>الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 145.</ref> | #'''التجرد عن الأنانية:''' روى [[الصدوق]] في [[عيون أخبار الرضا عليه السلام (كتاب)|عيون أخبار الرضا{{ع}]]}: أن الإمام علي بن الحسين{{ع}} كان إذا أراد السفر سافر مع قوم لا يعرفونه ليقوم بنفسه برعايتهم وخدماتهم ولا يخدمه أحد منهم، وسافر مرة مع قوم لا يعرفونه، فنظر إليه رجل فعرفه فصاح بالقوم: ويلكم أتعرفون من هذا ؟ فقالوا: لا ندري، فقال: هذا علي بن الحسين، وأسرع القوم نحو الإمام، وجعلوا يقبّلون يديه ورجليه قائلين: "أتريد أن تصلينا نار جهنم؟ ما الذي حملك على هذا ؟.."، فقال: "كنت قد سافرت مع قوم يعرفونني فأعطوني ب[[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} ما لا أستحق وإني أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحب إلي.<ref>الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 145.</ref> | ||
#'''الإحسان إلى الناس:''' أُثِرَ أنه كان {{ع}} يبادر لقضاء حوائج الناس خوفاً من أن يقوم بقضائها غيره فيحرم الثواب، وقد قال: إن عدوي يأتيني بحاجة فأبادر إلى قضائها خوفاً من أن يسبقني أحد إليها أو أن يستغني عنها فتفوتني فضيلتها.<ref>تقي خان، ناسخ التواريخ، ج 1، ص 13.</ref> | #'''الإحسان إلى الناس:''' أُثِرَ أنه كان{{ع}} يبادر لقضاء حوائج الناس خوفاً من أن يقوم بقضائها غيره فيحرم الثواب، وقد قال: إن عدوي يأتيني بحاجة فأبادر إلى قضائها خوفاً من أن يسبقني أحد إليها أو أن يستغني عنها فتفوتني فضيلتها.<ref>تقي خان، ناسخ التواريخ، ج 1، ص 13.</ref> | ||
#'''السخاء:''' لقد نقلت التواريخ أخبار كثيرة من جوده وكرمه {{ع}}، ومنها: أنه كان يُطعم الناس إطعاما عاما في كل يوم في [[يثرب]]، وذلك في وقت الظهر في داره.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 3، ص 6.</ref> | #'''السخاء:''' لقد نقلت التواريخ أخبار كثيرة من جوده وكرمه{{ع}}، ومنها: أنه كان يُطعم الناس إطعاما عاما في كل يوم في [[يثرب]]، وذلك في وقت الظهر في داره.<ref>اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 3، ص 6.</ref> | ||
#'''حنوه على الفقراء:''' روى [[العلامة المجلسي]]: ان الإمام السجاد {{ع}} كان يحمل إلى الفقراء الطعام والحطب على ظهره حتى يأتي بابا من أبوابهم فيناولهم إياه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> | #'''حنوه على الفقراء:''' روى [[العلامة المجلسي]]: ان الإمام السجاد{{ع}} كان يحمل إلى الفقراء الطعام والحطب على ظهره حتى يأتي بابا من أبوابهم فيناولهم إياه.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> | ||
===سيرته=== | ===سيرته=== | ||
سطر ١٦٨: | سطر ١٦٨: | ||
'''سيرته في بيته''': | '''سيرته في بيته''': | ||
كان الإمام زين العابدين {{ع}} من أرحم الناس وأبرهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، ويُنقل عنه قوله: "لأن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا<ref>أي اشتد شوقهم إلى اللحم.</ref> أحب إلي من أن أعتق نسمة".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 66.</ref> | كان الإمام زين العابدين{{ع}} من أرحم الناس وأبرهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، ويُنقل عنه قوله: "لأن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا<ref>أي اشتد شوقهم إلى اللحم.</ref> أحب إلي من أن أعتق نسمة".<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 66.</ref> | ||
وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنه من الله {{عز وجل}} صدقة عليهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 67.</ref> | وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنه من الله{{عز وجل}} صدقة عليهم.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 67.</ref> | ||
{{Quote box | {{Quote box | ||
|class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | |class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | ||
|title = <small><small>قيل لعلي بن الحسين {{عليهما السلام}} كيف أصبحت، يا ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]] قال:</small></small> | |title = <small><small>قيل لعلي بن الحسين{{عليهما السلام}} كيف أصبحت، يا ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]] قال:</small></small> | ||
<sup>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</sup> | <sup>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</sup> | ||
أصبحت مطلوبا بثمان: الله تعالى يطلبني بالفرائض، والنبي {{صل}}ب[[السنة]]، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتباعه، والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب.<ref>الطوسي، الأمالي، ص 641.</ref> | أصبحت مطلوبا بثمان: الله تعالى يطلبني بالفرائض، والنبي{{صل}}ب[[السنة]]، والعيال بالقوت، والنفس بالشهوة، والشيطان باتباعه، والحافظان بصدق العمل، وملك الموت بالروح، والقبر بالجسد، فأنا بين هذه الخصال مطلوب.<ref>الطوسي، الأمالي، ص 641.</ref> | ||
|quote = | |quote = | ||
سطر ١٩٨: | سطر ١٩٨: | ||
'''سيرته في بره بمربيته''': | '''سيرته في بره بمربيته''': | ||
عهد [[الإمام الحسين]] {{ع}} بعد موت والدة الإمام زين العابدين {{ع}} - وهو لا يزال صغيرا - إلى سيدة من [[أم ولد|أمهات أولاده]] بالقيام بحضانة ولده زين العابدين {{ع}} ورضاعته ورعايته، وقد ذكر الرواة أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبر الناس، وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها.<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 105.</ref> | عهد [[الإمام الحسين]]{{ع}} بعد موت والدة الإمام زين العابدين{{ع}} - وهو لا يزال صغيرا - إلى سيدة من [[أم ولد|أمهات أولاده]] بالقيام بحضانة ولده زين العابدين{{ع}} ورضاعته ورعايته، وقد ذكر الرواة أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبر الناس، وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها.<ref>الحنبلي، شذرات الذهب، ج 1، ص 105.</ref> | ||
'''سيرته مع مماليكه''': | '''سيرته مع مماليكه''': | ||
سطر ٢٠٤: | سطر ٢٠٤: | ||
كان عليه السلام لا يستخدم خادما فوق حول، فإذا ملك عبدا في أي وقت من السنة كان [[العتق|يعتقه]] ليلة [[عيد الفطر]]، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق [[الله|بالله]] تعالى، فيُذكر بأنه كان لا يضرب [[عبد|عبدا]] له ولا [[أمة]]، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، وأذنبت فلانة يوم كذا وكذا، حتى إذا كان آخر ليلة من [[شهر رمضان]] دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: "ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا [...] فاعف واصفح يعف عنك المليك،" ثم يقبل عليهم فيقول: "اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي" فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 103 و104.؛ ابن طاووس، الإقبال بالأعمال، ج 1، ص 261.</ref> | كان عليه السلام لا يستخدم خادما فوق حول، فإذا ملك عبدا في أي وقت من السنة كان [[العتق|يعتقه]] ليلة [[عيد الفطر]]، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق [[الله|بالله]] تعالى، فيُذكر بأنه كان لا يضرب [[عبد|عبدا]] له ولا [[أمة]]، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، وأذنبت فلانة يوم كذا وكذا، حتى إذا كان آخر ليلة من [[شهر رمضان]] دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: "ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا [...] فاعف واصفح يعف عنك المليك،" ثم يقبل عليهم فيقول: "اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي" فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 103 و104.؛ ابن طاووس، الإقبال بالأعمال، ج 1، ص 261.</ref> | ||
تنقل [[الروايات]] ان الإمام علي بن الحسين {{ع}} اهتم بطبقة العبيد، فقد كان يسعى لرفع منزلتهم فقد أعتق إحدى إمائه، وعقد عليها فعابه [[عبد الملك بن مروان]] على ذلك، وقال له: ما الذي دفعك لمثل هذا العمل؟ فأجابه الإمام السجاد {{ع}} محتجا بالآية الشريفة {{قرآن|لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}}<ref>الأحزاب: 21.</ref> وهو يشير بذلك إلى [[الزواج (فقه)|زواج]] [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} من [[صفية بنت حيي بن الأخطب|صفية]] وينبّه إلى مافعله النبي {{صل}} حيث عقد لإبنة عمته [[زينب بنت جحش|زينب]] على [[زيد بن حارثة]] الذي كان عبدا. | تنقل [[الروايات]] ان الإمام علي بن الحسين{{ع}} اهتم بطبقة العبيد، فقد كان يسعى لرفع منزلتهم فقد أعتق إحدى إمائه، وعقد عليها فعابه [[عبد الملك بن مروان]] على ذلك، وقال له: ما الذي دفعك لمثل هذا العمل؟ فأجابه الإمام السجاد{{ع}} محتجا بالآية الشريفة{{قرآن|لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}}<ref>الأحزاب: 21.</ref> وهو يشير بذلك إلى [[الزواج (فقه)|زواج]] [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} من [[صفية بنت حيي بن الأخطب|صفية]] وينبّه إلى مافعله النبي{{صل}} حيث عقد لإبنة عمته [[زينب بنت جحش|زينب]] على [[زيد بن حارثة]] الذي كان عبدا. | ||
'''سيرته مع جيرانه''': | '''سيرته مع جيرانه''': | ||
لقد روى الزهري انه كان | لقد روى الزهري انه كان {{ع}} من أبر الناس بجيرانه، فكان يرعاهم كما يرعى أهله، وكان يستقي لضعفاء جيرانه في غلس الليل.<ref>الأصفهاني، بهجة الأبرار، ص 45.</ref> | ||
'''سيرته العبادية''' | '''سيرته العبادية''' | ||
#'''الإنابة لله تعالى:''' نقلت لنا الكثير من كتب الأدعية أدعية للإمام السجاد {{ع}} في الإنابة لله تعالى، ومنها دعاؤه {{ع}} عند اللجأ إلى الله تعالى، والذي جاء فيه: '''اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ * فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلَا نَجَاةَ لِأَحَدٍ مِنَّا دُونَ عَفْوِكَ * يَا غَنِيَّ الْأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فَاقَتَنَا بِوُسْعِكَ'''.<ref>السجاد {{ع}}، الصحيفة السجادية، ص 61 - 62.</ref> | #'''الإنابة لله تعالى:''' نقلت لنا الكثير من كتب الأدعية أدعية للإمام السجاد{{ع}} في الإنابة لله تعالى، ومنها دعاؤه{{ع}} عند اللجأ إلى الله تعالى، والذي جاء فيه: '''اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ * فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلَا نَجَاةَ لِأَحَدٍ مِنَّا دُونَ عَفْوِكَ * يَا غَنِيَّ الْأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فَاقَتَنَا بِوُسْعِكَ'''.<ref>السجاد{{ع}}، الصحيفة السجادية، ص 61 - 62.</ref> | ||
#'''[[الوضوء|وضوؤه]]:''' رووا عنه انه {{ع}} إذا أراد [[الوضوء]] اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم عن خوفه وخشيته من الله قائلا: أتدرون بين يدي من أقوم؟<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | #'''[[الوضوء|وضوؤه]]:''' رووا عنه انه{{ع}} إذا أراد [[الوضوء]] اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم عن خوفه وخشيته من الله قائلا: أتدرون بين يدي من أقوم؟<ref>النويري، نهاية الإرب، ج 21، ص 326.</ref> | ||
#[[الصلاة|صلاته]]: فيُذكر بأنه "كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرَ وَ كَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَبَدا"<ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 150.</ref> | #[[الصلاة|صلاته]]: فيُذكر بأنه "كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرَ وَ كَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ تَرْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَبَدا"<ref>ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 150.</ref> | ||
#'''[[الصوم|صومه]]''': سُئلت جارية له عن [[العبادة|عبادته]]{{ع}}: فقالت: ما قدمت له طعاما في نهار قطّ، فقد كان يحث على [[الصوم]]، فقد قال: إنَّ الله تعالى وكَّلَ ملائكة بالصائمين.<ref>الراوندي، الدعوات، ص 4.</ref> | #'''[[الصوم|صومه]]''': سُئلت جارية له عن [[العبادة|عبادته]]{{ع}}: فقالت: ما قدمت له طعاما في نهار قطّ، فقد كان يحث على [[الصوم]]، فقد قال: إنَّ الله تعالى وكَّلَ ملائكة بالصائمين.<ref>الراوندي، الدعوات، ص 4.</ref> | ||
#'''[[الزهد|زهده]]:''' سئل الزهري عن أزهد الناس، فقال: علي بن الحسين.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> وروي عن الإمام زين العابدين {{ع}} أنه رأى سائلا يبكي، فتأثر منه، وراح يقول: "لو أنَّ الدنيا كانت في كفِّ هذا، ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 192.</ref> | #'''[[الزهد|زهده]]:''' سئل الزهري عن أزهد الناس، فقال: علي بن الحسين.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 46، ص 62.</ref> وروي عن الإمام زين العابدين{{ع}} أنه رأى سائلا يبكي، فتأثر منه، وراح يقول: "لو أنَّ الدنيا كانت في كفِّ هذا، ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص 192.</ref> | ||
#'''[[الحج|حجّه]]''': ذكر ابن عبد ربه: أنه حج خمسا وعشرين حجّة راجلا.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 103.</ref> | #'''[[الحج|حجّه]]''': ذكر ابن عبد ربه: أنه حج خمسا وعشرين حجّة راجلا.<ref>ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج 3، ص 103.</ref> | ||
سطر ٢٢٢: | سطر ٢٢٢: | ||
{{Quote box | {{Quote box | ||
|class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | |class = <!-- Advanced users only. See the "Custom classes" section below. --> | ||
|title = <small><small>عن الإمام زين العابدين {{ع}}، أنه قال: </small></small> | |title = <small><small>عن الإمام زين العابدين{{ع}}، أنه قال: </small></small> | ||
<sup><small>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</small></sup> | <sup><small>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</small></sup> | ||
سطر ٢٤٨: | سطر ٢٤٨: | ||
هناك نصوص ودلائل عدة في المصادر الروائية تثبت إمامة الإمام السجاد (ع) بعد أبيه [[الإمام الحسين]] (ع). | هناك نصوص ودلائل عدة في المصادر الروائية تثبت إمامة الإمام السجاد (ع) بعد أبيه [[الإمام الحسين]] (ع). | ||
===النص على إمامته=== | ===النص على إمامته=== | ||
هناك [[أحاديث]] كثيرة تنص على [[إمامة]] الإمام علي بن الحسين {{ع}}، ومنها: | هناك [[أحاديث]] كثيرة تنص على [[إمامة]] الإمام علي بن الحسين{{ع}}، ومنها: | ||
#إنَّ [[الرسول الأعظم]] {{صل}} عيّن أوصياءه و[[الأئمة الإثني عشر|خلفاءه الإثني عشر]] من بعده، وصرّح بأسمائهم، ومنهم الإمام السجاد {{ع}}، وقد تظافرت النصوص بذلك.<ref>الخزاز، كفاية الأثر، ص 311.</ref> | #إنَّ [[الرسول الأعظم]]{{صل}} عيّن أوصياءه و[[الأئمة الإثني عشر|خلفاءه الإثني عشر]] من بعده، وصرّح بأسمائهم، ومنهم الإمام السجاد{{ع}}، وقد تظافرت النصوص بذلك.<ref>الخزاز، كفاية الأثر، ص 311.</ref> | ||
#نص أمير المؤمنين {{ع}} على إمامة الإمام زين العابدين {{ع}} فقد قال ل[[الإمام الحسين (ع)|لإمام الحسين]] {{ع}}: إنك القائم بعد أخيك [[الحسن (ع)|الحسن]]، وإن [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} يأمرك أن تدفع المواريث من بعدك إلى ولدك زين العابدين فإنه الحجة من بعدك، ثم أخذ بيد زين العابدين وكان طفلاً وقال له: إن رسول الله {{صل}} يأمرك أن توصي ب[[الإمامة]] من بعدك إلى ولدك [[محمد الباقر]] واقرأه من [[رسول الله(ص)|رسول الله]] ومني السلام.<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 297.</ref> | #نص أمير المؤمنين{{ع}} على إمامة الإمام زين العابدين{{ع}} فقد قال ل[[الإمام الحسين (ع)|لإمام الحسين]]{{ع}}: إنك القائم بعد أخيك [[الحسن (ع)|الحسن]]، وإن [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} يأمرك أن تدفع المواريث من بعدك إلى ولدك زين العابدين فإنه الحجة من بعدك، ثم أخذ بيد زين العابدين وكان طفلاً وقال له: إن رسول الله{{صل}} يأمرك أن توصي ب[[الإمامة]] من بعدك إلى ولدك [[محمد الباقر]] واقرأه من [[رسول الله(ص)|رسول الله]] ومني السلام.<ref>الكليني، الكافي، ج 1، ص 297.</ref> | ||
#نص [[الإمام الحسين (ع)|الإمام الحسين]] {{ع}} على إمامة ولده زين العابدين {{عليه السلام}}، وعهد إليه ب[[الإمامة]] من بعده، فقد روى الزهري قال: كنت عند الحسين بن علي إذ دخل علي بن الحسين الأًصغر - يعني زين العابدين - فدعاه [[الحسين (ع)|الحسين]] وضمه إليه ضماً، وقبل ما بين عينيه، والتفت الزهري إلى الإمام الحسين فقال له: يا ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]] إن كان ما نعوذ بالله أن نراه فإلى من؟ فقال الحسين: علي ابني هذا هو الإمام أبو [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]].<ref>الخوانساري، روضات الجنات، ص 247 - 248.</ref> | #نص [[الإمام الحسين (ع)|الإمام الحسين]]{{ع}} على إمامة ولده زين العابدين{{عليه السلام}}، وعهد إليه ب[[الإمامة]] من بعده، فقد روى الزهري قال: كنت عند الحسين بن علي إذ دخل علي بن الحسين الأًصغر - يعني زين العابدين - فدعاه [[الحسين (ع)|الحسين]] وضمه إليه ضماً، وقبل ما بين عينيه، والتفت الزهري إلى الإمام الحسين فقال له: يا ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]] إن كان ما نعوذ بالله أن نراه فإلى من؟ فقال الحسين: علي ابني هذا هو الإمام أبو [[الأئمة الأطهار عليهم السلام|الأئمة]].<ref>الخوانساري، روضات الجنات، ص 247 - 248.</ref> | ||
===دلائل إمامته=== | ===دلائل إمامته=== | ||
# أحد أدلة إمامته هو ما رواه [[الشيخ الطوسي]] عن [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]] {{ع}} قال:َ لمّا توجه [[الامام الحسين|الْحُسَيْنُ]] {{ع}} إِلَى [[العراق|الْعِرَاقِ]] دَفَعَ إِلَى [[ام سلمة (زوجة النبي)|أُمِّ سَلَمَةَ]] زَوْجِ [[النبي (ص)|النَّبِيِّ]] {{صل}} الْوَصِيَّةَ وَالْكُتُبَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَتَاكَ أَكْبَرُ وُلْدِي فَادْفَعِي إِلَيْهِ مَا قَدْ دَفَعْتُ إِلَيْكِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ {{ع}} أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ {{ع}} أُمَّ سَلَمَةَ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَاهَا الْحُسَيْنُ.<ref>الطوسي، الغيبة، ص 195 - 196.</ref> | # أحد أدلة إمامته هو ما رواه [[الشيخ الطوسي]] عن [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]]{{ع}} قال:َ لمّا توجه [[الامام الحسين|الْحُسَيْنُ]]{{ع}} إِلَى [[العراق|الْعِرَاقِ]] دَفَعَ إِلَى [[ام سلمة (زوجة النبي)|أُمِّ سَلَمَةَ]] زَوْجِ [[النبي (ص)|النَّبِيِّ]]{{صل}} الْوَصِيَّةَ وَالْكُتُبَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهَا: إِذَا أَتَاكَ أَكْبَرُ وُلْدِي فَادْفَعِي إِلَيْهِ مَا قَدْ دَفَعْتُ إِلَيْكِ، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ{{ع}} أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ{{ع}} أُمَّ سَلَمَةَ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَاهَا الْحُسَيْنُ.<ref>الطوسي، الغيبة، ص 195 - 196.</ref> | ||
# والدليل الآخر هو إخبار الإمام زين العابدين {{ع}} عن كثير من الملاحم التي تحققت بعده، وكان منها: | # والدليل الآخر هو إخبار الإمام زين العابدين{{ع}} عن كثير من الملاحم التي تحققت بعده، وكان منها: | ||
::*إخباره {{ع}} بشهادة ولده [[زيد الشهيد|زيد]]<ref>الثقفي، الغارات، ج 2، ص 861.</ref> | ::*إخباره{{ع}} بشهادة ولده [[زيد الشهيد|زيد]]<ref>الثقفي، الغارات، ج 2، ص 861.</ref> | ||
::*إخباره {{ع}} عن حكومة [[عمر بن عبد العزيز]]<ref>الطبري، دلائل الإمامة، ص 88.</ref> | ::*إخباره{{ع}} عن حكومة [[عمر بن عبد العزيز]]<ref>الطبري، دلائل الإمامة، ص 88.</ref> | ||
::*إخباره {{ع}} عن حكومة [[العباسيين]]<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 241.</ref> | ::*إخباره{{ع}} عن حكومة [[العباسيين]]<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 241.</ref> | ||
::*إخباره {{ع}} بمصير قتلة [[الحسين بن علي بن أبي طالب|سيد الشهداء الحسين بن علي]] {{ع}}<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 4، ص 78 - 79.</ref> | ::*إخباره{{ع}} بمصير قتلة [[الحسين بن علي بن أبي طالب|سيد الشهداء الحسين بن علي]]{{ع}}<ref>الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 4، ص 78 - 79.</ref> | ||
===إمامته عند الشيعة=== | ===إمامته عند الشيعة=== | ||
لقد أجمعت [[الشيعة]] على [[الإمامة|إمامة]] الإمام علي بن الحسين السجاد {{ع}}، إلا الفرقة [[الكيسانية]] التي ذهبت إلى إمامة [[محمد بن الحنفية]].<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 122.</ref> | لقد أجمعت [[الشيعة]] على [[الإمامة|إمامة]] الإمام علي بن الحسين السجاد{{ع}}، إلا الفرقة [[الكيسانية]] التي ذهبت إلى إمامة [[محمد بن الحنفية]].<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 122.</ref> | ||
==== عند الإمامية الإثنا عشرية==== | ==== عند الإمامية الإثنا عشرية==== | ||
قال [[الشيخ المفيد]]: واتفقت [[الإمامية]] على أن [[رسول الله]] {{صل}} نص على علي بن الحسين، وان أباه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول {{صل}}، وانه كان بذلك إماما للمؤمنين.<ref>المفيد، أوائل المقالات، ص 47.</ref> | قال [[الشيخ المفيد]]: واتفقت [[الإمامية]] على أن [[رسول الله]]{{صل}} نص على علي بن الحسين، وان أباه وجده نصا عليه كما نص عليه الرسول{{صل}}، وانه كان بذلك إماما للمؤمنين.<ref>المفيد، أوائل المقالات، ص 47.</ref> | ||
====عند الزيدية==== | ====عند الزيدية==== | ||
قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ت [[298 هـ]]" من أئمة [[الزيدية]]: إن الله {{عز وجل}} أوصى بخلقه على لسان [[النبي (ص)|النبي]] إلى [[علي بن أبي طالب]]، و[[الحسن (ع)|الحسن]]، و[[الحسين (ع)|الحسين]]، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم '''علي بن الحسين'''، وآخرهم [[المهدي الموعود|المهدي]]، ثم الأئمة في ما بينهما. وذلك أن تثبيت الإمامة عند أهل الحق في هؤلاء الأئمة من الله عز وجل على لسان رسول الله (ص) <ref>الهادي إلى الحق، رسائل العدل والتوحيد، ج 2، ص 76.</ref> | قال الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ت [[298 هـ]]" من أئمة [[الزيدية]]: إن الله{{عز وجل}} أوصى بخلقه على لسان [[النبي (ص)|النبي]] إلى [[علي بن أبي طالب]]، و[[الحسن (ع)|الحسن]]، و[[الحسين (ع)|الحسين]]، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم '''علي بن الحسين'''، وآخرهم [[المهدي الموعود|المهدي]]، ثم الأئمة في ما بينهما. وذلك أن تثبيت الإمامة عند أهل الحق في هؤلاء الأئمة من الله عز وجل على لسان رسول الله (ص) <ref>الهادي إلى الحق، رسائل العدل والتوحيد، ج 2، ص 76.</ref> | ||
====عند الاسماعيلية==== | ====عند الاسماعيلية==== | ||
سطر ٢٧٧: | سطر ٢٧٧: | ||
===تفسيره للقرآن الكريم=== | ===تفسيره للقرآن الكريم=== | ||
ذكر العلماء والمفسرون إن الإمام زين العابدين {{ع}} كان من مفسري [[القرآن الكريم]]، وقد استشهدوا بالكثير من تفاسيره، وقالوا: انه كان صاحب مدرسة لتفسير القرآن، وقد أخذ عنه ابنه الشهيد [[زيد الشهيد|زيد]] في تفسيره للقرآن، كما أخذ عنه ابنه [[الإمام الباقر (ع)]] {{ع}} في تفسيره الذي رواه عنه [[زياد بن المنذر]] زعيم الفرقة [[الجارودية]].<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 339.</ref>، ومما يُذكر بخصوص تفسيره يمكن الإشارة إلى: | ذكر العلماء والمفسرون إن الإمام زين العابدين{{ع}} كان من مفسري [[القرآن الكريم]]، وقد استشهدوا بالكثير من تفاسيره، وقالوا: انه كان صاحب مدرسة لتفسير القرآن، وقد أخذ عنه ابنه الشهيد [[زيد الشهيد|زيد]] في تفسيره للقرآن، كما أخذ عنه ابنه [[الإمام الباقر (ع)]]{{ع}} في تفسيره الذي رواه عنه [[زياد بن المنذر]] زعيم الفرقة [[الجارودية]].<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 339.</ref>، ومما يُذكر بخصوص تفسيره يمكن الإشارة إلى: | ||
*تفسيره لقوله تعالى: {{قرآن|وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}}<ref>المزمل: 4.</ref> فقد قال {{ع}}: بيّنه - أي القرآن - في تلاوته تبيينا، ولا تنثره نثر البقل، ولا تهذه هذي الشعر، قفوا عند عجائبه لتُحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.<ref>المقرم، الإمام زين العابدين {{ع}}، ص 279.</ref> | *تفسيره لقوله تعالى:{{قرآن|وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}}<ref>المزمل: 4.</ref> فقد قال{{ع}}: بيّنه - أي القرآن - في تلاوته تبيينا، ولا تنثره نثر البقل، ولا تهذه هذي الشعر، قفوا عند عجائبه لتُحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.<ref>المقرم، الإمام زين العابدين{{ع}}، ص 279.</ref> | ||
*تفسيره لقوله تعالى: {{قرآن|ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}}<ref>البقرة: 208.</ref> بقوله: السلم هو ولاية [[علي(ع)|الإمام أمير المؤمنين]] {{ع}}.<ref>البحراني، البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص 129.</ref> | *تفسيره لقوله تعالى:{{قرآن|ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}}<ref>البقرة: 208.</ref> بقوله: السلم هو ولاية [[علي(ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}}.<ref>البحراني، البرهان في تفسير القرآن، ج 1، ص 129.</ref> | ||
===الفقه=== | ===الفقه=== | ||
يقال أن الإمام زين العابدين {{ع}} كان يشبه جده الإمام [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} في قدرته على الإحاطة بالمسائل [[الفقه|الفقهية]] من جميع جوانبها والتفريع عليها، فقد كان الزهري و هو من فقهاء [[المدينة المنورة|المدينة]] المشهورين يرجع إلى الإمام السجاد {{ع}} في ما يهمه من الأحكام الشرعية.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 348.</ref> ومن الأمور الفقية التي تنسب للإمام السجاد هي: | يقال أن الإمام زين العابدين{{ع}} كان يشبه جده الإمام [[أمير المؤمنين الإمام علي|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} في قدرته على الإحاطة بالمسائل [[الفقه|الفقهية]] من جميع جوانبها والتفريع عليها، فقد كان الزهري و هو من فقهاء [[المدينة المنورة|المدينة]] المشهورين يرجع إلى الإمام السجاد{{ع}} في ما يهمه من الأحكام الشرعية.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 348.</ref> ومن الأمور الفقية التي تنسب للإمام السجاد هي: | ||
* '''الجمع بين [[صلاة|صلاتي]] العشائين''': روى [[الفضيل بن يسار]] فقال: كان علي بن الحسين {{ع}} يأمر الصبيان يُجمعون بين المغرب والعشاء الآخرة، ويقول: هو خير من أن يناموا عنها.<ref>الكليني، الكافي، ج 3، ص 409.</ref> | * '''الجمع بين [[صلاة|صلاتي]] العشائين''': روى [[الفضيل بن يسار]] فقال: كان علي بن الحسين{{ع}} يأمر الصبيان يُجمعون بين المغرب والعشاء الآخرة، ويقول: هو خير من أن يناموا عنها.<ref>الكليني، الكافي، ج 3، ص 409.</ref> | ||
* '''اعتبار النية في [[العبادات]]''': روي عن الإمام زين العابدين {{ع}}: لا عمل إلاّ بنية.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1، ص 46.</ref> | * '''اعتبار النية في [[العبادات]]''': روي عن الإمام زين العابدين{{ع}}: لا عمل إلاّ بنية.<ref>الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1، ص 46.</ref> | ||
===بحوث كلامية=== | ===بحوث كلامية=== | ||
سطر ٢٩٦: | سطر ٢٩٦: | ||
==الآثار المنسوبة إليه== | ==الآثار المنسوبة إليه== | ||
لقد ذكر أصحاب الحديث والرواة مجموعة من الآثار التي وصلت إلينا ونسبوها للإمام علي بن الحسين {{ع}} وهي: | لقد ذكر أصحاب الحديث والرواة مجموعة من الآثار التي وصلت إلينا ونسبوها للإمام علي بن الحسين{{ع}} وهي: | ||
'''الصحيفة السجادية''' | '''الصحيفة السجادية''' | ||
سطر ٣١٠: | سطر ٣١٠: | ||
{{مفصلة|رسالة الحقوق}} | {{مفصلة|رسالة الحقوق}} | ||
[[ملف:رسالة الحقوق.jpg|200px|تصغير|كتاب شرح رسالة الحقوق]] | [[ملف:رسالة الحقوق.jpg|200px|تصغير|كتاب شرح رسالة الحقوق]] | ||
روى رسالة الحقوق عن الإمام علي بن الحسين {{ع}} [[ثابت بن أبي صفية]] المعروف ب[[أبي حمزة الثمالي]]، ورواها المحدث [[الصدوق]]، و[[محمد بن يعقوب الكليني]]، و[[ابن شعبة الحراني |الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني]] في "[[تحف العقول (كتاب)|تحف العقول]]".<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 16، ص 159.</ref> | روى رسالة الحقوق عن الإمام علي بن الحسين{{ع}} [[ثابت بن أبي صفية]] المعروف ب[[أبي حمزة الثمالي]]، ورواها المحدث [[الصدوق]]، و[[محمد بن يعقوب الكليني]]، و[[ابن شعبة الحراني |الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني]] في "[[تحف العقول (كتاب)|تحف العقول]]".<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 159.</ref> | ||
ولقد ذكر الإمام {{ع}} مجموعة من الحقوق في رسالة الحقوق بلغ عددها "54" موضحا كل واحد من تلك الحقوق توضيحا تاما، وذلك ضمن سبع مجاميع، هي: | ولقد ذكر الإمام{{ع}} مجموعة من الحقوق في رسالة الحقوق بلغ عددها "54" موضحا كل واحد من تلك الحقوق توضيحا تاما، وذلك ضمن سبع مجاميع، هي: | ||
{{Div col|2}} | {{Div col|2}} | ||
*حق الله | *حق الله | ||
سطر ٣٢٤: | سطر ٣٢٤: | ||
'''المناجيات الخمس عشرة''' | '''المناجيات الخمس عشرة''' | ||
{{مفصلة|المناجيات الخمس عشرة}} | {{مفصلة|المناجيات الخمس عشرة}} | ||
لقد شاعت نسبة هذه المناجيات للإمام زين العابدين {{ع}} وقد دوّنها [[العلامة المجلسي]] في [[بحار الأنوار (كتاب)|بحار الأنوار]]، وعدّها العلماء الذين ألّفوا في ملحقات الصحيفة السجادية من بنودها، كما ذكرها [[الشيخ عباس القمي]] في [[مفاتيح الجنان]]. | لقد شاعت نسبة هذه المناجيات للإمام زين العابدين{{ع}} وقد دوّنها [[العلامة المجلسي]] في [[بحار الأنوار (كتاب)|بحار الأنوار]]، وعدّها العلماء الذين ألّفوا في ملحقات الصحيفة السجادية من بنودها، كما ذكرها [[الشيخ عباس القمي]] في [[مفاتيح الجنان]]. | ||
تُرجمت المناجيات الخمس عشرة إلى بعض اللغات ومنها اللغة الفارسية، وقد خُطت بخطوط أثرية مذهّبة ومزخرفة، تعدّ من ذخائر الخط العربي وقد حفلت بها خزائن المخطوطات في مكتبات [[العالم الإسلامي]]، وتوجد منها نسخة أثرية بخط رائع في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]] {{ع}} تسلسل "2098". <ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 16، ص 133.</ref> | تُرجمت المناجيات الخمس عشرة إلى بعض اللغات ومنها اللغة الفارسية، وقد خُطت بخطوط أثرية مذهّبة ومزخرفة، تعدّ من ذخائر الخط العربي وقد حفلت بها خزائن المخطوطات في مكتبات [[العالم الإسلامي]]، وتوجد منها نسخة أثرية بخط رائع في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}} تسلسل "2098". <ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 133.</ref> | ||
'''كتاب علي بن الحسين (عليه السلام)''' | '''كتاب علي بن الحسين (عليه السلام)''' | ||
من الآثار التي ذكرت للإمام علي بن الحسين {{ع}} كتاب سُمي بـ"كتاب علي بن الحسين" وقد فُقد هذا الكتاب، وقد عُثر على قطعة يسيرة منه نقلها عنه [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]] {{ع}} حيث يذكر عليه السلام قبل نقله للحديث جملة: "وجدنا في كتاب علي بن الحسين"<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج 2، ص 124.</ref> | من الآثار التي ذكرت للإمام علي بن الحسين{{ع}} كتاب سُمي بـ"كتاب علي بن الحسين" وقد فُقد هذا الكتاب، وقد عُثر على قطعة يسيرة منه نقلها عنه [[الباقر (ع)|الإمام الباقر]]{{ع}} حيث يذكر عليه السلام قبل نقله للحديث جملة: "وجدنا في كتاب علي بن الحسين"<ref>العياشي، تفسير العياشي، ج 2، ص 124.</ref> | ||
'''ديوان منسوب للإمام السجاد (عليه السلام)''' | '''ديوان منسوب للإمام السجاد (عليه السلام)''' | ||
نُسب للإمام زين العابدين {{ع}} ديوان من الشعر حافل بالنصائح والمواعظ، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]] {{ع}} بخطّ السيد أحمد بن الحسين الجزائري، وقد استنسخها على نسخة بخط السيد محمد بن السيد عبد الله الشوشتري (ت 1283 هـ). وهناك ظن بأن ما نُسب للإمام هو من مضامين كلامه، ونظم معانيه، واتّباع منهجه، ودليل سيرته واقتداء بهداه.<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد الثامن/ السنة الأولى، ص 24.</ref> | نُسب للإمام زين العابدين{{ع}} ديوان من الشعر حافل بالنصائح والمواعظ، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة [[الإمام أمير المؤمنين (ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}} بخطّ السيد أحمد بن الحسين الجزائري، وقد استنسخها على نسخة بخط السيد محمد بن السيد عبد الله الشوشتري (ت 1283 هـ). وهناك ظن بأن ما نُسب للإمام هو من مضامين كلامه، ونظم معانيه، واتّباع منهجه، ودليل سيرته واقتداء بهداه.<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد الثامن/ السنة الأولى، ص 24.</ref> | ||
كما وشكك البعض في نسبة الديوان للإمام وذلك لركّة بعض ألفاظه، رغم كون [[الصحيفة السجادية]] من مناجم البلاغة في [[الإسلام]]، مضافا إلى عدم النص عليه في المصادر القديمة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}،ج 16، ص 203 - 204.</ref> | كما وشكك البعض في نسبة الديوان للإمام وذلك لركّة بعض ألفاظه، رغم كون [[الصحيفة السجادية]] من مناجم البلاغة في [[الإسلام]]، مضافا إلى عدم النص عليه في المصادر القديمة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}،ج 16، ص 203 - 204.</ref> | ||
[[ملف:قرآن با دست خط منسوب به امام سجاد.jpg|تصغير|350px|[[قرآن]] بخط اليد، منسوب إلى الإمام السجاد في [[متحف العتبة الرضوية]]]] | [[ملف:قرآن با دست خط منسوب به امام سجاد.jpg|تصغير|350px|[[قرآن]] بخط اليد، منسوب إلى الإمام السجاد في [[متحف العتبة الرضوية]]]] | ||
'''مصحف بخط الإمام السجاد (عليه السلام)''' | '''مصحف بخط الإمام السجاد (عليه السلام)''' | ||
ذُكِرَ أن للإمام زين العابدين {{ع}} مصاحف تنسب إلى خطّه الشريف توجد في مكاتب [[شيراز]] و[[قزوين]] و[[اصفهان|أصفهان]] و[[مشهد]].<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد السابع/ السنة الأولى، ص 59.</ref> | ذُكِرَ أن للإمام زين العابدين{{ع}} مصاحف تنسب إلى خطّه الشريف توجد في مكاتب [[شيراز]] و[[قزوين]] و[[اصفهان|أصفهان]] و[[مشهد]].<ref>آل ياسين، مجلة البلاغ، العدد السابع/ السنة الأولى، ص 59.</ref> | ||
== مكانته عند المسلمين== | == مكانته عند المسلمين== | ||
تذكر المصادر كثيرا من الكلمات في حق الإمام السجاد {{ع}} والتي تُبيّن منزلته بين المسلمين في كل الأعصار، وكمثال على ذلك فيذكر [[ابو حمزة الثمالي]] بأنه ما سمع بأحد [[الزهد|أزهد]] من علي بن الحسين إلاّ [[الإمام علي بن أبي طالب]]".<ref>القمي، سفينة البحار، ج1، ص571.</ref> واعتبر [[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر الأنصاري]] أن ليس في أولاد [[الأنبياء]] مثل علي بن الحسين."<ref>الطوسي، الأمالي، ص 637.</ref> | تذكر المصادر كثيرا من الكلمات في حق الإمام السجاد{{ع}} والتي تُبيّن منزلته بين المسلمين في كل الأعصار، وكمثال على ذلك فيذكر [[ابو حمزة الثمالي]] بأنه ما سمع بأحد [[الزهد|أزهد]] من علي بن الحسين إلاّ [[الإمام علي بن أبي طالب]]".<ref>القمي، سفينة البحار، ج1، ص571.</ref> واعتبر [[جابر بن عبد الله الأنصاري|جابر الأنصاري]] أن ليس في أولاد [[الأنبياء]] مثل علي بن الحسين."<ref>الطوسي، الأمالي، ص 637.</ref> | ||
كما وامتدحه كل من [[محمد بن مسلم الزهري]] والذي كان يُعد عالم [[الحجاز]] و[[الشام]]<ref>المزي، تهذيب الكمال، ج 2، ص 388.</ref> قائلا: "ما رأيت أورع ولا أفضل منه" <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 9، ص 104.</ref> وابن سعد <ref>ابن سعد، الطبقات، ج 5، ص 222.</ref> والجاحظ<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ص 193 - 194.</ref> وابن الجوزي<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 382 - 384.</ref> وابن خلكان<ref>ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2، ص 429.</ref> و[[ابن تيمية]]<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج 2، ص 123.</ref> والذهبي<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 240.</ref> وغيرهم. | كما وامتدحه كل من [[محمد بن مسلم الزهري]] والذي كان يُعد عالم [[الحجاز]] و[[الشام]]<ref>المزي، تهذيب الكمال، ج 2، ص 388.</ref> قائلا: "ما رأيت أورع ولا أفضل منه" <ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 9، ص 104.</ref> وابن سعد <ref>ابن سعد، الطبقات، ج 5، ص 222.</ref> والجاحظ<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ص 193 - 194.</ref> وابن الجوزي<ref>ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ص 382 - 384.</ref> وابن خلكان<ref>ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 2، ص 429.</ref> و[[ابن تيمية]]<ref>ابن تيمية، منهاج السنة، ج 2، ص 123.</ref> والذهبي<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 240.</ref> وغيرهم. | ||
سطر ٣٤٩: | سطر ٣٤٩: | ||
فيقول ابن حجر العسقلاني: عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور<ref>العسقلاني، تقريب التهذيب، ج 2، ص 400.</ref> ويقول [[الشيخ المفيد]]''': "كان عليّ بن الحُسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً وقد روى عنه فُقهاء العامّة من العُلوم ما لا يحصى كثرة، وحفظ عنه من المواعظ و[[الدعاء|الأدعية]]، وفضائل [[القران الكريم|القران]] والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العُلماء".<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 138 - 153.</ref> | فيقول ابن حجر العسقلاني: عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور<ref>العسقلاني، تقريب التهذيب، ج 2، ص 400.</ref> ويقول [[الشيخ المفيد]]''': "كان عليّ بن الحُسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً وقد روى عنه فُقهاء العامّة من العُلوم ما لا يحصى كثرة، وحفظ عنه من المواعظ و[[الدعاء|الأدعية]]، وفضائل [[القران الكريم|القران]] والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العُلماء".<ref>المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 138 - 153.</ref> | ||
كما وللإمام السجاد مكانة في الأدب العربي ومنه ما نظمه [[الفرزدق]] في جواب عن سؤال قاله [[هشام بن عبد الملك]] تجاهلا لقدر الإمام زين العابدين {{ع}} عندما جاء لإستلام [[الحجر الأسود]] ففرج له {{ع}} الناس، فقال هشام بن عبد الملك: من هذا؟ فأجابه الفرزدق: | كما وللإمام السجاد مكانة في الأدب العربي ومنه ما نظمه [[الفرزدق]] في جواب عن سؤال قاله [[هشام بن عبد الملك]] تجاهلا لقدر الإمام زين العابدين{{ع}} عندما جاء لإستلام [[الحجر الأسود]] ففرج له{{ع}} الناس، فقال هشام بن عبد الملك: من هذا؟ فأجابه الفرزدق: | ||
{{بداية قصيدة}} | {{بداية قصيدة}} | ||
{{بيت|هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته | والبــيت يعــرفه والحــل والحـــــرم}} | {{بيت|هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته | والبــيت يعــرفه والحــل والحـــــرم}} | ||
سطر ٣٥٨: | سطر ٣٥٨: | ||
{{نهاية قصيدة}} | {{نهاية قصيدة}} | ||
ورغم اختلاف تفسير كلمة "الإمام" بين الشيعة والسنة، ولكن إضافة للمصادر الشيعية فكثيرا من مصادر [[أهل السنة]] ذكرته كإمام أيضا ومنها ما قاله الذهبي في ترجمة الإمام السجاد {{ع}}: "السيد الإمام، زين العابدين، وكان له جلالة عجيبة، وحق له ذلك، فقد كان أهلا للإمامة العظمى: لشرفه، وسؤدده، وعلمه، وتألهه، وكمال عقله.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 398.</ref> ومثل هذه النصوص ذكرها كل من المناوي<ref>المناوي، الكواكب الدرية، ج 2، ص 139.</ref> والجاحظ<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ج 3، ص 194.</ref> | ورغم اختلاف تفسير كلمة "الإمام" بين الشيعة والسنة، ولكن إضافة للمصادر الشيعية فكثيرا من مصادر [[أهل السنة]] ذكرته كإمام أيضا ومنها ما قاله الذهبي في ترجمة الإمام السجاد{{ع}}: "السيد الإمام، زين العابدين، وكان له جلالة عجيبة، وحق له ذلك، فقد كان أهلا للإمامة العظمى: لشرفه، وسؤدده، وعلمه، وتألهه، وكمال عقله.<ref>الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 398.</ref> ومثل هذه النصوص ذكرها كل من المناوي<ref>المناوي، الكواكب الدرية، ج 2، ص 139.</ref> والجاحظ<ref>ابن عنبه، عمدة الطالب، ج 3، ص 194.</ref> | ||
{{Quote box | {{Quote box | ||
سطر ٣٨٢: | سطر ٣٨٢: | ||
==أصحابه والرواة عنه== | ==أصحابه والرواة عنه== | ||
لقد ذكر علماء الرجال للإمام السجاد {{ع}} الكثير من الرواة والأصحاب الذين عاصروه، وممن ذكرهم الطوسي في رجاله<ref>الطوسي، رجال الطوسي، ص 107 - 120.</ref>: | لقد ذكر علماء الرجال للإمام السجاد{{ع}} الكثير من الرواة والأصحاب الذين عاصروه، وممن ذكرهم الطوسي في رجاله<ref>الطوسي، رجال الطوسي، ص 107 - 120.</ref>: | ||
{{Div col|3}} | {{Div col|3}} | ||
* [[أبان بن تغلب]] | * [[أبان بن تغلب]] | ||
سطر ٤٠٦: | سطر ٤٠٦: | ||
تشير أغلب المصادر التاريخة على أن الإمام السجاد كان [[يوم عاشوراء]] شديد المرض، حيث لما أراد الأعداء قتله بعد المعركة، امتنعوا عن ذلك وقالوا يكفيه مرضه، كما وذكر المفيد بأن مرضه كان مشرفا على الموت،<ref>المفید، الإرشاد، ج 2، ص 112_114؛ الطبرسي، أعلام الوری، ج 1، ص 469.</ref> | تشير أغلب المصادر التاريخة على أن الإمام السجاد كان [[يوم عاشوراء]] شديد المرض، حيث لما أراد الأعداء قتله بعد المعركة، امتنعوا عن ذلك وقالوا يكفيه مرضه، كما وذكر المفيد بأن مرضه كان مشرفا على الموت،<ref>المفید، الإرشاد، ج 2، ص 112_114؛ الطبرسي، أعلام الوری، ج 1، ص 469.</ref> | ||
ويُذكر بأنه عليه السلام طلب من عمته [[زينب بنت الإمام أمير المؤمنين|زينب]] {{ع}} في [[يوم الطف]] أن تزوده بالعصا ليتوكأ عليها، وبالسيف ليذب به عن أبيه رغم أن المرض كان قد فتك به ولم يتمكن من أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته عن ذلك لئلا تنقطع ذرية [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}}.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 15، ص 49 - 50.</ref> | ويُذكر بأنه عليه السلام طلب من عمته [[زينب بنت الإمام أمير المؤمنين|زينب]]{{ع}} في [[يوم الطف]] أن تزوده بالعصا ليتوكأ عليها، وبالسيف ليذب به عن أبيه رغم أن المرض كان قد فتك به ولم يتمكن من أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته عن ذلك لئلا تنقطع ذرية [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}}.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 15، ص 49 - 50.</ref> | ||
ولكن هناك مَن ذكر بأنه {{ع}} قد قاتل [[يوم عاشوراء]] وجُرح.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{ع}}، ص 42 - 46.</ref>فلقد ذكر المحدّث الزيدي الفُضَيل بن الزُبير، الأسدي، الرسّان، الكوفي، وهو من أصحاب الإمامين [[الباقر (ع)|الباقر]] و[[الصادق (ع)|الصادق]] {{عليهما السلام}} ما نصّه: وكان علي بن الحسين عليلاً، وارتُثَ<ref>إن كلمة "ارْتُثَ" تُقال لمن حُمِلَ من المعركة، بعد أنْ قاتل، واُثخِنَ بالجراح، فاُخرج من أرض القتال وبه رَمَق.ابن منظور، لسان العرب، ج 2، ص 257.</ref> يومئذٍ، وقد حَضَرَ بعض القتال، فدفع اللهُ عنه، وأخِذَ مع النساء.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{عليه السلام}}، ص 42.</ref> | ولكن هناك مَن ذكر بأنه{{ع}} قد قاتل [[يوم عاشوراء]] وجُرح.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{ع}}، ص 42 - 46.</ref>فلقد ذكر المحدّث الزيدي الفُضَيل بن الزُبير، الأسدي، الرسّان، الكوفي، وهو من أصحاب الإمامين [[الباقر (ع)|الباقر]] و[[الصادق (ع)|الصادق]]{{عليهما السلام}} ما نصّه: وكان علي بن الحسين عليلاً، وارتُثَ<ref>إن كلمة "ارْتُثَ" تُقال لمن حُمِلَ من المعركة، بعد أنْ قاتل، واُثخِنَ بالجراح، فاُخرج من أرض القتال وبه رَمَق.ابن منظور، لسان العرب، ج 2، ص 257.</ref> يومئذٍ، وقد حَضَرَ بعض القتال، فدفع اللهُ عنه، وأخِذَ مع النساء.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 42.</ref> | ||
*'''الإمام السجاد {{ع}} في الأسر''' | *'''الإمام السجاد{{ع}} في الأسر''' | ||
في زوال الشمس من اليوم الثاني بعد واقعة كربلاء، أخذت النساء والأطفال سبايا إلى [[الكوفة]]، وكان بينهم الإمام السجاد، وهو مريض، وبعد ذلك عُرض في الكوفة على [[ابن زياد]] حيث دار حديث بينهم أراد إثره أن يقتل ابن زياد الإمام لو لا تدخلت السيدة زينب ومنعته عن ذلك، ومن ثم أمر ابن زياد أن يغلّوا الإمام بغُلّ إلى عنقه، وأرسله مع النساء والصبيان والرؤوس إلى [[الشام]]<ref>المفيد، الإرشاد، ص 114 و116 و119.</ref> | في زوال الشمس من اليوم الثاني بعد واقعة كربلاء، أخذت النساء والأطفال سبايا إلى [[الكوفة]]، وكان بينهم الإمام السجاد، وهو مريض، وبعد ذلك عُرض في الكوفة على [[ابن زياد]] حيث دار حديث بينهم أراد إثره أن يقتل ابن زياد الإمام لو لا تدخلت السيدة زينب ومنعته عن ذلك، ومن ثم أمر ابن زياد أن يغلّوا الإمام بغُلّ إلى عنقه، وأرسله مع النساء والصبيان والرؤوس إلى [[الشام]]<ref>المفيد، الإرشاد، ص 114 و116 و119.</ref> | ||
*'''خطبته في الكوفة''' | *'''خطبته في الكوفة''' | ||
وفقا لبعض التقارير، أدلى الإمام سجاد (ع) ب[[خطبة الإمام السجاد في الكوفة|خطبة في الكوفة]] بعد [[خطبة زينب في الكوفة|خطبة عمته زينب]] {{عليها السلام}}: فبعد حمد الله والثناء عليه، بدأ كلامه بـ "أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 3، ص 309. </ref> ولكن بحسب ظروف الكوفة وقسوة عملاء دار الإمارة ومخاوف أهل الكوفة يصعّب قبول مثل هذه الروايات. ومن جانب آخر، كلمات الإمام سجاد (ع) في خطبة الكوفة تشبه إلى حد كبير خطبته في الجامع الأموي، هذا ما يرجح بأن الرواة مزجو بين أحداث الكوفة والشام.<ref>الشهيدي، جعفر، زندگانی علی بن الحسین(ع)، صص 56 و57.</ref> | وفقا لبعض التقارير، أدلى الإمام سجاد (ع) ب[[خطبة الإمام السجاد في الكوفة|خطبة في الكوفة]] بعد [[خطبة زينب في الكوفة|خطبة عمته زينب]]{{عليها السلام}}: فبعد حمد الله والثناء عليه، بدأ كلامه بـ "أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني، فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 3، ص 309. </ref> ولكن بحسب ظروف الكوفة وقسوة عملاء دار الإمارة ومخاوف أهل الكوفة يصعّب قبول مثل هذه الروايات. ومن جانب آخر، كلمات الإمام سجاد (ع) في خطبة الكوفة تشبه إلى حد كبير خطبته في الجامع الأموي، هذا ما يرجح بأن الرواة مزجو بين أحداث الكوفة والشام.<ref>الشهيدي، جعفر، زندگانی علی بن الحسین(ع)، صص 56 و57.</ref> | ||
*'''حواره مع ابن زياد''' | *'''حواره مع ابن زياد''' | ||
ذكر أصحاب المقاتل أنه لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]] {{ع}} على [[عبيد الله بن زياد]] وأخذ يشمت بهم حدث حوار بينه وبين الإمام السجاد {{ع}} فقد التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال: من هذا؟ | ذكر أصحاب المقاتل أنه لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]]{{ع}} على [[عبيد الله بن زياد]] وأخذ يشمت بهم حدث حوار بينه وبين الإمام السجاد{{ع}} فقد التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال: من هذا؟ | ||
فقيل: علي بن الحسين. | فقيل: علي بن الحسين. | ||
سطر ٤٢٩: | سطر ٤٢٩: | ||
فقال: بل الله قتله. | فقال: بل الله قتله. | ||
فقال له علي: {{قرآن|الله يتوفى الأنفس حين موتها}}.<ref>الزمر: 42.</ref> | فقال له علي:{{قرآن|الله يتوفى الأنفس حين موتها}}.<ref>الزمر: 42.</ref> | ||
فقال ابن زياد: وبك جرأة على جوابي، إذهبوا به فاضربوا عنقه. | فقال ابن زياد: وبك جرأة على جوابي، إذهبوا به فاضربوا عنقه. | ||
سطر ٤٣٩: | سطر ٤٣٩: | ||
*'''حواره مع يزيد''' | *'''حواره مع يزيد''' | ||
لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]] {{ع}} بعد [[واقعة عاشوراء]] إلى [[الشام]] وأوقفوهم بين يدي [[يزيد بن معاوية]] أخذ يزيد بالشماتة من الإمام السجاد {{ع}} وأهل بيته فقال له: يا علي بن الحسين الحمد لله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين {{عليهما السلام}}: لعنة الله على من قتل أبي، قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه، فقال علي بن الحسين {{عليهما السلام}}: فإذا قتلتني، فبنات [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} من يردهم إلى منازلهم، وليس لهم [[المحارم|محرم]] غيري؟ فقال: أنت تردهم إلى منازلهم، ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده. ثم قال له: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي أريد بذلك؟ قال: بلى، تريد أن لا يكون لأحد علي منّة غيرك، فقال [[يزيد بن معاوية|يزيد]]: هذا والله ما أردت، ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين {{قرآن|وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم}}،<ref>الشورى: 30.</ref> فقال علي بن الحسين {{ع}}: كلا ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا {{قرآن|ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها}}، <ref>الحديد: 22.</ref> فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا منها.<ref>القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 352.</ref> | لما أدخل عيال [[الإمام الحسين]]{{ع}} بعد [[واقعة عاشوراء]] إلى [[الشام]] وأوقفوهم بين يدي [[يزيد بن معاوية]] أخذ يزيد بالشماتة من الإمام السجاد{{ع}} وأهل بيته فقال له: يا علي بن الحسين الحمد لله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين{{عليهما السلام}}: لعنة الله على من قتل أبي، قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه، فقال علي بن الحسين{{عليهما السلام}}: فإذا قتلتني، فبنات [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} من يردهم إلى منازلهم، وليس لهم [[المحارم|محرم]] غيري؟ فقال: أنت تردهم إلى منازلهم، ثم دعا بمبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده. ثم قال له: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي أريد بذلك؟ قال: بلى، تريد أن لا يكون لأحد علي منّة غيرك، فقال [[يزيد بن معاوية|يزيد]]: هذا والله ما أردت، ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين{{قرآن|وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم}}،<ref>الشورى: 30.</ref> فقال علي بن الحسين{{ع}}: كلا ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا{{قرآن|ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها}}، <ref>الحديد: 22.</ref> فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا منها.<ref>القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 352.</ref> | ||
*'''خطبته في الشام''' | *'''خطبته في الشام''' | ||
{{مفصلة|خطبة الإمام السجاد في الشام}} | {{مفصلة|خطبة الإمام السجاد في الشام}} | ||
قال الخوارزمي: أن [[يزيد بن معاوية|يزيد]] أمر بمنبر وخطيب، ليذكر للناس مساوئ [[الحسين (ع)|الحسين]] وأبيه [[علي(ع)|علي]] {{عليهما السلام}}، فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأكثر الوقيعة في عليّ والحسين وأطنب في تقريظ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] و[[يزيد بن معاوية|يزيد]]. | قال الخوارزمي: أن [[يزيد بن معاوية|يزيد]] أمر بمنبر وخطيب، ليذكر للناس مساوئ [[الحسين (ع)|الحسين]] وأبيه [[علي(ع)|علي]]{{عليهما السلام}}، فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأكثر الوقيعة في عليّ والحسين وأطنب في تقريظ [[معاوية بن أبي سفيان|معاوية]] و[[يزيد بن معاوية|يزيد]]. | ||
فصاح به علي بن الحسين: ويلك أيها الخطيب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق؟ فتبوَّا مقعدك من النار، ثم قال: يا يزيد، إئذنْ لي حتى أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب. | فصاح به علي بن الحسين: ويلك أيها الخطيب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق؟ فتبوَّا مقعدك من النار، ثم قال: يا يزيد، إئذنْ لي حتى أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب. | ||
سطر ٤٥٤: | سطر ٤٥٤: | ||
*'''كلامه مع أهل المدينة''' | *'''كلامه مع أهل المدينة''' | ||
ذكرت كتب التاريخ انه لما دخل عيال [[الحسين (ع)|الحسين]] {{ع}} إلى [[المدينة المنورة]] وعلى رأسهم الإمام زين العابدين {{ع}} خرج إليهم أهل المدينة وقد أخذوا الطرق والمواضع، وكان الإمام علي بن الحسين {{ع}} بينهم ومعه خرقة يمسح بها دموعه. | ذكرت كتب التاريخ انه لما دخل عيال [[الحسين (ع)|الحسين]]{{ع}} إلى [[المدينة المنورة]] وعلى رأسهم الإمام زين العابدين{{ع}} خرج إليهم أهل المدينة وقد أخذوا الطرق والمواضع، وكان الإمام علي بن الحسين{{ع}} بينهم ومعه خرقة يمسح بها دموعه. | ||
:::فقال:... أيها الناس إن الله -وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في [[الاسلام]] عظيمة، قتل [[الحسين (ع)|أبو عبد الله]] وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لامثلها رزية. | :::فقال:... أيها الناس إن الله -وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في [[الاسلام]] عظيمة، قتل [[الحسين (ع)|أبو عبد الله]] وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لامثلها رزية. | ||
سطر ٤٦٢: | سطر ٤٦٢: | ||
'''أساليب الإمام السجاد لإحياء ذكرى عاشوراء''' | '''أساليب الإمام السجاد لإحياء ذكرى عاشوراء''' | ||
*بكاؤه وتأكيده على البكاء على مصاب [[الحسين (ع)|سيد الشهداء]] {{ع}} | *بكاؤه وتأكيده على البكاء على مصاب [[الحسين (ع)|سيد الشهداء]]{{ع}} | ||
روي عن [[الإمام الصادق]] {{ع}} أنه قال: ان جدّي زين العابدين {{ع}} بكى على أبيه أربعين سنة، [[الصوم|صائما]] نهاره، وقائما ليله، [... وكان] يقول {{ع}}: قتل ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}} جائعا قتل ابن رسول الله {{صل}} عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله تعالى.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 2، ص 470.</ref> | روي عن [[الإمام الصادق]]{{ع}} أنه قال: ان جدّي زين العابدين{{ع}} بكى على أبيه أربعين سنة، [[الصوم|صائما]] نهاره، وقائما ليله، [... وكان] يقول{{ع}}: قتل ابن [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}} جائعا قتل ابن رسول الله{{صل}} عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله تعالى.<ref>الدربندي، إكسير العبادات، ج 2، ص 470.</ref> | ||
وقد روي عن [[الباقر (ع)|أبي جعفر]]{{عليه السلام}} قال كان علي بن الحسين {{ع}} يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل [[الحسين (ع)|الحسين]] {{عليه السلام}} حتى تسيل عى خده بوّأه الله تعالى بها في الجنة غُرفا يسكنها أحقابا. | وقد روي عن [[الباقر (ع)|أبي جعفر]]{{عليه السلام}} قال كان علي بن الحسين{{ع}} يقول: أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل [[الحسين (ع)|الحسين]]{{عليه السلام}} حتى تسيل عى خده بوّأه الله تعالى بها في الجنة غُرفا يسكنها أحقابا. | ||
وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديّه مما مسّنا من الأذى من عدونا فى الدنيا بوّأه الله منزل صدق.<ref>الصدوق، ثواب الأعمال، ص 83.</ref> | وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خديّه مما مسّنا من الأذى من عدونا فى الدنيا بوّأه الله منزل صدق.<ref>الصدوق، ثواب الأعمال، ص 83.</ref> | ||
*تأكيده {{ع}} على زيارة الإمام الحسين {{ع}} وحثه [[الايمان|المؤمنين]] عليها | *تأكيده{{ع}} على زيارة الإمام الحسين{{ع}} وحثه [[الايمان|المؤمنين]] عليها | ||
روي عن [[أبي حمزة الثمالي]] قال: سألت علي بن الحسين عن [[زيارة|زيارة الحسين]] {{ع}}؟ فقال: زرْه كلّ يوم، فإنْ لم تقدر فكلّ جمعة، فإنْ لم تقدر فكل فكل شهر، فمن لم يزره فقد استخفّ بحق [[رسول الله(ص)|رسول الله]] {{صل}}.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{عليه السلام}}، ص 184.</ref> | روي عن [[أبي حمزة الثمالي]] قال: سألت علي بن الحسين عن [[زيارة|زيارة الحسين]]{{ع}}؟ فقال: زرْه كلّ يوم، فإنْ لم تقدر فكلّ جمعة، فإنْ لم تقدر فكل فكل شهر، فمن لم يزره فقد استخفّ بحق [[رسول الله(ص)|رسول الله]]{{صل}}.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 184.</ref> | ||
*الاحتفاظ بتربة قبر الحسين | *الاحتفاظ بتربة قبر الحسين | ||
روى المحدثون انه كانت للإمام زين العابدين {{ع}} خريطة ديباج صفراء، فيها تربة قبر [[الحسين (ع)|أبي عبد الله]] {{ع}}، فإذا حضرت [[الصلاة]] سجد عليها.<ref>البحراني، عوالم العلوم، ص 129.</ref> | روى المحدثون انه كانت للإمام زين العابدين{{ع}} خريطة ديباج صفراء، فيها تربة قبر [[الحسين (ع)|أبي عبد الله]]{{ع}}، فإذا حضرت [[الصلاة]] سجد عليها.<ref>البحراني، عوالم العلوم، ص 129.</ref> | ||
==عصر الإمام (ع)== | ==عصر الإمام (ع)== | ||
سطر ٤٧٨: | سطر ٤٧٨: | ||
{{الإمامة والخلافة}} | {{الإمامة والخلافة}} | ||
لقد ذكر بعض المفكرين مجموعة من الصفات التي اتصفت بها فترة الحكم الأموي: | لقد ذكر بعض المفكرين مجموعة من الصفات التي اتصفت بها فترة الحكم الأموي: | ||
* إن نظام الحكم في عهد ملوك [[الأمويين]] كان بما يُسمى في لغة العصر بـ "نظام الأحكام العرفية".<ref>العلايلي، الإمام الحسين {{ع}}، ص 339.</ref> | * إن نظام الحكم في عهد ملوك [[الأمويين]] كان بما يُسمى في لغة العصر بـ "نظام الأحكام العرفية".<ref>العلايلي، الإمام الحسين{{ع}}، ص 339.</ref> | ||
* لقد كان الاتهام ب[[الكفر]] والزندقة والالحاد في زمن حكم [[الأمويين]] أهون من الاتهام بالولاء [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]] {{عليهم السلام}}، وقد عُلّقت في الساحات العامة في [[الكوفة]] مجموعة من الجثث قد صُلبوا لحبهم للإمام [[أمير المؤمنين (ع)|أمير المؤمنين]] {{عليه السلام}} ك[[ميثم التمار|ميثم التمّار]] و[[رشيد الهجري]] وأمثالهما.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 16، ص 342.</ref> | * لقد كان الاتهام ب[[الكفر]] والزندقة والالحاد في زمن حكم [[الأمويين]] أهون من الاتهام بالولاء [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}}، وقد عُلّقت في الساحات العامة في [[الكوفة]] مجموعة من الجثث قد صُلبوا لحبهم للإمام [[أمير المؤمنين (ع)|أمير المؤمنين]]{{عليه السلام}} ك[[ميثم التمار|ميثم التمّار]] و[[رشيد الهجري]] وأمثالهما.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 342.</ref> | ||
* كان [[الأمويون]] طغاة مستبدين لانتهاكهم قوانين [[الإسلام]] وشرائعه، وامتهانهم لمثله العليا، ووطئها بأقدامهم.<ref>العلايلي، الإمام الحسين {{ع}}، ص 64.</ref> | * كان [[الأمويون]] طغاة مستبدين لانتهاكهم قوانين [[الإسلام]] وشرائعه، وامتهانهم لمثله العليا، ووطئها بأقدامهم.<ref>العلايلي، الإمام الحسين{{ع}}، ص 64.</ref> | ||
====الملوك الذين عاصرهم==== | ====الملوك الذين عاصرهم==== | ||
الملوك الذین عاصرهم الإمام السجاد هم [[يزيد بن معاوية]]، و[[معاوية بن يزيد]]، و[[مروان بن الحكم]]، و[[عبد الملك بن مروان]]، و[[الوليد بن عبد الملك]]. | الملوك الذین عاصرهم الإمام السجاد هم [[يزيد بن معاوية]]، و[[معاوية بن يزيد]]، و[[مروان بن الحكم]]، و[[عبد الملك بن مروان]]، و[[الوليد بن عبد الملك]]. | ||
وبخصوص علاقة مروان بن الحكم بالإمام فيُنقل أن علاقته كانت طيّبة مع الإمام السجاد {{ع}} لما أبداه الإمام تجاهه من رعاية أيام [[وقعة الحرة]]، وكان مروان شاكرا للإمام {{ع}} هذه المكرمة.<ref> الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{عليه السلام}}، ص 207.</ref> | وبخصوص علاقة مروان بن الحكم بالإمام فيُنقل أن علاقته كانت طيّبة مع الإمام السجاد{{ع}} لما أبداه الإمام تجاهه من رعاية أيام [[وقعة الحرة]]، وكان مروان شاكرا للإمام{{ع}} هذه المكرمة.<ref> الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 207.</ref> | ||
وأما علاقة عبد الملك بالإمام زين العابدين{{ع}} ففي بداية حكمه نقلت لنا التواريخ ان عبد الملك بن مروان كان ليّنا في تعامله مع الإمام {{ع}} فلم يتعرض له بسوء في بدايات حكمه، فعندما أشار عليه [[الحجاج الثقفي]] بقتل الإمام السجاد {{ع}} ليصفو له الملك، فكتب له كتاب يقول فيه: فانظر دماء بني [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] فاحتقنها و اجتنبها، فإنّي رأيت آل [[أبي سفيان]] لمّا ولغوا فيها لم يلبثوا إلّا قليلا<ref>الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 112.</ref> | وأما علاقة عبد الملك بالإمام زين العابدين{{ع}} ففي بداية حكمه نقلت لنا التواريخ ان عبد الملك بن مروان كان ليّنا في تعامله مع الإمام{{ع}} فلم يتعرض له بسوء في بدايات حكمه، فعندما أشار عليه [[الحجاج الثقفي]] بقتل الإمام السجاد{{ع}} ليصفو له الملك، فكتب له كتاب يقول فيه: فانظر دماء بني [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]] فاحتقنها و اجتنبها، فإنّي رأيت آل [[أبي سفيان]] لمّا ولغوا فيها لم يلبثوا إلّا قليلا<ref>الأربلي، كشف الغمة، ج 2، ص 112.</ref> | ||
ولكن روي ان عبد الملك بن مروان بعث للإمام السجاد {{ع}} يستوهبه سيف رسول الله {{صل}} فامتنع الإمام من إجابته، فكتب إليه عبد الملك يتهدده ويتوعده بقطع رزقه من بيت المال، فأجابه الإمام {{ع}}: أما بعد، فإنَّ الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره {{قرآن|إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}}<ref>الحج: 38.</ref> فانظر أينا أولى بهذه الآية، والسلام.<ref>الأمين، أعيان الشيعة، ج 4، ص 980.</ref> | ولكن روي ان عبد الملك بن مروان بعث للإمام السجاد{{ع}} يستوهبه سيف رسول الله{{صل}} فامتنع الإمام من إجابته، فكتب إليه عبد الملك يتهدده ويتوعده بقطع رزقه من بيت المال، فأجابه الإمام{{ع}}: أما بعد، فإنَّ الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون، والرزق من حيث لا يحتسبون، وقال جل ذكره{{قرآن|إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}}<ref>الحج: 38.</ref> فانظر أينا أولى بهذه الآية، والسلام.<ref>الأمين، أعيان الشيعة، ج 4، ص 980.</ref> | ||
وأخيرا أمر عبد الملك باعتقال الإمام زين العابدين {{ع}} وحمله من [[المدينة المنورة|المدينة]] إلى [[دمشق]]: قال الزهري: شهدت علي بن الحسين {{ع}} يوم حمله [[عبد الملك بن مروان]] من المدينة إلى [[الشام]]، فأثقله حديداً ووكل به حفاظاً في عدّة وجمع<ref>الأصفهاني، حلية الأولياء، ج 3، ص 135.</ref> | وأخيرا أمر عبد الملك باعتقال الإمام زين العابدين{{ع}} وحمله من [[المدينة المنورة|المدينة]] إلى [[دمشق]]: قال الزهري: شهدت علي بن الحسين{{ع}} يوم حمله [[عبد الملك بن مروان]] من المدينة إلى [[الشام]]، فأثقله حديداً ووكل به حفاظاً في عدّة وجمع<ref>الأصفهاني، حلية الأولياء، ج 3، ص 135.</ref> | ||
وهكذا بالنسبة لعلاقة [[الوليد بن عبد الملك]] بالإمام علي بن الحسين {{ع}} حيث قيل: إنَّ الوليد بن عبد الملك كان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام زين العابدين {{ع}}، فدسّ له السم.<ref>الشامي، الدر النظيم، ص 182.</ref> | وهكذا بالنسبة لعلاقة [[الوليد بن عبد الملك]] بالإمام علي بن الحسين{{ع}} حيث قيل: إنَّ الوليد بن عبد الملك كان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام زين العابدين{{ع}}، فدسّ له السم.<ref>الشامي، الدر النظيم، ص 182.</ref> | ||
====الثورات في عصر الإمام==== | ====الثورات في عصر الإمام==== | ||
سطر ٥٠٣: | سطر ٥٠٣: | ||
'''موقف الإمام منها''' | '''موقف الإمام منها''' | ||
لقد اتخذ الإمام السجاد {{ع}} موقف الحياد في هذه الثورة، وتذكر المصادر أسبابا مختلفة لموقف الإمام هذه، منها: | لقد اتخذ الإمام السجاد{{ع}} موقف الحياد في هذه الثورة، وتذكر المصادر أسبابا مختلفة لموقف الإمام هذه، منها: | ||
* علم الإمام {{ع}} بما كان عليه أهل [[المدينة]] من ضعف وقلّة، في مواجهة ما كان عليه أهل [[الشام]] من كثرة وبطش وقسوة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | * علم الإمام{{ع}} بما كان عليه أهل [[المدينة]] من ضعف وقلّة، في مواجهة ما كان عليه أهل [[الشام]] من كثرة وبطش وقسوة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | ||
* الاختيار الخاطئ لأهل المدينة لمكان الثورة، كما أخطأ [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]] في اتخاذه [[مكة]] مقرا لحركته، فقد عرضوا هذين المكانين _الحرمين المقدسين_ لهجمات أهل الشام وانتهاكهم للمقدسات، ولذلك فإن كل العلويين الذين ثاروا على الحكام خرجوا من الحرمين، حفاظا على كرامتهما من أن يُهدر فيهما دم، وتهتك لهما حرمة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | * الاختيار الخاطئ لأهل المدينة لمكان الثورة، كما أخطأ [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]] في اتخاذه [[مكة]] مقرا لحركته، فقد عرضوا هذين المكانين _الحرمين المقدسين_ لهجمات أهل الشام وانتهاكهم للمقدسات، ولذلك فإن كل العلويين الذين ثاروا على الحكام خرجوا من الحرمين، حفاظا على كرامتهما من أن يُهدر فيهما دم، وتهتك لهما حرمة.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | ||
* لعلم الإمام زين العابدين {{ع}} ان اشتراكه في تلك الحركة سوف يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي وشيعتهم إبادة شاملة، فتمكن {{ع}} بحياده من الوقوف في وجه هذا العمل.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | * لعلم الإمام زين العابدين{{ع}} ان اشتراكه في تلك الحركة سوف يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي وشيعتهم إبادة شاملة، فتمكن{{ع}} بحياده من الوقوف في وجه هذا العمل.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> | ||
* لعله {{ع}} اتخذ الحياد موقفا للحفاظ على أرواح الكثير من الناس حتى من غير العلويين، ففي الخبر أنه {{ع}} ضمّ إلى نفسه أربعمائة منافيّة (أي من بني عبد مناف) يعولهن إلى أن تفرّق الجيش،<ref>الزمخشري، ربيع الأبرار، ج1، ص472.</ref> وكان فيمن آواهن عائلة [[مروان بن الحكم]]، وزوجته هي عائشة بنت [[عثمان بن عفان]] الأموي، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> ورغم موقفه المحياد قد تكفل الإمام (ع) بالإنفاق على 400 عائلة طيلة وجود [[مسلم بن عقبة]] والجيش الشامي في المدينة..<ref>شهيدي، زندكاني[حياة] علي بن الحسين(ع)، ص 86.</ref> | * لعله{{ع}} اتخذ الحياد موقفا للحفاظ على أرواح الكثير من الناس حتى من غير العلويين، ففي الخبر أنه{{ع}} ضمّ إلى نفسه أربعمائة منافيّة (أي من بني عبد مناف) يعولهن إلى أن تفرّق الجيش،<ref>الزمخشري، ربيع الأبرار، ج1، ص472.</ref> وكان فيمن آواهن عائلة [[مروان بن الحكم]]، وزوجته هي عائشة بنت [[عثمان بن عفان]] الأموي، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك.<ref>البجاوي، أيام العرب في الإسلام، ص 424.</ref> ورغم موقفه المحياد قد تكفل الإمام (ع) بالإنفاق على 400 عائلة طيلة وجود [[مسلم بن عقبة]] والجيش الشامي في المدينة..<ref>شهيدي، زندكاني[حياة] علي بن الحسين(ع)، ص 86.</ref> | ||
=====ثورة التوابين===== | =====ثورة التوابين===== | ||
{{مفصلة|ثورة التوابين}} | {{مفصلة|ثورة التوابين}} | ||
وهي أول الثورات التي عاصرها الإمام علي بن الحسين {{عليه السلام}} حيث عقد الثوار مؤتمراً في منزل شيخ [[الشيعة]] وكبيرهم آنذاك [[سليمان بن صرد الخزاعي]]، فتداولوا الحديث فيما بينهم، ورأوا أنَّ ما حدث لا يمحى إلا بالثأر من قَتَلَة الحسين {{عليه السلام}} | وهي أول الثورات التي عاصرها الإمام علي بن الحسين{{عليه السلام}} حيث عقد الثوار مؤتمراً في منزل شيخ [[الشيعة]] وكبيرهم آنذاك [[سليمان بن صرد الخزاعي]]، فتداولوا الحديث فيما بينهم، ورأوا أنَّ ما حدث لا يمحى إلا بالثأر من قَتَلَة الحسين{{عليه السلام}} | ||
وكان انعقاد المؤتمر سنة "61 هـ" وهي التي قتل فيها [[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين]] {{عليه السلام}} ومِن هذا المؤتمر انطلقت [[ثورة التوابين|ثورة التوَّابين]] للأخذ بثأر الإمام الشهيد، وتسمية هؤلاء الثائرين أنفسهم بالتوَّابين، يُعبِّر عن حالة الشعور بالذنب العظيم تِجاه الإمام وثورته، وإعلان التوبة مِن ذلك الذنب. | وكان انعقاد المؤتمر سنة "61 هـ" وهي التي قتل فيها [[الحسين بن علي بن أبي طالب|الحسين]]{{عليه السلام}} ومِن هذا المؤتمر انطلقت [[ثورة التوابين|ثورة التوَّابين]] للأخذ بثأر الإمام الشهيد، وتسمية هؤلاء الثائرين أنفسهم بالتوَّابين، يُعبِّر عن حالة الشعور بالذنب العظيم تِجاه الإمام وثورته، وإعلان التوبة مِن ذلك الذنب. | ||
وكان هدف الثوار - بعد نجاح الثورة - إعادة الحكم إلى ابناء [[فاطمة الزهرا|فاطمة]] {{عليها السلام}}<ref>الجعفري، تشيع در[ التشيع في] مسير تاريخ، ص 286؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 354.</ref> وانطلقت في مستهل شهر [[ربيع الأول|ربيع الأوّل]] سنة 65 هجرية.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 276 و 277.</ref> | وكان هدف الثوار - بعد نجاح الثورة - إعادة الحكم إلى ابناء [[فاطمة الزهرا|فاطمة]]{{عليها السلام}}<ref>الجعفري، تشيع در[ التشيع في] مسير تاريخ، ص 286؛ القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 354.</ref> وانطلقت في مستهل شهر [[ربيع الأول|ربيع الأوّل]] سنة 65 هجرية.<ref>ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 276 و 277.</ref> | ||
'''موقف الإمام السجاد {{ع}} منها''' | '''موقف الإمام السجاد{{ع}} منها''' | ||
إن الإمام السجاد {{ع}} لم يعلن عن ارتباطه المباشر بالثورات التي قامت تدعو للثأر [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]] {{عليهم السلام}}، وكذلك لم يعلن عن رفضه لها كما واجه [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]]، بل أصدر بيانا عاما يصلح لتبرير الحركات الصالحة، من دون أن يترك آثارا سيئة على الإمام {{ع}}<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{عليه السلام}}، ص 236.</ref> | إن الإمام السجاد{{ع}} لم يعلن عن ارتباطه المباشر بالثورات التي قامت تدعو للثأر [[اهل البيت(ع)|لأهل البيت]]{{عليهم السلام}}، وكذلك لم يعلن عن رفضه لها كما واجه [[عبد الله بن الزبير|ابن الزبير]]، بل أصدر بيانا عاما يصلح لتبرير الحركات الصالحة، من دون أن يترك آثارا سيئة على الإمام{{ع}}<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 236.</ref> | ||
=====ثورة المختار الثقفي===== | =====ثورة المختار الثقفي===== | ||
{{مفصلة|ثورة المختار}} | {{مفصلة|ثورة المختار}} | ||
لقد خرج [[المختار الثقفي]] مطالبا بدم [[الإمام الحسين]] {{ع}}، في الرابع عشر من [[ربيع الأول]] سنة 66 للهجرة<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 495.</ref> وقد رفع شعار "[[يا لثارات الحسين]]"، وتمكن من تحقيق ما خرج من أجله، حيث ثأر من قتلة الإمام الحسين وتولى إدارة شؤون البلاد، وشكّل حكومة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 365 - 366.</ref> | لقد خرج [[المختار الثقفي]] مطالبا بدم [[الإمام الحسين]]{{ع}}، في الرابع عشر من [[ربيع الأول]] سنة 66 للهجرة<ref>الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 495.</ref> وقد رفع شعار "[[يا لثارات الحسين]]"، وتمكن من تحقيق ما خرج من أجله، حيث ثأر من قتلة الإمام الحسين وتولى إدارة شؤون البلاد، وشكّل حكومة.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 365 - 366.</ref> | ||
'''موقف الإمام السجاد {{ع}} منها''' | '''موقف الإمام السجاد{{ع}} منها''' | ||
ذكر الرواة انه لما أرسل [[المختار الثقفي|المختار]] برؤوس قتلة [[الإمام الحسين]] {{ع}} إليه، خرَّ الإمام السجاد {{ع}} ساجدا، ودعا له، وجزّاه خيرا،<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص125 - 127.</ref> وقام أهل البيت كافة بإظهار الفرح، وترك الحداد والحزن.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{عليه السلام}}، ص 236.</ref> كما ويُنقل عن الإمام قوله لعمّه [[محمد بن الحنفية]]: يا عم، لو أن عبدا تعصّب لنا [[أهل البيت]]، لوجب على الناس مؤازرته، وقد ولَّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 365.</ref> ولكن توجد بعض الروايات أيضا تحكي عن عدم رضى الإمام عن فعلة المختار ومنها ما يذكر من إرسال المختار للإمام بعض الهدايا من العراق ولكن أبى الإمام أن يقبلها قائلا: "أَمِيطُوا عَنْ بَابِي فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدَايَا الْكَذَّابِينَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُم"<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 126.</ref> | ذكر الرواة انه لما أرسل [[المختار الثقفي|المختار]] برؤوس قتلة [[الإمام الحسين]]{{ع}} إليه، خرَّ الإمام السجاد{{ع}} ساجدا، ودعا له، وجزّاه خيرا،<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص125 - 127.</ref> وقام أهل البيت كافة بإظهار الفرح، وترك الحداد والحزن.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 236.</ref> كما ويُنقل عن الإمام قوله لعمّه [[محمد بن الحنفية]]: يا عم، لو أن عبدا تعصّب لنا [[أهل البيت]]، لوجب على الناس مؤازرته، وقد ولَّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت.<ref>المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 365.</ref> ولكن توجد بعض الروايات أيضا تحكي عن عدم رضى الإمام عن فعلة المختار ومنها ما يذكر من إرسال المختار للإمام بعض الهدايا من العراق ولكن أبى الإمام أن يقبلها قائلا: "أَمِيطُوا عَنْ بَابِي فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدَايَا الْكَذَّابِينَ وَ لَا أَقْرَأُ كُتُبَهُم"<ref>الطوسي، رجال الكشي، ص 126.</ref> | ||
=====ثورة عبد الله بن الزبير===== | =====ثورة عبد الله بن الزبير===== | ||
قال [[الشيخ باقر القرشي|الشيخ القرشي]]: انطوت نفوس الحجازيين على كره عميق للأمويين، وذلك لهجومهم في أيام [[يزيد بن معاوية|يزيد]] على [[المدينة المنورة|مدينة]] [[النبي (ص)|النبي]] {{صل}} وعلى [[الكعبة|الكعبة المقدسة]] التي هي موضع عز [[المسلمين]]، وعندما دعاهم ابن الزبير لمبايعته استجابوا له، وقد خلص له [[الحجاز]] بأسره كما خلص له غيره من سائر الأقاليم الإسلامية.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 16، ص 375.</ref> | قال [[الشيخ باقر القرشي|الشيخ القرشي]]: انطوت نفوس الحجازيين على كره عميق للأمويين، وذلك لهجومهم في أيام [[يزيد بن معاوية|يزيد]] على [[المدينة المنورة|مدينة]] [[النبي (ص)|النبي]]{{صل}} وعلى [[الكعبة|الكعبة المقدسة]] التي هي موضع عز [[المسلمين]]، وعندما دعاهم ابن الزبير لمبايعته استجابوا له، وقد خلص له [[الحجاز]] بأسره كما خلص له غيره من سائر الأقاليم الإسلامية.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 375.</ref> | ||
كان [[عبد الله بن الزبير]] يبغض [[آل البيت (ع)|آل النبي]] {{صل}}<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 26.</ref> ,يُذكر ان ابن الزبير طلب من العلويين [[البيعة]] له، فقالوا: لا نبايع حتى تجتمع الأمة، فاعتقلهم في [[زمزم]] وتوعدهم بالقتل والاحراق، فاستنجد ابن الحنفية بالمختار الثقفي، فأرسل المختار قوة عسكرية بقيادة أبي عبد الله الجدلي، فهجمت على السجن وخلصت العلويين منه.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 377 - 378.</ref> | كان [[عبد الله بن الزبير]] يبغض [[آل البيت (ع)|آل النبي]]{{صل}}<ref>المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 26.</ref> ,يُذكر ان ابن الزبير طلب من العلويين [[البيعة]] له، فقالوا: لا نبايع حتى تجتمع الأمة، فاعتقلهم في [[زمزم]] وتوعدهم بالقتل والاحراق، فاستنجد ابن الحنفية بالمختار الثقفي، فأرسل المختار قوة عسكرية بقيادة أبي عبد الله الجدلي، فهجمت على السجن وخلصت العلويين منه.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام، ج 16، ص 377 - 378.</ref> | ||
'''موقف الإمام السجاد {{ع}} منها''' | '''موقف الإمام السجاد{{ع}} منها''' | ||
يحدثنا التاريخ ان الإمام السجاد {{ع}} لم يؤيد ابن الزبير وكان يظهر التخوف من حكمه، ولعلّه بسبب أنّ ابن الزبير اتّخذ مكّة موقعاً لحركته، مما يؤدي عند هزيمته إلى أن يعتدي [[الأمويون]] على هذه البلدة المقدَسة الاَمنة، وعلى حرمة [[البيت الحرام]] و[[الكعبة]] الشريفة، - وقد حصل ذلك فعلاً - مع أنَ علم الإمام {{عليه السلام}} بفشل حركته لضعفه وقلّة أنصاره بالنسبة إلى جيوش الدولة الأموية، كان من أسباب امتناع الإمام ومعه كل العلويين من الاعتراف بحركة ابن الزبير.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد {{عليه السلام}}، ص 233- 235.</ref> | يحدثنا التاريخ ان الإمام السجاد{{ع}} لم يؤيد ابن الزبير وكان يظهر التخوف من حكمه، ولعلّه بسبب أنّ ابن الزبير اتّخذ مكّة موقعاً لحركته، مما يؤدي عند هزيمته إلى أن يعتدي [[الأمويون]] على هذه البلدة المقدَسة الاَمنة، وعلى حرمة [[البيت الحرام]] و[[الكعبة]] الشريفة، - وقد حصل ذلك فعلاً - مع أنَ علم الإمام{{عليه السلام}} بفشل حركته لضعفه وقلّة أنصاره بالنسبة إلى جيوش الدولة الأموية، كان من أسباب امتناع الإمام ومعه كل العلويين من الاعتراف بحركة ابن الزبير.<ref>الجلالي، جهاد الإمام السجاد{{عليه السلام}}، ص 233- 235.</ref> | ||
===الوضع الاقتصادي والفكري=== | ===الوضع الاقتصادي والفكري=== | ||
روي انه في عصر الإمام زين العابدين {{عليه السلام}} كانت الحياة الإقتصادية متدهورة بسبب إهمال الزراعة فشاعت مجاعات عامة بين عموم [[المسلمين]]، بينما عاش الحُكّام [[الأمويون]] حياة الترف والدعة، <ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 16، ص 380.</ref> فقد قال أبو الفرج الأصفهاني: لقد انغمس [[الأمويون]] بالنعم والترف، فكان فتيانهم يرفلون في القوهي<ref>القوهي: الثوب من الخزّ الفاخر.</ref> والعرش كأنهم الدنانير الهرقليّة،<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 1، ص 310.</ref> لقد كان عمر بن عبد العزيز يلبس الثوب بأربعمائة دينار ويقول: ما أخشنه.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 246.</ref> | روي انه في عصر الإمام زين العابدين{{عليه السلام}} كانت الحياة الإقتصادية متدهورة بسبب إهمال الزراعة فشاعت مجاعات عامة بين عموم [[المسلمين]]، بينما عاش الحُكّام [[الأمويون]] حياة الترف والدعة، <ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 380.</ref> فقد قال أبو الفرج الأصفهاني: لقد انغمس [[الأمويون]] بالنعم والترف، فكان فتيانهم يرفلون في القوهي<ref>القوهي: الثوب من الخزّ الفاخر.</ref> والعرش كأنهم الدنانير الهرقليّة،<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 1، ص 310.</ref> لقد كان عمر بن عبد العزيز يلبس الثوب بأربعمائة دينار ويقول: ما أخشنه.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، ص 246.</ref> | ||
لقد أجزلوا العطاء على شاعرهم الأحوص، فقد أعطوه مرة مائة ألف درهم.<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 9، ص 172.</ref> وأعطوه مرة أخرى عشرة ألاف دينار.<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 9، ص 8.</ref> | لقد أجزلوا العطاء على شاعرهم الأحوص، فقد أعطوه مرة مائة ألف درهم.<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 9، ص 172.</ref> وأعطوه مرة أخرى عشرة ألاف دينار.<ref>الأصفهاني، الأغاني، ج 9، ص 8.</ref> | ||
من الناحية الفكرية قال [[الشيخ باقر القرشي|الشيخ القرشي]]: لقد فتح الإمام زين العابدين {{عليه السلام}} آفاقا من العلم لم يعرفها الناس من ذي قبل فقد عرض لعلوم الشريعة الإسلامية من [[الحديث]]، و[[الفقه]]، و[[تفسير القرآن|التفسير]]، و[[علم الكلام]]، و[[الفلسفة]]، ويقول بعض المترجمين له: إن العلماء رووا عنه من العلوم ما لا يحصى.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ج 16، ص 390.</ref> | من الناحية الفكرية قال [[الشيخ باقر القرشي|الشيخ القرشي]]: لقد فتح الإمام زين العابدين{{عليه السلام}} آفاقا من العلم لم يعرفها الناس من ذي قبل فقد عرض لعلوم الشريعة الإسلامية من [[الحديث]]، و[[الفقه]]، و[[تفسير القرآن|التفسير]]، و[[علم الكلام]]، و[[الفلسفة]]، ويقول بعض المترجمين له: إن العلماء رووا عنه من العلوم ما لا يحصى.<ref>القرشي، موسوعة سيرة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ج 16، ص 390.</ref> | ||
وذكر المحدثون أن الإمام علي بن الحسين {{ع}} روى مجموعة كبيرة من [[الأحاديث]] عن جدّيه [[الرسول الأعظم]] {{صل}} و[[علي(ع)|الإمام أمير المؤمنين]] {{ع}}، وعن أبيه [[الإمام الحسين]] {{ع}} وغيرهم.<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص188؛الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 255؛ الصدوق، الخصال، ص 5؛ الكليني، الكافي، ج 2، ص 580؛ الطبرسي، مشكاة الأنوار، ص 75</ref> | وذكر المحدثون أن الإمام علي بن الحسين{{ع}} روى مجموعة كبيرة من [[الأحاديث]] عن جدّيه [[الرسول الأعظم]]{{صل}} و[[علي(ع)|الإمام أمير المؤمنين]]{{ع}}، وعن أبيه [[الإمام الحسين]]{{ع}} وغيرهم.<ref>المالكي، الفصول المهمة، ص188؛الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 255؛ الصدوق، الخصال، ص 5؛ الكليني، الكافي، ج 2، ص 580؛ الطبرسي، مشكاة الأنوار، ص 75</ref> | ||
ولقد استفاد الإمام زين العابدين {{ع}} من [[الدعاء]] لطرح بعض المعتقدات [[الإسلام|الإسلامية]] فأوجد لدى الناس مرة أخرى اندفاعا وحركة نحو [[العبادة]] والتوجّه إلى الله.<ref>جعفريان، الحياة الفكرية والسياسية لأئمة أهل البيت {{عليهم السلام}}، ص 196 - 199.</ref> | ولقد استفاد الإمام زين العابدين{{ع}} من [[الدعاء]] لطرح بعض المعتقدات [[الإسلام|الإسلامية]] فأوجد لدى الناس مرة أخرى اندفاعا وحركة نحو [[العبادة]] والتوجّه إلى الله.<ref>جعفريان، الحياة الفكرية والسياسية لأئمة أهل البيت{{عليهم السلام}}، ص 196 - 199.</ref> | ||
ومن هذه المعتقدات التي وردت في [[الصحيفة السجادية]] مسألة [[الإمامة]]، كقوله {{ع}}: رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَايِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ، وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وَحَفَظَةَ دِينِكَ، وَخُلَفَاءَكَ فِي أَرْضِكَ، وَحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ.<ref>السجاد {{عليه السلام}}، الصحيفة السجادية، ص 216.</ref> | ومن هذه المعتقدات التي وردت في [[الصحيفة السجادية]] مسألة [[الإمامة]]، كقوله{{ع}}: رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَايِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ، وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وَحَفَظَةَ دِينِكَ، وَخُلَفَاءَكَ فِي أَرْضِكَ، وَحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ.<ref>السجاد{{عليه السلام}}، الصحيفة السجادية، ص 216.</ref> | ||
وقوله {{ع}}: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ وَمَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا، وَأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ، لَا يُغَالَبُ أَمْرُكَ، وَلَا يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ كَيْفَ شِئْتَ وَأَنَّى شِئْتَ، وَلِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى خَلْقِكَ وَلَا لِإِرَادَتِكَ حَتَّى عَادَ صِفْوَتُكَ وَخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا، وَكِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ أَشْرَاعِكَ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً.<ref>السجاد {{عليه السلام}}، الصحيفة السجادية، ص 237 - 238.</ref> | وقوله{{ع}}: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ وَمَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا، وَأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ، لَا يُغَالَبُ أَمْرُكَ، وَلَا يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ كَيْفَ شِئْتَ وَأَنَّى شِئْتَ، وَلِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى خَلْقِكَ وَلَا لِإِرَادَتِكَ حَتَّى عَادَ صِفْوَتُكَ وَخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا، وَكِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ أَشْرَاعِكَ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً.<ref>السجاد{{عليه السلام}}، الصحيفة السجادية، ص 237 - 238.</ref> | ||
====ظهور الفرقة الكيسانية==== | ====ظهور الفرقة الكيسانية==== | ||
{{مفصلة |الكيسانية}} | {{مفصلة |الكيسانية}} | ||
لقد ظهرت [[الكيسانية|الكيسانيّة]] في أيام [[الامام السجاد|الإمام علي بن الحسين السجاد]] {{عليه السلام}} وقد ذهبت إلى إمامة [[محمد ابن الحنفية]] وزعمت أنه [[المهدي الموعود]] الذي بشّر به [[النبي الأكرم]] {{صل}}، وقال الكيسانيّون: ان [[محمد ابن الحنفية]] مقيم في جبل رضوى وانه لم يمت، يطعم العسل، ويشرب الماء، وانه هو الذي يقود الخيل، ويقضي على [[الحكم الأموي]]، وهذه الطائفة قد انقرضت ولم يعد لها وجود الآن.<ref>السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 7، ص 27.</ref> | لقد ظهرت [[الكيسانية|الكيسانيّة]] في أيام [[الامام السجاد|الإمام علي بن الحسين السجاد]]{{عليه السلام}} وقد ذهبت إلى إمامة [[محمد ابن الحنفية]] وزعمت أنه [[المهدي الموعود]] الذي بشّر به [[النبي الأكرم]]{{صل}}، وقال الكيسانيّون: ان [[محمد ابن الحنفية]] مقيم في جبل رضوى وانه لم يمت، يطعم العسل، ويشرب الماء، وانه هو الذي يقود الخيل، ويقضي على [[الحكم الأموي]]، وهذه الطائفة قد انقرضت ولم يعد لها وجود الآن.<ref>السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 7، ص 27.</ref> | ||
<br/> | <br/> | ||
{| border="2" align="center" width="60%" | {| border="2" align="center" width="60%" | ||
سطر ٦١١: | سطر ٦١١: | ||
*الحائري، جعفر عباس، '''بلاغة الإمام علي بن الحسين{{عليهما السلام}}'''، قم، دار الحديث، ط 1، 1425 هـ. | *الحائري، جعفر عباس، '''بلاغة الإمام علي بن الحسين{{عليهما السلام}}'''، قم، دار الحديث، ط 1، 1425 هـ. | ||
*الحر العاملي، محمد بن الحسن، '''إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات'''، بيروت، الناشر:الأعلمي، ط 1، 1425 هـ. | *الحر العاملي، محمد بن الحسن، '''إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات'''، بيروت، الناشر:الأعلمي، ط 1، 1425 هـ. | ||
*الحر العاملي، محمد بن الحسن، '''وسائل الشيعة إلى تفصيل مسائل الشريعة'''، قم، مؤسسة آل البيت {{عليهم السلام}}، ط 2، 1416 هـ. | *الحر العاملي، محمد بن الحسن، '''وسائل الشيعة إلى تفصيل مسائل الشريعة'''، قم، مؤسسة آل البيت{{عليهم السلام}}، ط 2، 1416 هـ. | ||
*الحسيني الحلبي، ابن زهرة، '''غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة بالغبار'''، النجف الأشرف - العراق، المكتبة الحيدرية، 1382 هـ. | *الحسيني الحلبي، ابن زهرة، '''غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة بالغبار'''، النجف الأشرف - العراق، المكتبة الحيدرية، 1382 هـ. | ||
*الحسيني، محمد بن أبي طالب، '''تسلية المُجالس وزينة المَجالس'''، قم، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية، ط 1، 1418 هـ. | *الحسيني، محمد بن أبي طالب، '''تسلية المُجالس وزينة المَجالس'''، قم، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية، ط 1، 1418 هـ. | ||
سطر ٦٢٨: | سطر ٦٢٨: | ||
*الذهبي، محمد بن أحمد، '''سير أعلام النبلاء'''، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1419 هـ. | *الذهبي، محمد بن أحمد، '''سير أعلام النبلاء'''، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1419 هـ. | ||
*الراوندي، سعيد بن هبة الله، '''الدعوات'''، دليل ما، قم، 1385 هـ ش. | *الراوندي، سعيد بن هبة الله، '''الدعوات'''، دليل ما، قم، 1385 هـ ش. | ||
*الرضا {{ع}}، علي بن موسى، '''صحيفة الرضا'''، مشهد، الناشر: كنگره جهانى امام رضا {{ع}}، ط 1، 1406 ه. | *الرضا{{ع}}، علي بن موسى، '''صحيفة الرضا'''، مشهد، الناشر: كنگره جهانى امام رضا{{ع}}، ط 1، 1406 ه. | ||
*الزمخشري، محمود بن عمرو، '''ربيع الأبرار'''، قم، منشورات الرضى، د.ت. | *الزمخشري، محمود بن عمرو، '''ربيع الأبرار'''، قم، منشورات الرضى، د.ت. | ||
*السبحاني، جعفر، '''بحوث في الملل والنحل'''، قم، مؤسسة الإمام الصادق {{عليه السلام}}، ط 3، 1433 هـ/ 1391 هـ ش. | *السبحاني، جعفر، '''بحوث في الملل والنحل'''، قم، مؤسسة الإمام الصادق{{عليه السلام}}، ط 3، 1433 هـ/ 1391 هـ ش. | ||
*السجاد {{ع}}، علي بن الحسين، '''الصحيفة السجادية'''، قم، الناشر: دفتر نشر الهادي، ط 1، 1418 ه. | *السجاد{{ع}}، علي بن الحسين، '''الصحيفة السجادية'''، قم، الناشر: دفتر نشر الهادي، ط 1، 1418 ه. | ||
*السعدي، موفق الدين، '''عيون الأنباء في طبقات الأطباء'''، بيروت، دار مكتبة الحياة، د.ت. | *السعدي، موفق الدين، '''عيون الأنباء في طبقات الأطباء'''، بيروت، دار مكتبة الحياة، د.ت. | ||
*السيوطي، عبد الرحمن، '''تاريخ الخلفاء'''، القاهرة، السعادة، ط 1، 1952 م. | *السيوطي، عبد الرحمن، '''تاريخ الخلفاء'''، القاهرة، السعادة، ط 1، 1952 م. | ||
سطر ٦٤٤: | سطر ٦٤٤: | ||
*الصدوق، محمد بن علي، '''الخصال'''، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1424 هـ. | *الصدوق، محمد بن علي، '''الخصال'''، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1424 هـ. | ||
*الصدوق، محمد بن علي، '''ثواب الأعمال'''، طهران، مكتبة الصدوق، د.ت. | *الصدوق، محمد بن علي، '''ثواب الأعمال'''، طهران، مكتبة الصدوق، د.ت. | ||
*الصدوق، محمد بن علي، '''عيون أخبار الرضا {{عليه السلام}}'''، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1404 هـ. | *الصدوق، محمد بن علي، '''عيون أخبار الرضا{{عليه السلام}}'''، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1404 هـ. | ||
*الصدوق، محمد بن علي، '''من لا يحضره الفقيه'''، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1426 هـ/ 2005 م. | *الصدوق، محمد بن علي، '''من لا يحضره الفقيه'''، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1426 هـ/ 2005 م. | ||
*الطبرسي، علي بن حسن، '''مشكاة الأنوار في غرر الأخبار'''، قم، مؤسسة آل لبيت{{عليهم السلام}}، 1423 هـ. | *الطبرسي، علي بن حسن، '''مشكاة الأنوار في غرر الأخبار'''، قم، مؤسسة آل لبيت{{عليهم السلام}}، 1423 هـ. | ||
سطر ٦٧٩: | سطر ٦٧٩: | ||
*المدرسي، هادي، '''الإمام زين العابدين'''، د.م، دار القارئ، ط 1، 1425 هـ/ 2004 م. | *المدرسي، هادي، '''الإمام زين العابدين'''، د.م، دار القارئ، ط 1، 1425 هـ/ 2004 م. | ||
*المزي، يوسف، '''تهذيب الكمال في أسماء الرجال'''، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1414 هـ/ 1994 م. | *المزي، يوسف، '''تهذيب الكمال في أسماء الرجال'''، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1414 هـ/ 1994 م. | ||
*المسعودي، علي بن الحسين، '''إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب {{ع}}'''، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1996 م. | *المسعودي، علي بن الحسين، '''إثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب{{ع}}'''، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1996 م. | ||
*المسعودي، علي بن الحسين، '''التنبيه والإشراف'''، بيروت، مكتبة الهلال، 1993 م. | *المسعودي، علي بن الحسين، '''التنبيه والإشراف'''، بيروت، مكتبة الهلال، 1993 م. | ||
*المسعودي، علي بن الحسين، '''مروج الذهب ومعادن الجواهر'''، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1411 هـ/ 1991م. | *المسعودي، علي بن الحسين، '''مروج الذهب ومعادن الجواهر'''، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1411 هـ/ 1991م. | ||
*المفيد، محمد بن محمد، '''الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد'''، قم، الناشر: كنگره شيخ مفيد، ط 1، 1413 هـ. | *المفيد، محمد بن محمد، '''الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد'''، قم، الناشر: كنگره شيخ مفيد، ط 1، 1413 هـ. | ||
*المفيد، محمد بن محمد، '''أوائل المقالات في المذاهب المختارات'''، النجف، المطبعة الحيدرية، 1393 هـ. | *المفيد، محمد بن محمد، '''أوائل المقالات في المذاهب المختارات'''، النجف، المطبعة الحيدرية، 1393 هـ. | ||
*المقرم، عبد الحسين، '''الإمام زين العابدين {{ع}}'''، د.م، د.ن، د.ت. | *المقرم، عبد الحسين، '''الإمام زين العابدين{{ع}}'''، د.م، د.ن، د.ت. | ||
*المقريزي، أحمد بن علي، '''النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم'''، قم، د.ن، 1419 هـ. | *المقريزي، أحمد بن علي، '''النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم'''، قم، د.ن، 1419 هـ. | ||
*المناوي، محمد عبد الرؤوف، '''الكواكب الدرية'''، مصر، د.ن، 1963 م. | *المناوي، محمد عبد الرؤوف، '''الكواكب الدرية'''، مصر، د.ن، 1963 م. |