الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أسطوانة التوبة»
لا يوجد ملخص تحرير
لا ملخص تعديل |
لا ملخص تعديل |
||
سطر ١: | سطر ١: | ||
[[ملف:Sotonetobe.jpg|تصغير|صورة لأسطوانة التوبة]] | [[ملف:Sotonetobe.jpg|تصغير|صورة لأسطوانة التوبة]] | ||
'''أسطوانة التوبة''' هي أحد أعمدة [[مسجد النبي]] | '''أسطوانة التوبة''' هي أحد أعمدة [[مسجد النبي]] {{اختصار/ص}}، واكتسبت أهميتها ومكانتها الخاصة إثر توبة [[أبو لبابة|أبي لبابة]] والعفو عنه من قبل الله سبحانه. كان أبو لبابة من [[أصحاب النبي]]، ويقال أنّه نقل أحد أسرار [[المسلمين]] إلى يهود [[بنو قريظة|بني قريظة]]، وندم بعدها على ذلك، وربط نفسه بأحد أعمدة مسجد النبي، وقُبلت [[التوبة|توبته]] بعد ذلك. يعتقد البعض أنّ معصية أبي لبابة وتوبته وقعتا في [[غزوة تبوك]] حيث امتنع عن [[الجهاد]] حينها. | ||
تُعرف أسطوانة التوبة بأسطوانة أبي لبابة أيضاً، ولها مكانة هامّة، وذكروا لها أعمالاً خاصة من جملتها [[الصلاة]] و<nowiki/>[[الاستغفار]] عندها. | تُعرف أسطوانة التوبة بأسطوانة أبي لبابة أيضاً، ولها مكانة هامّة، وذكروا لها أعمالاً خاصة من جملتها [[الصلاة]] و<nowiki/>[[الاستغفار]] عندها. | ||
سطر ٦: | سطر ٦: | ||
== القصة التاريخية == | == القصة التاريخية == | ||
جاء في المصادر التاريخية أنّ أحد [[الصحابة|أصحاب النبي]] ويدعى [[بشير بن عبد المنذر الأنصاري]] المعروف بأبي لبابة بعد ارتكابه لمعصية، قام بربط نفسه بإحدى أسطوانات [[مسجد النبي]]، وبعد مدة قُبلت [[التوبة|توبته]]. واشتهرت هذه الأسطوانة بعد ذلك بأسطوانة أبي لبابة.<ref>المُهري، أحسن القصص، 1391ش، ص469.</ref> | جاء في المصادر التاريخية أنّ أحد [[الصحابة|أصحاب النبي]] ويدعى [[بشير بن عبد المنذر الأنصاري]] المعروف بأبي لبابة بعد ارتكابه لمعصية، قام بربط نفسه بإحدى أسطوانات [[مسجد النبي]]، وبعد مدة قُبلت [[التوبة|توبته]]. واشتهرت هذه الأسطوانة بعد ذلك بأسطوانة أبي لبابة.<ref>المُهري، أحسن القصص، 1391ش، ص469.</ref> | ||
هذه الأسطوانة هي الأسطوانة الرابعة من جهة [[منبر النبي]] | هذه الأسطوانة هي الأسطوانة الرابعة من جهة [[منبر النبي]] {{اختصار/ص}}، والثانية من جهة [[مرقد النبي|مرقده]]، والثالثة من جهة [[القبلة]].<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> وكانت على عهد النبي مصنوعة من الخشب، واشتهرت بأسطوانة التوبة، أو أسطوانة أبي لبابة.<ref>المطهري، آزادی معنوی، 1390ش، ص149.</ref> | ||
يقال أنّ تصرّف أبي لبابة كان من مبدء مُحاسبة النفس، و مُعاقبتها على فِعلتها، و هو دليلٌ على أنّ السّير و السّلوك إلى اللَّه تعالى، كان مألوفا على عهد [[الرسول الأكرم]]{{ص}}.<ref>مکارم الشیرازي، الأخلاق في القرآن، 1428هـ ق، ج1، ص225.</ref> | يقال أنّ تصرّف أبي لبابة كان من مبدء مُحاسبة النفس، و مُعاقبتها على فِعلتها، و هو دليلٌ على أنّ السّير و السّلوك إلى اللَّه تعالى، كان مألوفا على عهد [[الرسول الأكرم]]{{ص}}.<ref>مکارم الشیرازي، الأخلاق في القرآن، 1428هـ ق، ج1، ص225.</ref> | ||
سطر ١٢: | سطر ١٢: | ||
وقع الاختلاف بين المؤرّخين و[[المحدث|المحدّثين]] حول معصية [[أبي لبابة]]، حيث يعتقد بعضهم أنه أحس بالذنب إثر تخلّفه عن المشاركة في [[غزوة تبوك]]،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> بينما يرى آخرون أنه بسبب نقله خبراً إلى يهود [[بني قريظة]].<ref>المُهري، أحسن القصص، 1391ش، ص469.</ref> | وقع الاختلاف بين المؤرّخين و[[المحدث|المحدّثين]] حول معصية [[أبي لبابة]]، حيث يعتقد بعضهم أنه أحس بالذنب إثر تخلّفه عن المشاركة في [[غزوة تبوك]]،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> بينما يرى آخرون أنه بسبب نقله خبراً إلى يهود [[بني قريظة]].<ref>المُهري، أحسن القصص، 1391ش، ص469.</ref> | ||
=== إخبار بني قريظة === | === إخبار بني قريظة === | ||
يعتقد البعض أن قصّة ذنب أبي لبابة كانت بسبب إخباره ليهود بني قريظة عن حال المسلمين بعد [[غزوة الخندق]] في [[السنة الخامسة للهجرة]]، فما إن انتهت المعركة حتى توجّه [[النبي (ص)|النبي]] | يعتقد البعض أن قصّة ذنب أبي لبابة كانت بسبب إخباره ليهود بني قريظة عن حال المسلمين بعد [[غزوة الخندق]] في [[السنة الخامسة للهجرة]]، فما إن انتهت المعركة حتى توجّه [[النبي (ص)|النبي]] {{اختصار/ص}} إلى بني قريظة وحاصرهم في حصونهم، وأرسل أبا لبابة نيابة عنه ليتحدّث إليهم، فأخبرهم غفلة منه أنّ الموت بانتظارهم بسبب نقضهم الميثاق،<ref>الخیاري، تاریخ معالم المدینة المنورة قدیماً و حدیثاً، 1419ق، ص94.</ref> ما كان سيؤدي إلى تحصّن بني قريظة وعدم استسلامهم. وعندما انتبه أبو لبابة إلى خطأه خرج من حصن بني قريظة مباشرة إلى [[مسجد النبي]] وربط نفسه بإحدى أعمدة المسجد وأجهش بالبكاء والتضرع.<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> ثم جاء الخبر بأنّ الله سبحانه قد قبل توبة أبي لبابة. وبسبب هذه الرواية باتت هذه الأسطوانة تُعرف بأسطوانة التوبة.<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> وقد أكّد [[ابن هشام]] و<nowiki/>[[ابن إسحاق]] هذه الرواية،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص41.</ref> كما بيّنها [[الواقدي]] في [[المغازي]] بتفاصيلها.<ref>الواقدي، المغازي، 1409ق، ج2، ص508.</ref> | ||
يقال أنّ سبب نزول [[الآية 27 من سورة الأنفال]] هو [[توبة]] أبي لبابة،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref> حيث جاء في سبب نزولها أنّ أبا لبابة خان النبي | يقال أنّ سبب نزول [[الآية 27 من سورة الأنفال]] هو [[توبة]] أبي لبابة،<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref> حيث جاء في سبب نزولها أنّ أبا لبابة خان النبي {{اختصار/ص}} في قصة يهود بني قريظة.<ref>القرائتي، تفسیر نور، 1388ش، ج3، ص: 300. | ||
</ref> وقد نقلت كتب السيَر والتاريخ أنّ الآية 27 من [[سورة الأنفال]] والتي يأمر الله فيها المسلمين بأن لا يخونوا الله ورسوله إنما نزلت في أبي لبابة. غير أنّ هناك تشكيكاً في هذا الشأن، لأنّ سورة الأنفال مرتبطة [[غزوة بدر|بغزوة بدر]] و<nowiki/>[[السنة الثانية للهجرة|السنة الثانية من الهجرة]].<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> | </ref> وقد نقلت كتب السيَر والتاريخ أنّ الآية 27 من [[سورة الأنفال]] والتي يأمر الله فيها المسلمين بأن لا يخونوا الله ورسوله إنما نزلت في أبي لبابة. غير أنّ هناك تشكيكاً في هذا الشأن، لأنّ سورة الأنفال مرتبطة [[غزوة بدر|بغزوة بدر]] و<nowiki/>[[السنة الثانية للهجرة|السنة الثانية من الهجرة]].<ref>جعفریان، آثار اسلامی مکّه و مدینه، 1390ش، ص225.</ref> | ||
سطر ٢٦: | سطر ٢٦: | ||
== فضيلتها وأعمالها == | == فضيلتها وأعمالها == | ||
من الأعمال التي حثّت الأحاديث عليها هي [[صلاة]] ركعتين عند أسطوانة التوبة، وقراءة [[الدعاء|دعاء]] خاص هناك وطلب الحاجة و[[الاستغفار]].<ref>الگلپایگاني، آداب و أحکام الحج، 1413ق، 559 تا 561.</ref> وفي الرواية أنّ النبي كان يصلي أكثر [[النوافل (توضيح)|نوافله]] إلى جانب هذه الأسطوانة، وكان بعد [[صلاة الفجر]] يجلس بجانبها ويجتمع له الفقراء والمساكين ومن لا ملجأ له إلا [[المسجد]]، و كان يحدّثهم حتى طلوع الشمس و يتلو عليهم [[آية (قرآن)|الآيات]] التي نزلت عليه في الليلة السابقة.<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref> | من الأعمال التي حثّت الأحاديث عليها هي [[صلاة]] ركعتين عند أسطوانة التوبة، وقراءة [[الدعاء|دعاء]] خاص هناك وطلب الحاجة و[[الاستغفار]].<ref>الگلپایگاني، آداب و أحکام الحج، 1413ق، 559 تا 561.</ref> وفي الرواية أنّ النبي كان يصلي أكثر [[النوافل (توضيح)|نوافله]] إلى جانب هذه الأسطوانة، وكان بعد [[صلاة الفجر]] يجلس بجانبها ويجتمع له الفقراء والمساكين ومن لا ملجأ له إلا [[المسجد]]، و كان يحدّثهم حتى طلوع الشمس و يتلو عليهم [[آية (قرآن)|الآيات]] التي نزلت عليه في الليلة السابقة.<ref>شُراب، فرهنگ اعلام جغرافیایی - تاریخی در حدیث و سیره نبوی، 1383ش، ص42.</ref> | ||
ويستحب للمسافر من أجل قضاء حاجته أن [[الاعتكاف|يعتكف]] في مسجد النبي ثلاثة أيام بأن [[الصوم|يصوم]] أيام الأربعاء والخميس والجمعة، وأن يقضي ليلة الأربعاء ويومه قرب أسطوانة التوبة، وليلة الخميس ويومه بجانب الأسطوانة في الجهة المقابلة لمقام الرسول | ويستحب للمسافر من أجل قضاء حاجته أن [[الاعتكاف|يعتكف]] في مسجد النبي ثلاثة أيام بأن [[الصوم|يصوم]] أيام الأربعاء والخميس والجمعة، وأن يقضي ليلة الأربعاء ويومه قرب أسطوانة التوبة، وليلة الخميس ويومه بجانب الأسطوانة في الجهة المقابلة لمقام الرسول{{اختصار/ص}}، وليلة الجمعة ويومه قرب أسطوانة أخرى إلى جانب محراب ومصلى النبي، وأن يأتي بصلاته هناك.<ref>هاشمي الشاهرودي، فرهنگ فقه فارسی، ج4، ص390. 1382ش؛ البروجردي، جامع أحادیث الشیعة، 1373ش، ج12، ص279.</ref> وقد روي عن [[الإمام جعفر الصادق عليه السلام|الإمام الصادق]] {{اختصار/ع}} أنّ المسافر في أول يوم له في [[المدينة]] يصوم الأربعاء ويصلي ليلته بجانب أسطوانة التوبة ويجلس بجانبها ذلك النهار.<ref>محمدي الريشهري، الحج و العمرة في الكتاب والسنة، 1376ش، ص318.</ref> | ||
==الهوامش== | ==الهوامش== |